د.عبد القادر جعفر
28-06-2016, 01:53 AM
هو الإمام المهديّ روحي لتراب نعليه الفداء هو الحجّة القائم ابن الإمام الحسن العسكري بن الإمام الهادي بن الإمام الجواد بن الإمام الرضا بن الإمام الكاظم بن الإمام الصادق بن الإمام الباقر بن الإمام زين العابدين بن الإمام الحسين، (عمه الإمام الحسن المجتبى) بن الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم جميعاً آلاف التحية والسلام، ولد (عليه السَّلام) في ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة (869م).
والإمام المهديّ عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف بهذا التسلسل النسبي هو ما نجمع عليه نحن الإمامية، بل هو من صلب عقيدتنا الدينية، والقطعيات التي لا تقبل التأويل والتحريف، وكل من نسب إلينا غير ذلك فهو مفترٍ على إمامنا فديته بنفسي وعلى عقديتنا الإسلامية. وليس هناك إمام غير هذا الإمام يأتي لينقذ المستضعفين بل هو أحدٌ لا شريك ولا نظير له إلاّ آباؤه الميامين، ومن إدّعى أن هناك إماماً إسم أبيه عبد اللَّه فقد افترى على الشيعة الإمامية سددهم المولى، لأنه إمامنا ونحن أدرى به من غيرنا «وأهل مكة أدرى بشعابها»، ألسنا الذين اضُطهدنا لأننا نعتقد بما يقول ويقولون عليهم السلام؟!
أليس هو ابن الصدّيقة فاطمة الزهراء وابن عليّ المرتضى وابن الحسين الشهيد وهؤلاء أئمتنا؟! ولو قلنا للعامة إن أبا بكر ليس ابن أبي قحافة مثلاً، فكيف يكون موقف العامة من الشيعة؟ وهل يوافقونا على مدعانا أو أن الدنيا علينا تقوم ولا تقعد؟!
هذا هو حالنا مع مشهور العامة حيث ادّعوا بخبر واحد وهو لا يوجب علماً ولا عملاً أن اسم والد الإمام المهديّ هو عبد اللَّه استناداً إلى ما نُسب إلى رسول اللَّه أنه كما في رواية أبي داود عن زائدة عن عاصم عن زر عن عبداللَّه عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قال: «لولم يبق من الدنيا إلاّ يوم، لطوّل اللَّه ذلك اليوم حتى يلي رجل من أهل بيتي، يواطىء اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً»، بل إنّ السفاريني وهو أحد أكابر العامة وصف الاعتقاد بولادة الإمام المهديّ عليه السلام عام خمس وخمسين بعد المائتين إلى الآن بأنه ضرب من الجنون والهذيان.
يَرِدُ عليه بالإيرادات الآتية:
الإيراد الأوّل: متى كان الاعتقاد بوجود مخلوق من مئات السنين ضرباً من الهذيان إلاّ عند ضعاف العقول والإيمان بالقدرة الإلهية المطلقة؟ ولِمَ لا يعتبر الاعتقاد بوجود عيسى ضرباً من الهذيان والجنون عند السفاريني وأمثاله من النواصب الألداء لأهل البيت (عليهم السَّلام)؟! وهل الاعتقاد بوجود إدريس والياس والخضر (عليهم السَّلام) بل الملائكة الكرام والجن والشياطين ضرباً من الهذيان بنظر المهذي صاحب المقال مع أن القرآن ونبيَّ الإسلام أخبرا بصحة ذلك من دون جدال؟!
الإيراد الثاني: المجمع عليه عند الإمامية هو أن والد الإمام المهديّ عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف هو الإمام الحسن العسكري (عليه السَّلام) الحادي عشر من أئمة أهل البيت صلوات اللَّه عليهم أجمعين وما خالف إجماعنا المرتكز على الضرورة القطعية لا اعتداد به، ودونه خرط القتاد.
الإيراد الثالث: لا اعتناء بما ورد في رواية أبي داود لدلالة الأخبار الكثيرة المتواترة على أن الحسن إنما هو اسم أبيه (عليه السَّلام)، ونفسه أبو داود ذكر أحاديث أخرى خالية من ذكر «اسم أبيه» منها حديث سفيان: «لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العربَ رجلٌ من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي».
ومنها ما ورد مثله عن عليّ وأبي سعيد وأمّ سلمة وأبي هريرة. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
ومنها ما ورد عن عاصم عن زر عن عبداللَّه عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قال: يلي رجلٌ من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي. قال عاصم: وأنا أبو صالح عن أبي هريرة قال: لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم لطوّل اللَّه ذلك اليوم حتى يلي..».
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
ويظهر أن الزيادة من الراوي المسمى زايدة (وهو اسم على مسمّى حيث زاد على أحاديث رسول اللَّه). ويزيدك بياناً بما ذكره الكنجي في البيان من أن الترمذي ذكر الحديث ولم يذكر قوله (واسم أبيه اسم أبي) وأن الإمام أحمد مع ضبطه وإتقانه روى هذا الحديث في مسنده في عدة مواضع «واسمه اسمي» وجمع الحافظ أبو نعيم طرق هذا الحديث من الجم الغفير في مناقب المهديّ كلّهم عن عاصم بن أبي النجود عن زر عن عبداللَّه عن النبيّ، فمنهم سفيان بن عيينة وطرقه عنه بطرق شتى، ومنهم قطر بن خليفة وطرقه عنه بطرق شتى ومنهم الأعمش وطرقه عنه بطرق شتى، ومنهم أبو إسحاق سليمان بن فيروز الشيباني وطرقه عنه بطرق شتى، ومنهم حفص بن عمر ومنهم سفيان الثوري وطرقه بطرق شتى ومنهم شعبة وطرقه بطرق شتى، ومنهم واسط بن الحارث ومنهم يزيد بن معاوية أبو شيبة له فيه طريقان، ومنهم سليمان بن قرم وطرقه عنه بطرق شتى، ومنهم جعفر الأحمر وقيس بن الربيع وسليمان بن قرم واسباط جمعهم سند واحد، ومنهم سلام أبو المنذر، ومنهم أبو شهاب محمد بن إبراهيم الكناني وطرقه عنه بطرق شتى، ومنهم عمرو بن عبيد التنافسي وطرقه عنه بطرق شتى، ومنهم أبو بكر بن عيّاش وطرقه عنه بطرق شتى، ومنهم أبو الحجاف داود بن أبي العوف وطرقه عنه بطرق شتى، ومنهم عثمان بن شبرمة وطرقه عنه بطرق شتى، ومنهم عبد الملك أبي عيينة، ومنهم محمد بن عياش عن عمرو العامري وطرقه بطرق شتى وذكر سنداً وقال فيه: حدّثنا أبو غسّان حدثنا قيس ولم ينسبه، ومنهم عمرو بن قيس الملائي ومنهم عمار بن زريق، ومنهم عبداللَّه بن حكيم بن جبير الأسدي، ومنهم عمرو بن عبداللَّه بن بشير، ومنهم الأحوص، ومنهم سعد بن حسن بن أخت ثعلبة، ومنهم معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن عاصم، ومنهم يوسف بن يونس، ومنهم غالب بن عثمان، ومنهم حمزة الزيات، ومنهم شيبان، ومنهم الحكم بن هشام، ورواه غير عاصم عن زر وهو عمر بن مرة عن زر، كل هؤلاء رووا (اسمه اسمي) إلاّ ما كان من عبيداللَّه بن موسى عن زايدة عن عاصم فإنه قال فيهم (واسم أبيه اسم أبي) ولا يرتاب اللبيب أن هذه الزيادة لا اعتبار بها مع اجتماع هؤلاء الأئمة على خلافها».
وقال عليّ بن عيسى عفا اللَّه عنه: أما أصحابناالشيعة فلا يصحّحون هذا الحديث لما ثبت عندهم من اسمه واسم أبيه (عليه السَّلام) وأما الجمهور فقد نقلوا أن زائدة (راوي الحديث) كان يزيد في الأحاديث فوجب المصير إلى أنه من زيادته ليكون جمعاً بين الأقوال والروايات.
وعليه فلا يبقى مجال للاعتماد على نقل زايدة ويسقط عن الاعتبار، بل تطمئن النفس بأن زائدة أو غيره من رواة الحديث زاد هذه الجملة فيه، ويحتمل أن تكون تلك الزيادة من صنعة أهل السياسة والرياسة، فإن ترويج الأحاديث المكذوبة على رسول اللَّه كان لها شأنٌ عظيمٌ في نجاح السياسات، وتأسيس الحكومات في الصدر الأول، فكانوا يأمرون بوضع الأحاديث ويتوسلون بها إلى جلب قلوب العامة لحفظ حكومتهم، ويشهد لذلك أعمال معاوية على من يروي في فضل مولانا أمير المؤمنين عليّ (عليه السَّلام) حديثاً ومنقبة وإعطائه الجوائز والصلات لكلّ من وضع حديثاً في ذمّ الإمام عليّ وأهل البيت (عليهم السَّلام) أو مدح عثمان وغيره من بني أمية، فاستأجر أمثال أبي هريرة من أهل الدنيا وعبدة الدنانير والدراهم لجعل الأحاديث، وهكذا جرى الأمر في ابتداء خلافة بني العبّاس وتأسيس حكومتهم وثورتهم على الأمويين، واستمر الأمر فوضع الوضّاعون بأمرهم أو تقرباً إليهم أحاديثاً لتأييد مذاهبهم وآرائهم وسياستهم وتصحيح أعمالهم الباطلة، ومما أخذه العباسيون وسيلة لبناء حكومتهم على عقيدة دينية هذه البشائر الواردة في الإمام المهديّ (عليه السَّلام)؛ فإذاً لا يبعد في أن يكون الداعي إلى زيادة هذه الجملة تقوية حكومة محمّد بن عبد اللَّه المنصور العبّاسي الملقب بالمهدي أو تأييد دعوة محمّد بن عبد اللَّه بن الحسن الملقب بالنفس الزكية. ويؤكد هذا ما ذكره المؤرخ الصاحب الفخري في «الآداب السلطانية والدول الإسلامية» أن عبداللَّه المحض أثبت في نفوس طوائف من الناس أن ابنه محمّد هو المهدي الذي بُشّر به، وأنه يروي هذه الزيادة (اسم أبيه اسم أبي).
وبالجملة: فلا اعتبار بهذه الزيادة لمعارضتها للأخبار المتواترة القطعية المذكورة في كتب أصحابنا، وما عداه شاذّ موضوع، واجب طرحه، لا سيّما أن الزيادة المذكورة في متن الحديث تفرّد بها رجلٌ مجهولُ الحالِ لا يُعرف خبرُه، ويروي المناكير عن المشاهير على حدّ تعبير رجل الجرح والتعديل ابن حبان.
الإيراد الرّابع: يمكن الجمع بين هذه الزيادة والأخبار المذكورة بوجوه:
(الوجه الأول): احتمال التصحيف، وأن الصادر منه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) (واسم أبيه اسم ابني) يعني الإمام الحسن (عليه السَّلام)، فإن تعبيره (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) عنه بإبني وعنه وعن أخيه الإمام الحسين بابناي في نهاية الكثرة، فتوهم فيه الراوي فصحف ابني بأبي، ويؤيد هذا الاحتمال ما جاء في البحار عن أمالي الشيخ بسند معنعن إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى في حديث عن أبيه قال: بعد ذكر بعض إمارات الظهور، وعند ذلك يظهر القائم فيهم، قال النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): اسمه كاسمي واسم أبيه كإسم ابني وهو من ولد ابنتي. (المراد من قوله «ابني» السبط الأكبر الإمام الحسن (عليه السَّلام)).
(الوجه الثاني): ما ذكره كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي في مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: «لا بد قبل الشروع في تفصيل الجواب بيان أمرين يبنى عليهما الفرض:
(الأمر الأول) :أنه شائع في لسان العرب إطلاق لفظة الأب على الجد الأعلى، وقد نطق القرآن بذلك فقال تعالى: وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ وقال تعالى حكاية عن يوسف: وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ونطق بذلك النبيّ في حديث الإسراء أنه قال: (قلت من هذا؟ قال: أبوك إبراهيم) فعلم أن لفظة الأب تطلق على الجد وإن علا فهذا أحد الأمرين:
(الأمر الثاني): أن لفظة الاسم تطلق على الكنية وعلى الصفة، وقد استعملها الفصحاء ودارت بها ألسنتهم ووردت في الأحاديث حتى ذكرها الإمامان البخاري ومسلم كل منهما يرفعه إلى سهل بن سعد الساعدي أنه قال عن عليّ أن رسول اللَّه سماه بأبي تراب ولم يكن له اسم أحب إليه منه، فأُطلق لفظ الاسم على الكنية ومثل ذلك قول الشاعر:
أجلُّ قدرك أن تُسمى مؤنبة ومن كنّاك فقد سمّاك للعرب
ويروى: (ومن يصفك) فأطلق التسمية على الكنية أو الصفة، وهذا شائع ذائع في لسان العرب، فإذا وضح ما ذكرناه من الأمرين، فاعلم أيدك اللَّه بتوفيقه أن النبيّ كان له سبطان أبو محمّد الحسن وأبو عبداللَّه الحسين، ولما كان الحجّة الخلف الصالح محمّد من ولد أبي عبدفاللَّه الحسين ولم يكن من ولد أبي محمّد الحسن، وكانت كنية الحسين أبا عبداللَّه، فأطلق النبيّ على الكنية لفظ الاسم لأجل المقابلة بالإسم في حق أبيه وأطلق على الجد لفظة الأب فكأنه قال يواطىء اسمه اسمي فهو محمّد وأنا محمّد، وكنية جده اسم أبي إذ هو عبداللَّه وأبي عبداللَّه، لتكون تلك الألفاظ المختصرة جامعة لتعريف صفاته وإعلام أنه من ولد أبي عبدفاللَّه الحسين بطريق جامع موجز، وحينئذٍ تنتظم الصفات وتوجد بأسرها مجتمعة للحجّة الخلف الصالح محمّد (عليه السَّلام)، فهذا بيان شافٍ وكافٍ في إزالة ذلك الإشكال فافهمه) انتهى.
(الوجه الثالث): نقله صاحب البحار عن بعض معاصريه وهو أن كنية الإمام الحسن العسكري (عليه السَّلام) هي أبو محمّد وعبدفاللَّه أبو النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) أبو محمّد فتتوافق الكنيتان، والكنية داخلة تحت الاسم.
(الوجه الرابع): أن يقال في الخبر هكذا: (اسمه اسمي واسم أبي) حيث ورد في الأخبار أن «عبداللَّه» من أسمائه، وهو اسم والد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، وعليه يكون الاشتباه من الراوي حيث زاد قوله (واسم أبيه) لأنه لم يفهم معنى الخبر ولم يحتمل أن يكون للإمام المهدي( عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف) إسمان، فأراد تصحيح الخبر من عنده فزاد هذه الجملة، وبهذا يظهر عدم منافاة الخبر لأخبارنا بوجه.
(الوجه الخامس): ويحتمل أن يكون الخبر هكذا: (اسمه اسمي واسم ابنه اسم أبي) لما يظهر من جملة من الأخبار أن من أولاد الإمام المهدي (عليه السَّلام) عبد اللَّه، لذا ورد أن «عبدفاللَّه» من كناه، فبُدّل اسم ابنه باسم أبيه.
(الوجه السادس): من المقطوع به بالأدلة أن أهل البيت (عليهم السَّلام) عبيد اللَّه تعالى، فصفة العبودية من لوازم ذواتهم صلوات اللَّه عليهم، والصفة اسم تدل على الموصوف بها، فالإمام العسكري (عليه السَّلام) عبدُاللَّه حقيقة، فإسمه أي صفته كإسم والد النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) عبداللَّه.
الإيراد الخامس: جاء في الصحاح «يواطىء اسمه اسمي» وليس فيه تلك الزيادة التي جاء بها زائدة بن أبي الرُّقاد، ولم ينقلها أحد من أئمة الحديث وحفاظه المعروفين بنقد الأخبار وتمييز رجالاته عند العامة، وإنما جاء بتلك الزيادة من ذكرنا آنفاً، وليس من الممكن المعقول أن يخطىء ثلاثون ثقة أو أكثر من حملة الحديث وثقاته عند العامة بتركهم لهذه الزيادة على تقدير وجودها ويصيب زائدة وحده، وينفرد بحفظها دون هؤلاء، مع أن الجميع قد نقلوا الحديث عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن عبداللَّه بن مسعود.
فزائدة لا يعتمد على شيء من حديثه، قال الرجالي النقّاد المتعصب الذهبي عنه ما نصه: «زائدة بن أبي الرُّقاد أبو معاذ، عن زياد النميري، ضعيف، وقال البخاري: منكر الحديث، وهو بَصْري. وقال النسائي: لا أدري ما هو، وزياد النميري الذي روى عنه زائدة أيضاً ضعيف».
وقال خاتمة حفّاظ أهل السنّة وأحد أئمة الجرح والتعديل في علم الرجال عندهم ابن حجر العسقلاني ما نصه:
«زائدة بن أبي الرُّقاد الباهلي البصري الصيرفي، روى عن عاصم وثابت البناني وزياد النميري، قال البخاري: منكر الحديث، وقال السجستاني: لست أعرف خبره، وقال النسائي: لست أدري من هو، وقال ابن حيان: يروي المناكير عن المشاهير».
بعد هذا التقديم، أيُعقل أن يستند الباحث البصير والمثقف المتحلّل من قيود العصبية إلى حديث قد طعن في راويه أشدّ الطعن أئمة الجرح والتعديل عندهم حيث عليهم المعوّل والاعتماد في معرفة الثقات من غيرهم في رجال الإسناد عند أهل مذهبه، ويضرب الصفح عن نقل ما يخالفه وهم يزيدون على ثلاثين ثقة، وفيهم طائفة من أعاظم الحفّاظ وكبار رجالهم من أهل نحلته، وقد جاء الحافظ الكنجي على ذكرهم مفصلاً في كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان عجّل اللَّه فرجه فليراجع.
ثم إن الحافظ الترمذي، كغيره من حفّاظ العامة، أخرج الحديث في سننه عن جماعة كثيرة من الصحابة وحسّنه، ولم تكن فيه هذه الزيادة في حديث زائدة، نعم أخرج السجستاني هذا الحديث بهذه الزيادة في سننه، إلاّ أنك قد عرفت طعنه في زائدة، وأنه ما عرف خبره، كما أنه أخرجه بغير هذه الزيادة.
الإيراد السادس: اعتراف جم غفير من أكابر علماء العامة بولادة الإمام المهديّ (عليه السَّلام) عام 255هجري وبقائه حيّاً إلى الآن حتى يأذنَ اللَّهُ تعالى له في الظهور، ولا بأس هنا تتميماً للفائدة بذكر تصريحاتهم والتعرض لذكر أساميهم، فيسفر الصبح لذي عينين.
1 منهم العلاّمة الشيخ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي النيسابوري الفقيه الشافعي (المتوفى سنة 458ه) فإنه ذكر في كتابه «شعب الإيمان» وقال: «اختلف الناس في أمر المهديّ فوقف جماعة وأحالوا العلم إلى عالمه، واعتقدوا أنه واحد من أولاد فاطمة بنت رسول اللَّهفصلى اللَّه عليه ]وآله[ وسلّم، يخلقه اللَّه متى شاء، يبعثه، نصرة لدينه، وطائفة يقولون إنّ المهديّ الموعود وُلد يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وهو الإمام الملقّب بالحجّة، القائم المنتظر، محمّد بن الحسن العسكري، وأنه دخل السرداب بسرّ من رأى وهو مختف عن أعين الناس، منتظر خروجه، ويظهر ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً. (ثم إنّ البيهقي أجاب القائلين بامتناع بقائه إلى هذا الحين لطول الزمان فقالإثبات وجود الإمام المعظَّم الحجة ولا امتناع في طول عمره وامتداد أيامه كعيسى بن مريم والخضر عليهما السلام. وهؤلاء (القائلون ببقائه وطول عمره) هم الشيعة وخصوصاً الإمامية منهم (قالإثبات وجود الإمام المعظَّم الحجة ووافقهم (في ما ادّعوه في المهدي (عليه السَّلام)( عليه جماعة من أهل الكشف...».
قال بعض علماء الإمامية أنّ المراد من الموافقين من أهل الكشف غير الشيخ محيي الدين والشعراني والشيخ حسن العراقي لأن البيهقي متقدّم على هؤلاء ولأن وفاته كانت سنة 458هـ والشيخ محيي الدين والشعراني والشيخ حسن العراقي وجدوا بعده لأن وفاة محيي الدين كانت سنة 638هـ كما صرّح به الشيخ حسن العراقي، وهكذا الشعراني كان في سنة 955هـ والعراقي وغيره كانا معاصرين للشعراني. فمراد البيهقي من أهل الكشف الذين أخبر عنهم غير هؤلاء، هذا ويظهر من كلام البيهقي أنه موافق للإمامية في دعواهم ولولا اتفاقه معهم لأنكر عليهم ولم يقل: ولا امتناع في طول عمره كعمر الخضر، حيث لا شبهة في طول عمره بين جميع فرق المسلمين.
2 ومنهم العلامة أبو محمّد عبد اللَّه بن أحمد بن محمّد بن الخشاب (المتوفى سنة 567ه) فإنه أخرج في كتابه «تاريخ مواليد الأئمة ووفياتهم» بسنده عن أبي بكر أحمد بن نصر بن عبداللَّه بن الفتح الدراع النهرواني، قال: «حدّثنا صدقة بن موسى، حدثنا أبي عن الرضا (عليه السَّلام) قال: الخلف الصالح من وُلد أبي محمد الحسن بن علي، وهو صاحب الزمان، وهو المهديّ» ثم قال: «وحدّثني الجرّاح بن سفيان، قال: حدثني أبو القاسم طاهر بن هارون بن موسى العلوي عن أبيه هارون عن أبيه موسى، قال: قال سيّدي جعفر بن محمّد (عليه السَّلام): الخلف الصالح من ولدي وهو المهديّ اسمه محمد، وكنيته أبو القاسم، يخرج في آخر الزمان، يُقال لأمه صيقل».
وأخرج العلاّمة السيّد هاشم البحراني الحديث في «غاية المرام» نقلاً من تاريخ ابن الخشاب وقال بعد قوله: «يخرج في آخر الزمان يقال لأُمِه صيقل» قال أبو بكر الزراع و يقال لها «حكيمة». وفي رواية يقال لها «نرجس» وفي رواية يقال لها «سوسن». ويكنّى «أبا القاسم» وهو ذو الاسمين خلف ومحمّد، يظهر في آخر الزمان وعلى رأسه غمامة تظلّله عن الشمس تدور معه حيث ما دار تنادي بصوت فصيح: هذا المهدي.
3 ومنهم الشيخ كمال الدين أبو سالم محمد بن طلحة الحلبي الشافعي القرشي (المتوفى سنة 652 أو 654ه) فإنه ذكر في كتابه «مطالب السؤال» وقال: «الباب الثاني عشر في أبي القاسم محمّد بن الحسن الخالص بن عليّ المتوكل بن محمّد القانع بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين بن عليّ المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب، المهديّ الحجّة الخلف الصالح المنتظر عليهم السلام ورحمته وبركاته» ثم ذكر هذه الأبيات:
«فهذا الخلف الحجّة قـــــــد أيـــــــــده اللَّه هدانا منهج الحقّ وآتاه سجايـــــــــــــاه
وأعلى في ذرى العلياء بالتأييد مرقـــــــاه وآتاه حلى فضــــــل عظيم فتحـــــــــلاه
وقد قال رسول اللَّه قولاً قـــــــد روينــاه وذوا العلم بما قال إذا أدرك معنـــــــاه
يرى الأخبار في المهدي جاءت بمسمـاه وقد أبداه بالنسبة والوصف وسمّـــاه
ويكفي قولـــــــه مني لإشراق محيـــــــــــــاه ومن بضعته الزهراء مرساه ومسـراه
ولن يبلغ ما أديت أمثــــــــال وأشبــــــــــاه فإنْ قالوا هو المهدي ما مانوا بما فاهوا»
ثم قال أبو طلحة في مدحه (عليه السَّلام): «قد رتع من النبوة أكناف عناصره ورضع من الرسالة أخلاف أواصره، وترع من القرابة بسجال معاصرها، وبرع في صفات الشرف فعقدت عليه بخناصرها، فإقتنى من الأنساب شرف نصابها، واعتلى عند الانتساب على شرف أحسابها، واجتنى جنى الهداية من معادنها وأسبابها، فهو من ولد الطّهر البتول المجزوم بكونها بضعة الرسول، فالرسالة أصلها وإنها لأشرف العناصر والأصول. فأما مولده فبسرّ من رأى في ثالث وعشرين من رمضان سنة 258ه وأما نسبه أباً وأماً فأبوه الحسن الخالص، وأما أمه أم ولد تسمى «صيقل» و«حكيمة» وقيل غير ذلك، وأما اسمه ف«محمد»، وكنيته «أبو القاسم»، ولقبه «الحجّة» و«الخلف الصالح» وقيل «المنتظر».
4 ومنهم المؤرخ المشهور شهاب الدين أبو عبداللَّه ياقوت الحموي (وهو من الخوارج) الرومي البغدادي (المتوفى سنة 626هجري) فإنه أخرج في كتابه المعروف «معجم البلدان» وقال: «عسكر سامراء ينسب إلى المعتصم وقد نسب إليه (أي إلى هذا العسكر) قومٌ من الأجلاّء، منهم: عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السَّلام) يكنّى (أي علي بن محمد) بالحسن الهادي، ولد بالمدينة المشرَّفة ونقل إلى سامراء جبراً وابنه الحسن بن عليّ ولد بالمدينة أيضاً (وقيل في سامراء) ونقل إلى سامراء فسمّيا بالعسكريّين لذلك، فأما عليّ فمات في رجب سنة 254للهجرة، وكان مقامه بسامراء عشرين سنة. وأما الحسن فمات بسامراء أيضاً سنة للهجرة260 ودفنا بسامراء وقبورهما مشهورة هناك» قال: «ولولدهما المنتظر هناك مشاهد معروفة».
5 ومنهم الشيخ العارف الشيخ فريد الدين العطّار (المتوفى سنة 627ه) فإنه أخرج في كتابه «مظهر الصفات» كما نقل عنه الشيح سليمان القندوزي الحنفي في «ينابيع المودة» قال: «ومن أشعاره الذي أنشدها في أهل البيت (عليهم السَّلام) وفيها ذكر مولد الإمام المهدي (عليه السَّلام) بالإشارة..».
ويظهر من أبياته الفارسية، التي أوردها القندوزي الحنفي، أنه كان يعتقد ولادته (عليه السَّلام) وينتظر ظهوره عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف.
6 ومنهم الشيخ محيي الدين أبو عبد اللَّه محمد بن علي بن محمد المعروف بابن الحاتمي الطائي الأندلسي الشافعي (المتوفى سنة 638ه) والمدفون بصالحية الشام وقبره مزار: قال في الباب 366 من كتاب «الفتوحات»: «اعلموا أنه لا بدّ من خروج المهدي، لكن لا يخرج حتى تمتلىء الأرض جوراً وظلماً، فيملأها قسطاً وعدلاً، ولو لم يكن من الدنيا إلا يوم واحد طوّل اللَّه تعالى ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة، وهو من عترة رسول اللَّه من ولد فاطمة، جدّه الحسين بن عليّ بن أبي طالب ووالده الحسن العسكري إبن الإمام عليّ النقي إبن محمّد التقي إبن الإمام عليّ الرضا بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمّد الباقر بن الإمام زين العابدين بن الإمام الحسين بن عليّ بن أبي طالب يواطىء اسمه اسم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه ]وآله[ وسلّم، يبايعه المسلمون بين الركن والمقام يشبه رسول اللَّه في الخلق.. وهو أجلى الجبهة، أقنى الأنف، أسعد الناس به أهل الكوفة، يقسم المال بالسويّة، ويعدل في الرعية، يأتيه الرجل فيقول: يا مهديّ أعطني وبين يديه المال فيحثى له في ثوبه ما استطاع أن يحمله. (ثم نقل أوصافه وبعض أفعاله) وهذه الأمور ذكرها ابن الصبّان في إسعاف الراغبين باب2 ص133 131 بهامش نور الأبصار ص133 131 ومن شعر الشيخ محيي الدين في أوصاف الإمام المهديّ (عليه السَّلام) وقد ذكره في الفتوحات باب 366 أيضاً:
هو السيد المهدي من آل أحمد هو الصارم الهندي حين يبيّد
هو الشمس يجلو كل غمّ وظلمة هو الوابل الوسمي حين يجود
ومنهم الشيخ أبو عبد اللَّه محمّد بن يوسف بن محمّد القرشي الكنجي الشافعي المتوفى سنة (658) فإنه أخرج في كتابه (البيان في أخبار صاحب الزمان) ص336 باب (25) وقال: في الدلالة على جواز بقاء المهدي (عليه السَّلام) قال: إن المهدي ولد الحسن العسكري فهو حيّ موجود باقٍ منذ غيبته إلى الآن.
8 ومنهم الشيخ جلال الدين محمد العارف البلخي الرومي المعروف بالمولوي المتوفى سنة 672هـ فإنه ذكر في ديوانه الكبير وذكر ذلك الشيخ سليمان في ينابيع المودة ص473 قال: أنشد هذه الأبيات (في أحوال أهل البيت (عليهم السَّلام) ومنهم المهدي المنتظر (عليه السَّلام).
اي سرور مردان علي مستان سلامت ميكنند
واى صفدر مردان علي مردان سلامت ميكنند
(إلى أن قال):
با قاتل كفار كو بادين وبا ديندار گو
باحيدر كرار گو مستان سلامت ميكنند
بادرج دو گوهر بگو بابرج دواختر بگو
باشبر وشبير بگو مستان سلامت ميكنند
بازين دين عابد بگو بانور دين باقر بگو
باجعفر صادق بگو مستان سلامت ميكنند
باموسى كاظم بگو باطوس عالم بگو
باتقي قائم بگو مستان سلامت ميكنند
بامير دين هادي بگو باعسكري مهدي بگو
با آن ولى مهدي بگو مستان سلامت ميكنند
9 ومنهم الشيخ الكامل صلاح الدين الصفدي المتوفى سنة 764 فإنه قال في شرح الدائرة: إن المهديّ الموعود هو الإمام الثاني عشر من الأئمة أولهم سيدنا علي وآخرهم المهديّ رضي اللَّه عنهم ونفعنا بهم.
10 ومنهم الشيخ جمال الدين أحمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن مهنا المتوفى سنة 828ه فإنه أخرج في كتابه عمدة الطالب ص186_188 طبع النجف الأشرف سنة )1323ه) قال: أما عليّ الهادي فيلقب بالعسكري لمقامه بسر من رأى وكانت تسمى العسكر وأمّه أم ولد وكان (عليه السَّلام) في غاية الفضل ونهاية النبل أشخصه المتوكل إلى سر من رأى فأقام بها إلى أن توفي (مسموماً) كان من الزهد والعلم على أمر عظيم وهو والد الإمام محمد المهدي (صلوات اللَّه عليه) ثاني عشر الأئمة عند الإمامية، وهو القائم المنتظر عندهم من أم ولد اسمها نرجس.
11 ومنهم الشيخ أبو عبداللَّه أسعد بن علي بن سليمان عفيف الدين اليافعي اليمني المكي الشافعي المتوفى سنة 768 فإنه أخرج في كتابه مرآة الجنان ج2 ص107 وص172 طبع حيدر آباد الدكن سنة 1328هـ قال: وفي سنة 260 توفي الشريف العسكري أبو محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر الصادق، أحد الأئمة الاثني عشر على اعتقاد الإمامية وهو والد الإمام المنتظر صاحب السرداب ويعرف بالعسكري وأبوه أيضاً يعرف بهذه النسبة. توفي في يوم الجمعة سادس ربيع الأول وقيل ثامنه، وقيل غير ذلك من السنة المذكورة ودفن بجنب قبر أبيه بسرّ من رأى.
12 ومنهم العلاّمة السيد علي بن شهاب الدين الهمداني الشافعي المتوفى سنة 786 فإنه أخرج في كتابه المودة القربى في المودة العاشرة، أحاديث عديدة فيها إثبات وجود الإمام المهدي (عليه السَّلام) وإنه يظهر في آخر الزمان يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.
13 ومنهم الشيخ شهاب الدين الدولة أبادي المتوفى سنة 849ه وله مؤلفات عديدة في التفسير والمناقب وله كتاب سماه (هداية السعداء) وذكر فيه أسماء الأئمة الاثني عشر عند الإمامية وذكر أحاديث في أحوال الإمام الحجة المنتظر ابن الحسن العسكري. وذكر فيه أنه غائب عن الأبصار وله عمر طويل كما عمّر مثله من المؤمنين عيسى والياس والخضر، ومن الكافرين الدجال والشيطان والسامري.
14 ومنهم شمس الدين أبو عبد اللَّه محمد بن أحمد الذهبي الشافعي المتوفى سنة 804، فإنه أخرج في كتابه دول الإسلام ج1 ص122 طبع حيدر آباد سنة 1337ه وقال: بأن الإمام المهدي (عليه السَّلام) من أولاد الإمام الحسن العسكري وهو باقٍ إلى أن يأذن اللَّه له بالخروج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
15 ومنهم الشيخ علي بن محمد بن أحمد المالكي المكي المعروف بابن الصباع المتوفى سنة 855هجري، فإنه أخرج في كتابه الفصول المهمة ص273 وص274 من الباب (12) أحوال الإمام المهدي (عليه السَّلام). وذكر ولادته وتاريخها. وقال إن أمّه نرجس خير أمة، وقال: ولد أبو القاسم محمّد بن الحجّة بن الحسن الخالص بسرّ من رأى ليلة النصف من شعبان سنة 255ه، وأما نسبه أباً وأماً فهو أبو القاسم، محمّد الحجّة بن الحسن الخالص بن عليّ الهادي بن محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ (زين العابدين) بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب صلوات اللَّه عليهم أجمعين، وأما أمّه فأم ولد، يقال لها نرجس، خير أمة، وقيل اسمها غير ذلك، وأما كنيته فأبو القاسم، وأما لقبه، فالحجّة والمهديّ والخلف الصالح والقائم المنتظر وصاحب الزمان، وأشهرها المهديّ، صفته (عليه السلام): شاب مربوع القامة، حسن الوجه والبشرة يسيل شعره على منكبيه، أقنى الأنفق، أجلى الجبهة، بوّابه محمّد بن عثمان، معاصره المعتمد (العبّاسي).
16 ومنهم الشيخ شمس الدين أو المظفر يوسف بن قزاغلي الحنفي بن عبدفاللَّه. وهو سبط ابن الجوزي المعروف المتوفى سنة 654. وقال سبط ابن الجوزي الحنفي في كتابه تذكرة خواص الأئمة ص88، طرأول في إيران سنة 1287هجري، فصل الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، وأمه أم ولد اسمها سوسن، وكنيته أبو محمّد، ويقال له العسكري أيضاً. ولد (عليه السَّلام) سنة 231ه بسرّ من رأى وتوفي بها سنة 260ه في خلافة المعتمد على اللَّه (العباسي). وكان سنّه عند الوفاة تسعاً وعشرين سنة، ثم قال: وأولاده (أي أولاد الإمام الحسن العسكري (عليه السَّلام)) منهم: محمّد الإمام. ثم قال: فصل هو محمّد بن الحسن بن عليّ بن محمد بن عليّ بن موسى الرضا بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السَّلام)، وكنيته أبو عبد اللَّه، وأبو القاسم، وهو الخلف الحجّة، صاحب الزمان، القائم المنتظر، التالي، وهو آخر الأئمة. ثم قال: أنبأ عبد العزيز بن محمد بن البزار عن ابن عمر، قال: قال رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): يخرج في آخر الزمان، رجل من ولدي اسمه كإسمي وكنيته ككنيتي يملأ الأرض عدلاً، كما ملئت جوراً، فذلك المهدي.
(ثم قال سبط ابن الجوزي) وهذا الحديث مشهور. وقد أخرج أبو داود، والزهري عن عليّ بمعناه. ثم قال: ويقال له ذو الأسمين محمّد وأبو القاسم قال: قالوا أمه أم ولد يقال لها صيقل.
17 ومنهم شهاب الدين أحمد بن حجر الهيثمي نزيل مكة المشرفة الشافعي المتوفى سنة 993ه، فإنه أخرج في الصواعق المحرقة له ص127 طر مصر سنة 1308ه، وقال عند ذكره الأئمة الاثني عشر (أبو محمّد الحسن الخالص) ولد سنة 232ه (ثم ذكر كرامة من كراماته المعروفة وقضية الاستسقاء في سامراء وقضية الراهب الذي كان يحمل في يده من عظام بعض الأنبياء، وإذا أخرجه كانت تمطر السماء وإذا ستره يقف المطر فعرف ذلك الإمام فأخذ منه العظم وكلما دعا لم تمطر، فخرج الناس من الاشتباه وعرفوا حيلة العالم النصراني. قال: وكان الإمام الحسن العسكري عزيزاً مكرماً إلى أن مات بسر من رأى ودفن عند أبيه (علي الهادي (عليه السَّلام)) وعمره ثمانية وعشرون سنة. (قال): ويقال إنه سُمَّ أيضاً (كما سمّوا آباءَه الكرام) قال: ولم يخلف غير ولده (أي القاسم محمّد الحجّة) وعمره عند وفاة أبيه (كان) خمس سنين آتاه اللَّه الحكمة (قال): ويسمى القائم، المنتظر. قيل: لأنه ستر وغاب فلم يعرف أين (هو) ذهب وانتهى ما في الصواعق المحرقة لابن حجر مع الاختصار.
18 ومنهم الشيخ عبد اللَّه بن محمد بن عامر الشبراوي الشافعي المتوفى بعد سنة 1154ه، فإنه أخرج في كتابه الإتحاف بحب الأشراف ص178 طبع مصر سنة 1316ه وقال: الحادي عشر من الأئمة الحسن الخالص ويُلقّب بالعسكري، ولد بالمدينة لثمانٍ خلون من ربيع الأول سنة (232ه) وتوفي (عليه السَّلام) يوم الجمعة لثمانٍ خلون من ربيع الأول سنة (260ه) وله من العمر ثمان وعشرون سنة. قال: ويكفيه شرفاً أن الإمام المهديّ المنتظر من أولاده فللَّه درّ هذا البيت الشريف، والنسب الخضم المنيف وناهيك به فخاراً، وحسبك فيه من علّوه مقداراً، فهم جميعاً، في كرم الأرومة، وطيب الجرثومة كأسنان المشط، متعادلون، ولسهام المجد مقتسمون، فيا له من بيت عالي الرتبة سامي المحلة فلقد طال السّماك عُلاً ونُبلاً وسما على الفرقدين منزلةً ومحلاً، واستغرقت صفات الكمال، فلا يستثنى فيه بغَيْرٍ ولا بإلاّ انتظم في المجد هؤلاء الأئمة، انتظام اللآلىء وتناسقوا في الشرف، فاستوى الأول والتالي، وكم اجتهد قوم في خفض منارهم، واللَّه يرفعه، وركبوا الصعب والذلول، في تشتيت شملهم واللَّه يجمعه وكم ضيّعوا من حقوقهم، ما لا يهمله اللَّه، ولا يضيّعه، أحيانا اللَّه على حبهم، وأماتنا عليه، وأدخلنا في شفاعة من ينتمون في الشرف إليه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، وكانت وفاته (أي الحسن العسكري) بسرّ من رأى، ودفن بالدار التي دفن فيها أبوه، وخلف بعده ولده وهو الثاني عشر من الأئمة، أبو القاسم، محمّد الحجّة، الإمام ولد الإمام محمّد الحجّة، ابن الإمام الحسن الخالص، بسرّ من رأى ليلة النصف من شعبان سنة 255 قبل موت أبيه بخمس سنين، وكان أبوه قد أخفاه حين ولد، وستر أمره، لصعوبة الوقت، وخوفه من الخلفاء العبّاسيين فإنهم كانوا في ذلك الوقت يطلبون الهاشميين ويقصدونهم بالحبس والقتل ويرون إعدامهم (وذلك لإعدامهم مَنْ يعدم) سلطنة الظالمين وهو الإمام المهدي (عليه السَّلام) كما عرفوا ذلك من الأحاديث التي وصلت إليهم من الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وأخبرتهم أن الإمام المهديّ الموعود المنتظر (عليه السَّلام) يقطع دابر الظالمين ويستولي على الدنيا ولا يترك أحداً منهم في الأرضين. (قال الشبراوي): وكان الإمام محمّد الحجّة يُلقب أيضاً بالمهديّ، والقائم، والمنتظر، والخلف الصالح، وصاحب الزمان، وأشهرها: المهديّ. (قال): ولذلك ذهبت الشيعة إلى أنه الذي صحّت الأخبار والأحاديث بأنه يظهر في آخر الزمان، وأنه موجود ولهم في ذلك تآليف كثيرة. ثم أخذ في الرد على الشيعة بالنسبة إلى ما ينسبه إليهم وهم منه برآء، ثم قال: وقد أشرق نور هذه السلسلة الهاشمية، والبيضة الطاهرة النبوية والعصابة العلوية وهم اثنا عشر إماماً، مناقبهم عليّة وصفاتهم سنيّة، ونفوسهم شريفة أبيّة، وأرومتهم كريمة محمّدية، وهم محمّد الحجّة بن الحسن الخالص بن عليّ الهادي بن محمد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ (زين العابدين) بن الإمام الحسين أخو الإمام الحسن ولَدَي الليث الغالب عليّ بن أبي طالب (رضي اللَّه تعالى عنهم أجمعين).
19 ومنهم الشيخ أبو المواهب الشيخ عبد الوهاب بن أحمد بن علي الشعراني المتوفى سنة (973هـ) أو سنة (960ه) فإنه قال في كتابه (اليواقيت والجواهر) ص145 طبع مصر سنة 1307هـ. قال: البحث الخامس والستون، في بيان أن جميع أشراط الساعة التي أخبر بها الشارع حقّ لا بدّ أن تقع كلها قبل يوم القيامة. وذلك، كخروج المهدي (عليه السَّلام) وقال: وهو من أولاد الإمام الحسن العسكري، ومولده (عليه السَّلام) ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وهو باقٍ إلى أن يجتمع بعيسى ابن مريم (عليه السَّلام) فيكون عمره إلى وقتنا هذا وهو سنة 958ه سبعمائة وست وستين سنة (766). (ثم قال الشعراني): هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كرم الريش المطلّ على بركة الرطل بمصر المحروسة عن الإمام الحجّة المهديّ حين اجتمعت به ووافقه على ذلك شيخنا سيّد علي الخوّاص.
20 ومنهم الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كرم الريش فإنه ذكر الإمام الحجّة (عليه السَّلام) واعترف بوجوده، وأنه اجتمع به، وذلك كما ذكره الشعراني في (لواقح الأنوار في طبقات الأخبار) ج2 المطبوع بمصر سنة 1305ه وقال فيه: إن الشيخ حسن العراقي في ضمن سياحته اجتمع مع الإمام المهديّ الحجّة وسأله عن عمره فقال له: يا ولدي عمري الآن 620 سنة. قال الشعراني: فقلت ذلك لسيّدي علي الخوّاص فوافق على عمر المهديّ (رضي اللَّه عنه).
21 ومنهم الشيخ نور الدين عبد الرحمن بن أحمد بن قوام الدين المعروف بجامي الشافعي الشاعر المعروف. وقد ذكر في كتابه «شواهد النبوة» الإمام المهديّ الموعود المنتظر الحجّة بن الحسن الإمام الثاني عشر. وذكر كثيراً من أحواله (عليه السَّلام) وكراماته، وقال: «هو الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً»، وذكر قضية ولادته (عليه السَّلام) نقلاً عن عمّته حكيمة (عليها السَّلام) وغيرها، وقال فيها: «إنه لمّا ولد جثى على ركبتيه ورفع سبابته إلى السماء وعطس فقال: الحمد للَّه رب العالمين»، وذكر بعض من رأى الإمام المهدي عجّل اللَّه تعالى فرجه وهو من سأل الإمام الحسن العسكري (عليه السَّلام) عن الخلف بعده، قال: «فدخل الإمام الدار ثم خرج وقد حمل طفلاً كأنّه البدر في ليلة تمامه في سن ثلاث سنين، فقال الإمام للسائل: لولا كرامتك على اللَّه لما أريتك هذا الولد الذي اسمه اسم رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وكنيته كنيته، وهو الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً». وذكر خبر من دخل على الإمام الحسن العسكري (عليه السَّلام) ورأى بيتاً عليه ستر مسبل، فسأله عن الخلف بعده، فقال له: ارفع الستر، فرفع الستر، فرأى الإمام الحجّة المهدي المنتظر. وذكر أيضاً قضية الأشخاص الذين بعثهم المعتمد أو المعتضد ليفتشوا دار الإمام ويأخذوا الإمام إن وجدوه، فلم يعثروا عليه في الدار، فدخلوا سرداباً محفوراً هناك فوجدوه في آخر السرداب. وكان السرداب مملوءاً بالماء والمهدي (عليه السَّلام) في آخره (على الماء) فكلما أرادوا الوصول إليه غرقوا في الماء ولم يتمكنوا من الوصول إليه فأخبروا بذلك الخليفة العباسي الذي أرسلهم إليه بما وقع، فأمرهم بكتمان ما رأوا وقال لهم: إنْ أظهرتم ذلك أمرت بقتلكم فكتموا ذلك في حياته. وتفصيل هذه الأخبار موجود في كتب الإمامية كالبحار ج51_52_53 حيث جمع المجلسي جميع ما روي فيه (عجّل اللَّه تعالى فرجه) من الأخبار حسب إمكانه نقلاً عن كتب علماء العامة، وكتب الإمامية عليهم الرحمة.
22 ومنهم المولوي علي أكبر أسد اللَّه الموؤذي الذي هو من علماء العامة في الهند، وله كتاب «المكاشفات» وهو من الحواشي على «نفحات الأنس» للمولى عبد الرحمان الجامي، وقد صرّح في البحث الحادي والثلاثين بإمامة الإمام الحجّة المهديّ بن الحسن العسكري وآبائه إلى الإمام عليّ بن أبي طالب (عليهم السَّلام)، وقال: «إنه (أي الإمام الغائب عجّل اللَّه تعالى فرجه) غائب عن أعين العوام والخواص...».
23 ومنهم الشيخ عبد اللَّه بن محمد المطيري شهرة والمدني مسكناً والشافعي مذهباً فإنه ذكر في كتابه «الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبيّ وعترته الطاهرة» الأئمة الاثني عشر فعدّهم واحداً بعد واحد إلى أنْ وصل إلى الإمام الحادي عشر، فقال: «إنّ ابنه الإمام الثاني عشر محمّد القائم المهدي». ثم قال: «وقد ورد النص عليه في الأحاديث من جده رسول اللَّه صلى اللَّه عليه ]وآله[ وسلّم ومن جده عليّ بن أبي طالب (عليه السَّلام)، ومن بقية آبائه الكرام أهل الشرف والمقام، وهو صاحب السيف القائم المنتظر كما ورد في الصحيح من الخبر». وقال: «وله قبل قيامه غيبتان..» ثم ذكر أحواله في غيبته وبعد ظهوره.
24 ومنهم الشيخ أبو المعالي محمد سراج الدين الرفاعي ثم المخزومي الشريف الكبير فإنه ذكر في كتابه «صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطمية الأخيار» عند ترجمته الإمام أبي الحسن الهادي (عليه السَّلام)، قال: «وأما الإمام عليّ الهادي بن الإمام محمّد الجواد ولقبه النقي والعالم والفقيه والأمير والدليل والعسكري والنجيب، ولد في المدينة المنورة سنة 212ه وتوفي شهيداً بالسمّ في خلافة المعتز العباسي يوم الاثنين لثلاث ليالٍ خلون من رجب سنة 254ه وكان له خمسة أولاد: الإمام الحسن العسكري والحسين ومحمّد وجعفر وعائشة. أما الإمام الحسن العسكري فأعقب صاحب السرداب الحجّة المنتظر وليّ اللَّه الإمام المهديّ (عليه السَّلام)».
25 ومنهم الشيخ مير خواند المؤرّخ المشهور (محمد بن خاوند شاه بن محمود المتوفى سنة 903ه) فإنه ذكر في كتابه المعروف «روضة الصفا» ج3، أحوال الإمام الثاني عشر من حيث الولادة وبعض أحواله وكراماته مفصّلاً.
26 ومنهم الشيخ المحقق بهلول بهجت أفندي مؤلّف كتاب «المحاكمة في تاريخ آل محمّد» والذي ذكر فيه إمامة الأئمة الاثني عشر (عليهم السَّلام) إلى أن ذكر ولادة الإمام المهدي الحجّة المنتظر عجّل اللَّه تعالى فرجه، وقال: «ولد في الخامس عشر من شعبان سنة 255ه»، وذكر أن اسم أمّه نرجس، وإنّ له غيبتين: الأولى الصغرى والثانية الكبرى، وصرّح بطول عمره وبقائه عجّل اللَّه تعالى فرجه، وأنه يظهر عندما يأذن اللَّه له بالخروج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً؛ ثم قال: «وإنّ ظهوره أمر اتفق عليه المسلمون فلا حاجة لذكر الدلائل له».
27 ومنهم الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف الزرندي فإنه ذكر في كتابه «معراج الوصول إلى فضيلة آل الرسول» الأئمة الاثنا عشر، وقال: «الإمام الثاني عشر هو صاحب الكرامات المشهورة الذي عظم قدره بالعلم واتباع الحق، القائم بالحقّ والداعي إلى منهج الحقّ، الإمام أبو القاسم محمد بن الحسن»، ثم ذكر تاريخ ولادته وبعض أحواله عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف.
28 ومنهم الشيخ حسين بن معين الدين الميبدي فإنه صرّح في ص123 من «شرح الديوان» بولادة الإمام المهدي وتاريخه وخصوصياته (عليه السَّلام).
29 ومنهم الشيخ الحافظ محمد بن محمد بن محمود النجار المعروف بخواجه يارسا وهو من أعيان علماء الحنفية وكبار مشايخ النقشبندية وكانت وفاته عام 822 على ما في كتاب «كشف الظنون»، وقد أورد في كتابه «فصل الخطاب» عند ذكره الأئمة (عليها السَّلام) ما نصّه: «وأبو محمد الحسن العسكري ولده مفحفمفد معلوم عند خاصة أصحابه وثقات أهله»، ثم ذكر حديث السيّدة حكيمة في ولادة الإمام المهدي عجّل اللَّه تعالى فرجه، وذكر حكاية إرسال المعتضد جلاوزته إلى سامراء وأمره بأخذه أين وجدوه، وذكر قضية دخولهم دار الإمام ثم دخولهم السرداب وأنهم رأوه مملوءاً بالماء، وكلما أراد أحدٌ منهم أنْ يدخل الماء ويأخذ الإمام (عليه السَّلام) الذي كان في آخر السرداب على حصير مفروش على الماء غرق. ثم ذكر بعض علائم ظهوره وقال: «الأخبار في ذلك أكثر من أنْ تُحصى»، وقال: «وقد تظاهرت (أي الأخبار) على ظهوره وإشراق نوره» وأنه يجدّد الشريعة المحمّدية، ويجاهد في اللَّه حقّ جهاده، ويطهّر من الأدناس أقطار بلاده؛ زمانه زمان المتقين، وأصحابه خلصوا من الريب، وسلموا من العيب، وأخذوا بهديه وطريقه، واهتدوا من الحق إلى تحقيقه، به ختمت الخلافة والإمامة، وهو الإمام من لدن إمام، مات أبوه الإمام الحسن العسكري (عليه السَّلام) إلى يوم القيامة. وذكر أنّ عيسى (عليه السَّلام) يصلّي خلفه، ويصدقه على دعواه، ويدعو إلى ملته التي هو فيها والتي صاحبها رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)..
30 ومنهم الشيخ سليمان القندوزي الحنفي، فإنه أفرد في كتابه «ينابيع المودة» ص449 باباً خاصاً في ذكر ولادة القائم المهدي عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف (الباب التاسع والسبعون) ثم روى بسنده عن موسى بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى الكاظم (عليهم السَّلام) قال: حدّثتني حكيمة بنت الإمام محمد التقي الجواد (قالت): بعث إليّ الإمام أبو محمد الحسن العسكري فقال: يا عمة، اجعلي إفطارك عندنا فإنها ليلة النصف من شعبان، فإنّ اللَّه تبارك وتعالى يظهر في هذه الليلة حجّته في أرضه. قالت (السيّدة حكيمة): فاستقمت ونمت، ثم قمت السحر (لصلاة الليل) وقرأت ألم السجدة وياسين، فاضطربت نرجس، فضُرب بيني وبينها ستر، فكشف الثوب عنها (بعد الولادة) فإذا بالمولود ساجداً، فنادى أبو محمّد (الإمام الحسن العسكري (عليه السَّلام)(: هلمي إليّ ابني يا عمّة، فجئت به إليه، فوضع قدميه على صدره وأدخل لسانه في فيه وأمرّ يده على عينيه وأذنه ومفاصله ثم قال: تكلّم يا بني، فقال: أشهد أن لا إله إلاّ اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، ثم صلّى على أمير المؤمنين وعلى الأئمة إلى أن صلّى على أبيه (العسكري (عليه السَّلام)( ثم قال أبو محمّد (عليه السَّلام): يا عمّة، إذهبي به إلى أمّه يسلّم عليها وأتيني به. (قالت حكيمة): فذهبت به فسلّم على أمّه ثم رددته (إلي أبيه) فوضعته عنده، فقال: يا عمّة إذا كان يوم السابع ءأتينا. (قالت حكيمة): فلما كان يوم السابع جئت (إليه)، فقال لي أبو محمّد: يا عمّة، هلمي إليّ ابني فجئت به ففعل به كفعله الأول وقال: تكلّم يا بني، فشهد بالشهادتين وصلّى على آبائه واحداً بعد واحد، ثم تلى: وَنُرِيدُ أَن نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ.
قالت حكيمة: جئت يوماً (إلى دار أبي محمّد الحسن العسكري) وكشفت الستر (من على الحجرة التي كان فيها الإمام المهدي عجّل اللَّه تعالى فرجه) فلم أره، فقلت (لأبيه (عليه السَّلام)): جعلت فداك، ما فعل سيدي؟ فقال: يا عمّة استودعناه اللَّه الحفيظ القدير الذي استودعته أم موسى موسى (عليه السَّلام).
ثم قال راوي الحديث موسى بن محمّد: فسألت عقيد الخادم (أي عن الأمر الذي حكته حكيمة) فقال: صدقت حكيمة رضي اللَّه عنها.
وفي «الينابيع» ص450 قال: روي عن محمد بن عبدفاللَّه المطهّري قال: سألت حكيمة عن ولادة القائم، فقالت: كانت لي جارية يقال لها نرجس، فزارني ابن أخي أبو محمّد الحسن وجعل يحدّ النظر إليها، فقلت له: أهويتها لأهبها لك؟ فقال: لا ولكن أتعجب منها أنه سيخرج منها ولد كريم على اللَّه عزّ وجل يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، فقلت: أرسلها إليك؟ فقال (عليه السَّلام): استأذني أبي (وذلك لأن الجارية كانت للإمام الهادي وأن قضية شرائها من بغداد قضية معروفة) قالت (حكيمة): أتيت عند أخي علي النقي الهادي (وقبل أنْ نخبره بالقضية) قال (عليه السَّلام): يا حكيمة هي نرجس لابني أبي محمّد الحسن، فقلت: يا سيدي، إلى هذا قصدتك وجئتك لأن أستأذن في ذلك، فقال: يا أختي يا مباركة إن اللَّه تبارك وتعالى أحب أنْ يشركك في الأجر ويجعل لك في الخير نصيباً. قالت (حكيمة): فزيّنتها ووهبتها لأبي محمّد، وجمعت بينه وبينها في بيت في داري، فأقام عندي أياماً ثم جاء بها عند والده علي النقي، وجلس أبو محمّد مكان والده بالإمامة (بعد استشهاد أبيه) وكنت أزوره، وقالت لي نرجس: يا مولاتي أنا أخلع خفّكِ وأخدمكِ، فقلت: بل أنتِ سيّدتي واللَّه لا أدفع إليك خفّي لتخلعيه بل أخدمكِ على بصري. (قالت حكيمة): فقصدت الانصراف (إلى داري) فقال لي أبو محمّد: يا عمّة اجعلي إفطارك الليلة عندنا. ثم ذكرت حكيمة بواقي القصة نحو ما ذكرته لموسى بن محمّد (ابن قاسم بن حمزة بن موسى الكاظم).
31 ومنهم الشيخ الجليل عبد الكريم اليماني (قدس سره) ووهب لنا فيوضه وعلومه قال في شعره كما في ينابيع المودة ص466:
في يمن أمن يكـــــــون لأهلهـــــــــا إلى أن ترى نور الهداية مقبلا
بميم مجيد من سلالة حيــــــدر ومن آل بيت طاهرين بمن علا
يسمى بمهدي من الحق ظاهر بسنة خير الخلق يحكــــم أولاً
ومنهم الشيخ عبد الرحمان البسطامي مؤلف كتاب (درّة المعارف) قدس اللَّه سره وأفاض علينا فتوحه وغوامض علومه كما في ينابيع المودة ص466. قال في الأبيات المنسوبة إليه:
ويظهر ميم المجد من آل أحمــــد ويُظهر عـــــــــدل اللَّه في النــــاس أولا
كما قد روينا عن عليّ الرضا وفي كنز علم الحرف أضحى محصلا
ومن أبياته:
ويخرج حرف الميم من بعد شينه بمكة نحو البيت بالنصر قد عــــلا
فهذا هو المهديّ بالحق ظاهــــــــر سيأتي من الرحمان للخلق مرسلا
ويملأ كلّ الأرض بالعدل رحمــــة ويمحو ظلام الشرك والجــــور أولا
ولايته بالأمر مــــــن عنـــــد ربّـــه خليفة خير الرّسل مـــن عالم العلا
33 ومنهم الشيخ المحدّث الفقيه محمد بن إبراهيم الجويني الحمويني الشافعي، فإنه قال في كتابه فرائد السمطين: برواية عن دعبل الخزاعي عن عليّ الرضا بن موسى الكاظم، قال: إن الإمام من بعدي ابني الجواد التقي، ثم الإمام من بعده ابنه الهادي والنقي ثم الإمام من بعده ابنه الحسن العسكري، ثم الإمام من بعده ابنه الحجّة المهديّ المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره كما في ينابيع المودة ص472 471. (ثم قال أيضاً): وأما شيخ المشايخ العظام أعني حضرات: شيخ الإسلام أحمد الجامي النامقي، والشيخ عطار النيسابوري، والشيخ شمس الدين التبريزي، وجلال الدين مولانا الرومي، والسيد نعمة اللَّه الولي، والسيد النسيمي، وغيرهم ذكروا في أشعارهم في مدائح الأئمة من أهل البيت الطيب (رضي اللَّه عنهم) مدح المهدي في آخرهم مختص بهم فهذه أدلة (واضحة) على أنّ المهدي ولد أولاً. قال: ومن تتبع آثار هؤلاء الكاملين العارفين يجد الأمر واضحاً عياناً.
34 ومنهم كما في ينابيع المودة ص472 الشيخ أحمد الجامي النامقي.
ومن أشعاره بالفارسية:
من زمهر حيدرم هر لحظه اندر دل صفاست
ازبي حيدر حسن مارا إمام ورهنماست
همجو كلب افتاده ام براستان بو الحسن
خاك نعلين حسين برهرد وجشم ترتياست
عابدين تاج سرو باقر دو جشم روشنم
دين جعفر بر حق أست مذهب موسى رواست
مُوالي وصف سلطان خراسان راشنو
ذرّه ئي از خاك قبرش درد مندان رادواست
بيشواي مؤمنان است اي مسلمانان تقي
كر نقي را دوست داري برهمه مذهب رواست
عسكري نور دوجشم عالمست وآدم است
همجويك مهدي سبهسالار در عالم كجاست
قلعة خيبر كرفته آن شهنشاه عرب
زآنكه در بازوي حيدر نامه الاّ فتاست
شاعران از بهرسيم زر وسُخنها كفته اند
أحمد جامي غلام خاص شاه اولياست.
35 ومنهم كما في ينابيع المودة ص473 الشيخ العطار المار ذكره في رقم (34) وله أشعار في كتابه مظهر الصفات.
36 ومنهم الشيخ سعد الدين الحموي المحدّث كما قال الشيخ سليمان الحنفي في ينابيع المودة ص474 قال الشيخ عزيز بن محمد النسفي أن شيخ الشيوخ سعد الدين الحموي (قدس سره) قال: لم يكن قبل نبيّنا في الأديان السابقة من يسمى ولياً وكان اسم النبيّ، وأن المقربين عند اللَّه الذين كانوا صاحبين ]ظ: مصاحبين[ للشريعة كانوا يسمون بالأنبياء، ولم يكن في الأديان السابقة في كل شريعة إلا دين واحد. ففي عصر آدم (عليه السَّلام) كانوا أنبياء عديدة، غير أنهم كانوا يأمرون الناس بالعمل بشريعة آدم (عليه السَّلام) وليس لهم شريعة خاصة، وكذلك في عصر نوح (عليه السَّلام) كانت الشريعة شريعة واحدة وكان الأنبياء في عصره يأمرون الناس بالعمل بشريعة نوح (عليه السَّلام) لا غيره. وكذلك كان في زمان إبراهيم، وموسى وعيسى (عليهم السَّلام) كانوا أنبياء متعدّدين وفي كل عصر من أعصار الأنبياء كانوا يأمرون الناس بالعمل بدين ذلك النبيّ، ولما ظهر دين الإسلام دين محمد بن عبداللَّه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) إن اللَّه تبارك وتعالى اختار اثني عشر رجلاً من أهل بيت نبيه محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وأورثهم علمه وكانوا مقربين عنده وجعلهم نوابه وأولياءه والعلماء الذين ورد في حقهم (العلماء ورثة الأنبياء) هم هؤلاء لا غيرهم. وقوله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل) هؤلاء الاثني عشر وهم المقصودين في الحديث والخبر. والولي الثاني عشر والنائب الثاني عشر كان يسمى المهدي صاحب الزمان. (ثم قال): قال الشيخ سعد الدين الحموي: إن الأولياء في العالم لم يزيدوا على الاثني عشر وأن الثاني عشر منهم هو خاتم الأولياء في الإسلام، وكان يسمى المهدي صاحب الزمان وسائر المقربين أو رجال الغيب لم يسموا بالأولياء بل كانوا يسمون بالأبدال). هذا ما ذكره الشيخ سليمان القندوزي الحنفي في ينابيع المودة ص474.
37 ومنهم كما في ينابيع المودة ص561 الشيخ صدر الدين القونوي قدس سره (فإنه قال) في شأن المهدي الموعود (عليه السَّلام) شعراً:
يقوم بأمر اللَّه في الأرض ظاهراً على رغم شيطانين بمحق الكفر
يؤيد شرع المصطفى وهو ختمـــــــــــــــــــه ويمتد من ميم بأحكامها يـــــــــــــــــــدري
ومدته ميقــــــــات موسى وجنــــــــــــــده خيار الورى في الوقت يخلو عن الحصر
على يده محق اللئـــــــــــــــام جميعــــــــــــــهم بسيف قويّ المتن علّك أن تـــــــــــــدري
حقيقة ذاك السيف والقائـــــــــــــــم الذي تعيّن للدين القويــــــــم على الأمـــــــــــــــــــر
لعمري هو الفرد الذي بـــــــــان ســــــــرّه بكل زمان في مظاء لــــــــــه يســــــــــــري
تسمّى بأسماء المراتــــــــــــــــب كلــــــــــها خفاءً وإعلاناً كذاك الحشــــــــــــــــــــــــــر
أليس هو النور الأتـــــــــــــــمّ حقيقـــــــــة ونقطة ميم منه إمدادهــــــــــا يجــــــــــري
يفيض على الأكوان ما قــــــــــد أفاضه عليه إله العـــــــــــرش في أزل الدهــــــــــــر
فما تمّ إلاّ الميـــــــــــم لا شيء غيــــــــره وذو العين مـــــــــــن نوابه مفرد العصــــــــــر
هو الروح فأعلمه وخذ عهـــــــده إذا بلغت إلى مدّ مديد مــــــن العمـــــــــــــــــــر
كأنك بالمذكور تصعــــــــــد راقيــــــــاً إلى ذروة المجد الأثيل على القــــــــــــــــــدر
وما قدره إلاّ ألــــــــــــوف بحكمـــــــة على حدّ مرسوم الشريعة بالأمـــــــــــــــــــــر
بذا قال أهل الحلّ والعقــــد فاكتفى بنصّهم المثبوت في صحف الزبــــــــــــــــــــــر
فإن تبغ ميقات الظهـــــــــــور فإنـــــه يكون بدور جامع مطلع الفجـــــــــــــــــــــــــر
بشمس تمدّ الكلّ من ضوء نورها وجمع درارى الأوج فيها مع البـــــــــــــــــــدر
وصلّ على المختار من آل هاشم محمد المبعوث بالنهي والأمـــــــــــــــــــــــــــــــر
عليه صلاة اللَّه ما لاح بـــــــــــــارق وما أشرقت شمس الغزالة في الظهـــــــــــــــــــر
وآل وأصحاب أولي الجود والتقى صلاة وتسليماً يدومان للحشــــــــــــــــــــــــــــــر
38ومنهم الشيخ حسين بن محمّد بن الحسن الدّيار بكري المالكي المتوفى سنة )966ه) فإنه ذكر في كتابه الخميس ج2 ص321، قال: الحادي عشر (من الأئمة): الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر الصادق ويكنى أبا محمّد ويلقّب بالزكي والخالص والسراج وهو مثل أبيه مشهور بالعسكري. أمه أم ولد اسمها سوسن، وقيل غير ذلك. ولد بالمدينة سنة (232هـ) وتوفي في سرّ من رأى في سنة (260هـ) وقبره بجنب أبيه. (ثم قال): الثاني عشر (من الأئمة) محمّد بن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ الرضا، يكنّى أبا القاسم ولقبه الإمامية بالحجّة، والقائم، والمهديّ، والمنتظر، وصاحب الزمان، وهو عندهم خاتم الاثني عشر إماماً، وأمه أم ولد اسمها صيقل وقيل سوسن، وقيل نرجس وقيل غير ذلك. ولد في سر من رأى في الثالث والعشرين من رمضان سنة ثمان وخمسين ومائتين (258هـ).
39 ومنهم الشيخ مؤمن بن حسن بن مؤمن الشبلنجي الشافعي المتوفى سنة )1298ه) وله مؤلفات عديدة منها نور الإبصار تعرض فيه لبعض أحوال الخلفاء الأربعة عند أهل السنة. وذكر بعض أحوال الأئمة الاثني عشر (عليهم السَّلام) من الكرامات وخوارق العادات وغيرها إلى أن قال في ص150 طر مصر سنة (1322هـ): الحسن الخالص بن علي الهادي بن محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (رضي اللَّه عنهم). أمه أم ولد يقال لها حديثة وقيل سوسن وكنيته أبو محمد، وألقابه: الخالص السراج والعسكري. ولد أبو محمّد بالمدينة لثمان خلون من ربيع الآخر سنة (232هـ) إلى أن قال في ص152: وكانت وفاة أبي محمّد الحسن بن عليّ في يوم الجمعة لثمانٍ خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين (260هـ) وخلّف من الولد ابنه محمّد:
ثم أخذ في ذكر الأصاف الإمام الثاني عشر. وقال: فصل في ذكر مناقب محمّد بن الحسن الخالص بن عليّ الهادي بن محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (رضي اللَّه عنهم)، أمه أم ولد يقال لها نرجس وقيل صيقل وقيل سوسن، وكنيته أبو القاسم ولقّبه الإمامية بالحجّة والمهديّ والخلف الصالح والقائم والمنتظر وصاحب الزمان، وأشهرها المهدي.
40 الشيخ النسّابة أبو الفوز محمّد أمين البغدادي السويدي صاحب كتاب سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب، فإنه ذكر أسماء الأئمة الاثنى عشر وبعض فضائلهم ومناقبهم وذكر الإمام الحسن العسكري في ص77 باب 6، وقال في صفحة 78: في خط الحسن العسكري (محمّد المهديّ وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين وكان مربوع القامة حسن الوجه والشعر، أقنى الأنف صبيح الجبهة).
وخلاصة القول:
إن الإمام المهدي عجّل اللَّه فرجه الشريف هو ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السَّلام) بالضرورة القطعية للروايات التي تفوق التواتر عشرات المرات والتي أفادت أنه من أهل البيت ومن ولد الصدّيقة فاطمة وإمام من أئمة العترة الطاهرة وهو الثاني عشر المتولد من أبيه الإمام الحسن العسكري وأمه مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وهي من ذرية شمعون وصي عيسى المسيح (عليه السَّلام) وقصة زواجها من الإمام العسكري معروفة ومدوّنة في كتبنا التاريخية.
هذا مضافاً إلى الإجماع على ولادته (عليه السَّلام) عام 255ه واتصال الشيعة آنذاك به، ومن قبله بأبيه وإرشادهم إليه، وظهور المعجزات على يديه، وتعيينه للسفراء في الغيبة الصغرى، وقضائه للحوائج وإغاثته للملهوف المتوسل به وغيرذلك، كلها قرائن وشواهد نقطع بها على وجوده، وفي المقابل نقطع بعدم صحة الرواية التي تقول: (واسم أبيه اسم أبي) مما يوجب عدم الاعتناء بها إلاّ لمعاند أو متعصب يحطّ من قيمة العلم ويخدش بشهادة التاريخ القطعية بما له من جرأة على إنكار ما ثبت بالأدلة العلمية والشرعية المعتبرة.
وبما تقدم يندفع أيضاً ما ورد من أن الإمام المهديّ من أولاد الصدّيقة فاطمة (عليها السَّلام) لكنه من نسل ولدها الإمام الحسن المجتبى السبط الشهيد، مستدلين على ذلك برواية أبي داود عن أبي إسحاق قال: قال عليٌّ رضي اللَّه عنه ونظر إلى ابنه الحسن فقال: «إن ابني هذا سيّد كما سمّاه النبي وسيخرج من صلبه رجل يسمّى باسم نبيكم يشبهه في الخُلُق ولا يشبهه في الخَلق، يملأ الأرض عدلاً».
ويؤكد عدم صحتها أيضاً مضافاً لما تقدّم وجود روايات من العامة تصرّح بأن الإمام المهدي عجّل اللَّه فرجه الشريف من أبناء الإمام الحسين، وعليه تسقط رواية أبي داود من الاعتبار نهائياً، ومن هذه الروايات ما أورده محب الدين الطبري في ذخائر العقبى عن حذيفة أن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قال: لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللَّه ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً من ولدي اسمه كإسمي، فقال سلمان من أي ولدك يا رسول اللَّه؟ قال من ولدي هذا وضرب بيده على الحسين (عليه السَّلام).
وما ورد عن أبي وائل قال: نظر أمير المؤمنين عليّ إلى الحسين فقال: «إن ابني هذا سيّد كما سمّاه رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وسيخرج من صلبه رجل باسم نبيكم يشبهه في الخُلق والخَلق يخرج على حين غفلة من الناس، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».
• نبذة من الأخبار في إمامة الأئمة الأطهار وأسمائهم عليهم السلام:
1 روى أبو الحسن عليّ بن الحسين، قال: حدّثنا أبو محمّد هارون بن موسى التلعكبري رضي اللَّه عنه، قال: حدثنا الحسن بن عليّ بن زكريا العدوي النصري، عن محمّد بن إبراهيم بن المنذر المكي، عن الحسين بن سعيد الهيثم، قال: حدّثني الأجلح الكندي، قال: حدّثني أفلح بن سعيد، عن محمّد بن كعب، عن طاووس اليماني، عن عبدفاللَّه بن العبّاس، قال: دخلت على النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) والحسن على عاتقه والحسين على فخذه يلثمهما ويقبّلهما ويقول: «اللَّهم والِ من والاهما وعادِ من عاداهما»، ثم قال: يا ابن عبّاس، كأني به وقد خضبت شيبته من دمه، يدعو فلا يجاب ويستنصر فلا يُنصر.
قلت: من يفعل ذلك يا رسول اللَّه؟
قال: شرار أمّتي، ما لهم لا أنالهم اللَّه شفاعتي. ثم قال: يا ابن عبّاس، مَنْ زاره عارفاً بحقّه كتب له ثواب ألف حجّة وألف عمرة، ألا ومن زاره فكأنما زارني، ومن زارني فكأنما زار اللَّه، وحقّ الزائر على اللَّه أنْ لا يعذّبه بالنار، ألا وأنّ الإجابة تحت قبّته، والشفاء في تربته، والأئمة من ولده.
قلت: يا رسول اللَّه فكم الأئمة بعدك؟
قال: بعدد حواري عيسى وأسباط موسى ونقباء بني إسرائيل.
قلت: يا رسول اللَّه فكم كانوا؟
قال: كانوا اثني عشر، والأئمة بعدي اثنا عشر، أوّلهم عليّ بن أبي طالب، وبعده سبطاي الحسن والحسين، فإذا انقضى الحسين فابنه عليّ، فإذا انقضى عليّ فابنه محمّد، فإذا انقضى محمّد فابنه جعفر، فإذا انقضى جعفر فابنه موسى، فإذا انقضى موسى فابنه عليّ، فإذا انقضى عليّ فابنه محمّد، فإذا انقضى محمّد فابنه عليّ، فإذا انقضى عليّ فابنه الحسن، فإذا انقضى الحسن فابنه الحجّة.
قال ابن عبّاس: قلت يا رسول اللَّه أسامي لم أسمع بهنّ قط.
قال لي: يا ابن عبّاس، هم الأئمة بعدي وإن نُهروا ]في نسخة: قُهروا[، أمناءٌ معصومون نجباء أخيار. يا ابن عبّاس، مَنْ أتى يوم القيامة عارفاً بحقّهم أخذت بيده فأدخلته الجنة. يا ابن عبّاس، من أنكرهم أو ردّ واحداً منهم فكأنما قد أنكرني وردّني، ومن أنكرني وردّني فكأنما أنكر اللَّه وردّه. يا ابن عبّاس، سوف يأخذ الناس يميناً وشمالاً، فإذا كان كذلك فاتّبع عليّاً وحزبه، فإنه مع الحقّ والحق معه، ولا يفترقان حتى يردا عليَّ الحوض. يا ابن عباس، ولايتهم ولايتي، وولايتي ولاية اللَّه، وحربهم حربي، وحربي حرب اللَّه، وسلمهم سلمي، وسلمي سلم اللَّه.
ثم قال (عليه السَّلام): يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ.
2 القاضي أبو الفرج المعافا بن زكريا البغدادي، قال: حدّثني محمّد بن همام بن سهيل الكاتب، قال: حدثني محمّد بن معافا السلماسي عن محمّد بن عامر، قال: حدّثنا عبدفاللَّه بن زاهر عن عبد العدوس [القدوس] عن الأعمش عن حبش [حنش] بن المعتمر قال:
قال أبو ذر الغفاري رحمة اللَّه عليه: دخلت على رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) في مرضه الذي توفي فيه، فقال: يا أبا ذر آتني بإبنتي فاطمة.
قال: فقمت ودخلت عليها وقلت: يا سيدة النسوان أجيبي أباك، قال: فلبست جلبابها وخرجت حتى دخلت على رسول اللَّه، فلما رأت رسول اللَّه انكبت عليه وبكت وبكى رسول اللَّه لبكائها وضمها إليه، ثم قال: يا فاطمة لا تبكين فداك أبوك، فأنت أول من تلحقين بي مظلومة مغصوبة، وسوف يظهر بعدي حسيكة النفاق ويسمل جلباب الدين، وأنت أول من يرد عليّ الحوض.
قالت: يا ابه أين ألقاك؟ قال: تلقيني عند الحوض وأنا أسقي شيعتك ومحبيك وأطرد أعداءك ومبغضيك، قالت: يا رسول اللَّه فإن لم ألقك عند الحوض؟ قال: تلقيني عند الميزان، قالت: يا ابه وإن لم ألقك عند الميزان؟ قال: تلقيني عند الصراط وأنا أقول: سلّم سلّم شيعة عليّ.
قال أبو ذر: فسكن قلبها، ثم التفت إليّ رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فقال: يا أبا ذر إنها بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني، ألا إنها سيّدة نساء العالمين، وبعلها سيّد الوصيين، وابنيها الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة، وأنهما إمامان إن قاما أو قعدا، وأبوهما خير منهما، وسوف يخرج من صلب الحسين تسعة من الأئمة معصومون قوامون بالقسط، ومنا مهديّ هذه الأمة.
قال: قلت يا رسول اللَّه فكم الأئمة بعدك؟ قال: عدد نقباء بني إسرائيل.
3 محمّد بن عبد اللَّه بن المطلب وأبو عبدفاللَّه محمّد بن أحمد بن عبدفاللَّه بن الحسن بن عباس الجوهري جميعاً قالا: حدّثنا محمّد بن لاحق اليماني، عن إدريس بن زياد قال: حدثنا إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن سلمان الفارسي رضي اللَّه عنه قال:
خطبنا رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فقال: معاشر الناس إني راحل عن قريب ومنطلق إلى المغيب، أوصيكم في عترتي خيراً، وإياكم والبدع فإن كل بدعة ضلالة والضلالة وأهلها في النار، معاشر الناس من افتقد الشمس فليتمسك بالقمر، ومن افتقد القمر فليتمسك بالفرقدين، فإذا فقدتم الفرقدين فتمسّكوا بالنجوم الزاهرة بعدي، أقول قولي هذا وأستغفر اللَّه لي ولكم.
قال: فلما نزل عن المنبر (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) تبعته حتى دخل بيت عائشة، فدخلت إليه وقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول اللَّه سمعتك تقول: «إذا افتقدتم الشمس فتمسكوا بالقمر، وإذا افتقدتم القمر فتمسكوا بالفرقدين، وإذا افتقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم الزاهرة» فما الشمس وما القمر وما الفرقدان وما النجوم الزاهرة؟
فقال: أنا الشمس وعليّ القمر والحسن والحسين الفرقدان، فإذا افتقدتموني فتمسكوا بعليّ بعدي، وإذا افتقدتموه فتمسكوا بالحسن والحسين، وأما النجوم الزاهرة فهم الأئمة التسعة من صلب الحسين، تاسعهم مهديهم.
ثم قال (عليه السَّلام): إنهم هم الأوصياء والخلفاء بعدي، أئمة أبرار، عدد أسباط يعقوب وحواري عيسى، قلت: فسمهم لي يا رسول اللَّه؟
قال: أولهم عليّ بن أبي طالب، وبعده سبطاي، وبعدهما عليّ زين العابدين، وبعده محمّد بن عليّ الباقر علم النبيين، والصادق جعفر بن محمّد وابنه الكاظم سمي موسى بن عمران، والذي يقتل بأرض الغربة ابنه عليّ، ثم ابنه محمّد، والصادقان عليّ والحسن، والحجّة القائم المنتظر في غيبته، فإنهم عترتي من دمي ولحمي، علمهم علمي وحكمهم حكمي، من آذاني فيهم فلا أناله اللَّه شفاعتي.
4 سعيد بن عبد اللَّه قال: حدّثنا يعقوب بن يزيد عن حماد بن عثمان بن عيسى، عن عبدفاللَّه بن مسكان، عن أبان بن خلف عن سليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي قال: دخلت على رسول اللَّه وإذا بالحسين على فخذه وهو يقبّل جبينه ويلثم فاه ويقول: أنت سيّد ابن السيّد، أنت إمام ابن إمام أبو الأئمة، أنت حجّة أبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم.
5 عن أبي القاسم جعفر بن محمّد، عن محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن ابن محبوب عن أبي الجارود عن أبي جعفر محمّد بن علي (عليه السَّلام) عن جابر بن عبدفاللَّه الأنصاري قال: دخلت على فاطمة بنت رسول اللَّه (عليه السَّلام) وبين يديها لوحٌ فيه أسماء الأوصياء والأئمة من ولدها، فعدّدت اثني عشر اسماً آخرهم القائم من ولد فاطمة، ثلاثة منهم محمّد، وأربعة منهم عليٌّ.
6 وعن أبي القاسم، عن محمّد بن يعقوب، عن أبي علي الأشعري عن الحسن بن عبيدفاللَّه عن الحسن بن موسى الخشاب، عن عليّ بن سماعة، عن عليّ بن الحسن بن رباط عن عمر بن أذينة، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السَّلام) يقول: الاثنا عشر الأئمة من آل محمّد كلُّهم محدَّثٌ، عليّ بن أبي طالب وأحد عشر من ولده، ورسول اللَّه وعليٌّ هما الوالدان، صلّى اللَّه عليهما.
7 وعن محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد، عن محمّد بن عليّ بن بلال قال: خرج إليّ أمرُ أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكري (عليه السَّلام) قبل مضيّه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده، ثم خرج إليّ من قبل مضيّه بثلاثة أيام يخبرني بالخلف من بعده.
8 عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن إسحاق عن أبي هاشم الجعفري قال: قلت لأبي محمّد الحسن بن عليّ (عليه السَّلام): جلالتُك تمنعني عن مسألتك فتأذن لي أن أسألك؟
فقال: «سل» قلت: يا سيّدي، هل لك ولدٌ؟ قال) «نعم» قلت: إن حدَثَ حدثٌ فأين أسأل عنه؟ قال: «بالمدينة».
9 وعن حمدان القلانسي عن العمري قال: مضى أبو محمّد (عليه السَّلام) وخلّف ولداً له.
10 وعن الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبدفاللَّه قال: خرج عن أبي محمد (عليه السَّلام) حين قُتل الزبيري لعنه اللَّه: «هذا جزاءُ من اجترأ على اللَّه تعالى في أوليائه، زعم أنه يقتلني وليس لي عقبٌ، فكيف رأى قدرة اللَّه فيه» قال محمّد بن عبدفاللَّه: ووُلد له ولدٌ؟.
وقد تظافرت النصوص على ولادة القائم صاحب الزمان حجّة اللَّه ابن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب صلوات اللَّه عليهم أجمعين، منها ما رواه الشيخ الصدوق عليه الرحمة.
للحديث اتمام
لكاتبه: الدكتور عبد القادر جعفر أستاذ جامعي
والإمام المهديّ عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف بهذا التسلسل النسبي هو ما نجمع عليه نحن الإمامية، بل هو من صلب عقيدتنا الدينية، والقطعيات التي لا تقبل التأويل والتحريف، وكل من نسب إلينا غير ذلك فهو مفترٍ على إمامنا فديته بنفسي وعلى عقديتنا الإسلامية. وليس هناك إمام غير هذا الإمام يأتي لينقذ المستضعفين بل هو أحدٌ لا شريك ولا نظير له إلاّ آباؤه الميامين، ومن إدّعى أن هناك إماماً إسم أبيه عبد اللَّه فقد افترى على الشيعة الإمامية سددهم المولى، لأنه إمامنا ونحن أدرى به من غيرنا «وأهل مكة أدرى بشعابها»، ألسنا الذين اضُطهدنا لأننا نعتقد بما يقول ويقولون عليهم السلام؟!
أليس هو ابن الصدّيقة فاطمة الزهراء وابن عليّ المرتضى وابن الحسين الشهيد وهؤلاء أئمتنا؟! ولو قلنا للعامة إن أبا بكر ليس ابن أبي قحافة مثلاً، فكيف يكون موقف العامة من الشيعة؟ وهل يوافقونا على مدعانا أو أن الدنيا علينا تقوم ولا تقعد؟!
هذا هو حالنا مع مشهور العامة حيث ادّعوا بخبر واحد وهو لا يوجب علماً ولا عملاً أن اسم والد الإمام المهديّ هو عبد اللَّه استناداً إلى ما نُسب إلى رسول اللَّه أنه كما في رواية أبي داود عن زائدة عن عاصم عن زر عن عبداللَّه عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قال: «لولم يبق من الدنيا إلاّ يوم، لطوّل اللَّه ذلك اليوم حتى يلي رجل من أهل بيتي، يواطىء اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً»، بل إنّ السفاريني وهو أحد أكابر العامة وصف الاعتقاد بولادة الإمام المهديّ عليه السلام عام خمس وخمسين بعد المائتين إلى الآن بأنه ضرب من الجنون والهذيان.
يَرِدُ عليه بالإيرادات الآتية:
الإيراد الأوّل: متى كان الاعتقاد بوجود مخلوق من مئات السنين ضرباً من الهذيان إلاّ عند ضعاف العقول والإيمان بالقدرة الإلهية المطلقة؟ ولِمَ لا يعتبر الاعتقاد بوجود عيسى ضرباً من الهذيان والجنون عند السفاريني وأمثاله من النواصب الألداء لأهل البيت (عليهم السَّلام)؟! وهل الاعتقاد بوجود إدريس والياس والخضر (عليهم السَّلام) بل الملائكة الكرام والجن والشياطين ضرباً من الهذيان بنظر المهذي صاحب المقال مع أن القرآن ونبيَّ الإسلام أخبرا بصحة ذلك من دون جدال؟!
الإيراد الثاني: المجمع عليه عند الإمامية هو أن والد الإمام المهديّ عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف هو الإمام الحسن العسكري (عليه السَّلام) الحادي عشر من أئمة أهل البيت صلوات اللَّه عليهم أجمعين وما خالف إجماعنا المرتكز على الضرورة القطعية لا اعتداد به، ودونه خرط القتاد.
الإيراد الثالث: لا اعتناء بما ورد في رواية أبي داود لدلالة الأخبار الكثيرة المتواترة على أن الحسن إنما هو اسم أبيه (عليه السَّلام)، ونفسه أبو داود ذكر أحاديث أخرى خالية من ذكر «اسم أبيه» منها حديث سفيان: «لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العربَ رجلٌ من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي».
ومنها ما ورد مثله عن عليّ وأبي سعيد وأمّ سلمة وأبي هريرة. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
ومنها ما ورد عن عاصم عن زر عن عبداللَّه عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قال: يلي رجلٌ من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي. قال عاصم: وأنا أبو صالح عن أبي هريرة قال: لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم لطوّل اللَّه ذلك اليوم حتى يلي..».
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
ويظهر أن الزيادة من الراوي المسمى زايدة (وهو اسم على مسمّى حيث زاد على أحاديث رسول اللَّه). ويزيدك بياناً بما ذكره الكنجي في البيان من أن الترمذي ذكر الحديث ولم يذكر قوله (واسم أبيه اسم أبي) وأن الإمام أحمد مع ضبطه وإتقانه روى هذا الحديث في مسنده في عدة مواضع «واسمه اسمي» وجمع الحافظ أبو نعيم طرق هذا الحديث من الجم الغفير في مناقب المهديّ كلّهم عن عاصم بن أبي النجود عن زر عن عبداللَّه عن النبيّ، فمنهم سفيان بن عيينة وطرقه عنه بطرق شتى، ومنهم قطر بن خليفة وطرقه عنه بطرق شتى ومنهم الأعمش وطرقه عنه بطرق شتى، ومنهم أبو إسحاق سليمان بن فيروز الشيباني وطرقه عنه بطرق شتى، ومنهم حفص بن عمر ومنهم سفيان الثوري وطرقه بطرق شتى ومنهم شعبة وطرقه بطرق شتى، ومنهم واسط بن الحارث ومنهم يزيد بن معاوية أبو شيبة له فيه طريقان، ومنهم سليمان بن قرم وطرقه عنه بطرق شتى، ومنهم جعفر الأحمر وقيس بن الربيع وسليمان بن قرم واسباط جمعهم سند واحد، ومنهم سلام أبو المنذر، ومنهم أبو شهاب محمد بن إبراهيم الكناني وطرقه عنه بطرق شتى، ومنهم عمرو بن عبيد التنافسي وطرقه عنه بطرق شتى، ومنهم أبو بكر بن عيّاش وطرقه عنه بطرق شتى، ومنهم أبو الحجاف داود بن أبي العوف وطرقه عنه بطرق شتى، ومنهم عثمان بن شبرمة وطرقه عنه بطرق شتى، ومنهم عبد الملك أبي عيينة، ومنهم محمد بن عياش عن عمرو العامري وطرقه بطرق شتى وذكر سنداً وقال فيه: حدّثنا أبو غسّان حدثنا قيس ولم ينسبه، ومنهم عمرو بن قيس الملائي ومنهم عمار بن زريق، ومنهم عبداللَّه بن حكيم بن جبير الأسدي، ومنهم عمرو بن عبداللَّه بن بشير، ومنهم الأحوص، ومنهم سعد بن حسن بن أخت ثعلبة، ومنهم معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن عاصم، ومنهم يوسف بن يونس، ومنهم غالب بن عثمان، ومنهم حمزة الزيات، ومنهم شيبان، ومنهم الحكم بن هشام، ورواه غير عاصم عن زر وهو عمر بن مرة عن زر، كل هؤلاء رووا (اسمه اسمي) إلاّ ما كان من عبيداللَّه بن موسى عن زايدة عن عاصم فإنه قال فيهم (واسم أبيه اسم أبي) ولا يرتاب اللبيب أن هذه الزيادة لا اعتبار بها مع اجتماع هؤلاء الأئمة على خلافها».
وقال عليّ بن عيسى عفا اللَّه عنه: أما أصحابناالشيعة فلا يصحّحون هذا الحديث لما ثبت عندهم من اسمه واسم أبيه (عليه السَّلام) وأما الجمهور فقد نقلوا أن زائدة (راوي الحديث) كان يزيد في الأحاديث فوجب المصير إلى أنه من زيادته ليكون جمعاً بين الأقوال والروايات.
وعليه فلا يبقى مجال للاعتماد على نقل زايدة ويسقط عن الاعتبار، بل تطمئن النفس بأن زائدة أو غيره من رواة الحديث زاد هذه الجملة فيه، ويحتمل أن تكون تلك الزيادة من صنعة أهل السياسة والرياسة، فإن ترويج الأحاديث المكذوبة على رسول اللَّه كان لها شأنٌ عظيمٌ في نجاح السياسات، وتأسيس الحكومات في الصدر الأول، فكانوا يأمرون بوضع الأحاديث ويتوسلون بها إلى جلب قلوب العامة لحفظ حكومتهم، ويشهد لذلك أعمال معاوية على من يروي في فضل مولانا أمير المؤمنين عليّ (عليه السَّلام) حديثاً ومنقبة وإعطائه الجوائز والصلات لكلّ من وضع حديثاً في ذمّ الإمام عليّ وأهل البيت (عليهم السَّلام) أو مدح عثمان وغيره من بني أمية، فاستأجر أمثال أبي هريرة من أهل الدنيا وعبدة الدنانير والدراهم لجعل الأحاديث، وهكذا جرى الأمر في ابتداء خلافة بني العبّاس وتأسيس حكومتهم وثورتهم على الأمويين، واستمر الأمر فوضع الوضّاعون بأمرهم أو تقرباً إليهم أحاديثاً لتأييد مذاهبهم وآرائهم وسياستهم وتصحيح أعمالهم الباطلة، ومما أخذه العباسيون وسيلة لبناء حكومتهم على عقيدة دينية هذه البشائر الواردة في الإمام المهديّ (عليه السَّلام)؛ فإذاً لا يبعد في أن يكون الداعي إلى زيادة هذه الجملة تقوية حكومة محمّد بن عبد اللَّه المنصور العبّاسي الملقب بالمهدي أو تأييد دعوة محمّد بن عبد اللَّه بن الحسن الملقب بالنفس الزكية. ويؤكد هذا ما ذكره المؤرخ الصاحب الفخري في «الآداب السلطانية والدول الإسلامية» أن عبداللَّه المحض أثبت في نفوس طوائف من الناس أن ابنه محمّد هو المهدي الذي بُشّر به، وأنه يروي هذه الزيادة (اسم أبيه اسم أبي).
وبالجملة: فلا اعتبار بهذه الزيادة لمعارضتها للأخبار المتواترة القطعية المذكورة في كتب أصحابنا، وما عداه شاذّ موضوع، واجب طرحه، لا سيّما أن الزيادة المذكورة في متن الحديث تفرّد بها رجلٌ مجهولُ الحالِ لا يُعرف خبرُه، ويروي المناكير عن المشاهير على حدّ تعبير رجل الجرح والتعديل ابن حبان.
الإيراد الرّابع: يمكن الجمع بين هذه الزيادة والأخبار المذكورة بوجوه:
(الوجه الأول): احتمال التصحيف، وأن الصادر منه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) (واسم أبيه اسم ابني) يعني الإمام الحسن (عليه السَّلام)، فإن تعبيره (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) عنه بإبني وعنه وعن أخيه الإمام الحسين بابناي في نهاية الكثرة، فتوهم فيه الراوي فصحف ابني بأبي، ويؤيد هذا الاحتمال ما جاء في البحار عن أمالي الشيخ بسند معنعن إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى في حديث عن أبيه قال: بعد ذكر بعض إمارات الظهور، وعند ذلك يظهر القائم فيهم، قال النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): اسمه كاسمي واسم أبيه كإسم ابني وهو من ولد ابنتي. (المراد من قوله «ابني» السبط الأكبر الإمام الحسن (عليه السَّلام)).
(الوجه الثاني): ما ذكره كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي في مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: «لا بد قبل الشروع في تفصيل الجواب بيان أمرين يبنى عليهما الفرض:
(الأمر الأول) :أنه شائع في لسان العرب إطلاق لفظة الأب على الجد الأعلى، وقد نطق القرآن بذلك فقال تعالى: وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ وقال تعالى حكاية عن يوسف: وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ونطق بذلك النبيّ في حديث الإسراء أنه قال: (قلت من هذا؟ قال: أبوك إبراهيم) فعلم أن لفظة الأب تطلق على الجد وإن علا فهذا أحد الأمرين:
(الأمر الثاني): أن لفظة الاسم تطلق على الكنية وعلى الصفة، وقد استعملها الفصحاء ودارت بها ألسنتهم ووردت في الأحاديث حتى ذكرها الإمامان البخاري ومسلم كل منهما يرفعه إلى سهل بن سعد الساعدي أنه قال عن عليّ أن رسول اللَّه سماه بأبي تراب ولم يكن له اسم أحب إليه منه، فأُطلق لفظ الاسم على الكنية ومثل ذلك قول الشاعر:
أجلُّ قدرك أن تُسمى مؤنبة ومن كنّاك فقد سمّاك للعرب
ويروى: (ومن يصفك) فأطلق التسمية على الكنية أو الصفة، وهذا شائع ذائع في لسان العرب، فإذا وضح ما ذكرناه من الأمرين، فاعلم أيدك اللَّه بتوفيقه أن النبيّ كان له سبطان أبو محمّد الحسن وأبو عبداللَّه الحسين، ولما كان الحجّة الخلف الصالح محمّد من ولد أبي عبدفاللَّه الحسين ولم يكن من ولد أبي محمّد الحسن، وكانت كنية الحسين أبا عبداللَّه، فأطلق النبيّ على الكنية لفظ الاسم لأجل المقابلة بالإسم في حق أبيه وأطلق على الجد لفظة الأب فكأنه قال يواطىء اسمه اسمي فهو محمّد وأنا محمّد، وكنية جده اسم أبي إذ هو عبداللَّه وأبي عبداللَّه، لتكون تلك الألفاظ المختصرة جامعة لتعريف صفاته وإعلام أنه من ولد أبي عبدفاللَّه الحسين بطريق جامع موجز، وحينئذٍ تنتظم الصفات وتوجد بأسرها مجتمعة للحجّة الخلف الصالح محمّد (عليه السَّلام)، فهذا بيان شافٍ وكافٍ في إزالة ذلك الإشكال فافهمه) انتهى.
(الوجه الثالث): نقله صاحب البحار عن بعض معاصريه وهو أن كنية الإمام الحسن العسكري (عليه السَّلام) هي أبو محمّد وعبدفاللَّه أبو النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) أبو محمّد فتتوافق الكنيتان، والكنية داخلة تحت الاسم.
(الوجه الرابع): أن يقال في الخبر هكذا: (اسمه اسمي واسم أبي) حيث ورد في الأخبار أن «عبداللَّه» من أسمائه، وهو اسم والد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، وعليه يكون الاشتباه من الراوي حيث زاد قوله (واسم أبيه) لأنه لم يفهم معنى الخبر ولم يحتمل أن يكون للإمام المهدي( عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف) إسمان، فأراد تصحيح الخبر من عنده فزاد هذه الجملة، وبهذا يظهر عدم منافاة الخبر لأخبارنا بوجه.
(الوجه الخامس): ويحتمل أن يكون الخبر هكذا: (اسمه اسمي واسم ابنه اسم أبي) لما يظهر من جملة من الأخبار أن من أولاد الإمام المهدي (عليه السَّلام) عبد اللَّه، لذا ورد أن «عبدفاللَّه» من كناه، فبُدّل اسم ابنه باسم أبيه.
(الوجه السادس): من المقطوع به بالأدلة أن أهل البيت (عليهم السَّلام) عبيد اللَّه تعالى، فصفة العبودية من لوازم ذواتهم صلوات اللَّه عليهم، والصفة اسم تدل على الموصوف بها، فالإمام العسكري (عليه السَّلام) عبدُاللَّه حقيقة، فإسمه أي صفته كإسم والد النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) عبداللَّه.
الإيراد الخامس: جاء في الصحاح «يواطىء اسمه اسمي» وليس فيه تلك الزيادة التي جاء بها زائدة بن أبي الرُّقاد، ولم ينقلها أحد من أئمة الحديث وحفاظه المعروفين بنقد الأخبار وتمييز رجالاته عند العامة، وإنما جاء بتلك الزيادة من ذكرنا آنفاً، وليس من الممكن المعقول أن يخطىء ثلاثون ثقة أو أكثر من حملة الحديث وثقاته عند العامة بتركهم لهذه الزيادة على تقدير وجودها ويصيب زائدة وحده، وينفرد بحفظها دون هؤلاء، مع أن الجميع قد نقلوا الحديث عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن عبداللَّه بن مسعود.
فزائدة لا يعتمد على شيء من حديثه، قال الرجالي النقّاد المتعصب الذهبي عنه ما نصه: «زائدة بن أبي الرُّقاد أبو معاذ، عن زياد النميري، ضعيف، وقال البخاري: منكر الحديث، وهو بَصْري. وقال النسائي: لا أدري ما هو، وزياد النميري الذي روى عنه زائدة أيضاً ضعيف».
وقال خاتمة حفّاظ أهل السنّة وأحد أئمة الجرح والتعديل في علم الرجال عندهم ابن حجر العسقلاني ما نصه:
«زائدة بن أبي الرُّقاد الباهلي البصري الصيرفي، روى عن عاصم وثابت البناني وزياد النميري، قال البخاري: منكر الحديث، وقال السجستاني: لست أعرف خبره، وقال النسائي: لست أدري من هو، وقال ابن حيان: يروي المناكير عن المشاهير».
بعد هذا التقديم، أيُعقل أن يستند الباحث البصير والمثقف المتحلّل من قيود العصبية إلى حديث قد طعن في راويه أشدّ الطعن أئمة الجرح والتعديل عندهم حيث عليهم المعوّل والاعتماد في معرفة الثقات من غيرهم في رجال الإسناد عند أهل مذهبه، ويضرب الصفح عن نقل ما يخالفه وهم يزيدون على ثلاثين ثقة، وفيهم طائفة من أعاظم الحفّاظ وكبار رجالهم من أهل نحلته، وقد جاء الحافظ الكنجي على ذكرهم مفصلاً في كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان عجّل اللَّه فرجه فليراجع.
ثم إن الحافظ الترمذي، كغيره من حفّاظ العامة، أخرج الحديث في سننه عن جماعة كثيرة من الصحابة وحسّنه، ولم تكن فيه هذه الزيادة في حديث زائدة، نعم أخرج السجستاني هذا الحديث بهذه الزيادة في سننه، إلاّ أنك قد عرفت طعنه في زائدة، وأنه ما عرف خبره، كما أنه أخرجه بغير هذه الزيادة.
الإيراد السادس: اعتراف جم غفير من أكابر علماء العامة بولادة الإمام المهديّ (عليه السَّلام) عام 255هجري وبقائه حيّاً إلى الآن حتى يأذنَ اللَّهُ تعالى له في الظهور، ولا بأس هنا تتميماً للفائدة بذكر تصريحاتهم والتعرض لذكر أساميهم، فيسفر الصبح لذي عينين.
1 منهم العلاّمة الشيخ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي النيسابوري الفقيه الشافعي (المتوفى سنة 458ه) فإنه ذكر في كتابه «شعب الإيمان» وقال: «اختلف الناس في أمر المهديّ فوقف جماعة وأحالوا العلم إلى عالمه، واعتقدوا أنه واحد من أولاد فاطمة بنت رسول اللَّهفصلى اللَّه عليه ]وآله[ وسلّم، يخلقه اللَّه متى شاء، يبعثه، نصرة لدينه، وطائفة يقولون إنّ المهديّ الموعود وُلد يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وهو الإمام الملقّب بالحجّة، القائم المنتظر، محمّد بن الحسن العسكري، وأنه دخل السرداب بسرّ من رأى وهو مختف عن أعين الناس، منتظر خروجه، ويظهر ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً. (ثم إنّ البيهقي أجاب القائلين بامتناع بقائه إلى هذا الحين لطول الزمان فقالإثبات وجود الإمام المعظَّم الحجة ولا امتناع في طول عمره وامتداد أيامه كعيسى بن مريم والخضر عليهما السلام. وهؤلاء (القائلون ببقائه وطول عمره) هم الشيعة وخصوصاً الإمامية منهم (قالإثبات وجود الإمام المعظَّم الحجة ووافقهم (في ما ادّعوه في المهدي (عليه السَّلام)( عليه جماعة من أهل الكشف...».
قال بعض علماء الإمامية أنّ المراد من الموافقين من أهل الكشف غير الشيخ محيي الدين والشعراني والشيخ حسن العراقي لأن البيهقي متقدّم على هؤلاء ولأن وفاته كانت سنة 458هـ والشيخ محيي الدين والشعراني والشيخ حسن العراقي وجدوا بعده لأن وفاة محيي الدين كانت سنة 638هـ كما صرّح به الشيخ حسن العراقي، وهكذا الشعراني كان في سنة 955هـ والعراقي وغيره كانا معاصرين للشعراني. فمراد البيهقي من أهل الكشف الذين أخبر عنهم غير هؤلاء، هذا ويظهر من كلام البيهقي أنه موافق للإمامية في دعواهم ولولا اتفاقه معهم لأنكر عليهم ولم يقل: ولا امتناع في طول عمره كعمر الخضر، حيث لا شبهة في طول عمره بين جميع فرق المسلمين.
2 ومنهم العلامة أبو محمّد عبد اللَّه بن أحمد بن محمّد بن الخشاب (المتوفى سنة 567ه) فإنه أخرج في كتابه «تاريخ مواليد الأئمة ووفياتهم» بسنده عن أبي بكر أحمد بن نصر بن عبداللَّه بن الفتح الدراع النهرواني، قال: «حدّثنا صدقة بن موسى، حدثنا أبي عن الرضا (عليه السَّلام) قال: الخلف الصالح من وُلد أبي محمد الحسن بن علي، وهو صاحب الزمان، وهو المهديّ» ثم قال: «وحدّثني الجرّاح بن سفيان، قال: حدثني أبو القاسم طاهر بن هارون بن موسى العلوي عن أبيه هارون عن أبيه موسى، قال: قال سيّدي جعفر بن محمّد (عليه السَّلام): الخلف الصالح من ولدي وهو المهديّ اسمه محمد، وكنيته أبو القاسم، يخرج في آخر الزمان، يُقال لأمه صيقل».
وأخرج العلاّمة السيّد هاشم البحراني الحديث في «غاية المرام» نقلاً من تاريخ ابن الخشاب وقال بعد قوله: «يخرج في آخر الزمان يقال لأُمِه صيقل» قال أبو بكر الزراع و يقال لها «حكيمة». وفي رواية يقال لها «نرجس» وفي رواية يقال لها «سوسن». ويكنّى «أبا القاسم» وهو ذو الاسمين خلف ومحمّد، يظهر في آخر الزمان وعلى رأسه غمامة تظلّله عن الشمس تدور معه حيث ما دار تنادي بصوت فصيح: هذا المهدي.
3 ومنهم الشيخ كمال الدين أبو سالم محمد بن طلحة الحلبي الشافعي القرشي (المتوفى سنة 652 أو 654ه) فإنه ذكر في كتابه «مطالب السؤال» وقال: «الباب الثاني عشر في أبي القاسم محمّد بن الحسن الخالص بن عليّ المتوكل بن محمّد القانع بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين بن عليّ المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب، المهديّ الحجّة الخلف الصالح المنتظر عليهم السلام ورحمته وبركاته» ثم ذكر هذه الأبيات:
«فهذا الخلف الحجّة قـــــــد أيـــــــــده اللَّه هدانا منهج الحقّ وآتاه سجايـــــــــــــاه
وأعلى في ذرى العلياء بالتأييد مرقـــــــاه وآتاه حلى فضــــــل عظيم فتحـــــــــلاه
وقد قال رسول اللَّه قولاً قـــــــد روينــاه وذوا العلم بما قال إذا أدرك معنـــــــاه
يرى الأخبار في المهدي جاءت بمسمـاه وقد أبداه بالنسبة والوصف وسمّـــاه
ويكفي قولـــــــه مني لإشراق محيـــــــــــــاه ومن بضعته الزهراء مرساه ومسـراه
ولن يبلغ ما أديت أمثــــــــال وأشبــــــــــاه فإنْ قالوا هو المهدي ما مانوا بما فاهوا»
ثم قال أبو طلحة في مدحه (عليه السَّلام): «قد رتع من النبوة أكناف عناصره ورضع من الرسالة أخلاف أواصره، وترع من القرابة بسجال معاصرها، وبرع في صفات الشرف فعقدت عليه بخناصرها، فإقتنى من الأنساب شرف نصابها، واعتلى عند الانتساب على شرف أحسابها، واجتنى جنى الهداية من معادنها وأسبابها، فهو من ولد الطّهر البتول المجزوم بكونها بضعة الرسول، فالرسالة أصلها وإنها لأشرف العناصر والأصول. فأما مولده فبسرّ من رأى في ثالث وعشرين من رمضان سنة 258ه وأما نسبه أباً وأماً فأبوه الحسن الخالص، وأما أمه أم ولد تسمى «صيقل» و«حكيمة» وقيل غير ذلك، وأما اسمه ف«محمد»، وكنيته «أبو القاسم»، ولقبه «الحجّة» و«الخلف الصالح» وقيل «المنتظر».
4 ومنهم المؤرخ المشهور شهاب الدين أبو عبداللَّه ياقوت الحموي (وهو من الخوارج) الرومي البغدادي (المتوفى سنة 626هجري) فإنه أخرج في كتابه المعروف «معجم البلدان» وقال: «عسكر سامراء ينسب إلى المعتصم وقد نسب إليه (أي إلى هذا العسكر) قومٌ من الأجلاّء، منهم: عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السَّلام) يكنّى (أي علي بن محمد) بالحسن الهادي، ولد بالمدينة المشرَّفة ونقل إلى سامراء جبراً وابنه الحسن بن عليّ ولد بالمدينة أيضاً (وقيل في سامراء) ونقل إلى سامراء فسمّيا بالعسكريّين لذلك، فأما عليّ فمات في رجب سنة 254للهجرة، وكان مقامه بسامراء عشرين سنة. وأما الحسن فمات بسامراء أيضاً سنة للهجرة260 ودفنا بسامراء وقبورهما مشهورة هناك» قال: «ولولدهما المنتظر هناك مشاهد معروفة».
5 ومنهم الشيخ العارف الشيخ فريد الدين العطّار (المتوفى سنة 627ه) فإنه أخرج في كتابه «مظهر الصفات» كما نقل عنه الشيح سليمان القندوزي الحنفي في «ينابيع المودة» قال: «ومن أشعاره الذي أنشدها في أهل البيت (عليهم السَّلام) وفيها ذكر مولد الإمام المهدي (عليه السَّلام) بالإشارة..».
ويظهر من أبياته الفارسية، التي أوردها القندوزي الحنفي، أنه كان يعتقد ولادته (عليه السَّلام) وينتظر ظهوره عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف.
6 ومنهم الشيخ محيي الدين أبو عبد اللَّه محمد بن علي بن محمد المعروف بابن الحاتمي الطائي الأندلسي الشافعي (المتوفى سنة 638ه) والمدفون بصالحية الشام وقبره مزار: قال في الباب 366 من كتاب «الفتوحات»: «اعلموا أنه لا بدّ من خروج المهدي، لكن لا يخرج حتى تمتلىء الأرض جوراً وظلماً، فيملأها قسطاً وعدلاً، ولو لم يكن من الدنيا إلا يوم واحد طوّل اللَّه تعالى ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة، وهو من عترة رسول اللَّه من ولد فاطمة، جدّه الحسين بن عليّ بن أبي طالب ووالده الحسن العسكري إبن الإمام عليّ النقي إبن محمّد التقي إبن الإمام عليّ الرضا بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمّد الباقر بن الإمام زين العابدين بن الإمام الحسين بن عليّ بن أبي طالب يواطىء اسمه اسم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه ]وآله[ وسلّم، يبايعه المسلمون بين الركن والمقام يشبه رسول اللَّه في الخلق.. وهو أجلى الجبهة، أقنى الأنف، أسعد الناس به أهل الكوفة، يقسم المال بالسويّة، ويعدل في الرعية، يأتيه الرجل فيقول: يا مهديّ أعطني وبين يديه المال فيحثى له في ثوبه ما استطاع أن يحمله. (ثم نقل أوصافه وبعض أفعاله) وهذه الأمور ذكرها ابن الصبّان في إسعاف الراغبين باب2 ص133 131 بهامش نور الأبصار ص133 131 ومن شعر الشيخ محيي الدين في أوصاف الإمام المهديّ (عليه السَّلام) وقد ذكره في الفتوحات باب 366 أيضاً:
هو السيد المهدي من آل أحمد هو الصارم الهندي حين يبيّد
هو الشمس يجلو كل غمّ وظلمة هو الوابل الوسمي حين يجود
ومنهم الشيخ أبو عبد اللَّه محمّد بن يوسف بن محمّد القرشي الكنجي الشافعي المتوفى سنة (658) فإنه أخرج في كتابه (البيان في أخبار صاحب الزمان) ص336 باب (25) وقال: في الدلالة على جواز بقاء المهدي (عليه السَّلام) قال: إن المهدي ولد الحسن العسكري فهو حيّ موجود باقٍ منذ غيبته إلى الآن.
8 ومنهم الشيخ جلال الدين محمد العارف البلخي الرومي المعروف بالمولوي المتوفى سنة 672هـ فإنه ذكر في ديوانه الكبير وذكر ذلك الشيخ سليمان في ينابيع المودة ص473 قال: أنشد هذه الأبيات (في أحوال أهل البيت (عليهم السَّلام) ومنهم المهدي المنتظر (عليه السَّلام).
اي سرور مردان علي مستان سلامت ميكنند
واى صفدر مردان علي مردان سلامت ميكنند
(إلى أن قال):
با قاتل كفار كو بادين وبا ديندار گو
باحيدر كرار گو مستان سلامت ميكنند
بادرج دو گوهر بگو بابرج دواختر بگو
باشبر وشبير بگو مستان سلامت ميكنند
بازين دين عابد بگو بانور دين باقر بگو
باجعفر صادق بگو مستان سلامت ميكنند
باموسى كاظم بگو باطوس عالم بگو
باتقي قائم بگو مستان سلامت ميكنند
بامير دين هادي بگو باعسكري مهدي بگو
با آن ولى مهدي بگو مستان سلامت ميكنند
9 ومنهم الشيخ الكامل صلاح الدين الصفدي المتوفى سنة 764 فإنه قال في شرح الدائرة: إن المهديّ الموعود هو الإمام الثاني عشر من الأئمة أولهم سيدنا علي وآخرهم المهديّ رضي اللَّه عنهم ونفعنا بهم.
10 ومنهم الشيخ جمال الدين أحمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن مهنا المتوفى سنة 828ه فإنه أخرج في كتابه عمدة الطالب ص186_188 طبع النجف الأشرف سنة )1323ه) قال: أما عليّ الهادي فيلقب بالعسكري لمقامه بسر من رأى وكانت تسمى العسكر وأمّه أم ولد وكان (عليه السَّلام) في غاية الفضل ونهاية النبل أشخصه المتوكل إلى سر من رأى فأقام بها إلى أن توفي (مسموماً) كان من الزهد والعلم على أمر عظيم وهو والد الإمام محمد المهدي (صلوات اللَّه عليه) ثاني عشر الأئمة عند الإمامية، وهو القائم المنتظر عندهم من أم ولد اسمها نرجس.
11 ومنهم الشيخ أبو عبداللَّه أسعد بن علي بن سليمان عفيف الدين اليافعي اليمني المكي الشافعي المتوفى سنة 768 فإنه أخرج في كتابه مرآة الجنان ج2 ص107 وص172 طبع حيدر آباد الدكن سنة 1328هـ قال: وفي سنة 260 توفي الشريف العسكري أبو محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر الصادق، أحد الأئمة الاثني عشر على اعتقاد الإمامية وهو والد الإمام المنتظر صاحب السرداب ويعرف بالعسكري وأبوه أيضاً يعرف بهذه النسبة. توفي في يوم الجمعة سادس ربيع الأول وقيل ثامنه، وقيل غير ذلك من السنة المذكورة ودفن بجنب قبر أبيه بسرّ من رأى.
12 ومنهم العلاّمة السيد علي بن شهاب الدين الهمداني الشافعي المتوفى سنة 786 فإنه أخرج في كتابه المودة القربى في المودة العاشرة، أحاديث عديدة فيها إثبات وجود الإمام المهدي (عليه السَّلام) وإنه يظهر في آخر الزمان يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.
13 ومنهم الشيخ شهاب الدين الدولة أبادي المتوفى سنة 849ه وله مؤلفات عديدة في التفسير والمناقب وله كتاب سماه (هداية السعداء) وذكر فيه أسماء الأئمة الاثني عشر عند الإمامية وذكر أحاديث في أحوال الإمام الحجة المنتظر ابن الحسن العسكري. وذكر فيه أنه غائب عن الأبصار وله عمر طويل كما عمّر مثله من المؤمنين عيسى والياس والخضر، ومن الكافرين الدجال والشيطان والسامري.
14 ومنهم شمس الدين أبو عبد اللَّه محمد بن أحمد الذهبي الشافعي المتوفى سنة 804، فإنه أخرج في كتابه دول الإسلام ج1 ص122 طبع حيدر آباد سنة 1337ه وقال: بأن الإمام المهدي (عليه السَّلام) من أولاد الإمام الحسن العسكري وهو باقٍ إلى أن يأذن اللَّه له بالخروج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
15 ومنهم الشيخ علي بن محمد بن أحمد المالكي المكي المعروف بابن الصباع المتوفى سنة 855هجري، فإنه أخرج في كتابه الفصول المهمة ص273 وص274 من الباب (12) أحوال الإمام المهدي (عليه السَّلام). وذكر ولادته وتاريخها. وقال إن أمّه نرجس خير أمة، وقال: ولد أبو القاسم محمّد بن الحجّة بن الحسن الخالص بسرّ من رأى ليلة النصف من شعبان سنة 255ه، وأما نسبه أباً وأماً فهو أبو القاسم، محمّد الحجّة بن الحسن الخالص بن عليّ الهادي بن محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ (زين العابدين) بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب صلوات اللَّه عليهم أجمعين، وأما أمّه فأم ولد، يقال لها نرجس، خير أمة، وقيل اسمها غير ذلك، وأما كنيته فأبو القاسم، وأما لقبه، فالحجّة والمهديّ والخلف الصالح والقائم المنتظر وصاحب الزمان، وأشهرها المهديّ، صفته (عليه السلام): شاب مربوع القامة، حسن الوجه والبشرة يسيل شعره على منكبيه، أقنى الأنفق، أجلى الجبهة، بوّابه محمّد بن عثمان، معاصره المعتمد (العبّاسي).
16 ومنهم الشيخ شمس الدين أو المظفر يوسف بن قزاغلي الحنفي بن عبدفاللَّه. وهو سبط ابن الجوزي المعروف المتوفى سنة 654. وقال سبط ابن الجوزي الحنفي في كتابه تذكرة خواص الأئمة ص88، طرأول في إيران سنة 1287هجري، فصل الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، وأمه أم ولد اسمها سوسن، وكنيته أبو محمّد، ويقال له العسكري أيضاً. ولد (عليه السَّلام) سنة 231ه بسرّ من رأى وتوفي بها سنة 260ه في خلافة المعتمد على اللَّه (العباسي). وكان سنّه عند الوفاة تسعاً وعشرين سنة، ثم قال: وأولاده (أي أولاد الإمام الحسن العسكري (عليه السَّلام)) منهم: محمّد الإمام. ثم قال: فصل هو محمّد بن الحسن بن عليّ بن محمد بن عليّ بن موسى الرضا بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السَّلام)، وكنيته أبو عبد اللَّه، وأبو القاسم، وهو الخلف الحجّة، صاحب الزمان، القائم المنتظر، التالي، وهو آخر الأئمة. ثم قال: أنبأ عبد العزيز بن محمد بن البزار عن ابن عمر، قال: قال رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): يخرج في آخر الزمان، رجل من ولدي اسمه كإسمي وكنيته ككنيتي يملأ الأرض عدلاً، كما ملئت جوراً، فذلك المهدي.
(ثم قال سبط ابن الجوزي) وهذا الحديث مشهور. وقد أخرج أبو داود، والزهري عن عليّ بمعناه. ثم قال: ويقال له ذو الأسمين محمّد وأبو القاسم قال: قالوا أمه أم ولد يقال لها صيقل.
17 ومنهم شهاب الدين أحمد بن حجر الهيثمي نزيل مكة المشرفة الشافعي المتوفى سنة 993ه، فإنه أخرج في الصواعق المحرقة له ص127 طر مصر سنة 1308ه، وقال عند ذكره الأئمة الاثني عشر (أبو محمّد الحسن الخالص) ولد سنة 232ه (ثم ذكر كرامة من كراماته المعروفة وقضية الاستسقاء في سامراء وقضية الراهب الذي كان يحمل في يده من عظام بعض الأنبياء، وإذا أخرجه كانت تمطر السماء وإذا ستره يقف المطر فعرف ذلك الإمام فأخذ منه العظم وكلما دعا لم تمطر، فخرج الناس من الاشتباه وعرفوا حيلة العالم النصراني. قال: وكان الإمام الحسن العسكري عزيزاً مكرماً إلى أن مات بسر من رأى ودفن عند أبيه (علي الهادي (عليه السَّلام)) وعمره ثمانية وعشرون سنة. (قال): ويقال إنه سُمَّ أيضاً (كما سمّوا آباءَه الكرام) قال: ولم يخلف غير ولده (أي القاسم محمّد الحجّة) وعمره عند وفاة أبيه (كان) خمس سنين آتاه اللَّه الحكمة (قال): ويسمى القائم، المنتظر. قيل: لأنه ستر وغاب فلم يعرف أين (هو) ذهب وانتهى ما في الصواعق المحرقة لابن حجر مع الاختصار.
18 ومنهم الشيخ عبد اللَّه بن محمد بن عامر الشبراوي الشافعي المتوفى بعد سنة 1154ه، فإنه أخرج في كتابه الإتحاف بحب الأشراف ص178 طبع مصر سنة 1316ه وقال: الحادي عشر من الأئمة الحسن الخالص ويُلقّب بالعسكري، ولد بالمدينة لثمانٍ خلون من ربيع الأول سنة (232ه) وتوفي (عليه السَّلام) يوم الجمعة لثمانٍ خلون من ربيع الأول سنة (260ه) وله من العمر ثمان وعشرون سنة. قال: ويكفيه شرفاً أن الإمام المهديّ المنتظر من أولاده فللَّه درّ هذا البيت الشريف، والنسب الخضم المنيف وناهيك به فخاراً، وحسبك فيه من علّوه مقداراً، فهم جميعاً، في كرم الأرومة، وطيب الجرثومة كأسنان المشط، متعادلون، ولسهام المجد مقتسمون، فيا له من بيت عالي الرتبة سامي المحلة فلقد طال السّماك عُلاً ونُبلاً وسما على الفرقدين منزلةً ومحلاً، واستغرقت صفات الكمال، فلا يستثنى فيه بغَيْرٍ ولا بإلاّ انتظم في المجد هؤلاء الأئمة، انتظام اللآلىء وتناسقوا في الشرف، فاستوى الأول والتالي، وكم اجتهد قوم في خفض منارهم، واللَّه يرفعه، وركبوا الصعب والذلول، في تشتيت شملهم واللَّه يجمعه وكم ضيّعوا من حقوقهم، ما لا يهمله اللَّه، ولا يضيّعه، أحيانا اللَّه على حبهم، وأماتنا عليه، وأدخلنا في شفاعة من ينتمون في الشرف إليه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، وكانت وفاته (أي الحسن العسكري) بسرّ من رأى، ودفن بالدار التي دفن فيها أبوه، وخلف بعده ولده وهو الثاني عشر من الأئمة، أبو القاسم، محمّد الحجّة، الإمام ولد الإمام محمّد الحجّة، ابن الإمام الحسن الخالص، بسرّ من رأى ليلة النصف من شعبان سنة 255 قبل موت أبيه بخمس سنين، وكان أبوه قد أخفاه حين ولد، وستر أمره، لصعوبة الوقت، وخوفه من الخلفاء العبّاسيين فإنهم كانوا في ذلك الوقت يطلبون الهاشميين ويقصدونهم بالحبس والقتل ويرون إعدامهم (وذلك لإعدامهم مَنْ يعدم) سلطنة الظالمين وهو الإمام المهدي (عليه السَّلام) كما عرفوا ذلك من الأحاديث التي وصلت إليهم من الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وأخبرتهم أن الإمام المهديّ الموعود المنتظر (عليه السَّلام) يقطع دابر الظالمين ويستولي على الدنيا ولا يترك أحداً منهم في الأرضين. (قال الشبراوي): وكان الإمام محمّد الحجّة يُلقب أيضاً بالمهديّ، والقائم، والمنتظر، والخلف الصالح، وصاحب الزمان، وأشهرها: المهديّ. (قال): ولذلك ذهبت الشيعة إلى أنه الذي صحّت الأخبار والأحاديث بأنه يظهر في آخر الزمان، وأنه موجود ولهم في ذلك تآليف كثيرة. ثم أخذ في الرد على الشيعة بالنسبة إلى ما ينسبه إليهم وهم منه برآء، ثم قال: وقد أشرق نور هذه السلسلة الهاشمية، والبيضة الطاهرة النبوية والعصابة العلوية وهم اثنا عشر إماماً، مناقبهم عليّة وصفاتهم سنيّة، ونفوسهم شريفة أبيّة، وأرومتهم كريمة محمّدية، وهم محمّد الحجّة بن الحسن الخالص بن عليّ الهادي بن محمد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ (زين العابدين) بن الإمام الحسين أخو الإمام الحسن ولَدَي الليث الغالب عليّ بن أبي طالب (رضي اللَّه تعالى عنهم أجمعين).
19 ومنهم الشيخ أبو المواهب الشيخ عبد الوهاب بن أحمد بن علي الشعراني المتوفى سنة (973هـ) أو سنة (960ه) فإنه قال في كتابه (اليواقيت والجواهر) ص145 طبع مصر سنة 1307هـ. قال: البحث الخامس والستون، في بيان أن جميع أشراط الساعة التي أخبر بها الشارع حقّ لا بدّ أن تقع كلها قبل يوم القيامة. وذلك، كخروج المهدي (عليه السَّلام) وقال: وهو من أولاد الإمام الحسن العسكري، ومولده (عليه السَّلام) ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وهو باقٍ إلى أن يجتمع بعيسى ابن مريم (عليه السَّلام) فيكون عمره إلى وقتنا هذا وهو سنة 958ه سبعمائة وست وستين سنة (766). (ثم قال الشعراني): هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كرم الريش المطلّ على بركة الرطل بمصر المحروسة عن الإمام الحجّة المهديّ حين اجتمعت به ووافقه على ذلك شيخنا سيّد علي الخوّاص.
20 ومنهم الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كرم الريش فإنه ذكر الإمام الحجّة (عليه السَّلام) واعترف بوجوده، وأنه اجتمع به، وذلك كما ذكره الشعراني في (لواقح الأنوار في طبقات الأخبار) ج2 المطبوع بمصر سنة 1305ه وقال فيه: إن الشيخ حسن العراقي في ضمن سياحته اجتمع مع الإمام المهديّ الحجّة وسأله عن عمره فقال له: يا ولدي عمري الآن 620 سنة. قال الشعراني: فقلت ذلك لسيّدي علي الخوّاص فوافق على عمر المهديّ (رضي اللَّه عنه).
21 ومنهم الشيخ نور الدين عبد الرحمن بن أحمد بن قوام الدين المعروف بجامي الشافعي الشاعر المعروف. وقد ذكر في كتابه «شواهد النبوة» الإمام المهديّ الموعود المنتظر الحجّة بن الحسن الإمام الثاني عشر. وذكر كثيراً من أحواله (عليه السَّلام) وكراماته، وقال: «هو الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً»، وذكر قضية ولادته (عليه السَّلام) نقلاً عن عمّته حكيمة (عليها السَّلام) وغيرها، وقال فيها: «إنه لمّا ولد جثى على ركبتيه ورفع سبابته إلى السماء وعطس فقال: الحمد للَّه رب العالمين»، وذكر بعض من رأى الإمام المهدي عجّل اللَّه تعالى فرجه وهو من سأل الإمام الحسن العسكري (عليه السَّلام) عن الخلف بعده، قال: «فدخل الإمام الدار ثم خرج وقد حمل طفلاً كأنّه البدر في ليلة تمامه في سن ثلاث سنين، فقال الإمام للسائل: لولا كرامتك على اللَّه لما أريتك هذا الولد الذي اسمه اسم رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وكنيته كنيته، وهو الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً». وذكر خبر من دخل على الإمام الحسن العسكري (عليه السَّلام) ورأى بيتاً عليه ستر مسبل، فسأله عن الخلف بعده، فقال له: ارفع الستر، فرفع الستر، فرأى الإمام الحجّة المهدي المنتظر. وذكر أيضاً قضية الأشخاص الذين بعثهم المعتمد أو المعتضد ليفتشوا دار الإمام ويأخذوا الإمام إن وجدوه، فلم يعثروا عليه في الدار، فدخلوا سرداباً محفوراً هناك فوجدوه في آخر السرداب. وكان السرداب مملوءاً بالماء والمهدي (عليه السَّلام) في آخره (على الماء) فكلما أرادوا الوصول إليه غرقوا في الماء ولم يتمكنوا من الوصول إليه فأخبروا بذلك الخليفة العباسي الذي أرسلهم إليه بما وقع، فأمرهم بكتمان ما رأوا وقال لهم: إنْ أظهرتم ذلك أمرت بقتلكم فكتموا ذلك في حياته. وتفصيل هذه الأخبار موجود في كتب الإمامية كالبحار ج51_52_53 حيث جمع المجلسي جميع ما روي فيه (عجّل اللَّه تعالى فرجه) من الأخبار حسب إمكانه نقلاً عن كتب علماء العامة، وكتب الإمامية عليهم الرحمة.
22 ومنهم المولوي علي أكبر أسد اللَّه الموؤذي الذي هو من علماء العامة في الهند، وله كتاب «المكاشفات» وهو من الحواشي على «نفحات الأنس» للمولى عبد الرحمان الجامي، وقد صرّح في البحث الحادي والثلاثين بإمامة الإمام الحجّة المهديّ بن الحسن العسكري وآبائه إلى الإمام عليّ بن أبي طالب (عليهم السَّلام)، وقال: «إنه (أي الإمام الغائب عجّل اللَّه تعالى فرجه) غائب عن أعين العوام والخواص...».
23 ومنهم الشيخ عبد اللَّه بن محمد المطيري شهرة والمدني مسكناً والشافعي مذهباً فإنه ذكر في كتابه «الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبيّ وعترته الطاهرة» الأئمة الاثني عشر فعدّهم واحداً بعد واحد إلى أنْ وصل إلى الإمام الحادي عشر، فقال: «إنّ ابنه الإمام الثاني عشر محمّد القائم المهدي». ثم قال: «وقد ورد النص عليه في الأحاديث من جده رسول اللَّه صلى اللَّه عليه ]وآله[ وسلّم ومن جده عليّ بن أبي طالب (عليه السَّلام)، ومن بقية آبائه الكرام أهل الشرف والمقام، وهو صاحب السيف القائم المنتظر كما ورد في الصحيح من الخبر». وقال: «وله قبل قيامه غيبتان..» ثم ذكر أحواله في غيبته وبعد ظهوره.
24 ومنهم الشيخ أبو المعالي محمد سراج الدين الرفاعي ثم المخزومي الشريف الكبير فإنه ذكر في كتابه «صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطمية الأخيار» عند ترجمته الإمام أبي الحسن الهادي (عليه السَّلام)، قال: «وأما الإمام عليّ الهادي بن الإمام محمّد الجواد ولقبه النقي والعالم والفقيه والأمير والدليل والعسكري والنجيب، ولد في المدينة المنورة سنة 212ه وتوفي شهيداً بالسمّ في خلافة المعتز العباسي يوم الاثنين لثلاث ليالٍ خلون من رجب سنة 254ه وكان له خمسة أولاد: الإمام الحسن العسكري والحسين ومحمّد وجعفر وعائشة. أما الإمام الحسن العسكري فأعقب صاحب السرداب الحجّة المنتظر وليّ اللَّه الإمام المهديّ (عليه السَّلام)».
25 ومنهم الشيخ مير خواند المؤرّخ المشهور (محمد بن خاوند شاه بن محمود المتوفى سنة 903ه) فإنه ذكر في كتابه المعروف «روضة الصفا» ج3، أحوال الإمام الثاني عشر من حيث الولادة وبعض أحواله وكراماته مفصّلاً.
26 ومنهم الشيخ المحقق بهلول بهجت أفندي مؤلّف كتاب «المحاكمة في تاريخ آل محمّد» والذي ذكر فيه إمامة الأئمة الاثني عشر (عليهم السَّلام) إلى أن ذكر ولادة الإمام المهدي الحجّة المنتظر عجّل اللَّه تعالى فرجه، وقال: «ولد في الخامس عشر من شعبان سنة 255ه»، وذكر أن اسم أمّه نرجس، وإنّ له غيبتين: الأولى الصغرى والثانية الكبرى، وصرّح بطول عمره وبقائه عجّل اللَّه تعالى فرجه، وأنه يظهر عندما يأذن اللَّه له بالخروج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً؛ ثم قال: «وإنّ ظهوره أمر اتفق عليه المسلمون فلا حاجة لذكر الدلائل له».
27 ومنهم الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف الزرندي فإنه ذكر في كتابه «معراج الوصول إلى فضيلة آل الرسول» الأئمة الاثنا عشر، وقال: «الإمام الثاني عشر هو صاحب الكرامات المشهورة الذي عظم قدره بالعلم واتباع الحق، القائم بالحقّ والداعي إلى منهج الحقّ، الإمام أبو القاسم محمد بن الحسن»، ثم ذكر تاريخ ولادته وبعض أحواله عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف.
28 ومنهم الشيخ حسين بن معين الدين الميبدي فإنه صرّح في ص123 من «شرح الديوان» بولادة الإمام المهدي وتاريخه وخصوصياته (عليه السَّلام).
29 ومنهم الشيخ الحافظ محمد بن محمد بن محمود النجار المعروف بخواجه يارسا وهو من أعيان علماء الحنفية وكبار مشايخ النقشبندية وكانت وفاته عام 822 على ما في كتاب «كشف الظنون»، وقد أورد في كتابه «فصل الخطاب» عند ذكره الأئمة (عليها السَّلام) ما نصّه: «وأبو محمد الحسن العسكري ولده مفحفمفد معلوم عند خاصة أصحابه وثقات أهله»، ثم ذكر حديث السيّدة حكيمة في ولادة الإمام المهدي عجّل اللَّه تعالى فرجه، وذكر حكاية إرسال المعتضد جلاوزته إلى سامراء وأمره بأخذه أين وجدوه، وذكر قضية دخولهم دار الإمام ثم دخولهم السرداب وأنهم رأوه مملوءاً بالماء، وكلما أراد أحدٌ منهم أنْ يدخل الماء ويأخذ الإمام (عليه السَّلام) الذي كان في آخر السرداب على حصير مفروش على الماء غرق. ثم ذكر بعض علائم ظهوره وقال: «الأخبار في ذلك أكثر من أنْ تُحصى»، وقال: «وقد تظاهرت (أي الأخبار) على ظهوره وإشراق نوره» وأنه يجدّد الشريعة المحمّدية، ويجاهد في اللَّه حقّ جهاده، ويطهّر من الأدناس أقطار بلاده؛ زمانه زمان المتقين، وأصحابه خلصوا من الريب، وسلموا من العيب، وأخذوا بهديه وطريقه، واهتدوا من الحق إلى تحقيقه، به ختمت الخلافة والإمامة، وهو الإمام من لدن إمام، مات أبوه الإمام الحسن العسكري (عليه السَّلام) إلى يوم القيامة. وذكر أنّ عيسى (عليه السَّلام) يصلّي خلفه، ويصدقه على دعواه، ويدعو إلى ملته التي هو فيها والتي صاحبها رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)..
30 ومنهم الشيخ سليمان القندوزي الحنفي، فإنه أفرد في كتابه «ينابيع المودة» ص449 باباً خاصاً في ذكر ولادة القائم المهدي عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف (الباب التاسع والسبعون) ثم روى بسنده عن موسى بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى الكاظم (عليهم السَّلام) قال: حدّثتني حكيمة بنت الإمام محمد التقي الجواد (قالت): بعث إليّ الإمام أبو محمد الحسن العسكري فقال: يا عمة، اجعلي إفطارك عندنا فإنها ليلة النصف من شعبان، فإنّ اللَّه تبارك وتعالى يظهر في هذه الليلة حجّته في أرضه. قالت (السيّدة حكيمة): فاستقمت ونمت، ثم قمت السحر (لصلاة الليل) وقرأت ألم السجدة وياسين، فاضطربت نرجس، فضُرب بيني وبينها ستر، فكشف الثوب عنها (بعد الولادة) فإذا بالمولود ساجداً، فنادى أبو محمّد (الإمام الحسن العسكري (عليه السَّلام)(: هلمي إليّ ابني يا عمّة، فجئت به إليه، فوضع قدميه على صدره وأدخل لسانه في فيه وأمرّ يده على عينيه وأذنه ومفاصله ثم قال: تكلّم يا بني، فقال: أشهد أن لا إله إلاّ اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، ثم صلّى على أمير المؤمنين وعلى الأئمة إلى أن صلّى على أبيه (العسكري (عليه السَّلام)( ثم قال أبو محمّد (عليه السَّلام): يا عمّة، إذهبي به إلى أمّه يسلّم عليها وأتيني به. (قالت حكيمة): فذهبت به فسلّم على أمّه ثم رددته (إلي أبيه) فوضعته عنده، فقال: يا عمّة إذا كان يوم السابع ءأتينا. (قالت حكيمة): فلما كان يوم السابع جئت (إليه)، فقال لي أبو محمّد: يا عمّة، هلمي إليّ ابني فجئت به ففعل به كفعله الأول وقال: تكلّم يا بني، فشهد بالشهادتين وصلّى على آبائه واحداً بعد واحد، ثم تلى: وَنُرِيدُ أَن نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ.
قالت حكيمة: جئت يوماً (إلى دار أبي محمّد الحسن العسكري) وكشفت الستر (من على الحجرة التي كان فيها الإمام المهدي عجّل اللَّه تعالى فرجه) فلم أره، فقلت (لأبيه (عليه السَّلام)): جعلت فداك، ما فعل سيدي؟ فقال: يا عمّة استودعناه اللَّه الحفيظ القدير الذي استودعته أم موسى موسى (عليه السَّلام).
ثم قال راوي الحديث موسى بن محمّد: فسألت عقيد الخادم (أي عن الأمر الذي حكته حكيمة) فقال: صدقت حكيمة رضي اللَّه عنها.
وفي «الينابيع» ص450 قال: روي عن محمد بن عبدفاللَّه المطهّري قال: سألت حكيمة عن ولادة القائم، فقالت: كانت لي جارية يقال لها نرجس، فزارني ابن أخي أبو محمّد الحسن وجعل يحدّ النظر إليها، فقلت له: أهويتها لأهبها لك؟ فقال: لا ولكن أتعجب منها أنه سيخرج منها ولد كريم على اللَّه عزّ وجل يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، فقلت: أرسلها إليك؟ فقال (عليه السَّلام): استأذني أبي (وذلك لأن الجارية كانت للإمام الهادي وأن قضية شرائها من بغداد قضية معروفة) قالت (حكيمة): أتيت عند أخي علي النقي الهادي (وقبل أنْ نخبره بالقضية) قال (عليه السَّلام): يا حكيمة هي نرجس لابني أبي محمّد الحسن، فقلت: يا سيدي، إلى هذا قصدتك وجئتك لأن أستأذن في ذلك، فقال: يا أختي يا مباركة إن اللَّه تبارك وتعالى أحب أنْ يشركك في الأجر ويجعل لك في الخير نصيباً. قالت (حكيمة): فزيّنتها ووهبتها لأبي محمّد، وجمعت بينه وبينها في بيت في داري، فأقام عندي أياماً ثم جاء بها عند والده علي النقي، وجلس أبو محمّد مكان والده بالإمامة (بعد استشهاد أبيه) وكنت أزوره، وقالت لي نرجس: يا مولاتي أنا أخلع خفّكِ وأخدمكِ، فقلت: بل أنتِ سيّدتي واللَّه لا أدفع إليك خفّي لتخلعيه بل أخدمكِ على بصري. (قالت حكيمة): فقصدت الانصراف (إلى داري) فقال لي أبو محمّد: يا عمّة اجعلي إفطارك الليلة عندنا. ثم ذكرت حكيمة بواقي القصة نحو ما ذكرته لموسى بن محمّد (ابن قاسم بن حمزة بن موسى الكاظم).
31 ومنهم الشيخ الجليل عبد الكريم اليماني (قدس سره) ووهب لنا فيوضه وعلومه قال في شعره كما في ينابيع المودة ص466:
في يمن أمن يكـــــــون لأهلهـــــــــا إلى أن ترى نور الهداية مقبلا
بميم مجيد من سلالة حيــــــدر ومن آل بيت طاهرين بمن علا
يسمى بمهدي من الحق ظاهر بسنة خير الخلق يحكــــم أولاً
ومنهم الشيخ عبد الرحمان البسطامي مؤلف كتاب (درّة المعارف) قدس اللَّه سره وأفاض علينا فتوحه وغوامض علومه كما في ينابيع المودة ص466. قال في الأبيات المنسوبة إليه:
ويظهر ميم المجد من آل أحمــــد ويُظهر عـــــــــدل اللَّه في النــــاس أولا
كما قد روينا عن عليّ الرضا وفي كنز علم الحرف أضحى محصلا
ومن أبياته:
ويخرج حرف الميم من بعد شينه بمكة نحو البيت بالنصر قد عــــلا
فهذا هو المهديّ بالحق ظاهــــــــر سيأتي من الرحمان للخلق مرسلا
ويملأ كلّ الأرض بالعدل رحمــــة ويمحو ظلام الشرك والجــــور أولا
ولايته بالأمر مــــــن عنـــــد ربّـــه خليفة خير الرّسل مـــن عالم العلا
33 ومنهم الشيخ المحدّث الفقيه محمد بن إبراهيم الجويني الحمويني الشافعي، فإنه قال في كتابه فرائد السمطين: برواية عن دعبل الخزاعي عن عليّ الرضا بن موسى الكاظم، قال: إن الإمام من بعدي ابني الجواد التقي، ثم الإمام من بعده ابنه الهادي والنقي ثم الإمام من بعده ابنه الحسن العسكري، ثم الإمام من بعده ابنه الحجّة المهديّ المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره كما في ينابيع المودة ص472 471. (ثم قال أيضاً): وأما شيخ المشايخ العظام أعني حضرات: شيخ الإسلام أحمد الجامي النامقي، والشيخ عطار النيسابوري، والشيخ شمس الدين التبريزي، وجلال الدين مولانا الرومي، والسيد نعمة اللَّه الولي، والسيد النسيمي، وغيرهم ذكروا في أشعارهم في مدائح الأئمة من أهل البيت الطيب (رضي اللَّه عنهم) مدح المهدي في آخرهم مختص بهم فهذه أدلة (واضحة) على أنّ المهدي ولد أولاً. قال: ومن تتبع آثار هؤلاء الكاملين العارفين يجد الأمر واضحاً عياناً.
34 ومنهم كما في ينابيع المودة ص472 الشيخ أحمد الجامي النامقي.
ومن أشعاره بالفارسية:
من زمهر حيدرم هر لحظه اندر دل صفاست
ازبي حيدر حسن مارا إمام ورهنماست
همجو كلب افتاده ام براستان بو الحسن
خاك نعلين حسين برهرد وجشم ترتياست
عابدين تاج سرو باقر دو جشم روشنم
دين جعفر بر حق أست مذهب موسى رواست
مُوالي وصف سلطان خراسان راشنو
ذرّه ئي از خاك قبرش درد مندان رادواست
بيشواي مؤمنان است اي مسلمانان تقي
كر نقي را دوست داري برهمه مذهب رواست
عسكري نور دوجشم عالمست وآدم است
همجويك مهدي سبهسالار در عالم كجاست
قلعة خيبر كرفته آن شهنشاه عرب
زآنكه در بازوي حيدر نامه الاّ فتاست
شاعران از بهرسيم زر وسُخنها كفته اند
أحمد جامي غلام خاص شاه اولياست.
35 ومنهم كما في ينابيع المودة ص473 الشيخ العطار المار ذكره في رقم (34) وله أشعار في كتابه مظهر الصفات.
36 ومنهم الشيخ سعد الدين الحموي المحدّث كما قال الشيخ سليمان الحنفي في ينابيع المودة ص474 قال الشيخ عزيز بن محمد النسفي أن شيخ الشيوخ سعد الدين الحموي (قدس سره) قال: لم يكن قبل نبيّنا في الأديان السابقة من يسمى ولياً وكان اسم النبيّ، وأن المقربين عند اللَّه الذين كانوا صاحبين ]ظ: مصاحبين[ للشريعة كانوا يسمون بالأنبياء، ولم يكن في الأديان السابقة في كل شريعة إلا دين واحد. ففي عصر آدم (عليه السَّلام) كانوا أنبياء عديدة، غير أنهم كانوا يأمرون الناس بالعمل بشريعة آدم (عليه السَّلام) وليس لهم شريعة خاصة، وكذلك في عصر نوح (عليه السَّلام) كانت الشريعة شريعة واحدة وكان الأنبياء في عصره يأمرون الناس بالعمل بشريعة نوح (عليه السَّلام) لا غيره. وكذلك كان في زمان إبراهيم، وموسى وعيسى (عليهم السَّلام) كانوا أنبياء متعدّدين وفي كل عصر من أعصار الأنبياء كانوا يأمرون الناس بالعمل بدين ذلك النبيّ، ولما ظهر دين الإسلام دين محمد بن عبداللَّه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) إن اللَّه تبارك وتعالى اختار اثني عشر رجلاً من أهل بيت نبيه محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وأورثهم علمه وكانوا مقربين عنده وجعلهم نوابه وأولياءه والعلماء الذين ورد في حقهم (العلماء ورثة الأنبياء) هم هؤلاء لا غيرهم. وقوله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل) هؤلاء الاثني عشر وهم المقصودين في الحديث والخبر. والولي الثاني عشر والنائب الثاني عشر كان يسمى المهدي صاحب الزمان. (ثم قال): قال الشيخ سعد الدين الحموي: إن الأولياء في العالم لم يزيدوا على الاثني عشر وأن الثاني عشر منهم هو خاتم الأولياء في الإسلام، وكان يسمى المهدي صاحب الزمان وسائر المقربين أو رجال الغيب لم يسموا بالأولياء بل كانوا يسمون بالأبدال). هذا ما ذكره الشيخ سليمان القندوزي الحنفي في ينابيع المودة ص474.
37 ومنهم كما في ينابيع المودة ص561 الشيخ صدر الدين القونوي قدس سره (فإنه قال) في شأن المهدي الموعود (عليه السَّلام) شعراً:
يقوم بأمر اللَّه في الأرض ظاهراً على رغم شيطانين بمحق الكفر
يؤيد شرع المصطفى وهو ختمـــــــــــــــــــه ويمتد من ميم بأحكامها يـــــــــــــــــــدري
ومدته ميقــــــــات موسى وجنــــــــــــــده خيار الورى في الوقت يخلو عن الحصر
على يده محق اللئـــــــــــــــام جميعــــــــــــــهم بسيف قويّ المتن علّك أن تـــــــــــــدري
حقيقة ذاك السيف والقائـــــــــــــــم الذي تعيّن للدين القويــــــــم على الأمـــــــــــــــــــر
لعمري هو الفرد الذي بـــــــــان ســــــــرّه بكل زمان في مظاء لــــــــــه يســــــــــــري
تسمّى بأسماء المراتــــــــــــــــب كلــــــــــها خفاءً وإعلاناً كذاك الحشــــــــــــــــــــــــــر
أليس هو النور الأتـــــــــــــــمّ حقيقـــــــــة ونقطة ميم منه إمدادهــــــــــا يجــــــــــري
يفيض على الأكوان ما قــــــــــد أفاضه عليه إله العـــــــــــرش في أزل الدهــــــــــــر
فما تمّ إلاّ الميـــــــــــم لا شيء غيــــــــره وذو العين مـــــــــــن نوابه مفرد العصــــــــــر
هو الروح فأعلمه وخذ عهـــــــده إذا بلغت إلى مدّ مديد مــــــن العمـــــــــــــــــــر
كأنك بالمذكور تصعــــــــــد راقيــــــــاً إلى ذروة المجد الأثيل على القــــــــــــــــــدر
وما قدره إلاّ ألــــــــــــوف بحكمـــــــة على حدّ مرسوم الشريعة بالأمـــــــــــــــــــــر
بذا قال أهل الحلّ والعقــــد فاكتفى بنصّهم المثبوت في صحف الزبــــــــــــــــــــــر
فإن تبغ ميقات الظهـــــــــــور فإنـــــه يكون بدور جامع مطلع الفجـــــــــــــــــــــــــر
بشمس تمدّ الكلّ من ضوء نورها وجمع درارى الأوج فيها مع البـــــــــــــــــــدر
وصلّ على المختار من آل هاشم محمد المبعوث بالنهي والأمـــــــــــــــــــــــــــــــر
عليه صلاة اللَّه ما لاح بـــــــــــــارق وما أشرقت شمس الغزالة في الظهـــــــــــــــــــر
وآل وأصحاب أولي الجود والتقى صلاة وتسليماً يدومان للحشــــــــــــــــــــــــــــــر
38ومنهم الشيخ حسين بن محمّد بن الحسن الدّيار بكري المالكي المتوفى سنة )966ه) فإنه ذكر في كتابه الخميس ج2 ص321، قال: الحادي عشر (من الأئمة): الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر الصادق ويكنى أبا محمّد ويلقّب بالزكي والخالص والسراج وهو مثل أبيه مشهور بالعسكري. أمه أم ولد اسمها سوسن، وقيل غير ذلك. ولد بالمدينة سنة (232هـ) وتوفي في سرّ من رأى في سنة (260هـ) وقبره بجنب أبيه. (ثم قال): الثاني عشر (من الأئمة) محمّد بن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ الرضا، يكنّى أبا القاسم ولقبه الإمامية بالحجّة، والقائم، والمهديّ، والمنتظر، وصاحب الزمان، وهو عندهم خاتم الاثني عشر إماماً، وأمه أم ولد اسمها صيقل وقيل سوسن، وقيل نرجس وقيل غير ذلك. ولد في سر من رأى في الثالث والعشرين من رمضان سنة ثمان وخمسين ومائتين (258هـ).
39 ومنهم الشيخ مؤمن بن حسن بن مؤمن الشبلنجي الشافعي المتوفى سنة )1298ه) وله مؤلفات عديدة منها نور الإبصار تعرض فيه لبعض أحوال الخلفاء الأربعة عند أهل السنة. وذكر بعض أحوال الأئمة الاثني عشر (عليهم السَّلام) من الكرامات وخوارق العادات وغيرها إلى أن قال في ص150 طر مصر سنة (1322هـ): الحسن الخالص بن علي الهادي بن محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (رضي اللَّه عنهم). أمه أم ولد يقال لها حديثة وقيل سوسن وكنيته أبو محمد، وألقابه: الخالص السراج والعسكري. ولد أبو محمّد بالمدينة لثمان خلون من ربيع الآخر سنة (232هـ) إلى أن قال في ص152: وكانت وفاة أبي محمّد الحسن بن عليّ في يوم الجمعة لثمانٍ خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين (260هـ) وخلّف من الولد ابنه محمّد:
ثم أخذ في ذكر الأصاف الإمام الثاني عشر. وقال: فصل في ذكر مناقب محمّد بن الحسن الخالص بن عليّ الهادي بن محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (رضي اللَّه عنهم)، أمه أم ولد يقال لها نرجس وقيل صيقل وقيل سوسن، وكنيته أبو القاسم ولقّبه الإمامية بالحجّة والمهديّ والخلف الصالح والقائم والمنتظر وصاحب الزمان، وأشهرها المهدي.
40 الشيخ النسّابة أبو الفوز محمّد أمين البغدادي السويدي صاحب كتاب سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب، فإنه ذكر أسماء الأئمة الاثنى عشر وبعض فضائلهم ومناقبهم وذكر الإمام الحسن العسكري في ص77 باب 6، وقال في صفحة 78: في خط الحسن العسكري (محمّد المهديّ وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين وكان مربوع القامة حسن الوجه والشعر، أقنى الأنف صبيح الجبهة).
وخلاصة القول:
إن الإمام المهدي عجّل اللَّه فرجه الشريف هو ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السَّلام) بالضرورة القطعية للروايات التي تفوق التواتر عشرات المرات والتي أفادت أنه من أهل البيت ومن ولد الصدّيقة فاطمة وإمام من أئمة العترة الطاهرة وهو الثاني عشر المتولد من أبيه الإمام الحسن العسكري وأمه مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وهي من ذرية شمعون وصي عيسى المسيح (عليه السَّلام) وقصة زواجها من الإمام العسكري معروفة ومدوّنة في كتبنا التاريخية.
هذا مضافاً إلى الإجماع على ولادته (عليه السَّلام) عام 255ه واتصال الشيعة آنذاك به، ومن قبله بأبيه وإرشادهم إليه، وظهور المعجزات على يديه، وتعيينه للسفراء في الغيبة الصغرى، وقضائه للحوائج وإغاثته للملهوف المتوسل به وغيرذلك، كلها قرائن وشواهد نقطع بها على وجوده، وفي المقابل نقطع بعدم صحة الرواية التي تقول: (واسم أبيه اسم أبي) مما يوجب عدم الاعتناء بها إلاّ لمعاند أو متعصب يحطّ من قيمة العلم ويخدش بشهادة التاريخ القطعية بما له من جرأة على إنكار ما ثبت بالأدلة العلمية والشرعية المعتبرة.
وبما تقدم يندفع أيضاً ما ورد من أن الإمام المهديّ من أولاد الصدّيقة فاطمة (عليها السَّلام) لكنه من نسل ولدها الإمام الحسن المجتبى السبط الشهيد، مستدلين على ذلك برواية أبي داود عن أبي إسحاق قال: قال عليٌّ رضي اللَّه عنه ونظر إلى ابنه الحسن فقال: «إن ابني هذا سيّد كما سمّاه النبي وسيخرج من صلبه رجل يسمّى باسم نبيكم يشبهه في الخُلُق ولا يشبهه في الخَلق، يملأ الأرض عدلاً».
ويؤكد عدم صحتها أيضاً مضافاً لما تقدّم وجود روايات من العامة تصرّح بأن الإمام المهدي عجّل اللَّه فرجه الشريف من أبناء الإمام الحسين، وعليه تسقط رواية أبي داود من الاعتبار نهائياً، ومن هذه الروايات ما أورده محب الدين الطبري في ذخائر العقبى عن حذيفة أن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قال: لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللَّه ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً من ولدي اسمه كإسمي، فقال سلمان من أي ولدك يا رسول اللَّه؟ قال من ولدي هذا وضرب بيده على الحسين (عليه السَّلام).
وما ورد عن أبي وائل قال: نظر أمير المؤمنين عليّ إلى الحسين فقال: «إن ابني هذا سيّد كما سمّاه رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وسيخرج من صلبه رجل باسم نبيكم يشبهه في الخُلق والخَلق يخرج على حين غفلة من الناس، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».
• نبذة من الأخبار في إمامة الأئمة الأطهار وأسمائهم عليهم السلام:
1 روى أبو الحسن عليّ بن الحسين، قال: حدّثنا أبو محمّد هارون بن موسى التلعكبري رضي اللَّه عنه، قال: حدثنا الحسن بن عليّ بن زكريا العدوي النصري، عن محمّد بن إبراهيم بن المنذر المكي، عن الحسين بن سعيد الهيثم، قال: حدّثني الأجلح الكندي، قال: حدّثني أفلح بن سعيد، عن محمّد بن كعب، عن طاووس اليماني، عن عبدفاللَّه بن العبّاس، قال: دخلت على النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) والحسن على عاتقه والحسين على فخذه يلثمهما ويقبّلهما ويقول: «اللَّهم والِ من والاهما وعادِ من عاداهما»، ثم قال: يا ابن عبّاس، كأني به وقد خضبت شيبته من دمه، يدعو فلا يجاب ويستنصر فلا يُنصر.
قلت: من يفعل ذلك يا رسول اللَّه؟
قال: شرار أمّتي، ما لهم لا أنالهم اللَّه شفاعتي. ثم قال: يا ابن عبّاس، مَنْ زاره عارفاً بحقّه كتب له ثواب ألف حجّة وألف عمرة، ألا ومن زاره فكأنما زارني، ومن زارني فكأنما زار اللَّه، وحقّ الزائر على اللَّه أنْ لا يعذّبه بالنار، ألا وأنّ الإجابة تحت قبّته، والشفاء في تربته، والأئمة من ولده.
قلت: يا رسول اللَّه فكم الأئمة بعدك؟
قال: بعدد حواري عيسى وأسباط موسى ونقباء بني إسرائيل.
قلت: يا رسول اللَّه فكم كانوا؟
قال: كانوا اثني عشر، والأئمة بعدي اثنا عشر، أوّلهم عليّ بن أبي طالب، وبعده سبطاي الحسن والحسين، فإذا انقضى الحسين فابنه عليّ، فإذا انقضى عليّ فابنه محمّد، فإذا انقضى محمّد فابنه جعفر، فإذا انقضى جعفر فابنه موسى، فإذا انقضى موسى فابنه عليّ، فإذا انقضى عليّ فابنه محمّد، فإذا انقضى محمّد فابنه عليّ، فإذا انقضى عليّ فابنه الحسن، فإذا انقضى الحسن فابنه الحجّة.
قال ابن عبّاس: قلت يا رسول اللَّه أسامي لم أسمع بهنّ قط.
قال لي: يا ابن عبّاس، هم الأئمة بعدي وإن نُهروا ]في نسخة: قُهروا[، أمناءٌ معصومون نجباء أخيار. يا ابن عبّاس، مَنْ أتى يوم القيامة عارفاً بحقّهم أخذت بيده فأدخلته الجنة. يا ابن عبّاس، من أنكرهم أو ردّ واحداً منهم فكأنما قد أنكرني وردّني، ومن أنكرني وردّني فكأنما أنكر اللَّه وردّه. يا ابن عبّاس، سوف يأخذ الناس يميناً وشمالاً، فإذا كان كذلك فاتّبع عليّاً وحزبه، فإنه مع الحقّ والحق معه، ولا يفترقان حتى يردا عليَّ الحوض. يا ابن عباس، ولايتهم ولايتي، وولايتي ولاية اللَّه، وحربهم حربي، وحربي حرب اللَّه، وسلمهم سلمي، وسلمي سلم اللَّه.
ثم قال (عليه السَّلام): يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ.
2 القاضي أبو الفرج المعافا بن زكريا البغدادي، قال: حدّثني محمّد بن همام بن سهيل الكاتب، قال: حدثني محمّد بن معافا السلماسي عن محمّد بن عامر، قال: حدّثنا عبدفاللَّه بن زاهر عن عبد العدوس [القدوس] عن الأعمش عن حبش [حنش] بن المعتمر قال:
قال أبو ذر الغفاري رحمة اللَّه عليه: دخلت على رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) في مرضه الذي توفي فيه، فقال: يا أبا ذر آتني بإبنتي فاطمة.
قال: فقمت ودخلت عليها وقلت: يا سيدة النسوان أجيبي أباك، قال: فلبست جلبابها وخرجت حتى دخلت على رسول اللَّه، فلما رأت رسول اللَّه انكبت عليه وبكت وبكى رسول اللَّه لبكائها وضمها إليه، ثم قال: يا فاطمة لا تبكين فداك أبوك، فأنت أول من تلحقين بي مظلومة مغصوبة، وسوف يظهر بعدي حسيكة النفاق ويسمل جلباب الدين، وأنت أول من يرد عليّ الحوض.
قالت: يا ابه أين ألقاك؟ قال: تلقيني عند الحوض وأنا أسقي شيعتك ومحبيك وأطرد أعداءك ومبغضيك، قالت: يا رسول اللَّه فإن لم ألقك عند الحوض؟ قال: تلقيني عند الميزان، قالت: يا ابه وإن لم ألقك عند الميزان؟ قال: تلقيني عند الصراط وأنا أقول: سلّم سلّم شيعة عليّ.
قال أبو ذر: فسكن قلبها، ثم التفت إليّ رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فقال: يا أبا ذر إنها بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني، ألا إنها سيّدة نساء العالمين، وبعلها سيّد الوصيين، وابنيها الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة، وأنهما إمامان إن قاما أو قعدا، وأبوهما خير منهما، وسوف يخرج من صلب الحسين تسعة من الأئمة معصومون قوامون بالقسط، ومنا مهديّ هذه الأمة.
قال: قلت يا رسول اللَّه فكم الأئمة بعدك؟ قال: عدد نقباء بني إسرائيل.
3 محمّد بن عبد اللَّه بن المطلب وأبو عبدفاللَّه محمّد بن أحمد بن عبدفاللَّه بن الحسن بن عباس الجوهري جميعاً قالا: حدّثنا محمّد بن لاحق اليماني، عن إدريس بن زياد قال: حدثنا إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن سلمان الفارسي رضي اللَّه عنه قال:
خطبنا رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فقال: معاشر الناس إني راحل عن قريب ومنطلق إلى المغيب، أوصيكم في عترتي خيراً، وإياكم والبدع فإن كل بدعة ضلالة والضلالة وأهلها في النار، معاشر الناس من افتقد الشمس فليتمسك بالقمر، ومن افتقد القمر فليتمسك بالفرقدين، فإذا فقدتم الفرقدين فتمسّكوا بالنجوم الزاهرة بعدي، أقول قولي هذا وأستغفر اللَّه لي ولكم.
قال: فلما نزل عن المنبر (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) تبعته حتى دخل بيت عائشة، فدخلت إليه وقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول اللَّه سمعتك تقول: «إذا افتقدتم الشمس فتمسكوا بالقمر، وإذا افتقدتم القمر فتمسكوا بالفرقدين، وإذا افتقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم الزاهرة» فما الشمس وما القمر وما الفرقدان وما النجوم الزاهرة؟
فقال: أنا الشمس وعليّ القمر والحسن والحسين الفرقدان، فإذا افتقدتموني فتمسكوا بعليّ بعدي، وإذا افتقدتموه فتمسكوا بالحسن والحسين، وأما النجوم الزاهرة فهم الأئمة التسعة من صلب الحسين، تاسعهم مهديهم.
ثم قال (عليه السَّلام): إنهم هم الأوصياء والخلفاء بعدي، أئمة أبرار، عدد أسباط يعقوب وحواري عيسى، قلت: فسمهم لي يا رسول اللَّه؟
قال: أولهم عليّ بن أبي طالب، وبعده سبطاي، وبعدهما عليّ زين العابدين، وبعده محمّد بن عليّ الباقر علم النبيين، والصادق جعفر بن محمّد وابنه الكاظم سمي موسى بن عمران، والذي يقتل بأرض الغربة ابنه عليّ، ثم ابنه محمّد، والصادقان عليّ والحسن، والحجّة القائم المنتظر في غيبته، فإنهم عترتي من دمي ولحمي، علمهم علمي وحكمهم حكمي، من آذاني فيهم فلا أناله اللَّه شفاعتي.
4 سعيد بن عبد اللَّه قال: حدّثنا يعقوب بن يزيد عن حماد بن عثمان بن عيسى، عن عبدفاللَّه بن مسكان، عن أبان بن خلف عن سليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي قال: دخلت على رسول اللَّه وإذا بالحسين على فخذه وهو يقبّل جبينه ويلثم فاه ويقول: أنت سيّد ابن السيّد، أنت إمام ابن إمام أبو الأئمة، أنت حجّة أبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم.
5 عن أبي القاسم جعفر بن محمّد، عن محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن ابن محبوب عن أبي الجارود عن أبي جعفر محمّد بن علي (عليه السَّلام) عن جابر بن عبدفاللَّه الأنصاري قال: دخلت على فاطمة بنت رسول اللَّه (عليه السَّلام) وبين يديها لوحٌ فيه أسماء الأوصياء والأئمة من ولدها، فعدّدت اثني عشر اسماً آخرهم القائم من ولد فاطمة، ثلاثة منهم محمّد، وأربعة منهم عليٌّ.
6 وعن أبي القاسم، عن محمّد بن يعقوب، عن أبي علي الأشعري عن الحسن بن عبيدفاللَّه عن الحسن بن موسى الخشاب، عن عليّ بن سماعة، عن عليّ بن الحسن بن رباط عن عمر بن أذينة، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السَّلام) يقول: الاثنا عشر الأئمة من آل محمّد كلُّهم محدَّثٌ، عليّ بن أبي طالب وأحد عشر من ولده، ورسول اللَّه وعليٌّ هما الوالدان، صلّى اللَّه عليهما.
7 وعن محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد، عن محمّد بن عليّ بن بلال قال: خرج إليّ أمرُ أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكري (عليه السَّلام) قبل مضيّه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده، ثم خرج إليّ من قبل مضيّه بثلاثة أيام يخبرني بالخلف من بعده.
8 عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن إسحاق عن أبي هاشم الجعفري قال: قلت لأبي محمّد الحسن بن عليّ (عليه السَّلام): جلالتُك تمنعني عن مسألتك فتأذن لي أن أسألك؟
فقال: «سل» قلت: يا سيّدي، هل لك ولدٌ؟ قال) «نعم» قلت: إن حدَثَ حدثٌ فأين أسأل عنه؟ قال: «بالمدينة».
9 وعن حمدان القلانسي عن العمري قال: مضى أبو محمّد (عليه السَّلام) وخلّف ولداً له.
10 وعن الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبدفاللَّه قال: خرج عن أبي محمد (عليه السَّلام) حين قُتل الزبيري لعنه اللَّه: «هذا جزاءُ من اجترأ على اللَّه تعالى في أوليائه، زعم أنه يقتلني وليس لي عقبٌ، فكيف رأى قدرة اللَّه فيه» قال محمّد بن عبدفاللَّه: ووُلد له ولدٌ؟.
وقد تظافرت النصوص على ولادة القائم صاحب الزمان حجّة اللَّه ابن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب صلوات اللَّه عليهم أجمعين، منها ما رواه الشيخ الصدوق عليه الرحمة.
للحديث اتمام
لكاتبه: الدكتور عبد القادر جعفر أستاذ جامعي