المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العبوديه قسمان


am-jana
07-02-2015, 04:47 PM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
ما هي حقيقة العبودية ؟ وما معنى كلمة (عبادي) في قوله تعالى في سورة الفجر المباركة \" يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي \" . ولما كُنّي سيد الشهدآء سلام الله عليها بأبي عبدالله , و أي عبودية هي المقصودة في هذه الكنية الشريفة.

الجواب: إن العبودية لله عزّ وجلّ هي توحيد وكمال، بل أفضل مراتب كمال الإنسان؛ لأن فائدة عبوديته ترجع إليه كلها ولا حاجة لله تعالى فيها، ففي عبوديته لله تعالى حريته وتساميه وعلوّه. ومن هنا خاطب اللّه نبيّه في أول سورة الإسراء، قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) ولم يقل «أسرى بنبيّه أو برسوله أو بوليّه»؛ لأن العبودية هي منشأ النبوّة والرسالة ومبدأ الولاية. ومن هنا فإن الدعوة للعبودية هي من أنّ أهمّ أهداف بعثة الأنبياء والمرسلين، الدعوة إلى عبادة الواحد الأحد قال تعالى: (لَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّة رَسُولاً أَنِ اُعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ). ومن الواضح إنّ العبادة كمال للفعل الذي هو الإنسان، لا كمال للفاعل الذي هو الحقّ سبحانه. قال تعالى: (إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ).
لكن من جهة أُخرى نجد أنّ القرآن لا يجعل العبادة هي الغاية النهائية لخلق الإنسان، بل يجعلها غاية متوسّطة، ويرتّب عليها غايات أُخرى: فمنها: من قبيل ما ورد في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(1)، حيث جُعلت التقوى هي الغاية والهدف من العبادة التي خُلق الإنسان لأجلها، والعبادة هي التي تهيّئ الأرضية للوصول إلى هذا الكمال.
ومنها: من قبيل ما ورد في قوله تعالى: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين). حيث جعلت العبادة لبلوغ الكمال النهائي المتمثل في اليقين بالله تعالى.
أما قوله تعالى: (فادخلي في عبادي وادخلي جنتي)، فإن العبودية على قسمين:
الأول: العبودية العامة، وهو كون كل مخلوق عبداً لله تعالى.
الثاني: العبودية الخاصة، والتي هي ملاك الكمال والقرب الإلهي.
ولفظ (عبادي) إشارة إلى الآية الكريمة (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) ـ العبودية الخاصة ـ وهؤلاء استحقوا الدخول إلى الجنة التي أضافها إلى نفسه حيث قال: {وادخلي جنّتي}. ولم تضف الجنة إليه تعالى إلاّ في هذه الآية، وهي تدل على تشريف خاص ومقام مخصوص لهؤلاء.
وهذه الجنة غير تلك الجنة التي عرضها السماوات والأرض؛ فإن للجنة درجات، فدرجة ( جنات تجري من تحتها الأنهار ) غير درجة ( عند مليك مقتدر )، وهما غير ودرجة ( فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ) وهكذا...الخ.
ومصداق هذه الآية الكريمة هو سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام.