ابراهيم الجزائر
27-10-2015, 10:21 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آله
مستبصر يحاول أن يكتب عن الأئمة الأطهار (ع) ليعرفهم أكثر.
هذا جهد متواضع في حقهم، و ما يجب علي لكي أعرفهم و أكون من شيعتهم أن عمل كثيرا باجتهاد كبير لأوفي حقهم الأعظم .
السلام عليكم
{هو الذي بعث في الأمييــن رســولا منهم يتلو عليـهم آيــاته ويزكيهم ويعلمهــم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفـي ضلال مبيـن (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=3456&idto=3456&bk_no=48&ID=2916#docu)[1] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftn1) }الجمعة
تكونت الدولة المحمدية بأعظم جهد و على أسس و دعائم إسلامية، حيث يثرب، بعد بيعة العقبة ، و عن البيعتين هاجر أصحاب رسول الله محمد (ص)، الذين صدقوه وآمنوا به و بما أنزل إليه من ربه، من مكة حيث تقطن قريش بالظلم ، و القهر، و التعدي على الأجساد بكل الصفات العذاب بدون رحمة، و لا شفقة، بسفك دماء المسلمين، و حرق ممتلكاتهم و حجزها، ـ كما تبيع الدول العربية و تحجز ممتلكات معارضيهم ـ ، و تجويعهم، و حجزهم في المعسكرات الاِبادة، ـ كما تحجز الدول العربية معارضيهم في المعسكرات الاِعتقال و الاِبادة ـ ، و بيع بيت النبي الأكرم (ص)، الى المدينة المنورة الحاضنة المسالمون قاطنيها و الوفية لعهد العقبة، و فيهم من الأنصار من طلق إحدى زوجاته و زوجها للمهاجر، و عندما خرج آخر المهاجرين من مكة، و بإذن من الله، هاجر النبي (ص)، حاملا راحلته إلى المدينة المنورة ملتحقا بأصحابه، فاستقبلته برمتها حفاوةً، و مدحًا، حيث هي، قد رجع الأمر كله اليه (ص) دينيا و سياسيا، و العدل، يشغل رئاسة الدولة و الزعامة السياسية و الاجتماعية،و القضائية و هو المرجعية الدينية بلا منازع، بمؤازرة أهل المدينة من أوس و خزرج، « كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى » الحجرات.
و حين حجة الوداع، فقد اِنجلت صفة الأمية نهائيا عن جزيرة العرب، و رمتْ الأوثان في مزبلة الجاهلية، فأصبحت تعبد إلهًا واحدا و دينًا واحدا، فتعلمت الكتاب و الحكمة، و في حينها، قد خطب رسول الله (ص) في الناس أن يبلغهم أمر الله تعالى، فلما وصل بخطابه الى حديث الإمامة و الولاية،و المرجع الديني من بعده (ص)، فقد أختار له الزمان يوم عرفة،و المكان جبل عرفات، يعتبر يوم عبادة، و اِنقطاع الى الله سبحانه، كل شخص فيه مهتم بنفسه، مرتبطا بالله خاشعا له بالدعاء و الاِبتهال و المناجاة، حين هو، يوم ليس للسياسة و الدعاية الحزبية، و تنصيب الأفراد في الأماكن الريادية ، و لكن أمرا اِلهي تجاوز المكان و الزمان و الأفعال و الأقوال البشرية فقد نزل، يجب تبليغه للناس لينتشر في بقاع الأرض الإسلامية، و يضع الأمة تحت مسؤولياتها التاريخية، و ليكشف، و يعري المعارضين و المناوئين لهذا الأمر الإلهي أمام كل الناس ، و توا، تصدت له قريش الطامحة للرياسة و الحكم، لتمنعه أن يبلغ أمر الله،و المرجع الديني المعصوم، بالهرج المرج، و الوقوف الجلوس، فعمت الفوضى،فلم يستطيع الحجاج سماع خطاب رسول الله (ص)، حينها قد عصت أمر الله في يوم الحج و في يوم عظيم برفع الأصوات فوق صوت النبي(ص)، فحبطت أعمالهم، قال تعالى « يَـأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُواْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىِّ وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْض أَن تَحْبَطَ أَعمَـلُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ» الحجرات.
ففي تلك اللحظة قد صدق حدس النبي، و تبين للعيان من الصادقين أن في أصحابه خطين متوازيين لن يلتقيا أبدا: خط يبحث على أن يحافظ على الدولة الإسلامية الفتية و يثبت أساسها و يوطد أعمدتها و يشيد بنيانها بالفكر الاِسلامي السليم، الجامع للأمة، و موحدها، و المؤاخي بين أفرادها، و مجتمعاتها، الباعث للوثبة الحضارية، و من مقاصدها السلم، السلام، الحكم العادل، العيش في الرفاهية، و توزيع العادل للثروة، يقول علي كرم الله وجهه « فأحفظ للرعية جناحك، و أبسط لهم وجهك، وألن لهم جانبك، و آس بينهم في اللحظة و النظرة و الإشارة و التحية؛ حتى لا يطمع العظماء في حيفك و لا ييأس الضعفاء من عدلك، و السلام[2] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftn2)»من أقوال النبي (ص) في الإمام علي عليه السلام « أنا مدينة العلم و علي بابها...»، يقول الإمام المجتبى الحسن (ع)» : والله ، لقد قُبض فيكم الليلة رجلٌ ما سبقه الأولون إ لا بفضل النبوة ، ولا يدركه الآخرون ، واِن رسول الله ( صّلى الله عليه وآله وسّلم ) كان يبعثه المبعث فيكتنفه جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره فلا يرجع حتى يفتح الله عليه»، و خط ثان اِدعى ظاهريا " أنهم يوقرون رسول الله (ص) و يتبركون بفضل وضوئه و ببصاقه، حتى بنخامه[3] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftn3)" و يفتح الفتح الإسلامي بشعرة في قلنسوة على رأسه، حاملا الحطب لحرق باب بيت فاطمة الزهراء (ع)، و يتحاملون على الأمام علي كرم الله وجهه و شيعتهم، بكل برودة و تصفية حسابات، و أُمًا تأكل أولادها بلا شفقة تجوب الشعاب و القفار و العمران تحريضا، يبحث عن الرياسة بكل الوسائل خاصة باِستعمال الدين، و الإرهاب، و القمع، لتحقيق مآرب دنيوية و مصالح ذاتية.
وَيَوْمَ الدَّوحِ دَوْحِ غَديرِ خُمٍّ أبانَ لَهُ الوَلاَيَةَ لَوْ أُطِيعَــا
وَلَكِنَّ الرِّجَالَ تَبَايَعُوهَـــــــا فَلمْ أَرَ مِثْلَهَا خَطَراً مَبِيعَـا
و بعد ما اِنقضت مراسم الحج، خرج (ص) من مكة بالحجيج متجها الى المدينة المنورة، و لم يزر البيت، ومعه في الوفد الضخم بعض الصحابة الذين منعوه و قريش من تثبيت إمامة علي كرم الله وجهه، فقد خطر في خاطرهم، و قد همس الشيطان في آذانهم أن النبي(ص)، قد اِرتكن إليهم، بحمل راحلته من مكة إلى المدينة، و تمت السيطرة عليه، و على الوضع أصبح اليهم «إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ» الأنفال.
و عند مفترق الطرق المؤدية الى المدينة المنورة، و العراق، و الشام، و مصر، حيث غدير خم، تفرق الناس عن رسول الله(ص) كل الى جهته، و فجأة، وبأمر من الله ، حين نزل عليه الوحي أن يجمع الناس لتبليغهم النص بإمامة علي (ع)، فقد دعا رسول الله (ص) عليا (ع) ان يرد المتقدمين عنه و ينتظر المتأخرين، ففي حديث جابر بن عبد الله الأنصاري : «إن رسول الله نزل بخم فتنحى الناس عنه ، وأمر عليا فجمعهم[4] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftn4) « وفي حديث عامر بن ضمرة وحذيفة بن أسيد ، قالا : « لما صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ، ولم يحج غيرها ، أقبل حتى إذا كان بالجحفة نهى عن شجرات بالبطحاء متقاربات لا ينزلوا تحتهن». حديث زيد بن أرقم : " فأمر بالدوحات فقم ما تحتهن من شوك.
اِن غدير خم مفترق الطرق الفاصله بين دولة الحق و دولة الباطل بين الحكم العادل و الحكم الإرهاب، و بين الخير و الشر، و بين الحاكم بمعرفة الحقًة لله و محبته الذي طلق لذًات الدنيا الفانية « لو كان رضاك في أن أقطع اِربا اِربا و أقتل سبعين قتلة بأشد ما يقتل به الناس لكان رضاك أحب إليً[5] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftn5)»، و الحاكم بجهله يتمتع بمختلف اللذات الدنيوية، و بين الحاكم العارف للقرآن و الأحاديث الصحاح « الحكيم الذي عنده القدرة على اِدراك المعارف اليقينية و عندما يحصل على هذه القدرة يحصل على العلوم و المعارف الصحيحة الخاصة» وبين الحاكم الذي يجهلهما، لا يقين له، «لأن اليقين هو نتيجة المعرفة و العلم» ، بين الحاكم الذي يعمل لإتمام بناء الدولة الدينية بعد رسول الله (ص) و الحاكم الذي يضع دعائم الدولة المدنية على أسس فرق تسد، و اِستعمال الإسلام للبقاء في الحكم، و بين الذي هو القادر بشبابه و عنفوانه و قدرة ملكة عقله، و نابغة فكره و سلامة سريرته و طهر معدنه، لوضع أساس بناء حضارة العلم و المعرفة، و اليقين، حضارة الحاكم الذي هو شمعة تحترق لتضيء الطريق للآخرين، حضارة الحاكم العابد في الليل و رعيته نيام، و عاملا بالنهار خوفا من الله ان تشكوه يوم الحساب،الاِمام الحاكم ( كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم ) و خط فاصل بين ما حدث قبله و ما سيحدث من بعده الى يوم الدين، خط فاصل بين الخليفة بالنص و الخليفة بالسطو و الإكراه و إذلال الشرفاء و حرق باب بيت الزهراء عليها السلام.
من أقوال الإمام علي كرم الله وجهه «و اِذا غلبت الرعية واليها، أو أجحف الوالي برعيته اختلفت هنالك الكلمة، و ظهرت معالم الجور، و كثر الاِدْغال في الدين، وتركت محاج السنن، فعُمل بالهوى، و عطلت الأحكام، وكثرت علل النفوس، فلا يستوحش لعظيم حق عُطل و لا للعظيم باطل فعُل، فهنالك تذل الأبرار و تعز الأشرار، و تعظْمُ تبِعات الله سبحانه عند العباد. فعليكم بالتناصح في ذلك و حسن التعاون عليه، فليس أحد وان اشتد على رضا الله حرصه و طال العمل اِجتهاده ببالغ حقيقة ما الله سبحانه أهله من الطاعة له».
في هذا النص من خطبة الإمام علي (ع) وضع معالم حركة البعثة الحضارية الاِسلامية في نظرية التوازن الاجتماعي ، في علاقة الحاكم و الرعية، و الأفراد مع بعضهم، كل واحد يعمل من أجل بناء الدولة الحضارة الإسلامية بعلاقة التآخي و التآزر و التحاب، و كل واحد منهم ـ الحاكم أو الرعية ـ يعرف ما هي واجباته و ما هي حقوقه.
قال رسول الله (ص) << إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيــكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ، لَنْ تَضِــلُّوا بَعْدِي، الثَّقَلَيـــــْنِ، وَأَحَدُهُمَــــا أَكْـــــبَرُ مِنَ الْآخَــــــرِ، كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، وَعِتْرَتِي أَهْـلُ بَيْتِي، أَلَا وَإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَـيَّ الْحَــوْضَ[6] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftn6)>>,
حيث غدير خم و بعد اِجتماع الناس ناد مناديا بأمر النبي (ص) صلاة جامعة لصلاة الظهر مفاجئا مناوئيه فأختلط عليهم الأمر و لم يصدقوا ما سمعته آذنهم ، فصدّت أفواههم عن الهرج و المرج ، و شلت أرجلهم عن الوقوف و الجلوس، مما وعته عقولهم من يقين الحديث.
[1] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftnref1) . قال ابن عباس : الأميون العرب كلهم ، من كتب منهم ومن لم يكتب ، لأنهم لم يكونوا أهل كتاب . وقيل : الأميون الذين لا يكتبون . وكذلك كانت قريش
[2] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftnref2) . نهج البلاغة
[3] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftnref3) .انظر كتاب العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي ، الغدير و المعارضون
[4] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftnref4) . شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام للتراث و الفکر الإسلامي
[5] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftnref5) .العلامة محمد تقي المصباح اليزيدي،السير على درب الحبيب،ط، دار المحجة البضاء 2005،ص، 182
[6] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftnref6) .أخبرنا أبو سعيد محمد بن علي الصَّفَّار، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المَخْلدِي، قال: أخبرنا محمد بن حَمْدُون بن خالد، قال: حدَّثنا محمد بن إبراهيم الحلْوانِي، قال: حدَّثنا الحسن بن حماد سِجَّادة، قال: أخبرنا علي بن عابس، عن الأعمش، وأبي الحَجَّاب عن عطية، عن أبي سعيد الخُدْرِي، قال:
نزلت هذه الآية: { يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} يوم "غَدِير خُمّ" في علي بن أبي طالب، رضي الله عنه.
اللهم صل على محمد و آله
مستبصر يحاول أن يكتب عن الأئمة الأطهار (ع) ليعرفهم أكثر.
هذا جهد متواضع في حقهم، و ما يجب علي لكي أعرفهم و أكون من شيعتهم أن عمل كثيرا باجتهاد كبير لأوفي حقهم الأعظم .
السلام عليكم
{هو الذي بعث في الأمييــن رســولا منهم يتلو عليـهم آيــاته ويزكيهم ويعلمهــم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفـي ضلال مبيـن (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=3456&idto=3456&bk_no=48&ID=2916#docu)[1] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftn1) }الجمعة
تكونت الدولة المحمدية بأعظم جهد و على أسس و دعائم إسلامية، حيث يثرب، بعد بيعة العقبة ، و عن البيعتين هاجر أصحاب رسول الله محمد (ص)، الذين صدقوه وآمنوا به و بما أنزل إليه من ربه، من مكة حيث تقطن قريش بالظلم ، و القهر، و التعدي على الأجساد بكل الصفات العذاب بدون رحمة، و لا شفقة، بسفك دماء المسلمين، و حرق ممتلكاتهم و حجزها، ـ كما تبيع الدول العربية و تحجز ممتلكات معارضيهم ـ ، و تجويعهم، و حجزهم في المعسكرات الاِبادة، ـ كما تحجز الدول العربية معارضيهم في المعسكرات الاِعتقال و الاِبادة ـ ، و بيع بيت النبي الأكرم (ص)، الى المدينة المنورة الحاضنة المسالمون قاطنيها و الوفية لعهد العقبة، و فيهم من الأنصار من طلق إحدى زوجاته و زوجها للمهاجر، و عندما خرج آخر المهاجرين من مكة، و بإذن من الله، هاجر النبي (ص)، حاملا راحلته إلى المدينة المنورة ملتحقا بأصحابه، فاستقبلته برمتها حفاوةً، و مدحًا، حيث هي، قد رجع الأمر كله اليه (ص) دينيا و سياسيا، و العدل، يشغل رئاسة الدولة و الزعامة السياسية و الاجتماعية،و القضائية و هو المرجعية الدينية بلا منازع، بمؤازرة أهل المدينة من أوس و خزرج، « كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى » الحجرات.
و حين حجة الوداع، فقد اِنجلت صفة الأمية نهائيا عن جزيرة العرب، و رمتْ الأوثان في مزبلة الجاهلية، فأصبحت تعبد إلهًا واحدا و دينًا واحدا، فتعلمت الكتاب و الحكمة، و في حينها، قد خطب رسول الله (ص) في الناس أن يبلغهم أمر الله تعالى، فلما وصل بخطابه الى حديث الإمامة و الولاية،و المرجع الديني من بعده (ص)، فقد أختار له الزمان يوم عرفة،و المكان جبل عرفات، يعتبر يوم عبادة، و اِنقطاع الى الله سبحانه، كل شخص فيه مهتم بنفسه، مرتبطا بالله خاشعا له بالدعاء و الاِبتهال و المناجاة، حين هو، يوم ليس للسياسة و الدعاية الحزبية، و تنصيب الأفراد في الأماكن الريادية ، و لكن أمرا اِلهي تجاوز المكان و الزمان و الأفعال و الأقوال البشرية فقد نزل، يجب تبليغه للناس لينتشر في بقاع الأرض الإسلامية، و يضع الأمة تحت مسؤولياتها التاريخية، و ليكشف، و يعري المعارضين و المناوئين لهذا الأمر الإلهي أمام كل الناس ، و توا، تصدت له قريش الطامحة للرياسة و الحكم، لتمنعه أن يبلغ أمر الله،و المرجع الديني المعصوم، بالهرج المرج، و الوقوف الجلوس، فعمت الفوضى،فلم يستطيع الحجاج سماع خطاب رسول الله (ص)، حينها قد عصت أمر الله في يوم الحج و في يوم عظيم برفع الأصوات فوق صوت النبي(ص)، فحبطت أعمالهم، قال تعالى « يَـأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُواْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىِّ وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْض أَن تَحْبَطَ أَعمَـلُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ» الحجرات.
ففي تلك اللحظة قد صدق حدس النبي، و تبين للعيان من الصادقين أن في أصحابه خطين متوازيين لن يلتقيا أبدا: خط يبحث على أن يحافظ على الدولة الإسلامية الفتية و يثبت أساسها و يوطد أعمدتها و يشيد بنيانها بالفكر الاِسلامي السليم، الجامع للأمة، و موحدها، و المؤاخي بين أفرادها، و مجتمعاتها، الباعث للوثبة الحضارية، و من مقاصدها السلم، السلام، الحكم العادل، العيش في الرفاهية، و توزيع العادل للثروة، يقول علي كرم الله وجهه « فأحفظ للرعية جناحك، و أبسط لهم وجهك، وألن لهم جانبك، و آس بينهم في اللحظة و النظرة و الإشارة و التحية؛ حتى لا يطمع العظماء في حيفك و لا ييأس الضعفاء من عدلك، و السلام[2] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftn2)»من أقوال النبي (ص) في الإمام علي عليه السلام « أنا مدينة العلم و علي بابها...»، يقول الإمام المجتبى الحسن (ع)» : والله ، لقد قُبض فيكم الليلة رجلٌ ما سبقه الأولون إ لا بفضل النبوة ، ولا يدركه الآخرون ، واِن رسول الله ( صّلى الله عليه وآله وسّلم ) كان يبعثه المبعث فيكتنفه جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره فلا يرجع حتى يفتح الله عليه»، و خط ثان اِدعى ظاهريا " أنهم يوقرون رسول الله (ص) و يتبركون بفضل وضوئه و ببصاقه، حتى بنخامه[3] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftn3)" و يفتح الفتح الإسلامي بشعرة في قلنسوة على رأسه، حاملا الحطب لحرق باب بيت فاطمة الزهراء (ع)، و يتحاملون على الأمام علي كرم الله وجهه و شيعتهم، بكل برودة و تصفية حسابات، و أُمًا تأكل أولادها بلا شفقة تجوب الشعاب و القفار و العمران تحريضا، يبحث عن الرياسة بكل الوسائل خاصة باِستعمال الدين، و الإرهاب، و القمع، لتحقيق مآرب دنيوية و مصالح ذاتية.
وَيَوْمَ الدَّوحِ دَوْحِ غَديرِ خُمٍّ أبانَ لَهُ الوَلاَيَةَ لَوْ أُطِيعَــا
وَلَكِنَّ الرِّجَالَ تَبَايَعُوهَـــــــا فَلمْ أَرَ مِثْلَهَا خَطَراً مَبِيعَـا
و بعد ما اِنقضت مراسم الحج، خرج (ص) من مكة بالحجيج متجها الى المدينة المنورة، و لم يزر البيت، ومعه في الوفد الضخم بعض الصحابة الذين منعوه و قريش من تثبيت إمامة علي كرم الله وجهه، فقد خطر في خاطرهم، و قد همس الشيطان في آذانهم أن النبي(ص)، قد اِرتكن إليهم، بحمل راحلته من مكة إلى المدينة، و تمت السيطرة عليه، و على الوضع أصبح اليهم «إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ» الأنفال.
و عند مفترق الطرق المؤدية الى المدينة المنورة، و العراق، و الشام، و مصر، حيث غدير خم، تفرق الناس عن رسول الله(ص) كل الى جهته، و فجأة، وبأمر من الله ، حين نزل عليه الوحي أن يجمع الناس لتبليغهم النص بإمامة علي (ع)، فقد دعا رسول الله (ص) عليا (ع) ان يرد المتقدمين عنه و ينتظر المتأخرين، ففي حديث جابر بن عبد الله الأنصاري : «إن رسول الله نزل بخم فتنحى الناس عنه ، وأمر عليا فجمعهم[4] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftn4) « وفي حديث عامر بن ضمرة وحذيفة بن أسيد ، قالا : « لما صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ، ولم يحج غيرها ، أقبل حتى إذا كان بالجحفة نهى عن شجرات بالبطحاء متقاربات لا ينزلوا تحتهن». حديث زيد بن أرقم : " فأمر بالدوحات فقم ما تحتهن من شوك.
اِن غدير خم مفترق الطرق الفاصله بين دولة الحق و دولة الباطل بين الحكم العادل و الحكم الإرهاب، و بين الخير و الشر، و بين الحاكم بمعرفة الحقًة لله و محبته الذي طلق لذًات الدنيا الفانية « لو كان رضاك في أن أقطع اِربا اِربا و أقتل سبعين قتلة بأشد ما يقتل به الناس لكان رضاك أحب إليً[5] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftn5)»، و الحاكم بجهله يتمتع بمختلف اللذات الدنيوية، و بين الحاكم العارف للقرآن و الأحاديث الصحاح « الحكيم الذي عنده القدرة على اِدراك المعارف اليقينية و عندما يحصل على هذه القدرة يحصل على العلوم و المعارف الصحيحة الخاصة» وبين الحاكم الذي يجهلهما، لا يقين له، «لأن اليقين هو نتيجة المعرفة و العلم» ، بين الحاكم الذي يعمل لإتمام بناء الدولة الدينية بعد رسول الله (ص) و الحاكم الذي يضع دعائم الدولة المدنية على أسس فرق تسد، و اِستعمال الإسلام للبقاء في الحكم، و بين الذي هو القادر بشبابه و عنفوانه و قدرة ملكة عقله، و نابغة فكره و سلامة سريرته و طهر معدنه، لوضع أساس بناء حضارة العلم و المعرفة، و اليقين، حضارة الحاكم الذي هو شمعة تحترق لتضيء الطريق للآخرين، حضارة الحاكم العابد في الليل و رعيته نيام، و عاملا بالنهار خوفا من الله ان تشكوه يوم الحساب،الاِمام الحاكم ( كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم ) و خط فاصل بين ما حدث قبله و ما سيحدث من بعده الى يوم الدين، خط فاصل بين الخليفة بالنص و الخليفة بالسطو و الإكراه و إذلال الشرفاء و حرق باب بيت الزهراء عليها السلام.
من أقوال الإمام علي كرم الله وجهه «و اِذا غلبت الرعية واليها، أو أجحف الوالي برعيته اختلفت هنالك الكلمة، و ظهرت معالم الجور، و كثر الاِدْغال في الدين، وتركت محاج السنن، فعُمل بالهوى، و عطلت الأحكام، وكثرت علل النفوس، فلا يستوحش لعظيم حق عُطل و لا للعظيم باطل فعُل، فهنالك تذل الأبرار و تعز الأشرار، و تعظْمُ تبِعات الله سبحانه عند العباد. فعليكم بالتناصح في ذلك و حسن التعاون عليه، فليس أحد وان اشتد على رضا الله حرصه و طال العمل اِجتهاده ببالغ حقيقة ما الله سبحانه أهله من الطاعة له».
في هذا النص من خطبة الإمام علي (ع) وضع معالم حركة البعثة الحضارية الاِسلامية في نظرية التوازن الاجتماعي ، في علاقة الحاكم و الرعية، و الأفراد مع بعضهم، كل واحد يعمل من أجل بناء الدولة الحضارة الإسلامية بعلاقة التآخي و التآزر و التحاب، و كل واحد منهم ـ الحاكم أو الرعية ـ يعرف ما هي واجباته و ما هي حقوقه.
قال رسول الله (ص) << إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيــكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ، لَنْ تَضِــلُّوا بَعْدِي، الثَّقَلَيـــــْنِ، وَأَحَدُهُمَــــا أَكْـــــبَرُ مِنَ الْآخَــــــرِ، كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، وَعِتْرَتِي أَهْـلُ بَيْتِي، أَلَا وَإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَـيَّ الْحَــوْضَ[6] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftn6)>>,
حيث غدير خم و بعد اِجتماع الناس ناد مناديا بأمر النبي (ص) صلاة جامعة لصلاة الظهر مفاجئا مناوئيه فأختلط عليهم الأمر و لم يصدقوا ما سمعته آذنهم ، فصدّت أفواههم عن الهرج و المرج ، و شلت أرجلهم عن الوقوف و الجلوس، مما وعته عقولهم من يقين الحديث.
[1] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftnref1) . قال ابن عباس : الأميون العرب كلهم ، من كتب منهم ومن لم يكتب ، لأنهم لم يكونوا أهل كتاب . وقيل : الأميون الذين لا يكتبون . وكذلك كانت قريش
[2] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftnref2) . نهج البلاغة
[3] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftnref3) .انظر كتاب العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي ، الغدير و المعارضون
[4] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftnref4) . شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام للتراث و الفکر الإسلامي
[5] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftnref5) .العلامة محمد تقي المصباح اليزيدي،السير على درب الحبيب،ط، دار المحجة البضاء 2005،ص، 182
[6] (http://www.shiaali.net/vb/#_ftnref6) .أخبرنا أبو سعيد محمد بن علي الصَّفَّار، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المَخْلدِي، قال: أخبرنا محمد بن حَمْدُون بن خالد، قال: حدَّثنا محمد بن إبراهيم الحلْوانِي، قال: حدَّثنا الحسن بن حماد سِجَّادة، قال: أخبرنا علي بن عابس، عن الأعمش، وأبي الحَجَّاب عن عطية، عن أبي سعيد الخُدْرِي، قال:
نزلت هذه الآية: { يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} يوم "غَدِير خُمّ" في علي بن أبي طالب، رضي الله عنه.