شجون الزهراء
11-10-2014, 03:11 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
يعتبر عيد الغدير من أفضل أعياد الأمة الإسلامية استناداً إلى قول النبي الكريم محمد (صلى الله عليه وآله): (يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي، وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره، بنصب أخي علي بن أبي طالب علماً لأمتي، يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأتم فيه النعمة، ورضى لهم الإسلام ديناً).
وعيد الغدير هو الأفضل من بين أعياد الأمة الإسلامية وذلك لتحقق الركن الثالث عملياً والمتمثل بالإمامة والذي يأتي في المرتبة الثانية بعد التوحيد والنبوة.
وهو العيد الذي أعلن عنه الرسول (صلى الله عليه وآله) وأقام بنفسه المراسيم الخاصة بهذه المناسبة المباركة، حيث جلس أمام خيمته يستقبل وفود المهنئين بكل بشاشة وجه وطلاقة محيا يشارك الجميع الفرح والسرور وهو يقول: (هنئوني.. هنئوني.. إن الله تعالى حفني بالنبوة، وخص أهل بيتي بالإمامة).
يقول محمد الموقد في كتابه عيد الغدير:
لم نجد في تاريخ النبي (صلى الله عليه وآله) وحياته وأفراحه يوماً قال فيه: هنئوني.. هنئوني.. إلا يوم الغدير!
حتى يوم زواجه (صلى الله عليه وآله) لم يقل هنئوني، ويوم هجرته من مكة إلى المدينة، وخلاصه من المشركين لم يقل هنئوني، ويوم فتح مكة وانتصار المسلمين لم يقل هنئوني، ولكن في يوم الغدير كان يكرر قوله: هنئوني.. هنئوني، لماذا؟ لأنه (صلى الله عليه وآله) كان يدرك بعمق - عظمة هذا اليوم، ويعلم جلالة هذه الذكرى، وأفضلية هذا العيد! ولذلك قال (صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم أفضل أيام أمتي...).
كما أن كلمة هنئوني الواردة في حديث النبي (صلى الله عليه وآله) إنما هو تعبير عن الفرح والغبطة التي كان فيها النبي (صلى الله عليه وآله) بالعطاء الآتي الذي طلبه من الله سبحانه وتعالى، فهو يقول (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع: (فإني أشهد أني قد صدقتكم وصدقتموني، ألا وإني فرطكم وأنكم تبعي توشكون أن تردوا عليّ الحوض، فاسألكم حين تلقونني عن ثقلي كيف خلفتموني فيهما، قال (زيد بن أرقم): فأعيل علينا ما ندري ما الثقلان حتى قام رجل من المهاجرين وقال: بأبي وأمي أنت يا نبي الله ما الثقلان؟
قال (صلى الله عليه وآله): قال (صلى الله عليه وآله): الأكبر منهما كتاب الله تعالى سبَب طرف بيد الله وطرف بأيديكم، فتمسكوا به ولا تضِلوا والأصغر منهما عترتي، من أستقبل عترتي وأجاب دعوتي! فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصروا عنهم فأني قد سألت لهم اللطيف الخبير فأعطاني، ناصرهما ناصري، خاذلهما خاذلي، وليهما لي وليّ، وعدوهما لي عدو).
كما أن العطاء الآتي إنما هو استمرار وتتويج لما هو فيه (صلى الله عليه وآله) من مقام النبوة، وإن التهنئة التي أرادها لم تكن لشخصه بل لنفسه المتمثلة في شخصية الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول القرآن الكريم في آية المباهلة: (تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءَكم وأنفسنا وأنفسكم...).
يقول ابن عباس في هذه الآية: كان أبناء هذه الأمة: الحسن والحسين، وكان نساؤها: فاطمة، وأنفسهم: النبي وعلي.
وقد عبر النبي (صلى الله عليه وآله) عن ذلك بنفسه عملياً بأن (أفرد لعلي خيمة وأمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجاً فوجاً ويسلموا عليه (بأمير المؤمنين) ففعل ذلك كلهم، حتى من كان معه من أزواجه ونساء المسلمين) كما يقول الشيخ المفيد في إرشاده.
وقد أكد الأئمة (عليهم السلام) على أهمية وأفضيلة هذا العيد الإسلامي الكبير، فقد روي عن عبدالرحمن بن سالم قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة والأضحى والفطر؟
قال: نعم أعظمها حرمة! قلت: وأي عيد هو جعلت فداك؟
قال (عليه السلام): اليوم الذي نصب فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين وقال: (من كنت مولاه فعلي مولاه).
ولم تكن عملية التتويج النبوي للإمام علي (عليه السلام) تاج الإمامة والوصاية قد تمت اعتباطاً، أو منطلقة من فراغ، بل هي عملية أعد لها عبر رعاية إلهية وإعداد نبوي دقيق، واستحقاق شخصية كانت تتبع الرسول (صلى الله عليه وآله) اتباع الفصيل أثر أمه، وهو كما يقول عن نفسه أمام جمع من الناس: (إني لأخو رسول الله ووزيره، وقد علمتم أني أولكم إيماناً بالله ورسوله ثم دخلتم بعدي في الإسلام رسلاً، وإني لابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخوه وشريكه في نسبه، وأبو ولده، وزوج ابنته سيدة ولده وسيدة نساء أهل الجنة، ولقد عرفتهم أنّا ما خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) مخرجاً قط إلا رجعنا وأنا أحبكم إليه، وأوثقكم في نفسه، وأشدكم نكاية في العدو، ولقد رأيتم بعثته إياي ببراءة، ولقد آخا بين المسلمين فما اختار لنفسه أحداً غيري، ولقد قال لي: أنت أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة، ولقد أخرج الناس من المسجد وتركني، ولقد قال لي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي).
إن هذه المواصفات الفريدة التي اجتمعت في شخصية الإمام علي (عليه السلام) قد أهلته ليتبوأ بجدارة أعلى مقام ديني بعد النبوة ألا وهو مقام الإمامة.
وقد يقول قائل: ما حاجة الناس إلى الإمامة بعد أن قام النبي (صلى الله عليه وآله) بتبليغ رسالته؟
مما لاشك فيه أن الضرورة التي ضمت وجود النبي (صلى الله عليه وآله) هي فيها التي حتمت وجود الإمام لأن: (الحاجة إلى النبي ليست بسبب الحاجة إلى الرسالة فحسب بل هي الحاجة إلى قيادة تقوم بتطبيق تلك الرسالة، وهذا يعني أن وجود النبي ضرورة إلى جانب وجود الرسالة وليس بسبب وجود الرسالة لذلك أرسل الله تعالى أنبياء بلا كتب ولكن لم يرسل كتباً بلى أنبياء.
وإذا ما كانت الرسالات قد انتهت بعد نزول آخر كلمة سماوية وهي كلمة الإسلام، وبذلك انتهى عهد الرسل أيضاً.. ولكن هل انتهت الحاجة إلى القيادة التي تقوم بتطبيق شرائع الإسلام، لا يمكن لأي كان القول بأن البشرية لم تعد بحاجة إلى قيادة حكيمة تنبع تنظيماتها من ذات الرسالة السماوية، لتستطيع تطبيقها على بني الإنسان..
فلابد إذن من قيادة تفرض على الإنسان من فوق يجد دافعاً ذاتياً للانصياع لها، تماماً كما لابد له من شريعة تفرض عليه من فوق، ليعد مثل ذلك الدافع.
من هنا تبرز ضرورة الإمامة والأعداد المسبق لشخص أو مجموعة أشخاص أكفاء يتمكنون من إدارة الدفة القيادية للأمة الإسلامية بعد انتهاء المهمة الرسولية.
ولأجل الحيلولة دون حصول ذلك فإن النبي (صلى الله عليه وآله) حينما توج علياً تاج الإمامة في غدير خم إنما ثبت اتجاه البوصلة الرسالة، ووضع المسيرة الإسلامية على الطريق المستقيم، لأن الأمور لا تستقيم دون وجود قيادة ربانية مؤهلة.
ومن هنا كانت فرصة الرسول (صلى الله عليه وآله) التي لا توصف إذ قرت عينه، وسكنت هواجسه التي كانت تعتمل في قلبه الذي كان مثقلاً بالهموم خوفاً على أمته من بعده من التشتت والضياع، وهو - صلى الله عليه وآله - الذي كان يعلم باقتراب أجله عندما كان يردد إني أولئك أن ادعى فأجيب.
وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يعلم أن علياً (عليه السلام) هو الخلف الصالح إلا أنه كان يخشى الفتنة من أصحاب المصالح الضيقة والأهواء المتضاربة..
ومع سماع النبي (صلى الله عليه وآله) نداء الحق الذي نقله جبرائيل (عليه السلام) والذي يحمل وعداً قاطعاً بالعصمة من الناس (يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين).
وهكذا علت وجه الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) ابتسامة كبيرة وصار يقول (هنئوني.. هنئوني) وكأن حملاً ثقيلاً قد أزيح عن صدره الشريف بعدما أمر بتسليم القيادة والإمامة لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) لأنه الرجل الذي جسد كل تعاليم الرسالة السماوية، رجل أريد له أن يقاتل على التصحيح كما قاتل النبي (صلى الله عليه وآله) على التنزيل، رجل أريد له أن يكون باباً لمدينة علم الرسول (صلى الله عليه وآله) وليعرف به المؤمنون من بعد النبي الكريم محمد (صلى الله عليه وآله).
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
يعتبر عيد الغدير من أفضل أعياد الأمة الإسلامية استناداً إلى قول النبي الكريم محمد (صلى الله عليه وآله): (يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي، وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره، بنصب أخي علي بن أبي طالب علماً لأمتي، يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأتم فيه النعمة، ورضى لهم الإسلام ديناً).
وعيد الغدير هو الأفضل من بين أعياد الأمة الإسلامية وذلك لتحقق الركن الثالث عملياً والمتمثل بالإمامة والذي يأتي في المرتبة الثانية بعد التوحيد والنبوة.
وهو العيد الذي أعلن عنه الرسول (صلى الله عليه وآله) وأقام بنفسه المراسيم الخاصة بهذه المناسبة المباركة، حيث جلس أمام خيمته يستقبل وفود المهنئين بكل بشاشة وجه وطلاقة محيا يشارك الجميع الفرح والسرور وهو يقول: (هنئوني.. هنئوني.. إن الله تعالى حفني بالنبوة، وخص أهل بيتي بالإمامة).
يقول محمد الموقد في كتابه عيد الغدير:
لم نجد في تاريخ النبي (صلى الله عليه وآله) وحياته وأفراحه يوماً قال فيه: هنئوني.. هنئوني.. إلا يوم الغدير!
حتى يوم زواجه (صلى الله عليه وآله) لم يقل هنئوني، ويوم هجرته من مكة إلى المدينة، وخلاصه من المشركين لم يقل هنئوني، ويوم فتح مكة وانتصار المسلمين لم يقل هنئوني، ولكن في يوم الغدير كان يكرر قوله: هنئوني.. هنئوني، لماذا؟ لأنه (صلى الله عليه وآله) كان يدرك بعمق - عظمة هذا اليوم، ويعلم جلالة هذه الذكرى، وأفضلية هذا العيد! ولذلك قال (صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم أفضل أيام أمتي...).
كما أن كلمة هنئوني الواردة في حديث النبي (صلى الله عليه وآله) إنما هو تعبير عن الفرح والغبطة التي كان فيها النبي (صلى الله عليه وآله) بالعطاء الآتي الذي طلبه من الله سبحانه وتعالى، فهو يقول (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع: (فإني أشهد أني قد صدقتكم وصدقتموني، ألا وإني فرطكم وأنكم تبعي توشكون أن تردوا عليّ الحوض، فاسألكم حين تلقونني عن ثقلي كيف خلفتموني فيهما، قال (زيد بن أرقم): فأعيل علينا ما ندري ما الثقلان حتى قام رجل من المهاجرين وقال: بأبي وأمي أنت يا نبي الله ما الثقلان؟
قال (صلى الله عليه وآله): قال (صلى الله عليه وآله): الأكبر منهما كتاب الله تعالى سبَب طرف بيد الله وطرف بأيديكم، فتمسكوا به ولا تضِلوا والأصغر منهما عترتي، من أستقبل عترتي وأجاب دعوتي! فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصروا عنهم فأني قد سألت لهم اللطيف الخبير فأعطاني، ناصرهما ناصري، خاذلهما خاذلي، وليهما لي وليّ، وعدوهما لي عدو).
كما أن العطاء الآتي إنما هو استمرار وتتويج لما هو فيه (صلى الله عليه وآله) من مقام النبوة، وإن التهنئة التي أرادها لم تكن لشخصه بل لنفسه المتمثلة في شخصية الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول القرآن الكريم في آية المباهلة: (تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءَكم وأنفسنا وأنفسكم...).
يقول ابن عباس في هذه الآية: كان أبناء هذه الأمة: الحسن والحسين، وكان نساؤها: فاطمة، وأنفسهم: النبي وعلي.
وقد عبر النبي (صلى الله عليه وآله) عن ذلك بنفسه عملياً بأن (أفرد لعلي خيمة وأمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجاً فوجاً ويسلموا عليه (بأمير المؤمنين) ففعل ذلك كلهم، حتى من كان معه من أزواجه ونساء المسلمين) كما يقول الشيخ المفيد في إرشاده.
وقد أكد الأئمة (عليهم السلام) على أهمية وأفضيلة هذا العيد الإسلامي الكبير، فقد روي عن عبدالرحمن بن سالم قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة والأضحى والفطر؟
قال: نعم أعظمها حرمة! قلت: وأي عيد هو جعلت فداك؟
قال (عليه السلام): اليوم الذي نصب فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين وقال: (من كنت مولاه فعلي مولاه).
ولم تكن عملية التتويج النبوي للإمام علي (عليه السلام) تاج الإمامة والوصاية قد تمت اعتباطاً، أو منطلقة من فراغ، بل هي عملية أعد لها عبر رعاية إلهية وإعداد نبوي دقيق، واستحقاق شخصية كانت تتبع الرسول (صلى الله عليه وآله) اتباع الفصيل أثر أمه، وهو كما يقول عن نفسه أمام جمع من الناس: (إني لأخو رسول الله ووزيره، وقد علمتم أني أولكم إيماناً بالله ورسوله ثم دخلتم بعدي في الإسلام رسلاً، وإني لابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخوه وشريكه في نسبه، وأبو ولده، وزوج ابنته سيدة ولده وسيدة نساء أهل الجنة، ولقد عرفتهم أنّا ما خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) مخرجاً قط إلا رجعنا وأنا أحبكم إليه، وأوثقكم في نفسه، وأشدكم نكاية في العدو، ولقد رأيتم بعثته إياي ببراءة، ولقد آخا بين المسلمين فما اختار لنفسه أحداً غيري، ولقد قال لي: أنت أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة، ولقد أخرج الناس من المسجد وتركني، ولقد قال لي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي).
إن هذه المواصفات الفريدة التي اجتمعت في شخصية الإمام علي (عليه السلام) قد أهلته ليتبوأ بجدارة أعلى مقام ديني بعد النبوة ألا وهو مقام الإمامة.
وقد يقول قائل: ما حاجة الناس إلى الإمامة بعد أن قام النبي (صلى الله عليه وآله) بتبليغ رسالته؟
مما لاشك فيه أن الضرورة التي ضمت وجود النبي (صلى الله عليه وآله) هي فيها التي حتمت وجود الإمام لأن: (الحاجة إلى النبي ليست بسبب الحاجة إلى الرسالة فحسب بل هي الحاجة إلى قيادة تقوم بتطبيق تلك الرسالة، وهذا يعني أن وجود النبي ضرورة إلى جانب وجود الرسالة وليس بسبب وجود الرسالة لذلك أرسل الله تعالى أنبياء بلا كتب ولكن لم يرسل كتباً بلى أنبياء.
وإذا ما كانت الرسالات قد انتهت بعد نزول آخر كلمة سماوية وهي كلمة الإسلام، وبذلك انتهى عهد الرسل أيضاً.. ولكن هل انتهت الحاجة إلى القيادة التي تقوم بتطبيق شرائع الإسلام، لا يمكن لأي كان القول بأن البشرية لم تعد بحاجة إلى قيادة حكيمة تنبع تنظيماتها من ذات الرسالة السماوية، لتستطيع تطبيقها على بني الإنسان..
فلابد إذن من قيادة تفرض على الإنسان من فوق يجد دافعاً ذاتياً للانصياع لها، تماماً كما لابد له من شريعة تفرض عليه من فوق، ليعد مثل ذلك الدافع.
من هنا تبرز ضرورة الإمامة والأعداد المسبق لشخص أو مجموعة أشخاص أكفاء يتمكنون من إدارة الدفة القيادية للأمة الإسلامية بعد انتهاء المهمة الرسولية.
ولأجل الحيلولة دون حصول ذلك فإن النبي (صلى الله عليه وآله) حينما توج علياً تاج الإمامة في غدير خم إنما ثبت اتجاه البوصلة الرسالة، ووضع المسيرة الإسلامية على الطريق المستقيم، لأن الأمور لا تستقيم دون وجود قيادة ربانية مؤهلة.
ومن هنا كانت فرصة الرسول (صلى الله عليه وآله) التي لا توصف إذ قرت عينه، وسكنت هواجسه التي كانت تعتمل في قلبه الذي كان مثقلاً بالهموم خوفاً على أمته من بعده من التشتت والضياع، وهو - صلى الله عليه وآله - الذي كان يعلم باقتراب أجله عندما كان يردد إني أولئك أن ادعى فأجيب.
وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يعلم أن علياً (عليه السلام) هو الخلف الصالح إلا أنه كان يخشى الفتنة من أصحاب المصالح الضيقة والأهواء المتضاربة..
ومع سماع النبي (صلى الله عليه وآله) نداء الحق الذي نقله جبرائيل (عليه السلام) والذي يحمل وعداً قاطعاً بالعصمة من الناس (يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين).
وهكذا علت وجه الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) ابتسامة كبيرة وصار يقول (هنئوني.. هنئوني) وكأن حملاً ثقيلاً قد أزيح عن صدره الشريف بعدما أمر بتسليم القيادة والإمامة لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) لأنه الرجل الذي جسد كل تعاليم الرسالة السماوية، رجل أريد له أن يقاتل على التصحيح كما قاتل النبي (صلى الله عليه وآله) على التنزيل، رجل أريد له أن يكون باباً لمدينة علم الرسول (صلى الله عليه وآله) وليعرف به المؤمنون من بعد النبي الكريم محمد (صلى الله عليه وآله).