العلوية ام موسى
14-01-2015, 12:08 AM
{وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ، وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ، وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ، وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}.
فمضمون الآية: أن الدنيا بما فيها لا تسوى عندنا شيء، وأنا كرب بإمكاني أن أعطي جائزة لمن يكفر بالرحمن.. ولو كانت الدنيا عند الله تعالى تسوى شيئا، لما قدمت كجائزة.. يقول الله عز وجل: نحن لولا المانع لجعلنا سقف بيت الكافر من فضة، جزاء كفره.. {وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ، وَزُخْرُفًا...}.. يقال أن الزخرف هنا المراد به الذهب، أي ذهبّنا بيوتهم أبوابا وسقفا جعلناها من فضة.. ولكن لماذا لا نعمل ذلك؟.. لمانع واحد، وهو أن الناس تفتتن عندما ترى بأن الكافر يثاب على كفره، والمؤمن لا يثاب على إيمانه.. فمن الممكن أن تكون الناس أمة واحدة، أي أن الإيمان سوف يذهب من المجتمع.. والناس تتحول إلى كفرة عندما يرون بأن الكفر فيه امتياز في هذه الدار الدنيا.
{وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ}.. إن هذه الآية من أقوى الآيات في ذم الدنيا، وفي تحقير ما على الأرض من زينة.. وهذه الآية في منتهى التأكيد والبلاغة في أن الدنيا عند الله لا تسوى شيئا، ومتاع باطل.. بحيث أن الله عز وجل مستعد لأن يعطي هذا المتاع الزائل كجائزة لمن يكفر به.. ولكن المانع هو خوف الافتتان حتى عند المؤمنين، فالمؤمن عندما يرى ذلك من الممكن أن يبيع آخرته بالدنيا.
ثم يلفت نظرنا إلى المصيبة العظمى، وهي أن فقدان الدنيا أو أن يفوتكم شيء من متاع الدنيا، ليس ذلك بمصيبة.. وإنما المصيبة هنا: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}.. إن هذه الآية من أشد الآيات تخويفا في القرآن الكريم.. {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ…..} فلان مبتلى بالعشى يعني لا يبصر، أو لا يبصر في الليل، كما بالعشى الليلي.. فالذي يغمض عينه عن ذكر الله، ولا يذكر الله، ولا يرى الله عز وجل، فإن له عقوبة في الدنيا قبل الآخرة.. -إنما يعرف القرآن من خوطب به، ونحن نحب أن نسجل هنا كشهادة ليوم القيامة: إن كل ما قلناه إلى الآن، وما نقوله الآن، وما سنقوله إلى آخر الأمر، إنما ما هو ما نفهمه نحن، وليس هذا إسنادا للمعنى إلى الله عز وجل- هل هذه الآية تنطبق على المنكر لله عز وجل، الذي لا يعترف بالله؟.. أو الذي يعترف كنحن، ولكن لا يذكر الله عز وجل إما مطلقا، أو في بعض الحالات؟.. لعل الآية تنطبق أيضا على الصنف الثاني.. فلم يقل: ومن بارز الله بالكفر، ولم يقل: ومن أنكر وجوده، أو من استهزأ بآياته، إنما قال: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ}.
إن جزاء ذلك مرعب: {نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}.. أي أن الله عز وجل يتركه مع شيطان، كأن الله عز وجل هو الذي يحول بين الشيطان وبين قلوب عباده، فإذا أراد أن يخذل عبده رفع تلك الحماية.. فعندئذ يأتي الشيطان ويعشعش في وجوده، فإن ذلك لا يحتاج إلى معاملة معقدة، وإلى استئذان من الله عز وجل.. والشيطان يخيفه الغضب الإلهي، فإذا رأى الله عز وجل غير غاضب في أن يدخل هذا القلب، ما الذي يمنع الشيطان الذي يستهويه جذب القلوب، وخاصة قلوب المؤمنين.. فالشيطان لذته في الدنيا أن يأتي إلى قلب المؤمن، وخاصة المؤمن الذاكر، والذي له رصيد عند الله عز وجل.. وإلا فإن الإنسان المنحرف سلوكه هذا تحصيل حاصل، والشيطان يريد صيدا دسما بين يديه.
{نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا}.. هذا الشيطان ليس شيطانا خناسا، فالشيطان الخناس نعمة، لأنه يذهب ويأتي، والإنسان كلما ذهب عنه الشيطان عاد إلى رشده {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}.. ولكن هذا الصنف من الشياطين بمثابة الوجود القرين، أي تحول إلى نفس الإنسان، مثل النفس الإنسانية المقترنة بالإنسان مع وجوده، وجزء من كيانه.. فيتحول الإنسان إلى وجود عبارة عن جسم وروح وشيطان.. وهذا الشيطان من الطبيعي إذا تسلط على الروح، فقد تسلط على المملكتين في آن واحد: على مملكتي الروح، والبدن.. فهو له قرين.
إن الإنسان الذي له شيطان قرين، وهذا الاقتران في الذات، وفي الباطن.. هل هذا الإنسان تنفعه المساجد، والمجالس؟.. وهل تنفعه المواعظ؟.. وهل تنفعه الثقافة العامة، والكتاب؟.. وهل تنفعه العبادة؟.. إذا كان من الداخل لا هوية له، فماذا ينفعه الوجود الخارجي؟!.. ولهذا نرى أن الحصى تسبح في يد الرسول، والشجرة تتقدم نحو الرسول، والقمر ينشق بأمر النبي صلى الله عليه واله.. ولكن الذين مردوا على النفاق من أهل المدينة، لم ترق قلوبهم لرسول الله صلى الله عليه وآله.
نحن الآن نبحث التراث الإسلامي لنجد حديثا واحدا صحيحا عن رسول الله (ص)، فإذا وجدنا حديثا متواترا مجمعا عليه، فإن هذا الحديث نجعله في واجهة الكتب.. ولكن الناس في ذلك الوقت بين يدي رسول الله (ص)، وهو في أظهرهم، وكلامه لا يحتاج إلى سند، ولا يحتاج إلى إثبات.. فتأتي القافلة من الشام أو من بلاد أخرى، تحمل الملح والطعام، فيضربون الطبول خارج المسجد، وإذا في يوم الجمعة، والرسول (ص) يخطب فيهم - خطيب الأنبياء، ومقدم السفراء بين يدي الله عز وجل، يقول في القرآن الكريم: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}.. رسول الله، وهو الخطيب الأول في عالم الوجود، تركوه قائما، ولم يبق في المسجد إلا ثلة قليلة، كما يبدو من ظاهر الآية.. لماذا؟.. لأن الشيطان لهم قرين.. هذا الشيطان لا يترك للمؤمن أن يستفيد من وجود رسول الله.. فكيف إذا مات النبي، وفقد الولي، وغاب الوصي؟.. إذاً ما الذي يعطي ضمانة لهذا الإنسان أن يكون على الخط المستقيم؟.. {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} ويا بئس القرين!.. فهو يعيش مدة عمره في قلب بني آدم، وأخيرا يقول له: {حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين}.
فمضمون الآية: أن الدنيا بما فيها لا تسوى عندنا شيء، وأنا كرب بإمكاني أن أعطي جائزة لمن يكفر بالرحمن.. ولو كانت الدنيا عند الله تعالى تسوى شيئا، لما قدمت كجائزة.. يقول الله عز وجل: نحن لولا المانع لجعلنا سقف بيت الكافر من فضة، جزاء كفره.. {وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ، وَزُخْرُفًا...}.. يقال أن الزخرف هنا المراد به الذهب، أي ذهبّنا بيوتهم أبوابا وسقفا جعلناها من فضة.. ولكن لماذا لا نعمل ذلك؟.. لمانع واحد، وهو أن الناس تفتتن عندما ترى بأن الكافر يثاب على كفره، والمؤمن لا يثاب على إيمانه.. فمن الممكن أن تكون الناس أمة واحدة، أي أن الإيمان سوف يذهب من المجتمع.. والناس تتحول إلى كفرة عندما يرون بأن الكفر فيه امتياز في هذه الدار الدنيا.
{وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ}.. إن هذه الآية من أقوى الآيات في ذم الدنيا، وفي تحقير ما على الأرض من زينة.. وهذه الآية في منتهى التأكيد والبلاغة في أن الدنيا عند الله لا تسوى شيئا، ومتاع باطل.. بحيث أن الله عز وجل مستعد لأن يعطي هذا المتاع الزائل كجائزة لمن يكفر به.. ولكن المانع هو خوف الافتتان حتى عند المؤمنين، فالمؤمن عندما يرى ذلك من الممكن أن يبيع آخرته بالدنيا.
ثم يلفت نظرنا إلى المصيبة العظمى، وهي أن فقدان الدنيا أو أن يفوتكم شيء من متاع الدنيا، ليس ذلك بمصيبة.. وإنما المصيبة هنا: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}.. إن هذه الآية من أشد الآيات تخويفا في القرآن الكريم.. {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ…..} فلان مبتلى بالعشى يعني لا يبصر، أو لا يبصر في الليل، كما بالعشى الليلي.. فالذي يغمض عينه عن ذكر الله، ولا يذكر الله، ولا يرى الله عز وجل، فإن له عقوبة في الدنيا قبل الآخرة.. -إنما يعرف القرآن من خوطب به، ونحن نحب أن نسجل هنا كشهادة ليوم القيامة: إن كل ما قلناه إلى الآن، وما نقوله الآن، وما سنقوله إلى آخر الأمر، إنما ما هو ما نفهمه نحن، وليس هذا إسنادا للمعنى إلى الله عز وجل- هل هذه الآية تنطبق على المنكر لله عز وجل، الذي لا يعترف بالله؟.. أو الذي يعترف كنحن، ولكن لا يذكر الله عز وجل إما مطلقا، أو في بعض الحالات؟.. لعل الآية تنطبق أيضا على الصنف الثاني.. فلم يقل: ومن بارز الله بالكفر، ولم يقل: ومن أنكر وجوده، أو من استهزأ بآياته، إنما قال: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ}.
إن جزاء ذلك مرعب: {نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}.. أي أن الله عز وجل يتركه مع شيطان، كأن الله عز وجل هو الذي يحول بين الشيطان وبين قلوب عباده، فإذا أراد أن يخذل عبده رفع تلك الحماية.. فعندئذ يأتي الشيطان ويعشعش في وجوده، فإن ذلك لا يحتاج إلى معاملة معقدة، وإلى استئذان من الله عز وجل.. والشيطان يخيفه الغضب الإلهي، فإذا رأى الله عز وجل غير غاضب في أن يدخل هذا القلب، ما الذي يمنع الشيطان الذي يستهويه جذب القلوب، وخاصة قلوب المؤمنين.. فالشيطان لذته في الدنيا أن يأتي إلى قلب المؤمن، وخاصة المؤمن الذاكر، والذي له رصيد عند الله عز وجل.. وإلا فإن الإنسان المنحرف سلوكه هذا تحصيل حاصل، والشيطان يريد صيدا دسما بين يديه.
{نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا}.. هذا الشيطان ليس شيطانا خناسا، فالشيطان الخناس نعمة، لأنه يذهب ويأتي، والإنسان كلما ذهب عنه الشيطان عاد إلى رشده {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}.. ولكن هذا الصنف من الشياطين بمثابة الوجود القرين، أي تحول إلى نفس الإنسان، مثل النفس الإنسانية المقترنة بالإنسان مع وجوده، وجزء من كيانه.. فيتحول الإنسان إلى وجود عبارة عن جسم وروح وشيطان.. وهذا الشيطان من الطبيعي إذا تسلط على الروح، فقد تسلط على المملكتين في آن واحد: على مملكتي الروح، والبدن.. فهو له قرين.
إن الإنسان الذي له شيطان قرين، وهذا الاقتران في الذات، وفي الباطن.. هل هذا الإنسان تنفعه المساجد، والمجالس؟.. وهل تنفعه المواعظ؟.. وهل تنفعه الثقافة العامة، والكتاب؟.. وهل تنفعه العبادة؟.. إذا كان من الداخل لا هوية له، فماذا ينفعه الوجود الخارجي؟!.. ولهذا نرى أن الحصى تسبح في يد الرسول، والشجرة تتقدم نحو الرسول، والقمر ينشق بأمر النبي صلى الله عليه واله.. ولكن الذين مردوا على النفاق من أهل المدينة، لم ترق قلوبهم لرسول الله صلى الله عليه وآله.
نحن الآن نبحث التراث الإسلامي لنجد حديثا واحدا صحيحا عن رسول الله (ص)، فإذا وجدنا حديثا متواترا مجمعا عليه، فإن هذا الحديث نجعله في واجهة الكتب.. ولكن الناس في ذلك الوقت بين يدي رسول الله (ص)، وهو في أظهرهم، وكلامه لا يحتاج إلى سند، ولا يحتاج إلى إثبات.. فتأتي القافلة من الشام أو من بلاد أخرى، تحمل الملح والطعام، فيضربون الطبول خارج المسجد، وإذا في يوم الجمعة، والرسول (ص) يخطب فيهم - خطيب الأنبياء، ومقدم السفراء بين يدي الله عز وجل، يقول في القرآن الكريم: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}.. رسول الله، وهو الخطيب الأول في عالم الوجود، تركوه قائما، ولم يبق في المسجد إلا ثلة قليلة، كما يبدو من ظاهر الآية.. لماذا؟.. لأن الشيطان لهم قرين.. هذا الشيطان لا يترك للمؤمن أن يستفيد من وجود رسول الله.. فكيف إذا مات النبي، وفقد الولي، وغاب الوصي؟.. إذاً ما الذي يعطي ضمانة لهذا الإنسان أن يكون على الخط المستقيم؟.. {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} ويا بئس القرين!.. فهو يعيش مدة عمره في قلب بني آدم، وأخيرا يقول له: {حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين}.