الشيخ عباس محمد
22-08-2016, 09:18 PM
بحث مفصل في قضية فدك
فدك وما يدور حولها
فدك وعوالي سبع قرى زراعية حوالي المدينة المنورة كانت تمتد من سفح الجبال إلى سيف البحر ومن العريش إلى دومة الجندل.
قال ياقوت الحموي صاحب معجم البلدان في كتابه الآخر فتوح البلدان: ج6/343.
واحمد البلاذري في تاريخه.
وابن أبي الحديد في شرح النهج: ج16 / 210 / واللفظ للأخير: عن كتاب السقيفة وفدك لأبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري بسنده عن الزهري قال: بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا فسألوا رسول الله ص أن يحقن دماءهم و يسيرهم، ففعل، فسمع ذلك أهل فدك فنزلوا على مثل ذلك، و كانت للنبي ص خاصة، لأنه لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب.
قال أبو بكر: و روى محمد بن إسحاق أيضا، أن رسول الله ص لما فرغ من خيبر قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك، فبعثوا إلى
رسول الله ) ص( فصالحوه على النصف من فدك، فقدمت عليه رسلهم بخيبر أو بالطريق، أو بعد ما أقام بالمدينة فقبل ذلك منهم، و كانت فدك لرسول الله (صلى الله عليه وآله) خالصة له، لأنه لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب. قال: و قد روى أنه صالحهم عليها كلها، الله أعلم أي الأمرين كان! انتهى كلام الجواهري.
وما نقله الطبري في تاريخه قريب من كلام الجوهري بل كلام كل المؤرخين والمحدثين عن فدك يقارب كلام الجوهري.
فدك حق فاطمة عليها السلام
بعدما رجع النبي (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة نزل جبرئيل من عند الرب الجليل بالآية الكريمة: {وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا} (1).
فانشغل فكر النبي بذي القربى، من هم؟ وما حقهم؟ فنزل جبرائيل ثانيا عليه (صلى الله عليه وآله) وقال: إن الله سبحانه يأمرك أن تعطي فدكا لفاطمة (ع) فطلب النبي (صلى الله عليه وآله) ابنته فاطمة (ع) وقال: إن الله تعالى أمرني أن أدفع إليك فدكا، فمنحها وتصرفت هي فيها وأخذت حاصلها فكانت تنفقها على المساكين.
: لقد صرح بهذا التفسير كبار مفسري السنة وأعلامهم منهم:
____________
1- سورة الاسراء، الآية 26.
الثعلبي في تفسير كشف البيان، وجلال الدين السيوطي في الدر المنثور: ج4 رواه عن الحافظ ابن مردويه أحمد بن موسى المتوفى عام 352، وأبو القاسم الحاكم الحسكاني والمتقي الهندي في كنز العمال وابن كثير الدمشقي الفقيه الشافعي في تاريخه والشيخ سليمان الحنفي في ينابيع المودة / باب 39 نقلا عن الثعلبي وعن جمع الفوائد وعيون الأخبار أنه لما نزلت: (وآت ذا القربى حقه) دعا النبي (صلى الله عليه وآله) فاطمة فأعطاها فدك الكبير.
فكانت فدك في يد فاطمة (ع) يعمل عليها عمالها، ويأتون إليها بحاصلها في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) وهي كانت تتصرف فيها كيفما شاءت، تنفق على نفسها وعيالها أو تتصدق بها على الفقراء والمعوزين.
ولكن بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أرسل أبو بكر جماعة فأخرجوا عمال فاطمة من فدك وغصبوها وتصرفوا فيها تصرفا عدوانيا!
هل الأنبياء لا يورّثون؟
: أولا: نحن نقول: بأن فدك كانت نحلة وهبة من النبي (صلى الله عليه وآله) لفاطمة (ع) وهي استلمتها وتصرفت فيها فهي (ع) كانت متصرفة في فدك حين أخذها أبو بكر . وما كانت إرثا.
ثانيا: الحديث الذي استند عليه أبو بكر مردود غير مقبول لأنه حديث موضوع لوجود اشكالات فيه.
: أولا: واضع الحديث عندما وضع على لسانه بأنه صلى الله عليه وآله قال: " نحن معاشر الأنبياء لا نورث " قد غفل عن آيات المواريث التي جاءت في القرآن الحكيم، في توريث الأنبياء، ولو كان يقول: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: أنا لا أورث لكان له مخلص من آيات توريث الأنبياء في القرآن فالصيغة الأولى: نحن معاشر الأنبياء لا نورث تعارض نص القرآن الحكيم، فتكذيب أبا بكر ورده أولى من نسبة النبي (صلى الله عليه وآله) إلى ما يخالف كتاب الله عز وجل.
كما أن فاطمة الزهراء (ع) أيضا احتجت على أبي بكر وردته وردت حديثه بالاستناد إلى القرآن الحكيم فإنه أقوى حجة وأدل دليل واكبر برهان.
استدلال الزهراء عليها السلام وخطبتها
نقل ابن أبي الحديد في شرح النهج: ج6 /211 / طبع دار إحياء التراث العربي، عن أبي بكر الجوهري بإسناده عن طرق مختلفة تنتهي إلى زينب الكبرى بنت فاطمة الزهراء (ع) وإلى الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه (ع) وإلى الإمام الباقر بن جعفر ـ محمد بن علي ـ (ع) وإلى عبد الله بن الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط (ع) قالوا جميعا: لما بلغ فاطمة (ع) إجماع أبي بكر على منعها فدكا، لاثت خمارها، و أقبلت في لمة من حفدتها و نساء قومها تطأ في ذيولها،
ما تخرم مشيتها مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حتى دخلت على أبي بكر و قد حشد الناس من المهاجرين و الأنصار، فضرب بينها و بينهم ريطة بيضاء ـ و قال بعضهم: قبطية، و قالوا قبطية بالكسر و الضم ـ ثم أنت أنة أجهش لها القوم بالبكاء ثم أمهلت طويلا حتى سكنوا من فورتهم، ثم قالت: أبتدئ بحمد من هو أولى بالحمد و الطول و المجد، الحمد لله على ما أنعم و له الشكر بما ألهم.
و ذكر خطبة طويلة جيدة قالت في آخرها: فاتقوا الله حق تقاته، و أطيعوه فيما أمركم به، فإنما يخشى الله من عباده العلماء، و احمدوا الله الذي لعظمته ونوره يبتغي من في السموات والأرض إليه الوسيلة.ونحن وسيلته في خلقه، و نحن خاصته و محل قدسه، و نحن حجته في غيبه، و نحن ورثة أنبيائه.
ثم قالت: أنا فاطمة ابنة محمد، أقول عودا على بدء، و ما أقول ذلك سرفا و لا شططا، فاسمعوا بأسماع واعية و قلوب راعية! ثم قالت: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم}(1) فإن تعزوه تجدوه أبي دون آبائكم و أخا ابن عمي دون رجالكم... ثم ذكرت كلاما طويلا تقول في آخره: ثم أنتم الآن تزعمون أن لا إرث لي!
{أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(2) ؟ إيها معاشر المسلمين! ابتز إرث أبي!
يا بن أبي قحافة! أفي كتاب الله أن ترث أباك و لا أرث أبي!! لقد جئت شيئا فريا!! إلى آخر خطبتها(3).
____________
1- سورة التوبة، الآية 128.
2- سورة المائدة، الآية 50.
3- أقول:وروى ابن أبي الحديد هذه الخطبة عن طريق عروة عن عائشة، في شرح
<=
وجاء في بعض الروايات كما في كتاب السقيفة وفدك لأبي بكر الجوهري وغيره، أنها قالت في خطبتها:
أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم!
إذ يقول الله جل ثناؤه: {وورث سليمان داود}(1).
واقتص من خبر يحيى وزكريا إذ قال: {رب هب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا}(2).
وقال تبارك وتعالى: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ
____________
=>
النهج 16/251لا / طبع دار إحياء التراث العربي، فقد روت عائشة خطبة فاطمة مشابهة لما مر وفيها قالت فاطمة:... حتى إذا اختار الله لنبيه دار أنبيائه ظهرت حسيكة النفاق و شمل جلباب الدين و نطق كاظم الغاوين... و نبغ خامل الآفكين و هدر فنيق المبطلين فخطر في عرصاتكم و أطلع الشيطان رأسه صارخا بكم فدعاكم فألفاكم لدعوته مستجيبين و لقربه متلاحظين ثم استنهضكم فوجدكم خفافا و أحمشكم فألفاكم غضابا فوسمتم غير إبلكم و وردتم غير شربكم هذا و العهد قريب و الكلم رحيب و الجرح لما يندمل إنما زعمتم ذلك خوف الفتنة (ألا في الفتنة سقطوا و إن جهنم لمحيطة بالكافرين) فهيهات! و أنى بكم و أنى تؤفكون!! و كتاب الله بين أظهركم زواجره بينة و شواهده لائحة و أوامره واضحة أ رغبة عنه تريدون أم لغيره تحكمون بئس للظالمين بدلا و من يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين ثم لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها تسرون حسوا في ارتغاء و نحن نصبر منكم على مثل حز المدى و أنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا(أ فحكم الجاهلية يبغون و من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)
يا ابن أبي قحافة! أ ترث أباك و لا أرث أبي؟ لقد جئت شيئا فريا فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك فنعم الحكم الله و الزعيم محمد و الموعد القيامة و عند الساعة يخسر المبطلون إلى آخر الخبر.
1- سورة النمل، الآية 16.
2- سورة مريم، الآية 6.
الأنثيين}(1).
فزعمتم أن لا حظ لي و لا أرث لي من أبي!
أفخصّكم اللّه بآية أخرج منها أبي؟!
أم تقولون أهل ملّتين لا يتوارثان؟ أ و لست أنا و أبي من أهل ملّة واحدة أم أنتم أعلم بخصوص القرآن و عمومه من أبي (صلى الله عليه وآله).
{أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(2) ـ انتهى كلام الجوهري ـ.
احتجاج علي عليه السلام في فدك
روى المحدثون أن عليا عليه السلام جاء إلى أبي بكر وهو في المسجد، و حوله حشد من المهاجرين و الأنصار. فقال (ع): يا أبا بكر لم منعت فاطمة نحلتها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وقد ملكتها في حياته؟!
فقال أبو بكر: فدك فيء للمسلمين، فإن أقامت شهودا أن رسول الله أنحلها فلها و إلا فليست حقّ لها فيه.
قال علي (عليه السلام): يا أبا بكر تحكم فينا بخلاف حكم الله تعالى؟
قال: لا.
قال (ع): فإن كان في يد المسلمين شيء يملكونه، فادعيت أنا فيه، من تسأل البينة؟
قال: إيّاك أسأل.
قال: فما بال فاطمة سألتها البينة منها على ما في يديها!
____________
1- سورة النساء، الآية 11.
2- سورة المائدة، الآية 50.
وقد ملكته في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبعده.
فسكت أبو بكر هنيئة، ثم قال: يا علي! دعنا من كلامك، فإذا لا نقوى على حجتك، فإن أتيت بشهود عدول، وإلا فهي فيء للمسلمين، لا حق لك ولا لفاطمة فيها!!
فقال علي عليه السلام: يا أبا بكر تقرأ كتاب الله!
قال: نعم.
قال (ع): أخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ: {إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}(1) فيمن نزلت؟ فينا أو في غيرنا؟
قال: بل فيكم!
قال (ع): فلو أنّ شهودا شهدوا على فاطمة بنت رسول الله عليها السلام بفاحشة ـ والعياذ بالله ـ ما كنت صانعا بها؟
قال: أقمت عليها الحد كما أقيم على نساء المسلمين!!
قال (ع): كنت إذا عند اللّه من الكافرين!
قال: ولم؟ قال: لأنّك رددتّ شهادة اللّه بطهارتها و قبلت شهادة الناس عليها!
كما رددت حكم الله وحكم رسوله أن جعل لها فدك وزعمت أنها فيئ للمسلمين، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): البينة على المدعي، واليمين على من ادعي عليه.
فدمدم الناس وأنكروا على أبي بكر، وقالوا: صدق ـ والله ـ علي.
رد الخليفة على فاطمة وعلي عليهما السلام
نقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج: 16/ 214 ـ 215/ ط دار إحياء التراث العربي عن أبي بكر الجوهري بإسناده إلى جعفر بن
____________
1- سورة الاحزاب، الآية 33.
محمد بن عمارة قال : فلما سمع أبو بكر خطبتها شق عليه مقالتها فصعد المنبر و قال: أيها الناس! ما هذه الرعة إلى كل قالة أين كانت هذه الأماني في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟! ألا من سمع فليقل! و من شهد فليتكلم! إنما هو ثعالة، شهيده ذنبه، مربّ لكل فتنة، هو الذي يقول: كروها جذعة بعد ما هرمت، يستعينون بالضعفة، و يستنصرون بالنساء، كأم طحال أحب أهلها إليها البغي، ألا إني لو أشاء أن أقول لقلت و لو قلت لبحت، إني ساكت ما تركت. ثم التفت إلى الأنصار فقال: قد بلغني يا معشر الأنصار مقالة سفهائكم، و أحق من لزم عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنتم! فقد جاءكم فآويتم و نصرتم، ألا إني لست باسطا يدا و لا لسانا على من لم يستحق ذلك منا.
ثم نزل فانصرفت فاطمة (ع) إلى منزلها.
بالله عليكم أنصفوا!!!
أيليق هذا الكلام البذيء والبيان الرديء لمدعي خلافة النبي (صلى الله عليه وآله) ؟!
أيجوز لشيخ كان صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يمثل بنت رسول الله وبضعة لحمه، بالثعلب أو بأم طحال الفاجرة؟!
ويمثل الإمام علي عليه السلام بذنب الثعلب وهو الذي عظم الله قدره وأكبر شأنه في كتابه وجعله نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) في آية المباهلة بلا منكر!!
إلى متى تغمضون أعينكم وتصمون آذانكم وتختمون على قلوبكم بالتغافل والتعصب؟! فتنكرون ضوء الشمس في الضحى وتعيشون الجهل والعمى!!
افتحوا أعينكم وآذانكم وقلوبكم، واخرجوا عن الغفلة والتعصب، وادخلوا مدينة العلم والحكمة من بابها التي فتحها النبي (صلى الله عليه وآله)
استغراب ابن أبي الحديد(1)
يستغرب ابن أبي الحديد ويتعجب من جواب أبي بكر فلذلك
____________
1- أقول: حق لابن أبي الحديد أن يستغرب من ذلك البيان فإن كل غيور من المسلمين والمسلمات يستغرب ويتعجب بل يجب على المؤمنين كافة أن ينكروا على أبي بكر <=
يقول: قرأت هذا الكلام على النقيب أبي يحيى جعفر بن يحيى بن أبي زيد البصري، و قلت له: بمن يعرض؟ فقال: بل يصرح. قلت لو صرح لم أسألك. فضحك و قال: بعلي بن أبي طالب (ع). قلت: هذا الكلام كله لعلي يقوله؟! قال: نعم، إنه الملك يا بني! قلت: فما مقالة الأنصار؟ قال: هتفوا بذكر علي، فخاف من اضطراب الأمر عليهم، فنهاهم.
فسألته عن غريبه، فقال: أما الرعة بالتخفيف أي: الاستماع و الإصغاء، و القالة: القول، و ثعالة: اسم الثعلب، علم ممنوع من
____________
=>
مقاله القيبح وكلامه الوقيح على سيد نساء العالمين وبعلها سيد الوصيين وأمير المؤمنين (عليه السلام)، كما أن السيد الجليلة أم سلمة أم المؤمنين أنكرت على أبي بكر وردت عليه، كما في دلائل الإمامة لابن جرير: ص39 قالت: أ لمثل فاطمة يقال هذا و هي الحوراء بين الإنس و الأنس للنفس ربيت في حجور الأنبياء و تداولتها أيدي الملائكة و نمت في المغارس الطاهرات نشأت خير منشأ و ربيت خير مربا أ تزعمون أن رسول الله حرم عليها ميراثه و لم يعلمها و قد قال الله له وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ فأنذرها و جاءت تطلبه و هي خيرة النسوان و أم سادة الشبان و عديلة مريم ابنة عمران و حليلة ليث الأقران تمت بأبيها رسالات ربه فو الله لقد كان يشفق عليها من الحر و القر فيوسدها يمينه و يدثرها شماله رويدا فرسول الله بمرأى لأعينكم و على الله تردون فواها لكم و سوف تعلمون قال فحرمت أم سلمة عطاءها تلك السنة!!
الصرف، و مثل: ذؤالة للذئب، و شهيده ذنبه، أي: لا شاهد له على ما يدعي إلا بعضه و جزء منه... و مرب: ملازم، أرب بالمكان، و كروها جذعة: أعيدوها إلى الحال الأولى، يعني الفتنة و الهرج. و أم طحال: امرأة بغي في الجاهلية، و يضرب بها المثل فيقال: أزنى من أم طحال!!
لا أدري كيف تسنى لأبي بكر أن يتكلم بذلك الكلام البذيء؟ وكيف سنحت له نفسه أن يعبر بذلك التعبير المسيء ويؤذي فاطمة ويغضبها وقد سمع قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ومن أغضبها فقد أغضبني؟!
وهل بذلك يجاب احتجاج الإمام علي (عليه السلام)؟ أشتمه علي وسبه؟ أم استدل له بحكم الله وبالعقل والمنطق؟
ما ضره لو قبل الحق وعمل به، ولا سيما وقد سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: علي مع الحق والحق مع علي يدور الحق حيثما دار علي (عليه السلام).
ليت شعري بأي دليل ولماذا يسب عليا وفاطمة ويشتمهما وقد سمع قول النبي (صلى الله عليه وآله) فيهما وفي أبنائهما: أنا سلم لمن سالمهم وحرب لمن حاربهم؟؟(1)
____________
1- في مناقب الخطيب الموفق بن أحمد الخوارزمي الحنفي: 206 أخرج بسنده عن يونس بن سليمان التميمي عن زيد بن يثبع قال سمعت ابا بكر يقول: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) خيم خيمة و هو متكئ على قوس عربية و في الخيمة علي و فاطمة و الحسن و الحسين ع، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا معشر المسلمين !أنا سلم لمن سالم أهل هذه الخيمة و حرب لمن حاربهم ولي لمن والاهم لا يحبهم إلا سعيد الجد طيب الولادة و لا يبغضهم إلا شقي الجد رديء الولادة قال: فقال رجل لزيد : يا زيد! أنت سمعت أبا بكر يقول هذا؟ قال: إي و رب الكعبة!
وأخرج هذا الحديث عبيد الله الحنفي في كتابه أرجح المطالب: ص 309 وقال: أخرجه المحب الطبري الشافعي في الرياض النضرة.
فدك وما يدور حولها
فدك وعوالي سبع قرى زراعية حوالي المدينة المنورة كانت تمتد من سفح الجبال إلى سيف البحر ومن العريش إلى دومة الجندل.
قال ياقوت الحموي صاحب معجم البلدان في كتابه الآخر فتوح البلدان: ج6/343.
واحمد البلاذري في تاريخه.
وابن أبي الحديد في شرح النهج: ج16 / 210 / واللفظ للأخير: عن كتاب السقيفة وفدك لأبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري بسنده عن الزهري قال: بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا فسألوا رسول الله ص أن يحقن دماءهم و يسيرهم، ففعل، فسمع ذلك أهل فدك فنزلوا على مثل ذلك، و كانت للنبي ص خاصة، لأنه لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب.
قال أبو بكر: و روى محمد بن إسحاق أيضا، أن رسول الله ص لما فرغ من خيبر قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك، فبعثوا إلى
رسول الله ) ص( فصالحوه على النصف من فدك، فقدمت عليه رسلهم بخيبر أو بالطريق، أو بعد ما أقام بالمدينة فقبل ذلك منهم، و كانت فدك لرسول الله (صلى الله عليه وآله) خالصة له، لأنه لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب. قال: و قد روى أنه صالحهم عليها كلها، الله أعلم أي الأمرين كان! انتهى كلام الجواهري.
وما نقله الطبري في تاريخه قريب من كلام الجوهري بل كلام كل المؤرخين والمحدثين عن فدك يقارب كلام الجوهري.
فدك حق فاطمة عليها السلام
بعدما رجع النبي (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة نزل جبرئيل من عند الرب الجليل بالآية الكريمة: {وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا} (1).
فانشغل فكر النبي بذي القربى، من هم؟ وما حقهم؟ فنزل جبرائيل ثانيا عليه (صلى الله عليه وآله) وقال: إن الله سبحانه يأمرك أن تعطي فدكا لفاطمة (ع) فطلب النبي (صلى الله عليه وآله) ابنته فاطمة (ع) وقال: إن الله تعالى أمرني أن أدفع إليك فدكا، فمنحها وتصرفت هي فيها وأخذت حاصلها فكانت تنفقها على المساكين.
: لقد صرح بهذا التفسير كبار مفسري السنة وأعلامهم منهم:
____________
1- سورة الاسراء، الآية 26.
الثعلبي في تفسير كشف البيان، وجلال الدين السيوطي في الدر المنثور: ج4 رواه عن الحافظ ابن مردويه أحمد بن موسى المتوفى عام 352، وأبو القاسم الحاكم الحسكاني والمتقي الهندي في كنز العمال وابن كثير الدمشقي الفقيه الشافعي في تاريخه والشيخ سليمان الحنفي في ينابيع المودة / باب 39 نقلا عن الثعلبي وعن جمع الفوائد وعيون الأخبار أنه لما نزلت: (وآت ذا القربى حقه) دعا النبي (صلى الله عليه وآله) فاطمة فأعطاها فدك الكبير.
فكانت فدك في يد فاطمة (ع) يعمل عليها عمالها، ويأتون إليها بحاصلها في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) وهي كانت تتصرف فيها كيفما شاءت، تنفق على نفسها وعيالها أو تتصدق بها على الفقراء والمعوزين.
ولكن بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أرسل أبو بكر جماعة فأخرجوا عمال فاطمة من فدك وغصبوها وتصرفوا فيها تصرفا عدوانيا!
هل الأنبياء لا يورّثون؟
: أولا: نحن نقول: بأن فدك كانت نحلة وهبة من النبي (صلى الله عليه وآله) لفاطمة (ع) وهي استلمتها وتصرفت فيها فهي (ع) كانت متصرفة في فدك حين أخذها أبو بكر . وما كانت إرثا.
ثانيا: الحديث الذي استند عليه أبو بكر مردود غير مقبول لأنه حديث موضوع لوجود اشكالات فيه.
: أولا: واضع الحديث عندما وضع على لسانه بأنه صلى الله عليه وآله قال: " نحن معاشر الأنبياء لا نورث " قد غفل عن آيات المواريث التي جاءت في القرآن الحكيم، في توريث الأنبياء، ولو كان يقول: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: أنا لا أورث لكان له مخلص من آيات توريث الأنبياء في القرآن فالصيغة الأولى: نحن معاشر الأنبياء لا نورث تعارض نص القرآن الحكيم، فتكذيب أبا بكر ورده أولى من نسبة النبي (صلى الله عليه وآله) إلى ما يخالف كتاب الله عز وجل.
كما أن فاطمة الزهراء (ع) أيضا احتجت على أبي بكر وردته وردت حديثه بالاستناد إلى القرآن الحكيم فإنه أقوى حجة وأدل دليل واكبر برهان.
استدلال الزهراء عليها السلام وخطبتها
نقل ابن أبي الحديد في شرح النهج: ج6 /211 / طبع دار إحياء التراث العربي، عن أبي بكر الجوهري بإسناده عن طرق مختلفة تنتهي إلى زينب الكبرى بنت فاطمة الزهراء (ع) وإلى الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه (ع) وإلى الإمام الباقر بن جعفر ـ محمد بن علي ـ (ع) وإلى عبد الله بن الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط (ع) قالوا جميعا: لما بلغ فاطمة (ع) إجماع أبي بكر على منعها فدكا، لاثت خمارها، و أقبلت في لمة من حفدتها و نساء قومها تطأ في ذيولها،
ما تخرم مشيتها مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حتى دخلت على أبي بكر و قد حشد الناس من المهاجرين و الأنصار، فضرب بينها و بينهم ريطة بيضاء ـ و قال بعضهم: قبطية، و قالوا قبطية بالكسر و الضم ـ ثم أنت أنة أجهش لها القوم بالبكاء ثم أمهلت طويلا حتى سكنوا من فورتهم، ثم قالت: أبتدئ بحمد من هو أولى بالحمد و الطول و المجد، الحمد لله على ما أنعم و له الشكر بما ألهم.
و ذكر خطبة طويلة جيدة قالت في آخرها: فاتقوا الله حق تقاته، و أطيعوه فيما أمركم به، فإنما يخشى الله من عباده العلماء، و احمدوا الله الذي لعظمته ونوره يبتغي من في السموات والأرض إليه الوسيلة.ونحن وسيلته في خلقه، و نحن خاصته و محل قدسه، و نحن حجته في غيبه، و نحن ورثة أنبيائه.
ثم قالت: أنا فاطمة ابنة محمد، أقول عودا على بدء، و ما أقول ذلك سرفا و لا شططا، فاسمعوا بأسماع واعية و قلوب راعية! ثم قالت: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم}(1) فإن تعزوه تجدوه أبي دون آبائكم و أخا ابن عمي دون رجالكم... ثم ذكرت كلاما طويلا تقول في آخره: ثم أنتم الآن تزعمون أن لا إرث لي!
{أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(2) ؟ إيها معاشر المسلمين! ابتز إرث أبي!
يا بن أبي قحافة! أفي كتاب الله أن ترث أباك و لا أرث أبي!! لقد جئت شيئا فريا!! إلى آخر خطبتها(3).
____________
1- سورة التوبة، الآية 128.
2- سورة المائدة، الآية 50.
3- أقول:وروى ابن أبي الحديد هذه الخطبة عن طريق عروة عن عائشة، في شرح
<=
وجاء في بعض الروايات كما في كتاب السقيفة وفدك لأبي بكر الجوهري وغيره، أنها قالت في خطبتها:
أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم!
إذ يقول الله جل ثناؤه: {وورث سليمان داود}(1).
واقتص من خبر يحيى وزكريا إذ قال: {رب هب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا}(2).
وقال تبارك وتعالى: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ
____________
=>
النهج 16/251لا / طبع دار إحياء التراث العربي، فقد روت عائشة خطبة فاطمة مشابهة لما مر وفيها قالت فاطمة:... حتى إذا اختار الله لنبيه دار أنبيائه ظهرت حسيكة النفاق و شمل جلباب الدين و نطق كاظم الغاوين... و نبغ خامل الآفكين و هدر فنيق المبطلين فخطر في عرصاتكم و أطلع الشيطان رأسه صارخا بكم فدعاكم فألفاكم لدعوته مستجيبين و لقربه متلاحظين ثم استنهضكم فوجدكم خفافا و أحمشكم فألفاكم غضابا فوسمتم غير إبلكم و وردتم غير شربكم هذا و العهد قريب و الكلم رحيب و الجرح لما يندمل إنما زعمتم ذلك خوف الفتنة (ألا في الفتنة سقطوا و إن جهنم لمحيطة بالكافرين) فهيهات! و أنى بكم و أنى تؤفكون!! و كتاب الله بين أظهركم زواجره بينة و شواهده لائحة و أوامره واضحة أ رغبة عنه تريدون أم لغيره تحكمون بئس للظالمين بدلا و من يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين ثم لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها تسرون حسوا في ارتغاء و نحن نصبر منكم على مثل حز المدى و أنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا(أ فحكم الجاهلية يبغون و من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)
يا ابن أبي قحافة! أ ترث أباك و لا أرث أبي؟ لقد جئت شيئا فريا فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك فنعم الحكم الله و الزعيم محمد و الموعد القيامة و عند الساعة يخسر المبطلون إلى آخر الخبر.
1- سورة النمل، الآية 16.
2- سورة مريم، الآية 6.
الأنثيين}(1).
فزعمتم أن لا حظ لي و لا أرث لي من أبي!
أفخصّكم اللّه بآية أخرج منها أبي؟!
أم تقولون أهل ملّتين لا يتوارثان؟ أ و لست أنا و أبي من أهل ملّة واحدة أم أنتم أعلم بخصوص القرآن و عمومه من أبي (صلى الله عليه وآله).
{أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(2) ـ انتهى كلام الجوهري ـ.
احتجاج علي عليه السلام في فدك
روى المحدثون أن عليا عليه السلام جاء إلى أبي بكر وهو في المسجد، و حوله حشد من المهاجرين و الأنصار. فقال (ع): يا أبا بكر لم منعت فاطمة نحلتها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وقد ملكتها في حياته؟!
فقال أبو بكر: فدك فيء للمسلمين، فإن أقامت شهودا أن رسول الله أنحلها فلها و إلا فليست حقّ لها فيه.
قال علي (عليه السلام): يا أبا بكر تحكم فينا بخلاف حكم الله تعالى؟
قال: لا.
قال (ع): فإن كان في يد المسلمين شيء يملكونه، فادعيت أنا فيه، من تسأل البينة؟
قال: إيّاك أسأل.
قال: فما بال فاطمة سألتها البينة منها على ما في يديها!
____________
1- سورة النساء، الآية 11.
2- سورة المائدة، الآية 50.
وقد ملكته في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبعده.
فسكت أبو بكر هنيئة، ثم قال: يا علي! دعنا من كلامك، فإذا لا نقوى على حجتك، فإن أتيت بشهود عدول، وإلا فهي فيء للمسلمين، لا حق لك ولا لفاطمة فيها!!
فقال علي عليه السلام: يا أبا بكر تقرأ كتاب الله!
قال: نعم.
قال (ع): أخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ: {إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}(1) فيمن نزلت؟ فينا أو في غيرنا؟
قال: بل فيكم!
قال (ع): فلو أنّ شهودا شهدوا على فاطمة بنت رسول الله عليها السلام بفاحشة ـ والعياذ بالله ـ ما كنت صانعا بها؟
قال: أقمت عليها الحد كما أقيم على نساء المسلمين!!
قال (ع): كنت إذا عند اللّه من الكافرين!
قال: ولم؟ قال: لأنّك رددتّ شهادة اللّه بطهارتها و قبلت شهادة الناس عليها!
كما رددت حكم الله وحكم رسوله أن جعل لها فدك وزعمت أنها فيئ للمسلمين، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): البينة على المدعي، واليمين على من ادعي عليه.
فدمدم الناس وأنكروا على أبي بكر، وقالوا: صدق ـ والله ـ علي.
رد الخليفة على فاطمة وعلي عليهما السلام
نقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج: 16/ 214 ـ 215/ ط دار إحياء التراث العربي عن أبي بكر الجوهري بإسناده إلى جعفر بن
____________
1- سورة الاحزاب، الآية 33.
محمد بن عمارة قال : فلما سمع أبو بكر خطبتها شق عليه مقالتها فصعد المنبر و قال: أيها الناس! ما هذه الرعة إلى كل قالة أين كانت هذه الأماني في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟! ألا من سمع فليقل! و من شهد فليتكلم! إنما هو ثعالة، شهيده ذنبه، مربّ لكل فتنة، هو الذي يقول: كروها جذعة بعد ما هرمت، يستعينون بالضعفة، و يستنصرون بالنساء، كأم طحال أحب أهلها إليها البغي، ألا إني لو أشاء أن أقول لقلت و لو قلت لبحت، إني ساكت ما تركت. ثم التفت إلى الأنصار فقال: قد بلغني يا معشر الأنصار مقالة سفهائكم، و أحق من لزم عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنتم! فقد جاءكم فآويتم و نصرتم، ألا إني لست باسطا يدا و لا لسانا على من لم يستحق ذلك منا.
ثم نزل فانصرفت فاطمة (ع) إلى منزلها.
بالله عليكم أنصفوا!!!
أيليق هذا الكلام البذيء والبيان الرديء لمدعي خلافة النبي (صلى الله عليه وآله) ؟!
أيجوز لشيخ كان صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يمثل بنت رسول الله وبضعة لحمه، بالثعلب أو بأم طحال الفاجرة؟!
ويمثل الإمام علي عليه السلام بذنب الثعلب وهو الذي عظم الله قدره وأكبر شأنه في كتابه وجعله نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) في آية المباهلة بلا منكر!!
إلى متى تغمضون أعينكم وتصمون آذانكم وتختمون على قلوبكم بالتغافل والتعصب؟! فتنكرون ضوء الشمس في الضحى وتعيشون الجهل والعمى!!
افتحوا أعينكم وآذانكم وقلوبكم، واخرجوا عن الغفلة والتعصب، وادخلوا مدينة العلم والحكمة من بابها التي فتحها النبي (صلى الله عليه وآله)
استغراب ابن أبي الحديد(1)
يستغرب ابن أبي الحديد ويتعجب من جواب أبي بكر فلذلك
____________
1- أقول: حق لابن أبي الحديد أن يستغرب من ذلك البيان فإن كل غيور من المسلمين والمسلمات يستغرب ويتعجب بل يجب على المؤمنين كافة أن ينكروا على أبي بكر <=
يقول: قرأت هذا الكلام على النقيب أبي يحيى جعفر بن يحيى بن أبي زيد البصري، و قلت له: بمن يعرض؟ فقال: بل يصرح. قلت لو صرح لم أسألك. فضحك و قال: بعلي بن أبي طالب (ع). قلت: هذا الكلام كله لعلي يقوله؟! قال: نعم، إنه الملك يا بني! قلت: فما مقالة الأنصار؟ قال: هتفوا بذكر علي، فخاف من اضطراب الأمر عليهم، فنهاهم.
فسألته عن غريبه، فقال: أما الرعة بالتخفيف أي: الاستماع و الإصغاء، و القالة: القول، و ثعالة: اسم الثعلب، علم ممنوع من
____________
=>
مقاله القيبح وكلامه الوقيح على سيد نساء العالمين وبعلها سيد الوصيين وأمير المؤمنين (عليه السلام)، كما أن السيد الجليلة أم سلمة أم المؤمنين أنكرت على أبي بكر وردت عليه، كما في دلائل الإمامة لابن جرير: ص39 قالت: أ لمثل فاطمة يقال هذا و هي الحوراء بين الإنس و الأنس للنفس ربيت في حجور الأنبياء و تداولتها أيدي الملائكة و نمت في المغارس الطاهرات نشأت خير منشأ و ربيت خير مربا أ تزعمون أن رسول الله حرم عليها ميراثه و لم يعلمها و قد قال الله له وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ فأنذرها و جاءت تطلبه و هي خيرة النسوان و أم سادة الشبان و عديلة مريم ابنة عمران و حليلة ليث الأقران تمت بأبيها رسالات ربه فو الله لقد كان يشفق عليها من الحر و القر فيوسدها يمينه و يدثرها شماله رويدا فرسول الله بمرأى لأعينكم و على الله تردون فواها لكم و سوف تعلمون قال فحرمت أم سلمة عطاءها تلك السنة!!
الصرف، و مثل: ذؤالة للذئب، و شهيده ذنبه، أي: لا شاهد له على ما يدعي إلا بعضه و جزء منه... و مرب: ملازم، أرب بالمكان، و كروها جذعة: أعيدوها إلى الحال الأولى، يعني الفتنة و الهرج. و أم طحال: امرأة بغي في الجاهلية، و يضرب بها المثل فيقال: أزنى من أم طحال!!
لا أدري كيف تسنى لأبي بكر أن يتكلم بذلك الكلام البذيء؟ وكيف سنحت له نفسه أن يعبر بذلك التعبير المسيء ويؤذي فاطمة ويغضبها وقد سمع قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ومن أغضبها فقد أغضبني؟!
وهل بذلك يجاب احتجاج الإمام علي (عليه السلام)؟ أشتمه علي وسبه؟ أم استدل له بحكم الله وبالعقل والمنطق؟
ما ضره لو قبل الحق وعمل به، ولا سيما وقد سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: علي مع الحق والحق مع علي يدور الحق حيثما دار علي (عليه السلام).
ليت شعري بأي دليل ولماذا يسب عليا وفاطمة ويشتمهما وقد سمع قول النبي (صلى الله عليه وآله) فيهما وفي أبنائهما: أنا سلم لمن سالمهم وحرب لمن حاربهم؟؟(1)
____________
1- في مناقب الخطيب الموفق بن أحمد الخوارزمي الحنفي: 206 أخرج بسنده عن يونس بن سليمان التميمي عن زيد بن يثبع قال سمعت ابا بكر يقول: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) خيم خيمة و هو متكئ على قوس عربية و في الخيمة علي و فاطمة و الحسن و الحسين ع، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا معشر المسلمين !أنا سلم لمن سالم أهل هذه الخيمة و حرب لمن حاربهم ولي لمن والاهم لا يحبهم إلا سعيد الجد طيب الولادة و لا يبغضهم إلا شقي الجد رديء الولادة قال: فقال رجل لزيد : يا زيد! أنت سمعت أبا بكر يقول هذا؟ قال: إي و رب الكعبة!
وأخرج هذا الحديث عبيد الله الحنفي في كتابه أرجح المطالب: ص 309 وقال: أخرجه المحب الطبري الشافعي في الرياض النضرة.