منتظر العسكري
07-11-2014, 03:44 PM
ما المراد بلهو الحديث في الآية الكريمة
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ}
[سورة لقمان: 6]؛
هل هو خصوص الغناء أم أنّ له معنًى أوسع من هذا؟
http://www.ruqayah.net/question/images/white.gif
http://www.ruqayah.net/images/mainline-r-l.gif
http://www.ruqayah.net/question/images/white.gif الجواب ::
قال بعض المفسرين: نزل قوله:
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ}
في النضر بن الحرث بن علقمة بن كلدة بن عبد الدار بن قصي بن كلاب، كان يتجر فيخرج إلى فارس، فيشتري أخبار الأعاجم، ويحدث بها قريشاً، ويقول لهم: إنّ محمّداً يحدّثكم بحديث عاد وثمود، وأنا أحدثكم بحديث رستم، وإسفنديار، وأخبار الأكاسرة. فيستمعون حديثه، ويتركون استماع القرآن.وقال البعض الآخر: إنّ هذا المقطع من الآيات نزل في رجل اشترى جارية مغنية، وكانت تغنيه ليل نهار فتشغله عن ذكر الله.يقول المفسر الكبير الطبرسي (رحمه الله)، بعد ذكر سبب النزول هذا:
>ويؤيده ما رواه أبو امامة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا يحل تعليم المغنيات، ولا بيعهن، وأثمانهن حرام، وقد نزل تصديق ذلك في كتاب الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي} الآية<
[تفسير مجمع البيان: ج8، ص76].
الكلام في هذه الآيات عن جماعة يقعون تماماً في الطرف المقابل لجماعة المحسنين والمؤمنين الذين ذكروا في الآيات السابقة. الكلام والحديث هنا عن جماعة يستخدمون طاقاتهم من أجل بث اللا هدفية وإضلال المجتمع، ويشترون شقاء وبؤس دنياهم وآخرتهم! فتقول أوّلاً:
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا}
[ضمير "يتخذها " يعود إلى (آيات الكتاب) التي وردت في الآيات السابقة]. ثم تضيف أخيراً: {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ}. إنّ شراء لهو الحديث والكلام الأجوف إما أن يتم عن طريق دفع المال في مقابل سماع الخرافات والأساطير، كما قرأنا ذلك في قصة النضر بن الحارث. أو أن يكون عن طريق شراء المغنيات لعقد مجالس اللهو والباطل والغناء. أو صرف المال بأي شكل كان وفي أي طريق للوصول إلى هذا الهدف غير المشروع، أي لهو الحديث والكلام الفارغ.والعجيب أن عمي القلوب هؤلاء، كانوا يشترون الكلام الباطل واللهو بأغلى القيم والأثمان، ويعرضون عن الآيات الإلهية والحكمة التي منحهم الله إياها مجاناً!ويحتمل أيضاً أن يكون للشراء هنا معنى كنائي، والمراد منه كل أنواع السعي للوصول إلى هذه الغاية. وأما لهو الحديث فإن له معنًى واسعاً يشمل كل نوع من الكلام أو الموسيقى أو الترجيع الذي يؤدي إلى اللهو والغفلة، ويجرّ الإنسان إلى اللا هدفية أو الضلال، سواء كان من قبيل الغناء والألحان والموسيقى المهيجة المثيرة للشهوة والغرائز والميول الشيطانية، أو الكلام الذي يسوق الإنسان إلى الفساد عن طريق محتواه ومضامينه، وقد يكون عن كلا الطريقين كما هو الحال في أشعار وتأليفات المغنين الغرامية العادية المضلّلة في محتواها وألحانها. أو يكون كالقصص الخرافية والأساطير التي تؤدي إلى انحراف الناس عن الصراط المستقيم. أو يكون كلام الاستهزاء والسخرية الذي يطلق بهدف محو الحق وتضعيف أسس ودعائم الإيمان، كالذي ينقلونه عن أبي جهل أنه كان يقف على قريش ويقول: أتريدون أن أطعمكم من الزقوم الذي يتهددنا به محمد؟ ثم يبعث فيحضرون الزبد والتمر، فكان يقول: هذا هو الزقوم ! وبهذا الأسلوب كان يستهزئ بآيات الله.وعلى كل حال، فإن للهو الحديث معنًى واسعاً يتضمّن كل هذه المعاني وأمثالها، وإذا أشارت الروايات الإسلامية وكلمات المفسرين إلى إحداها، فإن ذلك لا يدل مطلقاً على انحصار معنى الآية فيه.وتلاحظ في الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) تعبيرات تبيّن سعة معنى هذه الكلمة، ومن جملتها ما نراه في حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام): " الغناء مجلس لا ينظر الله إلى أهله، وهو مما قال الله عز وجل: ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله " [وسائل الشيعة، ج 12، ص 228 باب تحريم الغناء]. والتعبير ب (لهو الحديث) بدلاً من (حديث اللهو) ربما كان إشارة إلى أن الهدف الأساس لهؤلاء هو اللهو والعبث، والكلام والحديث وسيلة للوصول إليه. ولجملة ليضل عن سبيل الله مفهوم واسع أيضاً، يشمل الإضلال العقائدي، كما قرأنا ذلك في قصة النضر بن الحارث وأبي جهل، وكذلك يشمل الإفساد الأخلاقي كما جاء في أحاديث الغناء.والتعبير ب (بغير علم) إشارة إلى أن هذه الجماعة الضالة المنحرفة لا تؤمن حتى بمذهبها الباطل، بل يتبعون الجهل والتقليد الأعمى لا غير، فإنهم جهلاء يورطون ويشغلون الآخرين بجهلهم.هذا إذا اعتبرنا (بغير علم) وصفاً للمضلّين، إلا أنّ بعض المفسرين اعتبر هذا التعبير وصفاً للضالّين، أي أنهم يجرّون الناس الجهلة إلى وادي الانحراف والباطل دون أن يعلموا بذلك لجهلهم.إنّ هؤلاء المغفلين قد يتمادون في غيهم فلا يقنعون بلهو هذه المسائل، بل إنهم يجعلون كلامهم الأجوف ولهو حديثهم وسيلة للاستهزاء بآيات الله، وهذا هو الذي أشارت إليه نهاية الآية حيث تقول:
{وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا}. *
راجع: الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل: ج13، ص 13 -16.
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ}
[سورة لقمان: 6]؛
هل هو خصوص الغناء أم أنّ له معنًى أوسع من هذا؟
http://www.ruqayah.net/question/images/white.gif
http://www.ruqayah.net/images/mainline-r-l.gif
http://www.ruqayah.net/question/images/white.gif الجواب ::
قال بعض المفسرين: نزل قوله:
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ}
في النضر بن الحرث بن علقمة بن كلدة بن عبد الدار بن قصي بن كلاب، كان يتجر فيخرج إلى فارس، فيشتري أخبار الأعاجم، ويحدث بها قريشاً، ويقول لهم: إنّ محمّداً يحدّثكم بحديث عاد وثمود، وأنا أحدثكم بحديث رستم، وإسفنديار، وأخبار الأكاسرة. فيستمعون حديثه، ويتركون استماع القرآن.وقال البعض الآخر: إنّ هذا المقطع من الآيات نزل في رجل اشترى جارية مغنية، وكانت تغنيه ليل نهار فتشغله عن ذكر الله.يقول المفسر الكبير الطبرسي (رحمه الله)، بعد ذكر سبب النزول هذا:
>ويؤيده ما رواه أبو امامة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا يحل تعليم المغنيات، ولا بيعهن، وأثمانهن حرام، وقد نزل تصديق ذلك في كتاب الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي} الآية<
[تفسير مجمع البيان: ج8، ص76].
الكلام في هذه الآيات عن جماعة يقعون تماماً في الطرف المقابل لجماعة المحسنين والمؤمنين الذين ذكروا في الآيات السابقة. الكلام والحديث هنا عن جماعة يستخدمون طاقاتهم من أجل بث اللا هدفية وإضلال المجتمع، ويشترون شقاء وبؤس دنياهم وآخرتهم! فتقول أوّلاً:
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا}
[ضمير "يتخذها " يعود إلى (آيات الكتاب) التي وردت في الآيات السابقة]. ثم تضيف أخيراً: {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ}. إنّ شراء لهو الحديث والكلام الأجوف إما أن يتم عن طريق دفع المال في مقابل سماع الخرافات والأساطير، كما قرأنا ذلك في قصة النضر بن الحارث. أو أن يكون عن طريق شراء المغنيات لعقد مجالس اللهو والباطل والغناء. أو صرف المال بأي شكل كان وفي أي طريق للوصول إلى هذا الهدف غير المشروع، أي لهو الحديث والكلام الفارغ.والعجيب أن عمي القلوب هؤلاء، كانوا يشترون الكلام الباطل واللهو بأغلى القيم والأثمان، ويعرضون عن الآيات الإلهية والحكمة التي منحهم الله إياها مجاناً!ويحتمل أيضاً أن يكون للشراء هنا معنى كنائي، والمراد منه كل أنواع السعي للوصول إلى هذه الغاية. وأما لهو الحديث فإن له معنًى واسعاً يشمل كل نوع من الكلام أو الموسيقى أو الترجيع الذي يؤدي إلى اللهو والغفلة، ويجرّ الإنسان إلى اللا هدفية أو الضلال، سواء كان من قبيل الغناء والألحان والموسيقى المهيجة المثيرة للشهوة والغرائز والميول الشيطانية، أو الكلام الذي يسوق الإنسان إلى الفساد عن طريق محتواه ومضامينه، وقد يكون عن كلا الطريقين كما هو الحال في أشعار وتأليفات المغنين الغرامية العادية المضلّلة في محتواها وألحانها. أو يكون كالقصص الخرافية والأساطير التي تؤدي إلى انحراف الناس عن الصراط المستقيم. أو يكون كلام الاستهزاء والسخرية الذي يطلق بهدف محو الحق وتضعيف أسس ودعائم الإيمان، كالذي ينقلونه عن أبي جهل أنه كان يقف على قريش ويقول: أتريدون أن أطعمكم من الزقوم الذي يتهددنا به محمد؟ ثم يبعث فيحضرون الزبد والتمر، فكان يقول: هذا هو الزقوم ! وبهذا الأسلوب كان يستهزئ بآيات الله.وعلى كل حال، فإن للهو الحديث معنًى واسعاً يتضمّن كل هذه المعاني وأمثالها، وإذا أشارت الروايات الإسلامية وكلمات المفسرين إلى إحداها، فإن ذلك لا يدل مطلقاً على انحصار معنى الآية فيه.وتلاحظ في الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) تعبيرات تبيّن سعة معنى هذه الكلمة، ومن جملتها ما نراه في حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام): " الغناء مجلس لا ينظر الله إلى أهله، وهو مما قال الله عز وجل: ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله " [وسائل الشيعة، ج 12، ص 228 باب تحريم الغناء]. والتعبير ب (لهو الحديث) بدلاً من (حديث اللهو) ربما كان إشارة إلى أن الهدف الأساس لهؤلاء هو اللهو والعبث، والكلام والحديث وسيلة للوصول إليه. ولجملة ليضل عن سبيل الله مفهوم واسع أيضاً، يشمل الإضلال العقائدي، كما قرأنا ذلك في قصة النضر بن الحارث وأبي جهل، وكذلك يشمل الإفساد الأخلاقي كما جاء في أحاديث الغناء.والتعبير ب (بغير علم) إشارة إلى أن هذه الجماعة الضالة المنحرفة لا تؤمن حتى بمذهبها الباطل، بل يتبعون الجهل والتقليد الأعمى لا غير، فإنهم جهلاء يورطون ويشغلون الآخرين بجهلهم.هذا إذا اعتبرنا (بغير علم) وصفاً للمضلّين، إلا أنّ بعض المفسرين اعتبر هذا التعبير وصفاً للضالّين، أي أنهم يجرّون الناس الجهلة إلى وادي الانحراف والباطل دون أن يعلموا بذلك لجهلهم.إنّ هؤلاء المغفلين قد يتمادون في غيهم فلا يقنعون بلهو هذه المسائل، بل إنهم يجعلون كلامهم الأجوف ولهو حديثهم وسيلة للاستهزاء بآيات الله، وهذا هو الذي أشارت إليه نهاية الآية حيث تقول:
{وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا}. *
راجع: الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل: ج13، ص 13 -16.