شجون الزهراء
06-09-2014, 02:45 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
أولا : الشفعاء : هل حدد القرآن الكريم الشفعاء ؟ وهل أخبر عن أسمائهم أو عن صفاتهم ؟ إن التدبر في آيات القرآن الكريم يوضح أن الله سبحانه وتعالى لم يحدد في الآيات القرآنية الشريفة وفي آيات الشفاعة اسم أحد من الشافعين ، لكن القرآن الكريم أشار إلى مجموعة من الصفات التي إن توفرت في أحد فهو من الشفعاء بعد أن يأذن الله له في ذلك .
ونجد من خلال دلالة الآيات القرآنية الشريفة أن الأنبياء يشفعون ، والملائكة يشفعون ، والمؤمنون الصالحون يشفعون أيضا ، والعمل الصالح يشفع لصاحبه كذلك . قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( يشفع النبيون والملائكة والمؤمنون فيقول الجبار : بقيت شفاعتي ) ( 1 ) .
وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( يشفع يوم القيامة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء ) ( 2 ) .
وإلى جانب ذلك فإن تعلم القرآن يعطي لصاحبه الأهلية لأن يشفع ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( من تعلم القرآن فاستظهره فأحل حلاله وحرم حرامه أدخله الله به الجنة وشفعه في عشرة من أهل بيته كلهم قد وجبت له النار . . . ) ( 3 ) ،
وجاء في نهج البلاغة : ( إنه من شفع له القرآن يوم القيامة شفع فيه ) ( 4 ) .
وإن العمل الصالح والالتزام بالتعاليم الإسلامية يعطي لصاحبه الأهلية لأن يشفع ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( إن أقربكم مني غدا وأوجبكم علي شفاعة : أصدقكم لسانا ، وأداكم لأمانتكم ، وأحسنكم خلقا ، وأقربكم من الناس )
( 5 ) .
وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( الشفعاء خمسة : القرآن ، والرحم ، والأمانة ، ونبيكم ، وأهل بيت نبيكم )
( 6 ) .
وجاء عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين ( عليهما السلام ) في دعائه : ( اللهم اجعل نبينا صلواتك عليه وعلى آله يوم القيامة أقرب النبيين منك مجلسا وأمكنهم منك شفاعة . . ) ( 1 ) .
-----------------
* هامش *
( 1 ) صحيح البخاري 9 : 160 .
( 2 ) سنن ابن ماجة 2 : 1443 / 4313 . وراجع الخصال ، للشيخ الصدوق : 142
بلفظ آخر : " ثلاثة يشفعون إلى الله عز وجل فيشفعون . الأنبياء ، ثم العلماء ، ثم الشهداء " .
( 3 ) سنن الترمذي 4 : 245 .
( 4 ) شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد 2 : 92 .
( 5 ) تيسير المطالب في أمالي الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، للسيد يحيى بن الحسين : 442 - 443 .
( 6 ) المناقب ، لابن شهرآشوب 2 : 14 . ( * )
الآيات القرآنية الشريفة التي تعطي الدلالة الواضحة على كل صنف من أولئك الشفعاء .
أ - الأنبياء : فالآية الشريفة التالية تؤكد أن الأنبياء يشفعون قال تعالى : * ( وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ) * ( 2 ) وفي الآية أعلاه قيود دقيقة لا بد من الالتفات إليها وهي :
جاء في تفسير * ( ظلموا أنفسهم ) * أي بخسوها حقها بإدخال الضرر عليها بفعل المعصية من استحقاق العقاب ، وتفويت الثواب بفعل الطاعة ، وقيل * ( ظلموا أنفسهم ) * بالكفر والنفاق
* ( جاءوك ) * تائبين مقبلين عليك مؤمنين بك
* ( فاستغفروا الله ) * لذنوبهم ونزعوا عما هم عليه
* ( واستغفر لهم الرسول ) * أي سألت الله أن يغفر لهم ذنوبهم
* ( لوجدوا الله ) * أي لوجدوا مغفرة الله لذنوبهم ( 3 ) .
وإلى جانب الآية المتقدمة ، فالآية التالية توضح أيضا شفاعة الرسل قال تعالى : * ( وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ) * ( 1 )
----------
* هامش *
( 1 ) الصحيفة السجادية 2 : 198 . ( 2 ) النساء 4 : 64 . ( 3 ) مجمع البيان ، للطبرسي 1 : 87 . ( * )
. والآية تشير إلى الرسل الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى إلى البشر فقال الكافرون : إنهم أبناء الله ، لكن القرآن الكريم يصرح بأنهم عباد الله أكرمهم بالرسالة وإنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى سبحانه . . وقد تنطبق هذه الآية على الملائكة ، فقد تكرر في القرآن الكريم وفي مواضع عديدة الإشارة إلى قول الكافرين والمشركين بأن الملائكة بنات الله ، تعالى سبحانه عن ذلك علوا كبيرا .
ب - الملائكة : وأما شفاعة الملائكة فتدل عليها الآية التالية قال تعالى : * ( وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى . . ) * ( 2 ) . ودلالة الآية جلية وواضحة على أن الملائكة تشفع بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى .
ج - المؤمنون : وأما شفاعة المؤمنين والشهداء فتدل عليها الآية الشريفة قال تعالى : * ( ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون . . . ) * ( 3 ) .
--------------
* هامش *
( 1 ) الأنبياء 21 : 26 - 28 . ( 2 ) النجم 53 : 26 . ( 3 ) الزخرف 43 : 86 . ( * )
والذين شهدوا بالحق هم المؤمنون الصالحون الذين جعلهم الله شهودا على أممهم مع الأنبياء والأوصياء . وقد جعل الله المؤمنين مع الشهداء حيث قال تعالى : * ( والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم . . . ) * ( 1 )
قد جاءت الروايات مؤكدة لهذه الآيات ومبينة لها ، فقد روى الصدوق بسنده عن الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قوله : ( ثلاثة يشفعون إلى الله عز وجل فيشفعون : الأنبياء ، ثم العلماء ، ثم الشهداء . . ) ( 2 ) .
ظاهرة مهمة تكررت في الآيات القرآنية الشريفة التي تحدثت عن الشفيع أو المشفوع له ، وهي ظاهرة " الرضى " الإلهي عمن يريد أن يشفع وعمن يراد أن يشفع له ، واعتبار ذلك الرضى قيدا لازما لا تؤتي الشفاعة ثمارها بدونه ، فالشفيع يجب أن يرضى الله شفاعته لتكون في محلها . والمشفوع له يجب أن يكون مرضيا عنده سبحانه وتعالى ليقبل فيه شفاعة الشافعين .
وبناء على هذا لو راجعنا الآيات القرآنية الكريمة والتي أشارت إلى " رضى " الله تعالى عن بعض عباده ، نجدها تشير إلى مواصفات غاية في السمو والتألق . . ونحن هنا نورد أمثلة من الآيات القرآنية التي ذكرت بالصراحة " رضى " الله عن بعض عباده الصالحين . قوله تعالى : * ( قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري
-----------
* هامش *
( 1 ) الحديد 57 : 19 . ( 2 ) الخصال : 142 . ( * )
من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم ) * ( 1 ) . والآية الشريفة هنا تشير بصراحة إلى " الصادقين " بكل ما لكلمة الصدق من معنى .
وقوله عز شأنه : * ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم ) * ( 2 ) .
وقوله تعالى : * ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ) * ( 3 ) .
وفي الآية الكريمة إشارة صريحة إلى المؤمنين الحقيقيين الذين لا يلقون بالود لأعداء الله والرسول ولو كان هؤلاء الأعداء آباء أو أبناء أو إخوانا لهم ، وهذه الصفة هي من صفات المبدأية والرسالية العالية التي يجب أن يتصف بها المؤمنون .
وقوله عز من قائل : * ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية * جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه ) * ( 4 ) .
---------
* هامش *
( 1 ) المائدة 5 : 119 . ( 2 ) التوبة 9 : 100 . ( 3 ) المجادلة 58 : 22 . ( 4 ) البينة 98 : 7 - 8 . ( * )
نحسب أن التدبر في مضامين هذه الآيات الشريفة سيكشف أمامنا أفقا واسعا من المعرفة بهؤلاء الذين هم خالدون في جنات تجري من تحتها الأنهار أبدا ، وأن الله عز وجل قد رضي عنهم ، وأنهم رضوا عنه .
وهنا هي قمة العظمة والسمو في الوصف والبيان . . فمن هم هؤلاء الذين رضوا عنه ؟ إنهم الصادقون في إيمانهم وأعمالهم مع الله الذين عملوا الصالحات وخشوا الله والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم " بإحسان " ، والمؤمنون الذين لا يوادون من حاد الله ورسوله
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
أولا : الشفعاء : هل حدد القرآن الكريم الشفعاء ؟ وهل أخبر عن أسمائهم أو عن صفاتهم ؟ إن التدبر في آيات القرآن الكريم يوضح أن الله سبحانه وتعالى لم يحدد في الآيات القرآنية الشريفة وفي آيات الشفاعة اسم أحد من الشافعين ، لكن القرآن الكريم أشار إلى مجموعة من الصفات التي إن توفرت في أحد فهو من الشفعاء بعد أن يأذن الله له في ذلك .
ونجد من خلال دلالة الآيات القرآنية الشريفة أن الأنبياء يشفعون ، والملائكة يشفعون ، والمؤمنون الصالحون يشفعون أيضا ، والعمل الصالح يشفع لصاحبه كذلك . قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( يشفع النبيون والملائكة والمؤمنون فيقول الجبار : بقيت شفاعتي ) ( 1 ) .
وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( يشفع يوم القيامة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء ) ( 2 ) .
وإلى جانب ذلك فإن تعلم القرآن يعطي لصاحبه الأهلية لأن يشفع ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( من تعلم القرآن فاستظهره فأحل حلاله وحرم حرامه أدخله الله به الجنة وشفعه في عشرة من أهل بيته كلهم قد وجبت له النار . . . ) ( 3 ) ،
وجاء في نهج البلاغة : ( إنه من شفع له القرآن يوم القيامة شفع فيه ) ( 4 ) .
وإن العمل الصالح والالتزام بالتعاليم الإسلامية يعطي لصاحبه الأهلية لأن يشفع ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( إن أقربكم مني غدا وأوجبكم علي شفاعة : أصدقكم لسانا ، وأداكم لأمانتكم ، وأحسنكم خلقا ، وأقربكم من الناس )
( 5 ) .
وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( الشفعاء خمسة : القرآن ، والرحم ، والأمانة ، ونبيكم ، وأهل بيت نبيكم )
( 6 ) .
وجاء عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين ( عليهما السلام ) في دعائه : ( اللهم اجعل نبينا صلواتك عليه وعلى آله يوم القيامة أقرب النبيين منك مجلسا وأمكنهم منك شفاعة . . ) ( 1 ) .
-----------------
* هامش *
( 1 ) صحيح البخاري 9 : 160 .
( 2 ) سنن ابن ماجة 2 : 1443 / 4313 . وراجع الخصال ، للشيخ الصدوق : 142
بلفظ آخر : " ثلاثة يشفعون إلى الله عز وجل فيشفعون . الأنبياء ، ثم العلماء ، ثم الشهداء " .
( 3 ) سنن الترمذي 4 : 245 .
( 4 ) شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد 2 : 92 .
( 5 ) تيسير المطالب في أمالي الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، للسيد يحيى بن الحسين : 442 - 443 .
( 6 ) المناقب ، لابن شهرآشوب 2 : 14 . ( * )
الآيات القرآنية الشريفة التي تعطي الدلالة الواضحة على كل صنف من أولئك الشفعاء .
أ - الأنبياء : فالآية الشريفة التالية تؤكد أن الأنبياء يشفعون قال تعالى : * ( وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ) * ( 2 ) وفي الآية أعلاه قيود دقيقة لا بد من الالتفات إليها وهي :
جاء في تفسير * ( ظلموا أنفسهم ) * أي بخسوها حقها بإدخال الضرر عليها بفعل المعصية من استحقاق العقاب ، وتفويت الثواب بفعل الطاعة ، وقيل * ( ظلموا أنفسهم ) * بالكفر والنفاق
* ( جاءوك ) * تائبين مقبلين عليك مؤمنين بك
* ( فاستغفروا الله ) * لذنوبهم ونزعوا عما هم عليه
* ( واستغفر لهم الرسول ) * أي سألت الله أن يغفر لهم ذنوبهم
* ( لوجدوا الله ) * أي لوجدوا مغفرة الله لذنوبهم ( 3 ) .
وإلى جانب الآية المتقدمة ، فالآية التالية توضح أيضا شفاعة الرسل قال تعالى : * ( وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ) * ( 1 )
----------
* هامش *
( 1 ) الصحيفة السجادية 2 : 198 . ( 2 ) النساء 4 : 64 . ( 3 ) مجمع البيان ، للطبرسي 1 : 87 . ( * )
. والآية تشير إلى الرسل الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى إلى البشر فقال الكافرون : إنهم أبناء الله ، لكن القرآن الكريم يصرح بأنهم عباد الله أكرمهم بالرسالة وإنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى سبحانه . . وقد تنطبق هذه الآية على الملائكة ، فقد تكرر في القرآن الكريم وفي مواضع عديدة الإشارة إلى قول الكافرين والمشركين بأن الملائكة بنات الله ، تعالى سبحانه عن ذلك علوا كبيرا .
ب - الملائكة : وأما شفاعة الملائكة فتدل عليها الآية التالية قال تعالى : * ( وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى . . ) * ( 2 ) . ودلالة الآية جلية وواضحة على أن الملائكة تشفع بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى .
ج - المؤمنون : وأما شفاعة المؤمنين والشهداء فتدل عليها الآية الشريفة قال تعالى : * ( ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون . . . ) * ( 3 ) .
--------------
* هامش *
( 1 ) الأنبياء 21 : 26 - 28 . ( 2 ) النجم 53 : 26 . ( 3 ) الزخرف 43 : 86 . ( * )
والذين شهدوا بالحق هم المؤمنون الصالحون الذين جعلهم الله شهودا على أممهم مع الأنبياء والأوصياء . وقد جعل الله المؤمنين مع الشهداء حيث قال تعالى : * ( والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم . . . ) * ( 1 )
قد جاءت الروايات مؤكدة لهذه الآيات ومبينة لها ، فقد روى الصدوق بسنده عن الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قوله : ( ثلاثة يشفعون إلى الله عز وجل فيشفعون : الأنبياء ، ثم العلماء ، ثم الشهداء . . ) ( 2 ) .
ظاهرة مهمة تكررت في الآيات القرآنية الشريفة التي تحدثت عن الشفيع أو المشفوع له ، وهي ظاهرة " الرضى " الإلهي عمن يريد أن يشفع وعمن يراد أن يشفع له ، واعتبار ذلك الرضى قيدا لازما لا تؤتي الشفاعة ثمارها بدونه ، فالشفيع يجب أن يرضى الله شفاعته لتكون في محلها . والمشفوع له يجب أن يكون مرضيا عنده سبحانه وتعالى ليقبل فيه شفاعة الشافعين .
وبناء على هذا لو راجعنا الآيات القرآنية الكريمة والتي أشارت إلى " رضى " الله تعالى عن بعض عباده ، نجدها تشير إلى مواصفات غاية في السمو والتألق . . ونحن هنا نورد أمثلة من الآيات القرآنية التي ذكرت بالصراحة " رضى " الله عن بعض عباده الصالحين . قوله تعالى : * ( قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري
-----------
* هامش *
( 1 ) الحديد 57 : 19 . ( 2 ) الخصال : 142 . ( * )
من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم ) * ( 1 ) . والآية الشريفة هنا تشير بصراحة إلى " الصادقين " بكل ما لكلمة الصدق من معنى .
وقوله عز شأنه : * ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم ) * ( 2 ) .
وقوله تعالى : * ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ) * ( 3 ) .
وفي الآية الكريمة إشارة صريحة إلى المؤمنين الحقيقيين الذين لا يلقون بالود لأعداء الله والرسول ولو كان هؤلاء الأعداء آباء أو أبناء أو إخوانا لهم ، وهذه الصفة هي من صفات المبدأية والرسالية العالية التي يجب أن يتصف بها المؤمنون .
وقوله عز من قائل : * ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية * جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه ) * ( 4 ) .
---------
* هامش *
( 1 ) المائدة 5 : 119 . ( 2 ) التوبة 9 : 100 . ( 3 ) المجادلة 58 : 22 . ( 4 ) البينة 98 : 7 - 8 . ( * )
نحسب أن التدبر في مضامين هذه الآيات الشريفة سيكشف أمامنا أفقا واسعا من المعرفة بهؤلاء الذين هم خالدون في جنات تجري من تحتها الأنهار أبدا ، وأن الله عز وجل قد رضي عنهم ، وأنهم رضوا عنه .
وهنا هي قمة العظمة والسمو في الوصف والبيان . . فمن هم هؤلاء الذين رضوا عنه ؟ إنهم الصادقون في إيمانهم وأعمالهم مع الله الذين عملوا الصالحات وخشوا الله والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم " بإحسان " ، والمؤمنون الذين لا يوادون من حاد الله ورسوله