سلام العراق
07-10-2016, 08:49 PM
وَلاَ تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ!!
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله عز وجل في محكم كتابه الكريم:
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِّمَّن دَعَآ إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَاـلِحاً وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ الْمُسْلِمِينَ( 33 ) وَلاَ تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَميِمٌ ( 34 )وَمَا يُلَقَّـاهَآ إَلاَّ الَّذيِنَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّـاهَآ إَلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيم ( 35 )وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَاـنِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ( 36 ) سورة فصلت
بعد بيان الدعوة إلى الله وأوصاف الدعاة إلى اللّه، شرحت الآيات أُسلوب الدعوة وطريقتها، فقال تعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة)
في الوقت الذي لا يملك فيه أعداؤكم سوى سلاح الأفتراء والاستهزاء والسخرية والكلام البذيء وأنواع الضغوط والظلم; يجب أن يكون سلاحكم ـ أنتم الدعاةـ التقوى الطهر وقول الحق واللين والرفق والمحبّة.
ورد في الميزان في قوله تعالى: { لا تستوي الحسنة ولا السيئة } أي الخصلة الحسنة والسيئة من حيث حسن التأثير في النفوس، و { لا } في { ولا السيئة } زائدة لتأكيد النفي..انتهى
وبالرغم من أنّ (الحسنة) و(السيئة) تنطويان على مفهومين واسعين، إذ تشمل الحسنة كلّ إحسان وجميل وخير وبركة، والسيئة تشمل كلّ انحراف وقبح وعذاب، إلاّ أنّ الآية تقصد ذلك الجانب المحدّد من السيئة والحسنة، الذي يختص بأساليب الدعوة.
لكن بعض المفسّرين فسّر الحسنة بمعنى الإسلام والتوحيد، والسيئة بمعنى الشرك والكفر.
وقال البعض: (الحسنة) هي الأعمال الصالحة. و(السيئة) الأعمال القبيحة.
وهناك من قال: إنّ (الحسنة) هي الصفات الإنسانية النبيلة، كالصبر والحلم والمداراة والعفو، بينما السيئة بمعنى الغضب والجهل والخشونة.
ولكن التّفسير الأوّل هو الأفضل حسب الظاهر.
في حديث عن الإمام الصادق أنّه(عليه السلام) قال في تفسير الآية أعلاه:«الحسنة التقية، السيئة الإذاعة». وطبعاً فان هذا الحديث الشريف ناظر الى الموارد التي تكون فيها الاذاعة سبباً في اتلاف الطاقات والكوادر الجيدة وافشاء الخطط للاعداء.
ثم تضيف الآية: (ادفع بالتي هي أحسن)
بيّن سبحانه ما يلزم على الداعي من الرفق بالمدعوّ خاطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال تعالى ادفع بالتي هي أحسن
إدفع الباطل بالحق، والجهل والخشونة بالحلم والمداراة، وقابل الإساءة بالإحسان، فلا ترد الإساءة بالإساءة، والقبح بالقبح، لأنّ هذا أسلوب من همّه الانتقام، ثمّ إنّ هذا الأسلوب يقود إلى عناد المنحرفين أكثر.
وتشيرالآية في نهايتها إلى فلسفة وعمق هذا البرنامج في تعبير قصير، فتقول: إنّ هذا التعامل سيقود إلى: (فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنّه ولي حميم). فإنك إذا دفعت خصومك بلين ورفق ومداراة صار عدّوك الذي يعاديك في الدين بصورة وليّك القريب فكأنّه وليّك في الدين وحميمك في النسب وقيل: المراد ان من اساء اليك فأحسن اليه ليعود عدوك وليك. وكأنه حميمك. والحميم القريب الذي يحم لغضب صاحبه. . قيل: { الذي بينك وبينه عداوة } أبلغ من { عدوك } ولذا اختاره عليه مع اختصاره
إنّ ما يبيّنه القرآن هنا، مضافاً إلى ما يشبهه في الآية (96) من سورة المؤمنين في قوله تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن السيئة) يعتبر من أهم وأبرز أساليب الدعوة، خصوصاً حيال الأعداء والجهلاء والمعاندين. ويؤيد ذلك آخر ما توصلت إليه البحوث والدراسات في علم النفس.
لأنّ كلّ من يقوم بالسيئة ينتظر الرد بالمثل، خاصة الأشخاص الذين هم من هذا النمط; وأحياناً يكون جواب السيئة الواحدة عدّة سيئات. أمّا عندما يرى المسيء أنّ من أساء إليه لا يرد السيئة بالسيئة وحسب، وإنّما يقابلها بالحسنة، عندها سيحدث التغيير في وجوده، وسيؤثر ذلك على ضميره بشدّة فيوقظه، وستحدث ثورة في أعماقه، سيخجل ويحس بالحقارة وينظر بعين التقدير والأكبار إلى من أساء إليه.
وهنا ستزول الأحقاد والعداوات من الداخل وتترك مكانها للحبّ والمودّة.
ومن الضروري أن نشير هنا إلى أنّ هذا الأمر لا يمثل قانوناً دائماً، وإنّما هو صفة غالبة، لأنّ هناك أقلية تحاول أن تسيء الاستفادة من هذا الأسلوب، فما لم ينزل بها ما تستحق من عقاب فإنّها لا تترك أعمالها الخاطئة.
ولكن في نفس الوقت الذي نستخدم العقوبة والشدة ضدّ هذه الأقلية، علينا أن لا نغفل عن أنّ القانون المتحكم بالأكثرية هو قانون: «ادفع السيئة بالحسنة».
ورد في تفسير «علي بن إبراهيم»: أدّب الله نبيّه فقال: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن)، قال: ادفع سيئة من أساء إليك بحسنتك، حتى يكون( الذي بينك وبينهُ عداوة كأنّه ولي حميم)»
لذلك رأينا أنّ رسول الإسلام(صلى الله عليه وآله وسلم) والقادة من أئمة أهل البيت(عليهم السلام) كانوا يستفيدون دائماً من هذا الأسلوب القرآني العظيم، ففي فتح مكّة مثلا كان الأعداء ـ وحتى الأصدقاءـ ينتظرون أن تسفك الدماء وتؤخذ الثارات من الكفار والمشركين والمنافقين الذين أذاقوا المؤمنين ألوان الأذى والعذاب في مكّة وخارجها، من هنا رفع بعض قادة الفتح شعار «اليوم يوم الملحمة، اليوم تسبى الحرمة، اليوم أذلّ الله قريشاً» لكن ماكان من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وتنفيذاً لأخلاقية «ادفع السيئة بالحسنة» إلاّ أن عفا عن الجميع وأطلق كلمته المشهورة: «اذهبوا فأنتم الطلقاء». ثمّ أمر(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يستبدل الشعار الإنتقامي بشعار آخر يفيض إحساناً وكرماً هو: «اليوم يوم المرحمة، اليوم أعزّ الله قريشاً»
لقد أحدث هذا الموقف النبوي الكريم عاصفة في أرض مشركي مكّة حتى أنّه على حدّ وصف كتاب الله تعالى بدأوا: (يدخلون في دين الله أفواجاً).
لكن برغم ذلك، نرى أنّ النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) استثنى بعض الأشخاص من العفو العام هذا، كما نقله أصحاب السيرة، لأنّهم كانوا خطرين ولم يستحقوا العفو النبوي الكريم الذي عبّر فيه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) عن خلق الإسلام ومنطق النّبيين حينما قال: «لا أقول لكم إلاّ كما قال يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين»
«ولي» هنا بمعنى الصديق. و(حميم) تعني في الأصل الماء الحار المغلي، وإذا قيل لعرق جسم الإنسان (حميمَ) فذلك لحرارته، ولهذا السبب يطلق اسم «الحمّام»على أماكن الغسل، ويقال أيضاً للأصدقاء المخلصين والمحبين للشخص «حميم» والآية تقصد هذا المعنى.
وفي قوله تعالى: (كأنّه ولي حميم) حتى وإن لم تكن تعني أنّ الشخص لم يكن كذلك حقاً، إلا أنّ ظاهره سيكون كذلك على الأقل.
إنّ هذا الأسلوب من التعامل مع المعارضين و الأعداء ليس بالأمر العادي السهل، والوصول إليه يحتاج إلى بناء أخلاقي عميق، لذلك فإنّ الآية التي بعدها تبين الأسس الأخلاقية لمثل هذا التعامل في تعبير قصير ينطوي على معاني كبيرة، حيث يقول تعالى: (وما يلقاها إلاّ الذين صبروا)و كذلك: (وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم).
{ وما يلقاها } أي وما يلقّى هذه الفعلة وهذه الحالة التي هي دفع السّيئة بالحسنة { إلا الذين صبروا } على كظم الغيظ واحتمال المكروه. وقيل: إلا الذين صبروا في الدنيا في الأذى عن أبي عبد الله (عليه السلام) ولا يؤتاها { إلا ذو حظ عظيم } أي ذو نصيب وافر من الرأي والعقل. وقيل: إلا ذو نصيب عظيم من الثواب والخير وقيل: الحظ العظيم الجنة عن قتادة وما يلقّاها إلا من وجبت له الجنة وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) وما يلقّاها إلا كلّ ذي حظّ عظيم.من كان حظه عظيما من اليقين و الحكمة حسن خلقه ، و صبر على المكاره . اعتقد بعض المفسّرين أن قوله تعالى: (وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) إشارة إلى الثواب العظيم لمثل هؤلاء الأشخاص العافين الذ ي ينالهم في الآخرة، لكن هذا التّفسير مستبعد بسبب أنّ الآية تريد أن تبين الأساس الأخلاقي لهذا العمل العظيم.
و الآية تشير الى أن من يرد الإساءة بالإحسان يكون مجمل حظه عظيما ( حيث جاءت الكلمة مطلقة ) مما يعني أنه ينتصر في صراعه مع منافسيه و اعدائه ، و يتمتع بالتقدم و الرقي في كافة الحقول .لأن الإستقامة ، و رد الإسائة بالإحسان ، و الصبر ، صعب مستصعب ، فإن الإنسان الذي خلق من ضعف قد يسقط تحت الضغوط ، فلا ينبغي اليأس و الإسترسال في الهبوط ، بل لابد من تجديد العزم ، و تجاوز حالة الضعف ، و الإعتصام بحبل الله ، و الإستعاذة به .
على الإنسان أن يجاهد نفسه مدّة طويلة حتى يستطيع أن يسيطر على غضبه، يجب أن تكون روحه قوية في ظلّ الإيمان والتقوى حتى لا يستطيع أن يتأثر بسرعة وبسهولة بإيذاء الأعداء، ولا يطغى عنده حب الإنتقام، فتلزمه الروح الواسعة وانشراح الصدر بالمقدار الكافي، حتى يصل الإنسان إلى هذه المرحلة من الكمال بحيث يقابل السيئات بالإحسان. وعليه أن يتجاوز مرحلة العفو ليصل إلى منزلة «دفع السيئة بالحسنة» وأن يحتسب كلّ ذلك في سبيل الله تعالى بغية تحقيق الأهداف المقدّسة.
وهنا أيضاً ـ كما تلاحظون ـ تواجهنا قضية «الصبر» بوصف هذه الخصلة الأساس المتين لكل الملكات الأخلاقية الفاضلة، وهي شرط في التقدم المعنوي
والمادي.
إنّ هناك ـ بلا شك ـ موانع تحول دون الوصول إلى هذا الهدف العظيم، وإنّ وساوس الشيطان تمنع الإنسان من تحقيق ذلك بوسائل مختلفة، لذلك نرى الآية الأخيرة تخاطب الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم)بوصفه الأسوة والقدوة فتقول له: (وإمّا ينزغنّك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم }
«نزغ» في الآية الكريمة يمكن أن تكون بنفس معناها المصدري أو أن تكون «اسم فاعل».
النزغ النخس وهو غرز جنب الدابة أو مؤخرها بقضيب ونحوه ليهيج، و { ما } في { إما ينزغنك } زائدة والأصل وإن ينزغنك فاستعذ.بالله
والنازغ هو الشيطان أو تسويله ووسوسته، والأول هو الأنسب لمقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنه لا سبيل للشيطان إليه بالوسوسة غير أنه يمكن أن يقلب له الأُمور بالوسوسة على المدعوين من أهل الكفر والجحود فيبالغوا في جحودهم ومشاقتهم وإيذائهم له فلا يؤثر فيهم الدفع بالأحسن ويؤل هذا إلى نزغ من الشيطان بتشديد العداوة في البين كما في قوله:
{ من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي }
[يوسف: 100]،
«نزغ» تعني الدخول في عمل ما لإفساده، ولهذا السبب يطلق على الوساوس الشيطانية «نزغ» وهذا التحذير بسبب ما يراود ذهن الإنسان من مفاهيم مغلوطة خطرة، إذ يقوم بعض أدعياء الصلاح بتوجيه النصائح على شاكلة قولهم: لا يمكن إصلاح الناس إلاّ بالقوّة. أو يجب غسل الدم بالدم. أو الترحم على الذئب ظلم للخراف وأمثال ذلك من الوساوس التي تنتهي إلى مقابلة السيئة بالسيئة.
القرآن الكريم يقول: إيّاكم والسقوط في مهاوي هذه الوساوس، ولا تلجأوا إلى القوّة إلاّ في موارد معدودة، وعندما يواجهكم أمثال هذا الكلام فاستعينوا بالله واعتمدوا عليه لأنّه يسمع الكلام ويعلم النيات.
، فحين تذكر ربك ، و تتجه إليه بقلبك ، يصلك المدد من الملائكة الذين يثبت الله بهم أقدام المؤمنين عند مظنة الزلل . إن الشيطان الغوي يجند لمحاربتك جنوده ، و يوسوس إليك بأمانيه و غروره ،و الريب و اليأس ، و لكــــن إذا أقبلت إلى ربك ، و ذكرته في سرك ، هرب إبليس و جنوده ، و خرجت منتصرا .
وأخيراً، تتضمّن الآية الدعوة إلى الاستعاذة بالله على مفهوم واسع، وما ذكر هو أحد المصاديق لذلك..
ملاحظتان
أوّلا: برنامج الدعاء إلى الله
لقد تضمّنت الآيات الأربع ـ أعلاه ـ أربعة بحوث بالنسبة الى كيفية الدعوة .إلى الله تعالى. والخطوات الأربع هي:
أوّلا: البناء الذاتي للدعاة من حيث الإيمان والعمل الصالح.
ثانياً: الاستفادة من أسلوب «دفع السيئة بالحسنة».
ثالثاً: تهيئة الأرضية الأخلاقية لإنجاز هذا الأسلوب والعمل به.
رابعاً: رفع الموانع من الطريق ومحاربة الوساوس الشيطانية.
لقد قدّم لنا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة من أهل بيته(عليهم السلام) خير أسوة وقدوة في تنفيذ هذا البرنامج والإلتزام به، و الإلتزام بهذا البرنامج يعتبر أحد الأسباب التي أدّت بالاسلام في ذلك العصر المظلم الى الأتساع والانتشار.
واليوم يشهدعلم النفس العديد من البحوث والدراسات حول وسائل التأثير على الآخرين، إلاّ أنّها تعتبر شيئاً تافهاً في مقابل عظمة الآيات أعلاه، خصوصاً وأن البحوث هذه عادة ما تتعامل مع ظواهر الإنسان وتستهدف الكسب السريع العاجل ولو من خلال التمويه والخداع، لكن البرنامج القرآني يخوض في أعماق النفس البشرية ويؤسس قواعد تأثيره على مضمون الإيمان والتقوى.
واليوم; ما أحلى أن يلتزم المسلمون ببرنامج دينهم، ويعمدون إلى نشر الإسلام في عالم متلهف إلى قيم السماء.
ثانياً: الإنسان في مواجهة عواصف الوسواس:
ثمّة منعطفات صعبة في حياة المؤمنين يكمن فيها الشيطان، ويحاول أن ينزغ
ويحيد بالإنسان عن طريق السعادة وكسب رضا الله تعالى.
وعلى الإنسان في مقابل وسواس الشيطان أن يعتمد في تجاوزها على الله، وإلاّ فإنّه لا يستطيع ذلك لوحده، فعليه أن يتوكل على الله ليجتاز عقبات الطريق ومخاطره، ويتمسك بحبل الله المتين.
لقد ورد في الحديث أن شخصاً أساء لآخر في محضر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فثار الغضب في قلبه واشتعلت فيه هواجس الثار، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّي لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنهُ الغضب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم».
فقال الرجل: أمجنوناً تراني؟
فاستند رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى القرآن وتلا قوله تعالى: (وإمّا ينزغنّك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله)
وهذه إشارة إلى أنّ ثورة الغضب من وسواس الشيطان، مثلما تعتبر ثورة الشهوة والهوى من وسواسه أيضاً.
ونقرأ في كتاب «الخصال» أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)علّم أصحابه أربعمائة باب تنفع المسلمين في الدين والدنيا، من ضمنها قوله(عليه السلام) لهم: «إذا وسوس الشيطان إلى أحدكم فليستعذ بالله وليقل: آمنت بالله مخلصاً له الدين»
************************************************** ************************************************** ******
تفسير الأمثل
تفسير الميزان
تفسير مجمع البيان
تفسير من هدي القرآن
تفسير التبيان للطوسي
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله عز وجل في محكم كتابه الكريم:
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِّمَّن دَعَآ إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَاـلِحاً وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ الْمُسْلِمِينَ( 33 ) وَلاَ تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَميِمٌ ( 34 )وَمَا يُلَقَّـاهَآ إَلاَّ الَّذيِنَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّـاهَآ إَلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيم ( 35 )وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَاـنِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ( 36 ) سورة فصلت
بعد بيان الدعوة إلى الله وأوصاف الدعاة إلى اللّه، شرحت الآيات أُسلوب الدعوة وطريقتها، فقال تعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة)
في الوقت الذي لا يملك فيه أعداؤكم سوى سلاح الأفتراء والاستهزاء والسخرية والكلام البذيء وأنواع الضغوط والظلم; يجب أن يكون سلاحكم ـ أنتم الدعاةـ التقوى الطهر وقول الحق واللين والرفق والمحبّة.
ورد في الميزان في قوله تعالى: { لا تستوي الحسنة ولا السيئة } أي الخصلة الحسنة والسيئة من حيث حسن التأثير في النفوس، و { لا } في { ولا السيئة } زائدة لتأكيد النفي..انتهى
وبالرغم من أنّ (الحسنة) و(السيئة) تنطويان على مفهومين واسعين، إذ تشمل الحسنة كلّ إحسان وجميل وخير وبركة، والسيئة تشمل كلّ انحراف وقبح وعذاب، إلاّ أنّ الآية تقصد ذلك الجانب المحدّد من السيئة والحسنة، الذي يختص بأساليب الدعوة.
لكن بعض المفسّرين فسّر الحسنة بمعنى الإسلام والتوحيد، والسيئة بمعنى الشرك والكفر.
وقال البعض: (الحسنة) هي الأعمال الصالحة. و(السيئة) الأعمال القبيحة.
وهناك من قال: إنّ (الحسنة) هي الصفات الإنسانية النبيلة، كالصبر والحلم والمداراة والعفو، بينما السيئة بمعنى الغضب والجهل والخشونة.
ولكن التّفسير الأوّل هو الأفضل حسب الظاهر.
في حديث عن الإمام الصادق أنّه(عليه السلام) قال في تفسير الآية أعلاه:«الحسنة التقية، السيئة الإذاعة». وطبعاً فان هذا الحديث الشريف ناظر الى الموارد التي تكون فيها الاذاعة سبباً في اتلاف الطاقات والكوادر الجيدة وافشاء الخطط للاعداء.
ثم تضيف الآية: (ادفع بالتي هي أحسن)
بيّن سبحانه ما يلزم على الداعي من الرفق بالمدعوّ خاطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال تعالى ادفع بالتي هي أحسن
إدفع الباطل بالحق، والجهل والخشونة بالحلم والمداراة، وقابل الإساءة بالإحسان، فلا ترد الإساءة بالإساءة، والقبح بالقبح، لأنّ هذا أسلوب من همّه الانتقام، ثمّ إنّ هذا الأسلوب يقود إلى عناد المنحرفين أكثر.
وتشيرالآية في نهايتها إلى فلسفة وعمق هذا البرنامج في تعبير قصير، فتقول: إنّ هذا التعامل سيقود إلى: (فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنّه ولي حميم). فإنك إذا دفعت خصومك بلين ورفق ومداراة صار عدّوك الذي يعاديك في الدين بصورة وليّك القريب فكأنّه وليّك في الدين وحميمك في النسب وقيل: المراد ان من اساء اليك فأحسن اليه ليعود عدوك وليك. وكأنه حميمك. والحميم القريب الذي يحم لغضب صاحبه. . قيل: { الذي بينك وبينه عداوة } أبلغ من { عدوك } ولذا اختاره عليه مع اختصاره
إنّ ما يبيّنه القرآن هنا، مضافاً إلى ما يشبهه في الآية (96) من سورة المؤمنين في قوله تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن السيئة) يعتبر من أهم وأبرز أساليب الدعوة، خصوصاً حيال الأعداء والجهلاء والمعاندين. ويؤيد ذلك آخر ما توصلت إليه البحوث والدراسات في علم النفس.
لأنّ كلّ من يقوم بالسيئة ينتظر الرد بالمثل، خاصة الأشخاص الذين هم من هذا النمط; وأحياناً يكون جواب السيئة الواحدة عدّة سيئات. أمّا عندما يرى المسيء أنّ من أساء إليه لا يرد السيئة بالسيئة وحسب، وإنّما يقابلها بالحسنة، عندها سيحدث التغيير في وجوده، وسيؤثر ذلك على ضميره بشدّة فيوقظه، وستحدث ثورة في أعماقه، سيخجل ويحس بالحقارة وينظر بعين التقدير والأكبار إلى من أساء إليه.
وهنا ستزول الأحقاد والعداوات من الداخل وتترك مكانها للحبّ والمودّة.
ومن الضروري أن نشير هنا إلى أنّ هذا الأمر لا يمثل قانوناً دائماً، وإنّما هو صفة غالبة، لأنّ هناك أقلية تحاول أن تسيء الاستفادة من هذا الأسلوب، فما لم ينزل بها ما تستحق من عقاب فإنّها لا تترك أعمالها الخاطئة.
ولكن في نفس الوقت الذي نستخدم العقوبة والشدة ضدّ هذه الأقلية، علينا أن لا نغفل عن أنّ القانون المتحكم بالأكثرية هو قانون: «ادفع السيئة بالحسنة».
ورد في تفسير «علي بن إبراهيم»: أدّب الله نبيّه فقال: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن)، قال: ادفع سيئة من أساء إليك بحسنتك، حتى يكون( الذي بينك وبينهُ عداوة كأنّه ولي حميم)»
لذلك رأينا أنّ رسول الإسلام(صلى الله عليه وآله وسلم) والقادة من أئمة أهل البيت(عليهم السلام) كانوا يستفيدون دائماً من هذا الأسلوب القرآني العظيم، ففي فتح مكّة مثلا كان الأعداء ـ وحتى الأصدقاءـ ينتظرون أن تسفك الدماء وتؤخذ الثارات من الكفار والمشركين والمنافقين الذين أذاقوا المؤمنين ألوان الأذى والعذاب في مكّة وخارجها، من هنا رفع بعض قادة الفتح شعار «اليوم يوم الملحمة، اليوم تسبى الحرمة، اليوم أذلّ الله قريشاً» لكن ماكان من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وتنفيذاً لأخلاقية «ادفع السيئة بالحسنة» إلاّ أن عفا عن الجميع وأطلق كلمته المشهورة: «اذهبوا فأنتم الطلقاء». ثمّ أمر(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يستبدل الشعار الإنتقامي بشعار آخر يفيض إحساناً وكرماً هو: «اليوم يوم المرحمة، اليوم أعزّ الله قريشاً»
لقد أحدث هذا الموقف النبوي الكريم عاصفة في أرض مشركي مكّة حتى أنّه على حدّ وصف كتاب الله تعالى بدأوا: (يدخلون في دين الله أفواجاً).
لكن برغم ذلك، نرى أنّ النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) استثنى بعض الأشخاص من العفو العام هذا، كما نقله أصحاب السيرة، لأنّهم كانوا خطرين ولم يستحقوا العفو النبوي الكريم الذي عبّر فيه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) عن خلق الإسلام ومنطق النّبيين حينما قال: «لا أقول لكم إلاّ كما قال يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين»
«ولي» هنا بمعنى الصديق. و(حميم) تعني في الأصل الماء الحار المغلي، وإذا قيل لعرق جسم الإنسان (حميمَ) فذلك لحرارته، ولهذا السبب يطلق اسم «الحمّام»على أماكن الغسل، ويقال أيضاً للأصدقاء المخلصين والمحبين للشخص «حميم» والآية تقصد هذا المعنى.
وفي قوله تعالى: (كأنّه ولي حميم) حتى وإن لم تكن تعني أنّ الشخص لم يكن كذلك حقاً، إلا أنّ ظاهره سيكون كذلك على الأقل.
إنّ هذا الأسلوب من التعامل مع المعارضين و الأعداء ليس بالأمر العادي السهل، والوصول إليه يحتاج إلى بناء أخلاقي عميق، لذلك فإنّ الآية التي بعدها تبين الأسس الأخلاقية لمثل هذا التعامل في تعبير قصير ينطوي على معاني كبيرة، حيث يقول تعالى: (وما يلقاها إلاّ الذين صبروا)و كذلك: (وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم).
{ وما يلقاها } أي وما يلقّى هذه الفعلة وهذه الحالة التي هي دفع السّيئة بالحسنة { إلا الذين صبروا } على كظم الغيظ واحتمال المكروه. وقيل: إلا الذين صبروا في الدنيا في الأذى عن أبي عبد الله (عليه السلام) ولا يؤتاها { إلا ذو حظ عظيم } أي ذو نصيب وافر من الرأي والعقل. وقيل: إلا ذو نصيب عظيم من الثواب والخير وقيل: الحظ العظيم الجنة عن قتادة وما يلقّاها إلا من وجبت له الجنة وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) وما يلقّاها إلا كلّ ذي حظّ عظيم.من كان حظه عظيما من اليقين و الحكمة حسن خلقه ، و صبر على المكاره . اعتقد بعض المفسّرين أن قوله تعالى: (وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) إشارة إلى الثواب العظيم لمثل هؤلاء الأشخاص العافين الذ ي ينالهم في الآخرة، لكن هذا التّفسير مستبعد بسبب أنّ الآية تريد أن تبين الأساس الأخلاقي لهذا العمل العظيم.
و الآية تشير الى أن من يرد الإساءة بالإحسان يكون مجمل حظه عظيما ( حيث جاءت الكلمة مطلقة ) مما يعني أنه ينتصر في صراعه مع منافسيه و اعدائه ، و يتمتع بالتقدم و الرقي في كافة الحقول .لأن الإستقامة ، و رد الإسائة بالإحسان ، و الصبر ، صعب مستصعب ، فإن الإنسان الذي خلق من ضعف قد يسقط تحت الضغوط ، فلا ينبغي اليأس و الإسترسال في الهبوط ، بل لابد من تجديد العزم ، و تجاوز حالة الضعف ، و الإعتصام بحبل الله ، و الإستعاذة به .
على الإنسان أن يجاهد نفسه مدّة طويلة حتى يستطيع أن يسيطر على غضبه، يجب أن تكون روحه قوية في ظلّ الإيمان والتقوى حتى لا يستطيع أن يتأثر بسرعة وبسهولة بإيذاء الأعداء، ولا يطغى عنده حب الإنتقام، فتلزمه الروح الواسعة وانشراح الصدر بالمقدار الكافي، حتى يصل الإنسان إلى هذه المرحلة من الكمال بحيث يقابل السيئات بالإحسان. وعليه أن يتجاوز مرحلة العفو ليصل إلى منزلة «دفع السيئة بالحسنة» وأن يحتسب كلّ ذلك في سبيل الله تعالى بغية تحقيق الأهداف المقدّسة.
وهنا أيضاً ـ كما تلاحظون ـ تواجهنا قضية «الصبر» بوصف هذه الخصلة الأساس المتين لكل الملكات الأخلاقية الفاضلة، وهي شرط في التقدم المعنوي
والمادي.
إنّ هناك ـ بلا شك ـ موانع تحول دون الوصول إلى هذا الهدف العظيم، وإنّ وساوس الشيطان تمنع الإنسان من تحقيق ذلك بوسائل مختلفة، لذلك نرى الآية الأخيرة تخاطب الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم)بوصفه الأسوة والقدوة فتقول له: (وإمّا ينزغنّك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم }
«نزغ» في الآية الكريمة يمكن أن تكون بنفس معناها المصدري أو أن تكون «اسم فاعل».
النزغ النخس وهو غرز جنب الدابة أو مؤخرها بقضيب ونحوه ليهيج، و { ما } في { إما ينزغنك } زائدة والأصل وإن ينزغنك فاستعذ.بالله
والنازغ هو الشيطان أو تسويله ووسوسته، والأول هو الأنسب لمقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنه لا سبيل للشيطان إليه بالوسوسة غير أنه يمكن أن يقلب له الأُمور بالوسوسة على المدعوين من أهل الكفر والجحود فيبالغوا في جحودهم ومشاقتهم وإيذائهم له فلا يؤثر فيهم الدفع بالأحسن ويؤل هذا إلى نزغ من الشيطان بتشديد العداوة في البين كما في قوله:
{ من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي }
[يوسف: 100]،
«نزغ» تعني الدخول في عمل ما لإفساده، ولهذا السبب يطلق على الوساوس الشيطانية «نزغ» وهذا التحذير بسبب ما يراود ذهن الإنسان من مفاهيم مغلوطة خطرة، إذ يقوم بعض أدعياء الصلاح بتوجيه النصائح على شاكلة قولهم: لا يمكن إصلاح الناس إلاّ بالقوّة. أو يجب غسل الدم بالدم. أو الترحم على الذئب ظلم للخراف وأمثال ذلك من الوساوس التي تنتهي إلى مقابلة السيئة بالسيئة.
القرآن الكريم يقول: إيّاكم والسقوط في مهاوي هذه الوساوس، ولا تلجأوا إلى القوّة إلاّ في موارد معدودة، وعندما يواجهكم أمثال هذا الكلام فاستعينوا بالله واعتمدوا عليه لأنّه يسمع الكلام ويعلم النيات.
، فحين تذكر ربك ، و تتجه إليه بقلبك ، يصلك المدد من الملائكة الذين يثبت الله بهم أقدام المؤمنين عند مظنة الزلل . إن الشيطان الغوي يجند لمحاربتك جنوده ، و يوسوس إليك بأمانيه و غروره ،و الريب و اليأس ، و لكــــن إذا أقبلت إلى ربك ، و ذكرته في سرك ، هرب إبليس و جنوده ، و خرجت منتصرا .
وأخيراً، تتضمّن الآية الدعوة إلى الاستعاذة بالله على مفهوم واسع، وما ذكر هو أحد المصاديق لذلك..
ملاحظتان
أوّلا: برنامج الدعاء إلى الله
لقد تضمّنت الآيات الأربع ـ أعلاه ـ أربعة بحوث بالنسبة الى كيفية الدعوة .إلى الله تعالى. والخطوات الأربع هي:
أوّلا: البناء الذاتي للدعاة من حيث الإيمان والعمل الصالح.
ثانياً: الاستفادة من أسلوب «دفع السيئة بالحسنة».
ثالثاً: تهيئة الأرضية الأخلاقية لإنجاز هذا الأسلوب والعمل به.
رابعاً: رفع الموانع من الطريق ومحاربة الوساوس الشيطانية.
لقد قدّم لنا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة من أهل بيته(عليهم السلام) خير أسوة وقدوة في تنفيذ هذا البرنامج والإلتزام به، و الإلتزام بهذا البرنامج يعتبر أحد الأسباب التي أدّت بالاسلام في ذلك العصر المظلم الى الأتساع والانتشار.
واليوم يشهدعلم النفس العديد من البحوث والدراسات حول وسائل التأثير على الآخرين، إلاّ أنّها تعتبر شيئاً تافهاً في مقابل عظمة الآيات أعلاه، خصوصاً وأن البحوث هذه عادة ما تتعامل مع ظواهر الإنسان وتستهدف الكسب السريع العاجل ولو من خلال التمويه والخداع، لكن البرنامج القرآني يخوض في أعماق النفس البشرية ويؤسس قواعد تأثيره على مضمون الإيمان والتقوى.
واليوم; ما أحلى أن يلتزم المسلمون ببرنامج دينهم، ويعمدون إلى نشر الإسلام في عالم متلهف إلى قيم السماء.
ثانياً: الإنسان في مواجهة عواصف الوسواس:
ثمّة منعطفات صعبة في حياة المؤمنين يكمن فيها الشيطان، ويحاول أن ينزغ
ويحيد بالإنسان عن طريق السعادة وكسب رضا الله تعالى.
وعلى الإنسان في مقابل وسواس الشيطان أن يعتمد في تجاوزها على الله، وإلاّ فإنّه لا يستطيع ذلك لوحده، فعليه أن يتوكل على الله ليجتاز عقبات الطريق ومخاطره، ويتمسك بحبل الله المتين.
لقد ورد في الحديث أن شخصاً أساء لآخر في محضر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فثار الغضب في قلبه واشتعلت فيه هواجس الثار، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّي لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنهُ الغضب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم».
فقال الرجل: أمجنوناً تراني؟
فاستند رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى القرآن وتلا قوله تعالى: (وإمّا ينزغنّك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله)
وهذه إشارة إلى أنّ ثورة الغضب من وسواس الشيطان، مثلما تعتبر ثورة الشهوة والهوى من وسواسه أيضاً.
ونقرأ في كتاب «الخصال» أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)علّم أصحابه أربعمائة باب تنفع المسلمين في الدين والدنيا، من ضمنها قوله(عليه السلام) لهم: «إذا وسوس الشيطان إلى أحدكم فليستعذ بالله وليقل: آمنت بالله مخلصاً له الدين»
************************************************** ************************************************** ******
تفسير الأمثل
تفسير الميزان
تفسير مجمع البيان
تفسير من هدي القرآن
تفسير التبيان للطوسي