شجون الزهراء
11-10-2014, 03:14 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
کتب الأستاذ جميل ظاهري في مقال له عن الغدیر: يقر المفكرون والعلماء والمؤرخون والباحثون بأن التأريخ الاسلامي كتب بأداة أموية سعياً منها لقلب الحقائق التي دارت في مسيرة الدولة الاسلامية منذ تأسيسها على عهد الرسول الأعظم (ص) في المدينة المنورة، والتضليل والتغطية على انحرافات كبار القوم وقادتهم مما قاله وأوصى به النبي محمد (ص) على عهده ومن بعده رغم وقوفهم بانه كما قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم.. " وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى" – النجم: 3و4.
فقد بدأت عملية التضليل السلطوي على مجريات الأحداث الاسلامية وحقائقها منذ أن أصدر الخليفة الأول والثاني وتبعهما الثالث أمراً بمنع نقل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين المسلمين أو حتى كتابتها والاحتفاظ بها لمستقبل الامة والدين، حيث كان من يروي أو يكتب أي حديث يعاقب شر عقاب من قبل السلطة الحاكمة آنذاك.
ووقعت عملية التضليل والتدليس على واقعة الغدير والعمل على ايجاد اللغط والشكوك والمغالطة في حقيقتها ومصداقيتها باعتبارها أمر ألهي؛ في صدارة اهتمام حكام ذلك الزمان وأعوانهم وحواشيهم وانحرافاتهم، وأكثرها قساوة للقوم ضد الاسلام المحمدي الأصيل الذي كان يصبو اليه الرسول الأكرم (ص) لنشره في المعمورة بأمر من الخالق المتعال.
كما أن مسألة بيعة الغدير، بكل إيحاءاتها وإشاراتها، تركت آثارها العميقة في الكيان الاسلامي العام، حيث استطاعت بكل تفاعلاتها والمواقف السلبية والايجابية منها أن تختصر كل التاريخ الاسلامي في حركة التنوع والاختلاف والصراع.
ومن أهم خصوصياتها انها لم تدع مجالاً للعذر مرة أخرى بالعودة الى الجاهلية والشرك والضلالة والظلم والطغيان والجبروت كما هو الحال في عالمنا العربي، بعد ان تم إكمال الدين على يد الرسول الاعظم (صلى الله عليه واله وسلم) حيث أتمها بولاية أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب وأهل بيته الميامين عليهم السلام أجمعين.
فخلال عودة الرسول محمد (ص) من حجّة الوداع نحو المدينة المنورة، أنزل الله سبحانه وتعالى الوحي عليه ليأمره القيام بأمر مهم وضروري لابقاء الدين الاسلامي الحنيف ديناً خالداً على مدى العصور القادمة وحتى قيام القيامة بصورة صحيحة ، حيث خاطبه بالقول:" يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ"- المائدة:67.
فجمع رسول الله (ص) حشود الحجيج الذين قدر المؤرخون عددهم آنذاك بأكثر من (130) ألف حاج في منطقة "غدير خم" وبلغهم رسالته الربانية وبالصورة التي ذكرها ونقلها كبار علماء ورواة العامة، ومنهم ابن عساكر في تاريخ ابن عساكر ج2، وابن المغازلي: المناقب ص31، وابن كثير: تفسير القرآن ج2 ص15، والآلوسي: روح المعاني ج4 ص282، والسيوطي: تاريخ الخلفاء ص169، والطبري: ذخائر العقبى ص67، والذهبي: التلخيص ج3 ص109، واليعقوبي: تاريخ اليعقوبي ج1 ص422، وابن كثير: البداية والنهاية ج5 ص209، والنيسابوري: ثمار القلوب ج2 ص906، والسمهودي: جواهر العقدين ص236، والنسائي: فضائل الصحابة ص15، والخوارزمي: المناقب ص156، وابن طلحة الشافعي: مطالب السؤول ص4، والشهرستاني: الملل والنحل ج1 ص163، و ابن خلدون: المقدمة ص246، وعشرات أخرین غيرهم، حيث لا يسع المقال لذكرهم جميعاً .
فقد أمر رسول الله المصطفى محمد بن عبد الله (ص) الحجيج لصنع منبر له ومن ثم اعتلاه وخطب فيهم خطبة قيمة وغراء، وقد رفع يدي الامام علي (ع) حتى بان بياض إبطيهما للناس وقال (ص) بصوت عال سمعه كل المحتشدين: "ألا مَنْ كنت مولاه فعلي (ع) مولاه. اللهم والِ مِنْ والاه، وعادِ مَنْ عاداه... وأدِرْ الحق معه حيثما دار".
وبعد أن نصب الرسول (ص) الامام علی (ع) وبآمر من الخالق المتعال أمیراً على المسلمین نزلت الآية المباركة "الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا " - المائدة 3؛ لتؤكد بذلك أن أمير المؤمنين الامام علياً (ع) يمثل الحق على نحوٍ لا يبقي هناك للباطل أي دور في حياته، ولهذا فانه إذا انطلق، فسينطلق الحق معه، وإذا وقف فسيقف الحق معه، وإذا حارب فسيحارب الحق معه، وإذا عارض فسيعارض الحق معه، لأنه لن ينفصل عن الحق، ولن ينفصل الحق عنه في أي مجال، كما قال رسول الله (ص): "علي مع الحق والحق معه يدور حيث دار ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض" .
والشاهد الأقوى على حقیقة بیعة الغدیر لأمير المؤمنين الامام علی بن آبی طالب (ع) هی تهنئة الشيخين (أبي بكر وعمر) وجموع الحجيج الغفيرة وفي مقدمتهم من أصحاب رسول الله(ص) للامام علي(ع) ، حیث كان الشيخان من أول من بادر الى التهنئة، وقالا له: "هنيئاً لك يا علي ابن ابي طالب اصبحت وامسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة". وجاء في رواية اخرى : "فلقيه عمر بعد ذلك ، فقال له : هنيئاً يا ابن أبي طالب؛ أصبحتَ وأمسيتَ مولى كلِّ مؤمن ومؤمنة" والتي روته آیضاٌ كتب الصحاح جميعها .
ومن هذا المنطلق نرى ان واقعة بيعة الغدير تنطوي بعنوانها كميثاق للأمة الاسلامية ودينها الحنيف ودستورها القرآن الكريم على خصوصيتين مهمتين :
* الأولى: ظرفيتها وقد تزامنت مع آخر لحظات الرسالة الربانية الخاتمة حيث تجلت من خلالها أرقى حقيقة وجودية ألاّ وهي "الولاية"؛ فقد كان لسان الحال فيها يقول "لا دين بلا ولاية "؛ لأنّ الدين المفرَّغ منها ماهيته مغايرة للحق والقانون الإلهي.
* الثانية : مصداقها هو "ولي الله" المتصدي للدفاع عن حريم هذه الحقيقة الدينية والمتجلي في شخص من فدى رسول الله صلى الله عليه و آله بنفسه.
إنّ مفهوم القيادة الذي جسدته واقعة الغدير يمكّن الأمة الاسلامية من صياغة وجود جديد يقيها الضياع، ويشدّ على يدها مؤمنا لها المسير على صراط مستقيم، يضمن لها أطرا سليمة و قوانين إسلامية كانت قد هجرتها ردحًا من الزمن، رغم تحذيرات نبيها فعن الامام علي أمير المؤمنين عليه السَّلام أنّ رسول الله (ص) قال في خطبة حجة الوداع: "... لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض ..." كما جاء في المسانيد ايضاً نقلاً موسى بن زكريا عن طالوت بن عباد عن حماد بن سلمة عن يونس عن الحسن وابن سيرين عن أبي هريرة .
كما رواه "صحيح مسلم" في "كتاب الإيمان" نقلاً عن أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى وابن بشار جميعا عن محمد بن جعفر عن شعبة عن ثنا عبيد الله بن معاذ عن علي بن مدرك سمع عن أبا زرعة عن جده جرير .
وتؤكد الحقائق أن واقعة "غدير خم" أوصلت الدين الى كماله حيث أضحت محورا للأمة جمعاء وضربة قاضية للمشركين والكفار ومن سار على ديدنهم؛ وفي الوقت نفسه مَسَدًا لباب الاعتذار أمام من سوّلت وتسوّل له نفسه تزييف حقائق الدين الاسلامي الحنيف والأمر الالهي المفروض الطاعة؛ كما قالت أم أبيها سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام: "... وهل ترك أبى يوم الغدير لأحدٍ عذرا ..." - الخصال للصدوق صفحة 173 .
وروى المؤدب عن أحمد الأصبهاني عن الثقفي عن يحيى ابن الحسن بن الفرات، عن هارون بن عبيدة، عن يحيى بن عبد الله بن الحسن قال: قال عمر حين حضره الموت: "أتوب الى الله من ثلاث: اغتصابي هذا الامر أنا وأبو بكر من دون الناس (الخلافة بعد النبي من علي)، واستخلافي عليهم، وتفضيلي المسلمين بعضهم على بعض" - الخصال ١/١٧٠ باب الثلاثة حديث ٢٢٥، بتفصيل في السند.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
کتب الأستاذ جميل ظاهري في مقال له عن الغدیر: يقر المفكرون والعلماء والمؤرخون والباحثون بأن التأريخ الاسلامي كتب بأداة أموية سعياً منها لقلب الحقائق التي دارت في مسيرة الدولة الاسلامية منذ تأسيسها على عهد الرسول الأعظم (ص) في المدينة المنورة، والتضليل والتغطية على انحرافات كبار القوم وقادتهم مما قاله وأوصى به النبي محمد (ص) على عهده ومن بعده رغم وقوفهم بانه كما قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم.. " وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى" – النجم: 3و4.
فقد بدأت عملية التضليل السلطوي على مجريات الأحداث الاسلامية وحقائقها منذ أن أصدر الخليفة الأول والثاني وتبعهما الثالث أمراً بمنع نقل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين المسلمين أو حتى كتابتها والاحتفاظ بها لمستقبل الامة والدين، حيث كان من يروي أو يكتب أي حديث يعاقب شر عقاب من قبل السلطة الحاكمة آنذاك.
ووقعت عملية التضليل والتدليس على واقعة الغدير والعمل على ايجاد اللغط والشكوك والمغالطة في حقيقتها ومصداقيتها باعتبارها أمر ألهي؛ في صدارة اهتمام حكام ذلك الزمان وأعوانهم وحواشيهم وانحرافاتهم، وأكثرها قساوة للقوم ضد الاسلام المحمدي الأصيل الذي كان يصبو اليه الرسول الأكرم (ص) لنشره في المعمورة بأمر من الخالق المتعال.
كما أن مسألة بيعة الغدير، بكل إيحاءاتها وإشاراتها، تركت آثارها العميقة في الكيان الاسلامي العام، حيث استطاعت بكل تفاعلاتها والمواقف السلبية والايجابية منها أن تختصر كل التاريخ الاسلامي في حركة التنوع والاختلاف والصراع.
ومن أهم خصوصياتها انها لم تدع مجالاً للعذر مرة أخرى بالعودة الى الجاهلية والشرك والضلالة والظلم والطغيان والجبروت كما هو الحال في عالمنا العربي، بعد ان تم إكمال الدين على يد الرسول الاعظم (صلى الله عليه واله وسلم) حيث أتمها بولاية أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب وأهل بيته الميامين عليهم السلام أجمعين.
فخلال عودة الرسول محمد (ص) من حجّة الوداع نحو المدينة المنورة، أنزل الله سبحانه وتعالى الوحي عليه ليأمره القيام بأمر مهم وضروري لابقاء الدين الاسلامي الحنيف ديناً خالداً على مدى العصور القادمة وحتى قيام القيامة بصورة صحيحة ، حيث خاطبه بالقول:" يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ"- المائدة:67.
فجمع رسول الله (ص) حشود الحجيج الذين قدر المؤرخون عددهم آنذاك بأكثر من (130) ألف حاج في منطقة "غدير خم" وبلغهم رسالته الربانية وبالصورة التي ذكرها ونقلها كبار علماء ورواة العامة، ومنهم ابن عساكر في تاريخ ابن عساكر ج2، وابن المغازلي: المناقب ص31، وابن كثير: تفسير القرآن ج2 ص15، والآلوسي: روح المعاني ج4 ص282، والسيوطي: تاريخ الخلفاء ص169، والطبري: ذخائر العقبى ص67، والذهبي: التلخيص ج3 ص109، واليعقوبي: تاريخ اليعقوبي ج1 ص422، وابن كثير: البداية والنهاية ج5 ص209، والنيسابوري: ثمار القلوب ج2 ص906، والسمهودي: جواهر العقدين ص236، والنسائي: فضائل الصحابة ص15، والخوارزمي: المناقب ص156، وابن طلحة الشافعي: مطالب السؤول ص4، والشهرستاني: الملل والنحل ج1 ص163، و ابن خلدون: المقدمة ص246، وعشرات أخرین غيرهم، حيث لا يسع المقال لذكرهم جميعاً .
فقد أمر رسول الله المصطفى محمد بن عبد الله (ص) الحجيج لصنع منبر له ومن ثم اعتلاه وخطب فيهم خطبة قيمة وغراء، وقد رفع يدي الامام علي (ع) حتى بان بياض إبطيهما للناس وقال (ص) بصوت عال سمعه كل المحتشدين: "ألا مَنْ كنت مولاه فعلي (ع) مولاه. اللهم والِ مِنْ والاه، وعادِ مَنْ عاداه... وأدِرْ الحق معه حيثما دار".
وبعد أن نصب الرسول (ص) الامام علی (ع) وبآمر من الخالق المتعال أمیراً على المسلمین نزلت الآية المباركة "الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا " - المائدة 3؛ لتؤكد بذلك أن أمير المؤمنين الامام علياً (ع) يمثل الحق على نحوٍ لا يبقي هناك للباطل أي دور في حياته، ولهذا فانه إذا انطلق، فسينطلق الحق معه، وإذا وقف فسيقف الحق معه، وإذا حارب فسيحارب الحق معه، وإذا عارض فسيعارض الحق معه، لأنه لن ينفصل عن الحق، ولن ينفصل الحق عنه في أي مجال، كما قال رسول الله (ص): "علي مع الحق والحق معه يدور حيث دار ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض" .
والشاهد الأقوى على حقیقة بیعة الغدیر لأمير المؤمنين الامام علی بن آبی طالب (ع) هی تهنئة الشيخين (أبي بكر وعمر) وجموع الحجيج الغفيرة وفي مقدمتهم من أصحاب رسول الله(ص) للامام علي(ع) ، حیث كان الشيخان من أول من بادر الى التهنئة، وقالا له: "هنيئاً لك يا علي ابن ابي طالب اصبحت وامسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة". وجاء في رواية اخرى : "فلقيه عمر بعد ذلك ، فقال له : هنيئاً يا ابن أبي طالب؛ أصبحتَ وأمسيتَ مولى كلِّ مؤمن ومؤمنة" والتي روته آیضاٌ كتب الصحاح جميعها .
ومن هذا المنطلق نرى ان واقعة بيعة الغدير تنطوي بعنوانها كميثاق للأمة الاسلامية ودينها الحنيف ودستورها القرآن الكريم على خصوصيتين مهمتين :
* الأولى: ظرفيتها وقد تزامنت مع آخر لحظات الرسالة الربانية الخاتمة حيث تجلت من خلالها أرقى حقيقة وجودية ألاّ وهي "الولاية"؛ فقد كان لسان الحال فيها يقول "لا دين بلا ولاية "؛ لأنّ الدين المفرَّغ منها ماهيته مغايرة للحق والقانون الإلهي.
* الثانية : مصداقها هو "ولي الله" المتصدي للدفاع عن حريم هذه الحقيقة الدينية والمتجلي في شخص من فدى رسول الله صلى الله عليه و آله بنفسه.
إنّ مفهوم القيادة الذي جسدته واقعة الغدير يمكّن الأمة الاسلامية من صياغة وجود جديد يقيها الضياع، ويشدّ على يدها مؤمنا لها المسير على صراط مستقيم، يضمن لها أطرا سليمة و قوانين إسلامية كانت قد هجرتها ردحًا من الزمن، رغم تحذيرات نبيها فعن الامام علي أمير المؤمنين عليه السَّلام أنّ رسول الله (ص) قال في خطبة حجة الوداع: "... لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض ..." كما جاء في المسانيد ايضاً نقلاً موسى بن زكريا عن طالوت بن عباد عن حماد بن سلمة عن يونس عن الحسن وابن سيرين عن أبي هريرة .
كما رواه "صحيح مسلم" في "كتاب الإيمان" نقلاً عن أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى وابن بشار جميعا عن محمد بن جعفر عن شعبة عن ثنا عبيد الله بن معاذ عن علي بن مدرك سمع عن أبا زرعة عن جده جرير .
وتؤكد الحقائق أن واقعة "غدير خم" أوصلت الدين الى كماله حيث أضحت محورا للأمة جمعاء وضربة قاضية للمشركين والكفار ومن سار على ديدنهم؛ وفي الوقت نفسه مَسَدًا لباب الاعتذار أمام من سوّلت وتسوّل له نفسه تزييف حقائق الدين الاسلامي الحنيف والأمر الالهي المفروض الطاعة؛ كما قالت أم أبيها سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام: "... وهل ترك أبى يوم الغدير لأحدٍ عذرا ..." - الخصال للصدوق صفحة 173 .
وروى المؤدب عن أحمد الأصبهاني عن الثقفي عن يحيى ابن الحسن بن الفرات، عن هارون بن عبيدة، عن يحيى بن عبد الله بن الحسن قال: قال عمر حين حضره الموت: "أتوب الى الله من ثلاث: اغتصابي هذا الامر أنا وأبو بكر من دون الناس (الخلافة بعد النبي من علي)، واستخلافي عليهم، وتفضيلي المسلمين بعضهم على بعض" - الخصال ١/١٧٠ باب الثلاثة حديث ٢٢٥، بتفصيل في السند.