المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ :- هل هذا يخالف مرتبة إيمان النبي المعصوم ؟


السيد كرار الجابري
17-08-2014, 05:16 PM
﷽ ﴿ان الله وملائكته يصلون على النبي ياايها الذين امنو صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تسليما﴾

بحث في إيمان النبي المعصوم و ما ورد في الآية المباركة (( فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ )) وهل هذا يخالف مرتبة إيمان النبي المعصوم التي هي أعلى مراتب الإيمان والمعرفة ؟

مقدمة لابدة منها :-
عقديتنا بأن النبي معصوم من الأخطاء والنواقص والشوائب الأفعالية والجسمانية والدنيوية
وإن نبي كل زمان هو أفضل وأشرف وأكمل خلقه في جميع الأبعاد والمستويات فضلاً عن المعاصي والذنوب
وإن الله تعالى عندما يجتبي النبي أطلع على إيمان قلبه فوجده تام الإيمان وأكمله . وإن الأنبياء يتعرضون للأمتحان والأختبار والتكليف الخاص والعالم من الله تعالى لينالوا بذلك أعلى مراتب الإيمان والكمال والقرب منه تعالى .
(( ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم * لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم * فاجتباه ربه فجعله من الصالحين ( سورة القلم )).
فبعد أن أجتاز هذا الأختبار الصعب إجتباه الله تعالى وجعله من العباد الصالحين
المصطفيّن الذين لاخوفٌ عليهم ولاهم يحزنون (((( فحمله أعباء الرسالة والنبوة )))).

إن النبي يونس بن متى عندما تعرض لما تعرض له من البلاء والأمتحان هو مخالفته الاولى اي كان الاولى له أن يصبر على قومه وأيظاً هو درسٌ لنا نحن أقل العباد وذلك بأن الله تعالى قد ضرب لنا مثلاً بأنه - كمال ورد عن رسول الله صلى الله عليه واله - قد أوكل الله تعالى النبي يونس بن متى الي نفسه طرفة عين فجرى ما جرى عليه من آلام ومصائب وبلايا في فراقه لقومه وصيرورته في بطن الحوت في الظلمات السبع في لج البحار ولأيام معدودات
وإن الموت على تلك الحال هو الهلاك الأبدي في الدنيا والأخرة ولولا إيمان النبي وكمال معرفته بالله الخالق الأحد إستطاع أن ينجوا من ذلك الإمتحان الصعب و الإختبار . والدرس الذي لابد ان نتعلمه من النبي المعصوم بأننا نلتجأ الي الله بكثرة التسبح والإستغفار والإيمان حقا وصدقا وعدم اليأس من روح الله وإن كنا في اشد البلاء والمصائب فبكثرة الإستغفار تتنزل البركات وتعمر البلاد وتمطر السماء وتفتح ابواب السماء وتدفع البلاء

وأما ما جاء في نص الأية المباركة ( فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ )
فخير بيان وجواب لذلك ما ورد في جواب الإمام الرضا عليه السلام :-
(( وأما قوله عز وجل وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه
إنما ظن أن الله عز وجل لا يضيق عليه رزقه ألا تسمع قول الله عز وجل " وأما إذا ما ابتلاه ربه فقدر عليه رزقه " أي ضيق عليه، ولو ظن أن الله لا يقدر عليه لكان قد كفر. ( مسند الإمام الرضا ج2 )

وإنه برم بقومه لطول ما ذكرهم فلم يذكروا وأقاموا على كفرهم، فراغمهم فظن أن ذلك سائغ حيث لم يفعله إلا غضبا لله وأنفة لدينه وبغضا للكفر وأهله، وقد كان الأولى به أن يصابر وينتظر الإذن من الله جل اسمه في مهاجرتهم فابتلي ببطن الحوت، ومعنى مغاضبته لقومه أنه أغضبهم بمفارقته لخوفهم حلول العقاب عليهم عندها.

وسأل معاوية ابن عباس كيف يظن نبي الله (عليه السلام) أن لا يقدر عليه ؟ فقال :
هو من القدر لا من القدرة، يعني: أن لن نضيق عليه كما في قوله: * ( ومن قدر عليه رزقه ) سورة الطلاق
( تفسير جوامع الجامع للشيخ الطبرسي )
القدر :- هو التضييق فظن أن لن نضيق عليه
القدرة :- هي الإستطاعة ولم يظن عدم القدرة عليه

ويونس (عليه السلام) يعلم أنها بلية ابتلاه الله بها وهو ينادي في بطنه أن *
( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) ليس جواب ل ( فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) بل إنما هومهما وصل الإنسان من درجة الإيمان والمعرفة لابد له عندما يناجي ربه ويتوجه إليه بأنه أقل العباد وإنه في تقصير دائم من الفيوض الألهية والنعم الجسام التي لاتعد ولا تحصى . فألاستغفار هو لنيل المرتبة العليا والقرب من الله تعالى للأنبياء وليس لانه صدر منهم ذنباً حتى يستغفر منه . لانه ذلك ينافي العصمة

مكملات البحث :-
{ وذا النون } :- كلمة " نون " في اللغة تعني السمكة العظيمة، أو بتعبير آخر تعني الحوت
وصاحبه هو النبي يونس بن متى = ذا النون صاحب الحوت

ذهب مغاضباً :- غاضبا على قومه لكفرهم ولعدم أستجابتهم له بالتوحيد والإيمان بالله تعالى

فرقٌ بين :-
نقدر :- من مادة ( قدر ) بمعنى التعسير و التضييق فظن أن لن نضيق عليه لان رحمة الله واسعة
والقدرة :- هي الإستطاعة ولم يظن عدم القدرة عليه


كلمةٌ عظمى بحق الأنبياء :-
ما ذكره الشيخ علي بن عيسى الإربلي في كتاب كشف الغمة، قال رحمه الله: إن الأنبياء والأئمة عليهم السلام تكون أوقاتهم مستغرقة بذكر الله تعالى، وقلوبهم مشغولة به، وخواطرهم متعلقة بالملأ الأعلى، وهم أبدا في المراقبة، كما قال عليه السلام: اعبد الله كأنك تراه فإن لم تره فإنه يراك. فهم أبدا متوجهون إليه ومقبلون بكليتهم عليه، فمتى انحطوا عن تلك الرتبة العالية والمنزلة الرفيعة إلى الاشتغال بالمأكل والمشرب والتفرغ للنكاح وغيره من المباحات عدوه واعتقدوه خطيئة فاستغفروا منه، ألا ترى أن بعض عبيد أبناء الدنيا لو قعد يأكل ويشرب وينكح وهو يعلم أنه بمرأى من سيده ومسمع لكان ملوما عند الناس ومقصرا فيما يجب عليه من خدمة سيده ومالكه، فما ظنك بسيد السادات ومالك الأملاك. وإلى هذا أشار عليه السلام بقوله: إنه ليران على قلبي وإني لأستغفر الله بالنهار سبعين مرة،



النتيجة من هذا البحث :- دُفع الإشكال الذي يقول بأن الأية تدل على أرتكاب النبي يونس ما يخالف العصمة والإجتباء .

________________________________________