المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رأي الجاحظ في معاوية و الأمويين


ابراهيم الجزائر
29-02-2016, 11:59 PM
باسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد و آله
السلام عليكم


رأي الجاحظ في معاوية و الأمويين

فعندما استوي معاوية على الملك، و استبد على الشورى، و على جماعة المسلمين الأنصار و المهاجرين في العام الذي سموه عام الجماعة ، و ما كان جماعة بل عام فرقة و قهر، و جبرية،و غليه، و العام الذي تحولت فيه الإمامة ملكا كسرويا و الخلافة غصبا قيصريا، و لم يعد ذلك اجمع الضلال و الفسق، ثم ما ألت معاصيه من جنس ما حكينا، و على منازل ما رتبنا حتى رد قضية رسول الله ( صلى الله عليه و سلم) ردا مكشوفا، و جحد حكمه جحدا ظاهرا في ولد الفراش، و ما يجب للعاهر مع اجتماع الأمة ان سمية لم تكن لأبي سفيان فراشا و انه إنما كان بها عاهرا فخرج بذلك من حكم الفجار إلى حكم الكفار، و ليس قتل حجر بن عدي ، و إطعام عمرو بن العاص خراج مصر، و بيعة يزيد الخليع و الاِستئثار بالفئ ، و اِختيار الولاة على الهوى و تعطيل الحدود بالشفاعة و القرابة من جنس جحد الأحكام المنصوصة ، و الشرائع المشهورة، و السنن المنصوبة، ...

و قد أربت عليهم نابتة عصرنا، و مبتدعة دهرنا فقالت: لا تسبوه فانه له صحبة، و سب معاوية بدعة، و من يبغضه فقد خالف السنة. فزعمت أن من السنة ترك البرآة ممن جحد السنة. ثم الذي كان من يزيد اِبنه ، ومن عماله ، و أهل نصرته ثم غزو مكة و رمى الكعبة ، و استباح المدينة، و قتل الحسين عليه السلام في أكثر أهل بيته مصابيح الظلام ، و أوتاد الإسلام بعد الذي أعطى من نفسه من تفريق أتباعه و الرجوع إلى داره و حرمه أو الذهاب في الأرض حتى لا يحس به،او المقام حيث أمر به، فأبوا إلا قتله و النزول على حكمهم و سواء قتل نفسه بيده او أسلمها إلى عدوه و خير فيها من لا يبرد غليله الا بشرب دمه.
فاحسبوا قتله ليس بكفر، و إباحة المدينة و هتك الحرمة ليس بحجة كيف تقولون في رمي الكعبة، و هدم البيت الحرام و قبلة المسلمين؟ فاِن قلتم ليس ذلك أرادوا بل إنما أرادوا المتحرز به،و المتحصن بحيطانها فما كان في حق البيت و حريمه أن يحصروه فيه إلى أن يعطى بيده. و أي شئ بقى من رجل قد أخذت عليه الأرض إلا موضع قدمه ؟ و أحسب ما رووا عليه من الأشعار التي قولها شرك ، و التمثل بها كفر شيئا مصنوعا . كيف تصنع بنقر القضيب بين ثنتى الحسين عليه السلام، و حمل بنات رسول الله صلى الله عله و سلم حواسر على الأقتاب العارية ، و الإبل الصعاب، و الكشف عن عورة علي بن الحسين عند الشك فيه في بلوغه على أنهم اِن وجدوه و قد أنبت قتلوه، و اِن لم يكن أنبت حملوه كما يصنع أمير جيش المسلمين بذراري المشركين. و كيف تقول في عبيد الله اِبن زياد لاِخوته و خاصته دعوني أقتله فاِنه بقية هذا النسل. فأحسم به هذا القرن ، و أميت به هذا الداء، و أقطع به هذه المادة.

خبرونا على ما تدل هذه القسوة و هذه الغلظة بعد أن شفوا أنفسهم بقتلهم ، و نالوا ما أحبوا فيهم ! أتدل على نصب و سوء رأي ، و حقد، و بغضاء، و نفاق و عل يقين مدخول وإيمان مخروج ؟ أم تدل على الاِخلاص، و على حب النبي صلى الله عليه و سلم و الحفظ له! و على براءة الساحة، و صحة السريرة فاِن كان على ما وصفنا لا يعدو الفسق و الظلال و ذلك أدنى منازله. فالفاسق ملعون ، و من نهى عن لعن الفاسق فملعون.

كتاب راي أبي عثمان عمرو بنبحر الجاحظ في معاوية و الأمويين.
رسالة عني بنشرها ، و صححها، و كتب هوامشها و ترجم لمؤلفها : السيد عزت العطار الحسيني، يونيه سنة 1946 م