أبوبخيت
02-12-2007, 10:50 PM
إن من أعظم الدلائل على إمامة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب بعد رسول الله صلى الله عليه واله هي آية المباهله لأن عليٍ كان هو نفس الرسول وإليكم هذه المصادر الشيعيه والسنيه التي تثبت كلامي
آية المباهلة . نـقـرا في الاية 61 من سورة آل عمران : ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاك من العلم فقل تعالوا ندع ابنانا وابناكم ونسانا ونساكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة اللّه على الكافرين ).
هنا ينبغي توضيح بعض الامور :.
اولا : مضمون الاية .
ثانيا : من الذين تذكرهم الروايات التي جات في المصادر الاسلامية المعروفة في تفسير هذه الاية ؟.
ثالثا : كيفية الاستدلال بهده الاية على افضلية علي وفاطمة والحسن والحسين (ع ).
رابعا : الرد على بعض الشبهات فيما يتعلق بهذه الاية .
مضمون آية المباهلة . تدل الاية اعلاه بالاضافة الى الايات التي نزلت قبلها وبعدها ان النبي (ص )يؤمر في مواجهة اصرار النصارى على التمسك بعقائدهم المحرفة كزعمهم بالوهية عيسى (ع ) مثلا , وعدم جدوى المنطق والاستدلال ازا عنادهم , فكان لابدللنبي (ع ) من التضرع وان يسلك طريق المباهلة , ويثبت صدق كلامه من خلال هذاالطريق المعنوي , اي يباهلهم ليتبين الصادق من الكاذب والـمـبـاهـلـة في الاصل من مادة ((بهل )) (على وزن اهل ) وتعني الترك , من هنافعندما يتركون الحيوان لحاله ولا يلفون ثداياه في كيس خاص ـ لمنع وليده من الرضاعة ـ يقولون له : ((باهل )) , و((الابتهال )) في الدعا تعني التضرع وايكال الامر الى اللّه تعالى .
وتـارة فسروا هذه الكلمة بمعنى ((الهلاك واللعن والطرد من اللّه )) , وذلك ايضابسبب ترك العبد وايكاله الى نفسه والخروج عن ظل لطف اللّه سبحانه .
هـذا الـراي هـو الاصـل الـلغوي , اما من ناحية ((المفهوم المتداول )) الذي اشير اليه في الاية , فـالـمـباهلة الملاعنة بين شخصين , من هنا فعندما لاتجدي الاستدلالات المنطقية , ويجتمع الذين يدور بينهم جدلا بشان مسالة دينية مهمة ويتضرعون الى اللّه سائلين منه ان يفضح الكاذب ويعاقبه , وهو مافعله النبي (ص ) في مواجهة نصارى نجران , حيث اشير اليه في الاية .
ومن خلال ماذكر نلقي نظرة على تفسير هذه الاية , فقول :.
(فـمـن حـاجـك فـيـه من بعد ماجاك من العلم فقل تعالوا ندع ابنانا وابناكم ونسانا ونساكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة اللّه على الكافرين ).
لاشـك ان هـذه الواقعة التاريخية قد حصلت من ولم يستطع احد انكارها ,ومفادها : ان النبي (ص ) اختار نفرا واصطحبهم معه للمباهلة .
جـا فـي الـروايات الاسلامية التي نقلها المفسرون والمحدثون : لما نزلت الاية اعلاه اقترح النبي (ص ) عـلـى نـصـارى نـجـران الـمباهلة , فطلب زعما النصارى من النبي (ص ) مهلة يوم واحد ليتشاوروا في الامر , فقال لهم حبرهم :.
انـظروا محمدا في غد فان غدا بولده واهله فاحذروا مباهلته , وان غدا باصحابه فباهلوه فانه على غـير شي فلما كان الغد جا النبي (ص ) آخذا بيد علي والحسن والحسين بين يديه يمشيان وفاطمة تـمـشي خلفه , وخرج النصارى يقدمهم اسقفهم , فلماراى النبي (ص ) قد اقبل بمن معه سال عنهم فقيل له : هذا ابن عمه وزوج ابنته واحب الخلق اليه , وهذان ابنا بنته من علي (ع ) , وهذه الجارية بنته فاطمة اعز الناس عليه واقربهم الى قلبه , وتقدم رسول اللّه فجثا على ركبتيه قال الاسقف جثا واللّه كـمـا جـثـاالانـبـيـا للمباهلة , فرجع ولم يقدم على المباهلة , فقال الاسقف : ياابا القاسم انا لانباهلك ولكن نصالحك ((259)) .
وجـا هذا المضمون ايضا باختلافات طفيفة لا تضر باصل القضية في الكثير من التفاسير الاخرى , مـثـل تفسير الفخر الرازي (ج8 ص 10) والقرطبي (ج2 ص 1346)وروح البيان (ج2 ص 44) وروح الـمـعـانـي (ج3 ص 188) والـبحر المحيط (ج2 ص 472)وتفسير البيضاوي (ذيل آية البحث ) وتفاسير آخرى .
والان نتوجه نحو كتب الحديث :.
المباهلة في اقوال المحدثين . وردت روايات كثيرة تعد موثوقة ومعتبرة في مصادر اهل السنة ومصادر اهل البيت (ع ) حيث تفيد بصريح القول : ان آية المباهلة نزلت بحق علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام منها :.
1 ـ روي في صحيح مسلم في كتاب ((فضائل الصحابة )) في باب فضائل علي بن ابي طالب (ع ) عن سـعـد بن ابي وقاص ان معاوية قال لسعد : ((ما منعك ان تسب اباتراب )) ؟ قال : اما ماذكرت ثلاثا قالهن له رسول اللّه (ص ) فلن اسبه لئن تكون لي واحدة منها لكانت احب الي من حمر النعم , ثم اخذ يذكر قصة حديث المنزلة في (معركة تبوك ) وقصة اعطا الراية لعلي (ع ) ابان معركة خيبر , ثم يـضـيـف : ولما نزلت هذه الاية (قل تعالوا ندع ابنانا وابناكم ) دعا رسول اللّه (ص ) عليا وفاطمة وحسناوحسينا فقال : اللهم هؤلا اهلي ((260)) .
روى هذا الحديث جماعة آخرون من عظما اهل السنة مثل ((261)) .
فـبـعـد نقله يضيف يقول ابو عيسى : انه حديث حسن وصحيح وغريب (لعل غرابته تكمن في عدم اتفاقه مع حكمه المسبق الملي بالتعصب ).
واحمد بن حنبل في مسنده ((262)) .
والبيهقي في السنن الكبرى ((263)) .
والسيوطي في الدر المنثور ((264)) .
2 ـ وفـي مـوضع آخر من صحيح الترمذي ايضا نقل الحديث عن سعد بن ابي وقاص : انه لما نزلت آيـة الـمـبـاهـلـة دعـا النبي (ص ) عليا وفاطمة والحسن والحسين (ع ) وقال : اللهم هؤلا اهلي ((265)) .
والرواية نفسها نقلها الحاكم في ((مستدرك الصحيحين )) , واخيرا يقول : هذاحديث صحيح موافق لمعايير الشيخين ((266)) .
كما نقله البيهقي ايضا في السنن الكبرى ((267)) .
3 ـ يروي السيوطي في ((الدر المنثور)) عن ((الحاكم )) , و((ابن مردويه )) و((ابونعيم )) فـي ((الـدلائل )) , عـن ((جـابـر بـن عبد اللّه الانصاري )) : لما عزم النبي (ص ) على مباهلة الـنـصـارى , اخذ في اليوم التالي بيد علي وفاطمة والحسن والحسين (ع ) واتى بهم الى المباهله , لكنهم لم يباهلوا , ثم يضيف جابر : ان آية (( تعالوا ندع ابناناوابناكم نزلت بحق هؤلا ((268)) .
يقول السيوطي : هذا حديث صحيح لدى ((الحاكم )).
4 ـ ويـروى عن ابن عباس في كتاب الدر المنثور نفسه ان وفد نصارى نجران جاالى النبي (ص ) وبـعـد تفصيله لقصة المباهلة ورجوع نصارى نجران يضيف : كان هذالما خرج النبي (ص ) وكان مـعـه علي وفاطمة والحسن والحسين (ع ) وقال لهم : ان دعوت انا فامنوا انتم , فابوا ان يلاعنوه وصالحوه على الجزية .
5 ـ وفـي نـفـس الـكـتاب يروي عن ((ابن جرير)) عن (( العلبا بن احمر اليشكري )) ,عندما ((269)) نـزلـت آيـة قـل تعالوا ندع ابنانا 000 ودعا النبي (ص ) بعلي وفاطمة وابنيهما الحسن والحسين (ع ) واقترح على المخالفين المباهله فابوا ((270)) .
6 ـ يـروي العلامة الطبري في تفسيره وبسنده عن (( زيد بن علي )) في تفسير هذه الاية : كان النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين ((271)) .
7 ـ ويـروي فـي نـفـس الـكتاب ايضا بسنده عن السدي في ذيل هذه الاية : اخذالنبي بيد الحسن والحسين وفاطمة وقال لعلي اتبعنا ((272)) .
8 ـ يـقـول العلامة ((ابو بكر الحصاص )) وهو من علما القرن الرابع الهجري في كتاب ((احكام القرآن )) في تعبير مفيد بصدد المباهلة : ان رواة السير ونقلة الاثر لم يختلفوا في ان النبي (ص ) اخذ بيد الحسن والحسين وعلي وفاطمة (ع ) ودعا النصارى الذين حاجوه الى المباهلة ((273)) .
وعلى ضؤ قول الجصاص فان هذه القضية محل اجماع واتفاق علما الحديث والتاريخ جميعا.
9 ـ يـقـول هـذا العالم نفسه في كتاب آخر نحت عنوان ((معرفة علوم الحديث )) بعدذكره لقصة المباهلة : قال الحاكم وقد تواترت الاخبار في التفاسير عن عبد اللّه بن عباس وغيره ان رسول اللّه (ص ) اخذ يوم المباهلة بيد علي وحسن وحسين وجعلوافاطمة وراهم ثم قال : هؤلا ابنانا وانفسنا ونسانا ((274)) .
هـذا جانب فقط من الروايات المتعلقة بقصة المباهلة ونزولها بحق هؤلا , ومن الطبيعي ان اختلاف هـذه الاحاديث في بعض الجزئيات مثل ان كانت فاطمة مع النبي (ص ) ام انها جات خلفه , ام ان عليا (ع ) كـان الى جانب النبي (ص ) ام خلفه ,لا يترك اثرا على اصل القضية , لان ثمة اختلاف في نقل جـزئيـات وفـروع ومتعلقات الكثير من الوقائع التاريخية المسلم بها , مثل معركة بدر , وخيبر , والاحـزاب , وفـتـح مـكـة , ومـن الـنـادر ان نستطيع العثور على واقعة تاريخية مهمة تخلو من هذه الاختلافات في مثل هذه الامور الثانوية .
عـلى اية حال فالروايات اعلاه وبشهادة جماعة من عظما اهل السنة كثيرة ومشهورة بحيث وصلت الى حد التواتر , مع هذا فان من العجب ان يقول صاحب تفسير المنار في ذيل هذه الاية : قال الاستاذ الامـام : الـروايـات متفقة على ان النبي (ص )اختار للمباهلة عليا وفاطمة وولديهما ويحملون كلمة نـسانا على فاطمة ,وكلمة انفسنا على علي (ع ) فقط , ومصادر هذه الروايات الشيعة منهامعروف ((275)) .
انه لمدهش حقا , فعندما تتركز قاعدة الحكم المسبق والتعصبات الطائفية يتفوه عالم معروف كمؤلف كـتـاب الـمـنار بكلام لا يخفى خواؤه على احد , هل ان ((صحيح مسلم و صحيح الترمذي ومسند احـمـد من مصادر الشيعة ؟ وهل ان علما الشيعة كتبواسنن البيهقي , والدر المنثور للسيوطي , و احكام القرآن للجصاص , وتفسير الطبري ,ومستدرك الحاكم )) ؟.
ان خطا بهذا المستوى لا يحصل الا نتيجة لحجاب التعصب .
فـمن ناحية يقول الموما اليه : ان الروايات التي نقلت هذا الحديث ((متفق عليها))ومن ناحية اخرى يضعها موضع التشكيك .
فاذا كانت كتب مثل صحيح مسلم , والترمذي , ومسند احمد , وما شابههابحيث يستطيع الشيعة وضع روايات ودسها فيها بحيث تغدو متواترة , فاي قيمة تبقى لهذه الكتب ؟ وكيف يتسنى قبول ولو حديث واحد منها ؟.
في واقع الامر ان مؤلف المنار بكلامه هذا افقد اعتبار المصادر المعروفة لاهل السنة , وسلب منها قيمتها بالكامل , نعم فهو اراد التنكر لفضيلة علي وفاطمة وابنيهما (ع ) بيد انه وجه ضربة قاصمة لاصل المذهب السني والـكـلام الوحيد الذي يبقى هنا هو الشبهة التي اثارها المنار وآخرون بصدد((ضمائر الجمع )) الموجودة في الاية , وسنتطرق اليه فيما بعد بشكل مفصل .
اهمية المباهلة . ان اول امـر يـثـير الاهتمام في هذه الاية هو امكانية طرح قضية المباهلة على انهادليل جلي على حـقـانـيـة وصدق النبي (ص ) في مسالة ادعائه للرسالة , لانه من المتعذر على الذي لا يملك ايمانا جازما بصلته بالباري عزوجل ان يدخل مثل هذاالميدان , اي ليدعو معارضيه ان تعالوا ندعو اللّه ان يفضح الكاذب , وانا اعطي عهداعلى ان دعائي على اعدائي سيحصل بشكل عملي , وسترون نتيجة ذلك مـن الـمسلم به ان دخول مثل هذا الميدان خطير للغاية , فلو يستجاب الدعا ولايظهر اثر من عقاب الـخـصـوم , فلا تكون هناك نتيجة سوى فشل الداعي , واي انسان عاقل لا يدخل هذا الميدان مالم يطمئن الى النتيجة .
مـن هـنا نقرا في الروايات الاسلامية : لما حضر النبي (ص ) الى المباهلة استمهله نصارى نجران لـيـفكروا في الامر , وعندما راوا ان النبي (ص ) اصطحب معه الاشخاص الذين يمكن ان تستجاب دعـوتهم , وحضر الى المباهلة بعيدا عن المراسيم والضجيج , اعتبروا ذلك دليلا آخر على صدق دعوته فانصرفوا عن المباهلة , لئلا يصيبهم العذاب الالهي .
فـعـندما راوا ان النبي (ص ) جا بنفر قليل من خاصته وحامته وابنائه الصغاروابنته فاطمة (س ) , اضطربوا وذعروا وابوا المباهلة .
ومـن جـهـة آخـرى فـان هذه الاية سند واضح على المقام الشامخ لال النبي (ص ) , علي وفاطمة والحسن والحسين (ع ) , لان الاية فيها ثلاث كلمات ,((انفسنا , ونسائنا , وابنانا)) , ولاشك في ان المراد من ((ابنائنا)) الامام الحسن والحسين (ع ) ولا اعتراض في ذلك ابدا , ولا تنطبق كلمة ((نـسانا)) على احد سوى فاطمة (س ) , واما كلمة ((انفسنا)) فمن المتيقن بانها ليست اشارة الى شخص النبي (ص ) , لان الاية تقول :.
ندع وانفسنا, فان كان المراد هو النبي (ص ), فان دعوة الانسان لنفسه لا معنى لها, بنا على ذلك فلا يبقى سبيل الا ان نقول : ان المراد هو علي (ع ) فحسب .
والـمـلـفـت لـلنظر هو ان (( الفخر الرازي )) ينقل في ذيل هذه الاية عن (( محمود بن الحسن الـحمصي )) وهو من علما الشيعة , انه يثبت من خلال هذه الاية ان علياافضل من الانبيا والصحابة اجمعين بعد النبي (ص ) فيقول : ليس المراد بقوله (وانفسنا) نفس محمد (ص ) لان الانسان لايدعو نـفـسه بل المراد به غيره , واجمعواعلى ان ذلك الغير كان عليا (ع ) فدلت الاية على ان نفس علي هـي نفس محمد(ص ), ولا يمكن ان يكون المراد منه ان هذه النفس هي عين تلك النفس ,فالمراد ان هذه النفس مثل تلك النفس , وذلك يقتضي الاستوا في جميع الوجوه .
ثـم الاجماع دل على ان محمدا (ص ) كان افضل من سائر الانبيا (ع ) فيلزم ان يكون علي افضل من سـائر الانـبـيـا(ع ) فهذا وجه الاستدلال بظاهر هذه الاية , ثم قال : ويؤيد الاستدلال بهذه الاية الـحـديث المقبول عند الموافق والمخالف هو قوله (ع ) :(( من اراد ان يرى آدم في علمه , ونوحا فـي طاعته , وابراهيم في خلته , وموسى في هيبته , وعيسى في صفوته , فلينظر الى علي بن ابي طالب (ع ) )).
ثم يضيف قائلا: (واما سائر الشيعة فقد كانوا قديما وحديثا يستدلون بهذه الاية على ان عليا (رضى اللّه عـنه ) افضل من سائر الصحابة , وذلك لان الاية لما دلت على ان نفس علي ( رضى اللّه عنه ) مثل نفس محمد(ص ) الا فيما خصه الدليل وكان نفس محمد افضل من الصحابة ( رضوان اللّه عليهم ) فوجب ان يكون نفس علي افضل ايضا من سائر الصحابة ) ((276)) .
وبـعـد ايـراده لهذا الدليل يمر الفخر الرازي مر الكرام ويكتفي في الجواب قائلا:(انه كما انعقد الاجـماع بين المسلمين على ان محمدا(ص ) افضل من علي , فكذلك انعقد الاجماع بينهم قبل ظهور هذا الانسان , على ان النبي افضل ممن ليس بنبي واجمعوا على ان عليا (رضي ) اللّه عنه ما كان نبيا , فلزم القطع بان ظاهر الاية كما انه مخصوص في حق محمد(ص ), فكذلك مخصوص في حق سائر الانبياعليهم السلام ) ((277)) .
تـمـعـنـوا جـيـدا في كلام (( الفخر الرازي )) تجدوا بانه في واقع الامر لا يمتلك جوابالذلك الاسـتدلال القوي والمتين , وكانه يريد الكلام لمل الفراغ فحسب , والا فالقول بافضلية كل نبي من الانبيا على من هو غير نبي محل جدال , لان افضلية جميع انبيا اللّه على غيرهم مسلم بها في الوحي فقط , واما في غير الوحي فربما يكون هناك عظما افضل من الانبيا جميعا ما عدا رسول اللّه (ص ) , لو غضضنا النظر عن هذا فان الكلام حول افضلية علي على سائر الامة , وهذا الامر لايحتاج الى اثبات افضليته (ع ) على سائر الانبيا (تاملوا جيدا).
على اي حال , فالفضيلة التي تستنتج من هذه الاية والروايات المتواترة التي جات تعقيبا عليها تستطيع توضيح قضية خلافة النبي (ص ) لان اللّه تعالى يابى ان يكون الافضل ماموما وغير الافضل اماما, ان يكون الذي هو كنفس النبي (ص ) تابعا,ومن سواه الذي يليه في المرتبة متبوعا وفي هذه القضية لا فرق في ان نرى الامامة مشروطة بتعيين الهي ـ كما نعتقدنحن ـ او عن طريق انتخاب الامة , كما يعتقد ابنا السنة , لانه في الحالة الاولى من المحال ان يقدم اللّه تعالى (( المفضول )) عـلـى (( الافـضل )) , وفي الحالة الثانية لاينبغي للامة ان تقدم على فعل يخالف الحكمة , ولن يكون مقبولا ومرضيا فيما اقدمت عليه .
مؤاخذاتهم على آية المباهلة . الـمؤاخذة المعروفة التي اثارها صاحب المنار والاخرون بصدد نزول الاية بحق اهل البيت (ع ) , وهـي : كـيف يتسنى ان يكون المراد من (( ابنانا )) الحسن والحسين (ع ) والحال ان كلمة (( ابنا )) جـمـع ولا يـطـلق الجمع على المثنى ؟ وايضا: كيف يمكن اطلاق كلمة (( نسانا )) وهي تفيد الجمع , على السيدة فاطمة (س ) فقط؟.
وكذا كيف يمكن ان يكون المراد من (( انفسنا )) عليا وحده ؟ اذ ان (( انفسنا ))صيغة جمع ايضا, وعلي (ع ) كان واحدا.
الجواب :.
في الرد على هذا السؤال نلفت انتباهكم الى عدة امور:.
1 ـ كـمـا ذكـر بـالتفصيل فيما سبق فقد وصلتنا روايات كثيرة في الكثير من المصادرالاسلامية الـمعتبرة والمعروفة سوا من الشيعة او السنة بصدد نزول هذه الاية بشان اهل البيت , حيث صرح فيها ان النبي (ص ) لم يصطحب معه الى المباهلة غير علي وفاطمة والحسن والحسين (ع ), وهذا بذاته سيكون قرينة واضحة لتفسير الاية , فاننانعلم ان من بين القرائن التي تفسر آيات القرآن هي ( السنة وشان النزول القطعي ).
عـلى هذا الاساس , فالمؤاخذة المذكورة لا تثير اهتمام الشيعة فحسب , بل يجب على علما الاسلام جميعا الرد عليها.
2 ـ ان اطـلاق ( صيغة الجمع ـ على (( المفرد )) او (( المثنى )) ) ليس امرا مستجدا,وكثيرا ما يشاهد هذا المعنى في القرآن وغيره من الادب العربي وغير العربي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
239 - الـمـناقب : ص 189 ـ درر السمطين : ص 91ـ المناقب لعبد اللّه الشافعي : ص 154 ـ شواهد التنزيل : ج1 , ص 259.
240 - ينابيع المودة : ص /115.
241 - شواهد التنزيل : ج1 ,ص 262.
242 - للمزيد من الاطلاع , راجعوا احقاق الحق : ج14 , ص 274 و 275 والغدير : ج2 , ص 277 واحقاق الحق :ج3 , ص 296 ومابعدها, وج 14 , ص 270 ـ 277.
243 - بالتسلسل : الاية 109 و127 و145 و164 و180 من سورة الشعرا.
244 - روح المعاني : ج 25 , ص 30.
245 - شواهد التنزيل : ج2 , ص 130.
246 - نفسر المصدر : ص 131 ـ 135.
247 - نفس المصدر : ص 141.
248 - الدر المنثور : ج6 , ص 7.
249 - احقاق الحق : ج3 , ص 2.
250 - حلية الاوليا : ج3 , ص 201.
251 - مستدرك الصحيحين : ج 3 , ص 172.
252 - جامع البيان للطبري : ج25 ,ص 16.
253 - الصواعق المحرقة : ص 101.
254 - كنز العمال : ج1 , ص 118.
255 - يراجع هامش تفسير مجمع البيان مطلع سورة المؤمن (ج7 و8 ص 512).
256 - تـفـسير الكشاف : ج4 ص 220 و221 ـ تفسير الفخر الرازي ج27 , ص 165 و166 ـ تفسير القرطبي ج8 ,ض 5843.
257 - للمزيد من الاطلاع راجعوا تفسير الفخر الرازي , ج27 , ص 166 و 167.
258 - تفسير الفخر الرازي : ج27 , ص 166 ـ روح المعاني , ج25 , ص 32.
259 - مجمع البيان : ج1 و2 , ص 452 مع شي من الاختصار.
260 - صحيح مسلم : ج4 , ص 1871 , حديث 32 , الباب 4.
261 - صحيح الترمذي : ج5 , ص 638, الحديث 3732 (الباب 21 باب مناقب علي (ع ).
262 - مسند احمد بن حنبل : ج1 , ص 185.
263 - السنن الكبرى : طبقا لنقل الفضائل الخمسة , ح1 , ص 291.
264 - الدر المنثور : ذيل الاية 61 من سورة آل عمران .
265 - صحيح الترمذي : ج5 , ص 225 (الباب 4 , الحديث 2999 , ( طبعة بيروت , دار احيا التراث العربي ).
266 - مستدرك الصحيحين : ج3 , ص 150.
267 - السنن الكبرى : ج7 , ص 63.
268 - الدر المنثور : ج2 ص 38 ذيل آية البحث ( مع الاختصار ).
269 - نفس المصدر : ج39 .
270 - نفس المصدر : ص 39.
271 - تفسير الطبري : ج3 , ص 192 (وفقا لنقل احقاق الحق : ج3 , ص 47).
272 - نفس المصدر.
273 - احكام القرآن للجصاص : ج3 , ص 14.
274 - معرفة علوم الحديث : ص 50 , طبعة مصر (وفقا لنقل احقاق الحق , ج3 , ص 48).
275 - تفسير المنار : ج3 , ص 322.
276 - التفسير الكبير للفخر الرازي : ج 8 , ص 81. 277 - نفس المصدر.
آية المباهلة . نـقـرا في الاية 61 من سورة آل عمران : ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاك من العلم فقل تعالوا ندع ابنانا وابناكم ونسانا ونساكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة اللّه على الكافرين ).
هنا ينبغي توضيح بعض الامور :.
اولا : مضمون الاية .
ثانيا : من الذين تذكرهم الروايات التي جات في المصادر الاسلامية المعروفة في تفسير هذه الاية ؟.
ثالثا : كيفية الاستدلال بهده الاية على افضلية علي وفاطمة والحسن والحسين (ع ).
رابعا : الرد على بعض الشبهات فيما يتعلق بهذه الاية .
مضمون آية المباهلة . تدل الاية اعلاه بالاضافة الى الايات التي نزلت قبلها وبعدها ان النبي (ص )يؤمر في مواجهة اصرار النصارى على التمسك بعقائدهم المحرفة كزعمهم بالوهية عيسى (ع ) مثلا , وعدم جدوى المنطق والاستدلال ازا عنادهم , فكان لابدللنبي (ع ) من التضرع وان يسلك طريق المباهلة , ويثبت صدق كلامه من خلال هذاالطريق المعنوي , اي يباهلهم ليتبين الصادق من الكاذب والـمـبـاهـلـة في الاصل من مادة ((بهل )) (على وزن اهل ) وتعني الترك , من هنافعندما يتركون الحيوان لحاله ولا يلفون ثداياه في كيس خاص ـ لمنع وليده من الرضاعة ـ يقولون له : ((باهل )) , و((الابتهال )) في الدعا تعني التضرع وايكال الامر الى اللّه تعالى .
وتـارة فسروا هذه الكلمة بمعنى ((الهلاك واللعن والطرد من اللّه )) , وذلك ايضابسبب ترك العبد وايكاله الى نفسه والخروج عن ظل لطف اللّه سبحانه .
هـذا الـراي هـو الاصـل الـلغوي , اما من ناحية ((المفهوم المتداول )) الذي اشير اليه في الاية , فـالـمـباهلة الملاعنة بين شخصين , من هنا فعندما لاتجدي الاستدلالات المنطقية , ويجتمع الذين يدور بينهم جدلا بشان مسالة دينية مهمة ويتضرعون الى اللّه سائلين منه ان يفضح الكاذب ويعاقبه , وهو مافعله النبي (ص ) في مواجهة نصارى نجران , حيث اشير اليه في الاية .
ومن خلال ماذكر نلقي نظرة على تفسير هذه الاية , فقول :.
(فـمـن حـاجـك فـيـه من بعد ماجاك من العلم فقل تعالوا ندع ابنانا وابناكم ونسانا ونساكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة اللّه على الكافرين ).
لاشـك ان هـذه الواقعة التاريخية قد حصلت من ولم يستطع احد انكارها ,ومفادها : ان النبي (ص ) اختار نفرا واصطحبهم معه للمباهلة .
جـا فـي الـروايات الاسلامية التي نقلها المفسرون والمحدثون : لما نزلت الاية اعلاه اقترح النبي (ص ) عـلـى نـصـارى نـجـران الـمباهلة , فطلب زعما النصارى من النبي (ص ) مهلة يوم واحد ليتشاوروا في الامر , فقال لهم حبرهم :.
انـظروا محمدا في غد فان غدا بولده واهله فاحذروا مباهلته , وان غدا باصحابه فباهلوه فانه على غـير شي فلما كان الغد جا النبي (ص ) آخذا بيد علي والحسن والحسين بين يديه يمشيان وفاطمة تـمـشي خلفه , وخرج النصارى يقدمهم اسقفهم , فلماراى النبي (ص ) قد اقبل بمن معه سال عنهم فقيل له : هذا ابن عمه وزوج ابنته واحب الخلق اليه , وهذان ابنا بنته من علي (ع ) , وهذه الجارية بنته فاطمة اعز الناس عليه واقربهم الى قلبه , وتقدم رسول اللّه فجثا على ركبتيه قال الاسقف جثا واللّه كـمـا جـثـاالانـبـيـا للمباهلة , فرجع ولم يقدم على المباهلة , فقال الاسقف : ياابا القاسم انا لانباهلك ولكن نصالحك ((259)) .
وجـا هذا المضمون ايضا باختلافات طفيفة لا تضر باصل القضية في الكثير من التفاسير الاخرى , مـثـل تفسير الفخر الرازي (ج8 ص 10) والقرطبي (ج2 ص 1346)وروح البيان (ج2 ص 44) وروح الـمـعـانـي (ج3 ص 188) والـبحر المحيط (ج2 ص 472)وتفسير البيضاوي (ذيل آية البحث ) وتفاسير آخرى .
والان نتوجه نحو كتب الحديث :.
المباهلة في اقوال المحدثين . وردت روايات كثيرة تعد موثوقة ومعتبرة في مصادر اهل السنة ومصادر اهل البيت (ع ) حيث تفيد بصريح القول : ان آية المباهلة نزلت بحق علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام منها :.
1 ـ روي في صحيح مسلم في كتاب ((فضائل الصحابة )) في باب فضائل علي بن ابي طالب (ع ) عن سـعـد بن ابي وقاص ان معاوية قال لسعد : ((ما منعك ان تسب اباتراب )) ؟ قال : اما ماذكرت ثلاثا قالهن له رسول اللّه (ص ) فلن اسبه لئن تكون لي واحدة منها لكانت احب الي من حمر النعم , ثم اخذ يذكر قصة حديث المنزلة في (معركة تبوك ) وقصة اعطا الراية لعلي (ع ) ابان معركة خيبر , ثم يـضـيـف : ولما نزلت هذه الاية (قل تعالوا ندع ابنانا وابناكم ) دعا رسول اللّه (ص ) عليا وفاطمة وحسناوحسينا فقال : اللهم هؤلا اهلي ((260)) .
روى هذا الحديث جماعة آخرون من عظما اهل السنة مثل ((261)) .
فـبـعـد نقله يضيف يقول ابو عيسى : انه حديث حسن وصحيح وغريب (لعل غرابته تكمن في عدم اتفاقه مع حكمه المسبق الملي بالتعصب ).
واحمد بن حنبل في مسنده ((262)) .
والبيهقي في السنن الكبرى ((263)) .
والسيوطي في الدر المنثور ((264)) .
2 ـ وفـي مـوضع آخر من صحيح الترمذي ايضا نقل الحديث عن سعد بن ابي وقاص : انه لما نزلت آيـة الـمـبـاهـلـة دعـا النبي (ص ) عليا وفاطمة والحسن والحسين (ع ) وقال : اللهم هؤلا اهلي ((265)) .
والرواية نفسها نقلها الحاكم في ((مستدرك الصحيحين )) , واخيرا يقول : هذاحديث صحيح موافق لمعايير الشيخين ((266)) .
كما نقله البيهقي ايضا في السنن الكبرى ((267)) .
3 ـ يروي السيوطي في ((الدر المنثور)) عن ((الحاكم )) , و((ابن مردويه )) و((ابونعيم )) فـي ((الـدلائل )) , عـن ((جـابـر بـن عبد اللّه الانصاري )) : لما عزم النبي (ص ) على مباهلة الـنـصـارى , اخذ في اليوم التالي بيد علي وفاطمة والحسن والحسين (ع ) واتى بهم الى المباهله , لكنهم لم يباهلوا , ثم يضيف جابر : ان آية (( تعالوا ندع ابناناوابناكم نزلت بحق هؤلا ((268)) .
يقول السيوطي : هذا حديث صحيح لدى ((الحاكم )).
4 ـ ويـروى عن ابن عباس في كتاب الدر المنثور نفسه ان وفد نصارى نجران جاالى النبي (ص ) وبـعـد تفصيله لقصة المباهلة ورجوع نصارى نجران يضيف : كان هذالما خرج النبي (ص ) وكان مـعـه علي وفاطمة والحسن والحسين (ع ) وقال لهم : ان دعوت انا فامنوا انتم , فابوا ان يلاعنوه وصالحوه على الجزية .
5 ـ وفـي نـفـس الـكـتاب يروي عن ((ابن جرير)) عن (( العلبا بن احمر اليشكري )) ,عندما ((269)) نـزلـت آيـة قـل تعالوا ندع ابنانا 000 ودعا النبي (ص ) بعلي وفاطمة وابنيهما الحسن والحسين (ع ) واقترح على المخالفين المباهله فابوا ((270)) .
6 ـ يـروي العلامة الطبري في تفسيره وبسنده عن (( زيد بن علي )) في تفسير هذه الاية : كان النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين ((271)) .
7 ـ ويـروي فـي نـفـس الـكتاب ايضا بسنده عن السدي في ذيل هذه الاية : اخذالنبي بيد الحسن والحسين وفاطمة وقال لعلي اتبعنا ((272)) .
8 ـ يـقـول العلامة ((ابو بكر الحصاص )) وهو من علما القرن الرابع الهجري في كتاب ((احكام القرآن )) في تعبير مفيد بصدد المباهلة : ان رواة السير ونقلة الاثر لم يختلفوا في ان النبي (ص ) اخذ بيد الحسن والحسين وعلي وفاطمة (ع ) ودعا النصارى الذين حاجوه الى المباهلة ((273)) .
وعلى ضؤ قول الجصاص فان هذه القضية محل اجماع واتفاق علما الحديث والتاريخ جميعا.
9 ـ يـقـول هـذا العالم نفسه في كتاب آخر نحت عنوان ((معرفة علوم الحديث )) بعدذكره لقصة المباهلة : قال الحاكم وقد تواترت الاخبار في التفاسير عن عبد اللّه بن عباس وغيره ان رسول اللّه (ص ) اخذ يوم المباهلة بيد علي وحسن وحسين وجعلوافاطمة وراهم ثم قال : هؤلا ابنانا وانفسنا ونسانا ((274)) .
هـذا جانب فقط من الروايات المتعلقة بقصة المباهلة ونزولها بحق هؤلا , ومن الطبيعي ان اختلاف هـذه الاحاديث في بعض الجزئيات مثل ان كانت فاطمة مع النبي (ص ) ام انها جات خلفه , ام ان عليا (ع ) كـان الى جانب النبي (ص ) ام خلفه ,لا يترك اثرا على اصل القضية , لان ثمة اختلاف في نقل جـزئيـات وفـروع ومتعلقات الكثير من الوقائع التاريخية المسلم بها , مثل معركة بدر , وخيبر , والاحـزاب , وفـتـح مـكـة , ومـن الـنـادر ان نستطيع العثور على واقعة تاريخية مهمة تخلو من هذه الاختلافات في مثل هذه الامور الثانوية .
عـلى اية حال فالروايات اعلاه وبشهادة جماعة من عظما اهل السنة كثيرة ومشهورة بحيث وصلت الى حد التواتر , مع هذا فان من العجب ان يقول صاحب تفسير المنار في ذيل هذه الاية : قال الاستاذ الامـام : الـروايـات متفقة على ان النبي (ص )اختار للمباهلة عليا وفاطمة وولديهما ويحملون كلمة نـسانا على فاطمة ,وكلمة انفسنا على علي (ع ) فقط , ومصادر هذه الروايات الشيعة منهامعروف ((275)) .
انه لمدهش حقا , فعندما تتركز قاعدة الحكم المسبق والتعصبات الطائفية يتفوه عالم معروف كمؤلف كـتـاب الـمـنار بكلام لا يخفى خواؤه على احد , هل ان ((صحيح مسلم و صحيح الترمذي ومسند احـمـد من مصادر الشيعة ؟ وهل ان علما الشيعة كتبواسنن البيهقي , والدر المنثور للسيوطي , و احكام القرآن للجصاص , وتفسير الطبري ,ومستدرك الحاكم )) ؟.
ان خطا بهذا المستوى لا يحصل الا نتيجة لحجاب التعصب .
فـمن ناحية يقول الموما اليه : ان الروايات التي نقلت هذا الحديث ((متفق عليها))ومن ناحية اخرى يضعها موضع التشكيك .
فاذا كانت كتب مثل صحيح مسلم , والترمذي , ومسند احمد , وما شابههابحيث يستطيع الشيعة وضع روايات ودسها فيها بحيث تغدو متواترة , فاي قيمة تبقى لهذه الكتب ؟ وكيف يتسنى قبول ولو حديث واحد منها ؟.
في واقع الامر ان مؤلف المنار بكلامه هذا افقد اعتبار المصادر المعروفة لاهل السنة , وسلب منها قيمتها بالكامل , نعم فهو اراد التنكر لفضيلة علي وفاطمة وابنيهما (ع ) بيد انه وجه ضربة قاصمة لاصل المذهب السني والـكـلام الوحيد الذي يبقى هنا هو الشبهة التي اثارها المنار وآخرون بصدد((ضمائر الجمع )) الموجودة في الاية , وسنتطرق اليه فيما بعد بشكل مفصل .
اهمية المباهلة . ان اول امـر يـثـير الاهتمام في هذه الاية هو امكانية طرح قضية المباهلة على انهادليل جلي على حـقـانـيـة وصدق النبي (ص ) في مسالة ادعائه للرسالة , لانه من المتعذر على الذي لا يملك ايمانا جازما بصلته بالباري عزوجل ان يدخل مثل هذاالميدان , اي ليدعو معارضيه ان تعالوا ندعو اللّه ان يفضح الكاذب , وانا اعطي عهداعلى ان دعائي على اعدائي سيحصل بشكل عملي , وسترون نتيجة ذلك مـن الـمسلم به ان دخول مثل هذا الميدان خطير للغاية , فلو يستجاب الدعا ولايظهر اثر من عقاب الـخـصـوم , فلا تكون هناك نتيجة سوى فشل الداعي , واي انسان عاقل لا يدخل هذا الميدان مالم يطمئن الى النتيجة .
مـن هـنا نقرا في الروايات الاسلامية : لما حضر النبي (ص ) الى المباهلة استمهله نصارى نجران لـيـفكروا في الامر , وعندما راوا ان النبي (ص ) اصطحب معه الاشخاص الذين يمكن ان تستجاب دعـوتهم , وحضر الى المباهلة بعيدا عن المراسيم والضجيج , اعتبروا ذلك دليلا آخر على صدق دعوته فانصرفوا عن المباهلة , لئلا يصيبهم العذاب الالهي .
فـعـندما راوا ان النبي (ص ) جا بنفر قليل من خاصته وحامته وابنائه الصغاروابنته فاطمة (س ) , اضطربوا وذعروا وابوا المباهلة .
ومـن جـهـة آخـرى فـان هذه الاية سند واضح على المقام الشامخ لال النبي (ص ) , علي وفاطمة والحسن والحسين (ع ) , لان الاية فيها ثلاث كلمات ,((انفسنا , ونسائنا , وابنانا)) , ولاشك في ان المراد من ((ابنائنا)) الامام الحسن والحسين (ع ) ولا اعتراض في ذلك ابدا , ولا تنطبق كلمة ((نـسانا)) على احد سوى فاطمة (س ) , واما كلمة ((انفسنا)) فمن المتيقن بانها ليست اشارة الى شخص النبي (ص ) , لان الاية تقول :.
ندع وانفسنا, فان كان المراد هو النبي (ص ), فان دعوة الانسان لنفسه لا معنى لها, بنا على ذلك فلا يبقى سبيل الا ان نقول : ان المراد هو علي (ع ) فحسب .
والـمـلـفـت لـلنظر هو ان (( الفخر الرازي )) ينقل في ذيل هذه الاية عن (( محمود بن الحسن الـحمصي )) وهو من علما الشيعة , انه يثبت من خلال هذه الاية ان علياافضل من الانبيا والصحابة اجمعين بعد النبي (ص ) فيقول : ليس المراد بقوله (وانفسنا) نفس محمد (ص ) لان الانسان لايدعو نـفـسه بل المراد به غيره , واجمعواعلى ان ذلك الغير كان عليا (ع ) فدلت الاية على ان نفس علي هـي نفس محمد(ص ), ولا يمكن ان يكون المراد منه ان هذه النفس هي عين تلك النفس ,فالمراد ان هذه النفس مثل تلك النفس , وذلك يقتضي الاستوا في جميع الوجوه .
ثـم الاجماع دل على ان محمدا (ص ) كان افضل من سائر الانبيا (ع ) فيلزم ان يكون علي افضل من سـائر الانـبـيـا(ع ) فهذا وجه الاستدلال بظاهر هذه الاية , ثم قال : ويؤيد الاستدلال بهذه الاية الـحـديث المقبول عند الموافق والمخالف هو قوله (ع ) :(( من اراد ان يرى آدم في علمه , ونوحا فـي طاعته , وابراهيم في خلته , وموسى في هيبته , وعيسى في صفوته , فلينظر الى علي بن ابي طالب (ع ) )).
ثم يضيف قائلا: (واما سائر الشيعة فقد كانوا قديما وحديثا يستدلون بهذه الاية على ان عليا (رضى اللّه عـنه ) افضل من سائر الصحابة , وذلك لان الاية لما دلت على ان نفس علي ( رضى اللّه عنه ) مثل نفس محمد(ص ) الا فيما خصه الدليل وكان نفس محمد افضل من الصحابة ( رضوان اللّه عليهم ) فوجب ان يكون نفس علي افضل ايضا من سائر الصحابة ) ((276)) .
وبـعـد ايـراده لهذا الدليل يمر الفخر الرازي مر الكرام ويكتفي في الجواب قائلا:(انه كما انعقد الاجـماع بين المسلمين على ان محمدا(ص ) افضل من علي , فكذلك انعقد الاجماع بينهم قبل ظهور هذا الانسان , على ان النبي افضل ممن ليس بنبي واجمعوا على ان عليا (رضي ) اللّه عنه ما كان نبيا , فلزم القطع بان ظاهر الاية كما انه مخصوص في حق محمد(ص ), فكذلك مخصوص في حق سائر الانبياعليهم السلام ) ((277)) .
تـمـعـنـوا جـيـدا في كلام (( الفخر الرازي )) تجدوا بانه في واقع الامر لا يمتلك جوابالذلك الاسـتدلال القوي والمتين , وكانه يريد الكلام لمل الفراغ فحسب , والا فالقول بافضلية كل نبي من الانبيا على من هو غير نبي محل جدال , لان افضلية جميع انبيا اللّه على غيرهم مسلم بها في الوحي فقط , واما في غير الوحي فربما يكون هناك عظما افضل من الانبيا جميعا ما عدا رسول اللّه (ص ) , لو غضضنا النظر عن هذا فان الكلام حول افضلية علي على سائر الامة , وهذا الامر لايحتاج الى اثبات افضليته (ع ) على سائر الانبيا (تاملوا جيدا).
على اي حال , فالفضيلة التي تستنتج من هذه الاية والروايات المتواترة التي جات تعقيبا عليها تستطيع توضيح قضية خلافة النبي (ص ) لان اللّه تعالى يابى ان يكون الافضل ماموما وغير الافضل اماما, ان يكون الذي هو كنفس النبي (ص ) تابعا,ومن سواه الذي يليه في المرتبة متبوعا وفي هذه القضية لا فرق في ان نرى الامامة مشروطة بتعيين الهي ـ كما نعتقدنحن ـ او عن طريق انتخاب الامة , كما يعتقد ابنا السنة , لانه في الحالة الاولى من المحال ان يقدم اللّه تعالى (( المفضول )) عـلـى (( الافـضل )) , وفي الحالة الثانية لاينبغي للامة ان تقدم على فعل يخالف الحكمة , ولن يكون مقبولا ومرضيا فيما اقدمت عليه .
مؤاخذاتهم على آية المباهلة . الـمؤاخذة المعروفة التي اثارها صاحب المنار والاخرون بصدد نزول الاية بحق اهل البيت (ع ) , وهـي : كـيف يتسنى ان يكون المراد من (( ابنانا )) الحسن والحسين (ع ) والحال ان كلمة (( ابنا )) جـمـع ولا يـطـلق الجمع على المثنى ؟ وايضا: كيف يمكن اطلاق كلمة (( نسانا )) وهي تفيد الجمع , على السيدة فاطمة (س ) فقط؟.
وكذا كيف يمكن ان يكون المراد من (( انفسنا )) عليا وحده ؟ اذ ان (( انفسنا ))صيغة جمع ايضا, وعلي (ع ) كان واحدا.
الجواب :.
في الرد على هذا السؤال نلفت انتباهكم الى عدة امور:.
1 ـ كـمـا ذكـر بـالتفصيل فيما سبق فقد وصلتنا روايات كثيرة في الكثير من المصادرالاسلامية الـمعتبرة والمعروفة سوا من الشيعة او السنة بصدد نزول هذه الاية بشان اهل البيت , حيث صرح فيها ان النبي (ص ) لم يصطحب معه الى المباهلة غير علي وفاطمة والحسن والحسين (ع ), وهذا بذاته سيكون قرينة واضحة لتفسير الاية , فاننانعلم ان من بين القرائن التي تفسر آيات القرآن هي ( السنة وشان النزول القطعي ).
عـلى هذا الاساس , فالمؤاخذة المذكورة لا تثير اهتمام الشيعة فحسب , بل يجب على علما الاسلام جميعا الرد عليها.
2 ـ ان اطـلاق ( صيغة الجمع ـ على (( المفرد )) او (( المثنى )) ) ليس امرا مستجدا,وكثيرا ما يشاهد هذا المعنى في القرآن وغيره من الادب العربي وغير العربي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
239 - الـمـناقب : ص 189 ـ درر السمطين : ص 91ـ المناقب لعبد اللّه الشافعي : ص 154 ـ شواهد التنزيل : ج1 , ص 259.
240 - ينابيع المودة : ص /115.
241 - شواهد التنزيل : ج1 ,ص 262.
242 - للمزيد من الاطلاع , راجعوا احقاق الحق : ج14 , ص 274 و 275 والغدير : ج2 , ص 277 واحقاق الحق :ج3 , ص 296 ومابعدها, وج 14 , ص 270 ـ 277.
243 - بالتسلسل : الاية 109 و127 و145 و164 و180 من سورة الشعرا.
244 - روح المعاني : ج 25 , ص 30.
245 - شواهد التنزيل : ج2 , ص 130.
246 - نفسر المصدر : ص 131 ـ 135.
247 - نفس المصدر : ص 141.
248 - الدر المنثور : ج6 , ص 7.
249 - احقاق الحق : ج3 , ص 2.
250 - حلية الاوليا : ج3 , ص 201.
251 - مستدرك الصحيحين : ج 3 , ص 172.
252 - جامع البيان للطبري : ج25 ,ص 16.
253 - الصواعق المحرقة : ص 101.
254 - كنز العمال : ج1 , ص 118.
255 - يراجع هامش تفسير مجمع البيان مطلع سورة المؤمن (ج7 و8 ص 512).
256 - تـفـسير الكشاف : ج4 ص 220 و221 ـ تفسير الفخر الرازي ج27 , ص 165 و166 ـ تفسير القرطبي ج8 ,ض 5843.
257 - للمزيد من الاطلاع راجعوا تفسير الفخر الرازي , ج27 , ص 166 و 167.
258 - تفسير الفخر الرازي : ج27 , ص 166 ـ روح المعاني , ج25 , ص 32.
259 - مجمع البيان : ج1 و2 , ص 452 مع شي من الاختصار.
260 - صحيح مسلم : ج4 , ص 1871 , حديث 32 , الباب 4.
261 - صحيح الترمذي : ج5 , ص 638, الحديث 3732 (الباب 21 باب مناقب علي (ع ).
262 - مسند احمد بن حنبل : ج1 , ص 185.
263 - السنن الكبرى : طبقا لنقل الفضائل الخمسة , ح1 , ص 291.
264 - الدر المنثور : ذيل الاية 61 من سورة آل عمران .
265 - صحيح الترمذي : ج5 , ص 225 (الباب 4 , الحديث 2999 , ( طبعة بيروت , دار احيا التراث العربي ).
266 - مستدرك الصحيحين : ج3 , ص 150.
267 - السنن الكبرى : ج7 , ص 63.
268 - الدر المنثور : ج2 ص 38 ذيل آية البحث ( مع الاختصار ).
269 - نفس المصدر : ج39 .
270 - نفس المصدر : ص 39.
271 - تفسير الطبري : ج3 , ص 192 (وفقا لنقل احقاق الحق : ج3 , ص 47).
272 - نفس المصدر.
273 - احكام القرآن للجصاص : ج3 , ص 14.
274 - معرفة علوم الحديث : ص 50 , طبعة مصر (وفقا لنقل احقاق الحق , ج3 , ص 48).
275 - تفسير المنار : ج3 , ص 322.
276 - التفسير الكبير للفخر الرازي : ج 8 , ص 81. 277 - نفس المصدر.