الشيخ عباس محمد
22-08-2015, 11:21 PM
حقّ الطلاق للرجل
إنّ الإسلام أعطى سلطة الطلاق والولاية عليه بيد الزوج ، فهل هذا يدلّ على أنّ الزوج أكمل من المرأة؟
الجواب : إنّ إعطاء سلطة الطلاق بيد الزوج لا يدلّ على أنّه أكمل من الناحية الإنسانية ، بل من أجل أنّ الطلاق إجراء خطير جداً يؤدي إلى حلّ كيان الأُسرة من العلاقة الزوجية ، وهو إجراء مكروه اشدّ الكراهة في الشريعة في غير حالات الضرورة الانفصالية بين الزوجين .
فالاُسرة مؤسسة يكون الزوج مسؤول فيها وعنها ، وهي لا تخلو من خلافات في المسلك الاختياري ، وخلافات خارجة عن إرادتهما كالعقم أو المرض أو العجز الجنسي مثلاً .
فجعل الطلاق بيد الزوج هو أسلم من جعله بيد الزوجة فقط أو بيد كلّ منهما . وتوضيح ذلك :
1 ـ إذا جعلنا الطلاق بيد الزوجة فقط على نحو الاستقلال ، فهو إجراء فاسد ; لأنّ المرأة لها تكوين نفسي عاطفي ، وهو حالة صحيّة وجيّدة وفضيلة لها إذا كان مجالها الأُسرة الأبوية أو الزوجية حيث تكون هذه العاطفة سبباً للتلاحم والاستقرار .
أمّا التكوين النفسي والعاطفي إذا كان في مجال سلطة الطلاق ، فإنّه سوف يؤدي إلى تفكيك الأُسرة الزوجية وحلّها ، فتكون العاطفة هنا عاملاً سلبياً ضارّاً يهدد الأُسرة بالتفكيك والانحلال ; لأنّ سرعة التأثر العاطفي عند المرأة تدفع المرأة إلى
الاستجابة باستخدام سلطة الطلاق عند أيّ خلاف بين الزوجين .
بالإضافة إلى أنّ المرأة تنظر إلى أنّها قد استلمت المهر من الزوج الأول ، فما هو المانع من حلّ هذه العلاقة واقتران بزوج جديد بمهر جديد؟ ما دام أنّ الزواج الثاني يوفّر لها أجواء جديدة ومهراً جديداً ، فهي قد تقدم على هدم هذا البيت الزوجي التي لم تساهم في إنشائه .
فإنّ الزوج هو الذي دفع المهر إلى الزوجة ، وهو الذي دفع نفقات العرس والزفاف ، وهو الذي أوجد البيت ، وهو الذي أثّثه ، وهو المنفق على الزوجة والأولاد ، وهو الذي يدفع نفقة الزوجة أثناء عدّتها بعد الطلاق ، والزوجة هي المستفيدة من كلّ هذه الاُمور ، فإن جعلنا الطلاق بيدها يعني ذلك أننا قد سلّطنا المرأة على تدمير مؤسسة البيت الزوجي من دون أن تتحمل في تكوينها أيّ نفقات ، وبهذا سوف نعرّض الزواج إلى نكبة اقتصادية من دون أن يكون له أي اختيار في ذلك .
2 ـ إذا جعلنا سلطة الطلاق بيد طرف ثالث (كالمحكمة) فهو أمر فاسد أيضاً ; وذلك لأنّه يجعل أسرار الحياة الزوجية (الجنسية وغيرها) عرضة للهتك والتداول بين الناس ، وقد تنمو الاتهامات وتتحول إلى حقائق تمسّ شرف الزوجين وعفتهما ، وحينئذ يستعصي الحلّ لهذه الخلافات والأسرار الزوجية ، وهذا ما يؤدي إلى الطلاق أو شلّ الحياة الزوجية وتعطيلها من دون طلاق .
إذاً لم يبق لدينا إلاّ أن يكون الطلاق بيد الزوج مستقلاً فهو الحل الأنجع ; لأنّ الزوج هو الذي أقام هذه المؤسسة الزوجية بتقديم المهر ونفقات الزواج وتهيئة البيت والأثاث والنفقة ، فإن أراد أن يهدم هذه المؤسسة فهو المتضرّر الأول والأخير من الطلاق ، وهو الذي سيتحمّل نفقات ومهراً جديداً لبناء بيت زوجي جديد ، ولهذا فسوف يفكّر كثيراً في الطلاق ولا يقدم عليه إلاّ في حالات نادرة .
ومع هذه فقد جعل الشارع شروطاً للطلاق الصحيح لعلّ المقصود منها زيادة التفكير في قرار الطلاق ، ومن هذه الشروط أن يقع الطلاق في طهر لم يواقعها فيه ، وأمام شاهدين عادلين (على مذهب الإمامية) ، ولا تحصل البينونة بمجرّد الطلاق اللفظي ، بل لابدّ من اعتداد الزوجة في بيت الزوجية بثلاث حيضات ، وهذه الاُمور كثيراً ما تدفع الزوج إلى مراجعة قراره السابق بالطلاق وإعادة العلقة الزوجية .
ثمّ إنّه تتمكن الزوجة أن تكون وكيلة عن الزوج (في عقد زواجها) في طلاق نفسها في موارد معيّنة ، كحبس الزوج لمدة طويلة ، أو إذا ثبت اعتياده على المخدرات ، أو إذا قصّر في القيمومة الملقاة على عاتقه ، فإذا حصل أحد هذه الاُمور فهي تطلّق نفسها عن الزوج وكالة عنه (وهذه الوكالة غير قابلة للعزل)(1) .
كما أنّ الزوجة لها الحقّ في رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي طالبة منه الطلاق في حالة عدم انفاق الزوج على زوجته ، أو في حالة عدم الانسجام التام بين الزوجين بحيث تحولّت حياتهما الزوجية إلى جحيم دائم ، ولم يوافق الزوج على الانفاق واتخذ طريق العناد والاضرار بالزوجة . ولم يوافق على قبول الخلع لأجل طلاق زوجته منه الكارهة له التي لا تتمكن من الحياة معه ، ففي هذه الصور ، إذا ثبت عند الحاكم الشرعي معاندة الزوج لزوجته وإصراره على أذيّتها فينذره بالطلاق الاختياري أو يطلّق هو عنه ، فإن لم يطلّق اختياراً طلّق الحاكم الشرعي هذه الزوجة في هذه الحالة .
____________
1- وقد أفتى بعض الفقهاء ومنهم السيد الخوئي فقال : "كما يجوز "للمرأة" أن تشترط الوكالة على طلاق نفسها عند ارتكابه (الزوج) بعض الاُمور من سفر طويل أو جريمة موجبة لحبسه أو غير ذلك ، فتكون حينئذ وكيلة على طلاق نفسها ، ولا يجوز له عزلها ، فإذا اطلّقت نفسها فصحّ طلاقها" راجع منهاج الصالحين 2 : كتاب الطلاق مسألة 1359 .
وطلاق الزوجة نفسها هنا ليس كما في صورة إعطاء حقّ الطلاق للزوجة استقلالاً ; لأن الزوج في صورة جعلها وكيلة عنه في طلاق نفسها في موارد معينة مثلاً يكون قد مارس حقّه في الطلاق بتفويض زوجته ، فهو الذي أعطاها هذه السلطة باختياره عن وعي منه .
إنّ الإسلام أعطى سلطة الطلاق والولاية عليه بيد الزوج ، فهل هذا يدلّ على أنّ الزوج أكمل من المرأة؟
الجواب : إنّ إعطاء سلطة الطلاق بيد الزوج لا يدلّ على أنّه أكمل من الناحية الإنسانية ، بل من أجل أنّ الطلاق إجراء خطير جداً يؤدي إلى حلّ كيان الأُسرة من العلاقة الزوجية ، وهو إجراء مكروه اشدّ الكراهة في الشريعة في غير حالات الضرورة الانفصالية بين الزوجين .
فالاُسرة مؤسسة يكون الزوج مسؤول فيها وعنها ، وهي لا تخلو من خلافات في المسلك الاختياري ، وخلافات خارجة عن إرادتهما كالعقم أو المرض أو العجز الجنسي مثلاً .
فجعل الطلاق بيد الزوج هو أسلم من جعله بيد الزوجة فقط أو بيد كلّ منهما . وتوضيح ذلك :
1 ـ إذا جعلنا الطلاق بيد الزوجة فقط على نحو الاستقلال ، فهو إجراء فاسد ; لأنّ المرأة لها تكوين نفسي عاطفي ، وهو حالة صحيّة وجيّدة وفضيلة لها إذا كان مجالها الأُسرة الأبوية أو الزوجية حيث تكون هذه العاطفة سبباً للتلاحم والاستقرار .
أمّا التكوين النفسي والعاطفي إذا كان في مجال سلطة الطلاق ، فإنّه سوف يؤدي إلى تفكيك الأُسرة الزوجية وحلّها ، فتكون العاطفة هنا عاملاً سلبياً ضارّاً يهدد الأُسرة بالتفكيك والانحلال ; لأنّ سرعة التأثر العاطفي عند المرأة تدفع المرأة إلى
الاستجابة باستخدام سلطة الطلاق عند أيّ خلاف بين الزوجين .
بالإضافة إلى أنّ المرأة تنظر إلى أنّها قد استلمت المهر من الزوج الأول ، فما هو المانع من حلّ هذه العلاقة واقتران بزوج جديد بمهر جديد؟ ما دام أنّ الزواج الثاني يوفّر لها أجواء جديدة ومهراً جديداً ، فهي قد تقدم على هدم هذا البيت الزوجي التي لم تساهم في إنشائه .
فإنّ الزوج هو الذي دفع المهر إلى الزوجة ، وهو الذي دفع نفقات العرس والزفاف ، وهو الذي أوجد البيت ، وهو الذي أثّثه ، وهو المنفق على الزوجة والأولاد ، وهو الذي يدفع نفقة الزوجة أثناء عدّتها بعد الطلاق ، والزوجة هي المستفيدة من كلّ هذه الاُمور ، فإن جعلنا الطلاق بيدها يعني ذلك أننا قد سلّطنا المرأة على تدمير مؤسسة البيت الزوجي من دون أن تتحمل في تكوينها أيّ نفقات ، وبهذا سوف نعرّض الزواج إلى نكبة اقتصادية من دون أن يكون له أي اختيار في ذلك .
2 ـ إذا جعلنا سلطة الطلاق بيد طرف ثالث (كالمحكمة) فهو أمر فاسد أيضاً ; وذلك لأنّه يجعل أسرار الحياة الزوجية (الجنسية وغيرها) عرضة للهتك والتداول بين الناس ، وقد تنمو الاتهامات وتتحول إلى حقائق تمسّ شرف الزوجين وعفتهما ، وحينئذ يستعصي الحلّ لهذه الخلافات والأسرار الزوجية ، وهذا ما يؤدي إلى الطلاق أو شلّ الحياة الزوجية وتعطيلها من دون طلاق .
إذاً لم يبق لدينا إلاّ أن يكون الطلاق بيد الزوج مستقلاً فهو الحل الأنجع ; لأنّ الزوج هو الذي أقام هذه المؤسسة الزوجية بتقديم المهر ونفقات الزواج وتهيئة البيت والأثاث والنفقة ، فإن أراد أن يهدم هذه المؤسسة فهو المتضرّر الأول والأخير من الطلاق ، وهو الذي سيتحمّل نفقات ومهراً جديداً لبناء بيت زوجي جديد ، ولهذا فسوف يفكّر كثيراً في الطلاق ولا يقدم عليه إلاّ في حالات نادرة .
ومع هذه فقد جعل الشارع شروطاً للطلاق الصحيح لعلّ المقصود منها زيادة التفكير في قرار الطلاق ، ومن هذه الشروط أن يقع الطلاق في طهر لم يواقعها فيه ، وأمام شاهدين عادلين (على مذهب الإمامية) ، ولا تحصل البينونة بمجرّد الطلاق اللفظي ، بل لابدّ من اعتداد الزوجة في بيت الزوجية بثلاث حيضات ، وهذه الاُمور كثيراً ما تدفع الزوج إلى مراجعة قراره السابق بالطلاق وإعادة العلقة الزوجية .
ثمّ إنّه تتمكن الزوجة أن تكون وكيلة عن الزوج (في عقد زواجها) في طلاق نفسها في موارد معيّنة ، كحبس الزوج لمدة طويلة ، أو إذا ثبت اعتياده على المخدرات ، أو إذا قصّر في القيمومة الملقاة على عاتقه ، فإذا حصل أحد هذه الاُمور فهي تطلّق نفسها عن الزوج وكالة عنه (وهذه الوكالة غير قابلة للعزل)(1) .
كما أنّ الزوجة لها الحقّ في رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي طالبة منه الطلاق في حالة عدم انفاق الزوج على زوجته ، أو في حالة عدم الانسجام التام بين الزوجين بحيث تحولّت حياتهما الزوجية إلى جحيم دائم ، ولم يوافق الزوج على الانفاق واتخذ طريق العناد والاضرار بالزوجة . ولم يوافق على قبول الخلع لأجل طلاق زوجته منه الكارهة له التي لا تتمكن من الحياة معه ، ففي هذه الصور ، إذا ثبت عند الحاكم الشرعي معاندة الزوج لزوجته وإصراره على أذيّتها فينذره بالطلاق الاختياري أو يطلّق هو عنه ، فإن لم يطلّق اختياراً طلّق الحاكم الشرعي هذه الزوجة في هذه الحالة .
____________
1- وقد أفتى بعض الفقهاء ومنهم السيد الخوئي فقال : "كما يجوز "للمرأة" أن تشترط الوكالة على طلاق نفسها عند ارتكابه (الزوج) بعض الاُمور من سفر طويل أو جريمة موجبة لحبسه أو غير ذلك ، فتكون حينئذ وكيلة على طلاق نفسها ، ولا يجوز له عزلها ، فإذا اطلّقت نفسها فصحّ طلاقها" راجع منهاج الصالحين 2 : كتاب الطلاق مسألة 1359 .
وطلاق الزوجة نفسها هنا ليس كما في صورة إعطاء حقّ الطلاق للزوجة استقلالاً ; لأن الزوج في صورة جعلها وكيلة عنه في طلاق نفسها في موارد معينة مثلاً يكون قد مارس حقّه في الطلاق بتفويض زوجته ، فهو الذي أعطاها هذه السلطة باختياره عن وعي منه .