المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آية الولاية - النور البهي على دليل إمامة أمير المؤمنين علي عليه السلام


اليمني الاول
14-06-2016, 11:34 PM
الإمامة من منظور الشريعة الإسلامية

اليمني الاول
14-06-2016, 11:49 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
{ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان }. صدق الله العظيم.
الأخوة الأفاضل أعضاء منتديات أنا شيعي العالمية مبارك عليكم الشهر الفضيل، أعاده الله عليكم وعلى جميع المسلمين بالخير والبركات، وكل عام وأنتم طيبون.

بهذه المناسبة الإسلامية الغالية، سيكون لنا، إن شاء الله تعالى، وقفة مع القرآن العظيم، نتناول فيها بعض الآيات التي تتضمن المسائل العقائدية لأتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام.
ونظرا لما للولاية من أهمية بالغة في فكر وعقيدة شيعة آل محمد ص، فإننا سنناقش هذه المسالة بالتفصيل.

ومعلوم أن آية الولاية هي أحد الأدلة التي يحتج بها أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم على أن عليا عليه السلام هو الخليفة الشرعي للرسول صلى الله عليه.
سوف نقدم بيانا مفصلا نوضح فيه معنى الآية توضيحا كاملا، مؤيدا بالأدلة العلمية والبراهين المفيدة لليقين ؛

وسنوافيكم بذلك تباعا خلال ليالي الشهر الفضيل إن شاء الله.
( النور البهي في الدليل على ولاية سيد الاوصياء الإمام علي عليه السلام).
سنقدم دراسة بحثية متكاملة حول آية الولاية، وكفى بها دليلا قاطعا وبرهانا ساطعا على إمامة أبي الحسن عليهما السلام.
فأنتم على موعد مع نفائس التأويل، تأتيكم من ربوع اليمن السعيد، فحتى ذلك الحين لكم منا أطيب التحايا والأمنيات.
........................................

روى ثقة الإسلام الكليني أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( أفضل الرجال أهل اليمن، الإيمان يماني والحكمة يمانية، ولولا الهجرة لكنت امرءاً من أهل اليمن ).

اليمني الاول
14-06-2016, 11:52 PM
بسم الله العالي مولى الولاية والولي
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي وثقتي.

《 آية الولايـــــــة 》.

قال عزوجل : { إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون }.

هذه هي الآية التي يستدل بها أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم على أن عليا عليه السلام هو الخليفة الشرعي للرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
وسوف نقوم بتأويل الآية لكي يزيد الحق وضوحا.

المنهج المُعتمَد في تأويل الآية الشريفة :

اعتمدنا في تأويل الآية منهجاً تكامُلياً ، يتمثل بما يــلـي :
* الجمع بين الشرع والعقل.
* الأخذ بظاهر النّصّ إن كان مجرَّدا من القرائن الصارفة، ولم يتعارض والضرورة العقلية ، ما لم ففي ضوء الدّلالة السياقية ، وما يصاحب النص من قرائن نقلية أو عقلية ، لفظية أو معنوية.
* آيات القرآن يفسّر بعضها بعضا ويوضح بعضها البعض.
* السّنّة الصّحيحة والقطعية توافق القرآن وتفسّره.
* تطبيق قواعد علوم البلاغة ، المعاني، والبيان، والبديع.
* تطبيق قواعد علم النّحو والصرف.
* تطبيق قواعد علم المنطق وعلم الكلام.
* الاستشهاد بالشِّعر العربي البليغ عند اللّزوم.

ووفقاً للمنهجية المعتمَدة ، تعلم أخي القارئ أنّنا لم نعتمد على التفسير المعجمي للمفردات ، إلّا في حالات نادرة ، ومِن باب الاستئناس ليس إلّا ؛ لأنّ التفسير المعجمي ليس فيصلا في تحديد المعنى المراد.


إنّ اللّغة مفتاح المعرفة ، وقد قيل ، وقولُهم صواب ، :
( مَن لم ينشأ على أن يحبّ لغةَ قومه ، استخفّ بتراث أمّته ، واستهان بخصائص قوميته ، ومن لم يبذل الجهد في بلوغ درجة الإتقان في أمر من الأمور الجوهرية، اتسَمَت حياته بتبلد الشعور ، وانحلال الشخصية ، والقعود عن العمل ، وأصبح ديدنه التهاون والسطحية في سائر الأمور ).
..........................................


وقبل الخوض في التفاصيل أودُّ لفت نظر القارئ الكريم إلى مسألة مهمة وهي : إنّ معرفة المعنى المراد في الآية، وفهم التفسير الّذي قررناه فهما تاما يتطلب من القارئ الكريم أن يكون مُلِمّا ً إلماما ً كافيا بعلوم اللغة العربية ، لأنّ التأويل الذي اعتمدناه وقدّمناه للقُرّاء الكرام، عبارة عن تطبيق عملي للمعارف اللّسانية، والقواعد اللغوية المنثورة في كتب علم النّحو الصّرف ، وعلوم البلاغة وغيرها.
إلى اللقاء أيها الأحبة، غدا تبدأ الحكاية...........

اليمني الاول
15-06-2016, 10:00 PM
من أصل تسعة فصول، نقدم لكم الفصل السابع كونه مخصصا لمناقشة دليل ولاية أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.

......... .......
الفصل السابع

مَن هو وليُّ الأمرِ الأوّل بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بلا فصل ؟.

..........................................

المقصود بـِ من هو : معرفته بذاته وصفته واسمه.
وقد عرفنا من آية الإطاعة أنّ الرسول وأولي الأمر بشرٌ، وعرفنا أيضاً صفاتهم.
بقيَ أمرٌ واحد ؛ هو معرفة الاسم ، اسم وليّ الأمر بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بلا فصل حتى نتمكّن من أداء الطّاعة الّتي فرضها اللهُ له.
إنّ المتدبِّـــر لآيِ الذِّكرِ الحـكيـم يجد أنّ الجــواب عن هذه المسألة موجودٌ في الآيــة رقم 55 من سورة المائدة !.

وهذه الآية هي الّتي ذكَرنا في مقدّمة الكتاب أنّها مرتبطة ارتباطا وثيقا بآية الإطاعة.
آية الولاية :
قال عزوجل : ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ
رَاكِعُونَ ﴾.
القارئ العادي، المتّصِف بالسطحية والعشوائية ، عندما يقرأ آية الولاية يتوهم أنّ " الّذين ءامنوا " الوارد فيها مستغرق للِأمّة الإسلامية أجمعين !.

ولكنّ القارئ اللّبيب، الخبير بأساليب وفنون اللّسان العربيّ، يفهم أنّ الاسم الموصول في الآية الشريفة أسلوبٌ بلاغيٌّ رفيع ، في غاية الفخامة والجزالة، دلَّ على إغراق في مذاهب البلاغة ومنازع الفصاحة ، وكان له أكبر الأثر في بيان المعنى المقصود على أكمل وجهٍ وأتمَّه.

فهَيّا إلى رحلة العُمْرِ ومعرفة النّبأ العظيم ؛ سوف تجدون إِمامكم من جهةِ اليَمَن.
عِنـــد الـــذُّنَـيْـبِيِّ الخبـــرُ اليـقيـــن.
..................................

الكلام حول آية الولاية يتمحور حول مقصدَينِ :

المقصَـدُ الأوّل : المعنى المراد في آية الولايـــــــة.

المقصد الثاني : إسم وليّ الأمر الأوّل خِلافةً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

اليمني الاول
15-06-2016, 10:02 PM
المقصـد الأوّل
المعنى المُراد في آية الولاية.

يتمّ معرفة المعنى في الآية الشريفة من خلال التالي :

* أداة القصر الموجودة في الآية الكريمة : إنّما.
* الإطناب الموجود في الآية المباركة، قوله تعالى :
" الّذين يقيمون الصّلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ".
* معنى الركوع الوارد في الآية الكريمة : " وهم راكعون ".
* معنى الوليّ الوارد في الآية الشريفة : " وليّكم ".
* المقصود من قوله تعالى : " الّذين ءامنوا الّذين ........ " الآية.
هل هو شخص واحد أو مجموعة أشخاص ؟.

تلكم هي العناوين المعتمدة لبيان المعنى المقصود في آية الولايــــــة. وإلى التـفاصيــل : ـ

أوّلاً : القصر الموجود في الآية الشريفة
القصر في الاصطلاح : تخصيص أمرٍ بآخر بطريق مخصوص ؛ وأركانُه هي :
أداة القصر ، والمقصور ، والمقصور عليه.
أداة القصر في الآية : " إنّما ". تفيد معنى الحصر والتوكيد.
المقصور في الآية : الولاية ؛ لفظ " وليـّـكم ".
المقصور عليه : " الله ، ورسوله ، والّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة
ويؤتون الزكاة وهم راكعون ".
إذاً ، الولاية مقصورةٌ على ثلاثة أطراف ، منفيّةٌ عمّن عداهم ، مقصورة على :
" الله ورسوله والّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ".

أنت ترى، أخي القارئ، أنّ النّصّ القرآني لم يتوقّف عند قوله تعالى :
" الّذين ءامنوا" ؛ ولو توقّفَ لكان ذلك معيباً ، وخدشاً في اللّسان العربي المبين؛ لأنّ الآية مُصَدَّرَة بأداة القصر " إنّما " وهي للتخصيص ، و" الّذين ءامنوا " إسم جنس ؛ فتكون الآية في تلك الحالة مركَّبا ناقصا لا يصح السكوت عليه؛ فلا بدّ إذاً ، من التفصيل والتوضيح ، لكي يزول الإبهام ، ويبلغ البنيان تمامه.

وقد جاء البيان الأكمل ، قوله عزّ وجلّ :
" الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ".
هذا الشطر من الآية يسمّى ، من وجهة نظر علم البلاغة ، استئنافاً بيانيّا، نوعه : كمال اتصال. ومن وجهة نظر علم النحو ، تابعا، نوعه : نعت، وعطف بيان، وتوكيد، ومُبْدَل منه وليس بدلاً ، وسنوافيكم بالبدل في الموضع المناسب.
ومن وجهة نظر علم الدّلالة ، تعيينا، ومن وجهة نظر علم المنطق وعلم الكلام، تشخُّصاً ، أفادَ تمييز الموصوف عن غيره وحدّد جنسه وذاته.

ثانياً : الدّلالة المعنوية للإطناب في الآية الشريفة
الإطناب في آية الولاية ، عبارة عن جملة حالية ، جيء بها من أجل تمييز مَن عناه النّصّ القرآني بـِ " الّذين ءامنوا ". والحال عبارة عن وصف ، أي نعت.
ووفقاً لعلم المعــاني، فإنّ الوصف يؤتَى بـه لأغراض عدّة ، منها، تمييز الموصوف عمّا عداه بشيءٍ معلوم تتمّ به معرفته وتمييزه عن غيره أكمل تمييز.

" الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " جملة حالية.
أركان الجملة الحالية :
وهم راكعون : الواو للحال ، الإتيان بالواو في هذا الموضع واجب.
هم راكعون : جملة الحال ، وهي جملة إسمية ، في محل نصب حال.
يؤتون الزكاة : العامل في الحال.
الّذين ءامنوا : صاحب الحال.
يقيمون الصلاة : لا محلّ لها من الإعراب.

والحال وصفٌ لبيان هيئة الفعل، وهي نوعان : حال ثابتة، وحال متنقِّلة.
الحال المذكورة في آية الولاية بيّنَت الكيفيّة الّتي حصل بها إيتاء الزكاة، وهي حال متنقّلة.
وبنـــاءً على ذلك، يكون المقصود هو التالي :
" الّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة حال ركوعهم ".
" الّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة إذ هم راكعون ".
" الّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة أثناء ركوعهم ".

التابع، في الآية الشريفة ، جملةٌ خبريّة ، وهي الّتي تحتمل الصدق والكذب؛ والقرآن الكريم صدقٌ كلّه، لا كذبَ فيه، قطعاً حصلَ إيتاءٌ للزكاة أثناء الركوع، فيكون المعنى المستفاد : أنّه وقع من صاحب الحال (الّذين ءامنوا) إيتاء الزكاة حال الركوع ؛ والركوع ركنٌ من أركان الصلاة.

قد يقول سائلٌ : إذا كان المعنى كما ذكرتَ فلماذا جاء الفعل في الآية بصيغة الزمن الحاضر، أي بصيغة المضارع، ولم يأتِ بصيغة الماضي هكذا : " الّذين ءامنوا الّذين أقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة وهم راكعون " ؟

الدّلالة المعنوية لاستخدام صيغة الزمن المضارع :

1 - الدّلالة على أنّ الحال المذكورة مرئية للعيان ، متحققة فعلاً ، وأنّ المخاطبين عند نزول الآية شاهدوا الواقعة ، ولا زالوا يعيشون الحدث ـ إيتاء الزكاة حال الركوع ـ وصاحب الحال حاضرٌ أمامهم، موجودٌ بينهم؛
فنزول الآية في نفس الوقت والحال قبل مغادرة المشاهدين الكرام مفاده الخبر التالي : إنّ هذا المؤمن المؤتي الزكاة حال ركوعه ، والمُشاهَد فورا هو وليّكم، هو نفسه لا أحدَ غيره ، فآمِنوا بذلك وكونوا عليه من الشاهدين.
فالآية الشريفة بمثابة نبأ عاجل، والأنباء العاجلة لا تكون بصيغة الزمن الماضي، وهذا يدلّ على أنّ الحال المذكورة في الآية ، والّتي يسخر منها الكثيرون ، هي السبب في نزول آية الولاية.
ولو تمّ استخدام صيغة الزمن الماضي لفَقدَ البلاغ الفوري أهميته ، وتأثيره النّفسي والبياني، ومقصده الجليل.
لأنّه يؤدّي إلى احتمال وتوهم أنّ إيتاء الزكاة حال الركوع قد صدر عن أكثر من شخص فيقع الاشتراك واللّبس ، نظراً للعامل الزّمني الدّال على المُضي والانقضاء ، ونظرا لأنّ " الّذين ءامنوا " اسم جنس.
وعندها سيقول خُبراء الإجماع، وأساطين التفسير إنّ الآية نزلت للإخبار عن الأمم البائدة ، والعصور الغابرة ؛ ولعلّهم سيرجّحون أنّها نزلت في شأن نبيّ الله داوود ونبيّ الله سليمان عليهما السلام، لأنّهم كانوا أغنياء جدّاً ، أمّا أمّة محمّد فلا شأنَ لها بهذه الآية ، لأنّ الرسول وأصحابه كانوا فقراء ، يفترشون الحصير، ويلتحفون السماء فأنّى لهم أن يؤتوا الزكاة ؟.
ومن أجل سدّ أبواب السفسطة ، ونفي أي توهم أو لبس ، تمّ استعمال الزمن الحاضر الدّال على الحال ؛ لأنّه يستحيل، عقلاً ومنطقاً، أن يتّصف بهذا الفعل المتميِّز، والفريد من نوعه ـ إيتاء الزكاة حال الركوع ـ يستحيل أن يتصف به، أو يقوم به أكثر من شخص في نفس الزمن ونفس الوقت ؛ لأنّ الحال في الآية حال متنقِّلة ؛ فصاحب الحال ليس إلّا واحداً معيَّنَا، مخصوصاً بذاته ونعته و إسمه ، وهو
مِن أمّة محمّدٍ صلى الله عليه وآله.

2 - الدّلالة على الحال ، والتأكيد على أنّ التابع في آية الولاية جملة حالية ؛ لأنّ الفعل المضارع ، في الأصل ، يُستعمَل لِحكاية الحال.
والإتيــان بالمضارع مُراداً به الماضي كثيرُ الورود في اللّســـان العربي، وشواهده لا تُحصى ؛
قال تعالى : ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ ﴾.
الإعطاء محققٌ ، قد وقع وحصل ، وجيء بالمضارع لحكاية الحال، فكأنّ الإعطاء واقع حالاً.
وقال تعالى : ﴿ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾.
تقتلون : فعل مضارع ، معطوف على كذّبتم : فعل ماضٍ ؛ المعنى : فريقاً كذّبتم وفريقاً قتلتم. وتمّ العدول عن الماضي إلى المضارع لحكاية الحال، ونظراً لأنّ في المضارع استحضار صورة الماضي في الذّهن ، فتكون ماثلة أمام النّفس وتأثيرها أبلغ وأقوى.
وقال الشــاعــر :
فلمّا خشيتُ أظافيرهم نجوتُ وأرهنُهم مالكا.
(دلائل الإعجاز - عبدالقاهرالجرجاني).
ينطبق على البيت الشعري نفس الكلام المذكور آنفاً، حيث إنّ الشاعر عطفَ الفعل المضارع " أرهنهم " على الفعل الماضي " نجوتُ " ؛ فالمعنى :
نجوتُ ورهنتهم مالكا ، وإنّما جيء بالمضارع لحكاية الحال ، واستحضار صورة الماضي.

وعليــه ، فإنّ صيغة المضارع في آية الولاية نقَلَت الحَدثَ من الماضي البعيد حكايةً للحال، وعرَضَتْه في مقام المشاهَدة لِيُستيقَن منه ولا يُناقَش فيه.

3 - مجيء التابع، في آية الولاية، بصيغة الزمن الحاضر فيه إشارة إلى العهدية؛ العهد الحضوري بالنّسبة للمخاطَبين عند نزول الآية، والعهد الذّهني المعنوي بالنّسبة للأجيال المتعاقبة عبر الأزمان وفي كلّ العصور، لأنّ الحال في الآية متنقِّلة، فهي معلومةٌ حسّاً ومعنى.

فليتنبّه المخاطَب إلى هذه الدّلالات المعنوية ، وليدرِك الخبر في الآية من كافّة الوجوه ؛ وسوف نُبيِّن كلَّ شيءٍ بالتفصيل إن شاء الله ، وما على القارئ الكريم إلّا أن يستحضر عقله وذهنه ، فالبحر عميقٌ ، والأمر دقيقُ المسلك.
وتستمر الحكاية .........

ثالثاً : معنى الــرّكوع : .......

اليمني الاول
15-06-2016, 10:24 PM
ثالثاً : معنى الــرّكــوع

الركوع في الشرع واللّغة معاً : الإنكباب على الوجه ، وهو التطأطؤ والإنحناء المخصوص في الصلاة ، المعروف لدى كافّة أهل القبلة.
قال صاحب معجم العين : كلُّ قَومةٍ من الصلاةِ ركعةٌ، وركع ركوعاً ، وكلّ شيء ينكبّ لوجهه ، فتمسّ ركبتُه الأرضَ أو لا تمسّ بعد أن يطأطِئ رأسَه فهو راكعٌ؛
وأنشد لِلبيد :
أخبر أخبار القرون الّتي مضت
أدبّ كأنّي كلّما قمتُ راكع.
(معجم العين - الخليل الفراهيدي - مادة ركع).

فالركوع في أصل اللّغة والشرع : التطأطؤ والانحناء ، ومنه الركوع في الصّلاة.

هذا هو المعنى الحقيقي للركوع ، ومن نظرَ إلى معاجم اللّغة وجد هذا المعنى جليّاً؛
أمّا المعاني الأخرى للركوع فهي مجازية.

وبهذا النّعت الحصري ، المخصوص ـ إيتـاء الزكـاة حـال الركــوع ـ تمّ الاعتنــاء بصاحب الحال وتمييزه أكمل تمييز، وبإمكان القاصي والدّاني معرفته ؛ لأنّ الأوصاف المذكورة لا يجهلها المخاطَبون عند نزول الآية ، فهم يعرفونها ، شاهدوها بأمِّ أعينهم؛ كما أنّه لا يجهلها من لم يكن حاضراً وقتذاك، لأنّ جميع العقلاء يدركون أنّ الحال المذكورة مستحيلة الوقوع من أكثر من شخص في نفس الزمن ، كونها حال متنقّلة، فليس المقصود بها إلّا واحداً بعينِه.
والآية الكريمة تضع جميع المخاطَبين في قلب المشهد ، وتجعلهم يستحضرون الحدَث بأذهانهم كما لو أنّه واقعٌ مشاهدٌ أمامهم.

إذاً، الولاية منحصرة في ثلاثة أطراف :
{ الله ورسولـه والمؤتون الزكاة حال الركـوع } .
....................

قد يقول سائلٌ : إذا كان الركوع هو الهيئة الّتي وقع فيها إيتاء الزكاة ، فما الدّاعي والفائدة من قوله تعالى : " يقيمون الصلاة " ؛ أليس المعنى سليماً وصحيحاً بدون جملة " يقيمون الصلاة " على هذا النّحو :
الّذين ءامنوا الّذين يؤتون الزكاة وهم راكعون ؟.

نقول : الركوع، في الآية الشريفة، وصفٌ لِبيان الكيفية الّتي وقع بها إيتاء الزكاة؛
كما أنّ الركوع وصفٌ لِبيان الكيفية الّتي تُقام بها الصلاة ، لأنّ الركوع ركنٌ من أركان الصلاة.

يقول السائلُ : نحن نعلم أنّ الركوع ركن أساسي في الصلاة، فلا صلاةَ بدون ركوع ، نعلم ذلك سواءً أذُكِر ذلك في الآية أم لم يُذكر ؟
نقول للسائل الشاطر : أحسنت ، ونحن سعداء أنّك تعلم ذلك ؛
لأنّ قوله تعالى : " يقيمون الصلاة " عبارة عن إطناب أفاد توكيد المعنى المُراد من الركـــــوع وتقريره في ذهن المخاطب ؛ حيث إنّ المراد به : الركوع الجُسماني ، وهو الإنحناء المعروف ، المخصوص في الصلاة، هو بذاتـه ، دون غيره من المعاني ، فقد جيء بعبارة " يقيمون الصلاة " من أجل توكيد هذا المعنى ، لأنّه لا صلاة بدون ركوع ، وركوع الصلاة إنحناءٌ.

إنّ الآية الشريفة أثبتت المعنى الحقيقي للركوع ونفت ما عداه من المعاني، فمعنى الركوع ، في آية الولاية ، حقيقةٌ شرعية وحقيقة لغويّة ؛ المعنى مؤكَّد مرّتين.

والعلّة من هذا البيان والتوكيد هو لجمُ بعض الشّطار الّذين يقولون إنّ للركوع معاني أخرى غير الانحناء للصلاة ؛ كالخضوع والتذلل وغيرها من المعاني المجازية.

بهذا الإطناب القرآني المقدَّس ، تمّ إخراج كافّة المعاني المجازية للركوع ، وإثبات المعنى الحقيقي ، وهو الانحناء المعروف ، المخصوص في الصلاة.
فلا يصح حمل الركوع في آية الولاية على المعاني المجازية ، لأنّ المعنى الحقيقي مُقدَّمٌ على المعنى المجازي وفقاً لعلم الأصول.

{ كتاب أحكِمَتْ آياته ثمّ فصّلتْ من لدن حكيمٍ خبير }.
.....................................

وفي هذا المقام البهيج، لا ننسى أن نتقدم بالتعازي القلبية الحارة والساخنة إلى شيوخ المعتزلة بمناسبة انهيار المعاني التي ابتكروها للركوع، سقط برج بيزا !.
ومرة أخرى، ضربة معلم، وعالي شموخك يا يمن.
......................................

وتستمر الحكاية ...... ......

رابعاً : معنى الوليّ الوارد في الآية الكريمة : ........

اليمني الاول
16-06-2016, 09:50 PM
رابعاً : معنى الوليّ الوارد في الآية الكريمة

إنّ العقلاء عندما يقرأون آية الولاية يطرحوون على أنفسهم سؤالاً : لماذا كلّ هذا التوكيد، والتخصيص، والتوضيح الموجود في آية الولاية ؟
والجواب ببساطة ، لأنّ مقام الخطاب يستلزم ذلك ، فمعلومٌ أنّه لكلّ مقامٍ مقال.
فاقتران الآية الشريفة بشواهد الاختصاص والتوكيد دليلٌ على أهمّية الخطاب، وخطورة شأنه ، هذا من ناحية ، ومن ناحيةٍ أخرى ، توضيح المعنى وتوكيده ، وتقريره في أذهان المخاطَبين بأفصح بيان ؛ فلم يعد هناك مجال للشك والظّن ، أو الجهل والتعامي عن المعنى المقصود ، فالآية الكريمة قد أسمعَت مَن به صمم.

فما معنى وليّكم في هذا النَّصّ القرآني الجليل ؟
يقول البعض معنى وليّكم : ناصِركم ومُحِبّكم !.
عجباً لأمر القوم !. ومالي لا أعجب وقد أبدلوا اللّسان العربي بلسانٍ من خشب.

هوِّنْ عليك فإنّ الأمور بكَفِّ الإله مقاديرُها.

إنّ حمل " الوليّ " في الآية على معنى الناصر والمحِب غلط من كافّة الوجوه، شرعاً وعقلاً ولغّةً وعُرفاً.

معنى " وليّكم " : الأَوْلَى بكم ، الّذي وجبت له الطّاعة عليكم.
هذا هو المعنى في الآية الشريفة . بدليل ما يلي : ـ
1 - أنّ آية الولاية خاصّة وليست عامّة، ومعلومٌ أنّ المحبة والنّصرة عامّة، مستغرقة لجميع المؤمنين والمؤمنات، وليست منحصرة فقط ومختصّة بالله تعالى، ورسوله، والّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون.

قال تعالى : ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾.
وقال تعالى : ﴿ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ ﴾.

2 - ضمير الجمع في " وليّكم " يعود على جميع المخاطَبين، أي على جميع المؤمنين والمؤمنات؛ وهذا يمنع من أن يكون المراد بـِ " الوليّ " النّاصِر أو المُحِب ، وذلك لحصر الولاية في المؤمنين الموصوفين بالجملة الحالية.... إيتاء الزكاة حال الركوع.
فلو كان المقصود هو المحب والنّاصر لاستلزم ذلك أن يكون البعض الآخر غير ناصر ولا محب، لأنّ الحال المذكورة في الآية ليست حاصلة ومتحققة في جميع المؤمنين والمؤمنات ، إنّما هي نعتٌ مخصوص
لِذي هيئةٍ مخصوصة وفي زمن مخصوص ، وصاحب الحال مؤمنٌ واحدٌ، مقصودٌ بذاته ونعته.

إنّ أداة القصر، والجملة الحالية عبارة عن قيود ، أفادت تخصيص الحكم وتوكيده ؛ وليس لتقييد الحكم في آية الولاية أي معنى إلّا الدّلالة على ولاية الأمر والتدبير، وليس ولاية النّصرة ، لأنّها عامة لا اختصاص فيها ولا تقييد.

3 - الآية الشريفة تضمّنَت أيضاً ولاية الله ورسوله ، ومعلومٌ أنّ ولايتهما ولاية أمرٍ وتدبير، وطاعتهما واجبة على جميع المكلّفين.

قال تعالى : ﴿ اللَّـهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾.
وقال تعالى : ﴿ وَاللَّـهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾.
وقال تعالى : ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ﴾.
وقال تعالى : ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾.
وقال تعالى : ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا ﴾.

هذه الآيات ونظائرها تؤكّد أنّ ولاية الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ولاية أمر تدبير ؛ فولاية الّذين ءامنوا ، المخصوصين في آية الولاية، نفس ولاية الله ورسوله وعلى نسقها ، أي ولاية أمرٍ وتدبير.
وليس لأحد أن يقول : إنّ ولاية الله ورسوله ولاية أمر وتدبير وليست كذلك ولاية الّذين ءامنوا.
فهذا القول أوهن من بيت العنكبوت ، ساقط تماماً ؛ لأنّ " الّذين ءامنوا " معطوفٌ على الله ورسوله ، وهذا العطف أفاد التشريك في الحكم ، أثبت لهم حكم الولاية الثابت لله ورسوله ؛ فالولاية واحدة، وهي ولاية تَصَرُّف.

وهذا يؤكد أنّ الآية دالّةٌ على ولاية الأمر، وأنّ معنى الوليّ هو الأَوْلى والأحقّ بالطاعة ؛ وهو الله ورسوله والّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون.

4 - " وليّ " على وزن " فَعِيل " وجاء اللّفظ في الآية بصيغة الإفراد ؛ قال : إنّما وليّكم ، ولم يقل : إنّما أولياؤكم ، على الرغم أنّ الآية أثبتت الولاية لأكثر من واحد ، لثلاثة أطراف : " لِله ولِرسوله ولِلّذين ءامنوا الذين .... ".
فاللّفظ استوى فيه المفرد والجمع ؛

والألفاظ الّتي تأتي على وزن فعيل ويستوي فيها المفرد والجمع لا تكون إلّا بمعنى المفعول لا بمعنى الفاعل.
فمعنى " وليّ " في الآية ، هو مولى ، والمولى هو الأَوْلى : السيّد المُطاع، المُتَّبَع في جميع أمره ونهيه ؛ وهو الله ورسوله والّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون.

قال تعالى : ﴿ مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ ﴾.
مولاكم : أَوْلَى بكم.

وقال تعالى : ﴿ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّـهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ﴾. مولاهم : حاكمهم وسيّدهم.

وقال تعالى : ﴿ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ ﴾.
كَلٌّ على مولاه : عبءٌ على سيّده.

وفي الحديث قوله صلى الله عليه وآله : {... والعبدُ إذا اتّقَى ربَّه وأطاعَ مواليَه فله أجران } (صحيح البخاري).
مواليه : أئمّته ؛ موالي : جمع مولى : السيّد المُطاع.

وفي صحيح البخاري : { باب إذا كان الوليّ هو الخاطب، أي الخاطب لامرأةٍ هو أَوْلى النّاس بها.
وقد علَّقَ الشّارحُ ـ مصطفى البغا ـ على الحديث قائلاً :
هو أَوْلَى .... : أي وليُّها }.

وقال الشــاعــر :
فما أنا في سهمٍ ولا نصرِ مالكٍ
ومولاهمُ عبد بن سعد بِطامعِ.
(النابغة الذبياني - ديوانه).
يقول : لستُ طامعاً في سهمٍ ، ولا بنصر مالكٍ ولا بمولاهم : أي سيّدهم.

وقال الشاعر يمدح يزيد بن معاوية :
وما وجَدَت فيها قريشٌ لِأمــرها
أعـفَّ وأَوْفى من أبيكَ وأمجــدا
فأصبحتَ مولاها من النّاس بَعدَه
وأحرَى قريشٍ أن يُهابَ ويُحمَدا.
(الأخطل التغلبي - ديوانه).

إنّ المعنى الحقيقي للوليّ والمولى هو الأَوْلَى ، والمعاني الأخرى مجازية، ولا يتمّ العدول عن المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي إلّا بشاهدٍ ودليل.

إذاً ، " وليّ " في آية الولاية، بمعنى مفعول، أي مَولى، وهو الأَوْلَى : السيّد المُطاع ، المُتّبَع ، مَن توالت طاعته حالاً بعد حال ، وزماناً بعد زمان ، دون أن يتخلّلها انقطاع أو عِصيان ؛ لأنّ وليّ صِفة مُشبَّهة.
وبما أنّ " وليّ " صفة مشبهة ، على وزن فعيل بمعنى " مفعول " امتنعَ أن يكون المعنى هو النّاصر أو المُحِبّ ، لأنّها أسماء فاعل بمعنى " فاعل " لا بمعنى مفعول، وهي دالّة على معنى الحدوث والتجدّد، وليس الثبوت والدّوام.

" الوليّ " : المُطاع ، أي مَن وجبت طاعته على المكلَّفين ، فهو مُطاع لأنّه مفعول ، والمكلَّفون طائعون لأنّهم فاعل ، ومَن وجبت طاعته وجبَ اتّباعه في جميع أمره ونهيه ، فالوليّ متبوعٌ لأنّه مفعول، والمكلَّفون تابعون لأنّهم فاعل، ومَن وجب اتّباعه وجبت نصرته ومحبّته ، الوليّ مولى ، لأنّه مفعول ، فهو منصورٌ و محبوب ، والمكلّفون ناصِرون ومُحِبّون لأنّهم فاعل ؛ والنُّصرة والمحبّة لازمٌ من لوازم اتّباع المولى وطاعته.

قال تعالى : ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾.

وقال ذوو الفطرة السليمة :
تعصي الإلهَ وأنت تُظهرُ حُبَّه
هذا لَعمركَ في المقال بديـعُ
لو كُنتَ تصدق حبَّه لَأطعتَــه
إنّ المُحِبَّ لِمَن يحبّ مُطيعُ .

.........................................

" إنّما الأَوْلى بكم الله ورسوله والّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ".
" إنّما مولاكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين ................ ".
" إنّما مُطاعكم الله ورسوله والّذين ءامنوا الّذين ................ ".
" إنّما محبوبكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين ................ ".
" إنّما منصوركم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين ............. ".

" وليّ " في الآية بمعنى المفعول، وحمل المعنى على المحِب والنّاصر يؤدّي إلى أن يكون " وليّ " بمعنى الفاعل، وهذا بدوره يؤدّي إلى انعكاس معنى الآية رأساً على عقب ، فيصير المفعول فاعلا، والفاعل مفعولاً ، أي يصير المُطاع طائعاً، والطّائع مطاعاً وهو باطل.

إنّه يؤدّي إلى جعل ( الوليّ ) ـ الله ورسوله والّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ـ يؤدّي إلى جعل الوليّ طائعاً تابعاً للمكلَّفين، والمكلّفين مُطاعين متبوعين ؛ وهذا المعنى ساقط شرعاً ولغّةً ؛ لأنّ :
الله تعالى مولى : فهو مُطاع لا طائع.
رسوله مولى : فهو مطاع لا طائع.
الّذين ءامنوا الّذين ......" مولى : فهو مطاع لا طائع.

وبهذا يظهر لك أخي القارئ فساد ما ذهب إليه المخالفون، حيث إنهم جعلوا (الوليّ) في الآية بمعنى (فاعل) فعكسوا معنى الآية رأسا على عقب، وهذا غلط لأنه بمعنى " مفعول " ، فهو متبوع ، طاعته ومحبّته ونُصْرته واجبة على المخاطَبين ، وليس العكس.

هل عرفتم الدلالة المعنوية لمجيء لفظ (ولي) بصيغة الإفراد ؟؟.

" قرآناً عربيّاً لعلّكم تعقلون ".

وآية الولاية عبارة عن جملة خبريّة لفظاً ، إنشائية في المعنى، معنى الآية هكذا : " أطيعوا اللهَ ورسولَه والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ".

" الله ورسوله والّذين ءامنوا الّذين........" ؛ مفعولٌ به ، وليس فاعل.
ويتأكّد هذا المعنى الشريف بالآية التالية لِآية الولاية ، لأنّها معطوفةٌ عليها، أي قوله تعالى :
" ومَن يتولَّ اللهَ ورسولَه والّذين ءامنوا فإنّ حزب الله هم الغالبون ".

" الله ورسوله والذين ءامنوا " مفعولٌ به ، تأكيداً على أنّ " وليّ " في آية الولاية ، بمعنى مفعول ، لا بمعنى فاعل.

ومرة أخرى، عالي شموخك يا يمن.

...........................................

وبنــاءً على كلّ ما سبق من الشواهد والأدلّة العلمية والشرعية، يتأكّد تماماً أنّ المعنى المراد في آية الولاية هو ولاية الأمر، ووجوب طاعة المذكورين فيها واتّباع أمرهم ونهيهم دائماً وأبداً ؛
" الله ورسوله والّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ".
هم الجديرون بالولاية ، الخليقون بالطّاعة ، والأحقّاء بها دون منازع.
فمعنى الآية دال بجلاء على الإمامة ، والرّئاسة العامة ؛ وقوله تعالى :
" الّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " المقصود به أعيان مخصوصون ، ولايتهم كولاية الله ورسوله ، وطاعتهم كطاعة الله ورسوله،
وهم الّذين أوجب لهم الشرعُ نفس الطّاعة الواجبة للرسول صلى الله عليه وآله في قوله تعالى :
" يا أيّها الّذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ".
هم الّذين جَعلَ الله طاعتَهم شرطاً واجباً من شروط الإيمان بالله واليوم الآخر.
واقتران ولايتهم بولاية الله ورسوله يؤكّد أعلميتهم، وعصمتهم، وعظيم منزلتهم.

العصمة : ملَكة اجتناب المعاصي مع التّمكّن منها.
(معجم التعريفات - علي الجرجاني).

﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ﴾.
.........................................

واعلم أخي القارئ الكريم، أنّ آية الولاية أكّدت وجوب ولاية الأمر خلافةً عن رسول الله، وأنّ الإمامة باقية متواصلة بعده صلى الله عليه وآله وسلم، والفائدة الجليلة الّتي جاءت بها الآية الشريفة هي النّصّ على الخليفة الشرعي بصفته ونعته.
ومعلومٌ لدينا أنّ ولاية الله ورسوله واجبة على الخَلْقِ، نحن نعلم ذلك من آياتٍ أُخَر غير آية الولاية ؛ فالرسول هو وليُّ المسلمين في حال حياته وزمانه، ولا ولايةَ لِأحدٍ عليه، لأنّ النّبيّ أَولى بالمؤمنين من أنفسهم ؛ فإن مات أو قُتلَ انتقلت الولاية منه صلى الله عليه وآله إلى خليفته الموصوف بالإيمان وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة حال الركوع، وفقاً لِما أخبرَتْ به آية الولاية.
وبناءً على ذلك، نعلم أنّ أداة القصر " إنّما " دالّة على إثبات الإمامة خِــلافةً عن رسول الله صلى الله عليه وآله لِمَن تحققَتْ فيه الصفات المذكورة في الآية منفيةٌ عمّن عداه.

اليمني الاول
16-06-2016, 09:56 PM
فائدة :

* الحرف " إنّما " يتضمّنُ معنى النّفي والاستثناء، ومن ثمّ يفيد القصر، أي الاختصاص ، وينفرد هذا الحرف بمزيّة النفي والإثبات دفعة واحدة ؛
" إنّما وليّكم ... " هو بمنزلة : ما وليّكم إلّا ... ". و " ما " و " إلّا " من أدوات القصر.

* 《 الاختصاص والتخصيص معناهما الإنفراد والإفراد ، فإذا قلت : اختصّ زيد بالمال فمعناه أنّه انفرد به لم يشاركه أحد من النّاس فيه ، وخصصته به أي أفردته من دون سائر النّاس بالمال ، كما صرّحَ به أهلُ اللّغة ، وقال الراغب : التخصيص والاختصاص والتخصص تفرّدُ بعض الشيء بما لا يشاركه فيه الجملة 》.
(شرح تلخيص المفتاح - بهاء الدين السبكي - الجزء الأول ).

* الألفاظ الّتي تأتي على وزن " فَعِيل " بمعنى " مفعول " يستوي فيها المفرد والجمع والمذكَّر والمؤنّث ، وتلك الألفاظ إمّا أن تكون صفات مشبَّهة أو صِيَغ مبالغة ؛ ويقول علماء اللّغة إنّ صيغ المبالغة ترجع عند التحقيق إلى معنى الصفة المشبّهة ، لأنّ الإكثار من الفعل يجعله كالصفة الراسخة في النّفْس.

* " وليّ " : صفة مشبّهة على وزن فعيل ، و " أَوْلى " صفة مشبّهة على وزن " أَفْعَل ". فعيل وأفعل من أوزان الصفة المشبّهة.
قال تعالى : " والله أعلم بما تصفون " ؛ " أَعلم " على وزن أَفعَل بمعنى فعيل ، أي عليم، صفة مشبّهة ؛ فالله جلّ وعلا قد أحاطَ بكلّ شيءٍ عِلما ، وعلمه سرمديّ أبديّ ، لا يتخلّله تغيُّر أو انقطاع ، وعلمه تعالى لا يُقاس بعلم أحد.

* " مَولَى " : الميم في اللّفظ هي ميم المفعول، وهو مشتَقٌ من الفعل " وَلِيَ " والمقصود به معنى الثبوت والدّوام ؛ { إنّما مَولى المؤمنين اللهُ ورسولُه والّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون } ؛ و " والي " اسم الفاعل ؛ و " وليّ " صفة مشبّهة وصيغة مبالغة ؛ و " أَوْلى " صفة مشبّهة وإسم تفضيل.

* 《 إذا كانت الصّفة المقترِنة بـِ " ال " صفةً مُشبّهةً، أو إسمَ تفضيل، أو صيغةَ مبالغة ، فإنّ " ال " الدّاخِلة عليها ليست موصولية، وإنّما هي حرف تعريف، لأنّ هذه الصفات تدلّ على الثبوت، فلا تشبه الفعل من حيث دلالته على التجدّد، فلا يصح أن تقع صلةً للموصول كما يقع الفعل 》.
(جامع الدروس العربية - الشيخ الغلاييني - الجزء الأول ).

* 《 ما جاء على زِنتَيْ اسمَي الفاعل ، والمفعول ، مما قُصِدَ به معنى الثبوت والدّوام ، فهو صفة مشَبّهة ، كطاهِر القلبِ ، وناعِم العيش ، ومُعتدِل الرّأي ، ومُستقيم الطّريقة ، ومَرضِيّ الخُلُق ، ومُهذَّب الطّبع ، وممدوح السّيرة ، ومُنقَّى السّريرة 》.
(جامع الدروس العربية - الشيخ الغلاييني - الجزء الأول). ..........................................

وتستمر الحكاية .......

خامساً : المقصود بـ " الّذين ءامنوا " الموصوف بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة
حال الركوع، هل هو شخصٌ واحد أو مجموعة أشخاص ؟
........

اليمني الاول
17-06-2016, 03:21 AM
على فقهاء أهل السنة أن

اليمني الاول
17-06-2016, 03:21 AM
على فقهاء أهل السنة أن يستعدوا للنقاش العلمي، لأن آية الولاية وآية الإطاعة قد أطاحت بمذهبهم المزيف، وإن كيد الشيطان كان ضعيفا.

مذهبهم، بجميع ما يحويه من فرق وملل ونحل، ساقط شرعا، وليس أمامهم سوى خيارين لا ثالث لهما :

إما الدفاع عن مذهبهم وإثبات مشروعيته بالدليل العلمي الشرعي الواضح - ولن يتمكنوا من ذلك ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، لأن مذهبهم باطل، لا مشروعية له، وليس لهم حتى دليل واحد صحيح يثبتون به مشروعية فرقهم المنحرفة.

وإما أن يلتحقوا بسفن النجاة، أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة عليهم الصلاة والسلام ؛ وهذا هو الحق المبين والصراط المستقيم.

اليمني الاول
17-06-2016, 09:16 PM
خامساً : المقصود بـ " الّذين ءامنوا " الموصوف بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة حال الركوع، هل هو شخصٌ واحد أو مجموعة أشخاص ؟.

الجواب : إنّ المراد بـِ " الّذين ءامنوا " في آية الولاية ، واحدٌ مُعَيَّنٌ، مقصودٌ بذاته وإسمه. بدليل ما يـــلي : ـ

1- أداة القصر الموجودة في الآية أفادت التوكيد والتّخصيص والأمر المخصوص لا يكون مستغرِقا للجميع ، لأنّه لا معنى للقصر إلّا إثبات الحُكْم للمخصوص ونفيه عمّا عداه. فالمراد بـِ " الّذين ءامنوا " بعضٌ لا كلٌّ.

2- معنى " وليّكم " في الآية ، الأَوْلى بكم الّذي تجب له الطاعة عليكم ؛ وحمل لفظ " الّذين ءامنوا " على الاستغراق باطلٌ، لأنّه لا يصح اجتماع ولاية أكثر من خليفة في نفس الزمان، فوجب أن يكون " الّذين ءامنوا " غير مستغرِق لجميع المؤمنين، وغير مستغرق لأكثر من واحد في نفس الزمن.

3 - لفظ " وليّكم " جاء مفرداً مضافاً إلى ضمير الجمع، والضمير عائد على جميع المؤمنين، فلو كان لفظ " الّذين ءامنوا " مستغرقاً لجميع المؤمنين لأدّى إلى أن يكون كلّ واحدٍ وليّ نفسه وهو باطل.

4 - " الّذين ءامنوا " اتّصلَ به تابعٌ لإتمام معناه ، وهو قوله تعالى :
" الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ".
وهذا التابع أفاد التخصيص والتمييز والتوكيد ، ونفي الاشتراك ، فلا يصح أن يكون المراد بـ " الّذين ءامنوا " الجميع ، لأنّ قوله تعالى : " وهم راكعون " جملةٌ حالية ، وهي حال متنقِّلة ، أي أنّها ليست حاصلة لجميع المؤمنين ، إنّما هي وصفٌ مخصوصٌ لِذي هيئةٍ مخصوصة، وفي زمنٍ مخصوص، والمقصود بها واحدٌ معيَّن، هو الّذي انطبق عليه النّعت المذكور.

وبالنّعت المذكور في الآية الشريفة ، وأداة القصر " إنّما " تمّ إخراج لفظ " الّذين ءامنوا " من العموم إلى الخصوص ، وتأكّدَ معنى الاختصاص بما لا مزيدَ عليه ؛ فكيف يُقال بعد كلّ هذا : إنّ اللّفظ مستغرق لجميع المؤمنين ؟!
نعوذ بالله من سُبات العقول.

5 - " الّذين ءامنوا " من الألفاظ الكثيرة الورود في القرآن الكريم، وقد عرفنا من آي الذِّكرِ الحكيم أنّ إجراء صفة الإيمان على المخاطَبين بصورة عامّة لا يعني أنّ المخاطَبين كلّهم أجمعين مؤمنون حق الإيمان ، بل منهم المؤمنون ومنهم دون ذلك.
منهم مَن حذّره القرآن من الارتداد عن الدّين، والانقلاب على الأعقاب؛
فليسَ كلُّ ما يلمعُ ذهَـبَـاً.

والّذي تفرّدَ به " الّذين ءامنوا " في آية الولاية ، هو الاختصاص ، وشهادة القرآن له بالإيمان ؛ ومن أجل توكيد هذا المعنى ، وتقرير هذه الحقيقة ، نجد أنّ الآية الشريفة قد قدّمَتْ نعتا دقيقا ميّز الموصوف عن غيره أكمل تمييز.
كما أنّ " الّذين ءامنوا " معطوفٌ على رسوله ، والرسول ص مؤمنٌ حقّا ، فيثبت للموصوف نفس الإيمان الثابت للرسول ؛ فالموصوف مؤمنٌ حقّاً.

وتحقُّق صفة الإيمان في الموصوف أخرجَ اللّفظ من العموم إلى الخصوص، لأنّ الإيمان الحقّ صفةٌ مفقودةٌ عند الأكثريّة ؛ فهي ليست متحقّقة في جميع المندرجين تحت هذا الاسم العام ـ الّذين ءامنوا ـ يشهد على ذلك الشرع الحكيم.

قال تعالى : ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىظ° رَسُولِهِ ï´¾ .
وقال تعالى : ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ï´¾.
وقال تعالى : ï´؟ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىظ° بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ï´¾ .
تأمّل إلى قوله عزّ وجلّ : " وقليلٌ ما هم ".

وقال تعالى : ï´؟ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ï´¾ .
فهذا نوحٌ عليه السلام، ظلّ يدعو قومَه، ليلاً ونهاراً، لِمدّة عشرة قرون، ومع ذلك، ما ءامنَ معه إلّا قليل ؛ والقوم الّذين أُرسِلَ إليهم خاتمُ النّبيين صلى الله عليه وآله لا يختلفون عن قوم نوح ، فهؤلاء مثل أولئك وليسوا ملائكة، بل الأعراب أشدّ كفراً ونفاقاً ؛ فليس من الحكمة أن نُزكّي الآخرين بأكثر ممّا يستحقون.

قال رسول الله ص : { ألا وإنّه يُجاءُ برجالٍ من أُمّتي فيؤخَذ بهم ذات الشمال، فأقول : يا ربّ أُصَيحابي ، فيُقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول كما قال العبدُ الصالح : وكنتُ عليهم شهيداً ما دمتُ فيهم فلمّا توفّيتني كنتَ أنت الرقيب عليهم وأنت على كلّ شيءٍ شهيد ؛ فيُقال : إنّ هؤلاء لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتَهم }.
( صحيح البخاري ).

إذاً، الموصوف في آية الولاية مؤمنٌ حقّ الإيمان، وهذا يؤكّد أنّ الآية خاصة وليست عامّة، ولا مجالَ فيها للاشتراك أو الاستغراق، والموصوف فيها ليس إلّا واحداً معيَّنا، هو المؤتي الزكاة حال الركوع.

6 - " الّذين " من الأسماء الموصولة ؛ وهو بمنزلة الاسم الموصول " مَن " أي يستوي فيه المفرد والجمع، والمذكَّر والمؤنّث، ويتم تعيين المعنى المراد وفق القرائن ذات الصّلة.

وسوف نؤكّد هذه الحقيقة اللغوية بالعديد من الأدلّة : ـ

أ - استواء المفرد والجمع في الاسم الموصول ( الّذين ) :

* قال تعالى : ï´؟ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىظ° عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ï´¾ .
الطفل : متبوع ؛ الّذين.. : تابع.

يشترط النّحاةُ في التابع أن يكون مطابقاً للمتبوع في الإفراد والتثنية والجمع ؛ ونحن نجد في الآية الكريمة أنّ المتبوع بصيغة الإفراد، والتابع بصيغة الجمع ، وإنّما جاز ذلك لأنّ " الّذين " يستوي فيه المفرد والجمع.
" الّذي والّذين " بمنزلةٍ واحدة ، ويتمّ معرفة المعنى المراد وفق القرائن.

أو الطفل الّذين ، هو بمنزلة أو الطفل الّذي ؛ والتابع في الآية أفاد التعريف والتخصيص ، فالطفل الّذي ينطبق عليه الوصف المذكور يُباح للمرأةِ المسلمة أن تُظهرَ زينتَها أمامه ، وما عدا ذلك من الأطفال فهو غير مُباح.

ووفقاً للقاعدة النّحوية : ( الجُمَل بعد النّكرات صفات وبعد المعارف أحوال ) فإنّه يجوز إعراب التابع نعتاً على اعتبار أنّ المتبوع نكرة في المعنى، ويجوز إعرابه حالاً على اعتبار أنّ المتبوع مُعرَّف بـ (ال) تعريفا لفظيّا.

* وقال تعالى : ï´؟ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَـظ°ئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَـظ°ئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ï´¾.

{ كالّذي خاضوا } : الاسم الموصول بصيغة الإفراد، وصِلته بصيغة الجمع.
وإنّما صحّ ذلك لأنّ (الّذي) اسم موصول يستوي فيه المفرد والجمع؛ وليس صحيحاً ما يذكره النّحاةُ من أنّ النون حُذِفَت للتخفيف ، فليس كلّ ما قاله النّحاةُ صحيحاً ؛ بل الصحيح أنّ (الّذي) اسم موصول مشترك، حكمه حكم الاسم الموصول ( مَن ) و ( ما ) ؛ والجمع في (الذين) يعتبر ملحقا بجمع المذكر السالم، وليس جمع مذكر سالما.

* وقال تعالى : ï´؟ وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَـظ°ئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ï´¾.

استخدم " أولئك المتقون" ، وهو جمع، للإخبار عن "الّذي" وهو مفرد.
فالمتقون : هم أولئك الّذي جاء بالصدق وصدّقَ به.

هُم : ضمير فصل لا محلّ له من الإعراب، جيء به للتوكيد، وللإيذان من أوّل الأمر على أنّ ما بعده خبَرٌ لا صفة ؛ ومعلوم أنّ الخبر ركنٌ أساسيٌّ في الجملة، لا تتمّ الفائدة إلّا به. فالمتقون خبر " الّذي ".

وهذا يفيد أنّ " الّذي والّذين " بمنزلةٍ واحدة، المفرد والجمع فيهما سواء.

واللّطيفة البيانية الرائعة في الآية هو تضمّنها لعنصر التشويق، ويتجلّى ذلك بتقديم المُسنَد إليه " المبتدأ " والإتيان بفاصل بينه وبين المسنَد " الخبر "؛
فالمسند إليه : الاسم الموصول "الّذي" والجملة الّتي بعده : جاء بالصدق وصدّقَ به، صلةٌ له.
والاسم الموصول وصلته متلازمان كأنّهما شيءٌ واحد ؛ والمخاطَب في هذه الحالة، يتطلّع شوقاً إلى معرفة الخبر؛ ما شأن الّذي جاء بالصدق وصدّق به يا تُرى ؟. فجاء الخبر متأخِّراً : أولئك هم المتّقون. وبه تمّت الفائدة.

والقصد من تضمين الآية معنى التشويق هو تنبيه المخاطَب لكي يدركَ الفائدة العلمية الّتي تضمّنَها النّص القرآني، وهي أنّ "الّذي" اسم موصول مشترك، والمفرد والجمع فيه سواء، ويتم تعيين المعنى المقصود بقرينة.

* وقال الشاعر :
إنّ الّذي حانت بفلجٍ دماؤهم
همُ القومُ كلّ القومِ يا أمّ خالد.
( الأشهب بن رملية ).

ينطبق على هذا البيت الشعري نفس الكلام المذكور في الآية آنفاً، ولا غرابة في ذلك فالقرآن نزلَ بلغّة العرب.

إنّ الشاعر استخدم الاسم الموصول بصيغة الإفراد وأخبر عنه بصيغة الجمع ؛
ألا ترى كيف أنّ الشاعر أكّدَ الخبر بأكثر من مؤكِّد، وكلّها ألفاظ دالة على الجمع والشمول ؛ قال : هم القوم ، ثمّ أكّد مرةً أخرى فقال : كلُّ القوم ؛
فالبيت واضح الدّلالة على أنّ "الّذي" اسمٌ موصولٌ يستوي فيه المفرد والجمع ؛ وللمتكلِّم الخيار في أن يستخدم " الّذي " أو " الّذين " وفقا لِما يقتضيه مقام الخطاب، والدّلالة المعنويّة الّتي يريد المتكلِّمُ إيصالَها إلى السّامِع.

ب - استواء المذكَّر والمؤنّث في لفظ ( الّذي = الّذين ) :

* قال تعالى : ï´؟ وَضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ï´؟ظ،ظ،ï´¾ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ï´¾

إذاً، مثال الّذين ءامنوا : امرأة فرعون ، ومريم ابنت عمران ، عليهنّ السلام.

محل الشاهد، هو أنّ لفظ "الّذين" مستعمَل للكناية عن مؤنّث، امرأة فرعون، ومريم ابنت عمران.
وإنّما جاز ذلك لأنّ اللّفظ يستوي فيه المذكَّر والمؤنَّث ؛
ولو كان ذلك غير جائز لقال : ضرب الله مثلاً للمؤمنات امرأة فرعون ومريم ابنت عمران.

* وقال تعالى : ï´؟ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَـظ°ذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ ï´¾.
قال : هذه البلدة الّذي حرّمَها ؛ ولم يقل : الّتي. لأنّ اللّفظ يستوي فيه
المذكَّر والمؤنّث.

وبناءً على ذلك، نعلم أنّ " الّذين ءامنوا " في آية الولاية ، إنّما هو مؤمنٌ واحد، والتعبير عنه بصيغة الجمع صحيح تماماً، لأنّ اللّفظ يستوي فيه المفرد والجمع، كما أنّه معطوفٌ على رسوله، ولفظ " رسول " يستوي فيه المفرد والجمع، وكذلك " وليّ " يستوي فيه المفرد والجمع، والمقام مقام تعظيم ورفعة ؛
فآية الولاية في غاية الحسن والفصاحة.

7 - يصح التعبير عن المفرد بصيغة الجمع في آية الولاية ، لأنّ " وليّ " مبتدأ صفة، مسبوقٌ بنفيٍ في المعنى ؛ إذ أنّ معنى " إنّما وليّكم " هو " ما وليّكم إلّا ". ولهذا جاز التعبير عن المفرد بصيغة الجمع.
وفي هذه الحالة ، يجوز إعراب " الله ورسوله والّذين ءامنوا ..." فاعل أو نائب فاعل، سدّ مسدّ الخبر ؛
فاعل، على اعتبار أنّ "وليّ" صفة مشبهة أو صيغة مبالغة من اسم الفاعل " والي " ، والوالي هو الحاكم.
{ ما واليكم إلا الله ورسوله والّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون }.
ونائب فاعل، على اعتبار أن "ولي" بمعنى مفعول، أي مولى.
" ما مولاكم إلّا الله ورسوله والّذين ءامنو الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ".

8 - الألِف واللّام " ال " ، الدّاخلة على لفظ " الّذين ءامنوا " تفيد العهد وليس الاستغراق ؛ بدليل ما يــلـي :

* الأدلّة المذكورة آنفاً على أنّ المقصود بـ "الّذين ءامنوا" واحدٌ معيَّنٌ تُعتمد دليلاً هاهنا على أنّ الألِف واللّام للعهدية.

* لفظ " راكعون " عبارة عن صفة صريحة ، إسم فاعل ، وهو مجرّدٌ من الألف واللّام ، وهذا يفيد أنّ الألِف واللّام الدّاخلة على صاحب الحال دالّة على العهد الحضوري وليس الاستغراق.

* " الّذين ءامنوا " موصولٌ بوصفٍ من تمام معناه ، فهو شبيه بالمضاف، والإضافة هاهنا معنويّة ، أفادت التخصيص والتعريف والتأسيس.

ومعلومٌ أنّ الألفاظ الّتي تدخل عليها "ال" المفيدة للاستغراق والشمول لا تكون مضافة إضافةً معنويّة.
وعليه، فإنّ الألِف واللّام الدّاخلة على اللّفظ دالّة على العهد والقصر والتأسيس.

* آية الولاية عبارة عن جملة خبرية معهودة ، فالمخاطب لا يجهل النّعت المذكور في الآية ـ إيتاء الزكاة حال الركوع ـ فالموصوف بهذا الوصف معروفٌ ، معلومٌ لدى المخاطَبين ؛
معرفة حسيّة حضورية بالنّسبة للمخاطبين عند نزول الآية،
ومعرفة ذهنية معنوية بالنّسبة للمخاطَبين في كلّ زمان ومكان، لأنّ الحال في الآية متنقِلة ، ويستحيل أن يكون صاحب الحال أكثر من شخص في نفس الزمان والمكان.

وبناءً على ذلك، نعلم أنّ "ال" الدّاخلة على " الّذين ءامنوا" في آية الولاية، دالّة على العهد وليس الاستغراق ، واللّفظ موضوعٌ للكناية عن معهودٍ مخصوص، وهو المؤتي الزكاة حال الركوع.

و " الإلّ " هو العهد، وله معانٍ أخرى.
والعهـــد، في الشرع، هو الإمامة ؛ فهي عهد الله ؛ قال تعالى :
ï´؟ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }.

وهكذا تعلم عزيزي القارئ، أنّ جميع القرائن والشواهد والأدلّة في آية الولاية، توضح بجلاء أنّ الآية الشريفة دالة على الإمامة، وإيجاب ولاية الأمر خِلافة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
{ بقيّة الله خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين }.

9 - لفظ الجمع في آية الولاية، جاء لفائدة بيانية ؛ والمستفاد من قوله تعالى : " الّذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " هو المدح والتعظيم ؛ ولو قال : " الّذي ءامن...." لما كان المعنى دالّاً على ذلك. بدليل :
* المعنى في الآية الشريفة هو ولاية الأمر، وهي رئاسة عامّة في الدِّين والدُّنيا جميعاً ؛ وقد عرفنا من آية " الإطاعة " أنّ من جملة فوائد الحذف الّذي وقع في لفظ "أولي الأمر" هو التنبيه على شرف الولاية وعظيم منزلتها ، ورفعة شأن المستحِقّين لها.

لفظ الجمع بحد ذاته ، أفاد أنّ الآية دالّة على ولاية الأمر، لأنّ التعظيم والتبجيل لا ينسجم إلّا مع مفهوم الإمامة ؛ وقد تمّ استخدام الإسم الموصول بصيغة الجمع للدّلالة على أنّ الموصوف أهلٌ للإمامة ، والسيادة التامة ؛
لفظ الجمع عبارة عن تزكية إلهية للموصوف.

* "الّذين ءامنوا" معطوف على "رسوله"، وهو معطوف على "الله" ؛ واستخدام لفظ الجمع أفاد التشريك بين المتعاطفات في المعنى البلاغي الدّال على التعظيم.

فنحن نعلم أنّ الله : لفظ الجلالة ، ينطوي فيه كلّ دقيق وجليل ، وهو جامع لكل صفات الجلال والكمال.
كما أنّ الرسول : لفظ يدلّ على الشرف والفضل ، وعظيم المنزلة ، ينطوي فيه كلّ قول بليغ ، ومعنىً شريف، حوى كلّ المحاسن وأوتيَ جوامعَ الكلم.

ومن أجل التشريك في ذلك المعنى ، كان الموصوف في آية الولاية بصيغة الجمع ، كي يتناسق السّبك في الخطاب ، وتصح المناسبة المعنوية الجامعة بين المعطوفات الدّالة على التعظيم والتبجيل.
هــكـذا هي البـــلاغـــة أيها العرب.

* آية الولاية وآية الإطاعة هما الآيتان التوأم في كتاب الله.
" آياتٌ محــكماتٌ هنّ أمُّ الكتاب ".

* اللّسان العربي يعبِّر عن المفرد بصيغة الجمع للدّلالة على المدح والتعظيم؛
قال الشاعر :
الحَكَمُ ابن أبي العاصِ الّذين همُ
غيثُ البلادِ ونورُ النّاسِ في الظُّلَمِ.
( الفرزدق - ديوانه ).

قال : الحكم ابن أبي العاص الّذين هم؛ ولم يقُلْ : الّذي هو ؛ لأنّ المقام مقام مدحٍ وتعظيم.

وبناءً على ذلك البيان القرآني الشريف ، تكون آية الولاية بنياناً بالغَ التمام، رفيعَ المقام ، واضحة الدّلالة على أنّ الموصوف بالإيمانية وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة حال الركوع مماثلٌ لرسول الله في الكمال الإنساني، له المدح الأبهى والشرف الأسمى ، والمقام الأسنى.

بشرٌ كمُلَت فيه الفضائل الإيمانية ، واجتمع فيه من القيم ومكارم الأخلاق ما تفرّقَ عند غيره ، حتى استوى فيه المفرد والجمع ، فكان خليقاً بالمدح والتعظيم، جديراً بالطّاعة ، ومقام الولاية خِلافةً عن سيّدِ وُلْدِ آدم َ محمّد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ثانـِيـه في كَـبـدِ السّمـاءِ ولم يكُـن
لاثنين ثانٍ إذ هُما في الغارِ .

.....................................

تلكم هي الشواهد والأدلّــة الّتي تثبت أنّ " الّـذين ءامنـوا " في آية الولاية، شخصٌ واحد، مقصودٌ بذاته وصفته، وهو المؤتي الزكاة حال ركوعه.
وأنّ الألِف واللّام في "الّذين ءامنوا" دالّة على العهدية وليس الاستغراق أو الشمول.

..........................................

واعلم أخي القارئ ، أنّنا بذلك نكون قد عثرنا على كنزٍ من كنوز العـلـم والمعرفة، وسيكون لذلك بمشيئة الله، أثراً طيّباً في نفوس المؤمنين، على الصعيدينِ، العقائدي والمعرفي.

كنزنـا الثــمين يتمثّل بالمعـــاني الشـــريفة واللّآلئ المكنونـــة في " الّــذين ءامنــوا " في آيـة الولايــة.

âک† معاني الألف واللّام في " الّذين ءامنوا ".
âک† معاني الاسم الموصول في آية الولاية.
âک† معاني الإيمان في آية الولاية.
.........................................

وفي رحاب الولاية، تستمر الحكاية ..............

اليمني الاول
18-06-2016, 02:03 AM
âک† معاني الألف واللّام في " الّذين ءامنوا ".
âک† معاني الاسم الموصول في آية الولاية.
âک† معاني الإيمان في آية الولاية.

قبل الدّخول في لجّة بحر النّور نودّ أن نقدِّم للقرّاء الكرام فـائــــدة :

* أداة التعريف هي الألِف واللّام، وليس اللّام وحدها ؛ وهمزة "ال" همزة قطعٍ وُصِلت لكثرة الاستعمال ؛ وأداة التعريف "ال" لها دلالاتها المعنويّة الخاصة بها، والّلام لوحدها لها دلالاتها المعنوية الخاصة بها ؛ فلا يصح أن تكون اللّام لوحدها أداةً للتعريف.

* إنّ اللّغة، عربيةً كانت أو غير عربية ، عبارة عن مجموعة من المفردات المتشابهة، وأحياناً المتطابقة في اللّفظ، لكنّ المعنى قد يختلف تماماً ، والعبرة في المعنى لا في الألفاظ.

المعنى هو بيت القصيد في المسألة، ولولاه لَمَا تجشّمَ علماءُ اللّسانيات شيئاً من السهر والعناء، ومن أجل ذلك، تمّ طرح العديد من النّظريات والمقاييس للتفريق بين المعاني، وهي تؤكِّد أنّ معنى اللّفظ يتحدّد من خلال استعماله ووضعه في سياق معيَّن.


والألفاظ ليست إلّا وعاءً أنيقاً للمعاني ؛ ولا بدّ للّفظِ من دلالات معنويّة مفهومة، وإلّا فقَدَ الكلام قيمته وذهبت فائدته، وتحَوّلَ هذياناً.
وخير مثالٍ يوضّح ما حكيناه، هو لفظ " الّذين ءامنوا " الكثير الورود في القرآن الكريم، ولكنّ هذا اللّفظ في آية الولاية، يختلف عن غيره من الأسماء الموصولة اختلافاً تامّاً من حيث المعنى .

لقد تفرّدَ اللفظ عن غيره بدلالة سياقية منقطعة النّظير، وتميّزَ بقوة المنطق والبيان إلى درجة أنّ المرء يكاد يجد معنى خاصاً لكلّ حرفٍ من حروف آية الولاية.
وجميع الشواهد المتّصلة باللّفظ دلّت بوضوح على أنّ
" الّذين ءامنوا " في الآية ، موضوعٌ لـِ " الكناية عن معهود مخصوص".

* " الّذين ءامنوا " في آية الولاية : عهد كنائي ، وإسم موصوف، وهو جامد مؤول بالمشتق.

* " وليّ " في الآية : اسم صفة ، وهو مشتق.

* " الّذين ءامنوا " في الآية : عَلَمُ جنس، وعَلَمُ كناية.

* " الّذين يقيمون الصلاة .... إلخ " : عهد ذهني ، تابعٌ للاسم الموصول الأوّل.

يقول العلّامة عبد القاهر الجرجاني ، في سِفْره الخالد ، دلائل الإعجاز :
{ إعلَمْ أنّ لك في " الّذي " عِلماً كثيراً ، وأسراراً جَمَّة ، وخفايا إذا بحثتَ عنها وتصورتَها ، اطَّلعتَ على فوائدَ تؤنس النّفْس ، وتثلج الصدر ، بما يفضي بك إليه من اليقين ، ويؤدّيه إليك من حُسنِ التبيين }.
(دلائل الإعجاز - عبدالقاهرالجرجاني ).
لله درّه قولاً ما أحسنَه ، صدَقَ هذا العالِمُ النِّحرير.

فهيّا بنا إلى معرفــــة " الّـــذين ءامـنــــــوا " ؛ فهنا الجواهر واللآلئ والدّرر، هُنـــا الــزخــرف ، هُنـــا بحـــر النّــور.



âک† معــاني الألِف واللّام :

1 - العهد الكنائي : اللّفظ موضوع للكناية عن معهود مخصوص ، وهو المؤتي الزكاة حال الركوع.

2 - العهد الحضوري : صاحب الحال حاضرٌ بشخصه، مشاهَد للحاضرين عند نزول آية الولاية.

3 - العهد الذّهني : الحال في الآية حال متنقّلة، يدركها العقلاء إدراكاً معنوياً، فهي معلومة مُتصوَّرة في الأذهان ؛ وصاحب الحال ليس إلّا واحداً معيَّناً، لأنّه يستحيل أن يكون صاحب الحال أكثر من واحد في نفس الزمان والمكان.

العهد الكنائي ، والحضوري ، والذّهني ، هو الدّليل الّذي يقودنا إلى معرفة صاحب الحال عن طريق العهد الذّكري الصريح.

4 - الألف واللّام أفادت تقرير حقيقة، وهي أنّ الموصوف مؤمنٌ حقاً، والإيمان صفة متحقِّقة فيه بصورة دائمة وراسخة، فلا خوفٌ عليه من الارتداد عن الدّين أو الانقلاب على الأعقاب.

5 - الألف واللّام أفادت كمال الوصف للموصوف ، وأنّه هو المؤمن الكامل في الإيمان ، الجدير حقّاً بهذا الوصف ، قد اجتمع لديه من الفضائل الإيمانية ومكارم الأخلاق ما جعل الإيمان مقصوراً عليه ، خاصّاً به ، لا يدانيه في ذلك أحد، ولا يُقاس به أحد.

6 - الألِف واللّام دلّت على التأسيس، حيث إنّها أفادت معنى آخر من معاني " الّذين ءامنوا " لم يكن حاصلاً من قبل ؛ فكما أنّ الألف واللّام دلّت على العهدية، ودلّت على القصر، وأفادت أنّ الموصوف مؤمنٌ حق الإيمان فإنّها قد أفادت معنى آخر، وهو أنّ الموصوف " أمين ".

هناك توافق معنوي بين الفعل " ءامَنَ " والفعل " أمِنَ " ، والإيمان والأمان وما اشتُقّ منهما بمعنى واحد.

والأمين هو المؤتمَن، المأمون : الموثوق بعدله وعهده وأمانته ؛
الأمين : وليّ الأمر، الإمام.

قال الشاعر :
وأنت أمينُ الله في النّاس كلّهم
علينا وفيما احتاز شرقٌ ومَغرِبُ.
(هاشميات الكميت - ديوانه).

وقال الشاعر :
لنا الموقفانِ والحطيمُ وزمزمُ
ومِنّا على هذا الأنامِ أمينُها.
(الفرزدق - ديوانه).
........................................

" إنّما وليّكم الله ورسوله والأمين الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون
الزكاة وهم راكعون ".
" إنّما وليّكم الله ورسوله والإمام الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون
الزكاة وهم راكعون ".

التابع في الآية يبقى بصيغة الجمع كما هو، لأنّ المتبوع
" الإمام " يستوي فيه المفرد والجمع ، و " الّذين " يستوي فيه المفرد والجمع ، كما أنّ المقام مقام مدح وتعظيم.

ألمْ أقُل لكم إنّ " الّذين ءامنوا " في آية الولاية ، يختلف اختلافاً تاماً، من حيث المعنى ، عن الأسماء الموصولة المتطابقة معه في اللّفظ ؟.

بقيَ للألِف واللّام فائدة بيانية دقيقة، تحتاج إلى فكر ثابت، وحس مرهَف، وقلب سليم ، لأنّ الدّلالة المعنوية، هاهنا، من عجائب فنون البلاغة، ولها شأنٌ وفخامة ونُبْل، وهي من سحر البيان الّذي يعجز المرءُ عن تأدية حقّه.
وإليك هذه الفائدة البيانية وبالله التوفيق،

7 - إنّ آية الولاية لا تريد إخبارك بأنّ الموصوف هو المجسِّدُ للإيمان الأكمل، وأنّه المؤمن المعهود بالصدق والعدل والأمانة، ولا قصر جنس الإيمان عليه مبالغةً وتعظيماً ؛
لا تريد إخبارك بهذا وحسب، بل تريد أن تقول لك : هل سمعتَ بالإيمان ؟ وهل تدري ما هو ؟
فإن كنت لا تدري ، فاعلم أنّ الموصوف في آية الولاية هو الإيمان بعينه، هو الإيمان ذاتُه ، هو الإيمان كلُّه ؛ الإيمان اسمٌ من أسمائه.
لم يعد الإيمان صفةً دائمةً في الموصوف وحسب، بل صار الإيمان عَلَمَاً له، إسمـــاً وكنيـــــةً ولقبـــاً.

" إنّما وليّكم الله ورسوله والإيمـان ".
الإيمــان ؟!. ما هو الإيمان ؟. فجاء البيان :
" الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ".

" الإيمان " في الآية الشريفة : عَلَمُ جنس وعَلَم كناية ؛ ولكن صاحب هذا الاسم لا يزال مبهماً ، مجهول الهويّة ، إسمه الخاص مجهول.
...................................

ملاحظة :
( للإطلاع على معاني " ال " في اللغة العربية، أنظر كتاب دلائل الإعجاز - عبدالقاهرالجرجاني ).
.....................................

âک† معــاني الاسم الموصول في آية الولاية

ذكرنا آنفاً معاني الألف واللّام الدّاخلة على "الّذين" ، وهنا نذكر ما تبقّى من معاني الاسم الموصول.
معنى " الّذين = الّذي " في آية الولاية، والموضوع للكناية عن معهود مخصوص، وهو المؤتي الزكاة أثناء الركوع، المكَنَّى بالإيمان .
" إنّما وليّكم الله ورسوله ولَهذا المؤمنُ الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " .
" إنّما وليّكم الله ورسوله و لَذو الإيمان الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " .
" إنّما وليّكم الله ورسوله و أولوا الإيمان الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " .
" إنّما وليّكم الله ورسوله و لَذَاتُ الإيمان الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " .
" إنّما وليّكم الله ورسوله ولَأهلُ الإيمان الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة
وهم راكعون ".
.....................

بيــان وتحـديـــد

* لفظ " الإيمان " الوارد في النّصوص السابقة، يُعتبَر عَلَمَ جنسٍ وعلَمَ كنايةٍ من جهة، وصفة مدحٍ وتعظيمٍ من جهةٍ أخرى.
والصفة المقصودة هنا، هي الصفة المعنوية، الّتي هي من خصائص عِلْمِ المعاني، وليس النّعت الّذي هو من خصائص علم النّحو.

* الألفاظ الواردة في النّصّ " ذا ـ ذو ـ ذات ـ أولوا ـ أهل " هي معاني الاسم الموصول في آية الولاية ، ولا يُحمَل الاسم الموصول على هذه المعاني إلّا إذا كانت الألف واللّام دالّة على العهدية ؛ تماماً كما في آية الولاية .

ذا : اسم موصول بمنزلة " الّذي ".
ذا : تلحقه هاءُ التنبيه فيكون اسم إشارة " هذا ".
ذو : اسم موصول بمنزلة " الّذي".
ذو : اسم ناقص، يدخل على أسماء الأجناس، وأسماء الأعلام، والمضمرات.
أولوا = ذوو : المفرد ذو ، بمعنى صاحب أو أهل ؛ الجمع : ذوون، ملحق بجمع المذكّر السالم ، وتُحذَف النون عند الإضافة.
ذات : معنىً من معاني ذو ، وذات الإيمان أي الإيمان نفسه، الإيمان.
تقول العرب : جاء ذو زيد، معناه : جاء زيد نفسه، أي صاحب هذا الاسم زيد. وقولهم : ذو الخلصة ؛ الخلصة اسم عَلَم لِصنم ، و " ذو " كناية عن بيته.
ذو :اسم من الأسماء الخمسة، و ذو: صِلة، أي زائدة.
و ذو : لفظ كنائي.

قال نجمُ الشعراء الكميت الأسدي :

إليكم ذوي آل النّبي تطلَّعتْ
نوازعُ من قلبي ظِماءٌ وألبُب.ُ
(هاشميات الكميت - ديوانه).
ذوي : جمع ذو، وهو صلة، ولفظ كنائي، ويجوز أن يكون بدلاً من "آل".

* اللّام الدّاخلة على معاني الاسم الموصول هي اللّام المزحلَقَة، وقد وقعَتْ على اسم مَكْنِيّ ، وجيء بها لإفادة معنى .
والدّلالة المعنوية للّام هنا هي :
* التوكيد والتحقيق .
* الابتداء.
* القَسَم.
* التبليغ.
* الولاية.
* الاختصاص.
* المُلْك.
............. ............................

* التابع في النَّصّ ، وهو قوله تعالى : " الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " ؛ يبقى بصيغة الجمع كما هو لا بصيغة الإفراد ، لأنّ صيغة الجمع لها دلالة معنوية مهمّة ، وهي تمييز ذات الموصوف وجنسه ؛

الدّلالة المعنوية لصيغة الجمع في الآية الشريفة :

* الدّلالة على أنّ الموصوف ذات بشريّة لا ذات إلهية، لأنّ المؤمن والوليّ من أسماء الله ، والله عزّ وجلّ أحدي الذّات،
لا يُجمع.

* قوله تعالى : " وهم راكعون " عبارة عن حال ، والحال وصفٌ لِذوي الهيئات والأجسام ، المحدودين زماناً ومكاناً ، والركوع كيفيّة حسية وكيفية كمِّية.
حسية من حيثُ كونها مُدرَكة بالحواس والأذهان ، وكمّية من حيث كونها انحناءً.
والله تعالى يجلُّ عن الكيفية ، والجسميّة ، والعددية ، لا تدركه الأبصار، ولا تحدّه الأماكن والأزمان أو تتصوّره الخيالات والأذهان ؛ ليس كمثله شيء ، ولا تحدّه اللّغات جلّ جلاله ، وتقدّست أسماؤه.
فاستخدام لفظ الجمع، والجملة الحالية ينفي توهُّم أن يكون الموصوف ذات إلهية.

* مجيء التابع بصيغة الجمع له دلالة معنوية أخرى ، وهي المدح والتعظيم للموصوف، وفي نفس الوقت، نفي الإلوهية عنه.
وبذلك حصلَ التشخّص والتعيين ، وامتنع وقوع الاشتراك في الوصف والاسم.
وقد عرفنا أنّ "الّذين ءامنوا" موضوع للكناية عن معهود مخصوص، فيكون " الإيمان " عَلَمَاً للمعهود في الذِّهن ، وهو الموصوف بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة حال الركوع ، والموصوف بهذا الوصف بشرٌ.

فالإيمان إذاً ، اسمُ عَلَمٍ لبشر ، إسمٌ ولقبٌ وكُنية ؛ عَلَمٌ مختَصّ بالمعهود في آية الولاية ، ولا يتعدّاه إلى غيره.

* يصح لُغويّاً ، أن يكون التابع بصيغة الجمع ، لأنّ المتبوع يستوي فيه المفرد والجمع ، لفظاً ومعنى.

..........................................

فائدة :


* الأسماء المكنية : ألفاظٌ يُكَنَّى بها عن مبهَم ، ولا يُعرف معناها إلّا بقرينة ؛ أي أنّ مُسمّاها الخاص مجهول مستور ، ولا يُعلم إلّا بقرينة زائدة.
وليس المقصود بالكناية هنا الكناية المعلومة من علم البيان ، بل المراد استعمال المبهَم في معيَّن بقرينةٍ فأشبهَ الكناية.
ويندرج تحت هذا المفهوم كلّ لفظٍ مبهم في المعنى ، مثل الضمائر ، والأسماء الموصولة، وأسماء الإشارة ، والنّكرة المقصودة.

الكناية في هذا الموضع وأمثاله ، عبارة عن وجهٍ خَفيّ لِحقيقةٍ معلَنَة ، والعبقري مَن يتوصّل إلى كشف المستور ، ومعرفة المبهَم.

* " ذو الإيمان " في الآيـــة الشريفة ، يعتبر عَلَمَاً بالكناية ، والمقصود بالكناية هنا، الكناية البيانية ، المعلومة من عِلم البلاغة.
وذلك أنّ المُركَّب الإضافي " ذو الإيمان " ـ قبل أن يصير عَلَماً ـ معناه : الملازم للحقّ والصِّدق والأمن والأمانة و.....الخ .
ويلزم من هذا أنّ الموصوف " مؤمنٌ وأمين ومؤتمن وصِدِّيق "؛
فيكون المعنى انتقالاً من الملزوم "ملازمة الإيمان" إلى اللّازم " كونه مأموناً وصِدِّيقاً ".
وبناءً على هذا المعنى الوضعي ، صار " الإيمان " عَلَمَاً على ذات.

والكناية هنا ، تضمَّنَتْ مجموعةَ معانٍ ، أي أنّها دالّة على معانٍ عدّة ، تعدّد معاني " ذو " وتعدّد معاني " الإيمان ".

.........................................

وتستمر الحكاية ..........

âک† معاني الإيمان : .......

اليمني الاول
18-06-2016, 10:12 PM
âک† معـــاني الإيمـان

إنّ المتأمِّل إلى آيِ الكتاب الحكيم ، ومعاجم اللّغة لَيعجَز عن الإحاطة الشاملة بكلّ معاني الإيمان ، وسوف نقتصر في هذا المقام على بعض تلك المعاني.

* المعنى في أصل اللّغة ،
الإيمان في اللّغة : التصديق نفْسُه.

* المعنى في الشرع ،
للإيمان في الشرع معانٍ شريفة لا تُحصى كثرةً ، نذكر منها :

التصديق ، والأمن ، والعلم ، والطّاعة.

1 - الإيمان بمعنى التصديق :

يُستعمل وصفاً على سبيل المدح لِمَن عرَفَ الحقّ بقلبه، وأذعنَت له نفسه قولاً وعملاً ، وضدّه الشكّ والمؤمن المجسِّد لهذا المفهوم يوصف بـِ "الصِّدِّيق "؛

قال تعالى : ï´؟ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَرُسُلِهِ أُولَـظ°ئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ï´¾.

وعليـه، فإنّ المشهود له بالإيمان الحقّ في آية الولاية، يعتبر صِدِّيقا.

" إنّما وليّكم الله ورسوله وهذا المؤمن الّذين........." الآية .
" إنّما وليّكم الله ورسوله وذو الإيمان الّذين ........" الآية .

المؤمن وذو الإيمان : أي الصِّدِّيق .

2- الإيمان بمعنى الأمن :

وهو السكينة والأمان ، وطمأنينة القلب والنّفس .

قال تعالى : ï´؟ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىظ° قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ï´¾.
وقال تعالى : ï´؟ يَا مُوسَىظ° أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ ï´¾.

فالمؤمن والآمن بمعنى واحد ؛ الإيمان أمان، والأمان إيمان.
والمؤمن والآمن : مَن اطمأنّ وصدّق ، ووثقَ بالشيء.

ويُقال : أمِنَه على كذا ، جعله أميناً ، ووثق به، واطمأنّ إليه فيه.
(معجم اللسان - ابن منظور).

ويُقال : رجلٌ أمينٌ وأمان ، يؤمَن به.
(المفردات - الراغب الاصفهاني).

ويُقال : رجلٌ يَمان ، على وزن فَعال ، مفتوح الفاء ؛ وهو مصدر للفعل
" أمِنَ " أصله " أمان " ، أُبدِلَت همزته ياء ، فأصبح " يَمان " :
أي أمين ، ومأمون .

ويُقال : رجلٌ يِمان ، على وزن فِعال ، مكسور الفاء ؛ وهو مصدر للفعل
"ءامَنَ " على وزن " فاعَلَ " أصله " إيمان " على وزن " فيعال " ، خُفِّف بحذف يائه، وأُهمِلَ في الاستعمال ، فصار " إِمان " ، ثمّ أبدِلَت همزته ياء، فأصبح " يِمان " على وزن فِعال : أي أمين ومؤتمَن.

الفعل " ءامَن " أُشرِبَ معنى الفعل " أمِن " لِمناسبة بين الفعلين، حتى صار الفعلان بمنزلة واحدة من حيث المعنى ، وهذا واضح من آي القرآن الكريم.
والإيمان والأمان عبارة عن مصادر، وهي بمعنى واحد ، وفي الحديث
الشريف : { لا إيمانَ لِمَن لا أمانَ له ، ولا دِينَ لِمَن لا عهدَ له } .

فلك عزيزي القارئ أن تقول : يَمان أو يِمان ، كلاهما صحيحٌ، لأنّ المعنى
واحد لم يتغيّر ، وكلّ ما في المسألة أنّ الهمزة في " أمان " أبدِلت بالياء،
فصار يَمان ، على وزن فَعال ، مفتوح الفاء.
وأنّ " إِمان " أصله " إيمان " خُفّفَ بحذف يائه ، ثمّ أُبدِلَت همزته ياء،
فصار يِمان ، على وزن فِعال ، مكسور الفاء.

وحروف الإبدال اثنا عشر حرفاً ، مجموعة في قولهم : ( طال يوم أنجدته ).

( وليس الإبدال أنّ العرب تتعمّد تعويض حرف من حرف ، وإنّما هي لغات مختلفة لمعانٍ متّفِقة ، تتقارب اللّفظتان في لغتينِ لمعنى واحد حتى لا يختلِفان إلّا في حرفٍ واحد ).
(المزهر في علوم اللغة - للسيوطي - الجزء الأول).


أمن : في أسماء الله تعالى : " المؤمن " ، هو الّذي يصدق عبادَه وعدَه ، فهو من الإيمان : التصديق ، أو يؤمنهم من عذابه ، فهو من الأمان ، والأمن ضد الخوف.
(النهاية في غريب الحديث والأثر - ابن الأثير ).

رجلٌ أمنٌ وأمانٌ وإيمانٌ ويمانٌ ، عبارة عن مصادر يُرادُ بها الوصف، وجميعها بمعنى واحد : أمين ومؤتمَن ومأمون. وهي بمنزلة قولهم : رجلٌ عدلٌ.

قال الشاعر :
وكان الّذي سمّـاه باسمِ نبيّـــــــه
سليمانَ إنّ اللهَ ذا العرش جاعِلُه

على النّاس أَمْناً واجتماعَ جماعة
وغيثَ حَيَاً ينبت للنّاس وابـلُــــه.
(الفرزدق - ديوانه).

على النّاس أمناً هو بمعنى : أميناً ومؤتمَناً ، أي إماماً.

من أراد أن يعرف أسرار علم النّحو وعلوم البلاغة فعليه بشِعر الفرزدق، الشاعر الــدّويهيــة ، .... ولِسانُها البَذّاخ في كلّ منطقِ.

طيَّب الله أفئــدتَكم بالفوائــــــد أحبّائي القُــــرّاء .
..........................................

وبناءً على ذلك ، يكون الموصوف بالإيمان في آية الولاية ، أميناً وأماناً،
يجب أن يؤمَن به.
" إنّما وليّكم الله ورسوله وهذا المؤمن الّذين .......... " الآية .
" إنّما وليّكم الله ورسوله وذو الإيمان الّذين .......... " الآية .
المؤمن وذو الإيمان : الأمين ، المؤتمَن ، المأمون.
و " أمين " : صفة مشبَّهة على وزن فعيل بمعنى مفعول ، وهي مشتقَّة من الإيمان والأمان.
واللّفظ في القرآن الكريم ، جاء وصفاً للملائكة، والبشر الجديرين بالعهد والأمانة.
قال تعالى في وصف جبريل ع : ï´؟ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ï´¾.
وقال تعالى في وصف موسى ع : ï´؟ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ï´¾.
وجاء وصفاً ليوسف ع : ï´؟ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ï´¾.
وجاء وصفاً لنوح ع : ï´؟ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ï´¾.

" الأمين " الوارد في الآيات المباركات ، هو بمعنى : الثقة المأمون،المؤتمَن على أداء الأمانة وتبليغ الرسالة.
فاللّفظ ، في الشريعة ، مستعمَلٌ لوصف من يتولّى أمراً جليلاً وهو لِذلك أهلٌ.
وعليــــه ، نعلم أنّ الأمين، والمؤتمن : هو الإمام.

" إنّما وليّكم الله ورسوله والأمين الّذين يقيمون ............" الآية.
" إنّما وليّكم الله ورسوله والإمام الّذين يقيمون ............ " الآية.

و " الأمين " بمعنى مفعول ، يستوي فيه المفرد والجمع، والمذكَّر والمؤنّث، الجمع : أمناء ويمانون ، المفرد : أمين ويمان.
والأمناء أو اليمانون : أولياء الله ، وهم الرّسُل والأئمّة صلوات الله عليهم أجمعين.
جاء في الأثر عن صفة المهدي ، صلوات الله عليه وعلى آبائه الطّاهرين ، :
{ قرشيٌّ يمانٌ ، ليس من ذي ولا ذو }.
(النهاية في غريب الحديث والأثر - ابن الأثير ).

قرشيّ : منسوب إلى قريش ، وليس إلى اليمن .
كيف يكون منسوباً إلى اليمن وقد نسبه إلى قريش ! أقرشيٌّ ويمانيٌّ في آن ؟

كيف يكون منسوباً إلى اليمن وقد قال : ليس من ذي ولا ذو ؛ ومعلوم أنّ
ذي و ذو ، ألقاب لملوك اليمن ، وهم ملوك حمير.

ثمّ إنّ لفظ " يمان " خالٍ من الياء الدّالة على النّسبة ، ولو كان منسوباً إلى اليمن لقال : يمانيّ ، لأنّ ذلك من لوازم اللّسان العربي ، فلا نسبة بدون الياء الدّالة على معنى النّسب ، وهي الياء المشدّدَة المكسور ما قبلها ، ولا تُخفَّف إلّا عند الضرورة ؛ ولا يصح حذف ياء النّسبة لأنّ المعنى يتغيّر ، ووضع تنوين الكسر في آخر اللفظ هكذا
" قرشيٌّ يمانٍ " غَلَط ، لأنّ اللّفظ صحيح الآخر، مرفوع بضمّة ظاهرة ، وهو مصدرٌ أريد به الوصفُ ، فمن أين جاءوا بتنوين الكسر؟

قال الشــاعـــر :
سمَوْنا لِنجرانَ اليمانيِّ وأهلِــه
ونجرانُ أرضٌ لم تُدَيَّثْ مقاوِلُه.
(الفرزدق - ديوانه).

تأمّل كيف أنّ الشاعر جاء بالياء الدّالة على النّسبة إلى بلاد اليمن ، وشتّان
ما بين يمانيٌّ ويمان. المعنى مختلف تماماً.

النّسبة إلى بلاد اليمن يمانِيّ ويمَنِيّ ، وقد تُخفّف ياء النسبة.
تُخفف فقط ، ولا تُحذَف.

فائــــــدة :
الضمير في قول الفرزدق : ( أهله ومقاوله ) يعود على نجرانَ : بلدة يمنيّة، واقعة حالياً ، تحت سلطات الاحتلال السعودي البغيض.
وجاز التعبير عن المؤنّث بضمير المذكَّر ، لأنّ " نجران " مؤنّث تأنيثاً مجازياً؛ وهو نظير قول الشاعر :
فلا مُزنة أودقَت ودقها
ولا أرض أبقلَ إبقالها .

المَقاوِل : الملوك ، المفرد : مَقوَل ، وقَيْل.
قال الشاعر :
ومرَّ أبو سفيـان عنّي مُعرِضاً
كأنّك قَـيْــلٌ في كبار المَجادِل.
(أبو طالب بن عبد المطلب عليه السلام - ديوانه).

إذاً ، " يمان " في حديث صفة المهدي ، مصدرٌ موصوفٌ به ، وهو بمعنى : أمين ومؤتمَن ، والأمين أو المؤتمن هو الإمام. ويجوز أن يُقرَأَ : يَمان،على وزن فَعال ، مفتوح الفاء ، أو يِمان ، على وزن فِعال ، مكسور الفاء.
فمعنى الحديث : المهدي قرشيٌّ أمينٌ، أي إمام : المهدي إمامٌ قرشيٌّ.
وقد ورد في الأثر : { إنّ الأئمّة من قريش }.

وأخالك الآن عزيزي القارئ ، تتمكَّن من معرفة معنى قوله صلى الله عليه وآله : { الإيمان يمانٌ والحكمة يمانيَة } .

يمان : بدون ياء النّسبة ، والياء في " يمانيَة " للدّلالة على المبالغة في الوصف، وليست للدّلالة على النّسبة إلى بلاد اليمن.

هذا الحديث الشريف يتضمّن فائدتينِ : شرعية ، ولُغوية.

* الفائـــدة الشرعـيّـة :

الحديث يتضمّن معاني الإيمان في الشرع .
( ونحن بصدد بيان وتوضيح بعض تلك المعاني).

الإيمانُ يمانٌ : يمان بمعنى أمين ، مؤتمن ، وهو الإمام . فيكون المعنى : الإيمانُ إمامٌ .
وقد عَلِمنا من آية الولاية أنّ " الإيمان " إسمُ عَلَمٍ لِبشر.

العربُ تقول : رجلٌ أمنٌ ويمانٌ وأمانٌ، ويقصدون بذلك : الرجل الأمين، الميمون، المؤتمن : أي الشريف ، سيّد القوم ورائدهم ، وهو المَلِك أو الحاكم.

قال الشاعر :
تطاولَ اللّيلُ علينا دَمّونُ
دمّون إنّا معشرٌ يمانون
وإنّنا لأهلِنا محِبّون.
(امرؤ القيس - ديوانه).

يمانون ، يعني : ميامين ، أشراف ، ملوك، وامرؤ القيس من معشر ملوك.

ولو أراد النّسبة إلى بلاد اليمن لقال : يمانيّون أو يمانيون ( بالتخفيف ).
ثمّ إنّ امرأ القيس من بلاد اليمن ، ومخاطبته لِدمّون بأنّه من اليمن ليس له أي معنى أو فائدة ، فدمّون تعرف أنّه من اليمن !.
الشاعر، هاهنا ، في موضع الألم والتحسُّر ، يشكوا إلى دمّون ـ حيٌّ سكنيٌّ يَمَنِي آنذاك ـ الحال الّتي يعاني منها ، وهذا البيت قِيلَ عندما وصَلَ إلى الشاعر نبأ مقتل أبيه.

وقال الشاعر :
ومَجــدي يـدلّ بني خِـنـدِفٍ
على أنّ كلّ كـريم يمــــان.
(المتنبي - ديوانه).

كلّ كريم يمان : أي ميمون ، مبارَك ، ماجِد ، شريف.

وقال جريرُ، من قصيدةٍ طويلة :
وإنّي وإن كانت إلى الشّام نيَّتي
يمانيُّ الهوى أهلَ المجازةِ آلَـفُ
(جرير - ديوانه).

يقول جرير : على الرغم أنّ وجهتي إلى الشّام ، ولكن لا يعني هذا أنّني أطلب الشام لِذاتها أو أنّني أحبّ الذهاب إليها. فلماذا يا جرير تذهب إلى الشام إذاً؟
قال : إنّما أقصدها لأنّي يمانيُّ الهوى : أي مَلَكِيّ الهوى : أحبّ الملوكَ الّذين يجزلون لي العطاء وآلفهم ، قلبي معلَّقٌ بهم ، وفي الشام ملوك بني أُميّة ؛ أقصد الشام من أجلهم ، لأنّهم يعطونني الدّراهم والدّنانير.

من أجلِ العطاء أَحَبّ جريرُ كلَّ يمانٍ وصار يمانيَّ الهوى ؛
الشاعر جرير لم يكن مِن عُشاق أهل اليمن ومحبيهم ، وديوانه مليء بهجائهم.
الياء في " يمانيّ " ليست للدّلالة على معنى النِّسبة إلى بلاد اليَمَن ، وإنّما جيء بها للمبالغة في معنى الصفة ؛ فالشاعر يريد أن يخبرنا بأنّه يحبّ الملوك جِدّاًجِدّاً؛ وقصيدةُ جريرَ هذه ، تعتبر وَثَنيّةً من الوثنيات العملاقة الّتي قيلَتْ في مدح طواغيت بني أميّة.

وقال عبدُ يغوثَ الحارثي :

وتَضحَكُ منّي شيخةٌ عبشَمِيَّةٌ
كأن لم ترَ قبلي أسيراً يمانِيَا.

معنى البيت : هذه المرأة تضحك على حالي كوني أسيراً، وكأنّها لم تجد قبلي أميراً وسيّداً قد وقع في الأسر . هذا هو المعنى المقصود.

المرأة لم تضحك لِكون الأسير من اليَمَن ، فليس في هذا ما يدعو إلى الضحك والعَجَب ؛ إنّما ضحكَتْ لكون الأسير سيّدَ القومِ ورئيسهم .

وذلك أنّ عبد يغوث هذا وقعَ في الأسر ، وعندما جيءَ بالأسير إلى حي بني عبد شمس قالت المرأة : مَن أنت ؟ فقال : أنا سيّد القوم ؛ فضحكت المرأة وقالت : قبّحَكَ الله من سيّد قومٍ حين أسروك ، فأنشدَ السيّدُ الأسيرُ هذا البيت الشعري.
وأصل اللّفظِ " يمان " ، والياء للمبالغة في الوصف.

وقال داهـيـةُ الشعراء :

أتاني من الأنباء بعد الّذي مضَى
لِشَيبانَ من عاديّ مَجْدٍ مقدَّمِ

مِن ابنَيْ نَزار واليمانـين بعدهــم
أيادي سبـأ ، والعقلُ للمتفهِّمِ
(الفرزدق - ديوانه).

ابنَي نزار : ربيعة ومضر ، قبائل حجازيّة ، وليست يمنيّة ؛ واليمانين بعدهم : أي والملوك بعدهم ؛ أمّا قوله : أيادي سبأ ، فهو مَثَلٌ يُضرَب لِمن كان حالهم التفرُّق والشتات بعد نعيمٍ ومُلك ورخاء ؛ وليس مقصودُ الشاعرِ من ذلك النّسبةَ إلى بلاد اليمن . كيف يكون المراد هو النّسبة إلى اليَمَن وقد قال ابنَيْ نزار ؟ وقال : بعدهم ؟
ومعلوم تأريخيّاً أنّ مملكة سبأ اليمنيّـة أقدَم زمناً من حكاية ابنَي نزار، قبيلة ربيعة ومضر، وهم المعروفون بالعدنانيين.

ومن أجل التنبيه والإشارة إلى أنّ الشاعر لم يقصد النّسبة إلى بلاد اليمن،
قال : " والعقل للمتفهِّم ".

الّذين قصَدَهم الشاعر بقوله :
" واليمانين بعدهم " هم بنو شيبان ، وهؤلاء ينتمون إلى قبيلة بكر، وهي بَطنٌ من بطون ربيعة ، وقد كانوا ملوكاً وأشرافاً ، وفيهم يقول الشاعرُ :

وما رحَلَتْ شيبانُ إلّا رأيتَها
إماماً وإلّا سائر الناس تابع.

..................

قولـه صلى الله عليه وآله وسلم : { والحِكمـــة يمـانِيَــــة }.

الحكمة : لفظٌ جامعٌ لكلّ المحاسن والفضائل ، ولها معانٍ عدّة.
( ومرجعها إلى العدل والعلم والحِلم).
(معجم العين - الفراهيدي).

الحكمة يمانيـَة ، معناه : الحكمة إمامة.
الإيمان إمام والحكمة إمامة.

الحكمة في الشرع هي الإمامة أو الخِلافة.

قال تعالى : ï´؟ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ï´¾.
وقال صلى الله عليه وآله : { الصّمتُ حُكْمٌ وقليلٌ فاعله }
(المفردات - الراغب الاصفهاني ).
الصمت حكم، أي حِكْمة.

وهذا الحديث صحيح تماماً من النّاحية اللّغوية ؛ حكمَ ، يحكُم ، حُكْماً وحِكْمةً فهو حاكِم وحكيم ، فالحِكمة حُكم ، والحكيم حاكِم ؛ والحُكم هو الإمامة.

الحكمة : الإمامة ، وهي الملك العظيم ، الرئاسة العامة في الدّين والدّنيا جميعاً.

قال أحد الشعراء يمدح المأمون العبّاسي :

يا خيرَ من ذملَتْ يمانِيَــةٌ بـه
بعدَ الرسولِ لآيسٍ أو طامعِ.

وقال الشاعرُ :
يا حبّذا جبلُ الرّيانِ من جبلٍ
وحبّذا ساكنُ الرّيان من كانا
وحبّذا نفحــاتٌ من يمانِيَـــةٍ
تأتيك من قِبَلِ الرّيان أحيانا.

جبل الريان يقع في الشام ، في إحدى محافظات الجمهورية العربية السورية.

نحن نجد في هذه النّصوص أنّ " يمان ، ويمانيَة " ألفاظ لا علاقةَ لها ببلاد اليمن ، معناها مختلف تماماً عمّا يتوهمه كثيرٌ من النّاس.

لفظ ( يمان ) من الألفاظ المتشابهة ، ولا بدّ من الإتيان بالياء الدّالة على معنى النّسب دون غيره عند إرادة النّسبة إلى بلاد اليمن.
وياء النّسبة في الحقيقة ، ياء مُشدَّدة ، أي أنّها عبارة ياءينِ اثنينِ ، وليس ياءً واحداً ، وحرف النّسبة بحكم المنفصل ، أي أنّه حرفٌ زائد على حروف اللّفظ الأصلية، وإنّما يُجاء بها للدّلالة على نسبةِ شيءٍ إلى آخر، أو للدّلالة على المبالغة في الوصف.

وياء النّسبة تُخفّف ولا تُحذَف ، لأنّ حذفَها يؤدّي إلى تغيّر المعنى ، فلا يصح أن يكون تنوين الكسر عوضاً عن حذف ياء النسبة ، لأنّ ياء النسبة زائدة وليست حرفاً أصليّاً ؛ فهي حرف معنَى وليس حرف مبنَى.

تنوين الكسر ( الكسرتينِ ) يؤتى به للدّلالة على الياء المحذوفة ـ في حالتَيْ الرفع والجر ـ إذا كانت الياء من أصل اللّفظ.
نقول : عليٌّ عليه السلام والٍ عادلٌ.

تنوين الكسرِ في ( والٍ ) عوضاً عن الياء المحذوفة الأصلية ، أصل اللّفظ ( والي ) اسم منقوص.

هذا الكلام لا ينطبق على ياء النّسبة ، لأنّها تعتبر زائدة وليست أصلية.

لا يصح أنّ نقول : " الإيمان يمانٍ " ونريد بذلك النسبة إلى بلاد اليمن؛
هذا الكلام غلط ؛ نقول : الإيمان يمانِيٌّ ؛ هذا هو الصحيح.

يجوز حذف ياء النّسبة في حالة واحدة : إذا كان الإسم المنسوب مسبوقاً بـِ ( أخو ، أو ذو ، أو ابن ).

يُقال : أخو العراق ، أي العراقيّ ؛ أو أخو عراقٍ ، أي عراقيّ.
ويُقال : ذوي الشأم ، أي الشاميّون ؛ أو ذو شامٍ ، أي شاميّ أو شآميّ،منسوب إلى بلاد الشام.
ويُقال : أخو يَمَنٍ ، أي يمانِيّ أو يَمَنِي، وذوو يَمَنٍ ، أي يمنيين أو يمانيّين، منسوب إلى بلاد اليمن.

قالوا : أَبْلِغ أميرَ المؤمنين أخا العراق إذا أتيته.
وقالوا : ذوو الشأمِ من أهلِ الحفير وراسمِ.
وقالوا : سألْنا ذوي يَمَنٍ عن معنَى قولهم : قَيْلٌ ؟ فقالوا : مَلِكٌ.

قولـه صلى الله عليه وآله : { الإيمان يمانٌ } .
يمانٌ : خبر مرفوع بالضمّة الظاهرة على آخره، لأنّه صحيح الآخر ، وهو مصدرٌ أُرِيدَ به الوصفُ ، وليس المقصود من هذا الحديث النّسبة إلى بلاد اليمن.

التفريق بين الياء الدّالة على معنى النسبة وبين غيرها من الياءات يتم عن طريق السياق والقرائن المتصلة باللفظ ومقام الخطاب و....... إلخ .
والعقل للمتفهِّمِ كما قال الـدّويهيــة.

ومُجمَل القول ، إنّ هذا الحديث الشريف ـ الإيمانُ يمانٌ والحكمة يمانِيَة ـ يعتبر جامعاً شاملاً لكلّ معاني الإيمان ، الشرعية واللّغوية.

* الفائــــدة اللّغـويّـــة : فائــدة في علم الصرف :

" يمان " مصدرٌ ، و " يمانيَة " اسم بمعنى المصدر، والياء في يمانية لإشباع معنى الصفة ، وهي زائدة ؛ ويجوز أن يكون " يمانية " مصدراً صناعياً.
" الإيمان واليمان " بمعنى واحد ، وهي مصادر للفعل " ءامَنَ " على وزن " فاعَلَ " ، مُعتلّ الفاء ، فاؤه همزة.
إيمان : على وزن فيعال ، ويِمان : على وزن فِعال ، مكسور الفاء، وهو مُخفّف من فيعال.
فالرسول الحكيم صلى الله عليه وآله يريد أن يقول لك : إنّ الإيمان واليِمان ، من النّاحية اللّغوية شيءٌ واحد ؛ الفيعال فِعال ، والفِعال فيعال.

قال المحقِّقون ، النّحاةُ والصرفيون : ( إنّ "الفيعال" هو القياس لِمصدر " فاعَلَ " فهو أصل "الفِعال" ، خُفّفَ بحذف يائه ، وأُهمِلَ في الاستعمال، وإنّما كان قياس مصدر فاعَلَ هو الفِعال ، لأنّ المصدر الرباعي الأحرف،يُبنَى على ماضيه ، وزيادة ألِفَاً قبل آخره ، فالأصل في الفيعال، " فاعال "، مبنيَّاً على فاعَلَ ، كُسِرَتْ فاؤه فانقلبت الألِف بعدها ياءً مراعاةً للكسرةِ قَبلَها.
وقد شذّ مجيء " المُفاعَلَة " مصدراً لـِ "فاعَلَ " ، لأنّ القياس إنّما هو الفِعال، ولِهذا يجعلها المحققون من العلماء اسماً بمعنى المصدر ، لا مصدرا ، لأنّ المصدر إنّما هو الفِعال ، المخفف من الفيعال.
إذا كان الفعلُ من وزن " فاعَلَ " وفاؤه " ياء " يمتنع مجيء مصدره على فِعال ، مثل ، ياسَرَ ويامَنَ ، ليس فيه إلّا المُياسَرة والمُيامَنة ).
(جامع الدروس العربية - الشيخ الغلاييني - الجزء الأول ).

إذاً ،
" إنّما وليّكم الله ورسوله و ذو الإيمان الّذين ............" الآية.
" إنّما وليّكم الله ورسوله و ذاتُ الإيمان الّذين .........." الآية.

الإيمان ،هاهنا، عَلَمٌ لِبَشَر ؛ إسمٌ ولقبٌ وكنية ، خاص بالموصوف
ولا ينصرف إلى غيره.
قال عز وجل :
ï´؟ وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ï´¾.
.........................................

" إنّما وليّكم الله ورسوله و ذو الإيمان الّذين ............" الآية.

الإيمان ،هاهنا، مصدرٌ موصوفٌ به ، يستوي فيه المفرد والجمع،
وهو بمعنى : أمين ومؤتمَن ، الجمع : أمناء ويمانون.

مطاع ثم أمين.


أَحَقٌ هو ؟
قولوا : إي وربّي إنّه لَحقٌّ . مُطاعٌ ثـمّ أمين ، وما صاحبكم بمجنون.

اليمني الاول
18-06-2016, 10:14 PM
مكانة أهل اليَمَن عند الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

روى ثقةُ الإسلام الكُلَـيني ـ من حديثٍ طويل ـ أنّ الرسول صلى الله عليه وآله قال : { أفضلُ الرجالِ أهلُ اليمن ، الإيمان يمانِيّ والحكمة ي مانِيّة ، ولولا
الهجرة لكنتُ امرءاً من أهل اليمن }.
(روضة الكافي الشريف).

معنى الحديث الشريف : ( إنّ أفضل الرجال هم أهل اليمن ، أفضل
الإيمان إيمان أهل اليمن ، وأفضل الحكمة حكمة أهل اليمن ، ولو لا
الهجرة لكان سيّدُ المرسَلين صلى الله عليه وآله رجلاً من أهل اليَمَن ).

بَخٍ بَخٍ لكم يا أهل اليمن ، فلا تهِنوا ولا تحزنوا، أنتم سنام المَجدِ وجبهة الأنصار.
فكفَى بِنا فضلاً على مَن غيرُنا
حُــبُّ النّبيِّ محمّــدٍ إيّانـا.

روى البخاري في صحيحه أنّ الرسول ص أشار بيدِه نحو اليمن وقال :
{ الإيمان هاهنا ـ مرّتينِ ـ ألا وإنّ القسوة وغِلظَ القلوب في الفدادين ـ حيثُ يطلع قرنا الشيطان ـ ربيعة ومضر }.

وقال ص : { يطلع عليكم رَجُلٌ مِن ذي يَمَنٍ على وجهه مسحةٌ مِن ذي مَلَكٍ}.
(النهاية في غريب الحديث والأثر - ابن الأثير ).

وقال رسول الله ص : { سيخرج من صُلبِ عليّ عليه السلام فتىً يملأ الأرض قسطاً وعدلاً فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى اليَمَنِي فإنّه يُقبِلُ مِن قِبَلِ المشرق وهو صاحب راية المهدي }.
(المهدي الموعود المنتظر - للعسكري).

وقال أمير المؤمنين ع : {... واعلموا أنّكم إنِ اتّبعتم طالعَ المشرق سلكَ
بكم مناهجَ الرسول ، وتداويتم من العمى والصمم والبكم ، وكُفيتم مؤونة الطّلب والتعسّف ، ونبذتم الثّقل الفادح عن الأعناق ، ولا يُبعّد اللهُ إلّا من أبَى وظلمَ واعتسفَ ، وأخذَ ما ليس له ، وسيعلم الّذين ظلموا أي منقلب ينقلبون }.
(من خطبة للأمير - روضة الكافي).
..........................................

وتستمر الحكاية .........

3 - الإيمان بمعنى العِـــلم : .......

اليمني الاول
19-06-2016, 09:12 PM
3 - الإيمان بمعنى العِـــلم :

وهو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع .

قال تعالى : ï´؟ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىظ° قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىظ° وَلَـظ°كِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىظ° كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ï´¾.

في هذه الآية المباركة دروس جليلة ومعانٍ شريفة ، والّذي يهمّنا هو موضع الشاهد الّذي جئنا بالآية من أجله ؛
قوله : أرني كيف تحيي الموتى ، أي علِّمني ، أرني وعلِّمني بمعنى واحد.

قوله : أو لم تؤمن ، أي أو لم تعلم ؟
قوله : بلى ، أي أنا عالم يا رب، ولكن زدني عِلما ، زدني إيماناً.

وإبراهيم عليه السلام في هذا المقام يسأل اللهَ العلمَ التطبيقيَّ العمليَّ ، وليس مجرّد المعرفة النّظرية الوجدانية.

فلمّا علّمَ اللهُ إبراهيمَ كيفيةَ إحياء الموتى ، وآتاه من لدنه علماً صار إبراهيم عليه السلام من أولي العلم ؛ إنّ إبراهيم لَذو علمٍ لِما علّمَه ربُّه.

ومن كان كذلك فهو عليمٌ ، وليس مجرّد عالمٍ عادي ؛
كلّ عليم عالِمٌ وليس كلّ عالِمٍ عليماً.
قال تعالى : ï´؟ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ï´¾.

فالعلمُ معنىً من معاني الإيمان ، وهو معرفة حقيقة الشيء على وجه الإتقان واليقين والكمال ، نظرياً وعملياً.

هناك اشتراك معنوي بين العلم والإيمان.

قال تعالى : ï´؟ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّـهِ إِلَىظ° يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَـظ°ذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَـظ°كِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ï´¾.

العطف الموجود بين العلم والإيمان أفاد التشريك في المعنى.

العِــلم : اعتقادٌ جازمٌ مطابق للواقع، والإيمــان اعتقاد جازم مطابق للواقع. والعِلم أصل الإيمان.

وهذا المفهوم معنىً من معاني الحِكمة أيضاً ، الحكمة : العِلم بحقائق الأشياء على ما هي عليه ، نظريّاً وعمليّاً.

لهذا جاءت الآية الكريمة مُذَيَّلة بقوله تعالى :
" واعلم أنّ الله عزيزٌ حكيمٌ ".

وعليــه ، فإنّ الموصوف في آية الولاية ، من أولي العلم ، فهو إمامٌ عليم.

" إنّما وليّكم الله ورسوله وأولوا الإيمان الّذين يقيمون .........." الآية .
أولوا الإيمان : أي أولوا العلم .

معاني الإيمان يا أخوتي ، لا تنتهي عند حدّ ، وقد عرفنا أنّ " الإيمان " في آية الولاية عبارة عن كناية أفادت مجموعة معانٍ ، وهذه هي بلاغة الكناية.

أولوا العلم، وصفٌ مخصوصٌ بحدّ ذاته ، لفظاً ومعنى ، ولا يصح إطلاق الوصف على كلّ مَن لديه أثارة من عِلم ، أو عنده مجموعة من المعارف الدّينية أو الدّنياوية.

أولوا العلم في الشريعة : هم الربّانيّون ، هم الّذين آتاهم اللهُ العلم الشامل، والمعرفة الكاملة بحقائق الأشياء ، قد أكملَ اللهُ عقولَهم ، وطهّر قلوبهم من كلّ شكّ وريب ، وأيّدَهم بالعصمة الكاملة قولاً وعملاً واصطفاهم أعلاماً لِدِينه.

هم الّذين شهدوا لله بالوحدانية شهادةَ إيمانٍ وإيقان ، وإخلاصٍ وإذعان ، قد قرنَ اللهُ شهادتَهم بشهادته إعلاءً لِذكرهم ، وتعظيماً لِمقامهم ، وجاء معهم الملائكةُ مقترنين.

قال عزوجل : ï´؟ شَهِدَ اللَّـهُ أَنَّهُ لَا إِلَـظ°هَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَـظ°هَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ï´¾.

فمَن هذا الّذي يبلغ منزلة أولي العلم أو يروم مقامهم ؟
هيهات هيهات ، وقد خاب مَن ادّعَى.
.......................................

4 - الإيمان بمعنى الطاعة :

الإيمان والطاعة وجهان لعملةٍ واحدة ، الإيمان عقيدة وعمل ، الطاعة كذلك، الطاعة هي الدّين ، والإيمان كذلك.

الإيمان : أن يُطاع الوليّ الشرعي فلا يُعصى.

ولا إيمانَ إلّا بأداء فرض الطاعة لِمن أمر الشرعُ بطاعته ، لأنّ الطاعة والإيمان أمران مقرونان إذا رُفعَ أحدهما رفع الآخر.

قال تعالى : ï´؟ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ï´¾.

وقد أوضحنا مسألة الإيمان والطاعة عند حديثنا حول آية الإطاعة.

" إنّمـا وليّــكم الله ورسولــه وأهل الإيمــان الّذين .........." الآية.

أي أهل الطاعة : الجديرين والأحقّاء بها.

فالموصوف في آية الولاية ، أهلٌ لِأن يُطاع فلا يُعصى ، وقد أوجب الشرعُ طاعته وجوباً مطلقاً ، طاعته كطاعة الله ورسوله.

والطاعة هي الدِّين ، والدّين هو الأمن ، فمَن فارَقَ الأمنَ فقد فارقَ الدِّينَ، والأمن هو الأمان ، والأمان هو الإيمان ، والإيمان هو العلم ، والعلم هو الحكمة، والحكمة هي الإمامة ، والإمامة هي الولاية ، والولاية هي السلطان، والسلطان هو الوليّ ، والوليّ هو المولى ، والمولى هو الأَوْلى ، والأوْلى هو المُطاع ، والمُطاع هو المستحقّ للطاعة حقّاً ، شرعاً وعقلاً.

قال تعالى : ï´؟ وَلَمَّا جَاءَ عِيسَىظ° بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُونِ ï´¾.

وقال تعالى : ï´؟ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ï´¾.
وقال صلى الله عليه وآله : { الإيمانُ يمانٌ والحكمة يمانيَة } .

صدَقَ الله عزّ وجلّ وبلّغَ رسولُــه الأمين صلى الله عليه وآله وسلم.
.........................................

تلكم أحبّتي بعض معاني الإيمان في الشرع.

وقد كان للاسم الموصول كما رأينا ، بالغ الأثر في بيان كمال الموصوف، والعناية به ورفعة شأنه ، والتشويق إلى معرفته ، والحث على التمسك به.

ودلّت الموصولية أيضاً على أنّ ولاية الأمر متواصلة ومستمرة بعد رحيل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله عن هذه الدّنيا.

ولمّا كانت معاني الإيمان متجسِّدة حقّاً في الموصوف ، وأصبَحَت مَلَـكَةً فيه صار " الإيمــان " عَلَـمَاً له ، إسمــاً وكُنيــةً ولَـقَبَـــاً.

" إنّما وليّكم الله ورسوله وذو الإيمان الّذين يقيمون .............." الآية.
" إنّما وليّكم الله ورسوله و ذات الإيمان الّذين يقيمون ..........." الآية.

ذو الإيمان ، وذات الإيمان : أي الإيمان ذاته ، صاحب هذا الإسم " الإيمان ".

هل عرفتَ أخي القارئ ، كيف أنّ الاسم الموصول ، في آية الولاية ، دلّ على إغراق في مذاهب البلاغة ومنازع الفصاحة ؟

وما دمنا قد عَلِمنا ذلك ، فاعلموا أنّ وليّــكم هو ذو الإيمان، صاحب هذا الاسم " الإيمــان " احفظوه جيّداً فإنّ له شأناً عظيماً.

" إنّما وليّكم الله ورسوله وذو الإيمان الّذين ......... " الآية.

ذو : عبـــارة عن صِلة ، أي زائــدة ، و " ذو " : عبـارة عن لفظ كنــائي،الجمع "ذوين" - يستوي فيه المفرد والجمع - كناية عن العَــلاء ، الشرف والرفعة والسيادة.

قال تعالى : ï´؟ رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ ï´¾.

وقال نَجمُ الشعراء :

ولا أعني بقولي أسفليـكم
ولكنّي أريد به الذّويـنــا.
(الكميت الأسدي - ديوانه).


" إنّما وليّكم الله ورسوله والإيمــانُ الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون
الزكـــاة وهـم راكـعــون ".

فيا تُرى من هو الإيمان، المؤتي الزكاة حال الركوع ؟ والّذي هو وليُّنا بعد الرسول ص بلا فصل ؟

هل له إسم خاص يُشتَهرُ به حتى نتمكّنَ من معرفته ؟.

ومن هنا نواصل رحلةَ العُمْرِ ، ووجهتنا هذه المرّة هو المقصد الثاني من آية الولاية ؛
إسم وليّ الأمر الأوّل خِلافةً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

المقصــد الثـاني :

إسم وليّ الأمر الأوّل خلافةً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وفي رحاب الولاية، تستمر الحكاية .....

اليمني الاول
19-06-2016, 09:14 PM
المقصــد الثـاني

إسم وليّ الأمر الأوّل خلافةً عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

في هذا المقام أخي الكريم ، لا طريقَ إلى معرفة الوليّ إلّا من جهة الشرع ، القرآن الكريم والسنّة المطهّرة ؛ وقد عرفنا الوليّ بصفتـه ونعتـه في آية الولايـــة، بقي أن نعرف الوليّ بإسمه الخاص الّذي يُشتَهر به.

والشرع كفيل بتقديم بطاقة تعريفية تُميِّز الوليّ الّذي وجبت طاعته في آية الولاية وآية الإطاعة ، تعريفاً بإسمه وصفته ، لأنّ اختيار خليفة الرسول ص والتعريف به من اختصاصات الشرع.

والسبيل الّذي سوف يقودنا إلى معرفة الوليّ بإسمه هو :

* العهد الكنائي والعهد الذِّهني سيقودنا إلى معرفة اسم الوليّ عن طريق العهد الذِّكري الصريح.

* العهد الحضوري سيقودنا إلى معرفة اسم الوليّ عن طريق سبب نزول آية الولايـــة.

وبناءً على تلك الدّلالة المعنوية للعهدية ، نتوصل إلى معرفة أطراف الولايـــة المخصوصين بالطّــاعة ، كلٌّ بإسمه وصفته.
الله ، ورسولـه ، والإيمـان.

* معرفة الله عزّ وجلّ :

القرآن الكريم يقدِّم بطاقة تعريفيّة لربّ العالمين جل جلاله

ï´؟ هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـظ°هَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَـظ°نُ الرَّحِيمُ ï´؟ظ¢ظ¢ï´¾ هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـظ°هَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ï´؟ظ¢ظ£ï´¾ هُوَ اللَّـهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىظ° يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ï´؟ظ¢ظ¤ï´¾.

إذاً ، اسم الله ، هو الله : اسم عَـلَـم للذّات الإلهية ، والأسماء الأخرى عبارة عن صفات وصفَ اللهُ تعالى بها نفسَه.

الله : لفظ الجلالة ، اسم خاص للذّات الواجبة الوجود ، الّذي يُسمَّى به الإلـه الواحد الحقّ ، لا يشاركه أحدٌ من خلقه في هذه التسمية ، والدّال دلالة جامعة على معاني الأسماء الحُسنى ؛
قال تعالى : ï´؟ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ï´¾.

* من هو " رسولــه " المخصوص بالذِّكر في آية الولاية ؟!

هذا التساؤل مشروع لأنّ لله رسُلاً كثيرا وليس رسولاً واحداً ، فالمطلوب معرفة رسول الله المقصود تحديداً ، إسمه الّذي يُشتهر به حتى يتميّز عن غيره من الرسل صلوات الله عليهم أجمعين. القرآن يذكر الجواب ؛

قال تعالى : ï´؟ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ ï´¾.

وقال تعالى : ï´؟ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـظ°كِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ï´¾.

إذاً ، اسم ( رسوله ) المخصوص بالطاعة في آية الولاية ، هو
محمد صلى الله عليه وآله، والموصوف بخاتم النّبيين.

هو طه ، هو أحمد ، هو ياسين ، هو رسول الله محمد ، سيّد الأوّلين والآخرين ، وخاتم الأنبياء والمرسَلين ، الرحمة المهداة للعالمين صلى الله عليه وآله وسلم.

" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد والّذين ءامنوا الّذين ............... " الآية .
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَهذا المؤمن الّذين ............... " الآية .
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَذو الإيمان الّذين ................" الآية .
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَذَاتُ الإيمان الّذين ............. " الآية.
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَلإمامُ الّذين .................... " الآية .

* من هو المؤتي الزكاة حال الركوع ؟ المُكنّى بـ " الإيمان " في آية الولاية ؟
من هو الإمام ، الخليفة الشرعي الأوّل للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ؟
القرآن يذكر الجواب ، والسنّة المطهّرة وأخبار السِّيَر وكُتبُ التأريخ
تذكر الجواب.

الجواب المذكور في القرآن الكريم ؛

قال تعالى :
ï´؟ وَإِنَّـــــــــــــهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ï´¾.

القرآن الكريم ذَكَرَ الاسمَ صريحاً ، والجواب مُحَقّقاً مؤكَّداً، ومُعظَّماً.
تاللهِ إنّك لَأنت يوسف !.

( عليٌّ ) هاهنا اسمُ عَلَمٍ لِبشر ، و ( حكيم ) صفة للمُسمَّى ، وهي صفة مشبَّهة صيغت من اسم الفاعل ( حاكِم )، والحاكم هو الإمام.

تالله إنّه لَعليّ بن أبي طالب عليه السلام ، بإسمه وصفته ، هو نفْسُه لا أحدَ غيره.

توسَّمْتُه لمّا رأيتُ مَهابــةً فيه،
وقلتُ : المرءُ مِن آلِ هاشِمِ .

( الإيمان ) : هو الصِّدِّيقُ الأكبرُ أبو الحسن صلوات الله عليهم،
المؤتي الزكاة حال الركوع ، الموصوف في آية الولاية.

هو الفاروقُ بين الهُدَى والضلال
وصِــدِّيقُ أُمَّتنــا الأكبـــرُ.

( وإنّ الإيمان في أمّ الكتاب لدينا لَعليٌّ حكيمٌ ).
( إنّ الإمام في أمّ الكتاب لدينا لَعليٌّ حكيمٌ ).

أَلَمْ أقُل لكم إنّ الزخرف وبحر النّور موجود في آية الولاية.

لم يـَبــقَ مِن سُنـــَّـــةِ الفـــــــــاروقِ نَـعرِفُــــه
إلا الذُّنــَيـْـــبِي و إلّا الـدُّرّةُ الخَـــــــــــــلِـقُ !.

........................................

العـلاقة بين آيـة آل حاميم وآيـة الولاية :
.........................................
وتستمر الحكاية.....................

اليمني الاول
20-06-2016, 09:16 PM
العـلاقة بين آيـة الولايـة وآيـة آل حـاميم :

إنّه : إنّ للتوكيد . الهاء : حرف كناية.

" الّذين ءامنوا " عهد كنائي ، و ( الإيمان ) كنية الموصوف في
آية الولاية ، والموصوف بَشَرٌ .

في : حرف جر يفيد الظرفية .
أمّ الكتاب : آية الولاية ، لأنّها آية مُحْكَمة.
لدينا : جُملة اعتراضية ، وهو ظرف زماني ومكاني.
لَعلِيٌّ حكيم : اللّام للتوكيد ، و ( عليٌّ حكيمٌ ) عهد ذِكْري صريح ، تعريف بالعَلَميّة ، وهو بدل من العهد الذهني المعلوم لدى المخاطَب من آية الولاية، أي بدل من الجملة الحالية ، قوله تعالى :
( الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) .

" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد والّذين ءامنوا عليٌّ الحكيم "
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَهذا المؤمن عليٌّ الحكيم "
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَذو الإيمان عليٌّ الحكيم "
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَلإيمانُ عليٌّ الحكيم "
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَلإمامُ عليٌّ الحكيم " .
وأمّ الكتاب ، آية الولاية ، نَزَلَت في شأن أمير المؤمنين ).

قال نجـمُ الشعراء :

وجَدنـــا لـكـــم في آل حاميـــم آيــــةً
تـأوَّلَـها مِنّـا نـقِـيٌّ و مُعَــرَّبُ.

يقول الكميت : إن آية آل حاميم قد عرف معناها النقي، أي العربي القح الخالص، العربي الموطن واللسان؛ والمعرب، أي من تعلم اللسان العربي ولم يكن عربيا في الأصل.
................................

طربتُ وما شوقاً إلى البِيضِ أطربُ
ولا لعباً منّي وذو الشيب يلعبُ

ولــم يلهِني دارٌ ولا رســمُ مـنــزل
ولـــم يتطرّبني بنـانٌ مُخضَّـب

ولكن إلى أهلِ الفضائــل والعُــلَى
وخيرِ بني حوّاء والخيرُ يُطلَـبُ

بني هاشــمٍ رهــــط النّبــيّ فإنّنـي
بهم ولهم أرضَى مِراراً وأغضب

خفضتُ لهـم منّي الجناح مـــودّةً
على كَنَفٍ عطفـاهُ أهـلٌ ومَرحَـب

وما ليَ إلّا آلَ أحمـــــدَ شيــــعــةٌ
وما ليَ إلّا مَـذهبَ الحـقّ مَــذهَـب

بـأيّ كتــابٍ أم بأيّـــــةِ سُنَّــــــةٍ
يُــرَى حُبُّــهم عــاراً عَلَيَّ ويُحسَب .
..........................................

وقـفــة نقِـيّــة مع آيــة آل حاميم

قال عزوجل :
{ وإنّـــه في أمّ الكتاب لدينــا لعليٌّ حكــيم }.

ظ، - الآية الشريفة عبارة عن جُملة خَبَريّة .
ظ¢ - الآية مقترِنة بالعديد من شواهد التأكيد : القَسَم ، و ( إنّ )، واللّام المزحلَـقة ، والجملة الإسمية.
وهذا الضرب من الجُمَل الخبرية لا يؤتى به إلّا لِلجمِ المصابين بداء
العناد ، والإنكار للحقائق.
وتأكيد الآية بتلك المؤكِّدات يقيم الحُجّة على العالَمين ، فلم يعد هناك سبيل لإنكار ما جاء به النّصّ القرآني الشريف.

ظ£ - حشد كل تلك المؤكِّدات دلّ على أنّ الخطاب القرآني يتضمّنَ أمراً عظيماً وخبراً جليلاً، فيجب أن يأخذَه المخاطَب في الحسبان ويعرفَ ما جاء فيه.

ظ¤ - أهمّ ما جاء في الخطاب القرآني هو قوله تعالى : " لَعليٌّ حكيمٌ " .

ظ¥ - الهاء في قوله تعالى : " إنّـه " عبارة عن ضمير غيبة مُبهَم ، ليس مسبوقاً بما يدلّ عليه صراحةً.

وليس صحيحاً أن يكون ضمير الغيبة عائداً على القرآن الكريم ، كون المعنى يتعارض مع مقتضى الحال ، ومقام الخطاب ، فالآية مؤكَّدة أشدّ التوكيد، وهذا النّوع من الجُمَل الخبرية يسمّى ( الخبر الإنكاري ) ، وهذا دليلٌ واضحٌ على أنّ الآية تتضمّنُ خبراً يمكن أن يدفعَه المخاطَبُ وينكرَ صحّتَه.
فليس صحيحاً من النّاحية العلمية ، البلاغية واللّغوية ، والعقلية ، أن يكون معنى الآية : " وإنّ القرآن في أمّ الكتاب لدينا لَعليٌّ حكيم ".

إن كان المقصود به القرآن الكريم الّذي بين أيدينا ، المبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة النّاس ، فهذا المعنى غير وارد.

ثمّ إنّ " الكتاب " في قوله تعالى : " أمّ الكتاب " المقصود به القرآن الكريم، فيكون المعنى حينئذٍ : وإنّ القرآن في أمّ القرآن لدينا لَعليٌّ حكيم .

هذا المعنى الهَشّ لا يستلزمُ توكيداً ، وهو ساقط بلا شك ، والقرآن العظيم أجلُّ وأسمى من تلك الأقوال الهزيلة ، المبثوثة في كُتبِ التفسير .

إنّ معشر المفسّرين ، عندما يتعاطون مع مثل هذه الآيات ، يهرفون بما لا يعرفون ، ويأتون بكلّ عجيب ، وقد قيل : مَن تحدَّثَ بغير فنِّه أتى بالعجائب.
استجمعوا قواهم ، وأطلقوا العنان لأفكارهم ، وبعد جهد جهيد فسّروا "أمّ الكتاب" باللّوح المحفوظ ، وجعلوا المسألة غيبيّة ، لا مَن شاف ولا مَن دري !.
ذلك مبلغهم من العلم ؛ تمخّضَ الجبلُ فولّدَ فأراً.

إنّ الأمّة الإسلامية ، في الحقيقة ، ابتُلِيَت بكارثة كبرى ، أبطالها هم مشائخ التفسير؛ فالكثير من النّاس يأخذون أقوالهم على أنّها مسَلَّمات على الرغم أنّ معظم كتب التفسير المتواجدة في أيدي النّاس حُبلَى بالتناقضات ، والاجتهادات الفاسدة ، ويكفي شاهداً على بطلانها ، أنّها تفتقر إلى أبسط الأدلّة العلمية والعقلية والشرعية والتأريخية ؛ والمقام لا يتّسع لاستعراض الخزعبلات الموجودة في تراثنا الفكري المقدَّس.

إنّ الكلام حول المفسّرين ومفاسدهم له سبحٌ طويل ، ليس هاهنا محلّه.

أمّ الكتاب : أمّ الشيء : أصله الّذي يُرجَع إليه ، ويُعتمَد عليه ، وكلّ شيءٍ انضمّت إليه أشياء فهو أمٌّ لها.

الكتاب : كتاب الله ، اللّوح المحفوظ من التغيير والتبديل والتحريف، وهو القرآن الكريم ، القرآن المجيد،هذا هو الاسم الّذي سمّاه الله به.

القرآن الكريم : الكتاب السماوي ، واللّوح المحفوظ ، الموجود بين أيدينا، المُنزَل على سيّد المرسلين صلى الله عليه وآله ، هو خاتمة الشرائع السماوية ، فيه علم الأوّلين والآخرين ، وهو الأصل الأزلي الّذي تتولَّد منه المعارف والعلوم، يبدأ بسورة الفاتحة ، وينتهي بسورة النّاس، يتألّف من 6236 آية + البسملات 112 آية = 6348 آية.

أمّ الكتاب : كلّ آية مُحكَمَة في القرآن الكريم.

قال تعالى : ï´؟ هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ï´¾.

الكتاب الّذي أنزله اللهُ على محمد رسول الله هو القرآن الكريم ، الموجود بين أيدينا ، وأمّ الكتاب هُنَّ الآيات المحكمات في القرآن الكريم.
معنى الآية في غاية الوضوح والجلاء ، يفهمه الفاضل والجاهل ، فلماذا يجعل المفسرون " أم الكتاب " مسألةً غيبيّة ! وقد قال : ( آيات محكمات هنّ أمّ الكتاب ).

ما بال أولئك القوم لا يكادون يفقهون حديثاً ؟
أم على قلوبٍ أقفالها.

إنّ آية الولاية محكمة ، فاستحقّت بذلك أن تكون أمّ الكتاب ؛ وقد تضمّنت أصلاً عظيماً من أصول الدّين الإسلامي الحنيف ، وهو الولاية، ولاية أمر المسلمين خِلافةً عن رسول الله صلىالله عليه وآله وسلم .

الولاية أمّ الشرائع ، ونظام الأمّة وعزّ المسلمين ، بها يُقام الحقّ والعدل ومناهج الشريعة ، فلا دينَ بدون ولاية ؛ ومَن لم يؤمن بالولاية فقد جحدَ بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله ، فأنّى يُتاه بكم وأين تذهبون .

وبناءً على ذلك أخي المسلم الكريم ، تعلم أنّه لا يصح المعنى بجعل ضمير الغيبة في " إنّــــه " عائداً على القرآن الكريم؛ فدع عنك ترّهات الغافلين.

ظ¦ - ولا يصح كذلك ، أن يكون ضمير الغيبة عائداً على " الله " ، لأنّ لفظ الجلالة لم يُسبَق له ذِكرٌ حتى يمكن قبول أنّ الضمير في آية آل حاميم عائد على الله، كما أنّ السياق خالٍ تماماً من أي قرينة أو شاهد يمكن أن يدلّ على صحّة عود ضمير الغيبة في الآية على " الله " جلّ شأنه.

ظ§ - العليّ الحكيم ، صفاتٌ لله عزّ وجلّ ، ثابتة في القرآن الكريم ، ولا تجدُ أحداً من المسلمين ينكر هذه المسألة حتى يستلزم المقام أن تكون آية الزخرف معزَّزة بشواهد القَسَم والتوكيد.

قال تعالى : ï´؟ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّـهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ï´¾.

نجد في آية الشورى أنّ " عليٌّ حكيمٌ " جاء وصفاً لله تعالى ، والّذي دلّ على هذا المعنى هو أنّ ضمير الغيبة في " إنّه " سبقَ ما يدلّ عليه صراحةً ، وهو لفظ الجلالة المذكور في مطلع الآية ؛ فالمعنى في آية الشورى :
" إنّ الله عليٌّ حكيم ".
المعنى المقصود في آية الزخرف يختلف تماماً عن المعنى في آية الشورى.

ظ¨ - آية الزخرف تضمّنَت ـ بالإضافةِ إلى ضميرِ الغيبةِ ـ ضميرَ المتكلِّم ، في قوله تعالى : " لدينا " ، والخطاب القرآني صادر عن الله تعالى ؛ واجتماع ضمير الغيبة وضمير المتكلِّم في الآية يمنع مِن أن يكون " لَعليٌّ حكيمٌ " اسماً أو وصفاً لله تعالى ، أو أنّ الله يخبر عن نفسه في الآية.

فليس صحيحاً أن يكون المعنى : " وإنّ الله في أمّ الكتاب عند الله لَعليٌّ حكيم ".

أَلا ترى أخي القارئ ، أنّ هذا المعنى في غاية السقوط ، فأنّى يكون ذلك والآية معجِزة من معاجز البلاغة والبيان ، ولها شأنٌ عظيم على الصعيدَينِ، العقائدي والمعرفي ؛
آية آل حاميم تدعو المسلمين إلى ثــورة عقائديّـــة.

ظ© - " لدينا " في آية آل حاميم ، عبارة عن جملة اعتراضية لا محلّ لها من الإعراب ، جيءَ بها من أجل توضيح المعنى وتقريره في أذهان المخاطَبين، والمعنى في الآية صحيح تماماً بدون لفظ " لدينا " هكذا :
" وإنّه في أمّ الكتاب لَعليٌّ حكيمٌ ".
ألا ترى أنّ المعنى صحيح بدون لفظ " لدينا " ؟

غير أنّ الإشكال الّذي يمكن وقوعه ، في حال عدم الإتيان بلفظ "لدينا" ، هو أنّ أصحاب القلوب المريضة ، وخبراء الإجماع ، سيقولون إنّ الآية فيها إخبارٌ عن الله تعالى ، والعليّ الحكيم من أسماء الله ، ويدّعون حينئذٍ ، أنّ معنى الآية : " إنّ الله في أمّ الكتاب لَعليٌّ حكيم " ، وسوف يصدرون فتاوى التكفير ضد شيعة آل محمد ، ويحاولون بكلّ ما أوتوا من جهد تغيير المعنى المقصود في النّصّ القرآني المبين ، والانحراف به عن الوجهة الصحيحة الّتي أرادها الشرع القويم ؛ ولكنّ الله سلَّــم ؛ أبى الله إلّا أن يتمّ نــوره ولو كره الكــافـــرون.

إنّ اجتماع ضمير الغيبة وضمير المتكلِّم في آية الزخرف ، والآية صادرة من عند الله تعالى ، واقتران الآية بشواهد التوكيد ، كلّ ذلك ، دلّ دلالةً قطعيّة على أنّ الآية الشريفة أخبرت عن ذات بشرية لا ذات إلهية ؛ أخبرت عن عبدٍ من عباد الله بإسمه وصفته ، وهو المُكنّى بالإيمان ، المؤتي الزكاة حال الركوع، المعهود في آية الولاية ، أبو السبطينِ عليٌّ عليه السلام.

وهو عند الله عليٌّ حكيمٌ ، ويجب أن يكون كذلك عندنا.
يجب أن نُنزِل عليّاً عليه السلام بأحسنَ منازل القرآن ، فهو لِذلك أهلٌ.

لدينا : يفيد الظرفية ، وهو بمعنى عندنا ، والمقصود به المعنى المجازي لأنّ اللهَ عزّ وجلّ لا تحدّه الأماكن والأزمان.

لدينا في الآية ، نظير قوله تعالى :
ï´؟ وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ï´¾.
وقـولـــه تعالى :
ï´؟ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّـهِ الْإِسْلَامُ ï´¾.

إنّ عليّاً عليه السلام عند الله هو الإمام ، وليس أصحاب السقيفة، الّذين بدّلوا نعمة الله كفراً وأحلّوا قومهم دار البوار.

وإنّي لأُغضي عن أمورٍ كثيــرةٍ
سترقَى بها يوماً إليك السّلالِمُ
فما أنتَ والأمرُ الّذي لستَ أهلَـه
ولكن وليّ الحقّ والأمرِ هاشِمُ.

ظ،ظ* - الهاء في قوله تعالى : " إنّــه " عبارة عن ضمير منقطع عمّا يستحق أن يعود إليه، ومجعول لغيره ، لكونه مُبهما، ليس في سياق النّصّ ما يدلّ عليه صراحةً، مُسمّاه مجهولٌ مستورٌ ، فضمير الغيبة في هذه الحالة ، حرف كِـنـايــــة.

الكنـايـة : ( ما استتر معناه ، لا تُعرَف إلّا بقرينة زائدة ، ولهذا سمّوا التاء في قولهم : أنت ، والهاء في قولهم : إنّه ، حرف كناية ، وكذا قولهم : هو ، مأخوذ من قولهم : كَنّوت الشيء وكنَّيْته ، أي سترته ).
(معجم التعريفات - علي الجرجاني ).

الإبهام الموجود في آيــة آل حاميم يقودنا إلى المعرفــة !
معرفة المسمّى بـ " الإيمان " في آيـــة الولايــــــة.

فقد علِمنا أنّ " الّذين ءامنوا " لفظ موضوع للكناية عن معهود مخصوص، وهو المؤتي الزكاة حال الركوع ، المكنّى بالإيمان ، لكنّنا نجهل اسمه الخاص؛ وقد جيءَ بضمير الغيبة في آية آل حاميم حرف كناية من أجل تنبيه الألِبّاء إلى أنّ قوله تعالى : " لَعليٌّ حكيمٌ " هو الاسم الخاص للبشر المعهود عهداً كنائياً وذهنياً في قوله تعالى : " الّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ".
وأمّ الكتاب آيــــة الولاية ، لأنّها آية محكمة.

" الإيمــان " : اسمٌ من أسماء عليّ الحكيم صلوات الله عليه.

قال بحــرُ الحكمة عليه السلام :
{ أَبْهِموا ما أَبهمَه اللهُ }.
(خمسة آلاف حكمة للإمام علي - الحكمة رقم : 42 ).

ظ،ظ، - قوله تعالى : " لَعليٌّ حكيمٌ " عبارة عن اسم عين ، تمّ فيه تمييز الموصوف في آية الولاية، بإسمه الّذي يُشتهَر به ، وصفته الّتي اختارها اللهُ له.
عليٌّ الحكيم ، صلوات الله عليه ، وروحي له الفداء.
صلَّى الإلهُ على روحٍ تضمَّنــَه
قبرٌ فأصبحَ فيه العدلُ مدفـونــا
قد حالَفَ الحقَّ لا يبغي به ثمناً
فصار بالحقِّ والإيمان مقرونـا.

إذاً ،( لَعليٌّ حكيم ) عبارة عن تعريف بالعَلَمية ، وهو عهد ذِكْري صريح، ويتأكّد هذا المعنى الشريف بالآية رقم 5 من سورة الزخرف :

قوله تعالى : ï´؟ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَن كُنتُمْ قَوْمًا مُّسْرِفِينَ ï´¾.

الاستفهام في الآية إنكاري ، وهذا بصراحة ، يوجِّه ضربةً موجِعة للجاحدين والمكذِّبين، الّذين يزعمون أنّ اسم خليفة الرسول ص غير مذكور في القرآن، أو أنّ الله ورسوله تركوا مسألة الإمامة لشياطين السقيفة.

ومعنى الآية ببساطة ، أفنترك التعريفَ بالخليفة الشرعي للرسول وذِكرَ اسمه في القرآن ؟
لا ، لا بدّ من الذِّكر لِتقوم الحُجّة عليكم.
ألا وإنّ الحجّة قد قامت ، وظهرَت لِذي عينينِ ، وما الله بظلّامٍ للعبيد.

يقول العلّامة عبد القاهر الجرجاني بخصوص حرف التوكيد " إنّ " :
( وإنّما يُحتاج إلى "إنّ" إذا كان للمخاطَب ظنٌّ في الخِلاف ، وعقد قلبٍ على نفي ما تُثبِتُ ، أو إثبات ما تنفي ، ولذلك تراها تزداد حُسْناً إذا كان الخبر بأمرٍ يبعُدُ مثلُه في الظّنّ ، وبشيءٍ قد جرت عادةُ النّاسِ بخِلافِه ).
(دلائل الإعجاز - عبدالقاهرالجرجاني ).

وبناءً على إفادة العلّامة الجرجاني ، رحمه الله وجزاه عن اللّسان العربيّ خيرا، نجد أنّه قد حَسُنَ موقع "إنّ" في آية آل حاميم ، لأنّ الآية أخبرَت بأمرٍ لا يعتقده، بل ينفيه الكثيرون ، وهو ذِكر اسم الأمير عليه الصلاة والسلام ؛
فمعلوم أنّ أكثر النّاس ينفون وينكرون أنّ اسم الإمام عليّ مذكور في القرآن الكريم، وقد جرت عادة النّاس على ذلك الزّعم الموهوم.
فآية آل حاميم، تذكر اسمَ الأمير صريحاً ومؤكَّداً ، وبهذا الذِّكر العظيم ، تنهار الاعتقادات الفاسدة ، والظنون الرديّة.

إسم أمير المؤمنين عليه السّلام مذكورٌ في محكم الآيات، لا شكّ في ذلك ولا ارتياب.

( وإنّــه في أُمِّ الكتـاب لدينـا لَعليٌّ حكيمٌ ).

ظهرَ النّجمُ ذو الذَّنَب ولاحَ القمرُ المنير !.

فأطيعوا الإيمـانَ عَلِيّـاً يا عباد الله ولا تكونوا قوماً مسرفين.
ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين.
بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون.
وسيعلم الّذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

ظ،ظ¢ - يتم إبدال حرف الكناية في آية آل حاميم من العهد الكنائي في آية الولاية؛ فيكون المعنى في آية آل حاميم هكذا :
" وإنّ الّذين ءامنوا ـ الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ـ في آية الولاية ـ عندنا ـ لعليٌّ حكيمٌ " .
" وإنّ هذا المؤمن ـ الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ـ في آية الولاية ـ عندنا ـ لَعليٌّ حكيمٌ " .
" وإنّ ذا الإيمان ـ الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ـ في آية الولاية ـ عندنا ـ لَعليٌّ حكيم " .
" وإنّ ذات الإيمان ـ الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ـ في آية الولاية ـ عندنا ـ لَعليٌّ حكيم " .
" وإنّ الإمام ـ الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ـ في آية الولاية ـ عندنا ـ لَعليٌّ حكيم ".
...........................................

إنما ذا لذا

اللهُ أعـطَى ذا عليـّـاً كُـلَّـه
وعطاءُ ربّي لم يكن محظورا.
(السيد الحميري قدس سره - ديوانه).

ظ،ظ£ - يتم إبدال العهد الذكري الصريح في آية آل حاميم من العهد الذّهني في آية الولاية ؛ فيكون المعنى في آية الولاية هكذا :
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد والّذين ءمنوا عليٌّ الحكيم ".
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَهذا المؤمنُ عليٌّ الحكيم ".
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد و لَذو الإيمان عليٌّ الحكيم ".
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَذاتُ الإيمان عليٌّ الحكيم ".
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَلإمامُ عليٌّ الحكيم ".
فأينما تولوا وجوهكم فثمّ كعبةُ القاصدين، مولى المتقين أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.

وجدنــا لكم في آل حاميم آيــةً
تأوّلَـهـا مِنّا نـقيٌّ ومُعَـــرَّبُ.
.........................................

الألف واللّام الدّاخلة على حكيم ، تفيد ما يلي :

âک† لمح الصفة : صفة الموصوف في آية الولاية ؛ وصفته مؤمنٌ حقّاً، والحكمة ، والعلم ، والأمانة ، والصدق ، والعدل ، والحلم ، و.......الخ،معنىً من معاني الإيمان الحق .
فعليٌّ عليه السلام إمامٌ عليمٌ ، حكيمٌ ، أمينٌ ،صِدِّيقٌ ، حليمٌ ، مُطهَّرٌ من كلّ عيبٍ وشين ، إنّه ربّانيُّ أمّة محمدٍ صلى الله عليه وآله .

هــذا عــلـيّ خيــــرُ وليّ ، عليه الصلاة والسلام.

âک† لمح الأصل : أصل المعنى : حكيم ، مشتَقّ من الحُكْم .
حكمَ ، يحكُمُ ، حكماً وحِكمةً فهو حاكِم وحكيم. الجمع : حاكمون ، وحكماء.

قال تعالى : ï´؟ أَلَيْسَ اللَّـهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ï´¾.

وقال الشاعر :
فنحنُ ولاةُ النّاس في كلّ موطنٍ
متى ما نقُلْ في النّاسِ قولاً نُصَدّقِ
تُوفَّــقُ في أحـكامنــا حكماؤنــا
إذا غيرهم في مثلـها لَــمْ يوفَّــــقِ.
(حسان بن ثابت - ديوانه ).

وقال الشاعر :
بأحلامِهم يُنهَى الجَهولُ فينتهي
وهـم حكمــاءُ النّاسِ للمُتعمَّــدِ.
(الفرزدق - ديوانه ).

وقال صلى الله عليه وآله : { الصّمتُ حُكمٌ وقليلٌ فاعلُه } . أي حِكمة.

الحكمة حُكمٌ ، والحُكم إمامة ، والحكيم إمام.
والأَلِف واللّام لم تدخل على ( عَليّ ) لأنّه اسم عَلَم.

" إنّما وليّـكم الله ورسول الله محمّد و لَـذو الإيمان عليٌّ الحكيم ".

لَـذو : اللّام للتأكيد والتحقيق، و ذو : كناية عن العَلاء والرفعة ، أي رفيعٌ = عليٌّ.
لا سيفَ إلّا ذو الفقار ولا فتى
إلّا عَليٌّ رِفـعـةٌ وعَـــلاءُ.

الإيمان : مصدرٌ موصوفٌ به، وهو بمعنى أمين ومؤتمَن وهو الإمام = الحكيم.
ذو الإيمان = عليٌّ الحكيم = عليٌّ الإمام = الإمام عليّ .

( إنما وليكم الله ورسول الله محمد والذين ءامنوا الإمام عليّ ).

هذا هو المعنى في آيـــــــة الولايـــــــــــة.
قرآنـاً عربيـّـــــاً لعـلّـــــكم تعـقـلــــــــــون.


قال عزوجل : ï´؟ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ï´¾.
وعليٌّ الحكيم من آلِ إبراهيم صلوات الله عليهم.
........................................

ظ،ظ¤ - آيـة آل حاميم أفادت أيضاً أنّ " الكتاب " إسمٌ من أسماء الحكيم عليّ عليه السلام.
كيــف ذلك ؟

فسوف يجيبكم عنه حُسـامٌ
يصوغُ المحكماتِ كما يشاءُ.
........................................

تستمر الحكاية..........

وعالي شموخك يا يمن.

اليمني الاول
20-06-2016, 09:21 PM
آيـة آل حاميم أفادت أيضاً أنّ " الكتاب " إسمٌ من أسماء الحكيم عليّ عليه السلام.
كيــف ذلك ؟

الآية الشريفة تضمّنت أسلوباً بلاغيّاً يُسَمّى ، من وجهة نظر علم البديع، الاستخدام.

الاستخدام : ( هو أن يُذكَر لفظٌ له معنيان فيُرادُ به أحدهما ، ثمّ يُراد بالضمير الراجع إلى ذلك اللّفظ معناه الآخر ، أو يُراد بأحد ضميرَيهِ أحد معنَييهِ ، ثمّ بالآخر معناه الآخر )
(معجم التعريفات - علي الجرجاني ).
وانظر أيضا : جواهر البلاغة - أحمد الهاشمي. وغيرها من كتب علوم اللغة العربية.

.........................................

آيــة آل حاميم :

قال تعالى : " حم . والكتاب المبين إنّا جعلناه قرآناً عربيا لعلكم تعقلون وإنّه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين ".

âک† في آية آل حاميم ، نجد ضميرينِ اثنينِ ، الأوّل في قوله تعالى : " جعلناه ". والآخر في قوله تعالى :" وإنّـــه ".

âک† الكتاب في قوله تعالى : " والكتاب المبين " ، لفظٌ له معنيانِ :

المعنى الأوّل : الكتاب اسمٌ من أسماء القرآن الكريم ؛
والمعنى الآخر : الكتاب اسمٌ من أسماء عليٌّ الحكيم عليه السلام.

âک† يتم إبدال ضمير الغيبة الأوّل بالمعنى الأوّل ، وضمير الغيبة الآخر بالمعنى الآخر ؛ فيكون المعنى هكذا :

" حم ، والكتاب المبين ، إنّا جعلنا الكتاب قرآناً عربياً لعلّكم تعقلون ، وإنّ الكتاب في أمّ الكتاب لدينا لَعليٌّ حكيم ، أفنضرب عنكم الذِّكر أن كنتم قوماً مسرفين ".

و" أمّ الكتاب " في هذه الحالة ، تعتبر جملة اعتراضية، يصح المعنى بدونها. وهذه الجملة قد أدّت وظيفتها آنفاً ، فقد أخبرتنا أنّ عليّاً عليه السلام هو الإيمـــان، المُكَنَّى في آية الولايــــة.

وهكذا أخبَرَنا اللهُ عزّ وجلّ أنّ " الكتاب المبين " هو القرآن الكريم، اللّسان العربي الواضح ، وأنّ " الكتاب المبين " هو أمير المؤمنين عليٌّ الحكيم.

âک† القرآن الكريــــم إمــام ، وعليٌّ الحكيم إمـــــام.

( حم، والإمام المبين ، إنّا جعلنا الإمام قرآناً عربيّاً لعلّكم تعقلون،وإنّ الإمام في أمّ الكتاب لدينا لَعليٌّ حكيم ، أفنضرب عنكم الذكرصفحاً أن كنتم قوماً مسرفين ).

âک† القرآن الكريم إمامٌ هادٍ له قائدٌ يهدي به ، حاكمٌ يحكم به ، وهو الرسول صلى الله عليه وآله والإمام المعصوم الّذي أوجب الله طاعته.

âک† عليٌّ الحكيم عليه السلام إمامٌ هادٍ ، يهدي به اللهُ من يشاء من عباده.

وهكذا أخبرَتْنا الشريعة الإسلامية الغرّاء أنّ ( الكتاب والإيمان ) إسمانِ من أسماء حيدر الكرار صلوات الله عليه ، حبيب الله وحبيب رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

وبناءً على ذلك ، نعلم أنّ الإمام عليًاً عليه السلام، في آية آل حاميم ، مُقْسَمٌ به ، وفي نفس الوقت ، مُقْسَمٌ عليه. وهذا يسمّى ، من الناحية البلاغية ، فنّ التناسُب.

واللهُ جلّ وعلا لا يُقسِمُ إلّا بعظيم ، وهذا دليلٌ قاطع، وبرهانٌ ساطع على كمالِ شرف الإمام ، وعظيم منزلته صلوات الله عليه.

ï´؟ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَىظ° بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ï´¾.

فديتُ عَـلِـيـّـاً إمــامَ الـــورى
سِـراجَ البريّةِ مأوى التُّقَى
وصيَّ الرسولِ وزوجَ البتول
إمامَ البريّةِ شمس الضحى.
......................................

قال تعالى : ï´؟ وَكَذَظ°لِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَـظ°كِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىظ° صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ï´¾.

الكتاب والإيمان اسمان لِمُسمّى واحد ، لهذا أفرد الضمير في قوله تعالى : " جعلناه "، والمسمّى هو الإمام المبين عليٌّ الحكيم عليه السلام .
والصراط المستقيم : ولاية عليّ صلوات الله عليه.


الكتـــاب نــور ، والإيمــان نـــور.

* نورٌ في الدّنيا ، يهدي به اللهُ من يشاء من عباده ،
* ونورٌ في الآخرة ، يسعى بين أيدي المؤمنين والمؤمنات وبأيمانهم.

نــورٌ على نــور يهـدي الله لنوره من يشــاء.

هل عرفتم أيّهـا النّــاس مَـن هـو ذو النّـــورَيــنِ ؟؟.

ï´؟ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّـهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ï´؟ظ،ظ¥ï´¾ يَهْدِي بِهِ اللَّـهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىظ° صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ï´¾.

فَإِنْ تَعـــَــافُــوا العـــــَـــدلَ والإيمــــانـــــــــا
فـإنّ في أَيمــــانِنــَا نُــــــورَ يـــْنــــــَـــــا .

قال الإيمانُ عليه السلام : { اجتمعَ القومُ على الفُرقة ، وافترقوا على الجماعة،كأنّهم أئمّةُ الكتابِ وليس الكتابُ إمامَهم }.
(خمسة آلاف حكمة للإمام علي - الحكمة رقم :76 ).

قال الكتابُ كرّمَ اللهُ وجهَه : { أمّا أهل الجماعة فأنا ومنِ اتّبَعَني وإن قَلّوا ، وذلك الحقّ عن أمر الله وأمر رسوله ، فأمّا أهل الفُرقة فالمخالِفون لي ومَن اتبعَني وإن كثروا}.
(المصدر السابق - الحكمة رقم :745 ).

وقال رضي الله عنه : { أَلا وإنّي مخصوصٌ في القرآنِ بأسماء ، إحذروا أن تُغلَبوا عليها فتضِلّوا في دِينكم ، أنا المُحسِن ، يقول الله عزّ وجلّ : إنّ الله لَمع المحسنين }.
(المصدر السابق - الحكمة رقم :683 ).

وقالت امرأةٌ مؤمنة من بني همدان :

شَمِّرْ لِفِعلِ أبيك يا ابنَ عَمـارةٍ
يومَ الطِّعان ومُلتَقى الأقرانِ
وانصُرْ عليّاً والحُسينَ ورهطَه
واقصُـد لِهنـدٍ وابنِها بهــوانِ
إنّ الإمــامَ أخا النّبيِّ محمّــــدٍ
عَلَــمُ الهُدَى ومنارةُ الإيمــانِ
فَقُدِ الجيوشَ وسِرْ أمامَ لوائِـه
قُدُمَـاً بأبيـضَ صارِمٍ وسِنـانِ.
..................................

هل عرفتم أيها النّاس من هو وليّ الأمر رقم 1 بعد الرسول ص بلا فصل ؟

هل عرفتم مَن الخليفة الشرعي بأمر الله وأمر رسوله ؟

هل عرفتم ما الكتاب والإيمان ؟ وما نور المؤمنين في الدّنيا والآخرة ؟

هل عرفتم مَن هو ذو النّورين ، والصِّدِّيق، والمؤمن حقّا ؟

هل عرفتم الإمام المبين ؟ ومَن عنده علم الكتاب ؟

هل عرفتم مَن هو الربّاني ؟ ربّانيّ أمّة محمّد ص ؟

هل عرفتم مَن هو الأمين ؟ أمين أمّة محمّد ص ؟

هل عرفتم الإمامَ ، أخا الإمام ، ابنَ الإمام ؟
الإمامَ عليّا ، أخا الإمام محمّد ، ابنَ الإمام إبراهيم صلوات الله عليهم.

(ذريّة بعضها من بعض والله سميعٌ عليم ).
..........................................

الإمـام عـلـيٌّ الحكيم

عَلـِيّ : اسم عَـلَـم على وزن فَعِيل ، وفيه إشارة إلى معنى العَلاء ، واتّصاف المُسمّى بهذا الوصف ؛ عَلِيّ : اسمٌ على مُسَمّى، عظيم الشأن ، رفيع المنزلة، ينحدر عنه السيل، ولا يرقى إليه الطير.
اللّهمّ صلِّ على محمّد وآلِ محمد ، أهل العُلَى والسؤدد.

أهلُ الكِساء تقيهمُ نفسي الرّدى
ولهم أكونُ مُـوالِيـاً و ودودا
وإليـهمُ طَـرَبي وفيـهم بُغيـتـي
وبهم أؤمِّلُ في الجِنانِ خُـلودا
طابَ الورودُ بِحبِّ آلِ محمّـد
حوضَ النّبِيّ إذا أردتَ ورودا.

حَـكِـيم : آتاه اللهُ الحُـكمَ وعِـلـمَ الكتاب ؛ والّذين يؤتَونَ الحِكمة هم الأَمَاثِلُ والأَعـلام، والقادة والحُكّام.

والسِّيرة العَلَويّة الحيدريّة تجسِّدُ الإيمان الأكمـل، فهناك مَنبَتُ الطُّهر والفضيلة، ومعدن التقوى ، ومنبع الحكمة وفصل الخِطاب.
بخٍ بخٍ لك أبا الحَسَن لقد رفَعَكَ اللهُ مكـانـاً عليّـــا.

" إنّـما وليّـــكم الله ورسول الله محـمّـد والّذين ءامنوا عـليٌّ الحكيـم ".
عليّ الحـكيم : اسمُه بجانبِ اسمِ الله عزوجل واسمِ رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

يقول عز وجل :

ï´؟ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَىظ° عَلَىظ° مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ï´¾.

وأكرِم بقول الشاعر :

أبا حسَنٍ تفديـك نفسـي ومُهجـتي
وكلُّ بطيءٍ في الهُدَى ومُسارِعِ
أيذهبُ مـدحي والمُحَبَّـر ضائـِــعٌ
وما المدحُ في جَنبِ الإله بِضائعِ
فأنت الّذي أعطيتَ إذ كنتَ راكعا
زكـاةً فـدتـكَ النّفسُ يا خيرَ راكـعِ
فأنزلَ فيـك اللهُ خيرَ ولايــــــــــة
فأثبتـَها في مُحـكَمـاتِ الشّرائـــــعِ.

أنـــزلَ اللهُ في عليّ عليه السلام قوله عزوجل :

ï´؟ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ï´¾.

وقوله عز وجل :

ï´؟ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ï´¾.

جـاء الحـقُّ وزهـقَ الباطـل إنّ البـاطل كـان زهــوقـا.
.....................................

وفي رحاب الولاية تستمر الحكاية.........

اليمني الاول
20-06-2016, 11:33 PM
يا سماوات بلادي باركينا
وهبينا كل رشد ودعينا
نجعل الحق على الأرض مكينا.

اليمني الاول
21-06-2016, 09:24 PM
سبب نزوٍل آية الولاية

أَوْفَى الزكاةَ مع الصلاة أقامَـها
واللهُ يرحمُ عبدَه الصـبّــارا

مَن ذا بخاتمه تَصَـدَّقَ راكِــعـا
وأسرَّها في نفسه إســرارا

مَن كان باتَ على فراش محمّد
ومحمّـدٌ أسرى يـؤمُّ الغــارا

مَن كان جبرائيلُ يقوم يمينـــــَه
فيها وميكائيـلُ يقومُ يســارا

مَن كان في القرآن سُمِّيَ مؤمنا
في تسع آياتٍ جُعِلنَ كبــــارا.

تذكُر الرواياتُ الحديثيّة ، وكتبُ التأريخ ، وأخبارُ السِّيَر أنّ المؤمنَ المؤتيَ الزكاة حال الركوع ، في آيــة الولايــة ، هو الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

دَلّت أقوال جملة من الصحابة والتابعين ، والعلماء من أهل التفسير والحديث على أنّ آية الولاية نزلت في شأن علي عليه السلام حين تصدّق بخاتمه وهو راكع ، وقد استفاضت الروايات بذلك.

قال الثعلبي : قال بن عباس ، وقال السّدّي ، وعتبة بن حكيم ، وثابت بن عبدالله : إنّما يعني بقوله :
" والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ........." الآية ، علي بن أبي طالب، مرّ به سائلٌ وهو راكع في المسجد وأعطاه خاتمَه.

وقال ابن الجوزي : وبه قال مقاتل ، وقال مجاهد : نزلت في علي بن أبي طالب تصدّق وهو راكع .

وقال أبو جعفر الإسكافي ( ت : 240 هـ ) : وفيه نزلَت : " إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " ، تصديقاً لقول رسول الله ص : " مَن كنتُ مَولاه فعليٌّ مَولاه " ، إذ قرَنَ اللهُ ولايته بولاية رسوله.

وقال الجصاص : وقوله تعالى : " ويؤتون الزكاة وهم راكعون " ، يدلّ على أنّ صدقة التطوّع تسمّى زكاة ، لأنّ عليّاً تصدّق بخاتمه تطوّعا.

وقال الآلوسي : " وغالب الإخباريين على أنّها نزلت في عليّ كرم الله وجهه ....."، وقال أيضا : والآية عند معظم المحدِّثين نزلت في علي كرّمَ الله وجهه.

والروايات متظافرة مستفيظة ، نذكر للقارئ طرفاً منها :

الخطيب في " المتفق " عن ابن عبّاس قال : تصدّق عليٌ بخاتمه وهو راكع ، فقال النّبي للسائل : ( مَن أعطاك هذا الخاتم ؟ قال : ذاك الراكع ، فأنزل الله : إنّما وليّكم الله ورسوله .................. ).

والحاكم عن عليّ ع قال : نزلت هذه الآية على رسول الله ص : ( إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) فخرج رسول الله ص ، ودخل المسجد والنّاس يصلّون بين راكع وقائم ، فصلّى فإذا سائل، قال يا سائل أعطاك أحدٌ شيئا ؟ فقال : لا ، إلّا هذا الراكع (لعلي) ، أعطاني خاتما.

وابن مردويه عن ابن عباس ، قال : كان علي بن أبي طالب قائماً يصلّي ، فمرَّ سائلٌ وهو راكع ، فأعطاه خاتمه ، فنزَلَت : ( إنّما وليّكم الله ورسوله ............ ).

وابن أبي حاتم عن سلمة بن كهيل ، قال : تصدّق عليٌ بخاتمه وهو راكع ، فنزلت : ( إنّما وليّكم الله .......................... ) الآية.

وروايات الباب مستفيضة يعضد بعضها بعضاً ، وحسبنا قول الحافظ السيوطي : " فهذه شواهد يقوي بعضها بعضا ".

(سبب النزول، نقلا عن : تلخيص كتاب أئمة أهل البيت في كتب السنة).

وعن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
{ ألا أدلّكم على ما إن تساءلتم عليه لم تهلكوا ؟
إنّ وليّكم الله ، وإنّ إمامَكم عليّ بن أبي طالب ، فناصحوه وصدِّقوه، فإنّ جبريل أخبرني بذلك }.
(شرح النهج - ابن أبي الحديد).

وبناءً على سبب نزول آية الولاية ، يتضح الآتي :

âک† أنّ المشاهدين الكرام عرفوا صاحب الحال حقّ المعرفة ، وتميَّزَ عندهم كمال التمييز ، وهو الإمام عليّ عليه السلام.

âک† أنّ السّنّة المطهرة قدَّمَت للمكلَّفين بيان تفسير يكون حجةً على النّاس أجمعين، في كلّ العصور والأزمنة.


ï´؟ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّـهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَـظ°هَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ï´¾.
..........................................

المزيد من الشواهد في الكتاب والسّنّة

الشاهد الأوّل : نزول آيــة التبليـــغ يوم غـدير خُـــمّ.

الشاهد الثاني : خُطبة الرسول الوداعية يوم غدير خُمّ.

ظ، ـ آيــة التبليغ

قوله تعالى : ï´؟ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ï´¾.

إنّه وبعد نزول آية الولاية ، أنزل الله عزّ وجلّ على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم آيةَ التبليغ ، والأمر المُنزَل من عند الله ، والمأمور ص بتبليغه للنّاس هو ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، والأخبار في هذا الشأن متواترة من طريق السّنّة والشيعة معاً.

فقد ذكرَ ذلك جمعٌ من علماء التفسير السنّة ، منهم : ـ

* الواحدي في أسباب النّزول .
* جلال الدين السيوطي في الدّر المنثور .
* محمد بن جرير الطبري في كتابه الولاية .
* الحافظ الحسكاني في شواهد التنزيل .
* الحافظ أبو بكر الشيرازي في " ما أُنزِلَ من القرآن في عليّ عليه السلام ".
* الحافظ أبو سعيد السجستاني في كتابه الولاية .
* الحافظ ابن أبي حاتم في تفسير القدير .
* القاضي الشوكاني في فتح القدير .
* الحافظ النطنزي في الخصائص العَلويّة .
* الإمام الثعلبي في تفسير كشف البيان .

هؤلاء وغيرهم ، ذكروا أنّ هذه الآية نزلت على الرسول يوم الغدير، ولمّا نزلَت أخذَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله بيد علي بن أبي طالب وقال : { مَن كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه }.

معنى هذا الحديث الشريف : مَن كنتُ وليّه فهذا عليٌّ وليّه.

وليّ : بمعنى مفعول ، أي مولى ؛ مَن كنتُ مُطاعه فهذا عليٌّ مُطاعه ، مَن كنتُ محبوبه فهذا عليّ محبوبه ، مَن كنتُ منصوره فهذا عليّ منصوره.

وهكذا بلَّغَ الرسول الأمين صلى الله عليه وآله وسلم آية الولاية ، وما على الرسول إلّا البلاغ المبين.

قــال جلّ شأنـــه :

ï´؟ وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَىظ° رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ï´¾.

( أحصى الشيخُ الأميني ، في الجزء الأوّل من الغدير ، رواةَ حديث الغدير فكانوا مائة وعشرة من الصحابة ، وأربعة وثمانين من التابعين ، وثلاثمئة وسبعة وخمسين من العلماء ومعظمهم ، بل جميعهم ، من علماء السنّة ، وأحصى مَن أفردَ التأليف في الغدير من علماء الفريقينِ فكانوا ستةً وعشرين عالِما ، وقال ابن كثير في البداية والنّهاية 5/208 : وقد اعتنى بأمر هذا الحديث أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير والتأريخ ، فجمعَ فيه مجلّدينِ أوردَ فيهما طُرقَه وألفاظَه ، وكذلك الحافظ الكبير أبو القاسم ابن عساكر أوردَ أحاديثَ كثيرةً في هذه الخطبة . وقال القندوزي في ينابيع المودّة ص 36 : " حُكِيَ عن أبي المعالي الجويني الملقَّب بإمام الحرمينِ، أستاذ أبي حامد الغزالي رحمهما الله ،كان يتعجّب ويقول : رأيتُ مجلَّدا في بغداد في يدِ صحّافٍ فيه روايات خبر غدير خُمّ مكتوباً عليه : المجلّدة الثامنة والعشرون من طُرقِ قوله ص : " من كنت مولاه فعليٌّ مولاه " ويتلوه المجلَّدة التاسعة والعشرون ). هذا أوّلاً

ثانيا : لو تدبّرَت أمّة إقرأ هذه الآية لَعَلِمَت عظيم منزلة الولاية ، وأهمّيتها في الدِّين، وإنّ قوله تعالى : " وإن لم تفعل فما بلّغتَ رسالته " قرينة عند العقلاء بأنّ الأمر جليل ومُهمّ ، أي يلزم أن يساوي في الأهمّية أمر الرسالة والنّبوّة ، بحيث إذا لم يبلّغه
الرسول ص لأمّتِه في تلك الساعة فكأنّه لم يبلّغ شيئاً من رسالته.

إنّها الولايــــة ، أصل الشرائــع .

ثالثاً : إنّ الخطاب القرآني بـِ " يا أيها الرسول " لم يأتِ في آيِ الذِّكر الحكيم إلّا في هذه الآية ، وآية أخرى هي الآية رقم 41 من سورة المائدة ، والّتي تتحدّث عن الإيمان والنّفاق ، وهما ـ الإيمان والنّفاق ـ مرتبطان تماماً بمسألة الطاعة والولاية.

رابعاً : تذكر كتبُ التأريخ أنّ واقعة الغدير كانت يوم الثامن عشر من ذي الحجّة 10هـ ، ومعلوم أنّ الصلاة كانت ـ قبل نزول آية التبليغ ـ قائمة ، والزكاة تُجبى ، وصوم رمضان يؤدّى ، وكان البيت محجوجا ، والحلال بيِّنا ، والشريعة متسقة.
فأيّ شيءٍ تبقّى غير الخِلافـــــة ؟

خامساً : لوازم التهديد والوعيد في الآية موجّهةٌ إلى أولئك المنافقين والّذين في قلوبهم مرض ، والمعارضين لتبليغ الولاية ، لا إلى الرسول ص، وإنّما هو على حدّ المثل :
( إياك أعني فاسمعي يا جارة ).

سادساً : ألقَى الرسولُ صلى الله عليه وآله على مسامع الخلقِ خطبته الوداعية الشهيرة ، وبلَّغَهم ولاية أمير المؤمنين ع يومَ الغدير المبارك ، وبذلك اكتملَ الدّين وتمّت نعمة اللهِ على العالَمين ، إذ يقول عزوجل :

ï´؟ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ï´¾.

سابعاً : نجد في آية التبليغ أنّ الأمر الّذي أُنزِلَ على الرسول ، وأُمِرَ صلى الله عليه وآله بتبليغه محذوفٌ من النّصِّ ، وقد عرفنا أنّ الحذف في كلام البلغاء أفصح من الذِّكر وأبلغ، لأنّ له فوائده ، ودلالاته ومعانيه.

وعليــه ، يتأكّد لنا مرارا وتكرارا أنّ للولاية المكانة الأسمى ، والمنزلة العظمى في الدّين .

الولاية أصل الشرائع ، هي الدّين كلّه ، بها ابتدأ الدّين وبها اكتمل ؛

قال عزّ وجلّ : ï´؟ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ï´¾.

وقال عزّ وجلّ : ï´؟ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ï´¾ .

اكتملَ الدّين وتمّت النِّعمة بولاية أبي السبطين عليه السلام.

قـالـوا الرّابــع قُلنــــَا الأوّل عـَــلـِيّ
نــَـصٌّ عــَـــــنــه في الــقُــرآنِ نــَزَل ْ
تمّـــتْ فيـــــهِ النِـــّـعمــةُ مِن ربّـِنــــَـا
والدّيـنُ بـِفَضلِ الكَرّارِ اكتَمَلْ


ظ¢ ـ خطبة الوداع يوم الغدير الأغر

إنّه وبنزول آيــة التبليغ ، استرجعَ الرسول صلى الله عليه وآله المتقدّمين من الحُجَّــاج ، واستنزل مَن معه، وانتظر المتأخّرين ، حتى اجتمع النّــاسُ كلّهم في صعيدٍ واحــد، فألقى على مسامعهم خطبته الشهيرة صلى الله عليه وآله، المعروفة بخطبة الوداع.

وقد درَسناها في المدارس وفيها تحريفٌ ، وبترٌ وتزوير، قامت به الأيادي اللّعينة الآثمة الّتي تتولّى وضع المنهج الدّراسي، لا باركَ اللهُ فيهم ولا أنالَهم شفاعةَ محمّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم.

وإليـكم نَصّ بعض المأثـور من الخُطبة الصحيحة غير المُزوَّرَة :

{ أيّها النّاس ، يوشَكُ أن أُدعَى فأجيب ، وإنّي مسؤولٌ وإنّكم مسؤولون ، فماذا أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنّك قد بلّغتَ وجاهدتَ ونصحتَ فجزاك اللهُ خيرا ، فقال :
أليس تشهدون ألّا إلهَ إلّا الله وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، وأنّ جنّتَه حقّ ، وأنّ الموت حقّ ، وأنّ البعث حقٌّ بعد الموت ، وأنّ الساعة آتيةٌ لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث مَن في القبور ؟ قالوا : بلى نشهد بذلك ، قال : اللّهمّ اشهد ؛ ثمّ قال : يا أيّها النّاس إنّ اللهَ مَولاي وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أوْلى بهم من أنفسهم فمَن كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه ، وعادِ مَن عاداه ، ثمّ قال : يا أيّها النّاس إنّي فرطكم وإنّكم واردون عَلَيَّ الحوض ، حوض أعرض مما بين بصرى إلى صنعاء ، فيه عدد النّجوم قدحان من فضّة ، وإنّي سائلكم حين تردون عَلَيَّ عن الثـِّــقْــلَينِ كيف تخلّفوني فيهما، الثـِّـقْـل الأكبر كتاب الله عزّ وجلّ ، سببٌ طرفه بيدِ الله تعالى وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به لا تضلّوا ولا تبدّلوا ، وعترتي أهل بيتي ، فإنّه قد نبّأني اللّطيفُ الخبير أنّهما لن ينقضيا حتى يرِدا عَلَيَّ الحوض }.
(المراجعات - عبدالحسين شرف الدين الموسوي - المراجعة رقم : ظ¥ظ¤ ؛ هناك تجد الخطبة التي أوردناها وتعرف المصدر الأصلي للخطبة الشريفة).

وقد علّقَ العلّامة عبد الحسين شرف الدّين رحمه الله، على الخطبة قائلاً :

* إنّما نعَى صلى الله عليه وآله نفسَه الزكيّة تنبيهاً إلى أنّ الوقت قد استوجبَ تبليغ عهده، واقتضى الأذان بتعيين الخليفة من بعده ، وأنّه لا يسعه تأخير ذلك مخافةَ أن يُدعى فيجيب قبل إحكام هذه المهمة الّتي لا بدّ له من إحكامها ، ولا غنى لأمّته عن إتمامها.

* لمّا كان عهده صلى الله عليه وآله إلى أخيهِ ثقيلاً على أهل التنافس ، والحسد ، والشحناء والنّفاق أرادَ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قبل أن ينادي بذلك ـ أن يتقدّم بالاعتذار إليهم تأليفاً لقلوبهم فقال : إنّي مسؤولٌ وإنّكم مسؤولون ، ليعلموا أنّه مأمورٌ بذلك ومسؤولٌ عنه، فلا سبيلَ له إلى تركه.

* إنّ الخطبة ترمي إلى أنّ ولاية علِيّ عليه السلام من أصول الدّين ، حيث إنّه صلى الله عليه وآله سألهم أوّلاً فقال : أليس تشهدون ألّا إله إلّا الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله ..... إلى أن قال : وأنّ الله يبعث مَن في القبور ، ثمّ عقّبَ ذلك بذكر الولاية لِيُعلَم أنّها على حدّ تلك الأمور الّتي سألهم عنها فأقرّوا بها ؛ وهذا ظاهرٌ لكلّ مَن عرف أساليب الكلام ومغازيه مِن أولي الأفهام.

* قوله ص : إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولى بهم من أنفسهم، وكلمة ( أنا أَوْلَى ) قرينة لفظيّة على أنّ المراد من المولى إنّما هو الأَوْلَى ، فيكون المعنى أنّ الله أولى بي من نفسي ، وأنا أوْلى بالمؤمنين من أنفسهم ، ومَن كنتُ أوْلى به من نفسه فَعَلِيٌّ أوْلَى به من نفسه.

انتهى كلامُــه رُفِعَ مقامُـــــه.

وهو كما تجد أخي القارئ ، كلاماً سليما دقيقا ، في غاية الصحة والصواب ، يتفق تماماً مع التفسير الّذي قررناه ، والمعنى الّذي حكيناه في آية الولاية وآية الإطاعة.

حيث قلنا إنّ الآية الشريفة تضمّنت أصول الدّين، الّتي لا يكتمل ولا يتحقق إيمان المرء إلّا بها ، مصداقاً لقوله تعالى : " إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ".
فماذا نفعل يا ربّنا إن كنّا نؤمن بك وباليوم الآخر ؟
قال : { أطيـعـوا اللهَ وأطيـعـوا الرّسولَ وأولِي الأمرِ منـكم } .

هكذا يكون الإيمان الحقيقي.

الولاية أصلٌ عظيمٌ من أصول الدّين ، هي كذلك هي كذلك ، إنّها لَإحدى الكُبَر.

وذكَرْنا أيضاً أنّ أولي الأمر الّذين أوجب اللهُ طاعتهم ينبغي أن يكونوا معروفين حتى يتمكّنَ المكلَّفون من أداء فرض الطاعة ، وأنّه لا سبيلَ إلى معرفتهم واختيارهم إلّا من جهة الشرع ، لا مِن جهة السقيفة ، مَهبط الشيطان ومسقط رأس البغي.

فكانت آية الولاية ، وسبب نزولها ، وآية آل حاميم ، وخطبة الرسول صلى الله عليه وآله الوداعية يوم الغدير المبارك ، وحديث الثقلين ، هي النّصوص الشرعيّة الجليّة الصريحة الّتي عرَّفَتْ المكلّفين بأولي الأمر الشرعيين ، الّذين أوجب اللهُ ولايتهم خِلافةً عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، وجعلَ طاعتهم شرطاً واجباً من شروط الإيمان بالله واليوم الآخر ؛ وهم أهل البيت النّبويّ الأكرمين صلوات الله عليهم أجمعين.

أوّلُهم سيّدُ العربِ والعجمِ ، والإنسِ والجنِّ ، خيرُ البريّة ، أميرُ المؤمنين وزعيمُ الآل المنتجَبين ، الإيمانُ كلُّه ، سيفُ الله الغالب عليّ بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام.

وهكذا بلَّغَ الرسول الأمين صلى الله عليه وآله وسلم ولاية أمير المؤمنين تبياناً وتفسيراً لِما جاء في القرآن الحكيم ، لِيَحيى مَن حيّ عن بيِّنــة ويهلك مَن هلك عن بيِّنـــة.

بلَـغَ البـدرُ كمالَـه والبنيـانُ تمامَـه ، وبذلكَ فليفـرحِ المؤمنـون.

والسّلام على مَن اتّبـعَ الهـدى وابتغى الإسـلامَ دينــــا.

.........................................



املأوا الدنيا ابتساما
وارفعوا في الشمس هاما.


عَـلـِيّ وَلِيّ الله

أميرُ المؤمنين عليه السلام ، سيّـدُ الأوصياء ، ووارثُ عِلـم الأنبياء ، عَلَـمُ الدِّين، ومُميِّزُ المنافقين ، ومجاهدُ النّاكثين والقاسطين والمارقين ، ناصرُ دين الله ، ووليُّ أمر الله ، سليلُ الأصلاب الشامخة ، والأرحام المطهَّرة

الإمامُ عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مُرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أد بن أدد بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن النبت بن حمل بن قيذار بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل بن تارخ بن ناحور بن سروخ بن أرغوا بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لامك بن متوشلخ بن إدريس بن يرد بن مهلائيل بن زبارز بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم عليه السلام.

اللّهمّ صلِّ على محمد وآلِ محمد وبارك على محمد وآلِ محمد كما صلّيتَ وباركتَ على إبراهيم وآلِ إبراهيم إنّـك حميــدٌ مجيــد.
.........................................

اللّهمّ و صلِّ علَى علِيّ أمير المؤمنين ، ووصِيّ رسولِ ربّ العالمين ، عبدِك ووليّك، وأخي رسولِك ، وحُجّتِك على خَلْقِك ، وآيتِك الكُبرى والنّبأ العظيم.
.....................
وتستمر الحكاية .........

اليمني الاول
22-06-2016, 09:33 PM
الفصـــل الثــــامن

شُبــــهـات وردود

...................................


اعلم عزيزي القارئ ، أنّ البعض قد أثار العديد من الشّبهات حول آيــة الولايــة ، إلى درجة أنّ القوم اختلقوا شبهةً لكلّ كلمة من كلمات آية الولاية.

ونحن بفضل الله وتوفيقه ، قد أوضحنا المعنى المراد ، وأكَّدناه من كافّة الوجوه ، وفنّدنا تلك الشبهات ونسفناها في اليمّ نسفا.

ولكن لا بأس أن نستعرض تلك الشبهات أمام القارئ الكريم ، لعلّ في ذلك ما يزيد النّفع ويضاعف الفائدة.

هذا الكتاب دعوةٌ صادقة إلى الحقّ والفضيلة ، واللّحاق بسفينة محمّد المصطفى صلى الله عليه وآله وعليّ المرتضى عليه السلام ، اللّحاق بركب العلم والإيمان ، والتنوير والإنسانيّة.

الشبهة الأولى :

استخدام لفظ الجمع في الآية ، قال : " الّذين ءامنوا " ولم يقل " الّذي ءامن ".

نقول : الشواهد والأدلة الّتي أوردناها عند حديثنا حول معنى آية الولاية تفنّد هذه الشبهة تماماً. وسوف نضيف إلى ذلك أدلّةً أخرى :

* اللّسان العربي يطلق لفظ الجمع على المفرد تعظيماً له.
* سبب نزول آية الولاية.
* الدّليل العقلي .

أوّلا : إطلاق لفظ الجمع على المفرد للتعظيم

إنّ أهل اللّغة يعبّرون بلفظ الجمع على المفرد للتعظيم، ومن الشواهد الدّالة على ذلك :

ظ، - آية المباهلة ؛ قوله تعالى :

ï´؟ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّـهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ï´¾.

تذكر الروايات أنّ الأبناء إشارة إلى الحسنين ، والنّساء إشارة إلى الزهراء، والأنفس إشارة إلى أمير المؤمنين ؛ صلوات الله على محمد وآلِ محمد.

ففي هذه الآية الشريفة ، أطلق لفظ الأبناء والنّساء والأنفس ـ وهو حقيقة في العموم ـ على الحسنين وفاطمة وعليّ بالخصوص تعظيماً لشأنهم عليهم السلام.

ظ¢ - قال الشاعر :

ما ماتَ بعدَ ابنِ عفّانَ الّذي قُتِلوا
وبعدَ مروان للإسلامِ والحــرمِ

مثلُ ابن مروان والآجال لاقيــةٌ
بحتفها كلّ مَن يمشي على قَدَمِ
( الفرزدق - ديوانه ).

قال : ابن عفّان الّذي قُتِلوا، ولم يقل : الّذي قُتِلَ ، لأنّ الشاعر أراد تعظيم منزلة القتيل فاستخدمَ لفظ الجمع.

ظ£ - وثيقة تأريخية عربيّة حديثة، من وثائق ثـورة الـزعيم العربيّ الراحل جمال عبد النّاصر رحمه الله، وهي وثيقة تنازل المَلِك عن العرش.
معنونة بـِ ( أمر مَلَكِي رقم 65 لِسَنَة 1952م ) جاء فيها :

( نحن فاروق الأوّل ملِك مصر والسودان
لمّا كنّا نتطلّب الخير دائماً لأمّتنا ونبتغي سعادتها ورقيّها ، ولمّا كنّا نرغب رغبة أكيدة في تجنيب البلاد المصاعب الّتي تواجهها في هذه الظروف الدّقيقة ونزولاً على إرادة الشعب
قرّرنا النزول عن العرش لِوليّ عهدنا الأمير أحمد فؤاد وأصدرنا أمرنا بهذا إلى حضرة صاحب المقام الرفيع علي ماهر باشا رئيس مجلس الوزراء للعمل بمقتضاه.
صدر بقصر رأس التين في 4 ذي القعدة سنة 1371هـ (26 يوليو 1952م).
(ويكيبيديا - الموسوعة الحرة على شبكة الإنترنت ).

موضع الشاهد في الوثيقة هو استعمال لفظ الجمع للتعبير عن المفرد،
( نحن فاروق الأوّل ...، قرّرنا ... ، وليّ عهدنا ...... الخ )

استعملَ المَلِكُ لفظ الجمع تعظيماً لِنفسه ومقامه.

وهذا وأمثاله ، يدلّ بوضوح على أنّ استخدام ألفاظ الجمع للتعبير عن المفرد أمرٌ شائع الاستعمال في كلام العرب ، وهو من الكثرة بمكان ، حيث صار أسلوباً من أساليبهم وعُرفاً في خطابهم.

ومَن تتبّعَ أهل اللّغة ، وما نطقَتْ به ألسِنَتُهم بهذا الخصوص وجد ذلك أشهَر مِن أن يحتاج إلى الاستدلال عليه.

ثانياً : سبب نزول آية الولاية

ذكَرَ جلُّ المفسِّرين لهذه الآية ، أنّ المتصدِّق أثناء الركوع هو الإمام عليّ عليه السلام وحدَه، ولم يشاركه في ذلك أحدٌ من المؤمنين ، فكان هذا الفعل الصادر من الإمام سبباً لنزول الآيــــة.

قال أصحاب التفسير : إنّ آية الولاية نزلت في شأن الإمام علي ، واتفقت أقوالهم على المضمون التالي ـ وإن اختلفت ألفاظهم ـ أنّ الإمام عليّ بن أبي طالب كان يصلّي في المسجد، فدخلَ مسكينٌ يسأل صدَقة ، فلم يعطه أحدٌ شيئا ، وكان عليٌ عليه السلام راكعا، فأشار إلى السائل بإصبعه أن يُخرِجَ الخاتمَ ويأخذه صَدقة ، وفعلَ المسكينُ ذلك ؛
فنزلت الآية في شأنه وحده ، وصيغة الجمع لتعظيم مقامه عليه السلام.

ثالثاً : الدّليل العقلي

النّعت المذكور في الآية هو إيتاء الزكاة حال الركوع ، وهي حال متنقِّلة كما هو معلوم. ويستحيل عقلاً ، أن يقوم بهذا الفعل مجموعة من الأشخاص دفعةً واحدة في نفس الزمان والمكان.

يمكن أن يتقبّلَ العقلُ صدور النّعت المذكور من مجموعة أشخاص إذا حصلَ ذلك في أزمانٍ متفاوتة متباعدة ، لا في زمنٍ واحد.

فلو فرضنا جدلاً أنّ المتصدِّق أثناء الركوع كانوا ثلاثة من المؤمنين ، صدر منهم إيتاء الزكاة وهم راكعون ، في نفس الوقت والحال ؛
فيا تُرى أيّ واحدٍ من هؤلاء الثلاثة هو الخليفة الشرعي للرسول ؟!

فإن قال بعضُ الحمقى : يكون الثلاثة خلفاء.

نقول : لا يصح ، لأنّ كلّ واحدٍ منهم سيطلبُ الخلافة لنفسه ، ويقول إنّه الأَوْلى بالتصرف والأحقّ بالطاعة ؛ وعندها يقع التنازع والاشتراك ، وهذا ظاهر البطلان.
لأنّه يؤدّي إلى فقدان الفائدة الجليلة الّتي جاءت بها آية الولاية ، وتعطيل الحكم الشرعي الّذي أثبتَه النّصُّ القرآني الشريف ، وهو تعيين وليّ الأمر الأوّل خِلافةً عن رسول الله صلى الله عليه وآله؛ هذا من ناحية.

من ناحيةٍ أخرى ، الولاية لا تجتمع لأكثر من شخص في نفس الزمان والمكان.
فهل وجدتم في حياتكم ، أنّ هناك أكثر من رئيس يمارسون شؤون الحكم في أيّ بلدٍ من البلدان بنفس الوقت ونفس الفترة ؟!

إذاً لَمضى كلُّ حاكمٍ بأمره ونهيه، ولَفسدَ الأمرُ والحالُ ، واختلّ النّظام في شؤون البلاد والعباد ، وتحوّلت الولاية نقمةً وشرّا ، وذاك ما تأباه العقول السليمة والطباع المستقيمة.

وبناءً على ذلك ، يتضح أنّ المقصود في آية الولاية إنّما هو شخصٌ واحدٌ بعينه ، هو الخليفة الشرعي للرسول صلى الله عليه وآله وسلم بلا فصل ، وهو المؤتي الزكاة حال الركوع ، الإمام المبين عليٌّ الحكيم صلوات الله عليه.
والولاية في عصره منحصرةٌ فيه ، فهو وليّ المؤمنين دون غيره ، ولا يحقّ لأحد أن ينازعه أو يدّعي الولاية عليه ما دام في الحياة ، فإذا مات أو قتل عليه السلام فالولاية الشرعية تنتقل منه إلى غيره ، إلى أولي الأمر الآخرين الّذين أوجبَ اللهُ طاعتهم في آية الإطاعة ، واحداً بعد الآخر، كلّ في حياته وزمانه ، وفق الترتيب الّذي رتّبهم اللهُ فيه.

هذا هو المعنى المنسجم تماماً مع العقل ، ومع ما جاء به النّقل.



الشبهة الثانية :

التصدّق أثناء الركوع ، وهو حركة وإشارة والتفات ، يتنافى مع الخشوع ، ويخرج الإنسان عن السكينة ، وإنّ حالاً كهذه تعتبر منقصة بحق الإمام !.

نقول : الشبهة ساقطة ، وأوضح دليل على بطلانها ، نزول أمّ الكتاب في شأن الإمام تعظيماً له ، ومدحاً لصنيعه. هذا عَلِيّ خيرُ وليّ ، باب مدينة علم المصطفى ص.

التفات المُصلِّي إلى الأمور المادية يكون نقصاً ، أمّا إلى الأمور العبادية فهو كمال، وإعطاء الزكاة للمسكين عبادة مقرّبة إلى الله سبحانه وتعالى كالصلاة ، والإمام عليّ لم يخرج عن حال التقرّب إلى الله ، ولم ينصرف عن العبادة إلى عملٍ غير عباديّ، بل ضمّ الزكاة إلى الصلاة ، وكلاهما عبادة لوجه الله ، وقربة إلى الله ، ولقد قرّبَه الباري عزّ وجلّ وتقبّلَ منه الفرضينِ معاً ، وأنزل في حقّه الآية ، وأعطاه الولاية، وهذا دليلٌ على فضل الإمام وكمال عبادته صلوات الله عليه.

جمعَ الزكاةَ مع الصلاةِ أقامَها
واللهُ يرحم عبدَه الصّبّارا .

الشبهة الثالثة :

للرّكوع معانٍ أخرى غير الانحناء للصلاة ، فقد يأتي بمعنى الخضوع ، والخشوع والتذلل والتواضع ................ الخ .

نقول : الشّبهة في غاية السقــوط والبطلان ، لأنّ آيــة الولايــة أكّدت المعنى الحقيقي للركوع ، وهو التطأطؤ والانحناء المخصوص في الصلاة.
المعنى في الآية مؤكَّد مرتينِ ، والإتيان بالمعاني المجازية للركوع في الآية المحكمة، ليس إلّا مِن قبيل الترف الفكري.

أمّا ما يستدلّ به البعض من قول الشاعر :

لا تحقرنّ الفقيرَ علّك أن
تركع يوماً والدّهرُ قد رفَعَه.

ففي هذا البيت يتمّ العدول عن المعنى الحقيقي للركوع إلى المعنى المجازي لكي يستقيم المعنى ؛ وشتّان ما بين الركوع في هذا البيت والركوع في الآية الشريفة.

الركوع في البيت مجازٌ وتشبيه ، أمّا الركوع في الآية حقيقةٌ شرعية ، وحقيقة لغوية، وحمل الحقيقة على المجاز في الآية تعسّفٌ ظاهر ، يتنافى تماماً مع القواعد العلمية والأصولية.

الشبهة الرابعة :

أداة الحصر ( إنّما ) تستخدم في حال وقوع الاشتراك والمنازعة ، ومعلوم أنّه عند نزول آية الولاية لا اشتراكَ ولا منازعةَ في الإمامة.

نقول : هذه الشبهة ظاهرها الفطنة والذكاء، وباطنها الحماقة والغباء؛
الشبهة باطلة من وجوه :

ظ،- إنّ المتأمِّل إلى هذه الشبهة لَيعجب من قائلها ، فكأنّ القائل بهذه الشبهة يريد أن تنزل الآية بعد موت الرسول ص، وهذا جهلٌ وغفلة ، لأنّه بموت الرسول ص ينقطع الوحيُ التشريعي.

وعليــه ، فإنّ نزول الآية في حال حياة الرسول صلى الله عليه وآله يعتبر ضرورةً من الضرورات ، كونها أفادت إعلام المؤمنين من هو وليّ أمرهم بعد الرسول صلى الله عليه وآله.

وللعِلم ، إنّنا نؤمن بأنّ الرسول ميّتٌ ، راحِلٌ عن هذه الدّنيا ، ولاحِقٌ بالرفيق الأعلى ، وليس كما زعم البعض أنّ الرسول لم يَمُت.

آية الولايــة ، عرّفَت النّاسَ بالإمام الّذي وجبت له الطاعة في آية الإطاعة.

ظ¢ - إنّ الآية المباركة مُنزَلَة ممّن عنده الماضي والحاضر والمستقبل بمنزلةٍ سواء، ولا يُشترطُ في صحّةِ القصر وقوع التنازع في الحال ، بل يكفي علمه تعالى بأنّه يقع في المآل ، أي بعد موت الرسول ص ، وقد وقعَ ذلك مطابقاً لِعِلمه تعالى، فقال قومٌ الخليفة العبّاس بن عبد المطّلب ، وقال آخرون أبو بكر بن أبي قحافة ؛
وما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ؛
و قالوا ................ وقالوا ................

وقال عزّ وجلّ إنّما الخليفة عليٌ الحكيم.

الخِلافة ثابتةٌ للأمير، منفيةٌ عمّا عداه.

فعليٌّ عليه السلام في آية الولاية هو وليّ العهد في حال وجود رسول الله ص، نظراً لامتناع اجتماع ولاية أكثر من واحد في نفس الزمان ، والرسول هو وليّ الأمر في حال حياته ، فهو أَوْلَى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإن مات أو قتل صلى الله عليه وآله انتقلت الولايــة إلى أمير المؤمنين ، وصار هو الخليفة الشرعي مصداقاً لآيِ الذِّكْر الحكيم ، وسُنّة خاتم النّبيين صلى الله عليه وآله.

ونِعمَ وليُّ الأمرِ بعدَ وليِّه
ومُنتجعُ التقوى ونعمَ المؤدّبُ.

ظ£ - من المناسب في هذا المقام أن نذكُرَ بعضاً من معاني هذا الحرف العبقري ( إنّما ).
الحرف في الآية أفاد التوكيد، والقصر، قصر صفة على موصوف، وهو قصرُ قَلبٍ ، وتعيينٍ ، وإفراد :

âک† قصر قلب : بالنّسبة للمخاطَبِ الّذي يعتقد بأنّ الولاية ، خِلافةً عن رسول الله ص، ليست واجبة ، أو أنّها مسألة هامشية لا شأنَ للدّين الإسلامي بها ؛ فالآية تغيِّر مُعتقَدَه رأساً على عقب ، وتقول له :
الولايـــة واجبة شرعاً في حال حياة الرسول وبعد مماته ص، ولا دينَ بدون ولايــــــــة.

âک† قصر تعيين : بالنّسبة للمخاطب الّذي يكون شاكّا ، فالآية تعمل على تخليصه من هذا الشكّ ، وتُحدِّد له مَن ينبغي أن يُقصَر عليه حُكمُ الولاية خِلافةً عن رسول الله، وهو المؤمن المؤتي الزكاة حال الركوع ؛ الولاية ثابتة له منفية عمّن عداه.

âک† قصر إفراد : بالنّسبة للمخاطب الّذي يعتقد الاشتراك والاستغراق، فالآية قصرَت حكمَ الولاية خِلافةً عن الرسول ص على فردٍ واحد دون غيره، وهو أمير المؤمنين عليٌّ الحكيم ع، وليّ الأمر رقم 1 بعد الرسول ص بلا فصل.

âک† الحرف ( إنّما ) في آية الولاية، ليس دالّاً على القصر والتوكيد فقط، بل أفاد أمراً آخر، هو التعريض ؛ التعريض بكلّ مَن لم يتولَّ عليّاً ع.

والآية الشريفة بصراحة ، فضحَت أقواماً، وجمعاً غفيراً من أهل القبلة؛ انحرفوا عن إمام الخير والهُدى ، واتّبعوا كلَّ ناعِق ، وظنّوا أنّهم ينتمون إلى أمّة القرآن وشريعة سيّد الأنام صلى الله عليه وآله ؛ هيهات هيهات تلك أمانيهم.

صدق اللهُ عزّ وجلّ : { إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون }.

وبلَّغَ رسولُه الأمين ص : { مَن كنتُ مَولاه فهذا عليٌّ مولاه }.

وقال ص : { مَن أطاعني فقد أطاعَ الله ، ومَن عصاني فقد عصى الله، ومَن أطاعَ عليّاً فقد أطاعني ، ومَن عصى عليّاً فقد عصاني }.
(المستدرك على الصحيحين - الحاكم النيسابوري ).

وقال ص : { كلّ أمّتي يدخلون الجنّة إلّا مَن أبى ؛ قالوا : ومَن يأبى يا رسول الله ؟ قال : مَن أطاعني دخلَ الجنّة ، ومَن عصاني فقد أبى }.
(صحيح البخاري ).

هذه الأحاديث الشريفة متّفِقة تماماً مع ما جاء في القرآن الكريم؛

طاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وطاعة أولي الأمر المعصومين عليهم السلام واحدةٌ، والطّاعة والإيمان أمران متلازمان إذا فُقِد أحدهما فُقِد الآخر، فلا جنّة بدون إيمان ، ولا إيمان بدون طاعة الرسول والأئمّة المعصومين ؛
فاستيقظوا من رقادكم أيّها الغافلون قبل يوم الحسرة والنّدامة ، و لات حين مندم.

ظ¤ - الدّلالات المعنوية للقصر الموجود في أمّ الكتاب يمكِّنُ المؤمنين من وضع التعريف المناسب للحزب ؛

الحزب : أمّةٌ من النّاس ، يتّفقون في الفكر والدِّين والعقيدة، يأتمّون بإمام ، مُحِقَّاً كان أو مُبطِلاً، فيقتدون بهَديِه ، ويسلكون منهجه.
والحزب نوعان :

* حزب الشيطان لعنه الله.
* وحزب الرحمن : النّجباء ، وهم حزب الله عزّ وجلّ.

حزب الله شرعاً : أمّةٌ من النّاس ، يتفقون في الفكر والدّين والعقيدة، يجمعهم ميثاق الطّاعة الشرعيّة ، والإيمان بالولاية ، والتمسّك بأهل بيت العصمة والطهارة ، لم يتّخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة ، قد امتنّ اللهُ عليهم بالفضل والرحمة والهداية ، وعقَدَ بينهم حبل الأُلْفة، يتنقَّلون في ظِلِّها ، ويأوون إلى كنَفِها بنعمةٍ لا يعرف أحدٌ من المخلوقين لها قيمة ؛
هم الّذين قال الله عز وجل فيهم :

ï´؟ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ï´¾.

الشبهة الخامسة :

سياق الآيات يدلّ على المحبّة والنّصرة ، ومعنى " الوليّ " هو المُحِب والنّاصر.

نقــــول :
âک† معنى الوليّ في الآية هو الأَوْلى .
âک† السياق غير دال على معنى النّاصر والمحِب.
âک† السياق لا يكافئ الأدلّة.

ظ، ـ معنى الوليّ هو الأَوْلَى

لقد أثبتنا بالدّليل العلمي والشرعي، عند حديثنا حول معنى آية الولاية ، أنّ "وليّ" في الآية الشريفة بمعنى مفعول ، أي مَولى ، لا بمعنى فاعل ؛ والوليّ والمولى بمعنى واحد ؛
المعنى الحقيقي للوليّ والمَولى هو الأوْلَى ، وقد بسطنا القول هنالك، ولا حاجةَ بنا إلى إعادته هاهنا ، وبإمكان القارئ أن يراجع الفصل السابع إن أراد.

فانظر إلى إلهك الّذي ظَلتَ عليه عاكفا لنُحرّقنّه ثمّ لننسفنّه في اليمّ نسفا ،
إنّمــا وليّـــكم الله ورسولــه وعـليٌّ الحكيــم فلا تذهبنّ بكم الأباطيل.

ظ¢ ـ السياق دالٌّ على ولاية الأمر

ظ،- غير ممتنع ، لا شرعاً ولا لغةً ولا عقلاً ، أن يكون المعنى المراد في الآيات السبع (51- 57) هو ولاية الأمر ، لأنّ :
* الاتّخاذ والتولِّي ألفاظٌ لها معنىً دال على القصد إلى الشيء ، والعزم عليه والتمسك به، والملازمة له واتباعه ، والمتأمِّل لِما نطق به القرآن من ذِكر الاتخاذ يجده متضمّناً لهذا المعنى ، وقد قال تعالى :
ï´؟ وَلَن تَرْضَىظ° عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىظ°حَتَّىظ° تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ï´¾.

وليست الولاية إلا التمسّك بالمولى واتّباعه.

* الخطاب القرآني بـ " يا أيّها الّذين ءامنوا " لا يعني أنّ المخاطَبين كلّهم أجمعين مؤمنون حقيقةً ، بل منهم مؤمنون وأكثرهم فاسقون ، و مَن يعتقد أنّهم جميعاً مؤمنون حقّ الإيمان فعليه بالدّليل.

* قوله تعالى : " إن كنتم مؤمنين " في ذيل الآية 57، قرينة توضح بجلاء أنّ المعنى المراد في الآيات هو ولاية الأمر ، لأنّ الإيمان والتقوى ، والكفر والارتداد عن الدّين قضايا مرتبطة ارتباطاً وثيقا بمسألة الولاء والطاعة، الطّاعة لله وللرسول وأولي الأمر من المؤمنين.

فلا إيمانَ للمخاطَبين إلّا بطاعة الوليّ الشرعي، عليٌّ الحكيم ، مالم فإنّ أولياءهم الطاغوت.

ظ¢ - السياق الّذي ينبغي أن يؤخذ في الحسبان هو الوصل الموجود بين آية الولاية، والآية الّتي تليها ؛ قوله تعالى :

ï´؟ وَمَن يَتَوَلَّ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّـهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ï´¾.

فنحن نشاهد حرف العطف "الواو" بين الآيتين ، وهذا يدلّ على وجود جهة جامعة تربط بين الآيتينِ ، تتمثل بما يلي :

âک† الاتحاد التام بين الآيتين ، فهما عبارة عن جُمَل خبريّة لفظاً إنشائية في المعنى، وتمّ العطف بينهما بقصد التشريك في الحكم والمعنى.

âک† التشريك بينهما في المعنى الشرعي واللّغوي ، بين وليّ ويتولّ ، فإنّه يُقال : تولّاه، أي اتّخذه وليّاً، والمعنى الحقيقي للوليّ هو الأوْلى، والمعاني الأخرى مجازية.

âک† التشريك بين الآيتين في المعنى البلاغي الدّال على التشريف من جهة، والتعريض من جهة أخرى ؛ إذ المعنى :
ومَن يتولّ اللهَ ورسولَه والّذين ءامنوا فهم حزب الله وحزب الله هم الغالبون.
فالطّائعون لأمر الله ورسوله وعليّ الحكيم هم حزب الله عزّ وجلّ ، وهذا تشريف وتعظيمٌ لشيعةِ حيدر الكرار، كرّمَ اللهُ وجوهَ شيعة عليّ عليه السلام.
âک† التعريض بالمخالفين لأمر الله ورسوله وعليّ الحكيم ، وأنّ مَن يتولّ غيرَ المذكورين في آية الولاية فهو مِن حزب الشيطان.

فريقاً هدى وفريقا حقّت عليه الضلالة.

وبناءً على ذلك، تتضح فوائد الوصل بين الآيتينِ، حيث إنّ العطف قد أفاد ما يلي :

* وحدة السياق بين الآيتين ، وغير مستبعَد نزولهما معاً في زمن واحد.

* الاشتراك بين الآيتين في المعنى الشرعي واللّغوي الدّال على ولاية الأمر.

* الاشتراك بين الآيتينِ في المعنى البلاغي الدّال على المدح والتعظيم.

* الاشتراك بين الآيتين في المعنى البلاغي الدّال على التعريض بالمخالِفين.

* التكامل المعنوي بين الآيتينِ وبين آية الإطاعة.

قال جلّ شأنه : ï´؟ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ï´؟ظ¢ï´¾
وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّـهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ï´¾.

وقال تعالى :

ï´؟ مَّا كَانَ اللَّـهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىظ° مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىظ° يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَـظ°كِنَّ اللَّـهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّـهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ï´¾.

ظ£ ـ السياق لا يكافئ الأدلّة

لقد ثبت بالدّليل العلمي تفسير الوليّ بما ذكرناه ، فلا وزن للسياق في حال تعارضه مع الأدلّة ، ومعلوم أنّ الأمّة الإسلامية قاطبةً متفقون على ترجيح الأدلّة على السياق، فإذا حصل التعارض بينهما ، تركوا مدلول السياق واستسلموا لحكم الدّليل ، والسبب في ذلك عدم الوثوق حينئذٍ بنزول الآية في ذلك السياق ، إذ لم يكن ترتيب الكتاب العزيز في الجمع موافقاً لترتيبه في النُّزول.

وفي التنزيل كثير من الآيات الواردة على خلاف ما يعطيه سياقها ، كآية التطهير المنتظمة في سياق الآيات المتعلِّقة بنساء النّبيّ ، مع ثبوت النّصّ على اختصاصها بالخمسة أهل الكساء، روحي لهم الفداء ، الرسول المصطفى ، وعليّ المرتضى، وفاطمة الزهراء ، والحسنين صلوات الله عليهم.

وكذلك آية إكمال الدّين وإتمام النّعمة المنتظمة في سياق المحرَّم من المأكولات الحيوانية ، مع أنّ كتب التفسير وأخبار السِّير تفيد أنّها نزلت بعد انتهاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من خطبة الوداع يوم الغدير المبارك.

وبالجملة ، فإنّ حمل معنى الآية على ما يخالف سياقها غير مخلّ بالإعجاز ولا مضِر بالبلاغة إذا قامت عليه الأدلّة الصحيحة.

وممّا يؤسف له أنّ البعض وقعَ في شِراك التقليد الأعمى ، والعصبية الجهلاء، فصارت حالهم مصداقاً لقول الشاعر :

قَـد تـنـكِرُ العــينُ ضَـوءَ الشّمسِ مِـن رَمـــَدٍ
وينــكِرُ الفَـــمُ طَعمَ المـاءِ مـِن سَقـــَمِ .

أيّهـــا النّاس، خــذوها من كتاب الله :

ï´؟ أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ï´¾

ï´؟ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ï´¾

ï´؟ وَإِنَّـــــــــــــــهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ï´¾.

ï´؟ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ï´¾ .

وخــذوها من رسول الله صلى الله عليه وآله :

{ مَن كنتُ مَولاه فهذا عليٌّ مَولاه }.

{ إنّي مُخَلِّفٌ فيكم الثِّقْلَينِ ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضِلّوا ، كتاب الله
وعترتي أهل بيتي، وإنّهما لن يفترقا حتى يرِدا عليّ الحوض }.

إنّه لَحقٌّ مثلما أنّكم تنطقون ، فبأيّ حديث بعده تؤمنون.

َقولٌ فصلٌ ، قولُ رسولٍ كريم ، رسولُ الله ، وما هو بقول عبدالله بن سبأ اليهودي ، ولا من صنيع الفكر الرافضي، فلا تهرفوا بما لا تعرفون.

والّذي نفس محمد وعليّ عليهما السلام بيدِه ، إنّ أكثر الحقّ فيما تنكرون، فلا تكونوا في التَّـيْـهِ ذَهّابيـن وعن الصراط ناكبيـن.

{ إنّ الله جعَلَ الطّاعةَ غنيمةَ الأكياس عِند تفريط الفَجَرَة }.

فاسمَعُــوا وأَطِيعــوا تُؤمِنُـوا وتَسْعَــدوا، ذالك خَيــرٌ وأحسنُ تأويــــلا.

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
..........................................

هنا نحط الرحال إيذانا بانتهاء الحكاية.
واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.

اليمني الاول
22-06-2016, 11:44 PM
عالي شموخك يا يمن

عالي فوق السحب يا يمن السعيد
عالي فوق الشهب من العهد البعيد

عالي شموخك بين الشعوب
غالي و إسمك نبض القلوب


يا رمز المحبة والمجد العريق
يا نبع الأصالة والحب العميق
تأريخك مشاعل تتوهج بريق

أمجادك تنادي أمجادك تنادي
عادت من جديد يا يمن السعيد.

اليمني الاول
23-06-2016, 03:15 AM
تعازينا القلبية الحارة للمخالفين بجميع مذاهبهم وفرقهم المزيفة والمنحرفة.

جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا وتمت كلمة ربك صدقا وعدلاً، وبذلكَ فليفـرحِ المؤمنـون.

اليمني الاول
02-07-2016, 02:02 AM
إخواني وأحبتي أعضاء منتدى أنا شيعي العالمية خواتم مباركة، ونسأل الله أن يتقبل أعمالنا في هذا الشهر الفضيل.
هناك، يا أحبائي، الكثير من الكتب التي تتناول علوم اللسان العربي، وتقوم بشرح وتوضيح تلك العلوم، وقد كان لي تجربة مع تلك الكتب، حيث إني خضت رحلة شاقة وممتعة في نفس الوقت.

بقيت زمنا أسأل نفسي، لماذا ندرس علم النحو والصرف، في معظم المراحل الدراسية، وندرس علوم البلاغة؟

هل كل ذلك من أجل التسلية و قضاء الوقت في فناء المدارس والجامعات، ثم تنتهي المسألة بالاختبارات والحصول على الشهادة؟؟
أم أن هناك مجالا تطبيقيا لكل ما درسناه من معارف لغوية؟

هل هناك فائدة ترجى من وراء دراسة تلك العلوم ونحن نجهل تلك الفائدة؟؟!

كنت أطرح على نفسي مثل هذه التساؤلات لأن وزارة التربية والتعليم، والمدرس الذي يعلمني تلك المواد الدراسية لم يخبروني لماذا على الإنسان أن يتعلم أصول وقواعد اللغة العربية!.

وبقيت زمنا أسمع الكثيرين يتحدثون عن الإعجاز البلاغي للقرآن الكريم، وكان أملي أن أجد أحدا يعطيني مثالا واحدا على الأقل يوضح لنا فيه مواضع الإعجاز والتفوق القرآني على ما عداه من الكلام، ولكنني، للأسف، لم أجد.

فقررت في نهاية المطاف أن أخوض الغمار، وأمخر عباب بحر اللسان العربي لعلي أكتشف شيئا من أسراره!.

وكنت كلما اكتشفت سرا من الأسرار أقوم بتطبيقه على آي الذكر الحكيم، فوجدت عجبا.

لقد أدركت حقا ويقينا معنى قوله تعالى : { لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا }.

ومن خلال تجربتي فإنني أقدم للأعضاء فائدة جميلة، ونصيحة غالية :

كتب علوم اللغة يا إخوتي كثيييرة، وقد يتوه المرء في ركامها ويتعقد من كثرة الكلام الموجود فيها، فيكره اللغة العربية وكل ما يتصل بها من معارف !.

واختصارا للجهد والوقت، وتجنبا للتعقيد وكراهية اللغة العربية الخالدة فإنني أنصح إخواني بكتابين عظيمين جليلين، يوضحان علوم البلاغة بطريقة سهلة ورائعة، وفيهما الخير والكفاية.

الكتاب الأول : جواهر البلاغة لأحمد الهاشمي.
الكتاب الآخر : دلائل الإعجاز للعلامة عبدالقاهر الجرجاني.

وكتاب الجرجاني هذا يتحدث عن علم المعاني، وهذا الكتاب يعتبر بحق كنزا من كنوز التراث العربي، وسفرا جليلاً من أسفار اللسان العربي المبين.

وأنصح أن يدرس هذا الكتاب في الحوزات العلمية، والمعاهد والجامعات.
.........................

ولا أنسى أن أقول لكم : لقد تعلمت من رحلتي الشيقة والممتعة في رحاب اللغة العربية شيئا لا أبخل به عليكم!

لقد تعلمت أن اللغة مفتاح المعرفة؛ مفتاح كل المعارف دون استثناء، من طب وفلك وهندسة و لغة و ...... الخ.

فلا غرابة إذن أن نجد معجزة خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم إعجازا لغويا بلاغيا.

اليمني الاول
02-07-2016, 05:00 AM
أفقنا على فجر يوم صبي
فيا ضحوات المنى إطربي

أتدرين يا شمس ماذا جرى ؟
سلبنا الدجى فجرنا المختبي !

وكان النعاس على مقلتيك
يوشوش كالطائر الأزغب

أتدرين أنا سبقنا الربيع
نبشّر بالموسم الطيب ؟

وماذا ؟ : سؤال على حاجبيك
تزنبق في همسك المذهب !

وجئنا حشودا تطير الدروب
بأفواج ميلادنا الأنجب

غربت زمانا غروب النهار
وعدت يقود الضحى موكبي

أضأنا المدى قبل أن تستشف
رؤى الفجر أخيلة الكوكب

فولّى زمان كعرض البغي
وأشرق عهد كقلب النبّي

طلعنا ندلّي الضحى ذات يوم
ونهتف : يا شمس لا تغربي.

ونهتف يا شمس لا تغربي.