المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أول حادث فرق المسلمين الى سنة وشيعة


سلام العراق
05-10-2016, 08:12 PM
أول حادث فرق المسلمين إلى شيعة وسنة
ذلك هو الموقف الرهيب والخطير الذي وقفه عمر بن الخطاب وأكثر الصحابة تجاه أمر سول الله صلى الله عليه وآله وسلمعندما أراد أن يكتب لهم ذلك الكتاب الذي يعصم المسلمين من الضلالة(1) .
وعارضوه بشدة وقساوة وعدم احترام لمقامه السامي حتى اتهموه بالهجر والهذيان، مدعين بأن كتاب الله يكفيهم فلا حاجة لكتابة الرسول. ومن خلال هذه الحادثة التي سماها ابن عباس رزية المسلمين يتبين لنا بأن الأكثرية من الصحابة يرفضون السنة النبوية ويقولون: «حسبنا كتاب الله».
أما علي وأتباعه من الصحابة وهم الأقلية والذين سماهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشيعة علي، فكانوا يمتثلون أوامر الرسول بدون اعتراض ولا نقاش ويعتبرون كل أقواله وأفعاله سنة واجبة الاتباع تماما ككتاب الله، ألم يقل كتاب الله:
«يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول» (النساء: 59)
وسيرة عمر بن الخطاب معروفة عند كل المسلمين ومواقفه المعارضة للنبي في كل أدوار حياته مشهورة(2) .
وبطبيعة الحال فإن عمر بن الخطاب كان يرى عدم التقيد بالسنة النبوية، ويظهر ذلك جليا من خلال أحكامه عندما أصبح للمؤمنين فكان يجتهد
____________
(1) رزية يوم الخميس مشهورة في صحيح البخاري وصحيح مسلم.
(2) لقد وافينا البحث لمعارضة عمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلمفي كتابنا «فاسألوا أهل الذكر».
الصفحة 28
برأيه مقابل النصوص النبوية بل كان يجتهد برأيه مقابل النصوص الإلهية الجلية فيحرم ما أحل الله ويحلل ما حرم الله(1) .
وبطبيعة الحال إن أنصاره ومؤيديه من الصحابة كانوا على شاكلته، وإن محبيه والمعجبين به من السلف والخلف يقتدون به وببدعه الحسنة كما يسمونها.
وسيأتي خلال الأبحاث القادمة بأنهم يتركون سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلمويتبعون سنة عمر بن الخطاب.
____________
(1) كتحريمه سهم المؤلفة قلوبهم ومتعة الحج ومتعة النساء التي حلّلها الله وتحليله طلاق الثلاث بطلقة واحدة وقد حرّم الله ذلك.
الصفحة 29

الحادث الثاني في مخالفتهم للسنة النبوية
ذلك هو رفضهم الالتحاق بجيش أسامة الذي عبأه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمبنفسه وأمرهم بالسير تحت قيادته، يومين قبل وفاته صلى الله عليه وآله وسلم.
ووصل الأمر بهم إلى الطعن برسول الله صلى الله عليه وآله وسلموانتقاده إذ ولى عليهم شابا صغيراً لا نبات بعارضيه عمره سبعة عشر عاماً.
وتخلف عن السير أبو بكر وعمر وبعض الصحابة ولم يلتحقوا بالجيش بدعوى إدارة أمر الخلافة رغم لعن الرسول لمن تخلف عن أسامة(1) .
أما علي وأتباعه فلم يعينهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمفي الجيش وذلك لحسم الخلاف، وليصفوا الجو ويخلو من أولئك المعاندين والمعارضين لأمر الله، فلا يرجعوا من مؤتة إلا والأمر قد استتب لعلي كما يريده الله ورسوله في خلافة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
لكن دهاة العرب من القريشيين عرفوا ذلك منه، فرفضوا الخروج من المدينة وتباطأوا حتى لحق الرسول بربه، فأبرموا أمرهم كما خططوا له من قبل، وأبعدوا ما أراده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أو بعبارة أخرى رفضوا السنة النبوية.
وبهذا يتبين لنا ولكل باحث أن أبا بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمان بن عوف وأبا عبيدة عامر بن الجراح كانوا يرفضون السنة النبوية ويجتهدون بآرائهم جريا وراء المصالح الدنيوية ومن أجل الخلافة ولو كلفهم ذلك معصية الله ورسوله.
____________
(1) إقرأ كتاب الملل والنحل للشهرستاني قول النبي: لعن الله من تخلف عن جيش أسامة ج 1 ص 29.
الصفحة 30

أما علي والصحابة الذين اتبعوه فكانوا يتقيدون بالسنة النبوية ويعملون على تنفيذها حرفياً ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، وقد رأينا علياً (ع) في تلك المحنة كيف أنه تقيد بوصية النبي له على أن يقوم بتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ومواراته في قبره، فنفذ علي كل أوامره ولم يشغله عن ذلك شاغل، ورغم علمه المسبق بأن الجماعة تسابقوا إلى السقيفة لاختيار أحدهم للخلافة، وكان بإمكانه أن يسارع إليها هو الآخر ويفسد عليهم تخطيطهم ولكن احترامه للسنة النبوية والعمل على تطبيقها يحتم عليه البقاء بجانب ابن عمه ولو كلفه ذلك ضياع الخلافة.
ولابد لنا هنا من وقفة ولو قصيرة، لنلاحظ الخلق العظيم الذي ورثه علي من المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.
ففي حين يزهد علي في الخلافة من أجل تنفيذ السنة نرى الآخرين يرفضون السنة من أجل الخلافة.
الصفحة 31

الحادث الثالث الذي أبرز الشيعة في مقابل «أهل السنة»
ذلك هو الموقف الخطير الذي وقفه أغلب الصحابة في السقيفة ليخالفوا صراحة النصوص النبوية التي نصبت علياً للخلافة وقد حضروها كلهم يوم الغدير بعد حجة الوداع.
ورغم اختلاف المهاجرين والأنصار في أمر الخلافة إلا أنهم تصافقوا في الأخير على ترك النصوص النبوية وتقديم أبي بكر للخلافة ولو كلفهم ذلك زهق النفوس، وشمروا على سواعدهم لقتل كل من تحدثه نفسه بمخالفتهم ولو كان من أقرب الناس للنبي صلى الله عليه وآله وسلم(1) .
وهذا الحادث أبرز أيضاً أن الأغلبية الساحقة من الصحابة عاضدوا أبا بكر وعمر في رفض سنة نبيهم وإبدالها باجتهاداتهم، فهم أنصار الاجتهاد.
كما أبرز في المقابل الأقلية من المسلمين الذين تمسكوا بالنصوص النبوية وتخلفوا عن البيعة لأبي بكر وهم علي وشيعته.
نعم، لقد ظهر في المجتمع الإسلامي بعد الأحداث الثلاثة المذكورة، هوية الفريقين أو الحزبين المتعارضين، يعمل أحدهما على احترام السنة النبوية وتنفيذها، ويعمل الثاني على دحض السنة النبوية وطمسها وإبدالها بالاجتهاد الذي يطمع الأكثرية ويمنيهم بالوصول إلى الحكم أو المشاركة فيه.
____________
(1) وأكبر دليل على ذلك تهديد عمر بن الخطاب بحرق بيت فاطمة الزهراء بمن فيها، والقصة مشهورة في كتب التاريخ.
الصفحة 32

برز على رأس الحزب الأول السني علي بن أبي طالب وشيعته، وبرز على رأس الحزب الثاني الاجتهادي أبو بكر وعمر وأغلب الصحابة.
وعمل الحزب الثاني بقيادة أبي بكر وعمر على تحطيم وكسر شوكة الحزب الأول ودبروا لذلك عدة تدابير للقضاء على الحزب المعارض، من ذلك:
أولاً: عزل المعارضة وشلها اقتصادياً
أول مبادرة بادر بها الحزب الحاكم هو إقصاء المعارضين عن كل موارد الرزق والمال، وقد عمد أبو بكر وعمر على طرد فلاحي فاطمة من فدك(1) واعتبرا تلك الأرض ملكاً للمسلمين، وليست خالصة لفاطمة كما أقر بذلك أبوها صلى الله عليه وآله وسلم.
كما حرماها من ميراث أيها بدعوى أن الأنبياء لا يورثون، وقطعا عنها سهم الخمس الذي كان رسول الله يخص به نفسه وأهل بيته لأن الصدقات محرمة عليهم.
وبذلك أصبح علي مشلولاً اقتصادياً فقد اغتصبت منه أرض فدك التي كانت تدر عليه أرباحاً هائلة، وكذلك حرم من ميراث ابن عمه والذي هو حق من حقوق زوجته، وقطع عنه سهم الخمس، فأصبح علي وزوجته وأولاده في حاجة لمن يسد رمقهم ويكسو أجسامهم، وهو بالضبط ما عبر عنه أبو بكر عندما قال للزهراء: نعم أنت لك الحق في الخمس ولكني سوف أعمل فيه عمل رسول الله، فلا أتركك تجوعين ولا تعرين.
وكما قدمنا فإن الصحابة الذين تشيعوا لعلي أغلبهم من الموالي الذين لا ثراء لهم، فلا يخشى الحزب الحاكم منهم ولا من تأثيرهم، فالناس يميلون للغني ويحتقرون الفقير.
____________
(1) قصة فدك معروفة في كتب التاريخ، وخصام الزهراء لأبي بكر حتى ماتت وهي غاضبة عليه مشهورة ذكرها البخاري ومسلم.
الصفحة 33
ثانياً: عزل المعارضة وشلها اجتماعياً
ولأجل اساقط الصف المعارض الذي يتزعمه علي بن أبي طالب فقد عمل الحزب الحاكم أيضاً على عزله اجتماعياً.
وأول شيء فعله أبو بكر وعمر هو تحطيم الحاجز النفسي والعاطفي الذي يحمل المسلمين كافة على احترام وتقدير قرابة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.
وإذا كان علي هو ابن عم النبي وسيد العترة الطاهرة، قد وجد له مبغضون ضمن الصحابة الذين كانوا يحسدونه على ما آتاه الله من فضله، فضلاً عن المنافقين الذين كانوا يتربصون به.
فإن فاطمة هي وحيدة النبي التي بقيت بعده في أمته وهي أم أبيها كما كان يسميها الرسول صلى الله عليه وآله وسلموسيدة نساء العالمين فكل المسلمين يحترمونها ويتعظمونها للمكانة التي حظيت بها عند أبيها وللأحاديث التي قالها في فضائلها وشرفها وطهارتها.
ولكن أبا بكر وعمر عمدا إلى إسقاط هذا الاحترام والتقدير من نفوس الناس، فجاء عمر بن الخطاب إلى بيت الزهراء وفي يده قبس من نار وطوق بيتها بالحطب وأقسم أن يحرقها بمن فيها إن لم يخرجوا لبيعة صاحبه.
يقول ابن عبد ربه في العقد الفريد(1) :
«وأما على والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة وقال له: إن أبوا قاتلهم، فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار فلقيته فاطمة فقالت: يا ابن الخطاب أجئت لتحرق دارنا ؟
قال: نعم أو تدخلوا في ما دخلت فيه الأمة».
فإذا كانت فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين كما جاء في صحاح «أهل السنة والجماعة»، وإذا كان ولداها الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وريحانة
____________
(1) العقد الفريد لابن عبد ربه الجزء الرابع عند ذكر جماعة تخلفوا عن بيعة أبي بكر.
الصفحة 34
النبي في هذه الأمة يستهان بهم ويستصغر شأنهم حتى يقسم عمر أمام الملأ أن يحرق عليهم دارهم إن رفضوا البيعة لأبي بكر، فهل يبقى بعد هذا في نفوس الآخرين شيء من الاحترام أو التقدير لعلي بن أبي طالب الذي يبغضه أكثرهم ويحسدونه وقد أصبح بعد وفاة النبي زعيم الصف المعارض وليس عنده من حطام الدنيا ما يرغب الناس فيه ؟
فهذا البخاري يحدث في صحيحه بأن فاطمة طالبت أبا بكر بميراثها من رسول الله مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا، فوجدت فاطمة على أبي بكر فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبي ستة أشهر، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا ولو يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها، وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة، فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته، ولم يكن يبايع تلك الأشهر(1) .
فقد نجح الحزب الحاكم نجاحاً كبيراً في عزل علي بن أبي طالب اقتصادياً واجتماعياً وأسقطه من أعين الناس، فلم يبق له بينهم احترام ولا تقدير وخصوصاً بعد وفاة الزهراء ولذلك استنكر علي وجوه الناس فاضطر لمصالحة أبي بكر ومبايعته حسب ما يرويه البخاري ومسلم.
وتعبير البخاري كلمة «استنكر على وجوه الناس» يدلنا دلالة واضحة على مدى الحقد والبغض الذي كان يواجهه أبو الحسن (سلام الله عليه) بعد وفاة ابن عمه وزوجته، ولعل بعض الصحابة كان إذا مشى بينهم يسبونه ويشتمونه ويستهزئون به، ولذلك استنكر وجوههم للمنكر الذي رآه.
ولا نقصد من هذا الفصل سرد التاريخ ومظلومية علي بقدر ما نريد إظهار الحقيقة المرة والمؤلمة، ألا وهي أن حامل لواء السنة النبوية وباب علم الرسول أصبح متروكاً، وفي المقابل أصبح أنصار الاجتهاد بالرأي الذين يرفضون السنة النبوية هم الحاكمون والمؤيدون أغلب الصحابة.
____________
(1) صحيح البخاري ج 5، ص 82 باب غزوة خيبر، صحيح مسلم كتاب الجهاد.

سلام العراق
23-11-2016, 09:11 PM
لعنة الله على ابوبكر وعمر وعثمان