نور الامامة
12-12-2014, 06:03 PM
شعار لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)يا حسين(عليه السلام)
بسم الله الرحمن الرحيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }الأنفال24
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم .
تمهيد :ـ
الكثير منا يردد هذا الشعار ولكن فهم معناه يختلف من شخص لآخر , فهنالك من لا يتعدى هذا الشعار لقلقة لسانه , وهنالك من له الفهم البسيط من هذا الشعار , بينما الأولياء يفهمون منه المعنى الأوسع وكلً بحسبه والمرء لا يتعدى فهمه , وهنا أحاول إعطاء صوره من صور هذا الشعار وحسب فهمي البسيط ومن الله التوفيق ,وقد قسمت البحث إلى ثلاثة أبواب :ـ
الباب الأول:- محاولة تسليط الضوء على بعض من معاني التلبية ( مدلول كلمة لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386))
لَبَّيْكَ، أي أنا مُقيمٌ على طاعَتك إلْباباً بَعْدَ إلْبابٍ، وإجابَةٍ، أو مَعْناهُ اتِّجَاهي وقَصْدِي لَكَ، من داري تَلُبُّ دارَهُ، أي تُواجِهُها، أو مَعْناهُ مَحَبَّتي لَكَ، من امْرَأةٌ لَبَّةٌ مُحِبَّةٌ لِزَوْجِها، أو مَعْنَاهُ إخْلاصي لَكَ، مِنْ حَسَبٌ لُبابٌ خالِصٌ. واللَّبُّ اللاَّزِمُ المُقيمُ (القاموس المحيط ص 120)
وهنا وجدت في كلمات السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر (قدس سره)الجواب الوافي واليكم نصه:ـ
[ينبغي أن نأخذ عدة حقائق بنظر الاعتبار:
أولا: أن لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)لا تستعمل إلا مع الإجابة الموافقة أي التي تكون مع الحب والتعاطف النسبي وليس مع البغض. فلو ناداك عدوك لم تقل له لبيك.
ثانياً: ان لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)مهما كان تفسيرها ليس لها الا وظيفة واحدة في اللغة. وهي اجابة المنادي. ولم يدع لها احد غير ذلك.
ثالثاً: ان المنزلة او المرتبة الاجتماعية او غيرها، لم تؤخذ في هذه الاجابة. فهي مطلقة لكل مجيب. ولذا ورد في الحديث القدسي عن الله عز وجل:
لبيك عبدي انت انت في كنفي وكلما قلت قد سمعناه.
ومعه فهذا اللفظ مهما كان منشؤه، اصبح اصطلاحا للإجابة عند النداء. بمنزلة اسم الفعل: اجبتك. ولا اعتقد ان للتثنية اثر يذكر. اذ لو كان مثنى لصح استعماله مفردا ايضا، مع انه ممنوع لغة وغير وارد اطلاقاً. ولو كان مثنى، فمعناه ان اصل الكلمة هكذا، واما الان فقد اصبحت اصطلاحا لمجرد معنى الاجابة.
ولو قلنا انها باقية على معنى التثنية. فهل هناك من كلمة اخرى بدلها للإجابة. طبعاً لا توجد.
وبتعبير اخر، انهم فسروا هذه التثنية للاهتمام بالداعي او المنادي اجابة لك بعد اجابة او اطاعة لك بعد اطاعة. فماذا يقول المجيب اذا لم يكن يقصد هذا الاهتمام. هل يذكر المفرد: لبك. او يقول كلمة اخرى: كل ذلك لا يكون. وهذا معناه انها الكلمة الوحيدة للجواب.
فاذا قال احدهم للآخر: يا فلان. فليس من حقه ان يقول: نعم ولا بلى، ولا ها و لا غيرها. لان لكل واحدة معناها غير المربوط بالمقام فنعم اجابة الاستفهام الاثباتي. وبلى جواب للاستفهام المنفي. فان اردت الاثبات قلت بلى وان اردت النفي قلت: لا. كقوله تعالى: الست بربكم قالوا بلى. لانهم ارادوا الاثبات. واما ها فهي حرف تنبيه وليست حرف جواب.
واما الجواب بجملة او بشبه الجملة كقوله: جئتك او غيرها. فمعناه ترك لفظ الجواب المخصص وابتداؤه رأساً بالكلام. وبتعبير اخر: انه ذكر الجواب بدون الاجابة.
ومعه فلبيك في الحج معناه في عالم المعنى: ان الله تعالى نادى عبده. فقال: يا عبدي او يا فلان. فيقول العبد لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)اللهم لبيك. ونداء الله هذا مأخوذ من معنى الآية الكريمة: واذن في الناس بالحج. او لله على الناس حج البيت. فان معناه يا عبادي حجوا وليس حجوا وحدها.
وكذلك فان العبد ينادي ربه بأحد الاسماء الحسنى كقوله: يا الله ويا رحمن ويا رحيم وغيرها. وهي دعوة او دعاء له في عالم المعنى. فيكون الجواب منه جل جلاله: لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)عبدي انت في كنفي. ولا معنى كما عرفنا ان يقول كنعم أو بلى أو ها أو غيرها.
كما أن إجابة الله سبحانه لعبده بلبيك تمنع لا محالة عن بعض التسفيرات التي ذكروها كالطاعة واللزوم على الطاعة وغيرها فان العبد هو الذي يطيع ربه دون العكس، كما هو المعلوم. وحيث ان اللفظ مستعمل في كلا الموردين بمعنى واحد. فنعلم ان معنى الطاعة غير مأخوذ فيه بالمرة. وكذلك كل ما لا يناسب معنى الربوبية. وإنما ذكره اللغويون نتيجة للتحير في هذا اللفظ العربي الفصيح.
فهذا كله هو الحديث عن التلبية من الناحية اللغوية، وأما جهاتها الأخرى، فهي إما قد سبقت وأما هي موكولة إلى الفقه. ] (ما وراء الفقه ج2 للسيد الشهيد محمد الصدر (قدس سره))
الباب الثاني:ـ ويتكون من نقطتين :ـ-
(1):ـ لماذا التلبية للإمام الحسين(ع)؟
(2):ـ كيف يمكن تطبيق هذا الشعار الإلهي (لبيك يا حسين)؟
(النقطة الأولى):ـ لماذا التلبية للإمام الحسين(ع)؟
يمكن اعطاء صورة لجواب محتمل لهذا السؤال :-
(أ):- توضيح بسيط لمعنى من معاني التلبية للإمام الحسين(ع) :
بعد أن لاحظنا في الباب الأول بعض معاني كلمة (لبيك) فإنها قد تكون إجابة لأمر معين أو طلب أو نداء لجهة ما , فمثلا في الحج (لبيك اللهم لبيك) تكون جواب لنداء سابق قد إشارةَ إليه الآية المباركة (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27),الحج).
و قول (لبيك يا حسين) هو جواب لنداء الإمام الحسين (ع) [هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله ؟ هل من موحد يخاف الله فينا ؟ هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا (بحار الأنوار ج45 ص46) للمجلسي]
(ب):- هل أن هذه التلبية هي بطول التلبية لله أم بعرضها؟
وهذا يتعلق بالهدف الرئيسي الذي طلبه الإمام الحسين (ع) وضحى من اجله...
الهدف الذي خلقنا الله من اجله كما في بعض الآية (56) من سورة الذاريات (وما خلقت الجن والإِنس إِلاّ ليعبدون).
وهو المعنى الذي أشار إليه السيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره) في موسوعته المباركة موسوعة الإمام المهدي(عج)في تاريخ الغيبة الكبرى حيث ذكر فيها( ان الله تبارك وتعالى خلق الخلق متفضلا, ولم يخلقهم عبثا ولم يتركهم هملا. بل خلقهم وهو غني عنهم, لأجل حصولهم على مصالحهم الكبرى ووصولهم إلى كمالهم المنشود, المتمثل بإخلاص العبادة لله تعالى. قال عز من قائل "وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون إذن, فالغرض من الخليقة هو الحصول على هذا الكمال العظيم المتمثل بتوجيه العقيدة والمفهوم إلى الله عز وجل, وقصر السلوك على طاعته وعدله في كل حركة وسكون ).
من أجل هذا الهدف أرسل الله الرسل(ع) وبعث الأنبياء(ع) لهداية العباد وتكاملهم والوصول بهم إلى العبادة المحضة وتحقيق العدل على المعمورة . الذي بذل في سبيله الأولياء والصالحون التضحيات العظيمة وكلهم يدعون لهدف واحد. فكل من يدعوا لذلك الهدف إنما يدعوا لله
إذن فهو داعي الله الذي أمرنا الله عز وجل أن نجيبه ونلبي نداءه كما في الآية (24) الأنفال ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ...)) التي ذكرت أول البحث .
إن سيد الشهداء الحسين(ع) إمام مفترض الطاعة [( لقول الرسول عليه السلام في الحسن والحسين عليهما السلام ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا ) الإرشاد للشيخ المفيد] وهو امتداد لرسول الله(ص) والممثل الحقيقي له ,والداعي الى سبيل الله والمجيب له(ع) مجيب لله(جل جلاله) , فتكون التلبية له (ع) في طول التلبية لله(جل جلاله) وغير منفكة عنها وليست بعرضها , أي أن (لبيك يا حسين) هي (لبيك يا الله)
(ج)هناك خصوصية للامام الحسين(ع):-
خلق الله الخلق على مراتب ودرجات متفاوتة و أشكال متنوعة وأصناف كثيرة وهذا التفاوت والتنوع فيه المُدرَك وغير المُدرَك لقصور العقل البشري على الإحاطة بحقائق الأشياء وعدم فهم الحكمة الإلهية لهذا يجب علينا أن نخضع و نسلم لتلك الحكمة فأن كل شيء واقع ضمن التخطيط الإلهي وتابع للحكمة الإلهية.
و هذا الشعار(لبيك يا حسين) هو واقع ضمن التخطيط والحكمة الإلهية أكيداً .
وأنا هنا لا أدعي فهم ذلك ولكن أحاول أن أعطي صورة وبحسب الرؤية الممكن استنتاجها من الواقع المنظور في الخارج .ولفهم المطلب انقل إليكم ما ذكر في [ الخصائص الحسينية للشيخ جعفر التستري ص 15) فإن الحسين (ع) قد فدى نفسه لهذا الدين ، ومعنى هذا انه لو لم يتحمل تلك المصائب والمصاعب لما كان هناك إسلام ولا مسلمين ، ولا نقول إلا كما قال المصطفى (ص) " الإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء " ، وهكذا اقتضت حكمة الله تعالى أن يكون دوام الإسلام وحفظه بالحسين عليه السلام وكما جاء أيضا بالحديث المبارك أن الله تعالى أبى أن يجري الأمور إلا بأسبابها " والحمد لله عز وجل . وذلك انه لما استولت بنو أمية ، لعنهم الله ، على البلاد ، واظهروا الفساد ، سعوا جاهدين في إخفاء الحق حتى شبّهوا الأمر على الناس ، بحيث جعلوا سبّ الإمام أمير المتقين علي عليه السلام من أجزاء الصلاة ، وادخلوا في أذهان الناس أن بني أمية أئمة الإسلام حقا ، ورسخ هذا الباطل في أذهان الناس منذ طفولتهم ، حيث إنهم اجبروا المعلمين على أن يلقّنوا الأطفال والأجيال في مكاتبهم ومدارسهم هذا الأمر فاعتقد الناس أن هؤلاء أئمة الدين ، وان مخالفتهم ضلالة ,فلما قتل الحسين عليه السلام ومن معه بهذه الكيفية ، وسبيّ من سبيّ بهذه الطريقة المخصوصة ، تنبه الناس والتفتوا إلى أن هؤلاء لو كانوا أئمة حق ما فعلوا ذلك أبدا , ورأوا أن فعلهم هذا لا يطابق دينا ولا مذهبا ولا عدلا ، بل ولا يطابق جور الجائرين على مر التاريخ . فعدلوا عن الاعتقاد بهم ، وتبرؤوا منهم ، وعدل - من هداه الله - إلى الحق وظهرت الشيعة عند ذلك . وأما السنة فعدلوا عن اعتقاد خلافتهم ، وعلموا أنهم حكّام جور ، وجوّزوا لعنهم ، والحقيقة أن الاهتداء إلى الدين الحق بعد ذلك الانحراف بدأ من ثورة الحسين عليه السلام .] , إن فاجعة عاشوراء وما جرى فيها للحسين (ع)و اهل بيته من المصائب العظيمة باقية لم ولن تنسى عبر مر العصور والأجيال , ولمقتل الحسين (ع) حرارة لن تبرد الى يوم القيامة فلولا تلك التضحية للإمام الحسين (ع) من أجل بقاء الإسلام , والحفاظ على تعاليمه . لمات الدين أو اضمحل شيئاً فشيئاً وتحول عن الذي جاء به الرسول الأكرم (ص) . إن لعاشوراء الحسين (ع) خصوصية تجذب القلوب نحوها بقوة عظيمة لا مثيل لها عبر مر العصور,
فكان هذا الارتباط الوثيق بين الحسين(ع) وبين الإسلام
عندئذ يمكن أن نفهم أن التلبية للحسين(ع) هي تلبية للإسلام باسم الامام الحسين (ع).
(النقطة الثانية):- كيف يمكن تطبيق هذا الشعار الإلهي (لبيك يا حسين):-
ولتطبيق هذا الشعار علينا معرفة جهة الحق والاستجابة لندائها لنأخذ التعاليم الإسلامية منها ولا ننخدع بجهة الباطل مهما زورت وتلونت , ويجب أن ينصرها كل من سمع أو علم بندائها فمن لم ينصرها مع تمكنه فمصيره الخسران ودخول النار ولا ينفعه مهما صلى وصام وزكى وطاف بالبيت ... ,فمن لم يجعل نفسه بيد الحسين(ع) لضرب الشياطين و الظالمين فأن ذلك الشخص لا ينفعه رمي الجمار في منى فهو لم يرم شيطانه ونفسه الأمارة بالسوء التي خذلت ولي الله وداعيه (ع) الذي روى بدمه شجرة الدين لكي لا تذبل أو تموت
, فسلام على قطيع الرأس الشريف المحمول على ذلك الرمح الطويل ورحمة الله تعالى وبركاته .وعليه فهذه التلبية و هذه النصرة مستمرة بعد شهادته(ع) في هذا الزمان وفي كل زمان وذلك من خلال تحقيق أهدافه(ع) التي ضحى من اجلها عن طريق إتباع المصلح الذي يسير على نهجه الممثل لجهة الحق في هذا الزمان , فلا يخلو زمان أو مكان من هكذا قاده ومصلحون لان الصراع مستمر بين الحق والباطل.
ففي البحار عن الكافي ج 8 ص 56 تحت رقم 17
عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمه حمزة بن بزيع قال: كتب أبو جعفر عليه السلام إلى سعد الخير:-[بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فقد جاءني كتابك تذكر فيه معرفة مالا ينبغي تركه. وطاعة من رضا الله رضاه، ... ويذكر بعد كلام له(ع),يا أخي إن الله عز وجل جعل في كل من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون معهم على الأذى، يجيبون داعي الله، ويدعون إلى الله فأبصرهم رحمك الله فإنهم في منزلة رفيعة وإن أصابتهم في الدنيا وضيعة، إنهم يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله من العمى، كم من قتيل لا بليس قد أحيوه، وكم من تائه ضال قد هدوه، يبذلون دماءهم دون هلكة العباد، وما أحسن أثرهم على العباد وأقبح آثار العباد عليهم.]
ومعرفة هؤلاء المصلحين الداعين إلى الله غير متعذر على من يريد ذلك بنية خالصة فالمطلوب منه معرفة الحق و به يعرف أهله كما قال امير المؤمنين (ع)(اعرف الحق تعرف أهله).
ومن المصلحين الذين عاصرناهم السيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره) الذي أيقضنا من نومة الغافلين ونزل إلينا وجه لوجه ولم يجلس بين الجدران كغيره ليقرع أسماعنا بتعاليم الدين آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر مخاطباً مختلف العقول وعلى كل المستويات لم يستثني العناوين الدينية ولا العناوين السياسية بل دعي حتى الغجر للتوبة والهداية رحيماً بالجميع بخطاب الإسلام الحقيقي رحمةً للعالمين ,ونجده لم يكتفي بتسطير علمه بكلمات على الورق فقط بل حولها إلى تطبيق عملي رغم كل الصعوبات والاتهامات التي تدمي القلب من عدة جهات محسوبة على الدين وغيرها, فكان العالم العامل والفارس الشجاع المقارع للظلم والطغيان بكل ألوانه وأشكاله ,فكشف الدين المزيف وهدم مخططات ألف عام ونبهنا للقادم من الأيام, فكان داعياً لله سائراً على نهج الحسين(ع) . المهم عنده دين الله مضحيً بنفسه و أولاده لأجل مرضات الله ( جل وعلا).
وتبعه في نفس المسير شبله المقتدى حاملاً للأمانة التي تقاعس عنها الآخرون على الرغم من كثرة الأعداء والمؤامرات التي تحاك ضد بلدنا وباقي بلاد المسلمين فكان هو المدافع والمحامي عن الإسلام والداعي لتوحيد الصفوف ونبذ الفرقة, مقاوم للظلم والظالمين بكل أصناف المقاومة , ليس هذا فحسب بل تقدم بالتمهيد لدولة العدل بخطى حثيثة لتهيئة الأنصار لإمامنا المهدي(عج) ليظهر الدين الحق على جميع المعمورة ,فكان السيد القائد(اعزه الله) الداعي لله في هذا الزمان الصعب الذي كثرة فيه الفتن و أصبحت كقطع الليل المظلم , نصرك الله سيدي بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين, و أرجو الالتفات إلى إني ليس في محل عرض لأعمال السيد القائد (اعزه الله) فهي كثيرة وواضحة للمتابع الذي ينظر بعين سليمة وللمراقب المنصف.
((رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) آل عمران ))
الباب الثالث:- وفيه استعراض لبعض الشبهات التي يطرحها البعض لتشكيك البسطاء حتى في واضحات الشريعة.
الشبهة الأولى:- يقول البعض لا ينبغي أن نقول لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)لغير الله!!
الجواب:-
يكون على هذه الشبهة من جهتين :-
الجهة الأولى :عند العرب إذا ناداك أي شخص كأن يناديك يا فلان يجوز أن تقول له لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)و هذا واضح في كتب اللغة
الجهة الثانية: قولك لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)لأهل الحق أو الجهة الممثلة للحق تكون تلبية لله (جل جلاله )لان جهة الحق تمثل الله (عز وجل) و هذا ما وضح فيما سبق
الشبهة الثانية :- يقول البعض لماذا نردد لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)للإمام الحسين (ع) ولا نرددها لغيره من المعصومين (عليهم السلام) (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)بهذه الكثرة !!
الجواب:-
يكون على هذه الشبهة من جهتين :-
الجهة الأولى :لا يوجد مانع من ترديد لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)لأي واحد من المعصومين (عليهم السلام) (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)فإثبات الشيء لا ينافي ما عداه لأنهم نور واحد وكلهم داعين إلى الله تبارك وتعالى.
الجهة الثانية: هذا التركيز على الإمام الحسين (ع) لخصوصية الإمام الحسين
(ع) و عظيم التضحية التي قام بها بفاجعة كربلاء و وضوح التأثير و الشد العاطفي في الأجيال المتعاقبة وكل ذلك ضمن التخطيط و الحكمة الإلهية
الشبهة الثالثة:- يقول البعض لا أقول لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)يا حسين (ع) فأكون كاذبا فقد لا أستطيع أن أكون مثل أنصاره الذين لبوا نداءهُ !!
الجواب:-
يمكن أن يكون هذا القول صحيح بنسبة معينة ولكن من المعلوم أن هناك عدة درجات للنصرة و حسب علم الشخص و قدرته بالإضافة إلى أن الحسين (ع) يمثل الإسلام و مبادئه الحقة و الشخص الذي يقف و لا يتبع الحق يكون خاسرا بالتأكيد حتى مع فرض و لو تنزلا أن ذلك الشخص لا يكون مع جهة الباطل فان عليه أن يسعى بتطبيق الأوامر الإلهية و بحسب طاقته فما لا يدرك كله لا يترك جله
الشبهة الرابعة:- يقول البعض يمكن ان اطبق التكاليف الشرعية الموضحة في أبواب الفقه من صلاة وصيام وغيرها ...و لا احتاج لمعرفة جهة الحق من اجل هذا التطبيق
الجواب:-
إن التكاليف الشرعية مطلوبة منا ولا يدعي احد غير ذلك لكن عدم معرفة جهة الحق والممثل لها يمكن أن يجرنا إلى المهالك لعدم معرفة المصالح والمفاسد والوقوع في الشبهات وعدم معرفة التكاليف والتدابير المطلوبة للأحداث والأمور المفاجئة ومخططات الأعداء وغيرها من الأمور التي لا يمكننا التنبؤ بها, وربما نكون مثل الذين خرجوا على أمير المؤمنين (ع) رغم إنهم كانوا يصلون و يصومون...كيف كانت عاقبتهم ؟!.
ولا ننسى إن موالاة أولياء الله ومعاداة أعدائه هي من ضمن التكاليف الشرعية المطلوبة منا , فكيف إذن نوالي أولياء الله ونحن لا نعرفهم؟!!!.
وفي ختام هذا المبحث المتواضع اسأل الباري أن يحفظ إمامنا صاحب الزمان (عج) وسيدنا القائد مقتدى الصدر(اعزه الله) وكل المخلصين , وآخر دعوانا أن الحمد له رب العالمين وصلي يا رب على محمد وآله الطيبين الطاهرين
أهم المصادر:ـ
1:- بحار الأنوار للمجلسي
2:- القاموس المحيط
3:- ما وراء الفقه الجزء الثاني للسيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره)
4:- موسوعة الإمام المهدي(عج) تاريخ الغيبة الكبرى للسيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره)
5:-الخصائص الحسينية للشيخ جعفر التستري
بسم الله الرحمن الرحيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }الأنفال24
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم .
تمهيد :ـ
الكثير منا يردد هذا الشعار ولكن فهم معناه يختلف من شخص لآخر , فهنالك من لا يتعدى هذا الشعار لقلقة لسانه , وهنالك من له الفهم البسيط من هذا الشعار , بينما الأولياء يفهمون منه المعنى الأوسع وكلً بحسبه والمرء لا يتعدى فهمه , وهنا أحاول إعطاء صوره من صور هذا الشعار وحسب فهمي البسيط ومن الله التوفيق ,وقد قسمت البحث إلى ثلاثة أبواب :ـ
الباب الأول:- محاولة تسليط الضوء على بعض من معاني التلبية ( مدلول كلمة لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386))
لَبَّيْكَ، أي أنا مُقيمٌ على طاعَتك إلْباباً بَعْدَ إلْبابٍ، وإجابَةٍ، أو مَعْناهُ اتِّجَاهي وقَصْدِي لَكَ، من داري تَلُبُّ دارَهُ، أي تُواجِهُها، أو مَعْناهُ مَحَبَّتي لَكَ، من امْرَأةٌ لَبَّةٌ مُحِبَّةٌ لِزَوْجِها، أو مَعْنَاهُ إخْلاصي لَكَ، مِنْ حَسَبٌ لُبابٌ خالِصٌ. واللَّبُّ اللاَّزِمُ المُقيمُ (القاموس المحيط ص 120)
وهنا وجدت في كلمات السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر (قدس سره)الجواب الوافي واليكم نصه:ـ
[ينبغي أن نأخذ عدة حقائق بنظر الاعتبار:
أولا: أن لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)لا تستعمل إلا مع الإجابة الموافقة أي التي تكون مع الحب والتعاطف النسبي وليس مع البغض. فلو ناداك عدوك لم تقل له لبيك.
ثانياً: ان لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)مهما كان تفسيرها ليس لها الا وظيفة واحدة في اللغة. وهي اجابة المنادي. ولم يدع لها احد غير ذلك.
ثالثاً: ان المنزلة او المرتبة الاجتماعية او غيرها، لم تؤخذ في هذه الاجابة. فهي مطلقة لكل مجيب. ولذا ورد في الحديث القدسي عن الله عز وجل:
لبيك عبدي انت انت في كنفي وكلما قلت قد سمعناه.
ومعه فهذا اللفظ مهما كان منشؤه، اصبح اصطلاحا للإجابة عند النداء. بمنزلة اسم الفعل: اجبتك. ولا اعتقد ان للتثنية اثر يذكر. اذ لو كان مثنى لصح استعماله مفردا ايضا، مع انه ممنوع لغة وغير وارد اطلاقاً. ولو كان مثنى، فمعناه ان اصل الكلمة هكذا، واما الان فقد اصبحت اصطلاحا لمجرد معنى الاجابة.
ولو قلنا انها باقية على معنى التثنية. فهل هناك من كلمة اخرى بدلها للإجابة. طبعاً لا توجد.
وبتعبير اخر، انهم فسروا هذه التثنية للاهتمام بالداعي او المنادي اجابة لك بعد اجابة او اطاعة لك بعد اطاعة. فماذا يقول المجيب اذا لم يكن يقصد هذا الاهتمام. هل يذكر المفرد: لبك. او يقول كلمة اخرى: كل ذلك لا يكون. وهذا معناه انها الكلمة الوحيدة للجواب.
فاذا قال احدهم للآخر: يا فلان. فليس من حقه ان يقول: نعم ولا بلى، ولا ها و لا غيرها. لان لكل واحدة معناها غير المربوط بالمقام فنعم اجابة الاستفهام الاثباتي. وبلى جواب للاستفهام المنفي. فان اردت الاثبات قلت بلى وان اردت النفي قلت: لا. كقوله تعالى: الست بربكم قالوا بلى. لانهم ارادوا الاثبات. واما ها فهي حرف تنبيه وليست حرف جواب.
واما الجواب بجملة او بشبه الجملة كقوله: جئتك او غيرها. فمعناه ترك لفظ الجواب المخصص وابتداؤه رأساً بالكلام. وبتعبير اخر: انه ذكر الجواب بدون الاجابة.
ومعه فلبيك في الحج معناه في عالم المعنى: ان الله تعالى نادى عبده. فقال: يا عبدي او يا فلان. فيقول العبد لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)اللهم لبيك. ونداء الله هذا مأخوذ من معنى الآية الكريمة: واذن في الناس بالحج. او لله على الناس حج البيت. فان معناه يا عبادي حجوا وليس حجوا وحدها.
وكذلك فان العبد ينادي ربه بأحد الاسماء الحسنى كقوله: يا الله ويا رحمن ويا رحيم وغيرها. وهي دعوة او دعاء له في عالم المعنى. فيكون الجواب منه جل جلاله: لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)عبدي انت في كنفي. ولا معنى كما عرفنا ان يقول كنعم أو بلى أو ها أو غيرها.
كما أن إجابة الله سبحانه لعبده بلبيك تمنع لا محالة عن بعض التسفيرات التي ذكروها كالطاعة واللزوم على الطاعة وغيرها فان العبد هو الذي يطيع ربه دون العكس، كما هو المعلوم. وحيث ان اللفظ مستعمل في كلا الموردين بمعنى واحد. فنعلم ان معنى الطاعة غير مأخوذ فيه بالمرة. وكذلك كل ما لا يناسب معنى الربوبية. وإنما ذكره اللغويون نتيجة للتحير في هذا اللفظ العربي الفصيح.
فهذا كله هو الحديث عن التلبية من الناحية اللغوية، وأما جهاتها الأخرى، فهي إما قد سبقت وأما هي موكولة إلى الفقه. ] (ما وراء الفقه ج2 للسيد الشهيد محمد الصدر (قدس سره))
الباب الثاني:ـ ويتكون من نقطتين :ـ-
(1):ـ لماذا التلبية للإمام الحسين(ع)؟
(2):ـ كيف يمكن تطبيق هذا الشعار الإلهي (لبيك يا حسين)؟
(النقطة الأولى):ـ لماذا التلبية للإمام الحسين(ع)؟
يمكن اعطاء صورة لجواب محتمل لهذا السؤال :-
(أ):- توضيح بسيط لمعنى من معاني التلبية للإمام الحسين(ع) :
بعد أن لاحظنا في الباب الأول بعض معاني كلمة (لبيك) فإنها قد تكون إجابة لأمر معين أو طلب أو نداء لجهة ما , فمثلا في الحج (لبيك اللهم لبيك) تكون جواب لنداء سابق قد إشارةَ إليه الآية المباركة (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27),الحج).
و قول (لبيك يا حسين) هو جواب لنداء الإمام الحسين (ع) [هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله ؟ هل من موحد يخاف الله فينا ؟ هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا (بحار الأنوار ج45 ص46) للمجلسي]
(ب):- هل أن هذه التلبية هي بطول التلبية لله أم بعرضها؟
وهذا يتعلق بالهدف الرئيسي الذي طلبه الإمام الحسين (ع) وضحى من اجله...
الهدف الذي خلقنا الله من اجله كما في بعض الآية (56) من سورة الذاريات (وما خلقت الجن والإِنس إِلاّ ليعبدون).
وهو المعنى الذي أشار إليه السيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره) في موسوعته المباركة موسوعة الإمام المهدي(عج)في تاريخ الغيبة الكبرى حيث ذكر فيها( ان الله تبارك وتعالى خلق الخلق متفضلا, ولم يخلقهم عبثا ولم يتركهم هملا. بل خلقهم وهو غني عنهم, لأجل حصولهم على مصالحهم الكبرى ووصولهم إلى كمالهم المنشود, المتمثل بإخلاص العبادة لله تعالى. قال عز من قائل "وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون إذن, فالغرض من الخليقة هو الحصول على هذا الكمال العظيم المتمثل بتوجيه العقيدة والمفهوم إلى الله عز وجل, وقصر السلوك على طاعته وعدله في كل حركة وسكون ).
من أجل هذا الهدف أرسل الله الرسل(ع) وبعث الأنبياء(ع) لهداية العباد وتكاملهم والوصول بهم إلى العبادة المحضة وتحقيق العدل على المعمورة . الذي بذل في سبيله الأولياء والصالحون التضحيات العظيمة وكلهم يدعون لهدف واحد. فكل من يدعوا لذلك الهدف إنما يدعوا لله
إذن فهو داعي الله الذي أمرنا الله عز وجل أن نجيبه ونلبي نداءه كما في الآية (24) الأنفال ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ...)) التي ذكرت أول البحث .
إن سيد الشهداء الحسين(ع) إمام مفترض الطاعة [( لقول الرسول عليه السلام في الحسن والحسين عليهما السلام ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا ) الإرشاد للشيخ المفيد] وهو امتداد لرسول الله(ص) والممثل الحقيقي له ,والداعي الى سبيل الله والمجيب له(ع) مجيب لله(جل جلاله) , فتكون التلبية له (ع) في طول التلبية لله(جل جلاله) وغير منفكة عنها وليست بعرضها , أي أن (لبيك يا حسين) هي (لبيك يا الله)
(ج)هناك خصوصية للامام الحسين(ع):-
خلق الله الخلق على مراتب ودرجات متفاوتة و أشكال متنوعة وأصناف كثيرة وهذا التفاوت والتنوع فيه المُدرَك وغير المُدرَك لقصور العقل البشري على الإحاطة بحقائق الأشياء وعدم فهم الحكمة الإلهية لهذا يجب علينا أن نخضع و نسلم لتلك الحكمة فأن كل شيء واقع ضمن التخطيط الإلهي وتابع للحكمة الإلهية.
و هذا الشعار(لبيك يا حسين) هو واقع ضمن التخطيط والحكمة الإلهية أكيداً .
وأنا هنا لا أدعي فهم ذلك ولكن أحاول أن أعطي صورة وبحسب الرؤية الممكن استنتاجها من الواقع المنظور في الخارج .ولفهم المطلب انقل إليكم ما ذكر في [ الخصائص الحسينية للشيخ جعفر التستري ص 15) فإن الحسين (ع) قد فدى نفسه لهذا الدين ، ومعنى هذا انه لو لم يتحمل تلك المصائب والمصاعب لما كان هناك إسلام ولا مسلمين ، ولا نقول إلا كما قال المصطفى (ص) " الإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء " ، وهكذا اقتضت حكمة الله تعالى أن يكون دوام الإسلام وحفظه بالحسين عليه السلام وكما جاء أيضا بالحديث المبارك أن الله تعالى أبى أن يجري الأمور إلا بأسبابها " والحمد لله عز وجل . وذلك انه لما استولت بنو أمية ، لعنهم الله ، على البلاد ، واظهروا الفساد ، سعوا جاهدين في إخفاء الحق حتى شبّهوا الأمر على الناس ، بحيث جعلوا سبّ الإمام أمير المتقين علي عليه السلام من أجزاء الصلاة ، وادخلوا في أذهان الناس أن بني أمية أئمة الإسلام حقا ، ورسخ هذا الباطل في أذهان الناس منذ طفولتهم ، حيث إنهم اجبروا المعلمين على أن يلقّنوا الأطفال والأجيال في مكاتبهم ومدارسهم هذا الأمر فاعتقد الناس أن هؤلاء أئمة الدين ، وان مخالفتهم ضلالة ,فلما قتل الحسين عليه السلام ومن معه بهذه الكيفية ، وسبيّ من سبيّ بهذه الطريقة المخصوصة ، تنبه الناس والتفتوا إلى أن هؤلاء لو كانوا أئمة حق ما فعلوا ذلك أبدا , ورأوا أن فعلهم هذا لا يطابق دينا ولا مذهبا ولا عدلا ، بل ولا يطابق جور الجائرين على مر التاريخ . فعدلوا عن الاعتقاد بهم ، وتبرؤوا منهم ، وعدل - من هداه الله - إلى الحق وظهرت الشيعة عند ذلك . وأما السنة فعدلوا عن اعتقاد خلافتهم ، وعلموا أنهم حكّام جور ، وجوّزوا لعنهم ، والحقيقة أن الاهتداء إلى الدين الحق بعد ذلك الانحراف بدأ من ثورة الحسين عليه السلام .] , إن فاجعة عاشوراء وما جرى فيها للحسين (ع)و اهل بيته من المصائب العظيمة باقية لم ولن تنسى عبر مر العصور والأجيال , ولمقتل الحسين (ع) حرارة لن تبرد الى يوم القيامة فلولا تلك التضحية للإمام الحسين (ع) من أجل بقاء الإسلام , والحفاظ على تعاليمه . لمات الدين أو اضمحل شيئاً فشيئاً وتحول عن الذي جاء به الرسول الأكرم (ص) . إن لعاشوراء الحسين (ع) خصوصية تجذب القلوب نحوها بقوة عظيمة لا مثيل لها عبر مر العصور,
فكان هذا الارتباط الوثيق بين الحسين(ع) وبين الإسلام
عندئذ يمكن أن نفهم أن التلبية للحسين(ع) هي تلبية للإسلام باسم الامام الحسين (ع).
(النقطة الثانية):- كيف يمكن تطبيق هذا الشعار الإلهي (لبيك يا حسين):-
ولتطبيق هذا الشعار علينا معرفة جهة الحق والاستجابة لندائها لنأخذ التعاليم الإسلامية منها ولا ننخدع بجهة الباطل مهما زورت وتلونت , ويجب أن ينصرها كل من سمع أو علم بندائها فمن لم ينصرها مع تمكنه فمصيره الخسران ودخول النار ولا ينفعه مهما صلى وصام وزكى وطاف بالبيت ... ,فمن لم يجعل نفسه بيد الحسين(ع) لضرب الشياطين و الظالمين فأن ذلك الشخص لا ينفعه رمي الجمار في منى فهو لم يرم شيطانه ونفسه الأمارة بالسوء التي خذلت ولي الله وداعيه (ع) الذي روى بدمه شجرة الدين لكي لا تذبل أو تموت
, فسلام على قطيع الرأس الشريف المحمول على ذلك الرمح الطويل ورحمة الله تعالى وبركاته .وعليه فهذه التلبية و هذه النصرة مستمرة بعد شهادته(ع) في هذا الزمان وفي كل زمان وذلك من خلال تحقيق أهدافه(ع) التي ضحى من اجلها عن طريق إتباع المصلح الذي يسير على نهجه الممثل لجهة الحق في هذا الزمان , فلا يخلو زمان أو مكان من هكذا قاده ومصلحون لان الصراع مستمر بين الحق والباطل.
ففي البحار عن الكافي ج 8 ص 56 تحت رقم 17
عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمه حمزة بن بزيع قال: كتب أبو جعفر عليه السلام إلى سعد الخير:-[بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فقد جاءني كتابك تذكر فيه معرفة مالا ينبغي تركه. وطاعة من رضا الله رضاه، ... ويذكر بعد كلام له(ع),يا أخي إن الله عز وجل جعل في كل من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون معهم على الأذى، يجيبون داعي الله، ويدعون إلى الله فأبصرهم رحمك الله فإنهم في منزلة رفيعة وإن أصابتهم في الدنيا وضيعة، إنهم يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله من العمى، كم من قتيل لا بليس قد أحيوه، وكم من تائه ضال قد هدوه، يبذلون دماءهم دون هلكة العباد، وما أحسن أثرهم على العباد وأقبح آثار العباد عليهم.]
ومعرفة هؤلاء المصلحين الداعين إلى الله غير متعذر على من يريد ذلك بنية خالصة فالمطلوب منه معرفة الحق و به يعرف أهله كما قال امير المؤمنين (ع)(اعرف الحق تعرف أهله).
ومن المصلحين الذين عاصرناهم السيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره) الذي أيقضنا من نومة الغافلين ونزل إلينا وجه لوجه ولم يجلس بين الجدران كغيره ليقرع أسماعنا بتعاليم الدين آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر مخاطباً مختلف العقول وعلى كل المستويات لم يستثني العناوين الدينية ولا العناوين السياسية بل دعي حتى الغجر للتوبة والهداية رحيماً بالجميع بخطاب الإسلام الحقيقي رحمةً للعالمين ,ونجده لم يكتفي بتسطير علمه بكلمات على الورق فقط بل حولها إلى تطبيق عملي رغم كل الصعوبات والاتهامات التي تدمي القلب من عدة جهات محسوبة على الدين وغيرها, فكان العالم العامل والفارس الشجاع المقارع للظلم والطغيان بكل ألوانه وأشكاله ,فكشف الدين المزيف وهدم مخططات ألف عام ونبهنا للقادم من الأيام, فكان داعياً لله سائراً على نهج الحسين(ع) . المهم عنده دين الله مضحيً بنفسه و أولاده لأجل مرضات الله ( جل وعلا).
وتبعه في نفس المسير شبله المقتدى حاملاً للأمانة التي تقاعس عنها الآخرون على الرغم من كثرة الأعداء والمؤامرات التي تحاك ضد بلدنا وباقي بلاد المسلمين فكان هو المدافع والمحامي عن الإسلام والداعي لتوحيد الصفوف ونبذ الفرقة, مقاوم للظلم والظالمين بكل أصناف المقاومة , ليس هذا فحسب بل تقدم بالتمهيد لدولة العدل بخطى حثيثة لتهيئة الأنصار لإمامنا المهدي(عج) ليظهر الدين الحق على جميع المعمورة ,فكان السيد القائد(اعزه الله) الداعي لله في هذا الزمان الصعب الذي كثرة فيه الفتن و أصبحت كقطع الليل المظلم , نصرك الله سيدي بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين, و أرجو الالتفات إلى إني ليس في محل عرض لأعمال السيد القائد (اعزه الله) فهي كثيرة وواضحة للمتابع الذي ينظر بعين سليمة وللمراقب المنصف.
((رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) آل عمران ))
الباب الثالث:- وفيه استعراض لبعض الشبهات التي يطرحها البعض لتشكيك البسطاء حتى في واضحات الشريعة.
الشبهة الأولى:- يقول البعض لا ينبغي أن نقول لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)لغير الله!!
الجواب:-
يكون على هذه الشبهة من جهتين :-
الجهة الأولى :عند العرب إذا ناداك أي شخص كأن يناديك يا فلان يجوز أن تقول له لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)و هذا واضح في كتب اللغة
الجهة الثانية: قولك لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)لأهل الحق أو الجهة الممثلة للحق تكون تلبية لله (جل جلاله )لان جهة الحق تمثل الله (عز وجل) و هذا ما وضح فيما سبق
الشبهة الثانية :- يقول البعض لماذا نردد لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)للإمام الحسين (ع) ولا نرددها لغيره من المعصومين (عليهم السلام) (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)بهذه الكثرة !!
الجواب:-
يكون على هذه الشبهة من جهتين :-
الجهة الأولى :لا يوجد مانع من ترديد لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)لأي واحد من المعصومين (عليهم السلام) (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)فإثبات الشيء لا ينافي ما عداه لأنهم نور واحد وكلهم داعين إلى الله تبارك وتعالى.
الجهة الثانية: هذا التركيز على الإمام الحسين (ع) لخصوصية الإمام الحسين
(ع) و عظيم التضحية التي قام بها بفاجعة كربلاء و وضوح التأثير و الشد العاطفي في الأجيال المتعاقبة وكل ذلك ضمن التخطيط و الحكمة الإلهية
الشبهة الثالثة:- يقول البعض لا أقول لبيك (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=14386)يا حسين (ع) فأكون كاذبا فقد لا أستطيع أن أكون مثل أنصاره الذين لبوا نداءهُ !!
الجواب:-
يمكن أن يكون هذا القول صحيح بنسبة معينة ولكن من المعلوم أن هناك عدة درجات للنصرة و حسب علم الشخص و قدرته بالإضافة إلى أن الحسين (ع) يمثل الإسلام و مبادئه الحقة و الشخص الذي يقف و لا يتبع الحق يكون خاسرا بالتأكيد حتى مع فرض و لو تنزلا أن ذلك الشخص لا يكون مع جهة الباطل فان عليه أن يسعى بتطبيق الأوامر الإلهية و بحسب طاقته فما لا يدرك كله لا يترك جله
الشبهة الرابعة:- يقول البعض يمكن ان اطبق التكاليف الشرعية الموضحة في أبواب الفقه من صلاة وصيام وغيرها ...و لا احتاج لمعرفة جهة الحق من اجل هذا التطبيق
الجواب:-
إن التكاليف الشرعية مطلوبة منا ولا يدعي احد غير ذلك لكن عدم معرفة جهة الحق والممثل لها يمكن أن يجرنا إلى المهالك لعدم معرفة المصالح والمفاسد والوقوع في الشبهات وعدم معرفة التكاليف والتدابير المطلوبة للأحداث والأمور المفاجئة ومخططات الأعداء وغيرها من الأمور التي لا يمكننا التنبؤ بها, وربما نكون مثل الذين خرجوا على أمير المؤمنين (ع) رغم إنهم كانوا يصلون و يصومون...كيف كانت عاقبتهم ؟!.
ولا ننسى إن موالاة أولياء الله ومعاداة أعدائه هي من ضمن التكاليف الشرعية المطلوبة منا , فكيف إذن نوالي أولياء الله ونحن لا نعرفهم؟!!!.
وفي ختام هذا المبحث المتواضع اسأل الباري أن يحفظ إمامنا صاحب الزمان (عج) وسيدنا القائد مقتدى الصدر(اعزه الله) وكل المخلصين , وآخر دعوانا أن الحمد له رب العالمين وصلي يا رب على محمد وآله الطيبين الطاهرين
أهم المصادر:ـ
1:- بحار الأنوار للمجلسي
2:- القاموس المحيط
3:- ما وراء الفقه الجزء الثاني للسيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره)
4:- موسوعة الإمام المهدي(عج) تاريخ الغيبة الكبرى للسيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره)
5:-الخصائص الحسينية للشيخ جعفر التستري