شجون الزهراء
13-01-2015, 02:59 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
عاش بنو إسرائيل قبل بعثة النبي موسى عليه السلام واحدة من أسوأ صور القهر والإذلال والعنصرية وامتهان النفس البشرية. قال تعالى في وصف ذلك: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) [القصص:4] وذلك بعد عقود مديدة من امتلاك القوة والسلطة والمال ابتدأت من عهد النبي يوسف عليه السلام. قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ)[المائدة:20].
نتيجة حتمية:
ولعل هذا كان نتيجةً طبيعيةً لكفرهم بهذه النعمة التي أَخذت بُعدين، بُعداً دنيوياً مادياً، وبُعداً آخر إيمانياً وهو ما جاء في قوله تعالى: (وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ) [غافر:34].
وخلال هذه المدة المظلمة من تاريخهم كانوا ينتظرون من الله أن يخلصهم من هذه العذابات، ويعيد إليهم حريتهم وقوتهم وأمجادهم، وبتعبير التوراة الحاضرة: (وتنهَّد بنو إسرائيل من العبودية وصرخوا فصعد صراخهم إلى الله من أجل العبودية) [سفر الخروج: الإصحاح الثاني].
سنن الله:
فأرسل الله سبحانه إليهم نبيه موسى عليه السلام، فاستبشروا في بداية الأمر: (فآمن الشعب، ولما سمعوا أن الرب افتقد بني إسرائيل وأنه نظر مذلتهم، خرُّوا وسجدوا) [سفر الخروج: الإصحاح الرابع].
ولكنهم استعجلوا النتائج، وتوقَّعوا أنَّ كل مشاكلهم ستُحل وبأقل التضحيات متغافلين عن سنن الله في النصر.
وعمل النبي موسى على أن يبين لهم حقيقة هذه السنة الإلهية: (قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين) [الأعراف:128]. ولكنهم جزعوا وندموا على طلب الفرج من الله ونصرتهم لموسى فالأوضاع قد ساءت، ولا يرون أفقاً واضحاً للأمل ولذا: (قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا) [الأعراف:129]. وكرَّر لهم موسى الوعد مُطَمْئِناً: (قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) [الأعراف:129]. وتحقق كامل هذا الوعد خلال ما يقارب الخمسين سنة!
انتظار الفرج:
وهكذا يعيش المنتظِرون والمتأمّلون لظهور الإمام المهدي عليه السلام حالةً من الدعاء وطلبِ تعجيل الفرج للخلاص من الظلم المحيط بهم، ولكن أكثر الناس يغفلون عن حقيقة أن ظهورَه لا يعني الخلاص الفوري والمباشر.
فظهوره عليه السلام لا يعني أنه سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً في ليلةٍ وضحاها، وفي وقت ينعم فيه الناس بالرخاء والأمن، بل لابد من المخاض العسير والمحن الشديدة التي قد تطول لسنوات قبل أن يتحقق الوعد الإلهي.
وهذا كله محكوم بسنة إلهية: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) [البقرة:214].
سوريا.. العراق.. وغيرهما:
وما يجري في سوريا و العراق و ليبيا و فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين يُعد صورة مصغرة ومبسَّطة من صور هذا المخاض العسير.
فالتكفيريون من ناحري الرؤوس بمناشير قطع الأشجار، ذابحي الأطفال من الوريد إلى الوريد وهم يكبّرون، قاتلي النساء بمدافع الرشاش وهم يضحكون، استجمعوا قواهم، وأيقظوا الخلايا البعثية النائمة وأعلنوا تحقيق حُلمِهم بقيام دولةٍ طائفيةٍ تكفيرية، على أمل أن يكونوا الممهدين لظهور دجالهم.
وأي دجل أكثر من كل الجرائم الوحشية التي يمارسونها علناً باسم الإسلام، إرضاءً لروحهم الهمجية، واستجابةً لأفكارهم السقيمة.. ثم يبثون تسجيلاتها المصوَّرة ويتداولها الجميع، ومع هذا يهرول إليهم البعض، من أنحاء العالم، ويتعاطف معهم آخرون، ويُغَض الطرف عن حشدهم وتمويلهم، متناسين أن خطر هؤلاء التكفيريين لا يقف عند حد العراق أو سوريا.. فإن مساعيَهم للقتل والخراب والسيطرة تفوق هذه المنطقة، وآثارَهم التدميرية لا تتوقف عند حد جغرافي، ولا تُفرِّق بين طائفة وأخرى.
ومن جهة أخرى، لا يفتأ الكيان الصهيوني في إعمال كل أدواته من أجل إخضاع المنطقة لسياساته العدوانية والتسلطية، بالقوة التدميرية، وبالمكر السياسي، وبالألعاب المخابراتية القذرة، وبالاستعانة بالقوى الاستكبارية العالمية، وما جرى على غزة أخيراً ليس إلا حلقة في سلسلة طويلة لا يُعلم آخرها.
مسؤوليتنا:
ولذا فإن مسؤوليتنا لا تقتصر على الدعاء بتعجيل الفرج، إذ يُخاف علينا أن نكون غيرَ مهيَّئين أصلاً لهذا الظهور المنتظَر للمهدي المبشَّر به من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا ظهر ندِمنا وكرَّرنا قول بني إسرائيل: (أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا)، وإذا أمرَنا أن ندخل قريةً مقاتلين ومضحِّين في سبيل الله قلنا: (إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا) فنحن نريد أن ندخلها دون أن نقدم التضحيات، ونريد لها أن تسقط بصورة إعجازية.. وقد نقول له: (فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ).
بل مسؤوليتنا ونحن ندعو بتعجيل الفرج أن نعمل على تهيئة أنفسنا بما يتوافق مع سنة الله في نصر أوليائه، هذه الغاية التي لا تتحقق دون إعداد إيماني وروحي وعملي لنكون الأقوياء في الله ولنصرة وليِّ الله المنتظَر.
فنلكن الوحدويين:
ولعل من أهم مفردات هذا الإعداد هو السعي للتقريب بين المسلمين ولتوحيد الكلمة ونبذ الفرقة التي تمزّق المسلمين إلى وجودات صغيرة وضعيفة، تتغافل عن أعدائها الحقيقيين، وتنشغل بتوافه الأمور، و التي جُلَّ ما حققته هو ترسيخ حالة التباغض والتناحر، وتقديم المبرر لكل متطرف كي يبثَّ سمومَه في جسد هذه الأمة التي رحمها الله بالهداية والمبادئ والقيم، فأدارت ظهرها لذلك كله، وهرولت نحو كل ما يصب عليها اللعنات! ويكفينا أن نستهدي بقول الله تعالى: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)[الأنفال:46].
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
عاش بنو إسرائيل قبل بعثة النبي موسى عليه السلام واحدة من أسوأ صور القهر والإذلال والعنصرية وامتهان النفس البشرية. قال تعالى في وصف ذلك: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) [القصص:4] وذلك بعد عقود مديدة من امتلاك القوة والسلطة والمال ابتدأت من عهد النبي يوسف عليه السلام. قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ)[المائدة:20].
نتيجة حتمية:
ولعل هذا كان نتيجةً طبيعيةً لكفرهم بهذه النعمة التي أَخذت بُعدين، بُعداً دنيوياً مادياً، وبُعداً آخر إيمانياً وهو ما جاء في قوله تعالى: (وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ) [غافر:34].
وخلال هذه المدة المظلمة من تاريخهم كانوا ينتظرون من الله أن يخلصهم من هذه العذابات، ويعيد إليهم حريتهم وقوتهم وأمجادهم، وبتعبير التوراة الحاضرة: (وتنهَّد بنو إسرائيل من العبودية وصرخوا فصعد صراخهم إلى الله من أجل العبودية) [سفر الخروج: الإصحاح الثاني].
سنن الله:
فأرسل الله سبحانه إليهم نبيه موسى عليه السلام، فاستبشروا في بداية الأمر: (فآمن الشعب، ولما سمعوا أن الرب افتقد بني إسرائيل وأنه نظر مذلتهم، خرُّوا وسجدوا) [سفر الخروج: الإصحاح الرابع].
ولكنهم استعجلوا النتائج، وتوقَّعوا أنَّ كل مشاكلهم ستُحل وبأقل التضحيات متغافلين عن سنن الله في النصر.
وعمل النبي موسى على أن يبين لهم حقيقة هذه السنة الإلهية: (قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين) [الأعراف:128]. ولكنهم جزعوا وندموا على طلب الفرج من الله ونصرتهم لموسى فالأوضاع قد ساءت، ولا يرون أفقاً واضحاً للأمل ولذا: (قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا) [الأعراف:129]. وكرَّر لهم موسى الوعد مُطَمْئِناً: (قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) [الأعراف:129]. وتحقق كامل هذا الوعد خلال ما يقارب الخمسين سنة!
انتظار الفرج:
وهكذا يعيش المنتظِرون والمتأمّلون لظهور الإمام المهدي عليه السلام حالةً من الدعاء وطلبِ تعجيل الفرج للخلاص من الظلم المحيط بهم، ولكن أكثر الناس يغفلون عن حقيقة أن ظهورَه لا يعني الخلاص الفوري والمباشر.
فظهوره عليه السلام لا يعني أنه سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً في ليلةٍ وضحاها، وفي وقت ينعم فيه الناس بالرخاء والأمن، بل لابد من المخاض العسير والمحن الشديدة التي قد تطول لسنوات قبل أن يتحقق الوعد الإلهي.
وهذا كله محكوم بسنة إلهية: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) [البقرة:214].
سوريا.. العراق.. وغيرهما:
وما يجري في سوريا و العراق و ليبيا و فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين يُعد صورة مصغرة ومبسَّطة من صور هذا المخاض العسير.
فالتكفيريون من ناحري الرؤوس بمناشير قطع الأشجار، ذابحي الأطفال من الوريد إلى الوريد وهم يكبّرون، قاتلي النساء بمدافع الرشاش وهم يضحكون، استجمعوا قواهم، وأيقظوا الخلايا البعثية النائمة وأعلنوا تحقيق حُلمِهم بقيام دولةٍ طائفيةٍ تكفيرية، على أمل أن يكونوا الممهدين لظهور دجالهم.
وأي دجل أكثر من كل الجرائم الوحشية التي يمارسونها علناً باسم الإسلام، إرضاءً لروحهم الهمجية، واستجابةً لأفكارهم السقيمة.. ثم يبثون تسجيلاتها المصوَّرة ويتداولها الجميع، ومع هذا يهرول إليهم البعض، من أنحاء العالم، ويتعاطف معهم آخرون، ويُغَض الطرف عن حشدهم وتمويلهم، متناسين أن خطر هؤلاء التكفيريين لا يقف عند حد العراق أو سوريا.. فإن مساعيَهم للقتل والخراب والسيطرة تفوق هذه المنطقة، وآثارَهم التدميرية لا تتوقف عند حد جغرافي، ولا تُفرِّق بين طائفة وأخرى.
ومن جهة أخرى، لا يفتأ الكيان الصهيوني في إعمال كل أدواته من أجل إخضاع المنطقة لسياساته العدوانية والتسلطية، بالقوة التدميرية، وبالمكر السياسي، وبالألعاب المخابراتية القذرة، وبالاستعانة بالقوى الاستكبارية العالمية، وما جرى على غزة أخيراً ليس إلا حلقة في سلسلة طويلة لا يُعلم آخرها.
مسؤوليتنا:
ولذا فإن مسؤوليتنا لا تقتصر على الدعاء بتعجيل الفرج، إذ يُخاف علينا أن نكون غيرَ مهيَّئين أصلاً لهذا الظهور المنتظَر للمهدي المبشَّر به من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا ظهر ندِمنا وكرَّرنا قول بني إسرائيل: (أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا)، وإذا أمرَنا أن ندخل قريةً مقاتلين ومضحِّين في سبيل الله قلنا: (إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا) فنحن نريد أن ندخلها دون أن نقدم التضحيات، ونريد لها أن تسقط بصورة إعجازية.. وقد نقول له: (فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ).
بل مسؤوليتنا ونحن ندعو بتعجيل الفرج أن نعمل على تهيئة أنفسنا بما يتوافق مع سنة الله في نصر أوليائه، هذه الغاية التي لا تتحقق دون إعداد إيماني وروحي وعملي لنكون الأقوياء في الله ولنصرة وليِّ الله المنتظَر.
فنلكن الوحدويين:
ولعل من أهم مفردات هذا الإعداد هو السعي للتقريب بين المسلمين ولتوحيد الكلمة ونبذ الفرقة التي تمزّق المسلمين إلى وجودات صغيرة وضعيفة، تتغافل عن أعدائها الحقيقيين، وتنشغل بتوافه الأمور، و التي جُلَّ ما حققته هو ترسيخ حالة التباغض والتناحر، وتقديم المبرر لكل متطرف كي يبثَّ سمومَه في جسد هذه الأمة التي رحمها الله بالهداية والمبادئ والقيم، فأدارت ظهرها لذلك كله، وهرولت نحو كل ما يصب عليها اللعنات! ويكفينا أن نستهدي بقول الله تعالى: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)[الأنفال:46].