المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخصائص الإجتماعية


الشيخ عباس محمد
23-08-2015, 08:41 PM
الخصائص الإجتماعية








يغادر الطفل الحياة الفردية في حدود سن الرابعة أو الخامسة ويأنس بالحياة الإجتماعية شيئا فشيئا . وخلال دخول المدرسة في سن السادسة أو السابعة ينخرط في حياة إجتماعية أوسع نسبيا .
ويبلغ الميل الى حياة الجماعة في سن الحادية عشر حدا دفع البعض الى وصف هذه الفترة بفترة اللهو الجماعي.
فالشخصية ترتبط في هذه المرحلة بعلاقات إجتماعية أوسع، ويقل تعلقها بالأسرة ، وتعمل بشكل أسرع على إنتخاب الأصدقاء وبحسب تعبير أحد العلماء ، فإن الموضوع الأساس في علاقات المراهق أو المراهقة مع الآخرين هو الخروج التدريجي من الحالة الطفولية ومن التقوقع في الأسرة والإطلال على حياة الجماعة في الخارج والإنخراط فيها.
الحياة الإجتماعية





أجل لتكون المراهقة ، في هذه المرحلة ، قد غادرت حياة التبعية للآخرين ، وهي تسعى الآن الى بناء حياتها الإجتماعية المستقلة . وبطبيعة الحال ، فإن الإنخراط في الحياة الإجتماعية رغم الإيجابيات الكثيرة التي تتخلله ، قد يرافقه سلبيات ومفاسد عديدة أيضا على أثر معاشرة رفاق السوء والإنحراف.
ففي هذه المرحلة تشعر الفتيات أنهن قد تحررن من القيود والمكبلات السابقة ، ولابد أن تكون لهن رؤيتهن الخاصة وقرارهن المستقل بشأن روابطهن الإجتماعية الجديدة . وإن تحقق هذه الرغبة لا يصب ـ دائما ـ في صالحهن،



62





خصوصا حين يسعين الى الإنعتاق التام من وصاية وإشراف أولياء الأمور على شؤونهن ، والى التوجه الشامل الى الإرتباط بالصديقات.
العلاقة بالوالدين





إن أغلب أولياء الأمور يشكون من حالة المشاكسة والتمرد لدى أبناءهم في سن المراهقة . ولندرة حالات الطاعة والالفة بين أفراد هذه الفئة ، نلاحظ أن بعض أولياء الأمور يتفاخرون بنجابة والفة أبنائهم إذا شاهدوا شيئا من الطاعة لأوامرهم ونواهيهم من قبلهم. ومن لا يفخر بهذه الحالة الأخيرة ولا يدعي أن أبناءه يثقون به وينفتحون عليه في كل شؤونهم ؟ !
وبعبارة أخرى : فإن أغلب المراهقين يبتعدون عن والديهم من الناحية العاطفية ، ويعصون أوامرهم ، وقد يبادرون حتى الى الوقوف بوجوههم في بعض الموارد. وتعود بواعث هذه المواقف الى أن المراهقين يعتبرون أولياء أمورهم أناس متعصبون وجافون ومعارضون لأساليب الحياة العصرية(1).
فقد تبادر أحيانا فتاة ناشئة الى إنتقاد والدتها بقولها إنها تفكر بعقلية قديمة ومتخلفة ، لأنها لا تسمح لها ، مثلا ، بالإشتراك في البرنامج أو الحفل الكذائي. وهكذا تذهب أمثال هذه الفتاة الى نعت أولياء الأمور بمختلف النعوت السلبية لأنهم لا يسمحون لهن بالتصرف وفق رغباتهن دائما.
فمن أجل التغلب على الشعور بالنقص وإثبات الشخصية ، تنزع الفتاة أحيانا الى التمرد على إرادة الأبوين ، بل وحتى الى الإستخفاف بآرائهما . وبالطبع فإن هذه الحالة من الممكن أن تؤدي ، كما يشير علماء التحليل النفسي ، الى إبتلاء المراهقة بعقدة أوديب التي تولد الحقد والكراهية تجاه الأبوين.

(1) المراهقة ، الدكتور جعفر الكرماني ، ص 51 .








الصداقات





تسعى الفتيات خلال فترة المراهقة الى العثور على صديقات يمكن الوثوق بهن ، وذلك من أجل أن يجعلنهن موضع أسرارهن وإستشاراتهن في شؤونهن الخاصة ، كما ويحرصن على توثيق عرى هذه الصداقات من خلال تقديم الخدمات والهدايا لبعضهن ، وبطبيعة الحال تتميز مثل هذه الصداقات بخلوص النوايا وصدق السرائر ، ونادرا ما يمكن أن تخللها الشوائب.
ولأن الفتيات يحرصن على الإحتفاظ بصديقاتهن ، وعدم التفريط بهن ، لذا فإنهن يملن الى تقليدهن في السلوك ، والزينة ، والملبس و ... وهذه الحالة بذاتها قد تكون أرضية للسقوط في مستنقع الفساد والرذيلة والإنحراف كما ويمكن أن تكون سببا لزيادة الوعي والهداية والرشاد.
التطرف في الصداقة





كما وتتطرف الفتيات في علاقات الصداقة ، أحيانا ، بشكل غير طبيعي، ويعرضن أنفسهن لمشاق كبيرة من أجل أن يثبتن إخلاصهن وحبهن للطرف المقابل ، حتى أنه لوحظت حالات من الحاق الأذى بالنفس بهدف التدليل على مثل هذا الشيء.
إن إنغماس الفتاة المراهقة في اوساط قريناتها في السن ، وأخذ أعرافها على أنها أشياء مصانة من الخطأ ، من شأنه أن يبعدها عن الأسرة في وقت ما تزال فيه بحاجة الى التوجيه والإرشاد الخارجي من أجل ضبط عواطفها.
ومن الأعراض الخطيرة التي نواجهها خلال سني المراهق يمكن الإشارة الى حالة الإفتتان بالأشياء لدى الفتيات. ولا يفوتنا ذكر حقيقة أن مميزات فترة المراهقة الميل الى تبادل الإعجاب والإرشاد مع قرينات السن.






فللكثير من الفتيات صديقات صميمات يودعن لديهن أسرارهن ، وقد تؤدي مثل هذه الصداقات التي تصل الى درجة الإفتتان بالمقابل أحيانا ، الى الإندفاع في مسالك منحرفة ، بإعتبار إن الفتاة لا تستطيع أن ترد طلبا للصديقة التي تحبها الى حد الإفتتان بها.
وقد تبادر الفتيات في عالم الإفتتان الى تبادل رسائل عاطفية ملتهبة فيما بينهن ، يسطرن خلالها عبارات الحب والشوق والالم.
ولا يعني ذلك أن جميع الصداقات وحالات الهيام والإفتتان ببعض ، في أوساط هذه الفئة ، ناتجة بالضرورة عن ميول ورغبات جنسية . فقد تكون ناتجة عن ميول جنسية وقد لا تكون كذلك ، لكنها في الغالب الأعم صداقات بريئة.
التمرد على الأعراف





إن مرحلة المراهقة هي مرحلة التمرد ، التمرد على الكثير من العادات والتقاليد والأعراف السائدة في الأسرة والمجتمع والتسرع في الحكم على القضايا خلال البحث عن الجديد والحديث من أساليب الحياة.
إن الميل نحو التجدد ، وتجاوز العادات والتقاليد ، وعدم الالتزام بما يعتبره الكبار مقدسا ، من قبل الفتيات في هذه السن ، يرجع في أسبابه النفسية الى نوع من الرغبة بالتنفيس عن الإحتقانات العاطفية.
ولذا فلا عجب إذا ما ظهرن بمظاهر مضحكة فيما يرتدينه من أزياء وما يستخدمنه في تزيين أنفسهن . إن رأي زميلاتهن في هذا المجال أهم بالنسبة لهن من رأي أولياء الأمور والمربين.
إن الفتاة خلال مرحلة المراهقة تفقد ثقتها تقريبا بجميع الذين كان لهم تأثير في حياتها في أوقات سباقة ، فتصبح عصبية وحادة المزاج الى درجة تلاقي






صعوبات كبيرة في الإنفتاح على الكبار.
وبعبارة أخرى ، تميل الفتاة خلال هذه الفترة الى حصر علاقاتها في إطار محدود وعدم الإنفتاح على الجميع ، لخشيتها من أن يؤدي إنفتاحها على الآخرين ، ومنهم أولياء الأمور والمعلمين الى أن يسخروا من أحاسيسهم ومشاعرهم.
إن من شأن إنطواء الفتيات على أنفسهن وإبتعادهن عن الكبار أن يحرمهن من الإطلاع على تقاليد وأعراف وأساليب الحياة المنطقية ، ومن توجيهات وإرشادات الكبار المفيدة بإعتبارها منطلقة من تجارب حياتية معاشة.
في مجال العمل





عادة يقضي الفتيان في مثل هذه السن أوقات فراغهم بالالعاب الفكرية من قبيل الشطرنج وما شابه ، فيما تتجه الفتيات الى إكتساب المهارات في مجالات الطهي والأعمال البيتية بما يناسب طباعهن الأنثوية.
إن إهتمام المراهقين ، إناثا وذكورا ، بالمشاغل وبإكتساب المهارات الفكرية والعملية يلعب دورا مفيدا في حياتهم ، لأن الفراغ من شأنه أن يشوش أذهانهم ويشغل أفكارهم بقضايا غير مفيدة في أفضل الأحوال إن لم تجرهم الى مسالك الجنوح والإنحراف.
وفيما يخص الفتيات يلاحظ أنهن يعانين من الخمول والكسل أحيانا ، الأمر الذي يقلل من نشاطهن ، ويعود السبب في ذلك إما الى تعكر في المزاج أو الى تنازل في النشاط الغددي ، كما وقد يكون ناتجا عن إختلالات عصبية حادة من شأنها أن تتفاقم بشكل خطير ما لم يبادر الى علاجها.