الباحث الطائي
26-09-2014, 01:10 AM
بسمه تعالى
اطرح سؤال /موضوع للنقاش ، كان قد وضعه احد الاخوة الكرام طالبا التوضيح وقد جاوبت عليه .
واضع السؤال وجوابي عليه للفائدة ، ولاطلاع الاخوة هنا ورفده ايضا بآرائهم القيّمة ايجابا او سلبا لتعزيز روح النقاش البناء لفهم الامور .
************************
{ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته*
لا يخفى على الجميع ان قضية الحشد الشعبي وفتوى مرجعنا الكبير اية الله العظمى علي الحسيني بخصوص الجهاد الكفائي قد اخذت لدى مخالفينا طابعا اخر وهو انه افتى بقتل اهل السنة حسب عقلياتهم*
رابط الموضوع هو انه فقدنا قرابة ال 2000 مواطن في تكريت قاعدة سبايكر واكثر من 500 في الصقلاوية ولا زال الحبل على الجرار*
وقد اكون مخطأ صوبوني الكثير من شهدائنا هم من الحشد الشعبي الذي لبوا نداء المرجعية للفوز بأحدى الحسنيين النصر او الشهادة*
والقضيتين دبر امرهما بليل ولا ازكي او استثني شخصيا حتى الشيعة من الجريمتين البشعتين اللتين فاقتا جميع الجرائم في العالم وقد لا يحصل مثليهما الا في الحروب العالمية ................
يعني ان امر تواجد الضحايا الشهداء تغمدهم الله بفسيح جناته كان من قبل المرجعية طيب :-
الم يجدر بالمرجعية اختيار القيادات الكفوءة والجريئة في مثل هذه الحالات ؟
طيب ومن باب قول رسول الله ص لا يلدغ المؤمن من جحر مرتان الم يلدغوا قبل شهرين او ثلاثة فلماذا اعيدت الكرة في الصقلاوية ؟؟
كثيرا ما نتابع نشرات الاخبار لنرى هجوم لواء او فرقة وطيران ليضرب اوكار ويقتل قناص او اربعة او خمسة دواعش*
بينما نرى ضربات الدواعش قد فاقت ضربات قواتنا المسلحة المتخمة بالعمالة والخيانة*
هل سمعتم ان قواتنا قتلت في مثل فترة سبايكر قد قتلت 2000 مسلح او 500 دفعة واحدة*
لقد قرعت طبول الفرح والزغاريد لاستعادة سليمان بك*
بينما هم اخذوا الموصل دون قتال كذلك الاكراد اخذوا كركوك دون رمي طلقة واحدة ....
من خلال هذا وذاك لدية بعض الاسئلة ارجوا الاجابة عليها من المشاركين .....
من يتحمل وزر ضحايا شهداء سبايكر والصقلاوية ؟
ما دور المرجعية لتلافي حصول مثل هذه المخازي والفواجع ؟
هل تتوقعون بوجود امل لانتهاء ازمتنا العراقية ؟
هل تتوقعون ان يتوحد العراقيين تحت لواء واحد ؟
الا تظنون بمثل هذا الجيش يصل السفياني الى اسوار بغداد ويدخل الكوفة ؟
وانتظر ردودكم ... }
----------------------------
الجـــــــــواب
بسمه تعالى
موضوع مهم يحتاج الى توضيح / نقاش لعنوانه ، وكذالك لتعليق الاخ العزيز كرّمه الله .
الدخول لفهم ملابسات كثير من الامور تحتاج بنا الرجوع الى اصلها وتثبيت اساسيات يمكن البناء عليها في تفسير ما بعدها ، وخاصة في القضية العراقية المعقدة الكبيرة والتي مضى عليها اكثر من عقد من الزمن وعلى الاقل في المحنة الاخيرة .
ومن هنا لا بد من تثبيت اساسيات الفهم حول مسالتين في هذا الطرح*
الاولى : فهم ملابسات الغزو الامريكي للعراق .
الثانية : فهم دور مرجعية العراق - في فهمها المرجعي العام كجهة دينية ، وكذالك موقفها من الغزو الامريكي*.
*
*
اولا : فهم ملابسات التدخل الامريكي وغزوه للعراق .
نحن الان وبعد اكثر من عشر سنوات عندما دخلت القوات الامريكية ومن يتحالف معها ويؤيدها للعراق عام 2003 ، اصبحنا وكلما تقدم بنا الزمن وتكشّفت لنا الحقائق والنيات والاهداف وما صاحب الغزو من نتائج مشهودة ، اصبحنا ويمكن القول بثقة عالية ما يلي*
1- ان الغزو الامريكي للعراق وقلعه لنظام الطاغية صدام مع ما كان يحمل من اهداف معلنة وقتها باعتباره خطرا على الامن العالمي والاقليمي وامتلاكه اسلحة الدمار الشامل وتهديده السلم الاقليمي والعالمي والمحلي ، هي اهداف واسباب غير حقيقية لسبب الغزو بل حتى حقيقتها الواقعية على الارض خلاف تصريحهم بها ، وهذا ما شهد عليه وبينه السياسيين من دول غربية لاحقا وكذالك اقليميا والواقع الميداني بينه ايضا .
2- ان الغزو الامريكي تبين منه بعد طول السنين وما جرى وظهر من حقائق ، كان يهدف الى تفعيل مخطط كبير في منطقة الشرق الاوسط*
( الشرق الاوسط الجديد ) ، وكان العراق البوابة التي تدخل منها الصهيو امريكية ، (الغرب ) وبمساعدة حلفائه الاقليميين في المنطقة .
وهذا المشروع باختصار هو تقسيم دول المنطقة العربية الاسلامية الى دويلات واقاليم جديدة يتم هندستها وفق حيثيات طائفية وقومية ودينية . مع الحفاظ على المصالح الاستراتيجية للغرب في كل حيثياتها الممكنة كالسياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها .
وكانت وسيلة الوصول هو احداث متغير فعال كبير ظهر بعنوانين اساسيين هما*.
- الربيع العربي .
- الفتنة المذهبية التكفيرية*
ولا ادخل كثيرا في تفاصيل هذه العناوين لانها اصبحت عند المثقفين والمطلعين واضحة . ومقاصدها واهدافها ونتائجها كلها كانت في اضعاف وتقسيم البلدان وتشتتها ، وتحت عناوين خداعة كالديمقراطية والحرية والتخلص من الدكتاتوريات الحاكمة .
*
*
الثانية : فهم دور مرجعية العراق في فهمها المرجعي العام كجهة دينية ، وكذالك موقفها من الغزو الامريكي .
يعلم الاخوة ، أن المرجعية العليا في العراق / النجف الاشرف هي ومنذ عهد طويل ترى وحسب ما نفهمه منها عموما انها مرجعية دينية ارشادية في دورها زمن الغيبة .
وهذا المفهوم الارشادي وتفعيله في الواقع الحياتي قد يختلف بدرجات قليلة بين مرجعية واخرى ، الا ان خطه العام تقريبا متقارب.
اذن ما هو الدور الارشادي لها :
هنا اعتقد ومن فهمي له ، ان المرجعية العليا ودور المرجع الذي يمثل نائب الامام الحجة ع العام في غيبته له وضيفة توضيح / تفسير الدين والتشريع ، والاجتهاد اذا تطلبت الحاجة . وترجع اليهم الناس في المسائل الدينية من عبادات ومعاملات*
وهنا ومن هذا الفهم والوضيفة فان اختلافه عن دور المرجعية التي تتبنى مثلا ولاية الفقيه كما عند السيد الخميني رحمه الله كافضل واوضح مثال ، سيكون دور المرجعية الارشادية محصور / محدد بالجانب الديني التوجيهي للامة ، وحيث ان دور ومقام المرجع عند مقلديه له اهمية كبيرة في حياة المؤمن العبادية ، فان قوة ومقام وصلاحيات المرجعية مستمدة من هذه الحيثية الروحية / الدينية لدوره في حياة الناس .
بينما نجد في مرجعية ولاية الفقيه ، أنّ نفس هذه الحيثية مفعّلة تماماً ، ومضاف لها ان دور المرجعية ذو دائرة اوسع في حياة الامة ويشمل الجانب الديني والحياتي الاداري لها وعلى راسه واهمه الجانب السياسي القيادي للامة بعنوانه العام لا التفصيلي . وهنا يملك الولي الفقيه القوة السياسية والعسكرية بيده لفرض مصالح الدين والامة على البلاد وما تتعرض له داخليا وخارجيا من مخاطر ، وطبعا هذا يجعل دورها اكثر فائدة مفعّلة عمليا ، ويعطي الامة قوة اكبر بكثير ، ولكن ليس له مدخلية في تقرير صحة الدور المطلوب زمن الغيبة لان له طرقه الفقهية الفهمية الخاصة به .
ومن هنا وعلى اساس هذه المقدمة المهمة للتوضيح ، نستطيع فهم دور مرجعية العراق ، ونستطيع بعدها تفهم صلاحياتها حسب فهمها ، ونتفهم اسلوب تعاملها مع الاحداث المهمة والخطيرة في حياة الامة .
اذن المرجعية العليا في العراق كما بيناه هي مرجعية ارشادية للامة . وبقدر تفاعل الامة معها بالعموم كعلاقة بين مقلد ومرجع مجتهد ، ومرشد موجه للامة تتكون سعة دائرته وقوة سلطته على الواقع العملي .
ومن هنا فان بقدر استجابة الامة كقاعدة شعبية عموما ، وقيادات سياسية خصوصا ، يمكن ان يتفعل الدور الارشادي للمرجعية*
فاذا كان تفاعل القاعدة الشعبية قوي ، فهذا يعطيها قوة ونفاذ في القوة الشعبية للبلاد .
واذا كان تفاعل واستجابة القيادات السياسية لدورها الارشادي قوي ، فهذا سوف يفعّل دورها الارشادي في الحيثية السياسية للامة .
ومما شهدناه مع مرجعية السيد السيستاني حفظه الله ، انّ التفاعل الشعبي معه قوي وقد برز في اوج صوره عند حادثة فتوى الجهاد الكفائي مؤخراً ، ولا تحتاج مزيد توضيح لوضوحها .
واما بالنسبة لتفاعل القيادة السياسية التي تمثل القاعدة الشعبية الشيعية ، فان تفاعلها ضعيف اذا لم نقل انه متعاكس متضارب او مهمل لتوجيهات المرجعية !!! رغم ما تبديه من احترام ظاهري كبير " تمشيتا " لمصالحها الخاصة على الاكثر بين المقلدين من القاعدة الشعبية .
وهذا من سوء حظ العراق وشيعته وسوء عاقبة سياسييه خصوصا .*
نأتي بعد هذا الى زبدة المطلب وهي كيف تعاملت وتتعامل المرجعية الارشادية وهنا نقصد بالخصوص محل مثالنا الواقعي هي شخصية ومرجعية السيد السيستاني حفظه الله .
( على ما اظن ومن خلال فهمي لها اذا لم يخطأني احد ما بدليل او فهم اخر) .
فأن المرجعية الارشادية للسيد السياستاني مع اخوته من المراجع الكبار الافذاذ كمرجعية الحكيم مثلا . ترى وفيما يخص تعاملها مع الغزو الامريكي للعراق واهدافه وآثاره ، أنّ الطريقة المثلى اذا لم تستطيع قتال العدو الغازي ودحره واخراجه بالقوة ، فان احد طرق القتال الحكمية هي افشال هدفه ، وهذه استراتيجية منطقية في الفهم القتالي والتنافس السياسي عامة .
ومن هنا وحيث أنّ الهدف من غزو العراق وكما بينا هدفه اعلاه ، هو هدف تقسيم العراق وجعله اقاليم دويلات ضعيفة ومتناحرة تحت العناوين الطائفية والقومية والدينية .*
ومن هنا فأنّ رد فعل المرجعية في التفاعل مع هذا الهدف وبحدود دورها الارشادي وامكانياتها الفعلية الواقعية ، يتمثل في التاكيد على وحدة العراق شعبا متعدد الطوائف والقوميات والاديان . وهذا في المفهوم السياسي الاداري للبلاد سيكون عنوانه الحكومة التشاركية الديمقراطية .*
فاذا استطاع العراق الضعيف سياسيا وعسكريا ان يفشل اهداف العدو ، لعله يستطيع اخراجه واسقاط مخططه .
اذا فهم المتلقي هذه الكلمات المركزة المختصرة ، يستطيع فهم التفاصيل الملحقة الممكنة ، ويحل كثير من اجوبة مستشكلة معترضة على دور ورد فعل المرجعية ازاء الاحداث .
ولذالك كان دائما تاكيد المرجعية على السلم بين الطوائف وخاصة بين السنة والشيعة ، واتباع سياسة ضبط لنفس وعدم التعامل مع التكفيريين بالمثل لاسباب دينية اولا ، ولاسباب حكمية من اجل افشال التقاتل الطائفي الذي هو وسيلة ممهدة للتقسيم الطائفي ومن ثم التقسيم الجغرافي .*
وبالعموم فان المرجعية وان نعتقد انها غير معصومة ولكنها بالتاكيد تعمل وفق الضوابط الدينية باجتهادها ، وهو ادق ما يمكن الحصول عليه من جهة متخصصة في زمن الغيبة . وعملها مبرئ لذمتها وذمة مقلديها .*
لذالك ومن هنا نستطيع الاجابة على سؤال الاخ الكريم السابق في مقدمة طرحه ومن خلال الاسس التي بيناها هنا ، وكان سؤاله او استشكاله المنطقي هو : ( الم يجدر بالمرجعية اختيار القيادات الكفوءة والجريئة في مثل هذه الحالات ؟ )
الجـــــواب : لا تتدخل المرجعية في فرض اختيار القيادات السياسية وبالتحديد ، بل توجهها وتنبه القاعدة الشعبية*اليها .
وآلية التغير لها طرقها القانونية المفعلة في الحياة السياسية . وهنا يدخل اثر ودور المنتخب في اختيار الجيد وابعاد السيء ،
ولكن المسالة مع هذا ليست بالسهولة لانه يعترضها اشكالات جوهرية كبيرة متمثلة على الاقل بوجود احزاب وقيادات سياسية شيعية كثيرة فاسدة ومتسلطة على معظم الدور السياسي . وهذه لها مبحث واطروحات خاصة وتحتاج الى عقلية وجهود تخطيطية وعملية كبيرة للخروج من ازمتها خاصتا مع وجود التحديات السياسية الاخرى المرتبطة في الشان السياسي العراقي .
الى هنا ننتهي والسلام عليكم
اطرح سؤال /موضوع للنقاش ، كان قد وضعه احد الاخوة الكرام طالبا التوضيح وقد جاوبت عليه .
واضع السؤال وجوابي عليه للفائدة ، ولاطلاع الاخوة هنا ورفده ايضا بآرائهم القيّمة ايجابا او سلبا لتعزيز روح النقاش البناء لفهم الامور .
************************
{ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته*
لا يخفى على الجميع ان قضية الحشد الشعبي وفتوى مرجعنا الكبير اية الله العظمى علي الحسيني بخصوص الجهاد الكفائي قد اخذت لدى مخالفينا طابعا اخر وهو انه افتى بقتل اهل السنة حسب عقلياتهم*
رابط الموضوع هو انه فقدنا قرابة ال 2000 مواطن في تكريت قاعدة سبايكر واكثر من 500 في الصقلاوية ولا زال الحبل على الجرار*
وقد اكون مخطأ صوبوني الكثير من شهدائنا هم من الحشد الشعبي الذي لبوا نداء المرجعية للفوز بأحدى الحسنيين النصر او الشهادة*
والقضيتين دبر امرهما بليل ولا ازكي او استثني شخصيا حتى الشيعة من الجريمتين البشعتين اللتين فاقتا جميع الجرائم في العالم وقد لا يحصل مثليهما الا في الحروب العالمية ................
يعني ان امر تواجد الضحايا الشهداء تغمدهم الله بفسيح جناته كان من قبل المرجعية طيب :-
الم يجدر بالمرجعية اختيار القيادات الكفوءة والجريئة في مثل هذه الحالات ؟
طيب ومن باب قول رسول الله ص لا يلدغ المؤمن من جحر مرتان الم يلدغوا قبل شهرين او ثلاثة فلماذا اعيدت الكرة في الصقلاوية ؟؟
كثيرا ما نتابع نشرات الاخبار لنرى هجوم لواء او فرقة وطيران ليضرب اوكار ويقتل قناص او اربعة او خمسة دواعش*
بينما نرى ضربات الدواعش قد فاقت ضربات قواتنا المسلحة المتخمة بالعمالة والخيانة*
هل سمعتم ان قواتنا قتلت في مثل فترة سبايكر قد قتلت 2000 مسلح او 500 دفعة واحدة*
لقد قرعت طبول الفرح والزغاريد لاستعادة سليمان بك*
بينما هم اخذوا الموصل دون قتال كذلك الاكراد اخذوا كركوك دون رمي طلقة واحدة ....
من خلال هذا وذاك لدية بعض الاسئلة ارجوا الاجابة عليها من المشاركين .....
من يتحمل وزر ضحايا شهداء سبايكر والصقلاوية ؟
ما دور المرجعية لتلافي حصول مثل هذه المخازي والفواجع ؟
هل تتوقعون بوجود امل لانتهاء ازمتنا العراقية ؟
هل تتوقعون ان يتوحد العراقيين تحت لواء واحد ؟
الا تظنون بمثل هذا الجيش يصل السفياني الى اسوار بغداد ويدخل الكوفة ؟
وانتظر ردودكم ... }
----------------------------
الجـــــــــواب
بسمه تعالى
موضوع مهم يحتاج الى توضيح / نقاش لعنوانه ، وكذالك لتعليق الاخ العزيز كرّمه الله .
الدخول لفهم ملابسات كثير من الامور تحتاج بنا الرجوع الى اصلها وتثبيت اساسيات يمكن البناء عليها في تفسير ما بعدها ، وخاصة في القضية العراقية المعقدة الكبيرة والتي مضى عليها اكثر من عقد من الزمن وعلى الاقل في المحنة الاخيرة .
ومن هنا لا بد من تثبيت اساسيات الفهم حول مسالتين في هذا الطرح*
الاولى : فهم ملابسات الغزو الامريكي للعراق .
الثانية : فهم دور مرجعية العراق - في فهمها المرجعي العام كجهة دينية ، وكذالك موقفها من الغزو الامريكي*.
*
*
اولا : فهم ملابسات التدخل الامريكي وغزوه للعراق .
نحن الان وبعد اكثر من عشر سنوات عندما دخلت القوات الامريكية ومن يتحالف معها ويؤيدها للعراق عام 2003 ، اصبحنا وكلما تقدم بنا الزمن وتكشّفت لنا الحقائق والنيات والاهداف وما صاحب الغزو من نتائج مشهودة ، اصبحنا ويمكن القول بثقة عالية ما يلي*
1- ان الغزو الامريكي للعراق وقلعه لنظام الطاغية صدام مع ما كان يحمل من اهداف معلنة وقتها باعتباره خطرا على الامن العالمي والاقليمي وامتلاكه اسلحة الدمار الشامل وتهديده السلم الاقليمي والعالمي والمحلي ، هي اهداف واسباب غير حقيقية لسبب الغزو بل حتى حقيقتها الواقعية على الارض خلاف تصريحهم بها ، وهذا ما شهد عليه وبينه السياسيين من دول غربية لاحقا وكذالك اقليميا والواقع الميداني بينه ايضا .
2- ان الغزو الامريكي تبين منه بعد طول السنين وما جرى وظهر من حقائق ، كان يهدف الى تفعيل مخطط كبير في منطقة الشرق الاوسط*
( الشرق الاوسط الجديد ) ، وكان العراق البوابة التي تدخل منها الصهيو امريكية ، (الغرب ) وبمساعدة حلفائه الاقليميين في المنطقة .
وهذا المشروع باختصار هو تقسيم دول المنطقة العربية الاسلامية الى دويلات واقاليم جديدة يتم هندستها وفق حيثيات طائفية وقومية ودينية . مع الحفاظ على المصالح الاستراتيجية للغرب في كل حيثياتها الممكنة كالسياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها .
وكانت وسيلة الوصول هو احداث متغير فعال كبير ظهر بعنوانين اساسيين هما*.
- الربيع العربي .
- الفتنة المذهبية التكفيرية*
ولا ادخل كثيرا في تفاصيل هذه العناوين لانها اصبحت عند المثقفين والمطلعين واضحة . ومقاصدها واهدافها ونتائجها كلها كانت في اضعاف وتقسيم البلدان وتشتتها ، وتحت عناوين خداعة كالديمقراطية والحرية والتخلص من الدكتاتوريات الحاكمة .
*
*
الثانية : فهم دور مرجعية العراق في فهمها المرجعي العام كجهة دينية ، وكذالك موقفها من الغزو الامريكي .
يعلم الاخوة ، أن المرجعية العليا في العراق / النجف الاشرف هي ومنذ عهد طويل ترى وحسب ما نفهمه منها عموما انها مرجعية دينية ارشادية في دورها زمن الغيبة .
وهذا المفهوم الارشادي وتفعيله في الواقع الحياتي قد يختلف بدرجات قليلة بين مرجعية واخرى ، الا ان خطه العام تقريبا متقارب.
اذن ما هو الدور الارشادي لها :
هنا اعتقد ومن فهمي له ، ان المرجعية العليا ودور المرجع الذي يمثل نائب الامام الحجة ع العام في غيبته له وضيفة توضيح / تفسير الدين والتشريع ، والاجتهاد اذا تطلبت الحاجة . وترجع اليهم الناس في المسائل الدينية من عبادات ومعاملات*
وهنا ومن هذا الفهم والوضيفة فان اختلافه عن دور المرجعية التي تتبنى مثلا ولاية الفقيه كما عند السيد الخميني رحمه الله كافضل واوضح مثال ، سيكون دور المرجعية الارشادية محصور / محدد بالجانب الديني التوجيهي للامة ، وحيث ان دور ومقام المرجع عند مقلديه له اهمية كبيرة في حياة المؤمن العبادية ، فان قوة ومقام وصلاحيات المرجعية مستمدة من هذه الحيثية الروحية / الدينية لدوره في حياة الناس .
بينما نجد في مرجعية ولاية الفقيه ، أنّ نفس هذه الحيثية مفعّلة تماماً ، ومضاف لها ان دور المرجعية ذو دائرة اوسع في حياة الامة ويشمل الجانب الديني والحياتي الاداري لها وعلى راسه واهمه الجانب السياسي القيادي للامة بعنوانه العام لا التفصيلي . وهنا يملك الولي الفقيه القوة السياسية والعسكرية بيده لفرض مصالح الدين والامة على البلاد وما تتعرض له داخليا وخارجيا من مخاطر ، وطبعا هذا يجعل دورها اكثر فائدة مفعّلة عمليا ، ويعطي الامة قوة اكبر بكثير ، ولكن ليس له مدخلية في تقرير صحة الدور المطلوب زمن الغيبة لان له طرقه الفقهية الفهمية الخاصة به .
ومن هنا وعلى اساس هذه المقدمة المهمة للتوضيح ، نستطيع فهم دور مرجعية العراق ، ونستطيع بعدها تفهم صلاحياتها حسب فهمها ، ونتفهم اسلوب تعاملها مع الاحداث المهمة والخطيرة في حياة الامة .
اذن المرجعية العليا في العراق كما بيناه هي مرجعية ارشادية للامة . وبقدر تفاعل الامة معها بالعموم كعلاقة بين مقلد ومرجع مجتهد ، ومرشد موجه للامة تتكون سعة دائرته وقوة سلطته على الواقع العملي .
ومن هنا فان بقدر استجابة الامة كقاعدة شعبية عموما ، وقيادات سياسية خصوصا ، يمكن ان يتفعل الدور الارشادي للمرجعية*
فاذا كان تفاعل القاعدة الشعبية قوي ، فهذا يعطيها قوة ونفاذ في القوة الشعبية للبلاد .
واذا كان تفاعل واستجابة القيادات السياسية لدورها الارشادي قوي ، فهذا سوف يفعّل دورها الارشادي في الحيثية السياسية للامة .
ومما شهدناه مع مرجعية السيد السيستاني حفظه الله ، انّ التفاعل الشعبي معه قوي وقد برز في اوج صوره عند حادثة فتوى الجهاد الكفائي مؤخراً ، ولا تحتاج مزيد توضيح لوضوحها .
واما بالنسبة لتفاعل القيادة السياسية التي تمثل القاعدة الشعبية الشيعية ، فان تفاعلها ضعيف اذا لم نقل انه متعاكس متضارب او مهمل لتوجيهات المرجعية !!! رغم ما تبديه من احترام ظاهري كبير " تمشيتا " لمصالحها الخاصة على الاكثر بين المقلدين من القاعدة الشعبية .
وهذا من سوء حظ العراق وشيعته وسوء عاقبة سياسييه خصوصا .*
نأتي بعد هذا الى زبدة المطلب وهي كيف تعاملت وتتعامل المرجعية الارشادية وهنا نقصد بالخصوص محل مثالنا الواقعي هي شخصية ومرجعية السيد السيستاني حفظه الله .
( على ما اظن ومن خلال فهمي لها اذا لم يخطأني احد ما بدليل او فهم اخر) .
فأن المرجعية الارشادية للسيد السياستاني مع اخوته من المراجع الكبار الافذاذ كمرجعية الحكيم مثلا . ترى وفيما يخص تعاملها مع الغزو الامريكي للعراق واهدافه وآثاره ، أنّ الطريقة المثلى اذا لم تستطيع قتال العدو الغازي ودحره واخراجه بالقوة ، فان احد طرق القتال الحكمية هي افشال هدفه ، وهذه استراتيجية منطقية في الفهم القتالي والتنافس السياسي عامة .
ومن هنا وحيث أنّ الهدف من غزو العراق وكما بينا هدفه اعلاه ، هو هدف تقسيم العراق وجعله اقاليم دويلات ضعيفة ومتناحرة تحت العناوين الطائفية والقومية والدينية .*
ومن هنا فأنّ رد فعل المرجعية في التفاعل مع هذا الهدف وبحدود دورها الارشادي وامكانياتها الفعلية الواقعية ، يتمثل في التاكيد على وحدة العراق شعبا متعدد الطوائف والقوميات والاديان . وهذا في المفهوم السياسي الاداري للبلاد سيكون عنوانه الحكومة التشاركية الديمقراطية .*
فاذا استطاع العراق الضعيف سياسيا وعسكريا ان يفشل اهداف العدو ، لعله يستطيع اخراجه واسقاط مخططه .
اذا فهم المتلقي هذه الكلمات المركزة المختصرة ، يستطيع فهم التفاصيل الملحقة الممكنة ، ويحل كثير من اجوبة مستشكلة معترضة على دور ورد فعل المرجعية ازاء الاحداث .
ولذالك كان دائما تاكيد المرجعية على السلم بين الطوائف وخاصة بين السنة والشيعة ، واتباع سياسة ضبط لنفس وعدم التعامل مع التكفيريين بالمثل لاسباب دينية اولا ، ولاسباب حكمية من اجل افشال التقاتل الطائفي الذي هو وسيلة ممهدة للتقسيم الطائفي ومن ثم التقسيم الجغرافي .*
وبالعموم فان المرجعية وان نعتقد انها غير معصومة ولكنها بالتاكيد تعمل وفق الضوابط الدينية باجتهادها ، وهو ادق ما يمكن الحصول عليه من جهة متخصصة في زمن الغيبة . وعملها مبرئ لذمتها وذمة مقلديها .*
لذالك ومن هنا نستطيع الاجابة على سؤال الاخ الكريم السابق في مقدمة طرحه ومن خلال الاسس التي بيناها هنا ، وكان سؤاله او استشكاله المنطقي هو : ( الم يجدر بالمرجعية اختيار القيادات الكفوءة والجريئة في مثل هذه الحالات ؟ )
الجـــــواب : لا تتدخل المرجعية في فرض اختيار القيادات السياسية وبالتحديد ، بل توجهها وتنبه القاعدة الشعبية*اليها .
وآلية التغير لها طرقها القانونية المفعلة في الحياة السياسية . وهنا يدخل اثر ودور المنتخب في اختيار الجيد وابعاد السيء ،
ولكن المسالة مع هذا ليست بالسهولة لانه يعترضها اشكالات جوهرية كبيرة متمثلة على الاقل بوجود احزاب وقيادات سياسية شيعية كثيرة فاسدة ومتسلطة على معظم الدور السياسي . وهذه لها مبحث واطروحات خاصة وتحتاج الى عقلية وجهود تخطيطية وعملية كبيرة للخروج من ازمتها خاصتا مع وجود التحديات السياسية الاخرى المرتبطة في الشان السياسي العراقي .
الى هنا ننتهي والسلام عليكم