المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زيارة عاشوراء / اسئلة واجوبة


الشيخ عباس محمد
28-08-2017, 05:57 PM
زيارة عاشوراء / اسئلة واجوبة


السؤال: سند زيارة عاشوراء
ارجو بيان رأيكم الشريف فيما يخص:
1- سند زيارة عاشوراء, علماً ان البعض يدعي ضعف السند.
2- هل اللعن الوارد في الزيارة من ضمنها, أو إنه موضوع في وقت لاحق؟
الجواب:

1- بالنسبة لرواية هذه الزيارة في ((مصباح المتهجد)), فقد رواها الشيخ الطوسي بسنده عن صالح بن عقبة وسيف بن عميرة عن علقمة عن الامام الباقر(عليه السلام), ويمكن الحكم بحسن هذا السند حسب ما حقّقه العلاّمة الميرزا أبو الفضل الطهراني المتوفي عام 1316هـ في كتابه (شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور ج1 ص61ـ 70), فراجع ثمة.
وفي (الكامل) رواها ابن قولويه بطريقين, أحدهما: محمد بن اسماعيل عن صالح بن عقبة عن مالك الجهني عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام), وهذا الطريق أيضاً يمكن الحكم بحسنه بحسب التحقيق في المصدر المتقدم.
وإن غضضنا الطرف عن التحسين المتقدم وسلّمنا بضعف السند, نقول إنَّ ضعفه منجبر بالشهرة, إذ عمل المشهور جابر لضعف السند, أي أنَّ كل خبر عمل به المشهور فهو حجة سواء كان الراوي ثقة أو غير ثقة (انظر: رجال السبحاني, ص36).
وقد ثبت عمل الشيعة على تطاول الزمان وتمادي العصور والدهور على هذه الرواية حيث جعلوها من أورادهم اللازمة وأذكارهم الدائمة.
2- اللعن الوارد فيها هو من ضمن الرواية, ولا يوجد دليل على أنّه أضيف اليها في وقت لاحق.



السؤال: رأي العلماء حول سند زيارة عاشوراء
ما هو رأي علماء مذهب أهل البيت "عليهم السلام" في سند زيارة الإمام الحسين "عليه السلام" في يوم عاشوراء ؟
الجواب:

إنّ زيارة سيد الشهداء في العاشر من محرم وردت بطرق خمسة، رواها شيخ الطائفة بطرق ثلاثة غير أنّ السند الأوّل يختصّ ببيان ثواب الزيارة دون النصّ المعروف، والأخيرين طريقان لنفس النصّ، ويعلم ذلك بالإمعان في ما نقله الشيخ في هذا المضمار.
ورواها ابن قولويه بطريقين، فيكون الطرق إليها خمسة وإليك الأسانيد بنصها وتحليلها قال الشيخ الطوسي: روى محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن أبيه، عن أبي جعفر "عليه السلام" ، قال: «من زار الحسين بن علي عليهما السَّلام في يوم عاشوراء من محرم الحرام حتّى يظلّ عنده باكياً القى اللّه عزّ وجلّ يوم يلقاه ثواب ألفي حجة وألفي عمرة وألفي غزوة، ثواب كلّ غزوة وحجّة وعمرة كثواب من حجّ واعتمر وغزا مع رسول اللّه "صلَّى الله عليه وآله وسلَّم" ومع الأئمة الراشدين».
قال: قلت جعلت فداك فما لمن كان في بعيد البلاد وأقاصيه ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم؟
قال: «إذا كان كذلك برز إلى الصحراء أو صعد سطحاً مرتفعاً في داره وأومأ إليه بالسلام واجتهد في الدعاء على قاتله وصلّى من بعدُ ركعتين، وليكن ذلك في صدر النهار قبل أن تزول الشمس، ثمّ ليندب الحسين "عليه السَّلام" ويبكيه، ويأمر من في داره ممن لا يتّقيه بالبكاء عليه، ويقيم في داره المصيبة بإظهار الجزع عليه، وليعزَّ بعضهم بعضاً بمصابهم بالحسين "عليه السَّلام" ، وأنا الضامن لهم إذا فعلوا ذلك على اللّه تعالى جميع ذلك».
قلت: جعلت فداك أنت الضامن ذلك لهم والزعيم؟!
قال: «أنا الضامن وأنا الزعيم لمن فعل ذلك».
قلت: فكيف يُعزّي بعضنا بعضاً؟
قال:« تقولون: أعظم اللّه أُجورنا بمصابنا بالحسين "عليه السَّلام" وجعلنا وإيّاكم من الطالبين بثاره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد "عليهم السَّلام" ، وإن استطعت أن لا تنتشر يومك في حاجة فافعل فانّه يوم نحس لا يُقضى فيه حاجة مؤمن، فإن قضيت لم يبارك له فيها ولم ير فيها رشداً، ولا يدَّخرن أحدكم لمنزله فيه شيئاً فمن ادّخر في ذلك اليوم شيئاً لم يبارك له فيما ادّخره ، ولم يبارك له في أهله ، فإذا فعلوا ذلك كتب اللّه تعالى لهم أجر ثواب ألف حجّة وألف عمرة وألف غزوة كلّها مع رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وكان له أجر وثواب مصيبة كلّ نبي ورسول ووصي وصدّيق وشهيد مات أو قتل منذ خلق اللّه الدنيا إلى أن تقوم الساعة».(مصباح المتهجّد، 713) إلى هنا تمّ سند الشيخ إلى بيان ثواب زيارة الحسين يوم عاشوراء دون أن يذكر فيه نصّ خاص للزيارة، بل اقتصرت الرواية في نيل الثواب على ما جاء في الرواية من البروز إلى الصحراء أو الصعود إلى السطح المرتفع والإيماء إليه بالسلام والاجتهاد في الدعاء على قاتله... إلى آخر ما جاء في نفس الرواية، وليس فيها أي أثر من الزيارة الخاصة التي نحن بصدد تقويم سندها.
وإليك دراسة سندها:
إنّ الشيخ أخذ الرواية من كتاب محمد بن إسماعيل بن بزيع، ونقل سنده إلى كتابه في الفهرست بالنحو التالي: ابن أبي جيد، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع.(الفهرست: 165 باب محمّد: برقم606، وذكره أيضاً ص183 برقم705) وعلى هذا فالشيخ يروي ثواب زيارة الحسين ـ عليه السَّلام ـ في يوم عاشوراء عن المشايخ التالية:
1. ابن أبي جيد.
2. محمد بن الحسن بن الوليد.
3. علي بن إبراهيم.
4. محمد بن إسماعيل بن بزيع.
5. صالح بن عقبة.
6. عقبة بن قيس.
7. عن أبي جعفر الباقر "عليه السَّلام".
وإليك دراسة أحوالهم:
محمد بن الحسن بن الوليد:
محمد بن الحسن بن الوليد(المتوفّى عام 343هـ) وهو من مشايخ الطائفة وأجلاّئها، غني عن الوصف والبيان، ويصدر عنه الشيخ الصدوق في التعديل والتجريح.
علي بن إبراهيم القمي:
علي بن إبراهيم وهو شيخ الكليني الذي كان حيّاً عام 307هـ، وهو من مشايخ الطائفة الذين لا يُشق غبارهم.
محمّد بن إسماعيل بن بزيع:
محمّد بن إسماعيل بن بزيع من أصحاب أبي الحسن الأوّل والرضا والجواد "عليه السلام" ، يقول الشيخ في رجاله: ثقة صحيح كوفي.(رجال الشيخ: 364، أصحاب الرضا "عليه السلام" ، برقم6) ويقول النجاشي: من صالحي هذه الطائفة وثقاتهم، كثير العمل (رجال النجاشي: 2: 214 برقم894).
صالح بن عقبة:
صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان عرّفه النجاشي بقوله: صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ربيحة.
روى عن أبيه عن جدّه. وروى عن زيد الشحام. روى عنه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب. وابنه إسماعيل بن صالح بن عقبة.(رجال النجاشي: 1: 444، برقم 530) وليس المراد منه صالح بن عقبة بن خالد الأسدي، وذلك لأنّ محمد بن إسماعيل بن بزيع يروي عنه بواسطة محمد بن أيوب كما يظهر من طريق النجاشي إلى كتاب خالد الأسدي، حيث قال، بعد ذكر عدّة من المشايخ: ... عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن محمد بن أيّوب عن صالح بن عقبة بن خالد الأسدي.(رجال النجاشي: 1: 445، برقم532) كما أنّ الشيخ اقتصر على ذكر شخص واحد، وقال : صالح بن عقبة له كتاب أخبرنا به ابن أبي جيد عن ابن الوليد عن الصفار محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عنه.(الفهرست: 110، برقم 364) ومراده هو: صالح بن عقبة بن قيس لا خالد الأسدي. فما احتمله المحقّق التستري (ره) ليس في محلّه.(قاموس الرجال: 5: 65 برقم: 3633) إذا ظهر ذلك فاعلم: أنّ الضابطة في كلّ ما يذكره النجاشي هو انّه إماميّ فلو كان غير إمامي لتعرض إلى مذهبه، كما أنّه لو كان قدح فيه لذكره.
وعلى ذلك بنى جمع من علمائنا الرجاليين كالسيد بحر العلوم الطباطبائي رحمه اللّه في الفائدة العاشرة من فوائده الرجالية.(الفوائد الرجالية: 4: 114) فذهب إلى أنّ جميع من ذكره الطوسي والنجاشي في كتابيهما من الشيعة الإمامية صحيح المذهب، ممدوح بمدح عام يقتضيه الوضع لذكر المصنفين العلماء والاعتناء بشأنهم وشأن كتبهم وذكر الطريق إليهم وذكر من روى عنهم و من رووا عنه إلاّ من نص فيه على خلاف ذلك من الرجال كالزيدية والفطحية والواقفية وغيرهم، وعلى ضوء ذلك فهو إمامي ممدوح بمدح عام والذي جاء سبباً لذكره في الكتب. هذا من جانب ومن جانب آخر يروي عنه شيخان عظيمان من مشايخ الشيعة الكبار هما:
محمد بن الحسين بن أبي الخطاب(المتوفّى عام 262هـ).
ومحمد بن إسماعيل بن بزيع من كبار مشايخ الشيعة.
نعم ضعّفه ابن الغضائري، كما نقله العلاّمة في خلاصته وقال: غال، كذّاب لا يلتفت إليه.(الخلاصة ، القسم الثاني ص423، رجال النجاشي، برقم894) ، ولكن ذم الغضائري لا يعتد به، لأنّه قدح كثيراً من ثقاتنا وعلمائنا الذين لا يُشق غبارهم وقد كان له عقائد خاصّة في حقّ الأئمّة الاثني عشر فمن تجاوز عنها وصفه بالغلو، ومن روى رواية في ذلك الموضوع برواية لا توافق عقيدته وصفه بالكذب و لذلك رتب في كلامه على كونه غالياً، قوله: كذّاباً لا يلتفت إليه. وهذا دليل على أنّ وصفه بالكذب، لتوهم الغلوّ فيه.
كيف يمكن أن يوصف بالغلو والكذب من هو من مشايخ محمد بن الحسين بن أبي الخطاب أو محمد بن إسماعيل بن بزيع الذي ذكر عند الرضا "عليه السلام" فقال:«وددت انّ فيكم مثلَه» ومن اعتنى بذكره وذكر كتابه الشيخان النجاشي والطوسي. فوثاقته قويّة وروايته معتبرة.
عقبة بن قيس بن سمعان:
عنونه الشيخ في رجاله وعدّه من أصحاب الإمام الباقر "عليه السلام" (رجال الشيخ: 142، اصحاب الإمام الباقر "عليه السلام"، برقم74)، وكونه من أصحاب الإمام الباقر "عليه السلام" يدلّ على أنّه إمامي ولم يظفر الشيخ بشيء من الذم فيه.
إلى هنا تمت دراسة السند الأوّل للشيخ إلى بيان ثواب زيارة الحسين في يوم عاشوراء.
والسند لا بأس به وهو من الحسن بمعنى الممدوح بالمدح العام لا الممدوح بالمدح الخاص.
المهم في المقام هو دراسة سند الشيخ إلى نصّ الزيارة ، قال قدَّس سرَّه:
صالح بن عقبة، وسيف بن عميرة، قال علقمة بن محمد الحضرمي، قلت لأبي جعفر "عليه السلام": علّمْني دعاء أدعو به ذلك اليوم إذ أنا زرته من قرب وأومأت من بعد البلاد، ومن داري بالسلام إليه.
قال: فقال لي يا علقمة: إذا أنت صليت الركعتين بعد أن تومئ إليه بالسلام فقل عند الإيماء إليه من بعد التكبير هذا القول، فانّك إذا قلت ذلك فقد دعوت بما يدعوا بن زوّاره من الملائكة، وكتب اللّه لك مائة ألف ألف درجة وكنت كمن استشهد مع الحسين "عليه السَّلام" حتى تشاركهم في درجاتهم ثمّ لا تعرف إلاّ مع الشهداء الذين استشهدوا معه وكتب لك ثواب زيارة كلّ نبي وكلّ رسول وزيارة كلّ من زار الحسين "عليه السلام" منذ يوم قتل "عليه السلام" وعلى أهل بيته.
الزيارة:
السّلام عليك يا أبا عبد اللّه، السّلام عليك يابن رسول اللّه، السّلام عليك يابن أمير المؤمنين وابن سيد الوصيين، السّلام عليك يابن فاطمة سيدة نساء العالمين....
ثمّ قال - بعد السلام مرّة واللعن مرة - : ثمّ تسجد و تقول:
اللّهمّ لك الحمد، حمد الشاكرين، لك على مصابهم، الحمد للّه على عظيم رزّيتي، اللّهمّ ارزقني شفاعة الحسين "عليه السَّلام" يوم الورود، وثبت لي قدم صدق عندك مع الحسين وأصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين "عليه السلام".
قال علقمة: قال أبو جعفر "عليه السَّلام" : وإن استطعت أن تزوره في كلّ يوم بهذه الزيارة من دارك فافعل فلك ثواب جميع ذلك.(مصباح المتهجّد: 715 - 718) إلى هنا تمت زيارة عاشوراء سنداً و متناً، وإليك دراسة السند فنقول:
سياق العبارة ظاهر في أنّ الشيخ أخذ الرواية من كتاب محمد بن إسماعيل بن بزيع الذي لا كلام في وثاقته، إنّما الكلام فيمن يروي هو عنه، فقد روى محمد بن إسماعيل نصّ الزيارة بالسند التالي:
أ - صالح بن عقبة وسيف بن عميرة:
أمّا صالح بن عقبة فقد تقدمت ترجمته وقد عرفت أنّه في الكتب الرجاليّة إمامي ممدوح بالمدح العام لا الخاص، ولكن دلّت القرائن على كونه مقبول الرّواية وإنّ ذم الغضائري لا يعتد به، فلو افترضنا عدم ثبوت وثاقته، فلا يضرّ بصحّة هذا السند لأنّ محمد بن إسماعيل بن بزيع يروي نص الزيارة عن شخصين، أحدهما صالح بن عقبة والآخر سيف بن عميرة والثاني (سيف بن عميرة) ثقة بلا كلام.
قال النجاشي: سيف بن عميرة النخعي، عربي، كوفي، ثقة، يروي عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن، له كتاب يرويه عنه جماعات من أصحابنا.(رجال النجاشي، 1: 425، برقم 502) وصرّح بوثاقته الشيخ في الفهرست.(فهرست الشيخ: 104، برقم 335).
فالرواة إلى هنا كلّهم ثقات.
ب – علقمة بن محمّد الحضرمي أعني: علقمة بن محمد الحضرمي:
وأمّا علقمة فعدّه الشيخ في رجاله في أصحاب الباقر "عليه السلام"، والصادق "عليه السلام" .(رجال الشيخ: 140، قسم اصحاب الباقر "عليه السلام"، برقم38 وقسم اصحاب الصادق "عليه السلام" ص262، برقم641) وليست في الكتب الرجالية تصريحاً بوثاقته، ولكن القرائن تدلّ على وثاقته:
1- روى الكشي عن بكار بن أبي بكر الحضرمي، قال: دخل أبو بكر وعلقمة على زيد بن علي وكان علقمة أكبر من أبيه فجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره وكان بلغهما انّه قال: «ليس الإمام منّا من أرخى عليه ستره، إنّما الإمام من شهر سيفه».
فقال له أبو بكر ـ و كان أجرأهما ـ : يا أبا الحسين أخبرني عن علي بن أبي طالب "عليه السلام" أكان إماماً و هو مرخ عليه ستره أو لم يكن إماماً حتى خرج و شهر سيفه، وكان زيد يبصر الكلام فسكت فلم يجبه، فرد عليه الكلام ثلاث مرات كلّ ذلك لا يجيبه بشيء.
قال له أبو بكر: إن كان علي بن أبي طالب "عليه السلام" إماماً فقد يجوز أن يكون بعده إمام مرخ ستره، وإن لم يكن إماماً وهو مرخ عليه ستره فأنت ما جاء بك هاهنا.
فطلب علقمة من أبي بكر أن يكف عنه فكف.(الكشي: رقم الترجمة16و417) والحديث يكشف عن أنّ الأخوين كانا على بصيرة من أمر الإمامة.
2- ما سيوافيك عند دراسة السند الثالث للشيخ من أنّ سيف بن عميرة الثقة، اعترض على صفوان بن مهران الثقة بأنّ ما دعا به، لم يرد في رواية العلقمي عن الباقر "عليه السلام" واعتذر صفوان ـ بما سيوافيك في محله ـ بأنّه سمعه من الإمام الصادق "عليه السلام" عند زيارته لجدّه الحسين. فالاحتجاج بعدم نقله، والجواب عنه بأنّه سمعه من الإمام الصادق "عليه السلام" ، حاك عن تسليم الرجلين الثقتين، الوثاقة علقمة بن محمد الحضرمي، وإلاّلما احتجّ به «سيف بن عميرة»، ولما أجاب عنه صفوان بالسماع عن الصادق "عليه السلام" .
وبذلك يعلم: أنّ الدعاء الوارد بعد الزيارة ليس لعلقمة وإن اشتهر بأنّه منه بل هو لصفوان بن مهران.
فخرجنا بالنتيجة التالية:
1- سند الشيخ إلى كتاب محمد بن إسماعيل بن بزيع صحيح في الفهرست.
2- أنّ محمد بن إسماعيل بن بزيع ثقة بالاتفاق.
3- انّ سيف بن عميرة ثقة، صرّح بها النجاشي.
4- علقمة بن محمد الحضرمي، ثقة حسب القرائن التي عرفتها.
إلى هنا تمّ السند الثاني، فلو قلنا بوثاقة علقمة كما هو الحقّ فالسند صحيح وإلاّ فهو حسن بالمدح العام.
السند الثالث إلى نص الزيارة:
إنّ للشيخ سنداً ثالثاً في «مصباح المتهجد» إلى نصّ الزيارة نأتي بنصه:
قال الشيخ الطوسي:
وروى محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة، قال: خرجت مع صفوان بن مهران الجمّال وعندنا جماعة من أصحابنا بعد ما خرج أبو عبد اللّه "عليه السلام" [فسرنا](الظاهر أنّه زائد وإن قوله: « من الحيرة إلى المدينة » متعلق بقوله: «خرج أبو عبد الله») من الحيرة إلى المدينة.
فلما فرغنا من الزيارة صرف صفوان وجهه إلى ناحية أبي عبد اللّه[الحسين] "عليه السلام"، فقال لنا:
تزورون الحسين "عليه السلام" من هذا المكان من عند رأس أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه من هاهنا، وأومى إليه أبو عبد اللّه[الصادق] "عليه السلام" وأنا معه.
قال: فدعا صفوان بالزيارة التي رواها علقمة بن محمد الحضرمي عن أبي جعفر "عليه السلام" في يوم عاشوراء ثمّ صلّى ركعتين عند رأس أمير المؤمنين "عليه السلام" وودّع في دبرهما أمير المؤمنين "عليه السلام" وأومى إلى الحسين بالسلام منصرفاً بوجهه نحوه وودّع وكان فيما دعاه في دبرها.
يا اللّه، يا اللّه، يا اللّه، يا مجيب دعوة المضطرين....[الدعاء المعروف بدعاء علقمة].
والرواية صريحة في أنّ صفوان زار الإمام الحسين "عليه السلام" بالزيارة التي رواها علقمة بن محمد الحضرمي وفي آخر الرواية، قال: سيف بن عميرة، فسألت صفوان: انّ علقمة بن محمد الحضرمي لم يأت بهذا (الدعاء) أعني: يا اللّه يا اللّه يا اللّه، يا مجيب دعوة المضطرين... وإنّما أتانا بدعاء الزيارة(أي نصّ الزيارة)، فقال صفوان: وردت مع سيدي أبا عبد اللّه "عليه السلام" إلى هذا المكان ففعل مثل الذي فعلناه في زيارتنا ودعا بهذا الدعاء عند الوداع.(مصباح المتهجد: 718 و719 و723) فالاختلاف إنّما كان في الدعاء الذي يُقرأ بعد الزيارة بعد تسليم نصّها المعروف.
إنّ الشيخ أخذ الرواية من كتاب محمد بن خالد الطيالسي وذكر سنده إلى كتابه في «الفهرست» وقال: له كتاب رويناه عن الحسين بن عبيد اللّه(الغضائري)، عن أحمد بن محمد بن يحيى (شيخ الصدوق)، عن أبيه (محمد بن يحيى العطار القمي)، عن محمد بن علي بن محبوب، عنه.(فهرست الشيخ: 176، برقم 648)، وسنده إلى الكتاب صحيح، وأحمد بن محمد بن يحيى من مشايخ الصدوق وينقل عنه مع الترضّـي عليه، والمشايخ في غنى عن التوثيق.
إذا علمت ذلك فاعلم انّ الحكم بصحة السند، يتوقف على دراسة أحوال الرواة الواردين فيه وهم :
1- محمد بن خالد الطيالسي.
2- سيف بن عميرة.
3- صفوان بن مهران الجمال.
أمّا الثاني أعني سيف بن عميرة فقد عرفت أنّ النجاشي وثّقه، وبقي الكلام في الأوّل والثالث. أمّا محمد بن خالد الطيالسي فقد عدّه الشيخ في رجاله في أصحاب الكاظم "عليه السلام" (رجال الشيخ: 343 من أصحاب الكاظم "عليه السلام" ، برقم26 ولاحظ أيضاً باب من لم يرو عن الأئمة برقم11) وتؤيد وثاقته رواية المشايخ الأعاظم عنه نظراء:
1- علي بن الحسن بن فضال.
2- سعد بن عبد اللّه القمي.
3- حميد بن زياد قال الشيخ في فهرسته(فهرست الشيخ: 176، برقم648): محمد بن خالد الطيالسي يكنى أبا عبد اللّه روى عنه حميد أُصولاً كثيرة.
4- علي بن إبراهيم القمي.
5- محمد بن علي بن محبوب.
6- محمد بن يحيي المعادي.
7- معاوية بن حكيم.(معجم رجال الحديث: 17، 76)
وقال النجاشي: محمد بن خالد بن عمر الطيالسي التميمي أبو عبد اللّه مات لثلاث بقين من جمادي الآخرة سنة 259وهو ابن 97سنة.(رجال النجاشي: 2: 229، برقم911) ولعلّ هذا المقدار يثبت وجاهته في الحديث وانّ له منزلة عند المحدّثين، فيكون إماميّاً ممدوحاً بل مقبول الرواية.
وأمّا الثالث، أعني: صفوان بن مهران فهو كوفي ثقة، يكنّى أبا عبد اللّه. (رجال النجاشي: 1: 440، برقم523).
إلى هنا تمت دراسة أسانيد الشيخ الثلاثة،
فخرجنا بالنتيجة التالية:
إنّ السند الأوّل من الأسانيد الثلاثة، طريق الشيخ إلى ما يترتب على زيارة الحسين " عليه السَّلام" على وجه الإطلاق من الثواب، وهو ليس بمطروح عندنا في هذا المقال، وإنّما ذكرناه استطراداً، لأنّ الشيخ روى الجميع في مقام واحد.
وأمّا السند الثاني فرواه الشيخ: عن سيف بن عميرة وهو ثقة بالاتفاق.
عن علقمة بن محمد الحضرمي ولم يصرح بوثاقته وإنّما دلّت القرائن على وثاقته.
وأمّا السند الثالث فرواه الشيخ:
عن محمد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة، عن صفوان بن مهران. والأخيران ثقتان والأوّل لم يصرح بوثاقته وإنّما دلّت القرائن على مقبولية روايته في الحديث. فحان البحث عن سند ابن قولويه إلى نصّ الزيارة.
سند ابن قولويه إلى زيارة عاشوراء:
روى ابن قولويه في كتاب «كامل الزيارات» زيارة عاشوراء بالسند الاتي: حدثني حكيم بن داود بن حكيم وغيره.
عن محمد بن موسى الهمداني،
عن محمد بن خالد الطيالسي،
عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعاً،
عن علقمة بن محمد الحضرمي،
عن أبي جعفر الباقر "عليه السلام" قال: «من زار الحسين يوم عاشوراء حتّى يظلّ عنده باكياً لقى اللّه عزّوجلّ يوم القيامة بثواب ألفي حجّة...».
ومحمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن مالك الجهني، عن أبي جعفر الباقر "عليه السلام" قال: «من زار الحسين ـ عليه السَّلام ـ يوم عاشوراء من محرم حتى يظل عنده...».(كامل الزيارات: 174، الباب71) وقد تمّ السند الأوّل بقوله: «عن علقمة بن محمد الحضرمي» ثمّ ابتدأ بسند آخر وقال: ومحمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة.
وعلى ذلك ففي قوله: ومحمد بن إسماعيل احتمالان:
الأوّل: انّ ابن قولويه شرع بأوّل السند وأخذ الرواية عن كتاب محمد بن إسماعيل بن بزيع لما عرفت من أنّ الشيخ روى نفس الزيارة عن ذلك الكتاب، وطريقه إليه صحيح فينتج قيام الحجة على وجود نصّ الزيارة في ذلك الكتاب وقد تناول كلّ من العلمين الطوسي وابن قولويه نقلها من ذلك الكتاب، غير انّا نعلم بسند الشيخ إلى الكتاب ولا نعلم سند ابن قولويه إليه، ولكنّه لا يضر بصحّة الرواية للعلم بوجود الرواية في ذلك الكتاب عن طريق الشيخ.
وهذا الاحتمال هو الأوجه وعليه يكون لابن قولويه سندان إلى زيارة عاشوراء.
الثاني: انّ قوله «ومحمد بن إسماعيل» عطف على قوله: «محمد بن خالد الطيالسي» وانّ سند ابن قولويه إلى كتاب محمد بن إسماعيل نفس سنده إلى كتاب محمد بن خالد الطيالسي، فيروي كتاب ابن بزيع عن الطريق الذي يروي به كتاب الطيالسي. وعلى ذلك يكون سنده إليه كالتالي:
حكيم بن داود، عن محمد بن موسى الهمداني، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع; وهذا الاحتمال بعيد.
وثمة احتمال ثالث لا يتفوّه به من له إلمام بالرجال، وهو انّ قوله «ومحمد بن إسماعيل» عطف على قوله:«علقمة بن محمد الحضرمي» وجزء من السند السابق، لانّه بعيد عن الصواب غاية البعد، لأنّ علقمة من أصحاب الباقر والصادق "عليهما السلام" وابن بزيع من أصحاب الرضا والجواد "عليهما السلام" ، ومع الاختلاف في الطبقة كيف يعطف المتاخر طبقة، على المتقدم كذلك؟!
إذا عرفت ذلك فلنتاول رواة السند الأوّل بالبحث.
1- حكيم بن داود بن حكيم:
أحد مشايخ جعفر بن قولويه وقد وثّق مشايخه إجمالاً في أوّل كتابه فقال: لا يذكر في كتابه إلاّما وقع له من جهة الثقات، وروى عنه في كامل الزيارات في الباب الثاني، الحديث11 والباب 54 الحديث الثالث.(قاموس الرجال:3 ، برقم2385) مضافاً إلى الباب 71، الحديث 9.
2- محمد بن موسى بن عيسى الهمداني:
ذكره النجاشي بقوله: محمد بن موسى بن عيسى أبو جعفر الهمداني السمان، يروي عنه محمد بن يحيى العطار القمي على ما في طريق النجاشي إلى كتابه، حيث قال: أخبرنا ابن شاذان، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه، عنه بكتبه.
كما يروي عنه محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، الذي هو شيخ مشايخ الكليني، وقد ورد في أسناد نوادر الحكمة، للأشعري، غير انّ الغضائري ضعّفه، ومع ذلك قال: ضعيف، يروي عن الضعفاء ويجوز أن يخرج شاهداً.
وضعّفه ابن الوليد أُستاذ الصدوق.
غير انّ تضعيف هؤلاء يرجع إلى الاختلاف في مقامات الأئمّة فانّ للقميين وعلى رأسهم محمد بن الوليد عقائد خاصة في حقّ أهل البيت "عليهما السلام" ربما لا يرتضيه محقّقو الإمامية.
يقول الشيخ المفيد في تصحيح الاعتقاد: وقد سمعنا حكاية ظاهرة عن أبي جعفر محمد بن الحسن بن الوليد لم نجد لها دافعاً في التفسير وهي ما حكي عنه انّه قال: أوّل درجة في الغلو نفي السهو عن النبي والإمام "عليه السلام" ، فإن صحّت هذه الحكاية عنه فهو مقصر مع أنّه من علماء القميين ومشيختهم، وقد وجدنا جماعة وردوا إلينا من قم يقصرون تقصيراً ظاهراً في الدين وينزلون الأئمّة "عليهم السلام" عن مراتبهم ويزعمون انّهم كانوا لا يعرفون كثيراًمن الأحكام الدينية حتى ينكت في قلوبهم، ورأينا في أُولئك من يقول انّهم ملتجئون في حكم الشريعة إلى الرأي والظنون ويدّعون مع ذلك انّهم من العلماء، وهذا هو التقصير الذي لا شبهة فيه.(تصحيح الاعتقاد:66)
وعلى هذا فلا بعد أن يكون تضعيفه من جانب ابن الوليد لأجل اختلافهما في مقامات الأئمّة، ولأجل ذلك لما نقل النجاشي قول ابن الوليد بأنّه يقول كان يضع الحديث، عقّبه بقوله(واللّه أعلم).(رجال النجاشي:2: 227).
3- محمد بن خالد الطيالسي قد مرت ترجمته عند دراسة السند الثالث للشيخ الطوسي وقد دلّت القرائن على كونه مقبول الرواية.
4- سيف بن عميرة قد مرّ انّه ثقة بلا إشكال.
5- صالح بن عقبة مرّت ترجمته عند دراسة السند الأوّل للشيخ. وانّه امامي ممدوح بالمدح العام.
6- علقمة بن محمد الحضرمي تقدّمت ترجمته عند دراسة سند الشيخ إليه، وقلنا بأنّ القرائن تدلّ على وثاقته.
الى هناتمّ السند الأوّل للشيخ بن قولويه.
وإليك دراسة السند الثاني.
دراسة السند الثاني لابن قولويه:
روى محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن مالك الجهني، عن أبي جعفر الباقر "عليه السلام" : (من زار الحسين "عليه السلام" يوم عاشوراء من محرم حتّى يظل عنده باكياً...)
وهذا السند غني عن الدراسة إلاّ ترجمة مالك الجهني، فانّ محمد بن إسماعيل و صالح بن عقبة قد تقدمت ترجمتهما، وأمّا مالك الجهني فقدعدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر ومن أصحاب الصادق عليمها السَّلام قائلاً: الكوفي مات في حياة أبي عبد اللّه "عليه السلام" .(رجال الشيخ: 145، قسم أصحاب الباقر "عليه السلام"، برقم11 وأصحاب الصادق "عليه السلام" ص302 برقم458) ويمكن استظهار وثاقته من الأُمور التالية:
الأوّل: ما رواه علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن يحيى الحلبي، عن مالك الجهني، قال: قال أبوجعفر: يا مالك أنتم شيعتنا ألا ترى انّك تفرّط في أمرنا، إنّه لا يقدر على صفة اللّه فكما لا يقدر على صفة اللّه، كذلك لا يقدر على صفتنا، وكما لا يقدر على صفتنا كذلك لا يقدر على صفة المؤمن، إنّ المؤمن ليلقى المؤمن فيصافحه، فلا يزال اللّه ينظر إليهما والذّنوب تتحاتُّ عن وجوههما، كما يتحاتُّ الورق من الشّجر، حتّى يفترقا، فكيف يقدر على صفة من هو كذلك.(الكافي: 2، 180، ح6)، والرواية وإن كانت تنتهي إلى نفس مالك الجهني لكن اعتناء علي بن إبراهيم القمي ومحمد بن عيسى بن عبيد ويونس بن عبد الرحمن بنقلها حاك عن اعتمادهم على روايته.
الثاني: روى الكليني، عن عيسى الحلبي، عن ابن مسكان، عن مالك الجهني قال: قال لي أبو عبد اللّه : يا مالك أما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفّوا وتدخلوا الجنّة؟ يا مالك إنّه ليس من قوم ائتموا بإمام في الدنيا إلاّجاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه إلاّ أنتم ومن كان على مثل حالكم، يا مالك إنّ الميت واللّه منكم على هذا الأمر لشهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل اللّه.(الروضة:146، برقم122)
الثالث: انّ مدحه للإمام الباقر ـ عليه السَّلام ـ يعرب عن وقوفه بمقام الإمام و انّه كان يجاهر بالولاء يوم كان الجهر به محظوراً، وقال:
إذا طلب الناس علم القرآن كانت قريش عليه عيالا وإن قيل أين ابن بنت النبي نلت بذاك فروعاً طوالاً نجوم تهلّل للمدلجين جبال تورّث علماً جبالاً(الارشاد:262)
الخاتمة:
هذه إشارة سريعة إلى أسانيد زيارة عاشوراء، وقد عرفت صحّة بعضها ومقبولية البعض الآخر، والمجموع يشد بعضه بعضاً ويورث العلم أو الاطمئنان المتاخم للعلم بصدور الرواية عن المعصوم "عليه السلام" مضافاً إلى أمرين:
1- اتفاق العصابة ومواظبتهم على قراءتها عبر القرون وهي إحدى القرائن على صدور الرواية.
2- انّ الإمعان في مضمون الزيارة يعرب عن أنّه صدر من قلب ملؤه الشجون والأحزان، لا يسكن دمعه ولوعه إلاّ بأخذ الثأر، وهو يتفق بذلك مع مضامين سائر الروايات الواردة في الأدعية والزيارات.



السؤال: تفصيل في سند زيارة عاشوراء
قال قائل:
*************************
وبعد فقد كثر السؤال عن زيارة عاشورا المشهورة ومدى صحتها وعدم صحتها فنقول الكلام يقع في أمرين: الأول حول سندها والثاني حول متنها.
أما الأمر الأول: لا إشكال في استحباب زيارة الإمام الحسين عليه السلام يوم عاشورا استحباباً مؤكداً فقد دلت على ذلك الروايات الكثيرة ومنها الصحيحة إنما الكلام في نص الزيارة في ذلك اليوم فبعض العلماء لم يعين نصاً خاصاً لذلك اليوم كالشيخ المفيد في مزاره والبعض الآخر عين نصاً خاصاً رواه عن أحد الأئمة عليهم السلام.
ومن ذلك الزيارة المتداولة المروية عن الإمام الباقر عليه السلام فقد روى هذه الزيارة عدد من العلماء منهم ابن قولويه مسندة والشيخ الطوسي وابن طاووس والكفعمي مرسلة.
1- ابن قولويه: روى هذه الزيارة أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي المتوفى 368 ه- في كتابه كامل الزيارات ص 325 باب 71 ثواب من زار الحسين عليه السلام يوم عاشوراء حديث 556 طبع دار السرور تحقيق نشر الفقاهة 1418 هـ بسندين:
السند الأول: حكيم بن داود بن حكيم وغيره, عن محمد بن موسى الهمداني, عن محمد بن خالد الطيالسي, عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعاً, عن علقمة بن محمد الحضرمي
السند الثاني: ... ومحمد بن إسماعيل, عن صالح بن عقبة عن مالك الجهني عن أبي جعفر الباقر عليه السلام
دراسة السند الأول: حكيم بن داود بن حكيم قال المولى حبيب الله الكاشاني المتوفى 1340 هـ في شرحه لزيارة عاشوراء: مجهول لم أقف على حاله في الرجال [1] ولكن الصحيح أنه ثقة لأنه من مشايخ ابن قولويه. محمد بن موسى الهمداني قال النجاشي في رجاله تحت رقم 904: ( محمد بن موسى بن عيسى أبو جعفر الهمداني السمَّان, ضعفه القميون بالغلو, وكان ابن الوليد يقول إنه كان يضع الحديث, والله أعلم )
وقال ابن الغضائري: ( محمد بن موسى بن عيسى أبو جعفر الهمداني ضعيف, يروي عن الضعفاء،ويجوز أن يخرج شاهداً،تكلم القميون فيه بالرد, واستثنوا من نوادر الحكمة ما رواه) [2] الهمداني والسمّان واحد فمحمد بن موسى الهمداني هو نفسه محمد بن موسى بن عيسى السمَّان أبو جعفر الهمداني.
رأي الشيخ الصدوق وابن الوليد في الهمداني قال الشيخ الصدوق: وأما خبر صلاة يوم غدير خم والثواب المذكور فيه لمن صامه, فإن شيخنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه) كان لا يصححه ويقول: إنه من طريق محمد بن موسى الهمداني, وكان غير ثقة ( كذاباً خ ل ) وكل ما لم يصححه ذلك الشيخ (قدس الله روحه) ولم يحكم بصحته من الأخبار فهو عندنا متروك غير صحيح ) من لا يحضره الفقيه ج 2 باب صوم التطوع وثوابه من الأيام ذيل حديث 241.
وقال الشيخ الطوسي في كتاب الفهرست في ترجمة سعد بن عبد الله الأشعري تحت رقم ( 306) وبعد أن عدد كتب سعد بن عبد الله قال: وكتاب المنتخبات نحو ألف ورقة, ثم ذكر طريق الصدوق قال: قال ابن بابويه (يعني الصدوق) إلا كتاب المنتخبات فإني لم أروها عن محمد بن الحسن إلا أجزاء قرأتها عليه وأعلمت على الأحاديث التي رواها محمد بن موسى الهمداني, وقد رويت عنه كلما في كتاب المنتخبات مماأعرف طريقه من الرجال الثقاة ).
فالشيخ الصدوق لم يرو من كتاب المنتخبات لسعد بن عبد الله الروايات التي رواها ووقع محمد بن موسى الهمداني في طريقها, اللهم إلا أن يرويها غيره من ثقاة.
العلماء يضعفونه. ضعفه علماء الرجال كما تقدم وغيرهم والفقهاء في الكتب الفقهية ضعفوه وأسقطوا الروايات التي رواها ولم يفتوا بها وإليك بعضهم:
1- أبو جعفر محمد بن الحسن بن الوليد المتوفى 343 هـ شيخ الصدوق. ووصف الهمداني أنه كذاب ووافقه الشيخ الصدوق.
2- أبو العباس احمد بن علي بن العباس بن نوح السيرافي شيخ النجاشي فإنه تابع محمد بن الحسن بن الوليد في القائمة التي استثناها من كتاب نوادر الحكمة ومن ضمنها الهمداني واستثنى من هذه القائمة محمد بن عيسى بن عبيد الذي لم يتابعه فيها.
3- الشيخ الصدوق المتوفى 381 هـ في من لا يحضره الفقيه.
4- أحمد بن علي النجاشي المتوفى 450 هـ في رجاله.
5- الشيخ الطوسي المتوفى 460 هـ في الفهرست.
6- ابن داود في رجاله ص 276.
7- العلامة الحلي في الخلاصة ص 401 قال: محمد بن موسى بن عيسى أبو جعفر السمَّان الهمذاني ضعيف يروي عن الضعفاء وضعفه القميون بالغلو وكان ابن الوليد يقول أنه كان يضع الحديث والله أعلم. قال ابن الغضائري إنه ضعيف يروي عن الضعفاء ويجوز أن يخرج شاهداً, تكلم القميون فيه فأكثروا واستثنوا من كتاب نوادر الحكمة ما رواه.
8- الشيخ حسن صاحب المعالم المتوفى 1011 هـ في التحرير الطاووسي في ترجمة زيد الشحام ص 223 وص 444.
9- المحقق أحمد بن محمد الأردبيلي المتوفى 993 هـ في مجمع الفائدة ج 10 ص 440.
10- ومحمد بن علي الأردبيلي في جامع الرواة ج 2 ص 205.
11- المحقق السبزواري في ذخيرة العباد ج 2 ص 306.
11- المحقق الخونساري في مشارق الشموس ج 2 ص 451
12- السيد الحكيم في المستمسك ج 1 ص 427
13- المحقق الشيخ محمد تقي التستري في قاموس الرجال ج 9 ص 612 برقم 7313 قال:( وضعفه إتفاقي, قال به ابن الوليد, وابن بابويه وابن نوح والشيخ - في الفهرست - والنجاشي وابن الغضائري )
14-السيد الخوئي قال: ( الذي يظهر من مجموع الكلمات أن الأساس في تضعيف الرجل هو ابن الوليد وقد تبعه على ذلك الصدوق وابن نوح وغيرهما وهذا يكفي في الحكم بضعفه ) انظر معجم رجال الحديث ج 18 ص 298 في ترجمته.
وضعفه في كتاب الطهارة ج ص 127 وغير هؤلاء كثير. والخلاصة: أن ضعفه مما لا إشكال فيه.الهمداني وضَّاع قال الصدوق كما نقله الشيخ الطوسي في الفهرست‏ ص: 201 تحت رقمي 299 - 300- في ترجمتي: زيد النَرسي. و زيد الزَرّاد لهما أصلان. لم يروهما محمد بن علي بن الحسين بن بابويه و قال في فهرسته: لم يروهما محمد بن الحسن بن الوليد و كان يقول: هما موضوعان و كذلك كتاب خالد بن عبد الله بن سدير و كان يقول: وضع هذه الأصول محمد بن موسى الهمداني.
وقال الطوسي في الفهرست رقم 267 في ترجمة خالد بن أبي إسماعيل له أصل ... - إلى إن قال - ذكر أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي عن محمد بن الحسن بن الوليد أن قال لا أرويه موضوع وضعه محمد بن موسى الهمداني.
وقال الوحيد البهبهاني: في زيدَي الزراد والنرسي وخالد بن عبد الله: إن كتبهم من وضع هذا [3] وقال المحقق التستري : ( لا إشكال في اتحاده كما في ضعفه, إنما الإشكال في وضعه لكتابي الزيدين ... - إلى أن قال - ثم إن كان وضعه لكتابهما غير معلوم, فأصل وضّاعيته غير بعيد فورد في طريق ثواب زيارة عاشورا وفيه شرح منكر متناقض ) [4] الهمداني من الغلاة رماه القميون بالغلو كما تقدم في كلام النجاشي حيث قال ( ضعفه القميون بالغلو) وكذلك وصفه ابن الغضائري والعلامة الحلي.
وبالرغم من أن له كتاب الرد على الغلاة إلا أن المحقق التستري قال ( وكتابه الرد على الغلاة لا ينافي نسبة الغلو إليه, فللغلو درجات [5].
الطيالسي محمد بن خالد الطيالسي المتوفى 259 هـ مجهول الحال.
ترجمه النجاشي تحت رقم 911 فقال: محمد بن خالد بن عمر الطيالسي التميمي أبو عبد الله كان يسكن بالكوفة, في صحراء جرم, له كتاب نوادر ... - إلى أن قال - مات محمد بن خالد الطيالسي ليلة الأربعاء لثلاث بقين من جمادي الآخرة سنة تسع وخمسين ومائتين وهو ابن سبع وتسعين. [6]
وذكره الشيخ الطوسي في الفهرست برقم 648 وفي رجاله في أصحاب الكاظم عليه السلام برقم 26 وفي باب من لم يرو عنهم برقم 11 وبرقم 54.
وذكره العلامة المجلسي في رجاله ص 301 برقم 1643 ووضع عليه رمز مجهول الحال.
كما ذكره السيد الخوئي في المعجم ج 17 ص 75 و 76 وج 23 ص 119 ولم ينص أحد منهم على توثيقه.
وطريق الشيخ الطوسي إليه ضعيف. لأن فيه أحمد بن محمد بن يحيى وهو لم يوثق.
سيف بن عميرة: ثقة وصالح بن عقبة: مجهول الحال. كما سوف يأتي.
علقمة بن محمد الحضرمي: مجهول الحال. وهو أخو أبو بكر الحضرمي ذكره العلامة المجلسي في رجاله برقم 1189 ووضع عليه علامة أنه مجهول. وقال حبيب الله الكاشاني لم أر من صرح بتوثيقه.
وحاول البعض أن يستدل على وثاقته بما رواه الكشي: في ترجمة أبي بكر الحضرمي وعلقمة ( 290 289 ) عن علي ابن محمد بن قتيبة القتيبي, قال: حدثنا الفضل بن شاذان, قال: حدثني أبي, عن محمد بن جمهور, عن بكار بن أبي بكر الحضرمي, قال: دخل أبو بكر وعلقمة على زيد بن علي, وكان علقمة أكبر من أبي, فجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره, وكان بلغهما أنه قال: ليس الإمام منا من أرخى عليه ستره, وإنما الإمام من شهر سيفه, فقال له أبو بكر وكان أجرأهما:
يا أبا الحسين أخبرني عن علي بن أبي طالب عليهما السلام, أكان إماما وهو مرخ عليه ستره, أو لم يكن إماما حتى خرج وشهر سيفه? قال: فسكت فلم يجبه, فرد عليه الكلام ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبه بشيء, فقال له أبو بكر: إن كان علي بن أبي طالب عليهما السلام, إماما فقد يجوز أن يكون بعده إمام مرخ عليه ستره, وإن لم يكن إماما وهو مرخ عليه ستره فأنت ما جاء بك هاهنا? قال: فطلب إلى ( من أبي ) علقمة أن يكف عنه فكف عنه.
ورواها عن محمد بن مسعود, قال: كتب إلي الشاذاني أبو عبد الله يذكر عن الفضل, عن أبيه مثله سواء.
قال السيد الخوئي أقول: محمد بن جمهور ضعيف, وبكار مجهول, فلا اعتماد على الرواية [7].
فالمتحصل أن هذا السند غير تام لأن الهمداني ضعيف والطيالسي والحضرمي مجهولان.
دراسة السند الثاني: ومحمد بن إسماعيل والمراد به ابن بزيع: ثقة ومحمد بن إسماعيل معطوف على محمد بن خالد الطيالسي [8] وحينئذ فيسبقه في سلسة السند محمد بن موسى الهمداني وحكيم بن داود بن حكيم. وقد تقدم الكلام فيهما حيث عرفنا ضعف محمد بن موسى الهمداني صالح بن عُق بَة وهو صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ذبيحة [ رُبَي حَة ], من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام مجهول, وإن وقع في أسانيد تفسير القمي وكامل الزيارات.ذكره الشيخ الطوسي في أصحاب الصادق عليه السلام برقم 47 وفي أصحاب الكاظم برقم 2 بل وذكره في أصحاب الباقر برقم 4.قال ابن الغضائري برقم 70:
صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ذبيحة مولى رسول الله صلى الله عليه وآله, روى عن أبي عبد الله عليه السلام, غالٍ, كذاب, لا يلتفت إليه.
وقال العلامة في الخلاصة ص 230 رقم 4 صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ذبيحة مولى رسول الله صلى الله عليه وآله: روى عن أبي عبد الله عليه السلام: كذاب, غال, لا يُلتفت إليه.
وقال ابن داود في رجاله: ( ليس حديثه بشيء, كذَّاب, غالٍ كثير المناكير ) انظر رجال ابن داود القسم الثاني رقم 237 وفي فصل آخر: أنه ليس بشيء.
وقال المحقق الشيخ محمد تقي التستري: وقول ابن الغضائري ( غال كذاب, لا يلتفت إليه ) يمكن تأييده بوقوعه في طريق ثواب زيارة عاشورا, وفي شرحه أمور منكرة, وإن كان ( محمد بن موسى ) أيضاً واقع في طريقه, وهو متفق على ضعفه.)[9]
وهنا بعض الملاحظات:
1- من العجيب من بعض العلماء لم يكترث بتضعيف ابن الغضائري والعلامة وابن داود وحاول أن يسقط تضعيف ابن الغضائري بأمور لا تصمد أمام البحث العلمي ولم يتعرض لتضعيفي العلامة وابن داود.
2- وحاول أن يوثق صالح بن عقبة بتوثيقات عامة وأن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب المتوفى 262 هـ وابن بزيع رويا عنه. أليس هذا من المفارقات العجيبة الغريبة. وإذا كان كذلك لماذا لا تكون جميع مشايخ الكليني والصدوق والشيخ الطوسي من الثقات? !!.
3- نِع مَ ما قال المحقق التستري حينما شك في رواية ابن أبي الخطاب عنه فقال: هذا وقول النجاشي ( روى عنه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب )، في غير محله بعد كونه طريق نفسه ( محمد بن الحسين, عن محمد بن إسماعيل, عنه ) ومثله أخبار أخر [10]
4- السيد الخوئي ذكر طبقة محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ولم يذكر له رواية واحدة عن صالح بن عقبة. مالك الجهني وهو مالك بن أعين الجهني: مجهول الحال.قال العلامة في الخلاصة ص 261: أن مالك بن أعين ليس من هذا الأمر في شيء.
وقال علي بن أحمد العقيقي عن أبيه عن أحمد بن الحسن عن أشياخه أنه كان مخالفاً.الزيارة في المصباح سند الزيارة في المصباح الكبير للشيخ الطوسي المتوفى 460 هـ ص 713 طبع مؤسسة الأعلمي في بيروت قيل أنه له أكثر من سند هكذا:
السند الأول:للشيخ الطوسي محمد بن إسماعيل بن بَزِيع عن صالح بن عُق بَة عن أبيه عن أبي جعفر الباقر عليه السلام دراسة السند محمد بن إسماعيل بن بزيع: ثقة صالح بن عُق بَة :وهو صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ذبيحة, من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام مجهول الحال, وإن وقع في أسانيد تفسير القمي وكامل الزيارات.
عقبة: وهو عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ذبيحة, والد صالح بن عقبة كوفي, ذكره الشيخ الطوسي في أصحاب الباقر عليه السلام وقال مثيله, أي مجهول الحال لأن الذين قبله كانوا مجهولين وذكره في أصحاب الصادق عليه السلام برقم 626, وقال العلامة في الخلاصة ص 243 عقبة بالقاف ابن قيس من أصحاب الباقر عليه السلام. مجهول.
ولا ينقضي عجبي ممن أراد أن يوثقه لأن الشيخ الطوسي ذكره في أصحاب الباقر عليه السلام وكونه من أصحاب الباقر عليه السلام يدل على أنه إمامي ولم يظفر الشيخ بشيء من الذم فيه.
أقول:
1- وهل أوضح من أن الشيخ صرح بكونه مجهولا كما تقدم. ويبدو أنه لم يراجع كتاب الرجال للشيخ الطوسي. انظر ص 132 من الطبعة الأولى برقم 74.
2- هل أن كل من ذكره الشيخ في رجاله من أصحاب الأئمة هم إماميون?
كما يبدو أن الشيخ الطوسي نقل هذه الزيارة وسندها عن ابن قولويه المتقدم ذكره من كامل الزيارات وبخصوص السند الثاني المتقدم وأن اختلف في الرواي عن الإمام الباقر عليه السلام.
السند الثاني: للشيخ الطوسي محمد بن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة وسيف بن عميرة عن علقمة بن محمد الحضرمي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام.
أ- محمد بن إسماعيل بن بزيع. ثقة
ب- عن صالح بن عقبة. مجهول كما تقدم وسيف بن عميرة. ثقة
ج- علقمة بن محمد الحضرمي. مجهول كما تقدم. فالسند غير تام حتى على فرض صحة طريق الشيخ إلى ابن بزيع.
السند الثالث: للشيخ الطوسي قال وروى محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة قال خرجت مع صفوان بن مهران الجمال وعندنا جماعة من أصحابنا بعد ما خرج أبو عبد الله عليه السلام ... الطيالسي محمد بن خالد الطيالسي المتوفى 259 هـ مجهول الحال. كما تقدم. فسند الطوسي في المصباح الكبير إلى هذه الزيارة وثوابها غير تام. محاولات غير موفقة
1- حاول البعض تصحيحها بعملية التعويض السندي. والجواب أن هذه غير مسلمة وحتى من يقول بها قد اشترط شروطا غير متوفرة هنا ومنها أن يقول الشيخ الطوسي مثلا في ترجمة المعوض عنه: ( أخبرنا بجميع كتبه ورواياته )
2- أدعي أن الشيخ الطوسي نقلها من كتاب محمد بن إسماعيل بن بزيع وهذا وإن كان لا شاهد عليه وطريق الشيخ إلى ابن بزيع صحيح, إلا أن هذه المحاولة لا تجدي نفعا فإن من يروي عنه ابن بزيع وهو صالح بن عقبة وأبوه لم يوثقا.
3- حاول البعض أن يصحح الرواية بانجبارها بالشهرة.
والجواب: أن المحققين من العلماء ومنهم السيد الخوئي لم يقولوا بحجية الشهرة في نفسها حتى تجبر غيرها.
وعلى فرض حجيتها فإن من يقول بكونها جابرة إنما هي الشهرة العملية الفتوائية للمتقدمين قريبين العهد من الأئمة عليهم السلام.
فالشهرة العملية أو الفتوائية من المتأخرين فضلا عن متأخري المتأخرين لا يجدي نفعا.
فلا الشيخ الكليني ولا الصدوق ولا المفيد لم يرو أحد منهم هذه الزيارة بل الشيخ الطوسي لم يروها في التهذيب مع أنه روى زيارات عديدة للإمام الحسين عليه السلام. ولا السيد ابن طاووس في الإقبال, مع أنه كان يتتبع كل شاردة وواردة.
والخلاصة: أن سند هذه الزيارة غير تام وقد اعترف أكثر من واحد ممن تعرض لسندها منهم المولى حبيب الله الشريف الكاشاني المتوفى 1340 هـ في شرحه لهذه الزيارة بضعف سندها حيث قال: وبالجملة سند هذه الزيارة ضعيف [11]
وإن حاول أن يثبتها بانجبارها بالشهرة وقاعدة التسامح في أدلة السنن وهما غير تامتين.
الأمر الثاني متنها التحريف للزيارة وقع تحريف وزيادة للزيارة في نسخ المصباح الكبير للشيخ الطوسي ولعل ذلك كان في القرن التاسع الهجري أو قبله فإن السيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس المتوفى 664 هـ قال في مصباح الزائر ص 278 طبع مؤسسة آل البيت. بعد نقله لزيارة عاشورا ما هذا نصه:( قال علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس: هذه الرواية نقلناها بإسنادها من المصباح الكبير, وهو مقابل بخط مصنفه رحمه الله, ولم يكن في ألفاظ الزيارة الفصلان اللذان يكرران مئة مرة, وإنما نقلنا الزيارة من المصباح الصغير, فاعلم ذلك ).
فالسيد بن طاووس عنده نسخة خطية من المصباح الكبير للشيخ الطوسي وهذه النسخة مقابلة مع المصباح المخطوط بقلم مؤلفه الشيخ الطوسي ولم يوجد فيها الفصلان الأخيران من الزيارة واللذان يكرران 100 مرة.
بينما النسخة المطبوعة المنتشرة من المصباح الكبير قديما وحديثا موجودان هذان الفصلان فيها, فمن أين جاءت هذه الزيادة? ومن الذي وضعها?? !!

[1] شرح زيارة عاشوراء ص 27
[2] معجم رجال الحديث ج 17 ص 282 رقم 11847
[3] قاموس الرجال ج 9 ص 615
[4] قاموس الرجال ج 9 ص 616
[5] قاموس الرجال ج 9 ص 612
[6] رجال النجاشي ج 2 ص 229.
[7] معجم رجال الحديث - السيد الخوئي ج 8 ص 362:
[8] كما ذكر ذلك صاحب سماء المقال ج 1 ص 531 عن جده جازما به وهو الصحيح خلافا
للحفيد الذي ادعى أنه معطوف على حكيم بن داود وأنه منقول عن كتاب لعدم الشاهد
عليه.
[9] قاموس الرجال ج 5 ص 466
[10] قاموس الرجال ج 5 ص466
*************************
هل هذه الشبهة صحيحة?
الجواب:

ذكرت زيارة عاشوراء في المصباح بثلاثة طرق:
الأول: الشيخ الطوسي بسنده إلى محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن أبيه عن علقمة عن أبي جعفر (عليه السلام).
الثاني: ذكر في ذيل الرواية الأولى وهو محمد بن إسماعيل عن صالح وسيف بن عميرة عن علقمة عن أبي جعفر (عليه السلام).
الثالث: الشيخ الطوسي يرفعه إلى محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة عن صفوان عن (أبي عبد الله (عليه السلام).
وقد وثق من رجاله هذه الأسانيد الثلاثة محمد بن إسماعيل وسيف بن عميرة وصفوان، فلا كلام لنا معهم ويبقى الكلام في:
1- محمد بن خالد الطياليسي.
2- صالح بن عقبة.
3- عقبة.
4- علقمة.
أما محمد بن خالد الطيالسي، فقد قال عنه الوحيد البهبهاني: ((رواية الأجلة عنه تشير إلى الأعتماد عليه ويؤيده قوله روى عنه حميد أصولاً كثيرة, وسنذكر في محمد بن سليمان ما يؤكد ذلك فلاحظ, وهو والد الحسن وعبد الله الثقتين)).
فقد روى عنه علي بن الحسن بن فضال ومحمد بن علي بن محبوب وسعد بن عبد الله وجماعة من أجلاء القوم.
وقال الوحيد في (التعليقة ص 309): ((وكاتب الصاحب (عليه السلام) جدي محمد بن سليمان بعد موت أبيه وكان أحد رواة الحديث لقد لقى محمد بن خالد فروى عنه كتاب عاصم بن حميد وكتاب سيف بن عميرة وكتاب العلاء بن رزين وكتاب إسماعيل بن عبد الخالق وأشياء غير ذلك)).
وقال الميرزا أبو الفضل الطهراني في (شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور) بعد ذكر رواية الأجلاء عنه: ((وقال الشيخ في الرجال: روى عنه حميد أصولاً كثيرة وهذا يعتبر في عرفهم مدحاً جليلاً)) ثم قال: ((ومن مجموع هذه الإمارات يحصل الظن بعدالته لممارس علم الرجال من حيث قول الشيخ: قال: سيف بن عميرة فإذا كان حديث بهذه المثابة صحيحاً بالاتفاق لأن سنده طريق الشيخ إلى سيف وهو معلوم الصحة، وجلالة قدر صفوان لا تكاد تخفى على أحد ولا تحتاج إلى تنبيه)).
والحصيلة أن السند الثالث سيكون معتبراً للمدح في محمد بن خالد الطيالسي وثّـقة كل من سيف وصفوان.
نعم،يبقى الكلام في طريق الشيخ الطوسي إلى محمد بن خالد الطيالسي وهو صحيح على ما صرح به الشيخ جواد القيومي محقق كتاب الفهرست فقال: الطريق صحيح وإن كان فيه أحمد بن محمد بن يحيى.
وقد أستدل على وثاقة أحمد بن يحيى بوجوه كما في (منتهى الدراية):
1- أنه من مشايخ الصدوق وقد أشتهر أن شيخوخة الإجازة تغني عن التوثيق، قال في محكي الوجيزة: (إنه من مشايخ الإجازة وحكم الأصحاب بصحة حديثه).
2- توثيق الشهيد الثاني والدراية والشيخ البهائي في المشرق والسيد الداماد والمقدس الأردبيلي وغيرهم له، واعتماد صاحب المعالم عن روايته مع اقتصاره على العمل بالأخبار الصحاح كما يستفاد من اعتباره الإيمان والعدالة في الراوي مضافاً إلى الإسلام والضبط فيثبت حينئذٍ أن أحمد بن محمد عدل إمامي ضابط ويتم المطلوب.
3- توثيق العلامة له حيث صحح طريق الصدوق إلى أحمد بن محمد بن يحيى العطار وكذلك صحح طريق الشيخ في التهذيب والاستبصار إلى محمد بن علي بن محبوب مع انحصار الطريق وطريقه إلى علي بن جعفر في التهذيب ووقوع أحمد في كلا الطريقين وتثبت وثاقة الرجل حينئذ.
أما علقمة: فقد قال السيد البروجردي في طرائف المقال: وحكي فيه مناظرة أخيه مع زيد وفيه أشعار على حسنه وكونه إماماً ثابت الاعتقاد،وقال الوحيد البهبهاني: روى الصدوق في أماليه عن صالح بن علقمة عن أبيه رواية يظهر منها حسن حاله وكونه شيعياً.
وقال التفرشي في نقد الرجال علقمة من أصحاب الباقر والصادق (عليه السلام) (رجال الشيخ).
وقال الأردبيلي في جامع الرواة في رواية مناظرة جرت لأبي بكر مع زيد ما يدل على أن علقمة مثله في الاعتقاد وأنه أكبر من أبي بكر رحمه الله تعالى.
وورد في كتاب (فرج الكرب) عن ميسر ما يدل على مدحه قال: كنت أنا وعلقمة بن الحضرمي وأبو حسان العجلي وعبد الله بن عجلان ننتظر أبا جعفر صلوات الله عليه فخرج علينا فقال: مرحباً وأهلا والله إني لأحب ريحكم وأرواحكم إنكم لعلى دين الله..
ويقول أبو الفضل الطهراني في شفاء الصدور في حديثه عن علقمة:
((ويفهم من ذيل الرواية أن جلالة قدره بلغت شأنها الأقصى،أن عدم ذكره في الرواية عارض رواية صفوان ولا يندرج في الاحتمال نسيانه أو تجاهله،وقد أعتذر صفوان بعذر آخر وزعم أن الحديث صدر في موضع آخر واشتمل على الدعاء.
وخلاصة القول: إنه يظهر من كلام سيف وصفوان أن شرائط الرواية ذاتاً متوفرة في علقمة وهذا يعتبر إمّا تعديلاً أو مدحاً كبيراً. وبناءاً على عموم شهادة الشيخ المفيد وابن شهر آشوب (لكونه من أصحاب الإمامين) أنه يكون ثقة ومن ثم يعتبر الخبر بين الحسن والصحيح لها السبب)).
وبهذا يظهر اعتبار السند الثاني الذي ذكرناه أولاً لما عرفت من وثاقة محمد بن إسماعيل وسيف بن عميره وقد ظهر لك حال علقمة.
وطريق الشيخ إلى محمد بن إسماعيل صحيح كما صرح العلامة وغيره بذلك.
وأما صالح بن عقبة.
فقد قيل عنه أنه غال كذاب لا يلتفت إليه، ولكن رد ذلك كما في طرائف المقال بأنه للأخبار الدالة على جلالة قدر الأئمة وليس فيها غلو على من نقل في تعليقة الوحيد عن جده.
وقد عده الشيخ من أصحاب الصادق والكاظم (عليهما السلام) وذكره الصدوق في مشيخة الفقيه في المعتمدين.
وقال السيد الخوئي على مبناه في تفسير القمي: (لا يعارض التصنيف المنسوب إلى ابن الغضائري توثيق علي بن إبراهيم لما عرفت غير مرة من أن نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري لم تثبت فالرجل من الثقات)،ويقصد بذلك صالح بن عقبة.
وفي (شفاء الصدور) قال: (وذكر النجاشي في كتابه دليلاً على كونه إمامياً.. وقد التزم النجاشي بذكر القدح أيضاً لو كان حاصلاً سواء في ترجمة الراوي أو في موضع سواه من الكتاب،ولما لم يورد فيه قدحاً علم أنه سالم من عيوب الرواة وهذا نوع مدح له.
وذكره الشيخ في فهرسته وقال: له كتاب, وهذا دليل على استقامة الراوي في المذهب لأن الشيخ التزم في الفهرست بذكر علماء الإمامية إلا في المواضع التي يذكر فيها خلافاً ولا يخلو إثبات الكتاب له من مدحه).
أما عقبة بن قيس فهو من أصحاب الصادق(ع) وقد وثق الشيخ المفيد وابن شهر آشوب في معالم العلماء جميع أصحاب الصادق (عليه السلام).
وبهذا يظهر حال السند الأول فيصير السند معتبراً بقبول المدح الوارد في صالح وقبول التوثيق في عقبة.
هذه هي الاسانيد التي ذكرت في المصباح وأما في كامل الزيارات فذكر سندين:
1- حكيم بن دواد عن محمد بن موسى عن محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعاً عن علقمة عن أبي جعفر (عليه السلام).
2- محمد بن اسماعيل معطوف إما على حكيم أو محمد بن خالد أو محمد بن موسى عن صالح بن عقبة عن مالك الجهني عن أبي جعفر.
وقد ظهر لك مما سبق حال محمد بن خالد وسيف بن عميرة وصالح بن عقبة وعلقمة ومحمد بن إسماعيل وبقي الكلام في:
1- حكيم بن داود.
2- محمد بن موسى.
3- مالك الجهني.
فأما حكيم بن داود فهو من أجلة مشايخ ابن قولويه ترحم عليه ووثق مشايخه في أول كتابه.
وأما محمد بن موسى الهمداني فقد قال السيد بحر العلوم في (الفوائد الرجالية ج2 ص 374):
أن محمد بن موسى الهمداني وهو الذي ادعى عليه وضع هذه الأصول - لم يتضح ضعفه بعد - فضلا عن كونه وضّاعاً للحديث, فإنه من رجال ( نوادر الحكمة ) والرواية عنه في كتب الأحاديث متكررة: ومن جملة رواياته: الحديث الذي انفرد بنقله في صلاة ( عيد الغدير ) وهو حديث مشهور أشار إليه المفيد في ( المقنعة ) وفي ( مسار الشيعة ) ورواه الشيخ في التهذيب وأفتى به الأصحاب, وعولوا عليه, ولا راد له سوى ( الصدوق ) وابن الوليد بناء على أصلهما فيه.
والنجاشي ذكر هذا الرجل في كتابه ولم يضعفه, بل نسب إلى القميين تضعيفه بالغلو, ثم ذكر له كتبا: منها كتاب الرد على الغلاة, وذكر طريقه إلى تلك الكتب, قال: (( وكان ابن الوليد يقول: انه كان يضع الحديث والله اعلم )).
وابن الغضائري وان ضعفه إلا أن كلامه فيه يقتضى انه لم يكن تلك المثابة من الضعف, فإنه قال فيه: " إنه ضعيف يروي عن الضعفاء " ويجوز أن يخرج شاهدا, تكلم فيه القميون فأكثروا, واستثنوا من ( نوادر الحكمة ) ما رواه.
وكلامه ظاهر في أنه لم يذهب فيه مذهب القميين ولم يرتض ما قالوه. والخطب في تضعيفه هين, خصوصا إذا استهونه.
والعلامة في ( الخلاصة ) حكى تضعيف القميين وابن الوليد حكاية تشعر بتمريضه, واعتمد في التضعيف على ما قاله ابن الغضائري ولم يزد عليه شيئا وفيما سبق عن النجاشي وابن الغضايري في أصلي الزيدين وعن الشيخ في أصل النرسي دلالة على اختلال ما قاله ابن الوليد في هذا الرجل.
وبالجملة فتضعيف محمد بن موسى يدور على أمور:
( أحدهما ) طعن القميين في مذهبه بالغلو والارتفاع.
ويضعفه ما تقدم عن النجاشي: " ان له كتابا في الرد على الغلاة )).
( وثانيها ) إسناد وضع الحديث إليه. هذا مما انفرد ابن الوليد به ولم يوافقه في ذلك الا الصدوق لشدة وثوقه به, حتى قال في كتاب: ( من لا يحضره الفقيه ) ((... ان كلما لم يصححه ذلك الشيخ - قدس الله روحه - ولم يحكم بصحته من الاخبار فهو عندنا متروك غير صحيح )).
وسائر علماء الرجال ونقدة الاخبار تحرجوا عن نسبة الوضع إلى محمد ابن موسى, وصححوا أصل زيد النرسي, وهو أحد الأصول التي أسند وضعها إليه, وكذا أصل زيد الزراد وسكوتهم عن كتاب خالد بن سدير لا يقتضي كونه موضوعا, ولا كون محمد بن موسى واضعا, إذ من الجائز أن يكون عدم تعرضهم له لعدم ثبوت صحته لا لثبوت وضعه, فلا يوجب تصويب ابن الوليد, لا في الوضع ولا في الواضع.
أو لكونه من موضوعات غيره فيقتضي تصويبه في الأول دون الثاني.
( وثالثها ) استثناؤه من كتاب ( نوادر الحكمة ) والأصل فيه محمد ابن الحسن بن الوليد - أيضا - وتابعه على ذلك الصدوق وأبو العباس بن نوح, بل الشيخ, والنجاشي أيضا. وهذا الاستثناء لا يختص به, بل المستثنى من ذلك الكتاب جماعة وليس جميع المستثنين وضعة للحديث, بل منهم المجهول الحال, والمجهول الاسم, والضعيف بغير الوضع, بل الثقة - على أصح الأقوال - كالعبيدي, واللؤلؤي. فلعل الوجه في استثناء غير الصدوق وشيخه ابن الوليد: جهالة محمد بن موسى أو ضعفه من غير جهة الوضع. والموافقة لهما في الاستثناء لا يقتضى الاتفاق في التعليل, فلا يلزم من استثناء من وافقهما ضعف محمد بن موسى عنده, فضلا عن كونه وضاعا.
وفي شفاء الصدور قال: (وهذا الطريق وإن علَّ بمحمد بن موسى لأنه ضعيف ظاهراً وعندي إن حكيم بن داود مجهول الحال فعلاً ولكن الظاهر ظهوراً بينا إن ذكر الطريق لأجل اتصال السند والرواية أخذت من الكتاب كما هو ظاهر عبارة الشيخ رحمه الله من أن كتاب محمد بن خالد موجود بحيازته بل صريح عبارة الفهرست ذلك).
أما مالك الجهني فهو من أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام)وفي (شفاء الصدور) قال: ((وفي الكافي بسند صحيح إن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: انتم شيعتنا... وهذا الخبر يتضمن مدحاً جليلاً وأن وصف الراوي بكونه لهم شيعة خير من النص على العدالة مائة مرة)).
ولكي يتم اعتبار هذين السندين في كامل الزيارات لابد من القول بأن هذه الرواية وصلت إلى ابن قولويه عن طريق كتاب محمد بن خالد أو يبنى على عدم ضعف محمد بن موسى الهمداني.
وقال في (شفاء الصدور): (ومجمل القول أنه لا ريب في اعتبار سند الرواية وكان عمل الشيعة عن تطاول الزمان وتمادي العصور والدهور على هذه الرواية حيث جعلوا هذه الرواية من أورادهم اللازمة وأذكارهم الدائمة وتكون مع أنضمام هذه القرائن قطعية الصدور مضافاً إلى كون إسنادها منه ما هو الصحيح ومنه ما هو الحسن).
ثم بعد هذا نذكر بعض الملاحظات على السؤال وما ذكر فيه:
1- أطال صاحب الإشكال في تضعيف محمد بن موسى في حين أنه لم يرد أسمه إلا في سند واحد من الأسانيد الخمسة ويحتمل دخوله بالعطف بالسند الثاني ولو ثبت ضعفه فأنه لا يضعف به إلا السند المذكور فيه وتبقى بقية الأسانيد خالية من هذا التضعيف بل يصلح أن يكون هذا الحديث مؤيداً وشاهداً على الرغم من ضعفه.
2- ذكر صاحب الإشكال مجموعة من الرواة ووصفهم بجهالة الحال في حين ذكرنا نحن من خلال القرائن المتعددة كيف يكون كل واحد منهم ممدوحاً بحيث يصير السند مقبولاً.
3- ذكر صاحب الإشكال أحمد بن محمد بن يحيى وقال أنه لم يوثق وعدم التوثيق لا يعني عدم أعتبار طريقة الشيخ الطوسي إلى محمد بن خالد بل يمكن أن يكون الطريق معتبراً من خلال ما ورد في حق أحمد بن محمد بن يحيى من المدح بن يمكن أن يكون الطريق صحيحاً من خلال توثيقه بالتوثيقات العامّة.
4- إن جهالة الراوي عند الشيخ الطوسي لا يعني عدم إمكان العثور على ما يمكن من خلاله توثيق أو مدح ذلك الراوي فهناك مبان عامة قد لا يلتزم بها الشيخ الطوسي يمكن أن يلتزم بها غيره.
5- افتراض أن الشيخ الطوسي روى الزيارة عن ابن قولويه ليس له وجه وإلا لذكر ذلك في السند.
6- على مبنى صاحب الإشكال من جهالة كل أولئك الرواة يمكن أيضاً أن نخرج بسند مقبول وهي رواية صفوان فإن في السند محمد بن خالد الذي قال بجهالته لكن رواية علقمة حيث روى محمد إسماعيل عن سيف بن عميرة يمكن أن يكون متابعاً لرواية محمد بن خالد وبذلك ترتفع الجهالة من السند بوثاقة محمد بن إسماعيل حيث يتابع محمد بن خالد في روايته عن سيف بن عميرة.
7- لا يضر عدم وجود الفصلين الأخيرين من الزيارة في المصباح الكبير بعد معرفة أن الذي أختصر المصباح الصغير هو الشيخ الطوسي نفسه ولا يصدق من يقول أن الشيخ الطوسي أضافها من عنده إذا ثبت وصول نسخة المصباح الصغير بطريق صحيح إلينا فلابد أن يكون هناك سبب من عدم وجود هذين الفصلين في النسخة التي وصلت إلى ابن طاووس.
8- ثم أن الشيخ الطوسي عندما سئل بمحضر حاكم الوقت عن معنى لعن الأول والثاني والثالث لم يعتذر بضعف الرواية، وإنما دفع بالتأويل تقيةً من الحاكم وهذا يدل على - قبول الرواية في ذلك الوقت عند الشيعة وعند الشيخ الطوسي بالخصوص.
9- كما أن مضامين الرواية كلها موجودة صحيحة إذا لم نقل متواترة في أصولنا الحديثية وأما بخصوص الاعتراض بوجود اللعن فهو أيضاً موجود في رواياتنا بكثرة إذا لم نقل بالتواتر بل أنه من أصول المذهب.

يتبع

الشيخ عباس محمد
28-08-2017, 05:58 PM
تعليق على الجواب (1)
قلتم
(لا يضر عدم وجود الفصلين الأخيرين من الزيارة في المصباح الكبير بعد معرفة أن الذي أختصر المصباح الصغير هو الشيخ الطوسي نفسه ولا يصدق من يقول أن الشيخ الطوسي أضافها من عنده إذا ثبت وصول نسخة المصباح الصغير بطريق صحيح إلينا فلابد أن يكون هناك سبب من عدم وجود هذين الفصلين في النسخة التي وصلت إلى ابن طاووس.)
هل بإمكانكم الاستزاد في هذه النقطة لإفحام الطرف الآخر
الجواب:

يقول اقا بزرك الطهراني في الذريعة 4/136 عن المصباح الصغير انه من تأليف شيخ الطائفة الطوسي فهو الذي اختصر المصباح الكبير بنفسه وقال في ديباحته انه لما صنف مصباح المتهجد في عبادات السنة فكر في انه ربما استثقل الناظر في العمل بجميعه فرأي ان يختصره
وقال اقا بزرك في الذريعة 8 /175 ايضا:
(ومن الكتب الدعائية المأخوذة من تلك الأصول القديمة قبل احتراق مكتبة شاپور هو ( مصباح المتهجد ) لشيخ الطائفة الطوسي المتوفى ( 460 ) فإنه بعد وروده إلى العراق في ( 408 ) استخرج من الأصول القديمة التي كانت تحت يده بمكتبة شاپور ومكتبة أستاده الشريف المرتضى أحاديث الاحكام فألف ( تهذيب الأحكام ) كما ذكرناه في ( ج 4 - ص 504 ) وألف ( الاستبصار فيما اختلف من الاخبار ) كما ذكرناه في ( ج 2 - ص 14 ) وألف أيضا ( مصباح المتهجد ) في الأدعية والأعمال واستخرج فيه من تلك الأصول مقدار ما يتحمله العباد والمتهجدين من الأدعية والأعمال ولما استثقله بعض, اختصره الشيخ بنفسه وسماه ( مختصر المصباح ) وهما موجودان في مكتبة ( الصدر ) ومكتبة ( الشيخ هادي كشف الغطاء ) و ( المشكاة ) وغيرهما ويقال لهما المصباح الكبير والمصباح الصغير وقد اختصر المصباح أيضا العلامة الحلي وسماه ( منهاج الصلاح ) وأضاف إليه الباب الحادي عشر).
وقال ايضا في ج20 ص209 :
( 2617 : مختصر المصباح الكبير ) المعروف هذا ب‍ " المصباح الصغير " اختصره شيخ الطائفة نفسه عن " المصباح الكبير " قال فيه بعد ذكره ل‍ " المصباح " واستصعابه على بعض الناس : رأيت أن أختصر ذلك وأجمع منه جملا, لئلا يستثقلها العامل بها ولا يستصعبها الناظر, وأقتصر على أدعية مختارة جامعة للأغراض كما يأتي, أوله [ الحمد لله رب ] توجد نسخة منه عند الشيخ هادي كاشف الغطاء وغيره ).
وبالاضافة الى وجود مخطوطة في مكتبة هادي ال كاشف الغطاء هناك نسختان منه في مكتبة مدرسة فاضل خان من مشهد الرضا بخرسان وطريق السيد ابن طاووس للكتاب هو والده عن شيخه الفقيه حسين بن رطبة عن شيخه ابي علي بن محمد بن الحسن الطوسي, وذكر السيد ابن طاووس طريقا اخر وهو الشيخ محمد بن نما والشيخ اسعد بن عبد القاهر الاصفهاني باسنادهما الذي ذكرناه الى المصباح الكبير انظر فتح الابواب لابن طاووس ص188 . وذكر البعض ان مختصر المصباح موجود في مكتبة المرعشي برقم (7) .
وقد صرح في مصباح الزائر انه نقل المقطعين الاخريين من الزيارة من المصباح الصغير انظر بحار الانوار 98 /303 .




السؤال: اللعن الوارد في زيارة عاشوراء (1)

ورد في زيارة عاشوراء:
(( اَللّـهُمَّ خُصَّ اَنْتَ اَوَّلَ ظالِم بِاللَّعْنِ مِنّي وَابْدَأْ بِهِ اَوَّلاً ثُمَّ (الْعَنِ) الثّانيَ وَالثّالِثَ وَالرّابِعَ اَللّـهُمَّ الْعَنْ يَزيدَ خامِساً وَالْعَنْ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ زِياد وَابْنَ مَرْجانَةَ وَعُمَرَ بْنَ سَعْد وَشِمْراً وَآلَ اَبي سُفْيانَ وَآلَ زِياد وَآلَ مَرْوانَ اِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ))
من المقصود بالاول والثاني والثالث والرابع في الزيارة.
وشكرا لكم ودمتم سالمين وموفقين.
الجواب:

ليس المهم أن تعرف هؤلاء بأشخاصهم، ويحق لك الاكتفاء بقصد الصفة التي تنطبق عليهم وهي ظلم آل محمد (عليهم السلام)..
ومن طالع مظالم العترة الطاهرة لا يعوزه البحث والتنقيب عن هؤلاء الظالمين لهم، وهل بعد حرق بيت الزهراء (عليها السلام) وقتل الحسين (عليه السلام) مظلمة تخفى..! فالحديث عن مظالم أهل البيت (عليهم السلام) حديث ذو شجون وشجون وشجون، ولكن الذي يمنعنا هو الحرص على وحدة المسلمين.. والعاقبة للمتقين.





السؤال: اللعن الوارد في زيارة عاشوراء (2)
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة و السلام على خاتم النبيين و الائمه الاثنى عشر من بعده...
في دعاء زيارت عاشوراء يقولون (اللهم خص أنت أول ظالم باللعن مني وابدا به أولاً ثم الثاني والثالث والرابع اللهم العن يزيد...)
من المقصود في ذكرهم الأول والثاني والثالث والرابع ؟ أهم يعنون بالأول أبو بكر والثاني عمر بن الخطاب والثالث عثمان؟
فاذا كان كذلك, أولى الامام علي هو الخليفه الرابع؟ فكيف يقولون والعن الرابع؟

الجواب:

هذا الفهم غير مراد بطبيعة الحال، لعدم وجود هذا الترتيب عندنا نحن أتباع أهل البيت (عليهم السلام) في مسألة الإمامة، فيكون المقصود هنا هو ذكر أمة الظلم ومؤسسي الجور على أهل البيت (عليهم السلام)، فلا يشمل الإمام علي (عليه السلام) أمير المؤمنين قطعاً ، فهو مظلوم لا ظالم ومتعدى عليه لا متعد على أحد، فلا يتصور دخوله (عليه السلام) في اللعن أصلاً ، لان الدعاء لشيعتهم ومحبيهم ومواليهم.
وكذلك يدل على المراد من الرابع قوله بعده (والعن يزيد خامساً)، فيكون المراد من الرابع من هو قبل يزيد مثل معاوية ومن على شاكلته خصوصاً مع كونه أصل خلافة يزيد وملكه ولوضوح ظلمه للقاصي والداني بقتاله لأمير المؤمنين (عليه السلام) ومحاربته ولعنه ولعن الإمام (عليه السلام) له صراحة أيضاً.
وأما الثلاثة الأوّل، فنحن مع هذا الإبهام والإجمال غير مكلفين بالقطع بأحد وتسميته، وإنما المطلوب هنا ـ كما هو واضح ـ البراءة واللعن لمن ظلم آل محمد (عليهم السلام) من الأئمة والقادة والرؤوس والمؤسسين لهذا النهج ، وإلا فالظلمة والبغاة كثيرون وليسوا ثلاثة أو أربعة، فالأمر باللعن إذن يخص مؤسسي وقائدي هذا الظلم على أهل البيت (عليهم السلام)، ولسنا مكلفين بتشخيصهم، فهو مثل قول كل مسلم (أنا أوالي كل من والى الله وخصوصاً أولياءه المخلصين المنتخبين وأعادي أعداء الله وخصوصاً فراعنتهم وطواغيتهم)، وكما قال تعالى: (( فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى )) (البقرة:256) ، وقوله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة )) (الممتحنة:1).
وغير ذلك من قواعد كلية وأوصاف عامة يمكن انطباقها وتحققها في هذا الفرد أو ذاك ممن يحمل تلك الأوصاف.



السؤال: عبارات اللعن في زيارة عاشوراء

قرات دعاء عاشوراء بعد ان لاحظت اخواني من الشيعه يؤكدون عليه فوجدت فيه كثيرا من عبارات السب واللعن وهذا لايمكن ان ينطق به الامام المعصوم زين العابدين مع اني اجد ان اكثر الملعونين مستحقون ولكن الذي لم افهمه عبارة اللهم العن اول ظالم ظلم حق محمد وال محمدثم الثاني والثالث والرابع فمن هم هؤلاء الاربعة وعلى اي اساس كان هذا الترتيب وفقكم الله لما فيه الخير للمسلمين جميعا
والحمد لله رب العالمين
الجواب:

هناك فرق بين السب واللعن, فالسب شتم وفحش من القول منهي عنه شرعاً، أما اللعن فهو دعاء بالطرد من رحمة الله وقد ورد في القرآن الكريم في موارد متعددة، قال تعالى: (( ِنَّ الَّذِينَ يَكتُمُونَ مَا أَنزَلنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِن بَعدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ )) (البقرة:159).
والوارد في زيارة عاشوراء هو لعن لا سب.! هذا أولاً.
أما سؤالكم عن الأول والثاني والثالث والرابع، فالزيارة وردت بهذا الشكل ولم تفسر بلحاظ أشخاص معينين. ولعل عدم ذكرهم من باب المصلحة العامة, والحفاظ على الوحدة الإسلامية, فإن بعض الأشخاص من اللذين لهم مواقف مع آل محمد بلغت حد الاعتداء عليهم وحرق بيوتهم ولذا فقد يسوء بعض الناس ذكر أسمائهم صريحة لما توارثوه من التقديس والتبجيل لهم..
والباحث عن مظالم آل محمد (عليهم السلام) لا يفوته إدراك الترتيب المذكور.




السؤال: عبارات اللعن ثابتة في زيارة عاشوراء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك من يدعي انه حدث تحريف في متن زيارة عاشوراء خصوصا وجود عبارات اللعن في الزيارة ويدعي انه بحث في المخطوطات فلم يجد فيها عبارات اللعن, نرجوا الرد على هذا الزعم

الجواب:

لايوجد تحريف في متن زيارة عاشوراء، والعبارات المعترض عليها موجودة وثابتة في نسخ موثقة موجودة في مكتبات النجف الأشرف وقم المقدسة تتصل مقابلاتها بنسخة الشيخ الطوسي (قدس سره) المأخوذ عنها هذه الزيارة.. إلاّ أنه فات الشخص الاطلاع على هذه النسخ واطلع على نسخة أو بضع نسخ ولم يطلع على كل النسخ الموجودة لهذا الكتاب، ثم حكم حكماً مجتزءاً مستنداً إلى ما وجده .. وهي - أي هذه النسخ التي عثر عليها - يحتمل كثيراً أنها كتبت في أجواء التقية، إذ أنّ كتاب ((مصباح المتهجد)) هو الكتاب المهم المتداول فيما يخص الزيارات والأدعية في ذلك الزمان ، وكان ككتاب ((مفاتيح الجنان)) في زماننا هذا، والناس كانوا يستنسخون لهم نسخاً خاصة منه، إذ لم تكن الطباعة متداولة يومها.. وهذا النسخ كان يخضع للظروف المحيطة به في بعض الأحيان من أجواء التقية والخوف والخشية من مساءلة السلطات، فيلجأ الناسخون إلى حذف بعض العبارات التي تثير حفيظة هذه السلطات..
لذا نقول أنّه من المحتمل جداً ان تكون هذه النسخ قد رفعت منها عبارات اللعن لهذه الأسباب ، فهي نسخ منقوصة، لأننا وجدنا ـ كما أسلفنا ـ نسخاً مخطوطة لها مقابلات تتصل بنسخة الشيخ الطوسي (ره) وقد ذكرت فيها هذه المقاطع من اللعن في الزيارة، تماماً كما هو متداول ومعروف في زماننا ، ولا يوجد فيها نقيصة في هذا الجانب.





السؤال: هل عبارات اللعن الواردة في زيارة عاشوراء صحيحة

هل عبارات اللعن الواردة في زيارة عاشوراء صحيحة وواردة عن الإمام الباقر (عليه السلام)؟
وهل توجد نسخ قديمة لكتاب المصباح للشيخ الطوسي(قده) تثبت هذه الفقرات على الإمام (عليه السلام)؟
الجواب:

وهنا - قبل الشروع في الحديث عن خصوص زيارة عاشوراء ـ من بيان نقطتين:
النقطة الأولى: لا يخفى أن من الأسس العقائدية المهمة الولاية والبراءة.
وإنما كانت الولاية والبراءة من الأسس العقائدية لأن الولاية و البراءة تخلقان في الإنسان التزام الحق ورفض الباطل.
ومن مظاهر الولاية هي الصلاة على محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله) وقد ورد في هذا المجال روايات كثيرة (فلاحظ ما رواه البرقي في المحاسن 1: 59 / 96, والحميري في قرب الإسناد ص40 / 130, وص310 / 1210, والكليني في الكافي ج 2: 558 / 8, و 583 / 18, و ج3: 182 / 1 , و ص184 / 3, و ص 187 / 5, و ص 356 / 5, و ص 428 / 1 و 2 و 3, وج 4: 552 / 3 و 4 و 5 و 6, وج6: 31 / 4, وج8: 173 / 194, وابن قولويه في كامل الزيارات ص 53 / 5, وص 55 / 6, وص 58 / 10, وص 442 / 1, والصدوق في الفقيه ج1: 112 / 228, وص 163 / 466, وص 239 / 723, وص 323 / 948, وفي معاني الأخبار, باب (معنى الصلاة على النبي(ص) ص115. وغيرها الكثير.)
ومن مظاهر البراءة اللعن. وهو ما نتحدث عنه فعلاً.
النقطة الثانية: إن مبدأ اللعن منهج أسسه القرآن الكريم وأكدته النصوص الشريفة, فمن الآيات المباركة.
قوله تعالى: (( وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلفٌ بَل لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفرِهِم فَقَلِيلاً مَا يُؤمِنُونَ )) (البقرة:88)
وقوله تعالى: (( وَلَمَّا جَاءَهُم كِتَابٌ مِن عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُم وَكَانُوا مِن قَبلُ يَستَفتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعنَةُ اللَّهِ عَلَى الكَافِرِينَ )) (البقرة:89)
وقوله تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ يَكتُمُونَ مَا أَنزَلنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِن بَعدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلعَنُهُمُ اللاعِنُونَ )) (البقرة:159)
وقوله تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُم كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيهِم لَعنَةُ اللَّهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجمَعِينَ )) (البقرة:161)
وقوله تعالى: (( فَمَن حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلمِ فَقُل تَعَالَوا نَدعُ أَبنَاءَنَا وَأَبنَاءَكُم وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُم وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُم ثُمَّ نَبتَهِل فَنَجعَل لَعنَتَ اللَّهِ عَلَى الكَاذِبِينَ )) (آل عمران:61)
وقوله تعالى: (( أُولَئِكَ جَزَاؤُهُم أَنَّ عَلَيهِم لَعنَةَ اللَّهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجمَعِينَ )) (آل عمران:87)
وقوله تعالى: (( مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعنَا وَعَصَينَا وَاسمَع غَيرَ مُسمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلسِنَتِهِم وَطَعناً فِي الدِّينِ وَلَو أَنَّهُم قَالُوا سَمِعنَا وَأَطَعنَا وَاسمَع وَانظُرنَا لَكَانَ خَيراً لَهُم وَأَقوَمَ وَلَكِن لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفرِهِم فَلا يُؤمِنُونَ إِلا قَلِيلاً )) (النساء:46)
وقوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلنَا مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُم مِن قَبلِ أَن نَطمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدبَارِهَا أَو نَلعَنَهُم كَمَا لَعَنَّا أَصحَابَ السَّبتِ وَكَانَ أَمرُ اللَّهِ مَفعُولاً )) (النساء:47)
وقوله تعالى: (( أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَن يَلعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرا )) (النساء:52)
وقوله تعالى: (( وَمَن يَقتُل مُؤمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً )) (النساء:93)
وقوله تعالى: (( لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِن عِبَادِكَ نَصِيباً مَفرُوضاً )) (النساء:118)
وقوله تعالى: (( فَبِمَا نَقضِهِم مِيثَاقَهُم لَعَنَّاهُم وَجَعَلنَا قُلُوبَهُم قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنهُم إِلَّا قَلِيلاً مِنهُم فَاعفُ عَنهُم وَاصفَح إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحسِنِينَ )) (المائدة:13)
وقوله تعالى: (( قُل هَل أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ مَن لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيهِ وَجَعَلَ مِنهُمُ القِرَدَةَ وَالخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ )) (المائدة:60)
وقوله تعالى: (( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابنِ مَريَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَكَانُوا يَعتَدُونَ )) (المائدة:78)
وإنما أسـس القرآن الكريم هذا المنهج لا من أجل تربية الإنسان على البذاءة وسوء القول, ولا من أجل زرع الحقد والتحامل بين أبناء المجتمع, وإنما الهدف منه تربية الإنسان على صلابة الإيمان والثبات على الحق, ومن أجلى مصاديق الصلابة والثبات مبدأ اللعن والتبري الذي يغذي المؤمن بعنفوان رفض الباطل ونبذ الظلم والطغيان قولاً وفعلاً, ومن رموز هذا المنهج رشيد الهجري, وحجر بن عدي, وميثم التمار, وكميل بن زياد, وأبو ذر الغفاري و... الذين رفضوا الباطل و ضحوا بأنفسهم في سبيل مبدأ الرفض والبراءة.
وخلاصة القول أن اللعن عبارة عن تربية روحية للمؤمن على قبول الخير ورفض الباطل.
ومن النصوص الحديثية المتظافرة في تدعيم هذا المنهج ورود اللعن على لسان الرسول: في عدة موارد منها: (لما مرض رسول الله (صلى الله عليه وآله) مرضه الذي توفّي فيه, فجهّز إلى الروم جيشاً إلى موضع يقال له: مؤتة, وبعث فيه وجوه الصحابة وأمّر عليهم أسامة بن زيد فوّلاه وبرزوا عن المدينة, فثقل المرض برسول الله (صلى الله عليه وآله) وحينئذٍ تمهّل الصحابة عن السير وتسلّلوا, ورسول (صلى الله عليه وآله) يصيح فيهم جهزوا جيش أسامة, لعن الله المتخلف عنه, حتى قالها ثلاثاً . (طبقات ابن سعد ج2 ص1 ح37 وج2 ص2 ح41 وج4 ص1 ح47, فتح الباري, للعسقلانى ج7 ص87 وج8 ص152, كنز العمال ج10 ص572 ح30266, تهديب تاريخ ابن عساكر ج1 ص117 و122, دلائل الصدق ج3 ص4 و5, الملل والنحل ج1 ص29, شرح نهج البلاغة ج6 ص52, اصول الاخيار ص68.)
ومنها: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ستة لعنتهم لعنهم الله وكل نبي مجاب: المكذب بقدر الله والزائد في كتاب الله والمتسلط بالجبروت ليذل ما أعز الله ويعز ما أذل الله والمستحل لحرم الله والمستحل من عترتي ما حرم الله والتارك سنتي (صلى الله عليه وآله (هذا الحديث رواه الحاكم في مستدركه في ثلاثة مواضع ج1: 36, وج2: 525, وج4: 90, وقال هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه, ورواه بن حبان في صحيحه 13: 60, والهيثمي في مجمع الزوائد 9: 372 / والطبراني في المعجم الكبير 17: 43, وفي الأوسط 2: 398, وابن ابي عاصمه في السنة 2/628. )
وقد لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحكم بن العاص ولعن من في صلبه:
قال ابن حجر في صواعقه(ـ الصواعق المحرقة ص144. ورواه البلاذري في أنساب الأشراف 5: 126, والحاكم في مستدركه 4: 481, وصححه. )) إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (ليدخلن الساعة عليكم رجل لعين! فدخل الحكم بن العاص)
روى والواقدي كما في السيرة الحلبية (السيرة الحلبية 1/337. وذكره السيوطي في جمع الجوامع نقلاً عن أبي يعلى, والطبراني, والحاكم, والبيهقي, وابن عساكر. ) أن الحكم بن العاص استأذن يوماً على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعـرف صوته فقال:
( ائذنوا له, لعنة الله عليه وعلى من يخرج من صلبه إلا المؤمنين وقليـل ما هم )
وجاء في كنز العمـال (كنز العمال 6/90.) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعـن الحكم بن العاص وما ولد. وقالـت عائشة لمروان: (إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعـن أباك وأنت فـي صلبه(المستدرك للحاكم 4/481 وتفسير القرطبي 16/197 وتفسير الزمخشري 3/99 والفائق 2/325 وتفسير ابن كثير 4/159 وتفسير الرازي 7/491 واسد الغابة لابن الاثير 2/34 و النهاية لابن كثير 3/23 وشرح النهج لابن ابي الحديد 2/55 وتفسير النيسابوري بهامش تفسير الطبري 26/13 والاجابة للزركشى ص141 وتفسير النسفي هامش الخازن 4/132 والصواعق المحرقة لابن حجر ص108 وارشاد الساري للعسقلاني 7/325 ولسان العرب 9/73 والدر المنثور للسيوطي 6/41 والسيرة الحلبية 1/337 وتاج العروس 5/69 وتفسير الشوكاني 5/20 وتفسير الالوسي 6/2 والسيرة الدحلانية بهامش السيرة الحلبية 1/245.) وفي رواية أخرى. قالت عائشة لمروان بن الحكم: (سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لأبيك وجدك أبي العاص بن أمية أنكم الشجرة الملعونة في القرآن) هكذا أخرجه ابن مردويه (الدر المنثور للسيوطي 4/191 والسيرة الحلبية 1/337 وتفسير الشوكانى 3/231 وتفسير الالوسي 15/107. )
وقال برهان الدين الحلبي: وفي رواية كان (صلى الله عليه وآله) يقول:
(اللهم العن فلاناً, وفلاناً (السيرة الحلبية: 2/234 طبعة مصر )
وأخرج البخاري عن يحيى بن عبدالله السلمي: أخبرنا معمر عن الزهري, حدثني سالم عن أبيه أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الأخيرة من الفجر يقول:
(اللهم العن فلاناً, وفلاناً) بعدما يقول: (سمع الله لمن حمده, ربنا ولك الحمد), فأنزل الله: (ليس لك من الأمر شيء) إلى قوله (فإنهم ظالمون (صحيح البخاري: 3/24 طبعة عيسى البابي الحلبي بمصر. )
ووقف الرسول (صلى الله عليه وآله) طويلاً عند الحكم بن العاص والد مروان بن الحكم وجد خلفاء بني أمية فقال الرسول لأصحابه: (ويل لأمتي من هذا وولد هذا (راجع كنز العمال ج11 ص167, والإصابة لابن حجر ج2 ص29. )
وقال (صلى الله عليه وآله) يوماً لأصحابه مشيراً إلى الحكم: (ويل لأمتي مما في صلب هذا, وأشار الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى ذات الشخص بقـوله: (إن هذا سيـخالف كتاب الله وسنـة رسوله وسيـخرج من صلبـه فتن يبلغ دخانها السمـاء وبعضـكم يومئذ شيعـته (رواه ابن عساكر راجع كنز العمال ج11 ص167.(
وبعد أن كشف الرسول (صلى الله عليه وآله) خطورة الرجل وحقيـقة أولاده (لعنـه رسول الله ولعن أولاده (رواه الدار قطني راجع كنز العمال ج11 ص167, وابن عساكر ج11 ص360, والطبراني ج11 ص167 ) .
وبعد أن كشف الرسول (صلى الله عليه وآله) خطورة الرجل وحقيـقة أولاده (لعنه رسول الله ولعن أولاده (مجمع الزوائد ج5 ص241 وقال رواه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط. )
قال عبد الرحمـن بن أبي بكـر لمروان: (إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعن أباك وأنت في صلبه(مجمع الزوائد ج5 ص241 وقال رواه البزار. )
وقال الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) لمـروان: (لقد لعنك الله على لسـان رسوله وأنت فـي صلب أبيـك (مجمع الزوائد ج5 ص240, وابن سعد وابن عساكر راجع كنز العمال ج11 ص357, وابن كثير ج8 ص280 ) وقال الحلبي في رواية عن رسول الله1, صار رسول الله يقول: (اللهم العن فلاناً وفلاناً (السيرة الحلبية ج2 ص 234. )
وقال السيوطي في الدر المنثور: وأخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم أحد: (اللهم العن أباسفيان, والعن الحرث بن هشام, اللهم العن سهيل بن عمرو, اللهم العن صفوان بن أمية...). وأخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه قال (كان الرسول (صلى الله عليه وآله) يدعو على أربعة نفر...( الدر المنثور للسيوطي ج5 ص71. )
وأخرج نصر بن مزاحم المنقري في وقعة صفين: عن البراء بن عازب قال: أقبل أبو سفيان ومعه معاوية فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (اللهم العن التابع والمتبوع) اللهم عليك بالأقيعس, فقال ابن البراء لأبيه من الأقيعس؟ قال: معاوية. وأخرج نصر بن مزاحم أيضاً قال... فنظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أبي سفيان وهو راكب ومعاوية وأخوه أحدهما قائد وآخر سائق, فلما نظر إليه رسول الله قال: (اللهم العن القائد والسائق والراكب) قلنا أنت سمعت رسول الله؟ قال: (نعم وإلا فصمت أذناي (وقعة صفين ص217, وص 220, تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون. ) .
وانظر إلى رسالة محمد بن أبي بكر التي وجهها لمعاوية فقد جاء فيها: (وقد رأيتك تساميه وأنت أنت, وهو أصدق الناس نية, وأفضل الناس ذرية, وخير الناس زوجة... وأنت اللعين ابن اللعين, لم تزل أنت وأبوك تبغيان لرسول الله الغوائل, وتجهدان في إطفاء نور الله, تجمعان على ذلك الجموع, وتبذلان فيه المال وتؤلبان عليه القبائل, وعلى ذلك مات أبوك وعليه خلقته . (مروج الذهب للمسعودي ج3, ص14 ) .
ومما يدل على أن لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأبي سفيان ومعاوية كان شائعاً ومعروفاً بين الناس ويؤكد صحة ذلك أن معاوية الذي رد على رسالة محمد بن أبي بكر لم ينف واقعة لعن الرسول(صلى الله عليه وآله لأبيه وله ولإخوته).
وغيرها من الشواهد(فلاحظ ما روي من طرقنا ما رواه الكليني في الكافي 2: 293 / 14, وج8: 69, والصدوق في الخصال ص338 باب الستة, والمفيد في الفصول المختارة ص225, والبياضي العاملي في الصراط المستقيم 1: 148, والمحدث النوري في المستدرك 4: 410 / 1 و 2. ومحمد بن سليمان في مناقب أمير المؤمنين 2: 319. ومحمد بن طاهر القمي الشيرازي في كتاب الأربعين ص633. والعلامة الأميني في الغدير, باب قنوت أمير المؤمنين 2: 132. والحر العاملي في وسائل الشيعة في مواضع كثيرة منهاج3: 70, باب4 من أبواب صلاة الجنازة. وغيرها الكثير. ) . التي تثبت بشكل واضح لا يقبل الريب أن مبدأ اللعن, مبدأ قرآني ونبوي, وأنه منهج روحي لتربية النفس على رفض الباطل من خلال رفض أهله والتبري منهم. ولذلك فهو جزء لا يتجزأ من ثقافة المسلمين وخصوصاً شيعة أهل البيت (عليهم السلام) التي ورثوها عن الكتاب والسنة وسيرة المعصومين (عليهم السلام) فإن هذه الشواهد الكثيرة من روايات الفريقين متظافرة إلى حد التواتر الإجمالي بل المعنوي وهو ممّا يوجب اليقين بمواظبة المعصومين (عليهم السلام) على مبدأ اللعن وأنّه عمل فاضل راجح.
وقد يقال: إن ما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) من قوله: إني أكره لكم أن تكونوا سبابين دال على حرمة اللعن والسب.
فنقول: إن هذه المقالة ناشئةعن عدم التأمل وذلك:
أولاً: إن كلمة أكره لا تدل على الحرمة الإصطلاحية إلاّ مع القرينة وهي مفقودة.
وثانياً: إن الحكم متوجه للمخاطبين الذين قال لهم لكم ولا يحرز شموله لجميع المسلمين لإحتمال خصوصية للأفراد المقاتلين معه, بلحاظ أن مقام القتال والحرب على العدو يقتضي الابتعاد عن المواجهة الكلامية والتوجه لما هو أهم وأجدى في تلك الحال.
وثالثاً: إن مصب الكراهة هو السبَّّّّّاب, وفرق بين السبّاب والساب بلحاظ أن الكلمة الأولى صيغة مبالغة مفادها كثرة السب, ومن الواضح أن كراهة كثرة السب لا تستلزم كراهة السب في نفسه.
ورابعاً: إن النهي في الرواية نهي إرشادي لا مولوي, بقرينة ما في ذيلها: فلو وصفتم أعمالهم وذكرتم أفعالهم لكان ذلك أصوب في القول وأبلغ في العذر.
مما يعني أن مضمون الرواية الإرشاد إلى أهمية وصف الحال من السب في التأثير على نفوس الطرف الآخر لا أن مفادها تحريم السب أو بيان مرجوحيته.
وخامساً: إن هناك فرقاً لغوياً وعرفياً واضحاً بين السب واللعن, فالسب هو التعريض بالشرف والعرض بينما اللعن دعاء بطلب الطرد من رحمة الله, فالنهي عن الأول لا يستلزم النهي عن الثاني, وبذلك يتضح عدم صحة الاستدلال على مرجوحية اللعن بما ورد في المنصوص من ذم الفحاش البذيء اللسان فإن الفحش والبذاءة وسوء القول من مصاديق السب, والنهي عن السب بتمام مصاديقه لا يستلزم النهي عن اللعن.
مضافاً لإمكان الجمع العرفي بين النصوص الدالة على رجحان اللعن من القرآن والسنة والنصوص التي يشم منها النهي, بالفرق بحسب المتعلق, وأن المنهي عنه هو لعن المؤمنين والنيل منهم وأن الراجح المطلوب هو لعن الظالمين, خصوصاً ظالمي أهل البيت (عليهم السلام).
وبعد الفراغ عن رجحان اللعن وأهميته نتعرض فعلاً لأوضح نماذج اللعن الوارد عن أهل البيت (عليهم السلام) وهو اللعن الوارد في زيارة عاشوراء.
فنقول: إن الاستدلال على ثبوت زيارة عاشوراء بتمام فقراتها, يعتمد على عرض نقاط ثلاث:
النقطة الأولى: في تحصيل الوثوق والاطمئنان بل اليقين بصدور الزيارة عن الإمام الباقر (عليه السلام) وذلك من خلال ذكر مقدمتين:
الأولى: كبروية.
والثانية: صغروية.
أما المقدمة الكبروية: فهي تتضمن أمرين:
الأول: إذا اشتهرت رواية أو خبر معين نتيجة تعدد المصادر والطرق وتنوع الرواة فإن هذه المرتبة من الشهرة توجب الوثوق والإطمئنان بصدوره عن المعصوم والإطمئنان حجة شرعية.
الثاني: إن المناشئ العقلائية الموجبة للوثوق والاطمئنان كثيرة وأهمها ثلاثة:
أ- العامل الكمّي: وهو عبارة عن كثرة مصادر الرواية وتعدد طرقها وتنوع رواتها, فإن تظافر الطرق والمصادر يؤدي طبعاً للوثوق بالرواية, كما سلكه فقهاء الطائفة في الاعتماد على بعض النصوص وإن لم تكن تامة من حيث السند خصوصاً في المستحبات والمكروهات.
ب- العامل الروحي: وهو توافق الرواية من حيث مضمونها مع المضامين والملاكات العامة المذكورة في الكتاب والسنة القطعية, ولذلك نرى كثيراً من الأحاديث تستند للاستشهاد بالكتاب من باب الإرشاد لهذا العامل ومدى تأثيره في الوثوق بالمضمون, نحو موثقة عبد الأعلى مولى آل سام, قال فيها الإمام (عليه السلام) (هذا وأشباهه يعرف من كتاب الله, ما جعل عليكم في الدين من حرج (فروع الكافي 3: 33 / 4. ) ونحوها ما رواه الكليني أيضاً في الكافي عن أبي جعفر (عليه السلام) (إذا حدثتكم بشيء فاسألوني من كتاب الله, ثم قال في بعض حديثه: إن رسول الله نهى عن القيل والقال وفساد المال وكثرة السؤال, فقيل له: يابن رسول الله أين هذا من كتاب الله؟ فقال: إن الله عز وجل يقول: (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس), وقال: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً), وقال: (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم (أصول الكافي 1: 60 / 5. )
ج- العامل الأدبي: وهو انسجام لغة الحديث وأسلوبه مع الأحاديث المسانخة له المعلوم صدورها, وهذا من الفنون المتعارفة لدى العرف العقلائي في توثيق النصوص, مثلاً قال ابن أبي الحديد: (وأنت إذا تأملت نهج البلاغة وجدته كله ماءً واحداً ونفساً واحداً وأسلوباً واحداً كالجسم البسيط الذي لا يكون بعض من أبعاضه مخالفاً لباقي الأبعاض في الماهية, وكالقرآن العزيز أوله كوسطه وأوسطه كآخره وكل سورة منه وكل آية مماثلة في المأخذ والمذهب والفن والطريق والنظم لباقي الآيات والسور, ولو كان بعض نهج البلاغة منحولاً وبعضه صحيحاً لم يكن ذلك كذلك. فقد ظهر لك بالبرهان الواضح ضلال من زعم أن هذا الكتاب أو بعضه منحول إلى أمير المؤمنين (عليه السلام(شرح نهج البلاغة 10: 128 و 129 )
والنتيجة: إنه إذا اجتمعت هذه العوامل كلها أو بعضها أنتجت الوثوق بصدور النص, بل إن مقتضى دليل حساب الاحتمالات هو أن يؤدي تراكم هذه القرائن إلى تصاعد احتمال الصدور حتى يصل إلى حد اليقين والقطع فضلاً عن الاطمئنان.
وأما المقدمة الصغروية: إن ملاحظة زيارة عاشوراء يقود إلى الوثوق بل اليقين بصدورها عن الإمام الباقر (عليه السلام) وذلك بالنظر لتظافر عوامل الوثوق فيها, فالعامل الكمي تراه واضحاً جلياً في عدد المصادر التي أوردتها ونوعيتها من حيث كونها من المزارات المعروفة لعلماء الطائفة المعروفين بالتحقيق والتثبت والتدقيق, كابن قولويه, حيث أوردها في كتابه كامل الزيارات, والشيخ الطوسي, حيث أوردها في كتابيه مصباح المتهجد ومختصر المصباح, والشيخ محمد بن المشهدي, حيث أوردها في كتابه المعروف بالمزار الكبير, والسيد علي بن طاووس, حيث أوردها في كتابه مصباح الزائر, والعلامة الحلي, حيث أوردها في كتابه منهاج المصباح, والشهيد الأول, حيث أوردها في كتابه المزار, والشيخ إبراهيم الكفعمي, حيث أوردها في كتابه جنة الأمان الواقية وجنة الإيمان الباقية المعروف بالمصباح, والعلامة المجلسي, حيث أوردها في ثلاثة من كتبه (مزار البحار, وتحفة الزائر, وزاد المعاد), و...
ومن تأخر عنهم, فقد أورد هؤلاء الأعلام هذه الزيارة في كتبهم بتمام فقراتها وأجزائها مما يوجب الوثوق بصدورها, كما أن العامل الروحي تراه واضحاً بارزاً من خلال سياق الزيارة, حيث يركز على روح التبري واللعن والرفض للظلم والظالمين, الذي هو من المبادئ القرآنية الواضحة لدى كل مسلم, كما أشرنا إليه في مقدمة الكتاب.
وقوله تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ يَكتُمُونَ مَا أَنزَلنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِن بَعدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ )) (البقرة:159)
فزيارة عاشوراء تتضمن روح القرآن وهو طلب الطرد من رحمة الله, والعامل الأدبي يجده المتأمل في فقرات هذه الزيارة وسياقها حيث يستشف من له خبرة بالأساليب الأدبية تجانس لغة الزيارة مع لغة الزيارات الأخرى المعلوم ثبوت بعضها كزيارة وارث وزيارة عرفة وزيارة النصف من شعبان, وتناغم أسلوبها مع أسلوب الإمام الباقر (عليه السلام) من خلال أدعيته وكلماته في مجال التربية الأخلاقية.
والمتحصل: إن التقاء هذه العوامل في زيارة عاشوراء منشأ عقلائي للوثوق والاطمئنان بصدورها عن الإمام الباقر (عليه السلام).
النقطة الثانية: لو أغمضنا النظر عما سبق وقمنا بالمقارنة بين نسخ المصباح الكبير للشيخ الطوسي لوجدنا جميع النسخ الموجودة فعلاً متوافقة على نقل فقرة اللعن المكرر مئة مرة وفقرة السلام المكرر مئة مرة, مضافاً إلى أن هاتين الفقرتين ذكرهما ابن قولويه في كامل الزيارات في نقله لزيارة عاشوراء, وتبعهما من تأخر عنهما في نقل هاتين الفقرتين.
وأما بالنسبة زيارة عاشوراء المشهورة, وهي التي ذكرها الشيخ عباس القمي في مفاتيح الجنان, فقد وردت في عدة نسخ معتبرة من مصباح الشيخ:
منها نسخة عتيقة يرجع تاريخها إلى زمان الشيخ الطوسي تم العثور عليها في مكتبة السيد البروجردي, وهي مشتملة على الفقرة المذكورة. (راجع الوثائق اخر الكتاب ) ومنها نسخة المولى أحمد التوني, والتي ترجع بالمقابلة إلى نسخة المؤلف, وسيأتي الكلام عنها مفصلاً. (راجع الوثائق اخر الكتاب) ومنها نسخة ابن أبي الجود, والتي ترجع بالمقابلة إلى نسخة المؤلف, وسيأتي الكلام عنها.
ومنها نسخة السيد ابن طاووس, التي ينقل عنها في كتابه مصباح الزائر, حيث إنه يعترف ضمناً باشتمالها على الفقرة المذكورة, نعم استشكل في الفقرتين اللتين تكرران مئة مرة, وستأتي الإشارة إلى ذلك.
وفي المقابل هناك نسخة واحدة من نسخ المصباح الكبير مشوهة, وهي النسخة الموجودة في المكتبة الرضوية وهي المعروفة بنسخة (الدوريستي) يرجع تاريخها إلى سنة 502 هجري قمري, والملاحظ على هذه النسخة أنه وقع فيها إما شطب على الفقرة المذكورة أو استبدال لها بفقرة أخرى أثناء النسخ, حيث إن الموجود فيها ما هذا نصه (اللهم خص أنت أول ظالم باللعن مني وابدأ به جميع الظالمين لهم) فإنه من الواضح جداً لمن له أدنى تأمل وخبرة بالكلام العربي عدم تناسق وتناسب كلمات هذه الفقرة, فإن بداية الفقرة من قوله (اللهم خص) إلى قوله (وابدأ به) متناسب, إلا أنه بعد ذلك ذكر فقرة (جميع الظالمين) وليس هناك انسجام بين الفعل وما بعده, باعتبار أن الفعل (ابدأ) إذا تعدى بالباء يقتضي أن يكون المفعول متعدداً ويتعلق الفعل بواحد أولاً ثم يتعلق بالآخر, وبما أن الفعل هنا متعلق بقوله (جميع الظالمين) فليس له أكثر من مفعول, مضافاً إلى أن الجميع يحتوي على كل الأفراد, فلا معنى للبداية به.
هذا مضافاً إلى من تأخر زمانه عن الشيخ لم يستشكلوا في هذه الفقرة أعني (اللهم خص أن أول ظالم باللعن مني...) كالسيد بن طاووس الذي أخذ الزيارة عن الشيخ, حيث إنه ذكر في كتابه مصباح الزائر ما هذا نصه (قال علي بن موسى بن جعفر بن طاووس: هذه الرواية نقلناها بإسنادها من المصباح الكبير, وهو مقابل بخط مصنفه رحمه الله ولم يكن في ألفاظ الزيارة الفصلان اللذان يكرران مئة مرة, وإنما نقلنا الزيارة من المصباح الصغير, فاعلم ذلك), فإنه بالنسبة لهذه الفقرة يعترف ضمناً بورودها في نسخة المصباح الكبير, وكذلك غيره ممن نقل الزيارة عن مصباح الشيخ.
وأما بقية نسخ المصباح ـ كما ذكرنا ـ فهي مشتملة على هذه الفقرة, ولأجل ذلك فهذه النسخ في نقلها لفقرات اللعن لا معارض لها فيؤخذ بها, لأن المقابل لها وهو نسخة المكتبة الرضوية ليس ظاهراً في نفي فقرة اللعن إن لم يكن ظاهراً في حذفها, فلا يصلح للمعارضة.
ولكن لو سلمنا جدلاً بوجود النقص في النسخة المذكورة, فإن الترجيح للنسخ المشتملة على هذه الفقرة لعدة أمور منها:
أ- الشهرة الروائية: فإن من نقل الزيارة عن الشيخ نقلها بجميع فقراتها الثلاث (اللعن المكرر مئة مرة) ثم (السلام المكرر مئة مرة) ثم (اللهم خص أنت...) كالسيد بن طاووس في مصباحه والشيخ محمد بن المشهدي في مزاره والعلامة المجلسي في بحاره والشيخ إبراهيم الكفعمي في مصباحه, والشيخ عبد الله البحراني في مزار العوالم, وغيرهم الكثير ممن ألف مزاراً وذكر فيه الزيارة عن الشيخ, فإن توافق الجميع في النقل موجب لاشتهار النسخ المشتملة على الفقرة المذكورة, فترجح على النسخة الأخرى, مع أننا بينا وجه الخدشة في تلك النسخة.
ب- المعاصرة لزمان المؤلف: فإن النسخة المشتملة على الفقرة المذكورة معاصرة لزمان المؤلف, وذلك بمقتضى المقابلة بين النسخ والذي يرجع في النهاية إلى نسخة المؤلف رحمه الله, ومن أهم النسخ المقابلة النسخة التي قام بمقابلتها المولى أحمد التوني حيث قام بالمقابلة على نسخة كانت لديه إلى أن تنتهي المقابلة إلى زمان المؤلف ونحن هنا ننقل لك نص كلامه قال رحمه الله (هذا في المقابل بها, بلغت المقابلة بنسخة مصححة, وقد بذلنا الجهد في تصحيح وإصلاح ما وجد فيه من الغلط إلا ما زاغ عنه البصر وحسر عنه النظر, وفي القابل بها بلغت مقابلته بنسخة مصححة بخط علي بن أحمد المعروف بالرميلي, ذكر أنه نقل نسخته تلك من خط علي بن محمد السكون وقابلها بها بالمشهد المقدس الحائري الحسيني سلام الله عليه, وكان ذلك في سابع شعبان المعظم عمت ميامنه من سنة ثلاثين وثمانمائة, كتبه الفقير إلى الله تعالى الحسن بن راشد, وفيها أيضاً بلغت المقابلة بنسخ متعددة صحيحة, وذلك في شعبان من سنة إحدى وسبعين وتسعمائة, وكان واحد من النسخ بخط الشيخ العالم الفاضل محمد بن إدريس العجلي صاحب كتاب السرائر, وكان مكتوباً في آخرها فرغ من نقله وكتابته محمد بن منصور بن أحمد بن إدريس بن الحسين بن القاسم بن عيسى العجلي في جمادى الأولى سنة سبعين وخمسمائة (خلده الله تعالى) وعورض هذا الكتاب بالأصل المسطور بخط المصنف رحمه الله, وبذلت فيه وسعي ومجهودي إلا ما زاغ عنه نظري وحسر عنه بصري, والله الله من غير فيه شيئاً أو بدل فيه حرفاً أو يبدل فيه لفظاً من إعراب وغيره, ورحم الله من نظر فيه ودعا له وللمؤمنين بالغفران, سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة, وكتب محمد بن إدريس العجلي, وكتب العبد الأقل عماد الدين على الشريف القاري الاسترآبادي في السنة المذكورة, ونحن حين قابلناه بذلك الأصل كان معنا مختصر المصباح بخط العالم العابد الورع علي بن محمد بن محمد بن علي بن السكون الحلي رحمه الله فكلما كتبنا عليه بخطهما فالمراد ابن السكون وابن إدريس, وكان الفراغ منها في أوائل شهر محرم الحرام من شهور سنة ثمان وستين بعد الألف من الهجرة النبوية عليه الصلاة والتحية, وكتبه الفقير إلى ربه الغني أحمد بن حاجي محمد البشروي الشهير بالتوني, حامداً لله تعالى مصلياً على رسوله المصطفى وعترته الطاهرين) انتهى.
وأيضأ نسخة البشروي محمد قليم بن محمد تقى وهي موجودة في مكتبة أمير الإمام أمير المؤمنين (ع) في النجف الأشرف المؤرخة بسنة 1059هـ . والمفهرسة تحت رقم (51 ) في قسم المخطوطات في المكتبة المذكورة وهذه النسخة قد ذكر الناسخ في خاتمتها إنها مقابلة على النسخة أحمد التوني المقدمة وبالسند المتقدم للمقابلات في أعلاه وهي تحتوي على الفقرات اللعن الثلاث في متنها .
وكذلك نسخة بن أبي الجود, وهي موجودة في مكتبة السيد المرعشي, والتي ترجع بالمقابلة إلى نسخة المصنف, حيث جاء في المقابلة ما نصه (قد قوبلت ـ كما على ظهرها بخط المقابل ـ مع نسخة عتيقة كان على ظهر الجزء الأول منها إجازة حيدر بن محمد بن زيد بن محمد بن محمد بن عبد الله الحسيني, في جمادى الأولى سنة(629) لربيب الدين حسن بن محمد بن يحيى بن علي بن أبي الجود بن بدر بن درياس لرواية المصباح, وذكر في إجازته أنه قرأ عليه بعضه واستجازه في رواية باقيه فأجازه وأخبره أنه قرأه على شيخه رشيد الدين أبي جعفر محمد بن علي بن شهر آشوب السروي, وهو أخبره أنه سمعه من لفظ جده شهر آشوب في صغره وأخبره أنه قرأه على مصنفه الشيخ أبي جعفر الطوسي رحمه الله)
كما أن النسخة الموجودة في مكتبة السيد البروجردي في قم المقدسة يرجع تاريخها إلى زمان المؤلف بحسب ما هو مكتوب على ظهرها, وكلتا هاتين النسختين مشتملة على الفقرة المذكورة, بينما النسخة الأخرى (وهي النسخة الرضوية) لا يوجد فيها شاهد على مطابقتها لنسخة المؤلف ولا لمعاصرتها, بل قامت القرائن على أنها متأخرة عن زمانه باثنين وأربعين سنة, مضافاً إلى القرينة المتقدمة الدالة على أنها مشطوب عليها أو مبدل فيها لظروف أبرزها التقية, وعليه فإن فرض تغيير أو تزوير ـ كما قيل ـ فهو في النسخة الفاقدة دون النسخة الواجدة.
فالمتحصل: هو حصول الوثوق بل الاطمئنان باشتمال مصباح الشيخ على الفقرة المذكورة.
النقطة الثالثة: بعد الفراغ من توثيق النسخ بدعوى الوثوق بعدم صحة النسخة الفاقدة, مضافاً لثبوت النسخة الواجدة, فإن نقل الأعلام المتأخرين للزيارة كصاحب البحار وغيره, حيث إنهم ينقلون مباشرة من نسخة المصباح ظاهراً, بمقتضى أصالة الحس في نقله عن نسخة المؤلف التي وصلت إليه يداً بيد وكابراً عن كابر, كما أن هذا هو ظاهر عبارة المولى أحمد التوني أيضاً, فإن النقل المشتمل على الفقرة المذكورة مقدم على النقل الفاقد, بترجيح جانب الزيادة على النقيصة لا من باب الترجيح الظني, بل لنكتة نوعية في جانب الزيادة توجب أقربيتها للواقع, والوجه في ذلك أن نقل الزيادة لا يخرج منشأه عن أربعة احتمالات:
1- أن يكون من باب الغفلة, وهو منفي بأصالة عدم الغفلة.
2- أن يكون من باب التزوير, وهو منفي بالوثاقة.
3- أن يكون من باب التفسير والتوضيح, ونقله ضمن سياق فقرات الزيارة دون قرينة على أنه توضيح وتفسير مع التفات الناقل لترتب آثار عملية عليه مناف للضبط والأمانة.
4- وهو المتعين, أن يكون النقل من باب الرواية.
بينما نقل النص مع النقص محتمل لمناشئ عقلائية واضحة, كأن يكون الحذف من باب التقية, أو يرد على الثاني ما أورد على الثالث في احتمال الزيارة, بل يرد عليه ما أورد على الثاني أيضاً من باب توهم الراوي أن باقي الفقرات دالة عليه, وكم لذلك من نظير في النصوص.
والخلاصة: هي ثبوت زيارة عاشوراء بتمام فقراتها وألفاظها, فالتشكيك في متن زيارة عاشوراء المباركة ابتعاد عن المنهج العلمي في التعامل مع روايات أهل البيت (عليهم السلام
نسأل الله تعالى للمؤمنين الثبات على ولاية أهل البيت ومحبتهم والبراءة من أعدائهم إنه سميع مجيب.


يتبع

الشيخ عباس محمد
28-08-2017, 05:59 PM
السؤال: المراد باللعن في زيارة عاشوراء
مامعنى الفقرة الواردة في آخر زيارة عاشوراء العظيمة : (( ثمّ اللعن الثاني والثالث والرابع ))؟
وكذلك لماذا ذكر فيها :(( واللعن عبيد الله بن زياد وابن مرجانة )) مع إن ابن زياد هو ابن مرجانة لعنهم الله ؟
الجواب:

لا يمكننا أن نفهم من هذه العبارة أكثر من كون طلب اللعن واردا على الذين ظلموا وكانوا أشد ظلماً من غيرهم فصاروا السابقين الى الظلم وأما كون المقصود بهم فلان وفلان فهذا راجع من خلال فهم القرائن الخارجية والداخلية ولابد من ملاحظة حال الاشخاص واعمالهم ومدى الظلم الذي تلبسوا به ، فإذا توصلنا الى أن بعض الأشخاص كانوا هم الأكثر ظلماً كان من حقنا أن نطبق مفهوم تلك العبارة على مصاديقها والإمام عليه السلام لم يذكر في الزيارة المصاديق فلا ينبغي أن نطبق عبارته على أي شخص إلاّ أن يكون ذلك بدليل.
وأما ذكر ابن مرجانة بعد ابن زياد فهو لزيادة التعريف به بما يعطي حقيقة هذا الرجل من كونه ابناً لهذه المرأة المشهورة فذكر امه يكون مورداً لذمه.





السؤال: زيارة عاشوراء أربعين مرة

ورد كثيراً استحباب زيارة عاشوراء, ومالها من القيم الغيبية في تسهيل المطالب, ورفع الدرجات, وكما ورد في قصص العلماء وغيرهم فعل هذه الزيارة عند قراءتها أربعين يوماً متتالياً, فأرجو أن توضحوا لنا المطالب التالية :
1- الزيارة تنقسم لعدة أجزاء من الزيارة إلى اللعن والسلام, ومَن ثمّ الدعاء والسجدة, هل يجب القراءة بنفسٍ واحد؟ أم يمكن أن نقرأ الزيارة, ومَن ثمّ بعد مدة قليلة قراءة اللعن 100 مرة, ومَن ثمّ السلام وهكذا؟ على ساعات منقطعة, وذلك لنيل الاستحباب المروي عن العلماء في قراءة الزيارة 40 يوماً .
2- ما ذكره العلماء عن القراءة أربعين يوماً, هل يجب قراءة اللعن والسلام 100 مرة؟ أم إن الاكتفاء بمرة واحد مجز لنيل الثواب وتسهيل المطالب .
3- هل هناك أوقات خاصة للقراءة؟ أم يمكن أن أقرأها مثلا اليوم عند صلاة الفجر؟ وغدا عند صلاة الظهر !!
4- وأخيراً, لو تفضلتم بذكر آداب قراءة هذه الزيارة ممّا يؤهلنا لنيل ثوابها, والوصول لكنزها.

الجواب:

ما ذكر من قراءة زيارة عاشوراء أربعين يوماً كما ذكرت هو قول بعض العلماء, وبهذا لا يثبت الاستحباب كما ذكرت, ولما لم يرد ذكر للمعصومين عليهم السلام في كيفية الزيارة أربعين مرّة, فلا يمكن الرجوع إلى طريقة خاصة, وأنّها هي التي لابدّ أن يعمل عليها .
نعم, يمكن أن يعمل أحد المجربين ذلك ويقول : إنّ الطريقة الفلانية أنفع للنفس من غيرها, وإنّها تعطي الأثر المرجو منها دون غيرها .
وعلى هذا فيمكن أن تقرأ الزيارة على فترات متقطعة من اليوم, ويمكن قراءة الزيارة في وقت من اليوم مخالف للوقت الآخر في اليوم التالي, لكن علماء السير والسلوك يذكرون أن تثبيت مواعيد الأعمال على اليوم انفع, وكذلك الاستمرار في العمل دون الانقطاع انفع .
وأمّا قراءة اللعن مائة مرة؛ فانّ مَن يدعو من العلماء إليها كان يقصد قراءة الزيارة مع اللعن والسلام, وإن كان هناك إخباراً عن الهادي (عليه السلام) تفيد جواز ذكر (اللهم العنهم جميعاً) بدل اللعن الكامل, والفقرة الأخيرة من السلام بدل السلام الكامل .
ومن الآثار النافعة في تحقيق الهدف من الزيارة هو رعاية الآداب المذكورة في كتب الأدعية والزيارات كالغسل قبل الزيارة على طهارة, في محل خال من الشواغل, في وقت إقبال النفس على الزيارة وغير ذلك من الأمور المذكورة في كتب الأدعية والزيارات .



السؤال: معنى (وعلى أولاد الحسين)

في زيارة عاشوراء: السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين
من المقصود بأولاد الحسين عليه السلام في هذا المقطع؟
حيث لا نعرف في تلك البقعة المباركة سوى قبر علي بن الحسين وعبد الله الرضيع عليهما السلام
مع ملاحظة أن علي بن الحسين مذكور في المقطع السابق فلا معنى للتكرار أيضاً وبالتالي لا يبقى سوى عبد الله الرضيع
الجواب:

هناك اختلاف في كتب الأدعية والزيارات في إيراد هذه الفقرة فبعض الكتب لم تذكر هذه الفقرة.
وعلى فرض صحة صدور هذه الفقرة فإنها تكون من إيراد العام بعد الخاص.
وهناك احتمال أن يكون غير عبد الله الرضيع وعلي الأكبر قتل من أولاد الإمام الحسين عليه السلام كما تشير بعض الأخبار.



السؤال: تعدد اللعن والسلام
بالنسبة للعن والسلام 100مرة
عند قول(قراءة) فقرة اللعن كاملة فهل يصح بعد ذلك قول (اللهم ألعنهم جميعاً 99 مرة)
وكذلك السلام يقول (يقرأ) الفقرة كاملة ثم بعد ذلك يقول (السلام عليكم جميعاً 99 مرة)
فبالتالي يكون مجموع اللعن 100 مرة , وكذلك السلام 100 مرة
فهل هذا يصح
الجواب:

تحصيل الثواب الكامل لزيارة عاشوراء يكون باداءها. بالكيفية التي وردت بها من تعداد اللعن والسلام وعمل ما تذكره وان كان جائزا باعتبار عدم وجوب زيارة عاشوراء الا ان تحصيل الاثر الكامل للزيارة دون تعدد اللعن والسلام لايمكن الجزم به .
نعم اختلف بعض الشراح في ان الاسم الموصول المذكور في الزيارة هل هو راجع الى كل العبارة ام الى جزء منها حيث ورد في النص( تقول ذلك مائة مرة) بعد قوله( اللهم اللعن العصابة التي جاهدت الحسين وشايعت وبايعت وتابعت على قتله اللهم العنهم جميعا ) فاختلف ان (ذلك) تعود الى كل تلك العبارة ام الى (اللهم العنهم جميعا) وكذلك الحال في السلام هل (ذلك) تعود على كل السلام ام على (السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اصحاب الحسين).




السؤال: معنى (حمد الشاكرين)
نقرأ في سجدة زيارة عاشوراء : (( اللّهمّ لك الحمد، حمد الشاكرين، لك على مصابهم، الحمد للّه على عظيم رزّيتي ))
ما معنى (( حمد الشاكرين ))، و ما فرقه عن (( شكر الحامدين )) ؟ هل هناك فروق دقيقة فيما بينهما، أي تقدم الحمد أو الشكر و تأخرهما، لتُعطي للمعنى بُعدا معرفيا آخر ؟ أرجوا التوضيح لحقيقة أو بالاحرى ماهية الحمد و الشكر .
الجواب:

الفرق بين الحمد والشكر أن الحمد أعم لأنه يقع على الثناء وعلى التحميد وعلى الشكر والجزاء، والشكر مخصوص بنا يكون مكافأة لمن أولاك معروفا.
وذكر بعض علماء اللغة تفصيلا في الفرق بينهما لا بأس هاهنا من ذكره حتى يتيسر فهم مراد الإمام بقوله (حمد الشاكرين).
فالفرق بينهما هو أن الشكر أخص من الحمد من جهة متعلقاته وأعم منه من جهة أنواعه وأسبابه، والحمد أعم من جهة المتعلقات وأخص من جهة الأسباب، ومعنى هذا: أن الشكر يكون بالقلب خضوعا واستكانة وباللسان ثناءا واعترافا وبالجوارح طاعة وانقيادا، ومتعلقه النعم الإلهية دون الأوصاف الذاتية، فلا يقال: شكرنا الله على حياته وسمعه وبصره وعلمه، ولكن يقال: شكرناه على إحسانه وفضله وعدله، فالشكر يكون على الإحسان والنعم، وأيضا الشكر يقع باللسان والجوارح، والحمد باللسان فقط ولذا تقدر على حمد صفاته عزوجل فتقول: الحمد لله على حلمه بعد علمه، والحمد لله على عفوه بعد قدرته، فأنت قد حمدته على الحلم والعلم والعفو والقدرة جميعا، بينما لا يصح ذلك في الشكر إلا على الحلم والعفو دون العلم والقدرة. لأن حلم الله وعفوه للعباد هي من نعم الله عليهم، فيستحق عليها الشكر والحمد معا من جهة أن الحمد أعم في المتعلقات كما أوضحنا، ولكن علم الله وقدرته ليسا من النعم بل هما صفات لذاته جل وعلا فلا يشكر عليهما بل يحمد.
إذا اتضح ذلك فاعلم أن قول الإمام: ((اللهم لك الحمد حمد الشاكرين لك)) أن حمدي لك على نعمك يقع بحميع جوارحي وجوانحي، وليس حمدي لك باللسان فقط الذي هو محل الحمد، بل إن حمدي لك هو في حقيقته شكر يصدر من لساني وسائر جوارحي، فكأن جوارحي لها ألسنة تحمد بها فتقول لك: الحمد لله، أو كأن لساني إذ يحمدك هو في مقام الفعل لا مجرد النطق، فإني أعد كل ما صدر عنك نعمة تستحق الشكر، وإن كانت مصيبة، مع أن المصيبة في حقيقتها ابتلاء وليست نعمة حتى تستحق شكرا، ولكنى أعتبرها نعمة فأحمدك عليها بلسان الشكر لا بمجرد لسان الحمد.




السؤال: الأصح (حاربت) لا (جاهدت)


ثمّة في متن زيارة عاشوراء فقرة تقرأ كما يلي: ((اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين...))، ومن الواضح أن تحريفاث‌ ما قد حصل في هذه الفقرة، وأن الشكل الصحيح لها، إحدى صيغتين:
ظ،- اللهم العن العصابة التي حاربت الحسين(ع).
ظ¢- اللهم العن العصابة التي جاحدت الحسين(ع).
ذلك أنه من المحتمل أن يكون راوي زيارة عاشوراء أو غيره قد وقعوا في اشتباه عند سماعهم أو كتابتهم واستنساخهم لها، فسمعوا أو كتبوا خطأ عبارة (جاحدت) على نحو (جاهدت) .
إلا أنّ الاحتمال الأكبر والأقرب إلى الواقع، هو الصورة الأولى، أي (حاربت)، وهي التي جاءت في (كامل الزيارات)، وهذا الكتاب الشريف، من تأليف الفقيه والمحدث الجليل القدر أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (ظ£ظ¦ظ§ه)، وإضافةث‌ إلى كونه كتاباث‌ معتبراث‌ جداث‌ ومستنداث‌ أيضاث‌، وقد اهتم به علماء الشيعة اهتماماث‌ خاصاث‌، فهو أقدم الكتب التي ذكرت متن زيارة عاشوراء، ومؤلفه أقرب من جميع المؤلفين الذين كتبوا (جاهدت) إلى عصر النص؛ ذلك أنه وسط المصادر القديمة ليس هناك سوى كتاب مصباح المتهجد للشيخ الطوسي(ظ¤ظ¦ظ*ه) ذكرت كلمة (جاهدت)وأخذها القمي وغيره في المفاتيح وعن مصباح الشيخ، إلا أنه - كما مرّ- فإن ابن قولويه أسبق بقرنٍ من الشيخ الطوسي، وقد ذكر العبارة الصحيحة، ألا وهي ((حاربت)).
كما أنّ التركيز على مدلول الكلمتين: حاربت، جاحدت، يفضي إلى الاقتناع بصواب (حاربت)، وأن (جاهدت) لا يمكن أن تكون صحيحةث‌ بأي وجه؛ ذلك أن جرائم اعداء الحسين عليه السلام وجناياتهم لا يمكن أن تسمّى جهاداث‌، فإذا راجعنا معجم ألفاظ القرآن الكريم والصحيفة السجادية ونهج البلاغة، والمصادر المعتبرة، مثل الكتب الاربعة، نجد أنّ كلمة (جهاد) و(مجاهد) وسائر المشتقات كانت تستعمل- دائما- في مضمون ذي طابع مقّدس، وكان توظيفها دوماث‌ في الحروب الايجابية، وهذه الكلمة - بما تحمله من مضمون مقّدس في النصوص الدينية- لا يمكن بأي حال أن تطلق على أعداء سيد الشهداء(ع) وقاتليه؛ فلا شك في أن جناياتهم كانت محاربةث‌، وأنّ مجرمي عاشوراء كانوا محاربين الله ورسوله ولسيد الشهداء (ع)، كما أن التدقيق في متن زيارة عاشوراء يعطي هذه النتيجة- أي حاربت- حيث يوجد فيها: ((إني سلمٌ لمن سالمكم وحربٌ لمن حاربكم)).
كما أننا نجد تعبير المحاربة أيضاث‌في إحدى الزيارات المروية عن الامام الصادق(ع) في يوم عاشوراء، فبعد ذكره(ع) مقدمات لزيارة الامام الحسين في عاشوراء، لا سيما بيانه للصلاة الخاصة، يقول: تتوقف في مصلاك وتقول سبعين مرة: ((اللهم عذّب الذين حاربوا رسلك وشاقّوك، وعبدوا غير...)).
ولعل تصحيفاث‌ وقع من النساخ لهذه الكلمة من (جاحدت) إلى (جاهدت) وهو كثير في الروايات.
فما هو رأي سماحتكم بذلك؟
الجواب:

مع وجود مصدر ينقل هذه الكلمة بصورة مختلفة لا داعي للقول بالتصحيف فيرجّح المصدر الذي يذكر كلمة (حاربت) لأنّ الكلمة الأُخرى لا تنسجم مع النص المذكور، فالجهاد يكون مع الفئات التي تستحقّ انطباق هذا العنوان عليها لا مع سيّد شباب أهل الجنّة الإمام الحسين(عليه السلام)، نعم يمكن القبول بكلمة (جاهدت) على معنى أنّ الأعداء خرجوا بهذا العنوان، فيكون المعنى" اللّهمّ العن العصابة التي تدّعي مجاهدة الحسين(عليه السلام) .