الشيخ عباس محمد
24-08-2017, 04:07 PM
فنقول:
أولا: القرآن يشهد بأن الله تعالى طهر الإمام الحسين (ع) من الرجس، ولا شك أن حب الدنيا وطلب الرئاسة للهوى، رجس من عمل الشيطان، قال النبي (صلى الله عليه وآله): " حب الدنيا رأس كل خطيئة " فنقول: حاشا الحسين (ع) أن يقاتل للدنيا والرئاسة، وإنما نهض لإنقاذ الدين وتحرير رقاب المسلمين من براثن يزيد الكفر والإلحاد وقومه الأوغاد.
ثانيا: إذا كانت نهضة الإمام الحسين (ع) لأجل الدنيا لا الدين ، لما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأمر المسلمين بنصرة ولده الحسين (ع) إذا نهض وقاتل!
فالنبي (صلى الله عليه وآله) أخبر بنهضة ولده الحسين، وأمر المسلمين بنصرته،كما ذكر في كتب اهل السنة
( قول النبي (ص) : فمن أدركه منكم فلينصره )
عدد الروايات : ( 7 )
إبنكثير- البدايةوالنهاية - ثم دخلت سنة إحدى وستين - مقتل الحسين بن علي (ع) -
فصل الإخبار بمقتل الحسين بن علي (ر) - الجزء : ( 11 ) - رقم الصفحة : ( 571 )
[النص طويل لذا إستقطع منه موضع الشاهد]
- وقال أبو القاسم البغوي : حدثنا : محمد بن هارون ، أبو بكر ، ثنا : إبراهيم بن محمدالرقي ، وعلي بن الحسن الرازي قالا : ثنا : سعيد بن عبد الملك أبو واقد الحراني ،ثنا : عطاء بن مسلم ، ثنا : أشعث بن سحيم ، عن أبيه قال : سمعت أنس بن الحارث يقول :سمعت رسول الله (ص) يقول : إن إبني - يعني الحسين - يقتلبأرض يقال لها : كربلاء ، فمن شهد منكم ذلك فلينصره، قال : فخرج أنس بنالحارث إلى كربلاء فقتل مع الحسين ، قال : ولا أعلم رواه غيره.
أبو نعيمالإصبهاني- دلائل النبوة- رقم الصفحة : ( 486 ) - طبعة : حيدر آباد الدكن
- قال : حدثنا منصور بن محمد بن منصور الوكيل الأصبهاني ، ثنا : إسحاق بن أحمدالفارسي قال : ثنا : البخاري ، قال : حدثني : محمد صاحب لنا خراساني ، قال : ثنا : سعيد بن عبد الملك إبن واقد الجزري ، ثنا : عطاء بن مسلم الخفاف ، عن الأشعث بنسحيم ، عن أبيه ، عن الحارث قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : إن إبني هذا يقتل بأرض العراق ، فمن أدركه منكم فلينصره، قال : فقتل أنس معالحسين (ع).
أبو نعيم الإصبهاني- معرفةالصحابة- حرفالألف - من إسمه أنس
- وأنس بن الحارِث ذكره بعض المتأخرين ، فزعم أن عداده في أهل الكوفة ، وأن حديثه عندأشعث بن سحيم ، عن أبيه عنه ،أنه سمع رسول اللّه (ص) يقول : إن إبني هذا يقتل بأرض من أرض العراق ، فمن أدركه فلينصره، فقتل مع الحسين (ر) ، ذكره من حديث سعيد بن عبد الملك الحراني ، عن عطاء بن مسلم ، وذكره فيالصحابة ، وهو من التابعين ، وأشعث بن سحيم لم يعده الأئمة في الأشاعثة.
إبنالأثير- أسدالغابة - الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 123 )
- أنس ين الحارث : ب د ع ، أنس بن الحارث. ، عداده في أهل الكوفة ،روى حديثهأشعث بن سحيم ، عن أبيه عنه : أنه سمع النبي (ص) يقول : إنإبني هذا يقتل بأرض من أرض العراق فمن أدركه فلينصره، فقتل مع الحسين (ر) ،أخرجه الثلاثة، إلاّ أن أبا نعيم قال : ذكره بعضالمتأخرين ، يعنى إبن مندة في الصحابة وهو من التابعين ، وقد وافق إبن مندة أبو عمر، وأبو أحمد العسكري ، وقالا : له صحبة ، وقال أبو أحمد : يقال هو أنس بن هزلة ،والله أعلم.
إبن حجر- الإصابة - الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 68 )
- ترجمه266 : أنس بن الحارث بن نبيه قال بن السكن فيحديثه نظر ، وقال بن منده عداده في أهل الكوفة ، وقال البخاري : أنس بن الحارث قتلمع الحسين بن علي (ع) ، سمع النبي (ص) قاله محمد ، عن سعيد بن عبد الملك الحراني ،عن عطاء بن مسلم ، حدثنا : أشعث بن سحيم ، عن أبيه سمعت أنس بن الحارث ، ورواهالبغوي وإبن السكن وغيرهما من هذا الوجه ومتنهسمعت رسول الله (ص) يقول : إن إبني هذايعني الحسين يقتل بأرض يقال لها : كربلاء فمن شهد ذلك منكمفلينصره، قال : فخرج أنس بن الحارث إلى كربلاء فقتل بها مع الحسين ....
المتقي الهندي- كنزالعمال - الجزء : ( 12 ) - رقم الصفحة : ( 126 )
34314 - إن إبني هذا - يعني الحسين - يقتل بأرض من أرض العراق يقال لها : كربلاء ، فمن شهد ذلك منهمفلينصره.
إبنعساكر- ترجمةالإمام الحسين (ع) - رقم الصفحة : ( 347 ) - الهامش
- روى أنس بنالحارث بن نبيه ، عن أبيه الحارث بن نبيه - وكان من أصحاب النبي (ص) من أهل الصفة - قال :سمعت رسول الله (ص) والحسين في حجره يقول : إن إبني هذايقتل في أرض يقال لها : العراق ، فمن أدركه فلينصره، فقتل أنس بن الحارث معالحسين.
أما إذا كان القائلون لذلك الكلام يرفضون القرآن الحكيم وحديث النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) ويريدون جوابا يوافق المقاييس المادية والسياسة الدنيوية.
فأقول أولا: إذا كان الحسين عليه السلام نهض لطلب الحكم ولأجل الوصول إلى الرئاسة، فما معنى حمله العيال والأطفال معه؟ فإن الذي يطلب الدنيا يدع أهله وعياله في مأمن ثم يخرج، فإن نال المقصود ينضم أهله إليه، وإذا قتل فأهله يكونون في أمان من شر الأعداء.
ثانيا: الثائر الذي يطلب الدنيا يسعى لجمع الأنصار، ويكثر من المقاتلين والأعوان، ويعدهم النصر والوصول إلى الحكومة والرئاسة، ولكن أبا عبد الله الحسين عليه السلام من حين خروجه من المدينة إلى مكة، وبعده من مكة إلى العراق، كان يعلن بأنه مقتول لا محالة، وأن أنصاره وأعوانه يقتلون أيضا، وأن أهله وعياله وأطفاله يسبون من بعده، فقد كتب من مكة إلى أخيه محمد بن الحنفية وهو في المدينة.
بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى محمد بن علي ومن قِبَلَه من بني هاشم، أما بعد، فإن من لحق بي استشهد! ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح، والسلام.
[ أعلن عليه السلام أن الفتح الذي يطلبه لا يكون إلا في شهادته وشهادة أنصاره وأهل بيته!! ].
خطبة الحسين عليه السلام عند الخروج من مكة
لقد ذكر مؤرخو الفريقين أنه عليه السلام لما عزم على الخروج إلى العراق قام خطيبا فقال:
" الحمد لله و ما شاء الله و لا حول و لا قوة إلا بالله و صلى الله على رسوله و سلم خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة و ما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف و خير لي مصرع أنا لاقيه كأني بأوصالي يتقطعها عسلان الفلوات بين النواويس و كربلاء فيملأن مني أكراشا جوفا و أجربة سغبا لا محيص عن يوم خط بالقلم رضي الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه و يوفينا أجور الصابرين لن تشذ عن رسول الله لحمته و هي مجموعة له في حظيرة القدس تقر بهم عينه و تنجز لهم وعده من كان فينا باذلا مهجته موطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإني راحل مصبحا إن شاء الله تعالى ".
وفي طريقه إلى كربلاء، لما وصل إليه خبر مقتل سفيره مسلم بن عقيل أعلن الخبر في أصحابه ولم يكتمه عنهم، بل وقف يخطب فيهم وينبئهم قائلا: " بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فإنه قد أتاني خبر فظيع، قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وعبد الله بن يقطر، وقد خذلنا شيعتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف من غير حرج
ليس عليه ذمام ".
فتفرق الناس عنه وأخذوا يمينا وشمالا حتى بقي من أصحابه الذين جاءوا معه من المدينة ونفر يسير ممن انضموا إليه، فلو كان عليه السلام يطلب الحومة والرئاسة، لما فرق أصحابه، بل كان يشد عزائمهم ويطمئنهم بالنصر ويغريهم بالمال والولايات، كما هو شأن كل قائد سياسي ومادي مع جنوده.
وكذلك لما التقى عليه السلام بالحر بن يزيد الرياحي وجنوده، وقد أخذ العطش منهم كل مأخذ وقد أشرفوا على الموت، فسقاهم الحسين عليه السلام وروّاهم حتى أنقذهم من الهلاك، وهو عليه السلام يعلم أنهم ضده وليسوا من أنصاره.
فلو كان الحسين عليه السلام يطلب الدنيا والحكم لاغتنم الفرصة في الحر وأصحابه وتركهم يموتون عطشا، ثم يمضي هو عليه السلام إلى ما يرده، وربما لو كان ذلك لكانت المقاييس تنقلب، وكان التاريخ غير ما نقرأه اليوم!
وكذلك خطبته عليه السلام ليلة العاشر من المحرم، حينما جمع أصحابه وأذن لهم أن يذهبوا ويتفرقوا عنه ويتركوه مع الأعداء، لأنهم لا يردون غيره ، ولكنهم قالوا: إنهم يحبون أن يقتلوا دونه، ولا يريدون العيش بعده، وقد صد قوا.
وفي ظلام الليلة العاشرة من المحرم التحق به عليه السلام ثلاثون رجلا من معسكر ابن زياد، لأنهم سمعوا صوت القرآن والدعاء يعلو في معسكر الحسين فانضموا إليه وكانوا من المستشهدين بين يديه.
وفي صبيحة اليوم العاشر، لما سمع الحر الرياحي، ذلك القائد، كلام الحسين عليه السلام واحتجاجه على عساكر الكوفة، عرف أن الحق مع الحسين عليه السلام فترك جيشه ـ وهم ألف فارس تحت رايته ـ وجاء نحو الحسين عليه السلام وتاب على يديه وكان من المستشهدين.
فنقول:
أولا: القرآن يشهد بأن الله تعالى طهر الإمام الحسين (ع) من الرجس، ولا شك أن حب الدنيا وطلب الرئاسة للهوى، رجس من عمل الشيطان، قال النبي (صلى الله عليه وآله): " حب الدنيا رأس كل خطيئة " فنقول: حاشا الحسين (ع) أن يقاتل للدنيا والرئاسة، وإنما نهض لإنقاذ الدين وتحرير رقاب المسلمين من براثن يزيد الكفر والإلحاد وقومه الأوغاد.
ثانيا: إذا كانت نهضة الإمام الحسين (ع) لأجل الدنيا لا الدين ، لما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأمر المسلمين بنصرة ولده الحسين (ع) إذا نهض وقاتل!
فالنبي (صلى الله عليه وآله) أخبر بنهضة ولده الحسين، وأمر المسلمين بنصرته،كما ذكر في كتب اهل السنة
( قول النبي (ص) : فمن أدركه منكم فلينصره )
عدد الروايات : ( 7 )
إبنكثير- البدايةوالنهاية - ثم دخلت سنة إحدى وستين - مقتل الحسين بن علي (ع) -
فصل الإخبار بمقتل الحسين بن علي (ر) - الجزء : ( 11 ) - رقم الصفحة : ( 571 )
[النص طويل لذا إستقطع منه موضع الشاهد]
- وقال أبو القاسم البغوي : حدثنا : محمد بن هارون ، أبو بكر ، ثنا : إبراهيم بن محمدالرقي ، وعلي بن الحسن الرازي قالا : ثنا : سعيد بن عبد الملك أبو واقد الحراني ،ثنا : عطاء بن مسلم ، ثنا : أشعث بن سحيم ، عن أبيه قال : سمعت أنس بن الحارث يقول :سمعت رسول الله (ص) يقول : إن إبني - يعني الحسين - يقتلبأرض يقال لها : كربلاء ، فمن شهد منكم ذلك فلينصره، قال : فخرج أنس بنالحارث إلى كربلاء فقتل مع الحسين ، قال : ولا أعلم رواه غيره.
أبو نعيمالإصبهاني- دلائل النبوة- رقم الصفحة : ( 486 ) - طبعة : حيدر آباد الدكن
- قال : حدثنا منصور بن محمد بن منصور الوكيل الأصبهاني ، ثنا : إسحاق بن أحمدالفارسي قال : ثنا : البخاري ، قال : حدثني : محمد صاحب لنا خراساني ، قال : ثنا : سعيد بن عبد الملك إبن واقد الجزري ، ثنا : عطاء بن مسلم الخفاف ، عن الأشعث بنسحيم ، عن أبيه ، عن الحارث قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : إن إبني هذا يقتل بأرض العراق ، فمن أدركه منكم فلينصره، قال : فقتل أنس معالحسين (ع).
أبو نعيم الإصبهاني- معرفةالصحابة- حرفالألف - من إسمه أنس
- وأنس بن الحارِث ذكره بعض المتأخرين ، فزعم أن عداده في أهل الكوفة ، وأن حديثه عندأشعث بن سحيم ، عن أبيه عنه ،أنه سمع رسول اللّه (ص) يقول : إن إبني هذا يقتل بأرض من أرض العراق ، فمن أدركه فلينصره، فقتل مع الحسين (ر) ، ذكره من حديث سعيد بن عبد الملك الحراني ، عن عطاء بن مسلم ، وذكره فيالصحابة ، وهو من التابعين ، وأشعث بن سحيم لم يعده الأئمة في الأشاعثة.
إبنالأثير- أسدالغابة - الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 123 )
- أنس ين الحارث : ب د ع ، أنس بن الحارث. ، عداده في أهل الكوفة ،روى حديثهأشعث بن سحيم ، عن أبيه عنه : أنه سمع النبي (ص) يقول : إنإبني هذا يقتل بأرض من أرض العراق فمن أدركه فلينصره، فقتل مع الحسين (ر) ،أخرجه الثلاثة، إلاّ أن أبا نعيم قال : ذكره بعضالمتأخرين ، يعنى إبن مندة في الصحابة وهو من التابعين ، وقد وافق إبن مندة أبو عمر، وأبو أحمد العسكري ، وقالا : له صحبة ، وقال أبو أحمد : يقال هو أنس بن هزلة ،والله أعلم.
إبن حجر- الإصابة - الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 68 )
- ترجمه266 : أنس بن الحارث بن نبيه قال بن السكن فيحديثه نظر ، وقال بن منده عداده في أهل الكوفة ، وقال البخاري : أنس بن الحارث قتلمع الحسين بن علي (ع) ، سمع النبي (ص) قاله محمد ، عن سعيد بن عبد الملك الحراني ،عن عطاء بن مسلم ، حدثنا : أشعث بن سحيم ، عن أبيه سمعت أنس بن الحارث ، ورواهالبغوي وإبن السكن وغيرهما من هذا الوجه ومتنهسمعت رسول الله (ص) يقول : إن إبني هذايعني الحسين يقتل بأرض يقال لها : كربلاء فمن شهد ذلك منكمفلينصره، قال : فخرج أنس بن الحارث إلى كربلاء فقتل بها مع الحسين ....
المتقي الهندي- كنزالعمال - الجزء : ( 12 ) - رقم الصفحة : ( 126 )
34314 - إن إبني هذا - يعني الحسين - يقتل بأرض من أرض العراق يقال لها : كربلاء ، فمن شهد ذلك منهمفلينصره.
إبنعساكر- ترجمةالإمام الحسين (ع) - رقم الصفحة : ( 347 ) - الهامش
- روى أنس بنالحارث بن نبيه ، عن أبيه الحارث بن نبيه - وكان من أصحاب النبي (ص) من أهل الصفة - قال :سمعت رسول الله (ص) والحسين في حجره يقول : إن إبني هذايقتل في أرض يقال لها : العراق ، فمن أدركه فلينصره، فقتل أنس بن الحارث معالحسين.
أما إذا كان القائلون لذلك الكلام يرفضون القرآن الحكيم وحديث النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) ويريدون جوابا يوافق المقاييس المادية والسياسة الدنيوية.
فأقول أولا: إذا كان الحسين عليه السلام نهض لطلب الحكم ولأجل الوصول إلى الرئاسة، فما معنى حمله العيال والأطفال معه؟ فإن الذي يطلب الدنيا يدع أهله وعياله في مأمن ثم يخرج، فإن نال المقصود ينضم أهله إليه، وإذا قتل فأهله يكونون في أمان من شر الأعداء.
ثانيا: الثائر الذي يطلب الدنيا يسعى لجمع الأنصار، ويكثر من المقاتلين والأعوان، ويعدهم النصر والوصول إلى الحكومة والرئاسة، ولكن أبا عبد الله الحسين عليه السلام من حين خروجه من المدينة إلى مكة، وبعده من مكة إلى العراق، كان يعلن بأنه مقتول لا محالة، وأن أنصاره وأعوانه يقتلون أيضا، وأن أهله وعياله وأطفاله يسبون من بعده، فقد كتب من مكة إلى أخيه محمد بن الحنفية وهو في المدينة.
بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى محمد بن علي ومن قِبَلَه من بني هاشم، أما بعد، فإن من لحق بي استشهد! ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح، والسلام.
[ أعلن عليه السلام أن الفتح الذي يطلبه لا يكون إلا في شهادته وشهادة أنصاره وأهل بيته!! ].
خطبة الحسين عليه السلام عند الخروج من مكة
لقد ذكر مؤرخو الفريقين أنه عليه السلام لما عزم على الخروج إلى العراق قام خطيبا فقال:
" الحمد لله و ما شاء الله و لا حول و لا قوة إلا بالله و صلى الله على رسوله و سلم خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة و ما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف و خير لي مصرع أنا لاقيه كأني بأوصالي يتقطعها عسلان الفلوات بين النواويس و كربلاء فيملأن مني أكراشا جوفا و أجربة سغبا لا محيص عن يوم خط بالقلم رضي الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه و يوفينا أجور الصابرين لن تشذ عن رسول الله لحمته و هي مجموعة له في حظيرة القدس تقر بهم عينه و تنجز لهم وعده من كان فينا باذلا مهجته موطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإني راحل مصبحا إن شاء الله تعالى ".
وفي طريقه إلى كربلاء، لما وصل إليه خبر مقتل سفيره مسلم بن عقيل أعلن الخبر في أصحابه ولم يكتمه عنهم، بل وقف يخطب فيهم وينبئهم قائلا: " بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فإنه قد أتاني خبر فظيع، قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وعبد الله بن يقطر، وقد خذلنا شيعتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف من غير حرج
ليس عليه ذمام ".
فتفرق الناس عنه وأخذوا يمينا وشمالا حتى بقي من أصحابه الذين جاءوا معه من المدينة ونفر يسير ممن انضموا إليه، فلو كان عليه السلام يطلب الحومة والرئاسة، لما فرق أصحابه، بل كان يشد عزائمهم ويطمئنهم بالنصر ويغريهم بالمال والولايات، كما هو شأن كل قائد سياسي ومادي مع جنوده.
وكذلك لما التقى عليه السلام بالحر بن يزيد الرياحي وجنوده، وقد أخذ العطش منهم كل مأخذ وقد أشرفوا على الموت، فسقاهم الحسين عليه السلام وروّاهم حتى أنقذهم من الهلاك، وهو عليه السلام يعلم أنهم ضده وليسوا من أنصاره.
فلو كان الحسين عليه السلام يطلب الدنيا والحكم لاغتنم الفرصة في الحر وأصحابه وتركهم يموتون عطشا، ثم يمضي هو عليه السلام إلى ما يرده، وربما لو كان ذلك لكانت المقاييس تنقلب، وكان التاريخ غير ما نقرأه اليوم!
وكذلك خطبته عليه السلام ليلة العاشر من المحرم، حينما جمع أصحابه وأذن لهم أن يذهبوا ويتفرقوا عنه ويتركوه مع الأعداء، لأنهم لا يردون غيره ، ولكنهم قالوا: إنهم يحبون أن يقتلوا دونه، ولا يريدون العيش بعده، وقد صد قوا.
وفي ظلام الليلة العاشرة من المحرم التحق به عليه السلام ثلاثون رجلا من معسكر ابن زياد، لأنهم سمعوا صوت القرآن والدعاء يعلو في معسكر الحسين فانضموا إليه وكانوا من المستشهدين بين يديه.
وفي صبيحة اليوم العاشر، لما سمع الحر الرياحي، ذلك القائد، كلام الحسين عليه السلام واحتجاجه على عساكر الكوفة، عرف أن الحق مع الحسين عليه السلام فترك جيشه ـ وهم ألف فارس تحت رايته ـ وجاء نحو الحسين عليه السلام وتاب على يديه وكان من المستشهدين.