الشيخ عباس محمد
23-08-2015, 08:39 PM
الخصائص العاطفية لدى المراهقات
يرافق النمو العضوي المتسارع لدى الفتاة في هذه المرحلة من العمر نشاط فطري وغريزي من نوع آخر ، فتتحرك العواطف والمشاعر في مجال جديد يترك آثاره على طبيعتها وسلوكها بشكل يضع أولياء الأمور أمام واقع جديد.
فإذا نظرنا الى مرحلة المراهقة من هذه الزاوية ، فإنه يجب إعتبارها فترة التفتح والنشاط العاطفي الخاص ، حيث تغادر الفتاة تعلقها بوالديها ، وتتجه بعواطفها وإهتماماتها الى بنات سنها ، والى أبناء الجنس الآخر ، والى الحياة الزوجية.
ويبدو أن للترشح الهرموني في الدم بواسطة غدة الـ Hypophyse دور فعال في هذا التبدل العاطفي . إن النشاط العاطفي يتكاثف في هذه الفترة عند الفتاة الى درجة تثيرها أدنى عبارة أو حركة ، وتتضح على وجنتيها أمارات الإنفعال والخجل.
التبدل العاطفي
من المميزات الظاهرة في مرحلة المراهقة، سرعة التبدل العاطفي ، حيث إنها قلقة وغير مستقرة على حال أو لون معين . ففي الوقت الذي يكون فيه أعضاء هذه الفئة العمرية مسرورين ومنبسطين ، يمكن أن تتغير هذه الحالة ليحل محلها الغم والهم لآتفه الأسباب . فتارة يحبون بشدة وأخرى يكرهون بشدة.
إن وجود العواطف ضرورة إنسانية ، وقد وصفها علماء التحليل النفسي
بعامل النشاط والتقدم الإنساني . فقد إعتبرها هلن دوتش ، في كتابه تحليل نفسية الفتيات من تجليات ديناميكية النفس التي تتمظهر بأشكال مختلفة ، وهي في الواقع بمثابة ردود فعل طبيعية على المحيط الخارجي.
إن معامل هذه العواطف تتمظهر بأشكال مختلفة ، منها التمرد على القيود العاطفية وعلى حالات التبعية للغير ، على ما كان مالوف في مرحلة الطفولة من تعلق عاطفي شديد بالوالدين و ... وقبل أن تتمركز عواطف الفتاة وتستقر حول الجنس الآخر فإنها تتعرض الى نوع من القلق والإضطراب الممزوج بالحيرة.
كما ويميل الكثير من أعضاء هذه الفئة الى التفكير بالمستقبل . والى العمل على ضمان هذا المستقبل ، ومن هنا فإنهن يسعين الى التعرف على قوانين وأعراف الحياة العاطفية ، والى كسب المهارات في مجالات الحب والغرام ! ولا شك في تأثير إيحاءات ما يلاحظنه أو يسمعنه من الآخرين في هذا المجال.
جاذبية الحب
تنجذب الإناث الى الحب مبكرا . وبحسب رأي موريس دبس ، فإن عاطفة الحب لدى الإناث هي أخصب مما لدى الذكور بكثير (الا أنهن مختلفات عن الذكور في مجال الإستمتاع الجنسي).
والجدير بالذكر هنا أيضا أن الإناث يرغبن في أن يكن محور ومركز الجذب في الحب وليس العكس ، وهذه الحالة هي واحدة من الفوارق العاطفية بين الجنسين.
وفي ذات الوقت ، فإن الإناث في مرحلة المراهقة يتمتعن بدرجات عالية من الإخلاص والصدق ، وبميل عاطفي شديد الى التضحية من أجل ما يحببن . والخطر الذي يكمن هنا هو تغلب الشعور العاطفي الطافح على المنطق والتفكير السليم ، الأمر الذي يدعو الى إعمال الرقابة عليه وترشيده بإستمرار.
لكنه فيما يتعلق بحب المراهقات لا بد من الإذعان بأنه ـ وبحسب موريس دبس ـ لا يعدو أكثر من صورة كاريكاتورية عن الحب ... إن حبهن يمازجه نوع من الغموض والالتباس ، فعلى سبيل المثال ، لا بد من أن تتحرك طاقاتهن الجنسية بإتجاه الجنس الآخر ، فإنها تتجه الى أنفسهن أحيانا ... إن هؤلاء يتحدثن عن الحب ويتخيلنه قبل أن يعرفن ما الحب.
التعلق بالجمال
يكتسب الجمال العضوي لدى الفتياة أهمية ستثنائية وكلما كان هذا الجمال منسجما مع نظراتهن اليه ، كلما زاد تعلقهن وإستمتاعهن به الى درجة يتحول معها الإهتمام بهذا الجانب ، عند بعض المراهقات ، الى نوع العبودية والهيام من المفرط بالجسد(1).
ولا يتوقف إهتمام المراهقات بالجمال عند الجانب العضوي وحسب ، بل ويتجاوزه الى الإهتمام بالكمالات الأخرى أيضا ... إنهن يسعين الى بلوغ حد الكمال في مجالات العلم ، والأخلاق ، والأدب ، وحتى العبادة ، خصوصا عندما يتلبسن بلباس أصحاب القيم والمبادئ ويحاولن مجاراة الكبار في السلوك.
الحياء
فكما تمتاز الفتيات خلال مرحلة المراهقة بالكبرياء والغرور ، يتميزن بخصلة الحياء والخجل أيضا ، والأخيرة تعد نعمة كبيرة لهن ، وصيانة من كثير من حالات السقوط والإنحراف . فإذا قل الحياء قل التورع عن إرتكاب المعاصي والذنوب . وقد أشار الإمام علي عليه السلام الى هذا المعنى بقوله : «من قل حياؤه قل ورعه».
(1) البلوغ ، موريس دبس ، ص 114 .
إن الفتاة المراهقة تتجاذبها حالتان : حالة الميل والرغبة بالإستماع بالجديد من اللذائذ من جهة ، وحالة الحياء التي تحول دون إطلاق العنان لرغباتها من جهة أخرى ، وإذا قدر لهذا الحياء أن يزول بنحو وآخر ، فإن حصن الفتاة يكون قد إنهار على رأسها ، ولدينا في الإسلام روايات وأحاديث تشير الى هذا المعنى ، وتفيد بأن اللمسة الأولى تزيل ثلث الحياء ، وأول إرتباط جنسي يزيل الثلث الآخر ، و ... وبالتالي يجب إدراك حقيقة أن الحياء حصن الفتاة ، و «لا إيمان كالحياء والصبر»(1).
المشاكل العاطفية
تنشط في هذه السنين الميول والرغبات العاطفية ، وتزداد وتتسع مع تقدم العمر . وتتفوق الإناث على الذكور في هذا المجال . وقد وصفت هذه المرحلة لشدة الإثارة العاطفية فيها بفترة الفوران العاطفي.
فمع كل ما في هذه الحالة من جوانب جمالية إيجابية ، الا أنه يرافقها بعض المشاكل العاطفية السلبية أيضا ، خصوصا لدى الأشخاص المحرومين من نعمة التربية الصحيحة ، وتتجلى هذه السلبيات في جانب منها على شكل الهتك في إبراز العواطف ، أو الإستجابة لدعوات الأغيار التي تؤدي الى حصول مفاسد أخلاقية ، نلاحظ نماذج منها في بعض الأوساط الإجتماعية.
ومن التجليات الأخرى للشذوذ العاطفي في هذه المرحلة السعي الى الإطلاع على القضايا الجنسية ، ومحاولة إقامة علاقات غير شرعية ومنحرفة من وجهة النظر الإسلامية.
(1) نهج البلاغة ، قصار الحكم ، الرقم 349 .
قلنا إنه في سني المراهقة تتفتح الميول وتنشط العواطف ، ونضيف أن هذه المرحلة يرافقها نوع من الفوران العاطفي الذي يؤدي الى وقوع أفراد هذه الفئة تحت التأثير الشديد والسريع لمختلف الإثارات العاطفية.
إن حياة المراهقين في هذه الفترة تكتسب وضعا جديدا ومختلفا . فيميلون الى الفات نظر الآخر وإثارته إشباعا لرغباتهم ، ويتجهون الى قراءة نوع خاص ومثير من الأدب ، وحتى الذين يستمعون الموسيقى ، يميلون الى الإستماع الى نوع جديد من الإيقاع الموسيقي ، لأن الإيقاعات القديمة لا تشبع رغباتهم ، كما ويتطرفون في إستعمال العطور ، ويتجهون الى إستعمال النوع المثير منها.
لقد أشار موريس دبس الى مسالةهامة في وصف أفراد هذه الفئة يقوله : إن الفوران العاطفي لديهم يتقاطع مع نموهم الفكري ، ويعد حركة تراجعية الى الوراء ، إذ يصبح سلوكهم أشبه بسلوك الأطفال العاجزين عن ضبط ميولهم العاطفية(1).
خدر وحساسية
يبدو أن المراهقين يمضون أوقاتهم في ملاهيهم في شغل شاغل عما يحيط بهم ، ويتصور المحيطون بهم أن أكثرهم اشخاص لا أباليون ، ولا يكترثون بشيء من حولهم وسواء عندهم غربت الدنيا أم شرقت كما يقولون.
إنهم أسارى الحسن والجمال ، سواء الجمال الموجود في الطبيعة أو ذلك المسطر في متون الأدب من أشعار وقصص وروايات وما الى ذلك ، وحتى الإعجاب الشديد بشخصياتهم أحيانا ، ومن هنا نجدهم يقضون أوقاتا طويلة أمام المرآة ، الأمر الذي دفع بعض علماء التحليل النفسي الى وصف طبيعة تفكيرهم
(1) نفس المصدر ، 113 ـ قصار الحكم.
بالنرجسية(1).
لكنه ومع ذلك كله ، فإن سن المراهقة هي سن الحساسية المفرطة والتأثر السريع بالأشياء ، حيث ينثار وينزعج المراهق بشدة لأبسط المسائل التي لا تتوافق مع ميوله ورغباته ، وتصبح الأوضاع بنظره جحيما لا يطاق إذا ما شعر بأدنى ظلم أو تمييز بحقه ، وهو ما يلفت إنتباه أولياء الأمور والمربين اليه بشدة.
وفيما يخص أسباب هذه الحالة فقد أرجعها البعض الى صحوة ونشاط الغريزة (2)، وقال فريق آخر إنها ناتجة عن ظروف نفسية متأزمة (3)، وذهب الآخرون الى إعتبارها ناشئة عن رقة العاطفة ، وحب التفوق الذي تواجهه عقبات ، وطبيعة عمل الغد و (4)... الا أن ما يمكن إستنتاجه من أسباب هو مجموعة من هذه المسائل.
(1) البلوغ ، موريس دبس ، ص 99 .
(2) علم تحليل نفسية الفتيات ، هلن دوتش.
(3) فرويد ، أدولف ، هوفليد و ...
(4) كارن هورناي ، وهلن دوتش ، و ...
يرافق النمو العضوي المتسارع لدى الفتاة في هذه المرحلة من العمر نشاط فطري وغريزي من نوع آخر ، فتتحرك العواطف والمشاعر في مجال جديد يترك آثاره على طبيعتها وسلوكها بشكل يضع أولياء الأمور أمام واقع جديد.
فإذا نظرنا الى مرحلة المراهقة من هذه الزاوية ، فإنه يجب إعتبارها فترة التفتح والنشاط العاطفي الخاص ، حيث تغادر الفتاة تعلقها بوالديها ، وتتجه بعواطفها وإهتماماتها الى بنات سنها ، والى أبناء الجنس الآخر ، والى الحياة الزوجية.
ويبدو أن للترشح الهرموني في الدم بواسطة غدة الـ Hypophyse دور فعال في هذا التبدل العاطفي . إن النشاط العاطفي يتكاثف في هذه الفترة عند الفتاة الى درجة تثيرها أدنى عبارة أو حركة ، وتتضح على وجنتيها أمارات الإنفعال والخجل.
التبدل العاطفي
من المميزات الظاهرة في مرحلة المراهقة، سرعة التبدل العاطفي ، حيث إنها قلقة وغير مستقرة على حال أو لون معين . ففي الوقت الذي يكون فيه أعضاء هذه الفئة العمرية مسرورين ومنبسطين ، يمكن أن تتغير هذه الحالة ليحل محلها الغم والهم لآتفه الأسباب . فتارة يحبون بشدة وأخرى يكرهون بشدة.
إن وجود العواطف ضرورة إنسانية ، وقد وصفها علماء التحليل النفسي
بعامل النشاط والتقدم الإنساني . فقد إعتبرها هلن دوتش ، في كتابه تحليل نفسية الفتيات من تجليات ديناميكية النفس التي تتمظهر بأشكال مختلفة ، وهي في الواقع بمثابة ردود فعل طبيعية على المحيط الخارجي.
إن معامل هذه العواطف تتمظهر بأشكال مختلفة ، منها التمرد على القيود العاطفية وعلى حالات التبعية للغير ، على ما كان مالوف في مرحلة الطفولة من تعلق عاطفي شديد بالوالدين و ... وقبل أن تتمركز عواطف الفتاة وتستقر حول الجنس الآخر فإنها تتعرض الى نوع من القلق والإضطراب الممزوج بالحيرة.
كما ويميل الكثير من أعضاء هذه الفئة الى التفكير بالمستقبل . والى العمل على ضمان هذا المستقبل ، ومن هنا فإنهن يسعين الى التعرف على قوانين وأعراف الحياة العاطفية ، والى كسب المهارات في مجالات الحب والغرام ! ولا شك في تأثير إيحاءات ما يلاحظنه أو يسمعنه من الآخرين في هذا المجال.
جاذبية الحب
تنجذب الإناث الى الحب مبكرا . وبحسب رأي موريس دبس ، فإن عاطفة الحب لدى الإناث هي أخصب مما لدى الذكور بكثير (الا أنهن مختلفات عن الذكور في مجال الإستمتاع الجنسي).
والجدير بالذكر هنا أيضا أن الإناث يرغبن في أن يكن محور ومركز الجذب في الحب وليس العكس ، وهذه الحالة هي واحدة من الفوارق العاطفية بين الجنسين.
وفي ذات الوقت ، فإن الإناث في مرحلة المراهقة يتمتعن بدرجات عالية من الإخلاص والصدق ، وبميل عاطفي شديد الى التضحية من أجل ما يحببن . والخطر الذي يكمن هنا هو تغلب الشعور العاطفي الطافح على المنطق والتفكير السليم ، الأمر الذي يدعو الى إعمال الرقابة عليه وترشيده بإستمرار.
لكنه فيما يتعلق بحب المراهقات لا بد من الإذعان بأنه ـ وبحسب موريس دبس ـ لا يعدو أكثر من صورة كاريكاتورية عن الحب ... إن حبهن يمازجه نوع من الغموض والالتباس ، فعلى سبيل المثال ، لا بد من أن تتحرك طاقاتهن الجنسية بإتجاه الجنس الآخر ، فإنها تتجه الى أنفسهن أحيانا ... إن هؤلاء يتحدثن عن الحب ويتخيلنه قبل أن يعرفن ما الحب.
التعلق بالجمال
يكتسب الجمال العضوي لدى الفتياة أهمية ستثنائية وكلما كان هذا الجمال منسجما مع نظراتهن اليه ، كلما زاد تعلقهن وإستمتاعهن به الى درجة يتحول معها الإهتمام بهذا الجانب ، عند بعض المراهقات ، الى نوع العبودية والهيام من المفرط بالجسد(1).
ولا يتوقف إهتمام المراهقات بالجمال عند الجانب العضوي وحسب ، بل ويتجاوزه الى الإهتمام بالكمالات الأخرى أيضا ... إنهن يسعين الى بلوغ حد الكمال في مجالات العلم ، والأخلاق ، والأدب ، وحتى العبادة ، خصوصا عندما يتلبسن بلباس أصحاب القيم والمبادئ ويحاولن مجاراة الكبار في السلوك.
الحياء
فكما تمتاز الفتيات خلال مرحلة المراهقة بالكبرياء والغرور ، يتميزن بخصلة الحياء والخجل أيضا ، والأخيرة تعد نعمة كبيرة لهن ، وصيانة من كثير من حالات السقوط والإنحراف . فإذا قل الحياء قل التورع عن إرتكاب المعاصي والذنوب . وقد أشار الإمام علي عليه السلام الى هذا المعنى بقوله : «من قل حياؤه قل ورعه».
(1) البلوغ ، موريس دبس ، ص 114 .
إن الفتاة المراهقة تتجاذبها حالتان : حالة الميل والرغبة بالإستماع بالجديد من اللذائذ من جهة ، وحالة الحياء التي تحول دون إطلاق العنان لرغباتها من جهة أخرى ، وإذا قدر لهذا الحياء أن يزول بنحو وآخر ، فإن حصن الفتاة يكون قد إنهار على رأسها ، ولدينا في الإسلام روايات وأحاديث تشير الى هذا المعنى ، وتفيد بأن اللمسة الأولى تزيل ثلث الحياء ، وأول إرتباط جنسي يزيل الثلث الآخر ، و ... وبالتالي يجب إدراك حقيقة أن الحياء حصن الفتاة ، و «لا إيمان كالحياء والصبر»(1).
المشاكل العاطفية
تنشط في هذه السنين الميول والرغبات العاطفية ، وتزداد وتتسع مع تقدم العمر . وتتفوق الإناث على الذكور في هذا المجال . وقد وصفت هذه المرحلة لشدة الإثارة العاطفية فيها بفترة الفوران العاطفي.
فمع كل ما في هذه الحالة من جوانب جمالية إيجابية ، الا أنه يرافقها بعض المشاكل العاطفية السلبية أيضا ، خصوصا لدى الأشخاص المحرومين من نعمة التربية الصحيحة ، وتتجلى هذه السلبيات في جانب منها على شكل الهتك في إبراز العواطف ، أو الإستجابة لدعوات الأغيار التي تؤدي الى حصول مفاسد أخلاقية ، نلاحظ نماذج منها في بعض الأوساط الإجتماعية.
ومن التجليات الأخرى للشذوذ العاطفي في هذه المرحلة السعي الى الإطلاع على القضايا الجنسية ، ومحاولة إقامة علاقات غير شرعية ومنحرفة من وجهة النظر الإسلامية.
(1) نهج البلاغة ، قصار الحكم ، الرقم 349 .
قلنا إنه في سني المراهقة تتفتح الميول وتنشط العواطف ، ونضيف أن هذه المرحلة يرافقها نوع من الفوران العاطفي الذي يؤدي الى وقوع أفراد هذه الفئة تحت التأثير الشديد والسريع لمختلف الإثارات العاطفية.
إن حياة المراهقين في هذه الفترة تكتسب وضعا جديدا ومختلفا . فيميلون الى الفات نظر الآخر وإثارته إشباعا لرغباتهم ، ويتجهون الى قراءة نوع خاص ومثير من الأدب ، وحتى الذين يستمعون الموسيقى ، يميلون الى الإستماع الى نوع جديد من الإيقاع الموسيقي ، لأن الإيقاعات القديمة لا تشبع رغباتهم ، كما ويتطرفون في إستعمال العطور ، ويتجهون الى إستعمال النوع المثير منها.
لقد أشار موريس دبس الى مسالةهامة في وصف أفراد هذه الفئة يقوله : إن الفوران العاطفي لديهم يتقاطع مع نموهم الفكري ، ويعد حركة تراجعية الى الوراء ، إذ يصبح سلوكهم أشبه بسلوك الأطفال العاجزين عن ضبط ميولهم العاطفية(1).
خدر وحساسية
يبدو أن المراهقين يمضون أوقاتهم في ملاهيهم في شغل شاغل عما يحيط بهم ، ويتصور المحيطون بهم أن أكثرهم اشخاص لا أباليون ، ولا يكترثون بشيء من حولهم وسواء عندهم غربت الدنيا أم شرقت كما يقولون.
إنهم أسارى الحسن والجمال ، سواء الجمال الموجود في الطبيعة أو ذلك المسطر في متون الأدب من أشعار وقصص وروايات وما الى ذلك ، وحتى الإعجاب الشديد بشخصياتهم أحيانا ، ومن هنا نجدهم يقضون أوقاتا طويلة أمام المرآة ، الأمر الذي دفع بعض علماء التحليل النفسي الى وصف طبيعة تفكيرهم
(1) نفس المصدر ، 113 ـ قصار الحكم.
بالنرجسية(1).
لكنه ومع ذلك كله ، فإن سن المراهقة هي سن الحساسية المفرطة والتأثر السريع بالأشياء ، حيث ينثار وينزعج المراهق بشدة لأبسط المسائل التي لا تتوافق مع ميوله ورغباته ، وتصبح الأوضاع بنظره جحيما لا يطاق إذا ما شعر بأدنى ظلم أو تمييز بحقه ، وهو ما يلفت إنتباه أولياء الأمور والمربين اليه بشدة.
وفيما يخص أسباب هذه الحالة فقد أرجعها البعض الى صحوة ونشاط الغريزة (2)، وقال فريق آخر إنها ناتجة عن ظروف نفسية متأزمة (3)، وذهب الآخرون الى إعتبارها ناشئة عن رقة العاطفة ، وحب التفوق الذي تواجهه عقبات ، وطبيعة عمل الغد و (4)... الا أن ما يمكن إستنتاجه من أسباب هو مجموعة من هذه المسائل.
(1) البلوغ ، موريس دبس ، ص 99 .
(2) علم تحليل نفسية الفتيات ، هلن دوتش.
(3) فرويد ، أدولف ، هوفليد و ...
(4) كارن هورناي ، وهلن دوتش ، و ...