المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفرق في معنى (التطهير) في الآية عن معناه في بقية الآيات


الشيخ عباس محمد
22-08-2015, 07:48 PM
الفرق في معنى (التطهير) في الآية عن معناه في بقية الآياتسؤالي يدور حول آية التطهير، فأبناء السُنّة يقولون: إنّ الآية كانت عادية، فلم ترفع أهل البيت إلى مستوى العصمة، واستدلّوا بقوله: (( وَيُنَزِّلُ عَلَيكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذهِبَ عَنكُم رِجزَ الشَّيطَانِ )) (الأنفال:11)، ويقولون: إنّ التطهير كان في هذه الآية للمؤمنين، كما سبق في آية التطهير، فما الفرق بين الآيتان.
الجواب:

إنّ التطهير في قوله: (( وَيُنَزِّلُ عَلَيكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذهِبَ عَنكُم رِجزَ الشَّيطَانِ ))، وكذا في قوله: (( مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجعَلَ عَلَيكُم مِّن حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُم وَلِيُتِمَّ نِعمَتَهُ )) (المائدة:6)، يختلف عنه في قوله: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) (الاحزاب:33).
لأنّه هناك عامّ لجميع المسلمين، والمقصود منه فيهما رفع الحدث، سواء الوضوء كما في آية المائدة، أو الجنابة كما في آية الأنفال.
أمّا آية التطهير ففيها خصوصيات كثيرة، تجعلها لا تشابه أية آية أُخرى في ذكر التطهير، منها:
1- أداة الحصر (( إِنَّمَا )) فهي تدلّ على حصر الإرادة في إذهاب الرجس والتطهير.
2ـ كلمة (( أَهلَ البَيتِ )) سواء كان لمجرد الإختصاص أو مدحاً أو نداءً يدل على اختصاص إذهاب الرجس والتطهير بالمخاطبين بقوله: (( عَنكُمُ )).
ففي الآية في الحقيقة قصران: قصر الإرادة في إذهاب الرجس والتطهير، وقصر إذهاب الرجس والتطهير في أهل البيت(عليهم السلام).
3- قوله: (( وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) يدلّ على العصمة، لأنّ المراد بالتطهير المؤكّد بمصدر فعله، هو إزالة أثر الرجس بإيراد ما يقابله بعد إذهاب أصله، ومن المعلوم أنّ ما يقابل الاعتقاد الباطل هو الاعتقاد الحقّ، فتطهيرهم هو تجهيزهم بإدراك الحقّ في الاعتقاد والعمل، ويكون المراد بالإرادة أيضاً غير الإرادة التشريعية.
4- اللام في كلمة (( الرِّجسَ )) لام الجنس، والمراد من الرجس كلّ ما يشين كما ذُكر في كتاب اللغة.
ففي الآيات الأُخرى من القرآن تتكلّم عن التطهير من النجاسات المادّية أو المعنوية، كالغسل والوضوء، أمّا في هذه الآية، فالطهارة هنا أعمّ وأشمل من كلّ نجاسة وقذر ومعصية وشرك وعذاب، فهي تتكلّم عن أعلى مراتب الطهارة لا مرتبة بسيطة من مراتب الطهارة، كما في الآيات الأُخريات.
وبالتالي فآية التطهير تدلّ على الطهارة بأعلى درجاتها، وهي ما نسمّيه بالعصمة، وأمّا ما سواها من الآيات التي تذكر تطهير المؤمنين فلا ترتقي قطعاً لهذه الآية ولا تشابهها، وإنّما تدلّ على طهارة مادّية أو معنوية، كالوضوء والتيمم والغسل وما شابه.
وأدلّ دليل على مدّعانا، ما رواه العامّة والخاصّة في الصحاح ـ كمسلم وغيره ـ من تطبيق النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لهذه الآية بدقّة عالية، من جمع أهل البيت(عليهم السلام) المخصوصين بالعصمة معه، ووضعه الكساء عليهم، وعدم إدخال أحد معهم، حتّى أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة رفض إدخالها، مع مكانتها وتقواها، وبيّن اختصاص أهل البيت(عليهم السلام) بهذه الآية مع طلبها الشديد، وأخذها الكساء، فهي تخبرنا بأنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) جذب منها الكساء، وقال لها: (ابق إلى مكانك إنّك إلى خير)، وفي رواية: (أنت من أزواج النبيّ)، مع ما يحمله النبيّ الأعظم(صلّى الله عليه وآله وسلّم) من خُلق عظيم، وعدم ردّ طلب أيّ أحد، ناهيك عن نساءه، بل أعزّ واتقى نساءه في زمانها ـ أي بعد خديجة ـ ولكن الحقّ أحقّ أن يُتّبع.
ثمّ إخراج يده الشريفة من الكساء ورفعها إلى السماء، ودعا ربّ السماء بأنّ هؤلاء هم أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، فأين هذه الآية من تلك؟