شجون الزهراء
07-08-2014, 05:12 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
http://www.balagh.com/mosoa/watermark/show.php?path=../images/texes/kthrt-alshken-o-klt-alshkren.jpg
س: عندما يكثر الشاكون ويقل الشاكرون فاعلم أن في حياتنا خللاً. فكيف ترون هذا الخلل في الآونة الأخيرة؟
(قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) (الأنعام/ 65)، تذكرت هذه الآية الكريمة وأنا أتابع أحوال البلاد عامةً في الآونة الأخيرة بالذات، فأينما وليت وجهك وأرهفت سمعك في هذه الأيام فإنك لا تسمع إلا فرقاً وشيعاً تقطعت بينها جسور التواصل فلا يلتقون عند غاية ولا يربط بينهم رابط أو فكرة جامعة و(كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) (المؤمنون/ 53)، وإذا سمعت حكايات الفوضى التي يمارسها قطاع الطرق فزعت لكثرة المآسي وضحايا الطريق، وكأننا عدنا إلى عصر البداوة وهمجية البربر، يخرج المواطن في سيارته إلى حاجته فيفاجأ بأنّه محاصر بأبالسة تربَّوا في معسكر إبليس منذ حداثة سنهم، ويالشقائهم إن داوموا على هذا السلوك حتى خرجوا من الدنيا وهم لا يتبعون إلا شيطاناً مريداً (كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ) (الحج/ 4)، فإذا عرفت هذا فلا تسأل من هؤلاء الذين يقطعون السبيل ويؤذون الناس في الطرقات فليس هذا السؤال من شأنك بل هو موكول إلى غيرك وإنما ينفعك أن تسأل سؤال المؤمن العارف كيف ابتلينا بهؤلاء؟ ومن ابتلانا؟ فإن كنت صادق الإيمان أدركت أنّ الذي ابتلانا بالمجرمين والمفسدين (هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ)، فإن دققت النظر أدركت أنّ الذي ابتلانا بهؤلاء وغيرهم هو الذي خلقنا فعبدنا غيره، ورزقنا فشكرنا سواه، وفتح أبوابه لسؤالنا تضرعنا فسألنا غيره وشكونا إلى خلقه.. شرع لنا من العقوبات ما يحمينا من سطوة المجرمين والمفسدين فقلنا له في وقاحة: "متأسفين" سبحان الله (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة/ 50)، وهل يرفع عنك البلاء إلا من ابتلاك وخاطبك بقوله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) (البقرة/ 155)، فأين الصابرون وقد جعلنا من ماسبيرو ملتقى للصائحين والشاكين والمتظاهرين لا تنقضي قبيلة إلا وتأتي قبيلة غيرها تتصائح بالشعارات والنداءات وكأنهم يطوفون بكعبة جديدة يلتمسون حولها الرزق من العباد (أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ) (الأنعام/ 40-41).
س: يغضب الرب على العبد إذا شكا إلى سواه، وتضرع إلى غيره، أو التمس رزقه عند العباد. فكيف ترون هذا السلوك في المنظور الإسلامي؟
كم مرة في كتاب الله يسألنا الخالق الرازق جلّ في علاه: (أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (النمل/ 64)، والقرآن الكريم إذ يطرح علينا هذا السؤال بعد السؤال فإنما يدعونا إلى الاعتراف بأنّ القادر على الخلق هو وحده القادر على الرزق (إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا) (العنكبوت/ 17)، ومن المواصفات المألوفة في تاريخ البشر أنّ السيد يغضب على خادمه ويراه متطاولاً على مكانته ومنزلته إذا لجأ إلى سيد آخر يلتمس عنده طعاماً أو رزقاً أو يشكو إليه سوء حاله فكيف بالإنسان الذي خلقه الله وقدر له الرزق ليكون في خدمة سيد واحد وإله واحد جلّ في علاه، ثمّ يلتمس الرزق عند خلق الله إنّ هذا السلوك يغضب الرب على العبد لأنّه اطمأن إلى الأسباب وتراجعت ثقته في صانع الأسباب. ويغضبه لأنّه سبحانه يحب أن يشكو إليه عبده ولا يشكو إلى أحد سواه. ولهذا كان المؤمن الصادق من أوائلنا الأخيار يخجل من أن يشكو حاجته إلى غير الله، بل كان فيهم من يستحي أن يسأل ربه شيئاً من متاع الدنيا. لأنّ قلوبهم مشغولة بنعيم الآخرة (وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأبْرَارِ) (آل عمران/ 198). حدث يوماً أن انتهى النبي (ص) من صلاته ونظر خلفه فافتقد واحداً من المصلين فلما سأل عنه، قالوا إنّه يخرج سريعاً من المسجد عقب الصلاة فاستدعاه وسأله عن السبب فقال يا رسول الله ليس لي ولزوجتي إلا ثوب واحد فإذا صليت خلفك أسرعت إلى البيت لتصلي فيه زوجتي فأمر النبي (ص) له بثوب من الصدقات، فلما عاد إلى المنزل سألته الزوجة لماذا طلبك رسول الله (ص)؟ فأخبرها بما دار بينه وبين رسول الله (ص) فقالت له في عجب واستنكار: أقلت له ليس لنا إلا ثوب واحد قال: نعم. قالت: يا رجل ألا تتقي الله.. أتشكو الله إلى رسول الله (ص)؟ لقد عرفت بإيمانها أنّ كثرة الشكوى من الحرمان والقلة فيها اعتراض على مقسم الأرزاق وتطاول على المنعم الرزاق (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ) (الشورى/ 12)، فلا يجامل غنيّاً ولا يظلم فقيراً.. لكن يبدو أننا في الآونة الأخيرة فقدنا الصبر في وقت تحتاج فيه بلادنا إلى صبر الصابرين وسواعد المخلصين في كل نشاط بشري بنّاء، نحن في حاجة إلى أن نستمد العون من الله وأن يكثر فينا الشاكرون ويقل الشاكون (وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (البقرة/ 172).
المصدر: كتاب القرآن وقضايا العصر
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
http://www.balagh.com/mosoa/watermark/show.php?path=../images/texes/kthrt-alshken-o-klt-alshkren.jpg
س: عندما يكثر الشاكون ويقل الشاكرون فاعلم أن في حياتنا خللاً. فكيف ترون هذا الخلل في الآونة الأخيرة؟
(قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) (الأنعام/ 65)، تذكرت هذه الآية الكريمة وأنا أتابع أحوال البلاد عامةً في الآونة الأخيرة بالذات، فأينما وليت وجهك وأرهفت سمعك في هذه الأيام فإنك لا تسمع إلا فرقاً وشيعاً تقطعت بينها جسور التواصل فلا يلتقون عند غاية ولا يربط بينهم رابط أو فكرة جامعة و(كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) (المؤمنون/ 53)، وإذا سمعت حكايات الفوضى التي يمارسها قطاع الطرق فزعت لكثرة المآسي وضحايا الطريق، وكأننا عدنا إلى عصر البداوة وهمجية البربر، يخرج المواطن في سيارته إلى حاجته فيفاجأ بأنّه محاصر بأبالسة تربَّوا في معسكر إبليس منذ حداثة سنهم، ويالشقائهم إن داوموا على هذا السلوك حتى خرجوا من الدنيا وهم لا يتبعون إلا شيطاناً مريداً (كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ) (الحج/ 4)، فإذا عرفت هذا فلا تسأل من هؤلاء الذين يقطعون السبيل ويؤذون الناس في الطرقات فليس هذا السؤال من شأنك بل هو موكول إلى غيرك وإنما ينفعك أن تسأل سؤال المؤمن العارف كيف ابتلينا بهؤلاء؟ ومن ابتلانا؟ فإن كنت صادق الإيمان أدركت أنّ الذي ابتلانا بالمجرمين والمفسدين (هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ)، فإن دققت النظر أدركت أنّ الذي ابتلانا بهؤلاء وغيرهم هو الذي خلقنا فعبدنا غيره، ورزقنا فشكرنا سواه، وفتح أبوابه لسؤالنا تضرعنا فسألنا غيره وشكونا إلى خلقه.. شرع لنا من العقوبات ما يحمينا من سطوة المجرمين والمفسدين فقلنا له في وقاحة: "متأسفين" سبحان الله (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة/ 50)، وهل يرفع عنك البلاء إلا من ابتلاك وخاطبك بقوله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) (البقرة/ 155)، فأين الصابرون وقد جعلنا من ماسبيرو ملتقى للصائحين والشاكين والمتظاهرين لا تنقضي قبيلة إلا وتأتي قبيلة غيرها تتصائح بالشعارات والنداءات وكأنهم يطوفون بكعبة جديدة يلتمسون حولها الرزق من العباد (أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ) (الأنعام/ 40-41).
س: يغضب الرب على العبد إذا شكا إلى سواه، وتضرع إلى غيره، أو التمس رزقه عند العباد. فكيف ترون هذا السلوك في المنظور الإسلامي؟
كم مرة في كتاب الله يسألنا الخالق الرازق جلّ في علاه: (أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (النمل/ 64)، والقرآن الكريم إذ يطرح علينا هذا السؤال بعد السؤال فإنما يدعونا إلى الاعتراف بأنّ القادر على الخلق هو وحده القادر على الرزق (إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا) (العنكبوت/ 17)، ومن المواصفات المألوفة في تاريخ البشر أنّ السيد يغضب على خادمه ويراه متطاولاً على مكانته ومنزلته إذا لجأ إلى سيد آخر يلتمس عنده طعاماً أو رزقاً أو يشكو إليه سوء حاله فكيف بالإنسان الذي خلقه الله وقدر له الرزق ليكون في خدمة سيد واحد وإله واحد جلّ في علاه، ثمّ يلتمس الرزق عند خلق الله إنّ هذا السلوك يغضب الرب على العبد لأنّه اطمأن إلى الأسباب وتراجعت ثقته في صانع الأسباب. ويغضبه لأنّه سبحانه يحب أن يشكو إليه عبده ولا يشكو إلى أحد سواه. ولهذا كان المؤمن الصادق من أوائلنا الأخيار يخجل من أن يشكو حاجته إلى غير الله، بل كان فيهم من يستحي أن يسأل ربه شيئاً من متاع الدنيا. لأنّ قلوبهم مشغولة بنعيم الآخرة (وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأبْرَارِ) (آل عمران/ 198). حدث يوماً أن انتهى النبي (ص) من صلاته ونظر خلفه فافتقد واحداً من المصلين فلما سأل عنه، قالوا إنّه يخرج سريعاً من المسجد عقب الصلاة فاستدعاه وسأله عن السبب فقال يا رسول الله ليس لي ولزوجتي إلا ثوب واحد فإذا صليت خلفك أسرعت إلى البيت لتصلي فيه زوجتي فأمر النبي (ص) له بثوب من الصدقات، فلما عاد إلى المنزل سألته الزوجة لماذا طلبك رسول الله (ص)؟ فأخبرها بما دار بينه وبين رسول الله (ص) فقالت له في عجب واستنكار: أقلت له ليس لنا إلا ثوب واحد قال: نعم. قالت: يا رجل ألا تتقي الله.. أتشكو الله إلى رسول الله (ص)؟ لقد عرفت بإيمانها أنّ كثرة الشكوى من الحرمان والقلة فيها اعتراض على مقسم الأرزاق وتطاول على المنعم الرزاق (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ) (الشورى/ 12)، فلا يجامل غنيّاً ولا يظلم فقيراً.. لكن يبدو أننا في الآونة الأخيرة فقدنا الصبر في وقت تحتاج فيه بلادنا إلى صبر الصابرين وسواعد المخلصين في كل نشاط بشري بنّاء، نحن في حاجة إلى أن نستمد العون من الله وأن يكثر فينا الشاكرون ويقل الشاكون (وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (البقرة/ 172).
المصدر: كتاب القرآن وقضايا العصر