المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإختلالات النفسية


الشيخ عباس محمد
23-08-2015, 08:46 PM
الإختلالات النفسية








قلنا أن فترة المراهقة هي مرحلة التحول والتغير . إن عجز الشخص عن التطابق مع شروط النمو أو عجزه عن إيجاد التوازن في مختلف أبعاد حياته ، من شأنه أن يعرضه الى الإصابة بإختلالات عضوية ونفسية كثيرة .فالالام العضوية وأحيانا الشعور بالام في الجهاز الهاضم ، على الرغم من أنها تبدو إعتلالات فسيولوجية في ظاهر الحال ، الا أنها تعود في جذورها في معظم الأحيان الى اسباب نفسية.
وبحسب رأي أحد العلماء ، يمكن أن يرافق مرحلة المراهقة تغييرات نفسية عميقة . أو أن يختل خلال ذلك تعادل قوى الشخص الثلاث ، أي قوة العقلية ، والقوة الغضبية ، والقوة الشهوية. وتتطور أمنيته السابقة في كسب ود الآخرين الى نوع من الشعور الملموس.
في الواقع أن النمو يترك آثارا على الجهاز العصبي للمراهق ويزيد في حساسيته ، الأمر الذي يحد من مقاومته أمام الأمراض النفسية ، كالهستيريا والتوترات العصبية ، ويجعله عرضة للإصابة بمختلف الأمراض النفسية التي نلاحظ نماذج منها في الأسرة والمدرسة وعند الفتيات.
التوتر العصبي





يلاحظ الكثير من أولياء الأمور لدى الفتيات المراهقات سرعة التأثر والإنزعاج والتوتر العصبي عند أبسط خلل يواجهنه في حياتهن . ويعود السبب في ذلك الى أنهن يواجهن موانع تحول دون تحقيق إرادتهن خلال سعيهن الى الإستقلال بشؤونهن والتحرر من القيود الأسرية والمدرسية والإجتماعية.






كما وقد أرجع البعض حالة التوتر العصبي الى العقد النفسية التي تتولد نتيجة لعوامل مختلفة بعجز الشخص عن تجاوزها بمفرده من جهة ولا يجد من يعينه على التخلص منها من جهة أخرى . فتبرز على شكل نوبات من الغضب والعصبية العاصفة .
مرض العصاب وأنواعه





من الإختلالات المهمة خلال فترة المراهقة ، يمكن الإشارة الى مرض العصاب الذي يشمل مجموعة من التوترات النفسية أبرزها حالة القلق والإضطراب . وطبقا للدراسات يقسم العصاب لدى المراهقين ، خصوصا الفتيات ، الى أربعة أنواع وكما يلي :
1 ـ العصاب الهستيري : وقد يتجلى على شكل السعال العصبي ، والشعور بالجفاف في الحنجرة ، والبحة في الصوت ، والإنخداع الجنسي والخشية من الإفتضاح.
2 ـ عصاب الخوف : وتعود جذوره في الغالب الى الحسد ، حيث يلاحظ الشخص يتفوه بكلام خاطئ وغير مبرر ، ويسعى الى إخافة الآخر.
3 ـ عصاب الوسواس : وتعود اسبابه في الغالب الى الخوف والصعوبات الشديدة ، والشعور بالعذاب والإغتمام على اثر فقد شخص عزيز.
4 ـ العصاب المختلط : تعود اسبابه الى مجموعة عوامل منها المراودات الجنسية أثناء الطفولة ، والضغوط النفسية ، والمخاوف والكوابيس ، وعمليات الضرب والعقاب المفرطة ، والمنغصات المفاجئة و ... ويتجلى على شكل قلق وإضطراب ووسواس وإنفعالات عصبية مختلفة.
وبكلمة جامعة ، فإن السبب الأساس للعصاب يعود الى أن الشخص يواجه






خلال حياته مسائل تتعارض ظروفه النفسية فتتحول الى تراكمات يكبتها في داخله ، فتبرز على سلوكه على شكل العصاب بمختلف أنواعه.
الميل الى الإنزواء





في بعض الحالات يتولد لدى المراهق الضجر من الحياة ، وقد يكون هذا الضجر تصنعا أو حقيقيا ، ويعود ذلك في أسبابه الى الشعور بتفاهة الحياة أو بالضلال والإنحراف ، فالمراهق يميل الى تمثيل دور الإنسان الضجر ، الا أن هذا التمثيل يلقنه الشعور بالتفاهة شيئا فشيئا.
عادة يميل المراهقون الى الوحدة والإنزواء ، والسبب في ذلك يعود الى أنهم يجدون فوارق كبيرة بين تصوراتهن عن الحياة وبين مجريات الواقع الملموسة، الأمر الذي يدفعهم الى النأي بأنفسهم عن الواقع أو التردد في التعامل مع قضاياه . إن العيش في الوحدة والنأي عن الحياة الإجتماعية ، شانه شأن الحمى السارية ، يقض مضجع المراهق وينخره من الداخل شيئا فشيئا ليجد نفسه بالتالي في وضع لا يحسد عليه.
إن من شأن حياة الوحدة والإنزواء أن تشغل بال المراهق بعشرات الأفكار والخيالات ، حيث ثبت بالتجربة أن الشخص يلجأ في وحدته الى نسج الأساطير والخيالات الواهية ، حول نفسه وحتى لقد يبادر الى جلد ذاته في بعض الحالات كتنفيس عن رتابة حياة الوحدة.
إنسداد الشهية





تتعرض الفتاة المراهقة أحيانا الى الإصابة بنوع خاص من المرض يعبر عنه بإنسداد الشهية ، ويبرز في الوهلة الأولى على شكل الإدبار عن الطعام والتقليل من تناوله ، ومن ثم يتطور في المراحل اللاحقة الى الإمتناع كليا عن تناول الطعام ، الأمر الذي يؤدي بالنتيجة ، في ظل الإجهاد ، الى الإنهيار






المفاجئ . وقد يتسبب ذلك أيضا في إنقطاع الدورة الشهرية وزوال الميول الأنثوية لدى الفتاة.
ومع أن سن المراهقة هي سن النشاط والحركة ، الا أن الملاحظ ، في ظل مرض إنسداد الشهية ، إن الكثير من الفتيات يعانين من الكسل والخمول ولا يبدين رغبة بالعمل ، وحتى أنهن يواجهن صعوبات في مجال التحصيل الدراسي ، وفي كل مرة يؤجلن عمل اليوم الى غد ، وغدا الى بعد غد وهكذا.
لقد طرحت آراء كثيرة حول أسباب وعوامل إستفحال التوترات العصبية والإختلالات النفسية لدى الفتيات المراهقات أشرنا الى بعضها فيما مر من البحث ، ونذكر هنا أيضا بعضا آخر منها على النحو الآتي :
ــ أوامر ونواهي أولياء الأمور والمربين التي كلما زادت ، زادت معها بإطراد الإختلالات العصبية والنفسية.
ــ ظروف الحياة الشخصية غير الطبيعية ، وتشمل الفوضى النفسية ، والإعتلال في المزاج وفي معامل الغدد.
العوامل المقلقة في الوسط الإجتماعي ، مثل الإزدواجية والنفاق ، والمهاترات ، وعمليات الشجار.
ــ أساس التربوي الخاطئ في مرحلة الطفولة خصوصا في سن الخامسة والسادسة.
ــ الإتهامات ، والشعور بالخطايا والذنوب والخشية من ترتب أخطار عليها.
ولابد من طرح هذه المسالة وهي أن الإختلالات النفسية تشتد وتستفحل في الغالب نتيجة لظروف الحياة السيئة . فقد لا تتجلى هذه الإختلالات بوضوح في بداية الأمر ، لكنها تظهر في المراحل اللاحقة وتبرز بوضوح على سلوك الشخصية.