المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دروس في علوم القران حلقة 6


الشيخ عباس محمد
20-04-2015, 03:55 PM
أوّل ما نزل من القرآن:
ذُكِرَت أقوال عدّة في تحديد أوّل ما نزل من القرآن، أبرزها التالي:
أ- القول الأوّل: نزول أوّل سورة العلق على النبي صلى الله عليه وآله وسلم , وهو في غار حراء: فعن الإمام الهادي عليه السلام: "...فلما استكمل أربعين سنة، نظر الله عزّ وجلّ إلى قلبه، فوجده أفضل القلوب وأجلها، وأطوعها وأخشعها وأخضعها، فأذن لأبواب السماء ففتحت... ثمّ هبط إليه (جبرائيل عليه السلام)، وأخذ بضبعه وهزّه وقال: يا محمد اقرأ. قال: وما أقرأ؟ قال: يا محمد ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾"1. وعن الإمام الصادق عليه السلام: "أوّل ما نزلَ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾, وآخِر ما نزل عليه: ﴿إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ﴾"2.

ب- القول الثاني: أوّل سورة المدّثّر: روي عن ابن سلمة: سألت جابر بن عبد الله الأنصاري: أيّ القرآن أُنزل قبْل؟ قال: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾, قلت: أو ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾؟ قال: أُحدثكم ما حدَّثنا به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, قال صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّي جاورت بِحراء، فلمّا
103
قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي، فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وشمالي... فنظرت فوقي، فإذا هو (أي جبرائيل عليه السلام) قاعد على عرش بين السماء والأرض، فجئت منه، فأتيت منزل خديجة، فقلت: دثّروني، فأنزل الله: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ﴾"3. وعن جابر بن عبدالله الأنصاري - أيضاً - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحدّث عن فترة الوحي، قال: "فبينما أنا أمشي إذ سمعت هاتفاً من السماء، فرفعت رأسي فإذا المَلَك الذي جاءني بِحراء جالساً على كرسيٍّ بين السماء والأرض، فجُئثت منه فرِقاً ـ أي فزعتُ ـ فرجعت، فقلت: زمِّلوني زمِّلوني، فدثَّروني، فأنزل الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ وهي الأوثان. قال صلى الله عليه وآله وسلم: ثمَّ تتابع الوحي"4.

ومن خلال الجمع بين روايتي جابر بن عبدالله الأنصاري يتبيّن أنّه التبس عليه الأمر في هذه المسألة فظنّ أنّ أولى آيات سورة المدثّر هي أوّل ما نزل من القرآن، والصحيح - بقرينة روايته الثانية - أنّها أوّل ما نزل من القرآن بعد فترة انقطاع خصوص الوحي القرآني عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم , حيث لم تنزل عليه صلى الله عليه وآله وسلم أي آية في هذه الفترة.

ج- القول الثالث: سورة الفاتحة: فعن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام أنّه قال: "سألت النبي عن ثواب القرآن، فأخبرني بثواب سورة سورة على نحو ما نزلت من السماء، فأوّل ما نزل عليه بمكة فاتحة الكتاب، ثمّ ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ...﴾"5. وتجدر الإشارة إلى أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلّي منذ بدء البعثة6، ولا صلاة من دون فاتحة الكتاب7.
104
الصحيح في المسألة: يمكن الجمع بين الروايات الواردة في الأقوال الثلاثة، والخلوص إلى التالي:
- أوّل سورة العلَق نزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تبشيراً ببدء البعثة النبوية المباركة صلى الله عليه وآله وسلم.
- أوّل سورة المدَّثِّر نزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تبشيراً بعودة الوحي بعد فترة من الانقطاع.
- سورة الفاتحة هي أوّل سورة نزلت كاملة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وبصفة كونها سورة من كتاب القرآن.

2- آخر ما نزل من القرآن:
ذُكِرَت أقوال عدّة في تحديد آخر ما نزل من القرآن، أبرزها التالي:
أ- القول الأوّل: سورة النصر: روي أنّه لمّا نزلت هذه السورة قرأها النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أصحابه، ففرحوا واستبشروا، وسمعها العباس فبكى. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ما يبكيك يا عم؟ فقال: أظنّ أنّه قد نعيت إليك نفسك يا رسول الله. فقال: إنّه لكما تقول. فعاش بعدها سنتين ما رؤي فيهما ضاحكاً مستبشراً8. وعن الإمام الصادق عليه السلام: "أوّل ما نزلَ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾, وآخِر ما نزل عليه: ﴿إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ﴾"9.

ب- القول الثاني: سورة براءة: روي أنّ آخِر سورة نزلت براءة، نزلت في السنة التاسعة بعد عام الفتْح، وحجّ بعدها النبي صلى الله عليه وآله وسلم حجّة الوداع في السنة العاشرة للهجرة10.

ج- القول الثالث: قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾11: روي أنّ آخِر آية نزلت قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ
105
ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾12، نزل بها جبرائيل عليه السلام, وقال: ضعْها في رأس المائتين والثمانين من سورة البقرة13. وروي أنّها نزلت بمِنى يوم النحْر في حجَّة الوداع14.

د- القول الرابع: قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾15: روي عن ابن عباس أنّه قال: ولم ينزل بعد هذا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيء من الفرائض في تحليل ولا تحريم16. وروي أنَّها نزلت في مرجع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حجَّة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجّة في غدير خم17.

الصحيح في المسألة: يمكن الجمع بين الروايات الواردة في الأقوال الأربعة، والخلوص إلى التالي:
- آخِر سورة نزلت كاملة هي سورة النصر.
- آخِر سورة نزلت باعتبار مفتتحها هي سورة براءة.
- آية: ﴿وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ...﴾ هي آخر آيات الأحكام نزولاً.
- آية الإكمال هي آخر آيات الوحي نزولاً، فكانت إنذاراً بانتهاء الوحي عليه صلى الله عليه وآله وسلم بالبلاغ والأداء.
106
3- الآية في القرآن:
أ- معنى الآية: الآية في اللغة هي العلامة الظاهرة18. وقد وردت هذه المفردة في موارد عدّة من القرآن الكريم، وأُريدَ في جميعها المعنى اللغوي نفسه، مع مراعاة بعض الجوانب والحيثيات19، منها:
- المعجزة: ﴿سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ...﴾20.

- العلامة الواضحة: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾21.

- البرهان والدليل:﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ﴾22.

- العبرة: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ﴾23.

- الأمر العجيب: ﴿...وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾24.

- مقطع من السورة: سواء أكان كلمة أم أكثر من كلمة, وهو المعنى الاصطلاحي للآية، ومن موارد استخدامه: قوله تعالى: ﴿كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا...﴾25، ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ﴾26.
107
ب- نَظْمُ كلمات القرآن وآياته: يُعدّ الوحي الإلهي العامل الأوحد في نظْم كلمات القرآن الكريم وتركيبها وصياغتها ضمن جمل وآيات، ومن القرائن والأدلّة على ذلك27:
- إنّ لازم إسناد كلام ما إلى متكلِّم خاصّ(وهو الوحي الإلهي بالنسبة للقرآن الكريم)، يستدعي أن يكون هو العامل الأوحد والحصري في نظم كلماته وتركيبها ضمن أسلوب تعبيري خاصّ به. وأمّا إذا كان أحد غيره قام بنظم كلماته بأسلوبه الخاصّ, فإنَّ الكلام حينئذ يُنسب إلى الثاني لا إلى الأوَّل.

- إنّ نظم القرآن الكريم يشكّل وجهاً من وجوه إعجازه، وقد تحدّى الله تعالى به الإنس والجنّ: ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾28، فلو كان لأحد غير الله تعالى يد في نظم كلمات القرآن وصياغتها, لاستلزم ذلك بطلان الإعجاز والتحدّي، وبالتالي إمّا تكذيب صاحب الوحي، وإمّا طرو الجهل عليه. والأوّل باطل بضرورة العقل والشرع، والثاني مثله.

- اتّفاق المسلمون منذ بدء نزول القرآن وإلى عصرنا الحالي على أنَّ النظْم القرآني هو من صُنع الوحي الإلهي، لا دخالة فيه لغيره تعالى.

ج- ترتيب الآيات: إنّ المعيار في ترتيب الآيات ضمن كلِّ سورة - على الترتيب الموجودة عليه الآن في القرآن الذي بين أيدينا- يكمن وفْق ترتيب نزولها، حيث كانت السورة تبتدأ ببسم الله الرحمن الرحيم، فتُسجَّل الآيات التي تنزل بعدها، واحدة تلو الأُخرى تدريجيّاً حسب النزول في السورة نفسها، حتَّى تنزل بسْملة
108
أُخرى، فيُعرَف أنَّ السورة قد انتهت وابتدأت سورة أُخرى29. وإلى ذلك تشير الروايات المأثورة، منها: ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام: "وإنّما كان يُعرَف انقضاء سورة بنزول بسم الله الرحمن الرحيم ابتداءً لأخرى"30.

وما روي عن ابن عباس: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يعرف فصل السورة, حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم31. ووفقاً لهذا المعيار جاء ترتيب الآيات ضمن السوَر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأمر منه وتحت إشرافه. وهو ما خضعت له معظم آيات القرآن.

وهناك معيار استثنائي في نظْم عدد معيّن من الآيات على خلاف ترتيب نزولها, وذلك بنصٍّ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبتعيين منه صلى الله عليه وآله وسلم وتحت إشرافه الخاصّ، حيث كان يأمر - أحياناً - كتّاب الوحي - بأمر من الوحي السماوي - بنقل آية ما، نزلت مع آيات أخرى، ضمن ترتيب سورة معيّنة, كانت قد خُتِمَت مِن قبل، إلى سورة أخرى. وهذا العمل كان استثنائياً في الخروج عن ترتيب النزول، وهو يحتاج كما تقدّم إلى تصريح خاصّ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وإلى ذلك تشير الروايات, حيث روى أحمد في مسنده عن عثمان بن أبي العاص قال: كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ شخَصَ ببصرِه ثمَّ صوَّبه... فقال: "أتاني جبرائيل فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع من هذه السورة ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾32"33. وروي أنَّ آخِر آية نزلت قولُهُ تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ﴾34 فأشار
109
جبرائيل أن توضع بين آيتَي الرِبا والدَين من سورة البقرة35. وروي أنّها آخِر آية نزل بها جبرائيل عليه السلام, وقال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: ضعْها في رأس المائتين والثمانين من سورة البقرة36. وروي عن ابن عبّاس: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السوَر ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض مَن كان يكتب فيقول: "ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا"37.
د- عدد آيات القرآن وكلماته وحروفه:
- عدد آيات القرآن: اختلف الباحثون في القرآن الكريم في تحديد عدد آيات القرآن، وأرجع البعض هذا الاختلاف إلى أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقف على رؤوس الآي للتوقيف، فإذا علم محلّها وصل للتمام، فيحسب السامع حينئذ أنّها ليست فاصلة. وقد أجمعوا على أنّ عدد آيات القرآن ستة آلاف آية، ثمّ اختلفوا في ما زاد على ذلك على أقوال: فمنهم من لم يزد، ومنهم من قال ومائتا آية وأربع آيات، وقيل وأربع عشرة، وقيل وستّ عشر، وقيل وتسع عشرة، وقيل وخمس وعشرون، وقيل وستّ وثلاثون38. وروي عن الإمام علي عليه السلام أنّه قال: "سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ثواب القرآن... ثمّ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم... وجميع آيات القرآن ستة آلاف ومائتان وست وثلاثون آية..."39.

- عدد كلمات القرآن: وقع الاختلاف بين الباحثين في عدد كلمات القرآن، فذكر بعضهم أنّه: سبع وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وسبع وثلاثون كلمة40. وقيل غير ذلك. ولعلّ سبب الاختلاف في عدد كلمات القرآن راجع إلى أنّ للكلمة حقيقة
110
ومجاز، ولفظ ورسم، واعتبار كلّ منها جائز، وكلّ من العلماء اعتبر أحد ما هو جائز41.

- عدد حروف القرآن: روي عن ابن عباس أنّه قال: جميع حروف القرآن ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألف حرف وستمائة حرف وواحد وسبعون حرفاً42، وقيل: حروفه ثلاثمائة ألف وثلاثة وعشرون ألفاً وخمسة عشر حرفاً. وقيل: ثلاثمائة ألف حرف وأحد وعشرون ألف حرف. وقيل: ثلاثمائة ألف وأربعون ألف وسبعمائة وأربعون حرفاً43. وروي عن الإمام علي عليه السلام أنّه قال: "سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ثواب القرآن... ثمّ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم... وجميع حروف القرآن ثلاثمائة ألف وواحد وعشرون ألف ومائتان وخمسون حرفاً..."44.
111
الأفكار الرئيسة1- أول ما نزل من القرآن: الآيات الأولى من سورة العلَق.
2- آخر ما نزل من القرآن: آية الإكمال.

3- الآية في اللغة: العلامة الظاهرة. وفي الاصطلاح القرآني: مقطع من السورة, سواء أكان كلمة أم أكثر.
4- الوحي الإلهي هو العامل الأوحد في نظْم كلمات القرآن وتركيبها وصياغتها ضمن جمل وآيات.

5- المعيار في ترتيب الآيات ضمن كلِّ سورة هو وفْق ترتيب نزولها. وهناك معيار استثنائي في نظْم عدد معيّن من الآيات على خلاف ترتيب نزولها, وذلك بنصٍّ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبتعيين منه صلى الله عليه وآله وسلم.

6- يوجد اختلاف في تحديد عدد آيات القرآن وكلماته وحروفه, ترجع إلى عوامل عدّة، منها: عدم وقوف النبي صلى الله عليه وآله وسلم -أحياناً- أثناء القراءة على رؤوس الآيات، فيحسب السامع أنّها ليست فاصلة، ومنها: أنّ للكلمة حقيقة ومجاز ولفظ ورسم...
فكّر وأجب1- أَجِبْ بـ "صحّ" أو "خطأ":
- أوّل ما نزل من القرآن: الآيات الأولى من سورة المدّثّر.
- آخر ما نزل من القرآن: آية الإكمال.
- نظْم كلمات القرآن الكريم ضمن جمل وآيات هو نظم توقيفي يرجع إلى الوحي الإلهي.

2- أَجِبْ باختصار:
- تكلّم عن معنى الآية في القرآن وأنحاء استخدامها فيه؟
- اذكر الأقوال في تحديد آخر ما نزل من القرآن, مبيّناً كيفية الجمع بينها؟
- هل نظم الآيات ضمن السور توقيفي أم باجتهاد من الصحابة؟
مطالعةفوائد معرفة الآيات45
إنّ لمعرفة الآيات فوائد وآثار عدّة، منها: العلم بأنّ كلّ ثلاث آيات قصار معجزة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم , كما في سورة الكوثر، وفي حكمها الآية المساوية لها طولاً. ومنها: حسن الوقف على رؤوس الآي عند القراءة. ومنها: ترتّب بعض الأحكام الفقهية عليها, كما في الصلاة والخطبة.

الآيات ذوات العنوان46
يوجد مجموعة من الآيات التي ارتبطت بعنوان ما ورد ذكره في الروايات واشتهر تداوله بين المسلمين، فأضحى بمثابة المسمّى لها، ومن هذه الآيات ذوات العنوان:
أ- آية الكرسي: ﴿اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ... وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ...﴾47.
ب- آية الربا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾48.
ج- آية الدين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ...﴾49.
د- آية المباهلة: ﴿فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ...﴾50.
هـ- آية إكمال الدين: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي...﴾51.
و- آية الإفك: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ...﴾52.
ز- آية النور: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ...﴾53.
ح- آية التطهير: ﴿...إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾54.
مصادر الدرس ومراجعه1- القرآن الكريم.
2- تفسير الإمام العسكري عليه السلام, ح78، ص157-158.
3- الكليني، الكافي، ج2، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح5، ص628.
4- ابن حنبل، مسند أحمد، ج1، ص57, ج3، ص306, ج4، ص218.
5- النيسابوري، الجامع الصحيح(صحيح مسلم)، باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, ص98.
6- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج1، ص74, ج2، ص214, ج3،ص273, ج5، ص5, ج10، ص212، 467.
7- النيسابوري، روضة الواعظين، باب الكلام في مبعث نبيّنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم, ص52.
8- الإحسائي، عوالي اللئالي، ص196.
9- اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص112.
10- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج1، ص168.
11- الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص101.
12- الزركشي، البرهان في علوم القرآن, ج1، ص249، 256-257، 266-267.
13- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج1، ص274-275، 281-283.
14- معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج1، 278-284.
15- السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج1، ص167-171، 182.
16- العياشي، تفسير العيّاشي، ج1، ص19.
17- السجستاني، سنن أبي داوود، ج1، ح788، ص183.
هوامش1- انظر: تفسير الإمام العسكري عليه السلام, م.س، ح78، ص157-158.
2- الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج2، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح5، ص628.
3- انظر: ابن حنبل، مسند أحمد، م.س، ج3، ص306.
4- النيسابوري، مسلم: الجامع الصحيح(صحيح مسلم)، لاط، بيروت، دار الفكر، لات، ج1، كتاب الإيمان، باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, ص98.
5- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج10، ص212.
6- انظر: النيسابوري، محمد بن الفتّال: روضة الواعظين، تقديم محمد مهدي السيد حسن الخرسان، لاط، قم المقدّسة، منشورات الشريف الرضي، لات، باب الكلام في مبعث نبيّنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم, ص52.
7- انظر: الإحسائي، ابن أبي جمهور: عوالي اللئالي، تقديم شهاب الدين النجفي المرعشي, تحقيق مجتبى العراقي، ط1، قم المقدّسة، مطبعة سيد الشهداء عليه السلام, 1403هـ.ق/ 1983م، ص196.
8- انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج10، ص467.
9- الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج2، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح5، ص628.
10- انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج5، ص5.
11- سورة البقرة، الآية: 281.
12- سورة البقرة، الآية: 281.
13- انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج2، ص214.
14- انظر: م. ن، ج1، ص74.
15- سورة المائدة، الآية: 3.
16- انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج3،ص273.
17- اليعقوبي، أحمد بن ابي يعقوب: تاريخ اليعقوبي، لاط، بيروت، دار صادر، لات، ج2، ص112.
18- انظر: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج1، مادّة"أيي"، ص168, الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادّة"أيي"، ص101.
19- انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن, م.س، ج1، ص266-267, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص274-275.
20- سورة البقرة، الآية: 211.
21- سورة البقرة، الآية: 248.
22- سورة الروم، الآية: 22.
23- سورة هود، الآية: 103.
24- سورة الأنبياء، الآية: 91.
25- سورة فصلت، الآية: 3.
26- سورة يونس، الآية: 1.
27- انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج1، ص278-279.
28- سورة الإسراء، الآية: 88.
29- انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص256-257, السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص167-170, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص281-282, معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج1، ص280-284.
30- العياشي، تفسير العيّاشي، م.س، ج1، ص19.
31- السجستاني، سليمان بن الأشعث: سنن أبي داوود، تحقيق وتعليق سعيد محمد اللحام، ط1، بيروت، دار الفكر، 1410هـ.ق/ 1990م، ج1، ح788، ص183.
32- سورة النحل، الآية: 90.
33- ابن حنبل، مسند أحمد، م.س، ج4، ص218.
34- سورة البقرة، الآية: 281.
35- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص171.
36- انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج2، ص214.
37- ابن حنبل، مسند أحمد، م.س، ج1، ص57.
38- انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص249, السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص182.
39- انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج10، ص212.
40- انظر الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص249.
41- انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص282-283.
42- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص182.
43- انظر الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص249.
44- انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج10، ص212.
45- انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص188-189, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص279-280.
46- انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج2، ص157, ص211, ص219, ص309-310, ج3، ص273-274, ج7، ص228-230, ص249-250, ج8، ص155-157.
47- سورة البقرة، الآية: 255.
48- سورة البقرة، الآية: 278.
49- سورة البقرة، الآية: 282، وهي أطول آية في القرآن الكريم.
50- سورة آل عمران، الآية: 61.
51- سورة المائدة، الآية: 3.
52- سورة النور، الآية: 11.
53- سورة النور، الآية: 35.
54- سورة الأحزاب، الآية: 33.