الشيخ عباس محمد
28-08-2017, 05:57 PM
زيارة عاشوراء / اسئلة واجوبة
السؤال: سند زيارة عاشوراء
ارجو بيان رأيكم الشريف فيما يخص:
1- سند زيارة عاشوراء, علماً ان البعض يدعي ضعف السند.
2- هل اللعن الوارد في الزيارة من ضمنها, أو إنه موضوع في وقت لاحق؟
الجواب:
1- بالنسبة لرواية هذه الزيارة في ((مصباح المتهجد)), فقد رواها الشيخ الطوسي بسنده عن صالح بن عقبة وسيف بن عميرة عن علقمة عن الامام الباقر(عليه السلام), ويمكن الحكم بحسن هذا السند حسب ما حقّقه العلاّمة الميرزا أبو الفضل الطهراني المتوفي عام 1316هـ في كتابه (شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور ج1 ص61ـ 70), فراجع ثمة.
وفي (الكامل) رواها ابن قولويه بطريقين, أحدهما: محمد بن اسماعيل عن صالح بن عقبة عن مالك الجهني عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام), وهذا الطريق أيضاً يمكن الحكم بحسنه بحسب التحقيق في المصدر المتقدم.
وإن غضضنا الطرف عن التحسين المتقدم وسلّمنا بضعف السند, نقول إنَّ ضعفه منجبر بالشهرة, إذ عمل المشهور جابر لضعف السند, أي أنَّ كل خبر عمل به المشهور فهو حجة سواء كان الراوي ثقة أو غير ثقة (انظر: رجال السبحاني, ص36).
وقد ثبت عمل الشيعة على تطاول الزمان وتمادي العصور والدهور على هذه الرواية حيث جعلوها من أورادهم اللازمة وأذكارهم الدائمة.
2- اللعن الوارد فيها هو من ضمن الرواية, ولا يوجد دليل على أنّه أضيف اليها في وقت لاحق.
السؤال: رأي العلماء حول سند زيارة عاشوراء
ما هو رأي علماء مذهب أهل البيت "عليهم السلام" في سند زيارة الإمام الحسين "عليه السلام" في يوم عاشوراء ؟
الجواب:
إنّ زيارة سيد الشهداء في العاشر من محرم وردت بطرق خمسة، رواها شيخ الطائفة بطرق ثلاثة غير أنّ السند الأوّل يختصّ ببيان ثواب الزيارة دون النصّ المعروف، والأخيرين طريقان لنفس النصّ، ويعلم ذلك بالإمعان في ما نقله الشيخ في هذا المضمار.
ورواها ابن قولويه بطريقين، فيكون الطرق إليها خمسة وإليك الأسانيد بنصها وتحليلها قال الشيخ الطوسي: روى محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن أبيه، عن أبي جعفر "عليه السلام" ، قال: «من زار الحسين بن علي عليهما السَّلام في يوم عاشوراء من محرم الحرام حتّى يظلّ عنده باكياً القى اللّه عزّ وجلّ يوم يلقاه ثواب ألفي حجة وألفي عمرة وألفي غزوة، ثواب كلّ غزوة وحجّة وعمرة كثواب من حجّ واعتمر وغزا مع رسول اللّه "صلَّى الله عليه وآله وسلَّم" ومع الأئمة الراشدين».
قال: قلت جعلت فداك فما لمن كان في بعيد البلاد وأقاصيه ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم؟
قال: «إذا كان كذلك برز إلى الصحراء أو صعد سطحاً مرتفعاً في داره وأومأ إليه بالسلام واجتهد في الدعاء على قاتله وصلّى من بعدُ ركعتين، وليكن ذلك في صدر النهار قبل أن تزول الشمس، ثمّ ليندب الحسين "عليه السَّلام" ويبكيه، ويأمر من في داره ممن لا يتّقيه بالبكاء عليه، ويقيم في داره المصيبة بإظهار الجزع عليه، وليعزَّ بعضهم بعضاً بمصابهم بالحسين "عليه السَّلام" ، وأنا الضامن لهم إذا فعلوا ذلك على اللّه تعالى جميع ذلك».
قلت: جعلت فداك أنت الضامن ذلك لهم والزعيم؟!
قال: «أنا الضامن وأنا الزعيم لمن فعل ذلك».
قلت: فكيف يُعزّي بعضنا بعضاً؟
قال:« تقولون: أعظم اللّه أُجورنا بمصابنا بالحسين "عليه السَّلام" وجعلنا وإيّاكم من الطالبين بثاره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد "عليهم السَّلام" ، وإن استطعت أن لا تنتشر يومك في حاجة فافعل فانّه يوم نحس لا يُقضى فيه حاجة مؤمن، فإن قضيت لم يبارك له فيها ولم ير فيها رشداً، ولا يدَّخرن أحدكم لمنزله فيه شيئاً فمن ادّخر في ذلك اليوم شيئاً لم يبارك له فيما ادّخره ، ولم يبارك له في أهله ، فإذا فعلوا ذلك كتب اللّه تعالى لهم أجر ثواب ألف حجّة وألف عمرة وألف غزوة كلّها مع رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وكان له أجر وثواب مصيبة كلّ نبي ورسول ووصي وصدّيق وشهيد مات أو قتل منذ خلق اللّه الدنيا إلى أن تقوم الساعة».(مصباح المتهجّد، 713) إلى هنا تمّ سند الشيخ إلى بيان ثواب زيارة الحسين يوم عاشوراء دون أن يذكر فيه نصّ خاص للزيارة، بل اقتصرت الرواية في نيل الثواب على ما جاء في الرواية من البروز إلى الصحراء أو الصعود إلى السطح المرتفع والإيماء إليه بالسلام والاجتهاد في الدعاء على قاتله... إلى آخر ما جاء في نفس الرواية، وليس فيها أي أثر من الزيارة الخاصة التي نحن بصدد تقويم سندها.
وإليك دراسة سندها:
إنّ الشيخ أخذ الرواية من كتاب محمد بن إسماعيل بن بزيع، ونقل سنده إلى كتابه في الفهرست بالنحو التالي: ابن أبي جيد، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع.(الفهرست: 165 باب محمّد: برقم606، وذكره أيضاً ص183 برقم705) وعلى هذا فالشيخ يروي ثواب زيارة الحسين ـ عليه السَّلام ـ في يوم عاشوراء عن المشايخ التالية:
1. ابن أبي جيد.
2. محمد بن الحسن بن الوليد.
3. علي بن إبراهيم.
4. محمد بن إسماعيل بن بزيع.
5. صالح بن عقبة.
6. عقبة بن قيس.
7. عن أبي جعفر الباقر "عليه السَّلام".
وإليك دراسة أحوالهم:
محمد بن الحسن بن الوليد:
محمد بن الحسن بن الوليد(المتوفّى عام 343هـ) وهو من مشايخ الطائفة وأجلاّئها، غني عن الوصف والبيان، ويصدر عنه الشيخ الصدوق في التعديل والتجريح.
علي بن إبراهيم القمي:
علي بن إبراهيم وهو شيخ الكليني الذي كان حيّاً عام 307هـ، وهو من مشايخ الطائفة الذين لا يُشق غبارهم.
محمّد بن إسماعيل بن بزيع:
محمّد بن إسماعيل بن بزيع من أصحاب أبي الحسن الأوّل والرضا والجواد "عليه السلام" ، يقول الشيخ في رجاله: ثقة صحيح كوفي.(رجال الشيخ: 364، أصحاب الرضا "عليه السلام" ، برقم6) ويقول النجاشي: من صالحي هذه الطائفة وثقاتهم، كثير العمل (رجال النجاشي: 2: 214 برقم894).
صالح بن عقبة:
صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان عرّفه النجاشي بقوله: صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ربيحة.
روى عن أبيه عن جدّه. وروى عن زيد الشحام. روى عنه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب. وابنه إسماعيل بن صالح بن عقبة.(رجال النجاشي: 1: 444، برقم 530) وليس المراد منه صالح بن عقبة بن خالد الأسدي، وذلك لأنّ محمد بن إسماعيل بن بزيع يروي عنه بواسطة محمد بن أيوب كما يظهر من طريق النجاشي إلى كتاب خالد الأسدي، حيث قال، بعد ذكر عدّة من المشايخ: ... عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن محمد بن أيّوب عن صالح بن عقبة بن خالد الأسدي.(رجال النجاشي: 1: 445، برقم532) كما أنّ الشيخ اقتصر على ذكر شخص واحد، وقال : صالح بن عقبة له كتاب أخبرنا به ابن أبي جيد عن ابن الوليد عن الصفار محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عنه.(الفهرست: 110، برقم 364) ومراده هو: صالح بن عقبة بن قيس لا خالد الأسدي. فما احتمله المحقّق التستري (ره) ليس في محلّه.(قاموس الرجال: 5: 65 برقم: 3633) إذا ظهر ذلك فاعلم: أنّ الضابطة في كلّ ما يذكره النجاشي هو انّه إماميّ فلو كان غير إمامي لتعرض إلى مذهبه، كما أنّه لو كان قدح فيه لذكره.
وعلى ذلك بنى جمع من علمائنا الرجاليين كالسيد بحر العلوم الطباطبائي رحمه اللّه في الفائدة العاشرة من فوائده الرجالية.(الفوائد الرجالية: 4: 114) فذهب إلى أنّ جميع من ذكره الطوسي والنجاشي في كتابيهما من الشيعة الإمامية صحيح المذهب، ممدوح بمدح عام يقتضيه الوضع لذكر المصنفين العلماء والاعتناء بشأنهم وشأن كتبهم وذكر الطريق إليهم وذكر من روى عنهم و من رووا عنه إلاّ من نص فيه على خلاف ذلك من الرجال كالزيدية والفطحية والواقفية وغيرهم، وعلى ضوء ذلك فهو إمامي ممدوح بمدح عام والذي جاء سبباً لذكره في الكتب. هذا من جانب ومن جانب آخر يروي عنه شيخان عظيمان من مشايخ الشيعة الكبار هما:
محمد بن الحسين بن أبي الخطاب(المتوفّى عام 262هـ).
ومحمد بن إسماعيل بن بزيع من كبار مشايخ الشيعة.
نعم ضعّفه ابن الغضائري، كما نقله العلاّمة في خلاصته وقال: غال، كذّاب لا يلتفت إليه.(الخلاصة ، القسم الثاني ص423، رجال النجاشي، برقم894) ، ولكن ذم الغضائري لا يعتد به، لأنّه قدح كثيراً من ثقاتنا وعلمائنا الذين لا يُشق غبارهم وقد كان له عقائد خاصّة في حقّ الأئمّة الاثني عشر فمن تجاوز عنها وصفه بالغلو، ومن روى رواية في ذلك الموضوع برواية لا توافق عقيدته وصفه بالكذب و لذلك رتب في كلامه على كونه غالياً، قوله: كذّاباً لا يلتفت إليه. وهذا دليل على أنّ وصفه بالكذب، لتوهم الغلوّ فيه.
كيف يمكن أن يوصف بالغلو والكذب من هو من مشايخ محمد بن الحسين بن أبي الخطاب أو محمد بن إسماعيل بن بزيع الذي ذكر عند الرضا "عليه السلام" فقال:«وددت انّ فيكم مثلَه» ومن اعتنى بذكره وذكر كتابه الشيخان النجاشي والطوسي. فوثاقته قويّة وروايته معتبرة.
عقبة بن قيس بن سمعان:
عنونه الشيخ في رجاله وعدّه من أصحاب الإمام الباقر "عليه السلام" (رجال الشيخ: 142، اصحاب الإمام الباقر "عليه السلام"، برقم74)، وكونه من أصحاب الإمام الباقر "عليه السلام" يدلّ على أنّه إمامي ولم يظفر الشيخ بشيء من الذم فيه.
إلى هنا تمت دراسة السند الأوّل للشيخ إلى بيان ثواب زيارة الحسين في يوم عاشوراء.
والسند لا بأس به وهو من الحسن بمعنى الممدوح بالمدح العام لا الممدوح بالمدح الخاص.
المهم في المقام هو دراسة سند الشيخ إلى نصّ الزيارة ، قال قدَّس سرَّه:
صالح بن عقبة، وسيف بن عميرة، قال علقمة بن محمد الحضرمي، قلت لأبي جعفر "عليه السلام": علّمْني دعاء أدعو به ذلك اليوم إذ أنا زرته من قرب وأومأت من بعد البلاد، ومن داري بالسلام إليه.
قال: فقال لي يا علقمة: إذا أنت صليت الركعتين بعد أن تومئ إليه بالسلام فقل عند الإيماء إليه من بعد التكبير هذا القول، فانّك إذا قلت ذلك فقد دعوت بما يدعوا بن زوّاره من الملائكة، وكتب اللّه لك مائة ألف ألف درجة وكنت كمن استشهد مع الحسين "عليه السَّلام" حتى تشاركهم في درجاتهم ثمّ لا تعرف إلاّ مع الشهداء الذين استشهدوا معه وكتب لك ثواب زيارة كلّ نبي وكلّ رسول وزيارة كلّ من زار الحسين "عليه السلام" منذ يوم قتل "عليه السلام" وعلى أهل بيته.
الزيارة:
السّلام عليك يا أبا عبد اللّه، السّلام عليك يابن رسول اللّه، السّلام عليك يابن أمير المؤمنين وابن سيد الوصيين، السّلام عليك يابن فاطمة سيدة نساء العالمين....
ثمّ قال - بعد السلام مرّة واللعن مرة - : ثمّ تسجد و تقول:
اللّهمّ لك الحمد، حمد الشاكرين، لك على مصابهم، الحمد للّه على عظيم رزّيتي، اللّهمّ ارزقني شفاعة الحسين "عليه السَّلام" يوم الورود، وثبت لي قدم صدق عندك مع الحسين وأصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين "عليه السلام".
قال علقمة: قال أبو جعفر "عليه السَّلام" : وإن استطعت أن تزوره في كلّ يوم بهذه الزيارة من دارك فافعل فلك ثواب جميع ذلك.(مصباح المتهجّد: 715 - 718) إلى هنا تمت زيارة عاشوراء سنداً و متناً، وإليك دراسة السند فنقول:
سياق العبارة ظاهر في أنّ الشيخ أخذ الرواية من كتاب محمد بن إسماعيل بن بزيع الذي لا كلام في وثاقته، إنّما الكلام فيمن يروي هو عنه، فقد روى محمد بن إسماعيل نصّ الزيارة بالسند التالي:
أ - صالح بن عقبة وسيف بن عميرة:
أمّا صالح بن عقبة فقد تقدمت ترجمته وقد عرفت أنّه في الكتب الرجاليّة إمامي ممدوح بالمدح العام لا الخاص، ولكن دلّت القرائن على كونه مقبول الرّواية وإنّ ذم الغضائري لا يعتد به، فلو افترضنا عدم ثبوت وثاقته، فلا يضرّ بصحّة هذا السند لأنّ محمد بن إسماعيل بن بزيع يروي نص الزيارة عن شخصين، أحدهما صالح بن عقبة والآخر سيف بن عميرة والثاني (سيف بن عميرة) ثقة بلا كلام.
قال النجاشي: سيف بن عميرة النخعي، عربي، كوفي، ثقة، يروي عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن، له كتاب يرويه عنه جماعات من أصحابنا.(رجال النجاشي، 1: 425، برقم 502) وصرّح بوثاقته الشيخ في الفهرست.(فهرست الشيخ: 104، برقم 335).
فالرواة إلى هنا كلّهم ثقات.
ب – علقمة بن محمّد الحضرمي أعني: علقمة بن محمد الحضرمي:
وأمّا علقمة فعدّه الشيخ في رجاله في أصحاب الباقر "عليه السلام"، والصادق "عليه السلام" .(رجال الشيخ: 140، قسم اصحاب الباقر "عليه السلام"، برقم38 وقسم اصحاب الصادق "عليه السلام" ص262، برقم641) وليست في الكتب الرجالية تصريحاً بوثاقته، ولكن القرائن تدلّ على وثاقته:
1- روى الكشي عن بكار بن أبي بكر الحضرمي، قال: دخل أبو بكر وعلقمة على زيد بن علي وكان علقمة أكبر من أبيه فجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره وكان بلغهما انّه قال: «ليس الإمام منّا من أرخى عليه ستره، إنّما الإمام من شهر سيفه».
فقال له أبو بكر ـ و كان أجرأهما ـ : يا أبا الحسين أخبرني عن علي بن أبي طالب "عليه السلام" أكان إماماً و هو مرخ عليه ستره أو لم يكن إماماً حتى خرج و شهر سيفه، وكان زيد يبصر الكلام فسكت فلم يجبه، فرد عليه الكلام ثلاث مرات كلّ ذلك لا يجيبه بشيء.
قال له أبو بكر: إن كان علي بن أبي طالب "عليه السلام" إماماً فقد يجوز أن يكون بعده إمام مرخ ستره، وإن لم يكن إماماً وهو مرخ عليه ستره فأنت ما جاء بك هاهنا.
فطلب علقمة من أبي بكر أن يكف عنه فكف.(الكشي: رقم الترجمة16و417) والحديث يكشف عن أنّ الأخوين كانا على بصيرة من أمر الإمامة.
2- ما سيوافيك عند دراسة السند الثالث للشيخ من أنّ سيف بن عميرة الثقة، اعترض على صفوان بن مهران الثقة بأنّ ما دعا به، لم يرد في رواية العلقمي عن الباقر "عليه السلام" واعتذر صفوان ـ بما سيوافيك في محله ـ بأنّه سمعه من الإمام الصادق "عليه السلام" عند زيارته لجدّه الحسين. فالاحتجاج بعدم نقله، والجواب عنه بأنّه سمعه من الإمام الصادق "عليه السلام" ، حاك عن تسليم الرجلين الثقتين، الوثاقة علقمة بن محمد الحضرمي، وإلاّلما احتجّ به «سيف بن عميرة»، ولما أجاب عنه صفوان بالسماع عن الصادق "عليه السلام" .
وبذلك يعلم: أنّ الدعاء الوارد بعد الزيارة ليس لعلقمة وإن اشتهر بأنّه منه بل هو لصفوان بن مهران.
فخرجنا بالنتيجة التالية:
1- سند الشيخ إلى كتاب محمد بن إسماعيل بن بزيع صحيح في الفهرست.
2- أنّ محمد بن إسماعيل بن بزيع ثقة بالاتفاق.
3- انّ سيف بن عميرة ثقة، صرّح بها النجاشي.
4- علقمة بن محمد الحضرمي، ثقة حسب القرائن التي عرفتها.
إلى هنا تمّ السند الثاني، فلو قلنا بوثاقة علقمة كما هو الحقّ فالسند صحيح وإلاّ فهو حسن بالمدح العام.
السند الثالث إلى نص الزيارة:
إنّ للشيخ سنداً ثالثاً في «مصباح المتهجد» إلى نصّ الزيارة نأتي بنصه:
قال الشيخ الطوسي:
وروى محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة، قال: خرجت مع صفوان بن مهران الجمّال وعندنا جماعة من أصحابنا بعد ما خرج أبو عبد اللّه "عليه السلام" [فسرنا](الظاهر أنّه زائد وإن قوله: « من الحيرة إلى المدينة » متعلق بقوله: «خرج أبو عبد الله») من الحيرة إلى المدينة.
فلما فرغنا من الزيارة صرف صفوان وجهه إلى ناحية أبي عبد اللّه[الحسين] "عليه السلام"، فقال لنا:
تزورون الحسين "عليه السلام" من هذا المكان من عند رأس أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه من هاهنا، وأومى إليه أبو عبد اللّه[الصادق] "عليه السلام" وأنا معه.
قال: فدعا صفوان بالزيارة التي رواها علقمة بن محمد الحضرمي عن أبي جعفر "عليه السلام" في يوم عاشوراء ثمّ صلّى ركعتين عند رأس أمير المؤمنين "عليه السلام" وودّع في دبرهما أمير المؤمنين "عليه السلام" وأومى إلى الحسين بالسلام منصرفاً بوجهه نحوه وودّع وكان فيما دعاه في دبرها.
يا اللّه، يا اللّه، يا اللّه، يا مجيب دعوة المضطرين....[الدعاء المعروف بدعاء علقمة].
والرواية صريحة في أنّ صفوان زار الإمام الحسين "عليه السلام" بالزيارة التي رواها علقمة بن محمد الحضرمي وفي آخر الرواية، قال: سيف بن عميرة، فسألت صفوان: انّ علقمة بن محمد الحضرمي لم يأت بهذا (الدعاء) أعني: يا اللّه يا اللّه يا اللّه، يا مجيب دعوة المضطرين... وإنّما أتانا بدعاء الزيارة(أي نصّ الزيارة)، فقال صفوان: وردت مع سيدي أبا عبد اللّه "عليه السلام" إلى هذا المكان ففعل مثل الذي فعلناه في زيارتنا ودعا بهذا الدعاء عند الوداع.(مصباح المتهجد: 718 و719 و723) فالاختلاف إنّما كان في الدعاء الذي يُقرأ بعد الزيارة بعد تسليم نصّها المعروف.
إنّ الشيخ أخذ الرواية من كتاب محمد بن خالد الطيالسي وذكر سنده إلى كتابه في «الفهرست» وقال: له كتاب رويناه عن الحسين بن عبيد اللّه(الغضائري)، عن أحمد بن محمد بن يحيى (شيخ الصدوق)، عن أبيه (محمد بن يحيى العطار القمي)، عن محمد بن علي بن محبوب، عنه.(فهرست الشيخ: 176، برقم 648)، وسنده إلى الكتاب صحيح، وأحمد بن محمد بن يحيى من مشايخ الصدوق وينقل عنه مع الترضّـي عليه، والمشايخ في غنى عن التوثيق.
إذا علمت ذلك فاعلم انّ الحكم بصحة السند، يتوقف على دراسة أحوال الرواة الواردين فيه وهم :
1- محمد بن خالد الطيالسي.
2- سيف بن عميرة.
3- صفوان بن مهران الجمال.
أمّا الثاني أعني سيف بن عميرة فقد عرفت أنّ النجاشي وثّقه، وبقي الكلام في الأوّل والثالث. أمّا محمد بن خالد الطيالسي فقد عدّه الشيخ في رجاله في أصحاب الكاظم "عليه السلام" (رجال الشيخ: 343 من أصحاب الكاظم "عليه السلام" ، برقم26 ولاحظ أيضاً باب من لم يرو عن الأئمة برقم11) وتؤيد وثاقته رواية المشايخ الأعاظم عنه نظراء:
1- علي بن الحسن بن فضال.
2- سعد بن عبد اللّه القمي.
3- حميد بن زياد قال الشيخ في فهرسته(فهرست الشيخ: 176، برقم648): محمد بن خالد الطيالسي يكنى أبا عبد اللّه روى عنه حميد أُصولاً كثيرة.
4- علي بن إبراهيم القمي.
5- محمد بن علي بن محبوب.
6- محمد بن يحيي المعادي.
7- معاوية بن حكيم.(معجم رجال الحديث: 17، 76)
وقال النجاشي: محمد بن خالد بن عمر الطيالسي التميمي أبو عبد اللّه مات لثلاث بقين من جمادي الآخرة سنة 259وهو ابن 97سنة.(رجال النجاشي: 2: 229، برقم911) ولعلّ هذا المقدار يثبت وجاهته في الحديث وانّ له منزلة عند المحدّثين، فيكون إماميّاً ممدوحاً بل مقبول الرواية.
وأمّا الثالث، أعني: صفوان بن مهران فهو كوفي ثقة، يكنّى أبا عبد اللّه. (رجال النجاشي: 1: 440، برقم523).
إلى هنا تمت دراسة أسانيد الشيخ الثلاثة،
فخرجنا بالنتيجة التالية:
إنّ السند الأوّل من الأسانيد الثلاثة، طريق الشيخ إلى ما يترتب على زيارة الحسين " عليه السَّلام" على وجه الإطلاق من الثواب، وهو ليس بمطروح عندنا في هذا المقال، وإنّما ذكرناه استطراداً، لأنّ الشيخ روى الجميع في مقام واحد.
وأمّا السند الثاني فرواه الشيخ: عن سيف بن عميرة وهو ثقة بالاتفاق.
عن علقمة بن محمد الحضرمي ولم يصرح بوثاقته وإنّما دلّت القرائن على وثاقته.
وأمّا السند الثالث فرواه الشيخ:
عن محمد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة، عن صفوان بن مهران. والأخيران ثقتان والأوّل لم يصرح بوثاقته وإنّما دلّت القرائن على مقبولية روايته في الحديث. فحان البحث عن سند ابن قولويه إلى نصّ الزيارة.
سند ابن قولويه إلى زيارة عاشوراء:
روى ابن قولويه في كتاب «كامل الزيارات» زيارة عاشوراء بالسند الاتي: حدثني حكيم بن داود بن حكيم وغيره.
عن محمد بن موسى الهمداني،
عن محمد بن خالد الطيالسي،
عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعاً،
عن علقمة بن محمد الحضرمي،
عن أبي جعفر الباقر "عليه السلام" قال: «من زار الحسين يوم عاشوراء حتّى يظلّ عنده باكياً لقى اللّه عزّوجلّ يوم القيامة بثواب ألفي حجّة...».
ومحمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن مالك الجهني، عن أبي جعفر الباقر "عليه السلام" قال: «من زار الحسين ـ عليه السَّلام ـ يوم عاشوراء من محرم حتى يظل عنده...».(كامل الزيارات: 174، الباب71) وقد تمّ السند الأوّل بقوله: «عن علقمة بن محمد الحضرمي» ثمّ ابتدأ بسند آخر وقال: ومحمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة.
وعلى ذلك ففي قوله: ومحمد بن إسماعيل احتمالان:
الأوّل: انّ ابن قولويه شرع بأوّل السند وأخذ الرواية عن كتاب محمد بن إسماعيل بن بزيع لما عرفت من أنّ الشيخ روى نفس الزيارة عن ذلك الكتاب، وطريقه إليه صحيح فينتج قيام الحجة على وجود نصّ الزيارة في ذلك الكتاب وقد تناول كلّ من العلمين الطوسي وابن قولويه نقلها من ذلك الكتاب، غير انّا نعلم بسند الشيخ إلى الكتاب ولا نعلم سند ابن قولويه إليه، ولكنّه لا يضر بصحّة الرواية للعلم بوجود الرواية في ذلك الكتاب عن طريق الشيخ.
وهذا الاحتمال هو الأوجه وعليه يكون لابن قولويه سندان إلى زيارة عاشوراء.
الثاني: انّ قوله «ومحمد بن إسماعيل» عطف على قوله: «محمد بن خالد الطيالسي» وانّ سند ابن قولويه إلى كتاب محمد بن إسماعيل نفس سنده إلى كتاب محمد بن خالد الطيالسي، فيروي كتاب ابن بزيع عن الطريق الذي يروي به كتاب الطيالسي. وعلى ذلك يكون سنده إليه كالتالي:
حكيم بن داود، عن محمد بن موسى الهمداني، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع; وهذا الاحتمال بعيد.
وثمة احتمال ثالث لا يتفوّه به من له إلمام بالرجال، وهو انّ قوله «ومحمد بن إسماعيل» عطف على قوله:«علقمة بن محمد الحضرمي» وجزء من السند السابق، لانّه بعيد عن الصواب غاية البعد، لأنّ علقمة من أصحاب الباقر والصادق "عليهما السلام" وابن بزيع من أصحاب الرضا والجواد "عليهما السلام" ، ومع الاختلاف في الطبقة كيف يعطف المتاخر طبقة، على المتقدم كذلك؟!
إذا عرفت ذلك فلنتاول رواة السند الأوّل بالبحث.
1- حكيم بن داود بن حكيم:
أحد مشايخ جعفر بن قولويه وقد وثّق مشايخه إجمالاً في أوّل كتابه فقال: لا يذكر في كتابه إلاّما وقع له من جهة الثقات، وروى عنه في كامل الزيارات في الباب الثاني، الحديث11 والباب 54 الحديث الثالث.(قاموس الرجال:3 ، برقم2385) مضافاً إلى الباب 71، الحديث 9.
2- محمد بن موسى بن عيسى الهمداني:
ذكره النجاشي بقوله: محمد بن موسى بن عيسى أبو جعفر الهمداني السمان، يروي عنه محمد بن يحيى العطار القمي على ما في طريق النجاشي إلى كتابه، حيث قال: أخبرنا ابن شاذان، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه، عنه بكتبه.
كما يروي عنه محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، الذي هو شيخ مشايخ الكليني، وقد ورد في أسناد نوادر الحكمة، للأشعري، غير انّ الغضائري ضعّفه، ومع ذلك قال: ضعيف، يروي عن الضعفاء ويجوز أن يخرج شاهداً.
وضعّفه ابن الوليد أُستاذ الصدوق.
غير انّ تضعيف هؤلاء يرجع إلى الاختلاف في مقامات الأئمّة فانّ للقميين وعلى رأسهم محمد بن الوليد عقائد خاصة في حقّ أهل البيت "عليهما السلام" ربما لا يرتضيه محقّقو الإمامية.
يقول الشيخ المفيد في تصحيح الاعتقاد: وقد سمعنا حكاية ظاهرة عن أبي جعفر محمد بن الحسن بن الوليد لم نجد لها دافعاً في التفسير وهي ما حكي عنه انّه قال: أوّل درجة في الغلو نفي السهو عن النبي والإمام "عليه السلام" ، فإن صحّت هذه الحكاية عنه فهو مقصر مع أنّه من علماء القميين ومشيختهم، وقد وجدنا جماعة وردوا إلينا من قم يقصرون تقصيراً ظاهراً في الدين وينزلون الأئمّة "عليهم السلام" عن مراتبهم ويزعمون انّهم كانوا لا يعرفون كثيراًمن الأحكام الدينية حتى ينكت في قلوبهم، ورأينا في أُولئك من يقول انّهم ملتجئون في حكم الشريعة إلى الرأي والظنون ويدّعون مع ذلك انّهم من العلماء، وهذا هو التقصير الذي لا شبهة فيه.(تصحيح الاعتقاد:66)
وعلى هذا فلا بعد أن يكون تضعيفه من جانب ابن الوليد لأجل اختلافهما في مقامات الأئمّة، ولأجل ذلك لما نقل النجاشي قول ابن الوليد بأنّه يقول كان يضع الحديث، عقّبه بقوله(واللّه أعلم).(رجال النجاشي:2: 227).
3- محمد بن خالد الطيالسي قد مرت ترجمته عند دراسة السند الثالث للشيخ الطوسي وقد دلّت القرائن على كونه مقبول الرواية.
4- سيف بن عميرة قد مرّ انّه ثقة بلا إشكال.
5- صالح بن عقبة مرّت ترجمته عند دراسة السند الأوّل للشيخ. وانّه امامي ممدوح بالمدح العام.
6- علقمة بن محمد الحضرمي تقدّمت ترجمته عند دراسة سند الشيخ إليه، وقلنا بأنّ القرائن تدلّ على وثاقته.
الى هناتمّ السند الأوّل للشيخ بن قولويه.
وإليك دراسة السند الثاني.
دراسة السند الثاني لابن قولويه:
روى محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن مالك الجهني، عن أبي جعفر الباقر "عليه السلام" : (من زار الحسين "عليه السلام" يوم عاشوراء من محرم حتّى يظل عنده باكياً...)
وهذا السند غني عن الدراسة إلاّ ترجمة مالك الجهني، فانّ محمد بن إسماعيل و صالح بن عقبة قد تقدمت ترجمتهما، وأمّا مالك الجهني فقدعدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر ومن أصحاب الصادق عليمها السَّلام قائلاً: الكوفي مات في حياة أبي عبد اللّه "عليه السلام" .(رجال الشيخ: 145، قسم أصحاب الباقر "عليه السلام"، برقم11 وأصحاب الصادق "عليه السلام" ص302 برقم458) ويمكن استظهار وثاقته من الأُمور التالية:
الأوّل: ما رواه علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن يحيى الحلبي، عن مالك الجهني، قال: قال أبوجعفر: يا مالك أنتم شيعتنا ألا ترى انّك تفرّط في أمرنا، إنّه لا يقدر على صفة اللّه فكما لا يقدر على صفة اللّه، كذلك لا يقدر على صفتنا، وكما لا يقدر على صفتنا كذلك لا يقدر على صفة المؤمن، إنّ المؤمن ليلقى المؤمن فيصافحه، فلا يزال اللّه ينظر إليهما والذّنوب تتحاتُّ عن وجوههما، كما يتحاتُّ الورق من الشّجر، حتّى يفترقا، فكيف يقدر على صفة من هو كذلك.(الكافي: 2، 180، ح6)، والرواية وإن كانت تنتهي إلى نفس مالك الجهني لكن اعتناء علي بن إبراهيم القمي ومحمد بن عيسى بن عبيد ويونس بن عبد الرحمن بنقلها حاك عن اعتمادهم على روايته.
الثاني: روى الكليني، عن عيسى الحلبي، عن ابن مسكان، عن مالك الجهني قال: قال لي أبو عبد اللّه : يا مالك أما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفّوا وتدخلوا الجنّة؟ يا مالك إنّه ليس من قوم ائتموا بإمام في الدنيا إلاّجاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه إلاّ أنتم ومن كان على مثل حالكم، يا مالك إنّ الميت واللّه منكم على هذا الأمر لشهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل اللّه.(الروضة:146، برقم122)
الثالث: انّ مدحه للإمام الباقر ـ عليه السَّلام ـ يعرب عن وقوفه بمقام الإمام و انّه كان يجاهر بالولاء يوم كان الجهر به محظوراً، وقال:
إذا طلب الناس علم القرآن كانت قريش عليه عيالا وإن قيل أين ابن بنت النبي نلت بذاك فروعاً طوالاً نجوم تهلّل للمدلجين جبال تورّث علماً جبالاً(الارشاد:262)
الخاتمة:
هذه إشارة سريعة إلى أسانيد زيارة عاشوراء، وقد عرفت صحّة بعضها ومقبولية البعض الآخر، والمجموع يشد بعضه بعضاً ويورث العلم أو الاطمئنان المتاخم للعلم بصدور الرواية عن المعصوم "عليه السلام" مضافاً إلى أمرين:
1- اتفاق العصابة ومواظبتهم على قراءتها عبر القرون وهي إحدى القرائن على صدور الرواية.
2- انّ الإمعان في مضمون الزيارة يعرب عن أنّه صدر من قلب ملؤه الشجون والأحزان، لا يسكن دمعه ولوعه إلاّ بأخذ الثأر، وهو يتفق بذلك مع مضامين سائر الروايات الواردة في الأدعية والزيارات.
السؤال: تفصيل في سند زيارة عاشوراء
قال قائل:
*************************
وبعد فقد كثر السؤال عن زيارة عاشورا المشهورة ومدى صحتها وعدم صحتها فنقول الكلام يقع في أمرين: الأول حول سندها والثاني حول متنها.
أما الأمر الأول: لا إشكال في استحباب زيارة الإمام الحسين عليه السلام يوم عاشورا استحباباً مؤكداً فقد دلت على ذلك الروايات الكثيرة ومنها الصحيحة إنما الكلام في نص الزيارة في ذلك اليوم فبعض العلماء لم يعين نصاً خاصاً لذلك اليوم كالشيخ المفيد في مزاره والبعض الآخر عين نصاً خاصاً رواه عن أحد الأئمة عليهم السلام.
ومن ذلك الزيارة المتداولة المروية عن الإمام الباقر عليه السلام فقد روى هذه الزيارة عدد من العلماء منهم ابن قولويه مسندة والشيخ الطوسي وابن طاووس والكفعمي مرسلة.
1- ابن قولويه: روى هذه الزيارة أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي المتوفى 368 ه- في كتابه كامل الزيارات ص 325 باب 71 ثواب من زار الحسين عليه السلام يوم عاشوراء حديث 556 طبع دار السرور تحقيق نشر الفقاهة 1418 هـ بسندين:
السند الأول: حكيم بن داود بن حكيم وغيره, عن محمد بن موسى الهمداني, عن محمد بن خالد الطيالسي, عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعاً, عن علقمة بن محمد الحضرمي
السند الثاني: ... ومحمد بن إسماعيل, عن صالح بن عقبة عن مالك الجهني عن أبي جعفر الباقر عليه السلام
دراسة السند الأول: حكيم بن داود بن حكيم قال المولى حبيب الله الكاشاني المتوفى 1340 هـ في شرحه لزيارة عاشوراء: مجهول لم أقف على حاله في الرجال [1] ولكن الصحيح أنه ثقة لأنه من مشايخ ابن قولويه. محمد بن موسى الهمداني قال النجاشي في رجاله تحت رقم 904: ( محمد بن موسى بن عيسى أبو جعفر الهمداني السمَّان, ضعفه القميون بالغلو, وكان ابن الوليد يقول إنه كان يضع الحديث, والله أعلم )
وقال ابن الغضائري: ( محمد بن موسى بن عيسى أبو جعفر الهمداني ضعيف, يروي عن الضعفاء،ويجوز أن يخرج شاهداً،تكلم القميون فيه بالرد, واستثنوا من نوادر الحكمة ما رواه) [2] الهمداني والسمّان واحد فمحمد بن موسى الهمداني هو نفسه محمد بن موسى بن عيسى السمَّان أبو جعفر الهمداني.
رأي الشيخ الصدوق وابن الوليد في الهمداني قال الشيخ الصدوق: وأما خبر صلاة يوم غدير خم والثواب المذكور فيه لمن صامه, فإن شيخنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه) كان لا يصححه ويقول: إنه من طريق محمد بن موسى الهمداني, وكان غير ثقة ( كذاباً خ ل ) وكل ما لم يصححه ذلك الشيخ (قدس الله روحه) ولم يحكم بصحته من الأخبار فهو عندنا متروك غير صحيح ) من لا يحضره الفقيه ج 2 باب صوم التطوع وثوابه من الأيام ذيل حديث 241.
وقال الشيخ الطوسي في كتاب الفهرست في ترجمة سعد بن عبد الله الأشعري تحت رقم ( 306) وبعد أن عدد كتب سعد بن عبد الله قال: وكتاب المنتخبات نحو ألف ورقة, ثم ذكر طريق الصدوق قال: قال ابن بابويه (يعني الصدوق) إلا كتاب المنتخبات فإني لم أروها عن محمد بن الحسن إلا أجزاء قرأتها عليه وأعلمت على الأحاديث التي رواها محمد بن موسى الهمداني, وقد رويت عنه كلما في كتاب المنتخبات مماأعرف طريقه من الرجال الثقاة ).
فالشيخ الصدوق لم يرو من كتاب المنتخبات لسعد بن عبد الله الروايات التي رواها ووقع محمد بن موسى الهمداني في طريقها, اللهم إلا أن يرويها غيره من ثقاة.
العلماء يضعفونه. ضعفه علماء الرجال كما تقدم وغيرهم والفقهاء في الكتب الفقهية ضعفوه وأسقطوا الروايات التي رواها ولم يفتوا بها وإليك بعضهم:
1- أبو جعفر محمد بن الحسن بن الوليد المتوفى 343 هـ شيخ الصدوق. ووصف الهمداني أنه كذاب ووافقه الشيخ الصدوق.
2- أبو العباس احمد بن علي بن العباس بن نوح السيرافي شيخ النجاشي فإنه تابع محمد بن الحسن بن الوليد في القائمة التي استثناها من كتاب نوادر الحكمة ومن ضمنها الهمداني واستثنى من هذه القائمة محمد بن عيسى بن عبيد الذي لم يتابعه فيها.
3- الشيخ الصدوق المتوفى 381 هـ في من لا يحضره الفقيه.
4- أحمد بن علي النجاشي المتوفى 450 هـ في رجاله.
5- الشيخ الطوسي المتوفى 460 هـ في الفهرست.
6- ابن داود في رجاله ص 276.
7- العلامة الحلي في الخلاصة ص 401 قال: محمد بن موسى بن عيسى أبو جعفر السمَّان الهمذاني ضعيف يروي عن الضعفاء وضعفه القميون بالغلو وكان ابن الوليد يقول أنه كان يضع الحديث والله أعلم. قال ابن الغضائري إنه ضعيف يروي عن الضعفاء ويجوز أن يخرج شاهداً, تكلم القميون فيه فأكثروا واستثنوا من كتاب نوادر الحكمة ما رواه.
8- الشيخ حسن صاحب المعالم المتوفى 1011 هـ في التحرير الطاووسي في ترجمة زيد الشحام ص 223 وص 444.
9- المحقق أحمد بن محمد الأردبيلي المتوفى 993 هـ في مجمع الفائدة ج 10 ص 440.
10- ومحمد بن علي الأردبيلي في جامع الرواة ج 2 ص 205.
11- المحقق السبزواري في ذخيرة العباد ج 2 ص 306.
11- المحقق الخونساري في مشارق الشموس ج 2 ص 451
12- السيد الحكيم في المستمسك ج 1 ص 427
13- المحقق الشيخ محمد تقي التستري في قاموس الرجال ج 9 ص 612 برقم 7313 قال:( وضعفه إتفاقي, قال به ابن الوليد, وابن بابويه وابن نوح والشيخ - في الفهرست - والنجاشي وابن الغضائري )
14-السيد الخوئي قال: ( الذي يظهر من مجموع الكلمات أن الأساس في تضعيف الرجل هو ابن الوليد وقد تبعه على ذلك الصدوق وابن نوح وغيرهما وهذا يكفي في الحكم بضعفه ) انظر معجم رجال الحديث ج 18 ص 298 في ترجمته.
وضعفه في كتاب الطهارة ج ص 127 وغير هؤلاء كثير. والخلاصة: أن ضعفه مما لا إشكال فيه.الهمداني وضَّاع قال الصدوق كما نقله الشيخ الطوسي في الفهرست ص: 201 تحت رقمي 299 - 300- في ترجمتي: زيد النَرسي. و زيد الزَرّاد لهما أصلان. لم يروهما محمد بن علي بن الحسين بن بابويه و قال في فهرسته: لم يروهما محمد بن الحسن بن الوليد و كان يقول: هما موضوعان و كذلك كتاب خالد بن عبد الله بن سدير و كان يقول: وضع هذه الأصول محمد بن موسى الهمداني.
وقال الطوسي في الفهرست رقم 267 في ترجمة خالد بن أبي إسماعيل له أصل ... - إلى إن قال - ذكر أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي عن محمد بن الحسن بن الوليد أن قال لا أرويه موضوع وضعه محمد بن موسى الهمداني.
وقال الوحيد البهبهاني: في زيدَي الزراد والنرسي وخالد بن عبد الله: إن كتبهم من وضع هذا [3] وقال المحقق التستري : ( لا إشكال في اتحاده كما في ضعفه, إنما الإشكال في وضعه لكتابي الزيدين ... - إلى أن قال - ثم إن كان وضعه لكتابهما غير معلوم, فأصل وضّاعيته غير بعيد فورد في طريق ثواب زيارة عاشورا وفيه شرح منكر متناقض ) [4] الهمداني من الغلاة رماه القميون بالغلو كما تقدم في كلام النجاشي حيث قال ( ضعفه القميون بالغلو) وكذلك وصفه ابن الغضائري والعلامة الحلي.
وبالرغم من أن له كتاب الرد على الغلاة إلا أن المحقق التستري قال ( وكتابه الرد على الغلاة لا ينافي نسبة الغلو إليه, فللغلو درجات [5].
الطيالسي محمد بن خالد الطيالسي المتوفى 259 هـ مجهول الحال.
ترجمه النجاشي تحت رقم 911 فقال: محمد بن خالد بن عمر الطيالسي التميمي أبو عبد الله كان يسكن بالكوفة, في صحراء جرم, له كتاب نوادر ... - إلى أن قال - مات محمد بن خالد الطيالسي ليلة الأربعاء لثلاث بقين من جمادي الآخرة سنة تسع وخمسين ومائتين وهو ابن سبع وتسعين. [6]
وذكره الشيخ الطوسي في الفهرست برقم 648 وفي رجاله في أصحاب الكاظم عليه السلام برقم 26 وفي باب من لم يرو عنهم برقم 11 وبرقم 54.
وذكره العلامة المجلسي في رجاله ص 301 برقم 1643 ووضع عليه رمز مجهول الحال.
كما ذكره السيد الخوئي في المعجم ج 17 ص 75 و 76 وج 23 ص 119 ولم ينص أحد منهم على توثيقه.
وطريق الشيخ الطوسي إليه ضعيف. لأن فيه أحمد بن محمد بن يحيى وهو لم يوثق.
سيف بن عميرة: ثقة وصالح بن عقبة: مجهول الحال. كما سوف يأتي.
علقمة بن محمد الحضرمي: مجهول الحال. وهو أخو أبو بكر الحضرمي ذكره العلامة المجلسي في رجاله برقم 1189 ووضع عليه علامة أنه مجهول. وقال حبيب الله الكاشاني لم أر من صرح بتوثيقه.
وحاول البعض أن يستدل على وثاقته بما رواه الكشي: في ترجمة أبي بكر الحضرمي وعلقمة ( 290 289 ) عن علي ابن محمد بن قتيبة القتيبي, قال: حدثنا الفضل بن شاذان, قال: حدثني أبي, عن محمد بن جمهور, عن بكار بن أبي بكر الحضرمي, قال: دخل أبو بكر وعلقمة على زيد بن علي, وكان علقمة أكبر من أبي, فجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره, وكان بلغهما أنه قال: ليس الإمام منا من أرخى عليه ستره, وإنما الإمام من شهر سيفه, فقال له أبو بكر وكان أجرأهما:
يا أبا الحسين أخبرني عن علي بن أبي طالب عليهما السلام, أكان إماما وهو مرخ عليه ستره, أو لم يكن إماما حتى خرج وشهر سيفه? قال: فسكت فلم يجبه, فرد عليه الكلام ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبه بشيء, فقال له أبو بكر: إن كان علي بن أبي طالب عليهما السلام, إماما فقد يجوز أن يكون بعده إمام مرخ عليه ستره, وإن لم يكن إماما وهو مرخ عليه ستره فأنت ما جاء بك هاهنا? قال: فطلب إلى ( من أبي ) علقمة أن يكف عنه فكف عنه.
ورواها عن محمد بن مسعود, قال: كتب إلي الشاذاني أبو عبد الله يذكر عن الفضل, عن أبيه مثله سواء.
قال السيد الخوئي أقول: محمد بن جمهور ضعيف, وبكار مجهول, فلا اعتماد على الرواية [7].
فالمتحصل أن هذا السند غير تام لأن الهمداني ضعيف والطيالسي والحضرمي مجهولان.
دراسة السند الثاني: ومحمد بن إسماعيل والمراد به ابن بزيع: ثقة ومحمد بن إسماعيل معطوف على محمد بن خالد الطيالسي [8] وحينئذ فيسبقه في سلسة السند محمد بن موسى الهمداني وحكيم بن داود بن حكيم. وقد تقدم الكلام فيهما حيث عرفنا ضعف محمد بن موسى الهمداني صالح بن عُق بَة وهو صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ذبيحة [ رُبَي حَة ], من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام مجهول, وإن وقع في أسانيد تفسير القمي وكامل الزيارات.ذكره الشيخ الطوسي في أصحاب الصادق عليه السلام برقم 47 وفي أصحاب الكاظم برقم 2 بل وذكره في أصحاب الباقر برقم 4.قال ابن الغضائري برقم 70:
صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ذبيحة مولى رسول الله صلى الله عليه وآله, روى عن أبي عبد الله عليه السلام, غالٍ, كذاب, لا يلتفت إليه.
وقال العلامة في الخلاصة ص 230 رقم 4 صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ذبيحة مولى رسول الله صلى الله عليه وآله: روى عن أبي عبد الله عليه السلام: كذاب, غال, لا يُلتفت إليه.
وقال ابن داود في رجاله: ( ليس حديثه بشيء, كذَّاب, غالٍ كثير المناكير ) انظر رجال ابن داود القسم الثاني رقم 237 وفي فصل آخر: أنه ليس بشيء.
وقال المحقق الشيخ محمد تقي التستري: وقول ابن الغضائري ( غال كذاب, لا يلتفت إليه ) يمكن تأييده بوقوعه في طريق ثواب زيارة عاشورا, وفي شرحه أمور منكرة, وإن كان ( محمد بن موسى ) أيضاً واقع في طريقه, وهو متفق على ضعفه.)[9]
وهنا بعض الملاحظات:
1- من العجيب من بعض العلماء لم يكترث بتضعيف ابن الغضائري والعلامة وابن داود وحاول أن يسقط تضعيف ابن الغضائري بأمور لا تصمد أمام البحث العلمي ولم يتعرض لتضعيفي العلامة وابن داود.
2- وحاول أن يوثق صالح بن عقبة بتوثيقات عامة وأن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب المتوفى 262 هـ وابن بزيع رويا عنه. أليس هذا من المفارقات العجيبة الغريبة. وإذا كان كذلك لماذا لا تكون جميع مشايخ الكليني والصدوق والشيخ الطوسي من الثقات? !!.
3- نِع مَ ما قال المحقق التستري حينما شك في رواية ابن أبي الخطاب عنه فقال: هذا وقول النجاشي ( روى عنه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب )، في غير محله بعد كونه طريق نفسه ( محمد بن الحسين, عن محمد بن إسماعيل, عنه ) ومثله أخبار أخر [10]
4- السيد الخوئي ذكر طبقة محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ولم يذكر له رواية واحدة عن صالح بن عقبة. مالك الجهني وهو مالك بن أعين الجهني: مجهول الحال.قال العلامة في الخلاصة ص 261: أن مالك بن أعين ليس من هذا الأمر في شيء.
وقال علي بن أحمد العقيقي عن أبيه عن أحمد بن الحسن عن أشياخه أنه كان مخالفاً.الزيارة في المصباح سند الزيارة في المصباح الكبير للشيخ الطوسي المتوفى 460 هـ ص 713 طبع مؤسسة الأعلمي في بيروت قيل أنه له أكثر من سند هكذا:
السند الأول:للشيخ الطوسي محمد بن إسماعيل بن بَزِيع عن صالح بن عُق بَة عن أبيه عن أبي جعفر الباقر عليه السلام دراسة السند محمد بن إسماعيل بن بزيع: ثقة صالح بن عُق بَة :وهو صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ذبيحة, من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام مجهول الحال, وإن وقع في أسانيد تفسير القمي وكامل الزيارات.
عقبة: وهو عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ذبيحة, والد صالح بن عقبة كوفي, ذكره الشيخ الطوسي في أصحاب الباقر عليه السلام وقال مثيله, أي مجهول الحال لأن الذين قبله كانوا مجهولين وذكره في أصحاب الصادق عليه السلام برقم 626, وقال العلامة في الخلاصة ص 243 عقبة بالقاف ابن قيس من أصحاب الباقر عليه السلام. مجهول.
ولا ينقضي عجبي ممن أراد أن يوثقه لأن الشيخ الطوسي ذكره في أصحاب الباقر عليه السلام وكونه من أصحاب الباقر عليه السلام يدل على أنه إمامي ولم يظفر الشيخ بشيء من الذم فيه.
أقول:
1- وهل أوضح من أن الشيخ صرح بكونه مجهولا كما تقدم. ويبدو أنه لم يراجع كتاب الرجال للشيخ الطوسي. انظر ص 132 من الطبعة الأولى برقم 74.
2- هل أن كل من ذكره الشيخ في رجاله من أصحاب الأئمة هم إماميون?
كما يبدو أن الشيخ الطوسي نقل هذه الزيارة وسندها عن ابن قولويه المتقدم ذكره من كامل الزيارات وبخصوص السند الثاني المتقدم وأن اختلف في الرواي عن الإمام الباقر عليه السلام.
السند الثاني: للشيخ الطوسي محمد بن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة وسيف بن عميرة عن علقمة بن محمد الحضرمي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام.
أ- محمد بن إسماعيل بن بزيع. ثقة
ب- عن صالح بن عقبة. مجهول كما تقدم وسيف بن عميرة. ثقة
ج- علقمة بن محمد الحضرمي. مجهول كما تقدم. فالسند غير تام حتى على فرض صحة طريق الشيخ إلى ابن بزيع.
السند الثالث: للشيخ الطوسي قال وروى محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة قال خرجت مع صفوان بن مهران الجمال وعندنا جماعة من أصحابنا بعد ما خرج أبو عبد الله عليه السلام ... الطيالسي محمد بن خالد الطيالسي المتوفى 259 هـ مجهول الحال. كما تقدم. فسند الطوسي في المصباح الكبير إلى هذه الزيارة وثوابها غير تام. محاولات غير موفقة
1- حاول البعض تصحيحها بعملية التعويض السندي. والجواب أن هذه غير مسلمة وحتى من يقول بها قد اشترط شروطا غير متوفرة هنا ومنها أن يقول الشيخ الطوسي مثلا في ترجمة المعوض عنه: ( أخبرنا بجميع كتبه ورواياته )
2- أدعي أن الشيخ الطوسي نقلها من كتاب محمد بن إسماعيل بن بزيع وهذا وإن كان لا شاهد عليه وطريق الشيخ إلى ابن بزيع صحيح, إلا أن هذه المحاولة لا تجدي نفعا فإن من يروي عنه ابن بزيع وهو صالح بن عقبة وأبوه لم يوثقا.
3- حاول البعض أن يصحح الرواية بانجبارها بالشهرة.
والجواب: أن المحققين من العلماء ومنهم السيد الخوئي لم يقولوا بحجية الشهرة في نفسها حتى تجبر غيرها.
وعلى فرض حجيتها فإن من يقول بكونها جابرة إنما هي الشهرة العملية الفتوائية للمتقدمين قريبين العهد من الأئمة عليهم السلام.
فالشهرة العملية أو الفتوائية من المتأخرين فضلا عن متأخري المتأخرين لا يجدي نفعا.
فلا الشيخ الكليني ولا الصدوق ولا المفيد لم يرو أحد منهم هذه الزيارة بل الشيخ الطوسي لم يروها في التهذيب مع أنه روى زيارات عديدة للإمام الحسين عليه السلام. ولا السيد ابن طاووس في الإقبال, مع أنه كان يتتبع كل شاردة وواردة.
والخلاصة: أن سند هذه الزيارة غير تام وقد اعترف أكثر من واحد ممن تعرض لسندها منهم المولى حبيب الله الشريف الكاشاني المتوفى 1340 هـ في شرحه لهذه الزيارة بضعف سندها حيث قال: وبالجملة سند هذه الزيارة ضعيف [11]
وإن حاول أن يثبتها بانجبارها بالشهرة وقاعدة التسامح في أدلة السنن وهما غير تامتين.
الأمر الثاني متنها التحريف للزيارة وقع تحريف وزيادة للزيارة في نسخ المصباح الكبير للشيخ الطوسي ولعل ذلك كان في القرن التاسع الهجري أو قبله فإن السيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس المتوفى 664 هـ قال في مصباح الزائر ص 278 طبع مؤسسة آل البيت. بعد نقله لزيارة عاشورا ما هذا نصه:( قال علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس: هذه الرواية نقلناها بإسنادها من المصباح الكبير, وهو مقابل بخط مصنفه رحمه الله, ولم يكن في ألفاظ الزيارة الفصلان اللذان يكرران مئة مرة, وإنما نقلنا الزيارة من المصباح الصغير, فاعلم ذلك ).
فالسيد بن طاووس عنده نسخة خطية من المصباح الكبير للشيخ الطوسي وهذه النسخة مقابلة مع المصباح المخطوط بقلم مؤلفه الشيخ الطوسي ولم يوجد فيها الفصلان الأخيران من الزيارة واللذان يكرران 100 مرة.
بينما النسخة المطبوعة المنتشرة من المصباح الكبير قديما وحديثا موجودان هذان الفصلان فيها, فمن أين جاءت هذه الزيادة? ومن الذي وضعها?? !!
[1] شرح زيارة عاشوراء ص 27
[2] معجم رجال الحديث ج 17 ص 282 رقم 11847
[3] قاموس الرجال ج 9 ص 615
[4] قاموس الرجال ج 9 ص 616
[5] قاموس الرجال ج 9 ص 612
[6] رجال النجاشي ج 2 ص 229.
[7] معجم رجال الحديث - السيد الخوئي ج 8 ص 362:
[8] كما ذكر ذلك صاحب سماء المقال ج 1 ص 531 عن جده جازما به وهو الصحيح خلافا
للحفيد الذي ادعى أنه معطوف على حكيم بن داود وأنه منقول عن كتاب لعدم الشاهد
عليه.
[9] قاموس الرجال ج 5 ص 466
[10] قاموس الرجال ج 5 ص466
*************************
هل هذه الشبهة صحيحة?
الجواب:
ذكرت زيارة عاشوراء في المصباح بثلاثة طرق:
الأول: الشيخ الطوسي بسنده إلى محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن أبيه عن علقمة عن أبي جعفر (عليه السلام).
الثاني: ذكر في ذيل الرواية الأولى وهو محمد بن إسماعيل عن صالح وسيف بن عميرة عن علقمة عن أبي جعفر (عليه السلام).
الثالث: الشيخ الطوسي يرفعه إلى محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة عن صفوان عن (أبي عبد الله (عليه السلام).
وقد وثق من رجاله هذه الأسانيد الثلاثة محمد بن إسماعيل وسيف بن عميرة وصفوان، فلا كلام لنا معهم ويبقى الكلام في:
1- محمد بن خالد الطياليسي.
2- صالح بن عقبة.
3- عقبة.
4- علقمة.
أما محمد بن خالد الطيالسي، فقد قال عنه الوحيد البهبهاني: ((رواية الأجلة عنه تشير إلى الأعتماد عليه ويؤيده قوله روى عنه حميد أصولاً كثيرة, وسنذكر في محمد بن سليمان ما يؤكد ذلك فلاحظ, وهو والد الحسن وعبد الله الثقتين)).
فقد روى عنه علي بن الحسن بن فضال ومحمد بن علي بن محبوب وسعد بن عبد الله وجماعة من أجلاء القوم.
وقال الوحيد في (التعليقة ص 309): ((وكاتب الصاحب (عليه السلام) جدي محمد بن سليمان بعد موت أبيه وكان أحد رواة الحديث لقد لقى محمد بن خالد فروى عنه كتاب عاصم بن حميد وكتاب سيف بن عميرة وكتاب العلاء بن رزين وكتاب إسماعيل بن عبد الخالق وأشياء غير ذلك)).
وقال الميرزا أبو الفضل الطهراني في (شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور) بعد ذكر رواية الأجلاء عنه: ((وقال الشيخ في الرجال: روى عنه حميد أصولاً كثيرة وهذا يعتبر في عرفهم مدحاً جليلاً)) ثم قال: ((ومن مجموع هذه الإمارات يحصل الظن بعدالته لممارس علم الرجال من حيث قول الشيخ: قال: سيف بن عميرة فإذا كان حديث بهذه المثابة صحيحاً بالاتفاق لأن سنده طريق الشيخ إلى سيف وهو معلوم الصحة، وجلالة قدر صفوان لا تكاد تخفى على أحد ولا تحتاج إلى تنبيه)).
والحصيلة أن السند الثالث سيكون معتبراً للمدح في محمد بن خالد الطيالسي وثّـقة كل من سيف وصفوان.
نعم،يبقى الكلام في طريق الشيخ الطوسي إلى محمد بن خالد الطيالسي وهو صحيح على ما صرح به الشيخ جواد القيومي محقق كتاب الفهرست فقال: الطريق صحيح وإن كان فيه أحمد بن محمد بن يحيى.
وقد أستدل على وثاقة أحمد بن يحيى بوجوه كما في (منتهى الدراية):
1- أنه من مشايخ الصدوق وقد أشتهر أن شيخوخة الإجازة تغني عن التوثيق، قال في محكي الوجيزة: (إنه من مشايخ الإجازة وحكم الأصحاب بصحة حديثه).
2- توثيق الشهيد الثاني والدراية والشيخ البهائي في المشرق والسيد الداماد والمقدس الأردبيلي وغيرهم له، واعتماد صاحب المعالم عن روايته مع اقتصاره على العمل بالأخبار الصحاح كما يستفاد من اعتباره الإيمان والعدالة في الراوي مضافاً إلى الإسلام والضبط فيثبت حينئذٍ أن أحمد بن محمد عدل إمامي ضابط ويتم المطلوب.
3- توثيق العلامة له حيث صحح طريق الصدوق إلى أحمد بن محمد بن يحيى العطار وكذلك صحح طريق الشيخ في التهذيب والاستبصار إلى محمد بن علي بن محبوب مع انحصار الطريق وطريقه إلى علي بن جعفر في التهذيب ووقوع أحمد في كلا الطريقين وتثبت وثاقة الرجل حينئذ.
أما علقمة: فقد قال السيد البروجردي في طرائف المقال: وحكي فيه مناظرة أخيه مع زيد وفيه أشعار على حسنه وكونه إماماً ثابت الاعتقاد،وقال الوحيد البهبهاني: روى الصدوق في أماليه عن صالح بن علقمة عن أبيه رواية يظهر منها حسن حاله وكونه شيعياً.
وقال التفرشي في نقد الرجال علقمة من أصحاب الباقر والصادق (عليه السلام) (رجال الشيخ).
وقال الأردبيلي في جامع الرواة في رواية مناظرة جرت لأبي بكر مع زيد ما يدل على أن علقمة مثله في الاعتقاد وأنه أكبر من أبي بكر رحمه الله تعالى.
وورد في كتاب (فرج الكرب) عن ميسر ما يدل على مدحه قال: كنت أنا وعلقمة بن الحضرمي وأبو حسان العجلي وعبد الله بن عجلان ننتظر أبا جعفر صلوات الله عليه فخرج علينا فقال: مرحباً وأهلا والله إني لأحب ريحكم وأرواحكم إنكم لعلى دين الله..
ويقول أبو الفضل الطهراني في شفاء الصدور في حديثه عن علقمة:
((ويفهم من ذيل الرواية أن جلالة قدره بلغت شأنها الأقصى،أن عدم ذكره في الرواية عارض رواية صفوان ولا يندرج في الاحتمال نسيانه أو تجاهله،وقد أعتذر صفوان بعذر آخر وزعم أن الحديث صدر في موضع آخر واشتمل على الدعاء.
وخلاصة القول: إنه يظهر من كلام سيف وصفوان أن شرائط الرواية ذاتاً متوفرة في علقمة وهذا يعتبر إمّا تعديلاً أو مدحاً كبيراً. وبناءاً على عموم شهادة الشيخ المفيد وابن شهر آشوب (لكونه من أصحاب الإمامين) أنه يكون ثقة ومن ثم يعتبر الخبر بين الحسن والصحيح لها السبب)).
وبهذا يظهر اعتبار السند الثاني الذي ذكرناه أولاً لما عرفت من وثاقة محمد بن إسماعيل وسيف بن عميره وقد ظهر لك حال علقمة.
وطريق الشيخ إلى محمد بن إسماعيل صحيح كما صرح العلامة وغيره بذلك.
وأما صالح بن عقبة.
فقد قيل عنه أنه غال كذاب لا يلتفت إليه، ولكن رد ذلك كما في طرائف المقال بأنه للأخبار الدالة على جلالة قدر الأئمة وليس فيها غلو على من نقل في تعليقة الوحيد عن جده.
وقد عده الشيخ من أصحاب الصادق والكاظم (عليهما السلام) وذكره الصدوق في مشيخة الفقيه في المعتمدين.
وقال السيد الخوئي على مبناه في تفسير القمي: (لا يعارض التصنيف المنسوب إلى ابن الغضائري توثيق علي بن إبراهيم لما عرفت غير مرة من أن نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري لم تثبت فالرجل من الثقات)،ويقصد بذلك صالح بن عقبة.
وفي (شفاء الصدور) قال: (وذكر النجاشي في كتابه دليلاً على كونه إمامياً.. وقد التزم النجاشي بذكر القدح أيضاً لو كان حاصلاً سواء في ترجمة الراوي أو في موضع سواه من الكتاب،ولما لم يورد فيه قدحاً علم أنه سالم من عيوب الرواة وهذا نوع مدح له.
وذكره الشيخ في فهرسته وقال: له كتاب, وهذا دليل على استقامة الراوي في المذهب لأن الشيخ التزم في الفهرست بذكر علماء الإمامية إلا في المواضع التي يذكر فيها خلافاً ولا يخلو إثبات الكتاب له من مدحه).
أما عقبة بن قيس فهو من أصحاب الصادق(ع) وقد وثق الشيخ المفيد وابن شهر آشوب في معالم العلماء جميع أصحاب الصادق (عليه السلام).
وبهذا يظهر حال السند الأول فيصير السند معتبراً بقبول المدح الوارد في صالح وقبول التوثيق في عقبة.
هذه هي الاسانيد التي ذكرت في المصباح وأما في كامل الزيارات فذكر سندين:
1- حكيم بن دواد عن محمد بن موسى عن محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعاً عن علقمة عن أبي جعفر (عليه السلام).
2- محمد بن اسماعيل معطوف إما على حكيم أو محمد بن خالد أو محمد بن موسى عن صالح بن عقبة عن مالك الجهني عن أبي جعفر.
وقد ظهر لك مما سبق حال محمد بن خالد وسيف بن عميرة وصالح بن عقبة وعلقمة ومحمد بن إسماعيل وبقي الكلام في:
1- حكيم بن داود.
2- محمد بن موسى.
3- مالك الجهني.
فأما حكيم بن داود فهو من أجلة مشايخ ابن قولويه ترحم عليه ووثق مشايخه في أول كتابه.
وأما محمد بن موسى الهمداني فقد قال السيد بحر العلوم في (الفوائد الرجالية ج2 ص 374):
أن محمد بن موسى الهمداني وهو الذي ادعى عليه وضع هذه الأصول - لم يتضح ضعفه بعد - فضلا عن كونه وضّاعاً للحديث, فإنه من رجال ( نوادر الحكمة ) والرواية عنه في كتب الأحاديث متكررة: ومن جملة رواياته: الحديث الذي انفرد بنقله في صلاة ( عيد الغدير ) وهو حديث مشهور أشار إليه المفيد في ( المقنعة ) وفي ( مسار الشيعة ) ورواه الشيخ في التهذيب وأفتى به الأصحاب, وعولوا عليه, ولا راد له سوى ( الصدوق ) وابن الوليد بناء على أصلهما فيه.
والنجاشي ذكر هذا الرجل في كتابه ولم يضعفه, بل نسب إلى القميين تضعيفه بالغلو, ثم ذكر له كتبا: منها كتاب الرد على الغلاة, وذكر طريقه إلى تلك الكتب, قال: (( وكان ابن الوليد يقول: انه كان يضع الحديث والله اعلم )).
وابن الغضائري وان ضعفه إلا أن كلامه فيه يقتضى انه لم يكن تلك المثابة من الضعف, فإنه قال فيه: " إنه ضعيف يروي عن الضعفاء " ويجوز أن يخرج شاهدا, تكلم فيه القميون فأكثروا, واستثنوا من ( نوادر الحكمة ) ما رواه.
وكلامه ظاهر في أنه لم يذهب فيه مذهب القميين ولم يرتض ما قالوه. والخطب في تضعيفه هين, خصوصا إذا استهونه.
والعلامة في ( الخلاصة ) حكى تضعيف القميين وابن الوليد حكاية تشعر بتمريضه, واعتمد في التضعيف على ما قاله ابن الغضائري ولم يزد عليه شيئا وفيما سبق عن النجاشي وابن الغضايري في أصلي الزيدين وعن الشيخ في أصل النرسي دلالة على اختلال ما قاله ابن الوليد في هذا الرجل.
وبالجملة فتضعيف محمد بن موسى يدور على أمور:
( أحدهما ) طعن القميين في مذهبه بالغلو والارتفاع.
ويضعفه ما تقدم عن النجاشي: " ان له كتابا في الرد على الغلاة )).
( وثانيها ) إسناد وضع الحديث إليه. هذا مما انفرد ابن الوليد به ولم يوافقه في ذلك الا الصدوق لشدة وثوقه به, حتى قال في كتاب: ( من لا يحضره الفقيه ) ((... ان كلما لم يصححه ذلك الشيخ - قدس الله روحه - ولم يحكم بصحته من الاخبار فهو عندنا متروك غير صحيح )).
وسائر علماء الرجال ونقدة الاخبار تحرجوا عن نسبة الوضع إلى محمد ابن موسى, وصححوا أصل زيد النرسي, وهو أحد الأصول التي أسند وضعها إليه, وكذا أصل زيد الزراد وسكوتهم عن كتاب خالد بن سدير لا يقتضي كونه موضوعا, ولا كون محمد بن موسى واضعا, إذ من الجائز أن يكون عدم تعرضهم له لعدم ثبوت صحته لا لثبوت وضعه, فلا يوجب تصويب ابن الوليد, لا في الوضع ولا في الواضع.
أو لكونه من موضوعات غيره فيقتضي تصويبه في الأول دون الثاني.
( وثالثها ) استثناؤه من كتاب ( نوادر الحكمة ) والأصل فيه محمد ابن الحسن بن الوليد - أيضا - وتابعه على ذلك الصدوق وأبو العباس بن نوح, بل الشيخ, والنجاشي أيضا. وهذا الاستثناء لا يختص به, بل المستثنى من ذلك الكتاب جماعة وليس جميع المستثنين وضعة للحديث, بل منهم المجهول الحال, والمجهول الاسم, والضعيف بغير الوضع, بل الثقة - على أصح الأقوال - كالعبيدي, واللؤلؤي. فلعل الوجه في استثناء غير الصدوق وشيخه ابن الوليد: جهالة محمد بن موسى أو ضعفه من غير جهة الوضع. والموافقة لهما في الاستثناء لا يقتضى الاتفاق في التعليل, فلا يلزم من استثناء من وافقهما ضعف محمد بن موسى عنده, فضلا عن كونه وضاعا.
وفي شفاء الصدور قال: (وهذا الطريق وإن علَّ بمحمد بن موسى لأنه ضعيف ظاهراً وعندي إن حكيم بن داود مجهول الحال فعلاً ولكن الظاهر ظهوراً بينا إن ذكر الطريق لأجل اتصال السند والرواية أخذت من الكتاب كما هو ظاهر عبارة الشيخ رحمه الله من أن كتاب محمد بن خالد موجود بحيازته بل صريح عبارة الفهرست ذلك).
أما مالك الجهني فهو من أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام)وفي (شفاء الصدور) قال: ((وفي الكافي بسند صحيح إن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: انتم شيعتنا... وهذا الخبر يتضمن مدحاً جليلاً وأن وصف الراوي بكونه لهم شيعة خير من النص على العدالة مائة مرة)).
ولكي يتم اعتبار هذين السندين في كامل الزيارات لابد من القول بأن هذه الرواية وصلت إلى ابن قولويه عن طريق كتاب محمد بن خالد أو يبنى على عدم ضعف محمد بن موسى الهمداني.
وقال في (شفاء الصدور): (ومجمل القول أنه لا ريب في اعتبار سند الرواية وكان عمل الشيعة عن تطاول الزمان وتمادي العصور والدهور على هذه الرواية حيث جعلوا هذه الرواية من أورادهم اللازمة وأذكارهم الدائمة وتكون مع أنضمام هذه القرائن قطعية الصدور مضافاً إلى كون إسنادها منه ما هو الصحيح ومنه ما هو الحسن).
ثم بعد هذا نذكر بعض الملاحظات على السؤال وما ذكر فيه:
1- أطال صاحب الإشكال في تضعيف محمد بن موسى في حين أنه لم يرد أسمه إلا في سند واحد من الأسانيد الخمسة ويحتمل دخوله بالعطف بالسند الثاني ولو ثبت ضعفه فأنه لا يضعف به إلا السند المذكور فيه وتبقى بقية الأسانيد خالية من هذا التضعيف بل يصلح أن يكون هذا الحديث مؤيداً وشاهداً على الرغم من ضعفه.
2- ذكر صاحب الإشكال مجموعة من الرواة ووصفهم بجهالة الحال في حين ذكرنا نحن من خلال القرائن المتعددة كيف يكون كل واحد منهم ممدوحاً بحيث يصير السند مقبولاً.
3- ذكر صاحب الإشكال أحمد بن محمد بن يحيى وقال أنه لم يوثق وعدم التوثيق لا يعني عدم أعتبار طريقة الشيخ الطوسي إلى محمد بن خالد بل يمكن أن يكون الطريق معتبراً من خلال ما ورد في حق أحمد بن محمد بن يحيى من المدح بن يمكن أن يكون الطريق صحيحاً من خلال توثيقه بالتوثيقات العامّة.
4- إن جهالة الراوي عند الشيخ الطوسي لا يعني عدم إمكان العثور على ما يمكن من خلاله توثيق أو مدح ذلك الراوي فهناك مبان عامة قد لا يلتزم بها الشيخ الطوسي يمكن أن يلتزم بها غيره.
5- افتراض أن الشيخ الطوسي روى الزيارة عن ابن قولويه ليس له وجه وإلا لذكر ذلك في السند.
6- على مبنى صاحب الإشكال من جهالة كل أولئك الرواة يمكن أيضاً أن نخرج بسند مقبول وهي رواية صفوان فإن في السند محمد بن خالد الذي قال بجهالته لكن رواية علقمة حيث روى محمد إسماعيل عن سيف بن عميرة يمكن أن يكون متابعاً لرواية محمد بن خالد وبذلك ترتفع الجهالة من السند بوثاقة محمد بن إسماعيل حيث يتابع محمد بن خالد في روايته عن سيف بن عميرة.
7- لا يضر عدم وجود الفصلين الأخيرين من الزيارة في المصباح الكبير بعد معرفة أن الذي أختصر المصباح الصغير هو الشيخ الطوسي نفسه ولا يصدق من يقول أن الشيخ الطوسي أضافها من عنده إذا ثبت وصول نسخة المصباح الصغير بطريق صحيح إلينا فلابد أن يكون هناك سبب من عدم وجود هذين الفصلين في النسخة التي وصلت إلى ابن طاووس.
8- ثم أن الشيخ الطوسي عندما سئل بمحضر حاكم الوقت عن معنى لعن الأول والثاني والثالث لم يعتذر بضعف الرواية، وإنما دفع بالتأويل تقيةً من الحاكم وهذا يدل على - قبول الرواية في ذلك الوقت عند الشيعة وعند الشيخ الطوسي بالخصوص.
9- كما أن مضامين الرواية كلها موجودة صحيحة إذا لم نقل متواترة في أصولنا الحديثية وأما بخصوص الاعتراض بوجود اللعن فهو أيضاً موجود في رواياتنا بكثرة إذا لم نقل بالتواتر بل أنه من أصول المذهب.
يتبع
السؤال: سند زيارة عاشوراء
ارجو بيان رأيكم الشريف فيما يخص:
1- سند زيارة عاشوراء, علماً ان البعض يدعي ضعف السند.
2- هل اللعن الوارد في الزيارة من ضمنها, أو إنه موضوع في وقت لاحق؟
الجواب:
1- بالنسبة لرواية هذه الزيارة في ((مصباح المتهجد)), فقد رواها الشيخ الطوسي بسنده عن صالح بن عقبة وسيف بن عميرة عن علقمة عن الامام الباقر(عليه السلام), ويمكن الحكم بحسن هذا السند حسب ما حقّقه العلاّمة الميرزا أبو الفضل الطهراني المتوفي عام 1316هـ في كتابه (شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور ج1 ص61ـ 70), فراجع ثمة.
وفي (الكامل) رواها ابن قولويه بطريقين, أحدهما: محمد بن اسماعيل عن صالح بن عقبة عن مالك الجهني عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام), وهذا الطريق أيضاً يمكن الحكم بحسنه بحسب التحقيق في المصدر المتقدم.
وإن غضضنا الطرف عن التحسين المتقدم وسلّمنا بضعف السند, نقول إنَّ ضعفه منجبر بالشهرة, إذ عمل المشهور جابر لضعف السند, أي أنَّ كل خبر عمل به المشهور فهو حجة سواء كان الراوي ثقة أو غير ثقة (انظر: رجال السبحاني, ص36).
وقد ثبت عمل الشيعة على تطاول الزمان وتمادي العصور والدهور على هذه الرواية حيث جعلوها من أورادهم اللازمة وأذكارهم الدائمة.
2- اللعن الوارد فيها هو من ضمن الرواية, ولا يوجد دليل على أنّه أضيف اليها في وقت لاحق.
السؤال: رأي العلماء حول سند زيارة عاشوراء
ما هو رأي علماء مذهب أهل البيت "عليهم السلام" في سند زيارة الإمام الحسين "عليه السلام" في يوم عاشوراء ؟
الجواب:
إنّ زيارة سيد الشهداء في العاشر من محرم وردت بطرق خمسة، رواها شيخ الطائفة بطرق ثلاثة غير أنّ السند الأوّل يختصّ ببيان ثواب الزيارة دون النصّ المعروف، والأخيرين طريقان لنفس النصّ، ويعلم ذلك بالإمعان في ما نقله الشيخ في هذا المضمار.
ورواها ابن قولويه بطريقين، فيكون الطرق إليها خمسة وإليك الأسانيد بنصها وتحليلها قال الشيخ الطوسي: روى محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن أبيه، عن أبي جعفر "عليه السلام" ، قال: «من زار الحسين بن علي عليهما السَّلام في يوم عاشوراء من محرم الحرام حتّى يظلّ عنده باكياً القى اللّه عزّ وجلّ يوم يلقاه ثواب ألفي حجة وألفي عمرة وألفي غزوة، ثواب كلّ غزوة وحجّة وعمرة كثواب من حجّ واعتمر وغزا مع رسول اللّه "صلَّى الله عليه وآله وسلَّم" ومع الأئمة الراشدين».
قال: قلت جعلت فداك فما لمن كان في بعيد البلاد وأقاصيه ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم؟
قال: «إذا كان كذلك برز إلى الصحراء أو صعد سطحاً مرتفعاً في داره وأومأ إليه بالسلام واجتهد في الدعاء على قاتله وصلّى من بعدُ ركعتين، وليكن ذلك في صدر النهار قبل أن تزول الشمس، ثمّ ليندب الحسين "عليه السَّلام" ويبكيه، ويأمر من في داره ممن لا يتّقيه بالبكاء عليه، ويقيم في داره المصيبة بإظهار الجزع عليه، وليعزَّ بعضهم بعضاً بمصابهم بالحسين "عليه السَّلام" ، وأنا الضامن لهم إذا فعلوا ذلك على اللّه تعالى جميع ذلك».
قلت: جعلت فداك أنت الضامن ذلك لهم والزعيم؟!
قال: «أنا الضامن وأنا الزعيم لمن فعل ذلك».
قلت: فكيف يُعزّي بعضنا بعضاً؟
قال:« تقولون: أعظم اللّه أُجورنا بمصابنا بالحسين "عليه السَّلام" وجعلنا وإيّاكم من الطالبين بثاره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد "عليهم السَّلام" ، وإن استطعت أن لا تنتشر يومك في حاجة فافعل فانّه يوم نحس لا يُقضى فيه حاجة مؤمن، فإن قضيت لم يبارك له فيها ولم ير فيها رشداً، ولا يدَّخرن أحدكم لمنزله فيه شيئاً فمن ادّخر في ذلك اليوم شيئاً لم يبارك له فيما ادّخره ، ولم يبارك له في أهله ، فإذا فعلوا ذلك كتب اللّه تعالى لهم أجر ثواب ألف حجّة وألف عمرة وألف غزوة كلّها مع رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وكان له أجر وثواب مصيبة كلّ نبي ورسول ووصي وصدّيق وشهيد مات أو قتل منذ خلق اللّه الدنيا إلى أن تقوم الساعة».(مصباح المتهجّد، 713) إلى هنا تمّ سند الشيخ إلى بيان ثواب زيارة الحسين يوم عاشوراء دون أن يذكر فيه نصّ خاص للزيارة، بل اقتصرت الرواية في نيل الثواب على ما جاء في الرواية من البروز إلى الصحراء أو الصعود إلى السطح المرتفع والإيماء إليه بالسلام والاجتهاد في الدعاء على قاتله... إلى آخر ما جاء في نفس الرواية، وليس فيها أي أثر من الزيارة الخاصة التي نحن بصدد تقويم سندها.
وإليك دراسة سندها:
إنّ الشيخ أخذ الرواية من كتاب محمد بن إسماعيل بن بزيع، ونقل سنده إلى كتابه في الفهرست بالنحو التالي: ابن أبي جيد، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع.(الفهرست: 165 باب محمّد: برقم606، وذكره أيضاً ص183 برقم705) وعلى هذا فالشيخ يروي ثواب زيارة الحسين ـ عليه السَّلام ـ في يوم عاشوراء عن المشايخ التالية:
1. ابن أبي جيد.
2. محمد بن الحسن بن الوليد.
3. علي بن إبراهيم.
4. محمد بن إسماعيل بن بزيع.
5. صالح بن عقبة.
6. عقبة بن قيس.
7. عن أبي جعفر الباقر "عليه السَّلام".
وإليك دراسة أحوالهم:
محمد بن الحسن بن الوليد:
محمد بن الحسن بن الوليد(المتوفّى عام 343هـ) وهو من مشايخ الطائفة وأجلاّئها، غني عن الوصف والبيان، ويصدر عنه الشيخ الصدوق في التعديل والتجريح.
علي بن إبراهيم القمي:
علي بن إبراهيم وهو شيخ الكليني الذي كان حيّاً عام 307هـ، وهو من مشايخ الطائفة الذين لا يُشق غبارهم.
محمّد بن إسماعيل بن بزيع:
محمّد بن إسماعيل بن بزيع من أصحاب أبي الحسن الأوّل والرضا والجواد "عليه السلام" ، يقول الشيخ في رجاله: ثقة صحيح كوفي.(رجال الشيخ: 364، أصحاب الرضا "عليه السلام" ، برقم6) ويقول النجاشي: من صالحي هذه الطائفة وثقاتهم، كثير العمل (رجال النجاشي: 2: 214 برقم894).
صالح بن عقبة:
صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان عرّفه النجاشي بقوله: صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ربيحة.
روى عن أبيه عن جدّه. وروى عن زيد الشحام. روى عنه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب. وابنه إسماعيل بن صالح بن عقبة.(رجال النجاشي: 1: 444، برقم 530) وليس المراد منه صالح بن عقبة بن خالد الأسدي، وذلك لأنّ محمد بن إسماعيل بن بزيع يروي عنه بواسطة محمد بن أيوب كما يظهر من طريق النجاشي إلى كتاب خالد الأسدي، حيث قال، بعد ذكر عدّة من المشايخ: ... عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن محمد بن أيّوب عن صالح بن عقبة بن خالد الأسدي.(رجال النجاشي: 1: 445، برقم532) كما أنّ الشيخ اقتصر على ذكر شخص واحد، وقال : صالح بن عقبة له كتاب أخبرنا به ابن أبي جيد عن ابن الوليد عن الصفار محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عنه.(الفهرست: 110، برقم 364) ومراده هو: صالح بن عقبة بن قيس لا خالد الأسدي. فما احتمله المحقّق التستري (ره) ليس في محلّه.(قاموس الرجال: 5: 65 برقم: 3633) إذا ظهر ذلك فاعلم: أنّ الضابطة في كلّ ما يذكره النجاشي هو انّه إماميّ فلو كان غير إمامي لتعرض إلى مذهبه، كما أنّه لو كان قدح فيه لذكره.
وعلى ذلك بنى جمع من علمائنا الرجاليين كالسيد بحر العلوم الطباطبائي رحمه اللّه في الفائدة العاشرة من فوائده الرجالية.(الفوائد الرجالية: 4: 114) فذهب إلى أنّ جميع من ذكره الطوسي والنجاشي في كتابيهما من الشيعة الإمامية صحيح المذهب، ممدوح بمدح عام يقتضيه الوضع لذكر المصنفين العلماء والاعتناء بشأنهم وشأن كتبهم وذكر الطريق إليهم وذكر من روى عنهم و من رووا عنه إلاّ من نص فيه على خلاف ذلك من الرجال كالزيدية والفطحية والواقفية وغيرهم، وعلى ضوء ذلك فهو إمامي ممدوح بمدح عام والذي جاء سبباً لذكره في الكتب. هذا من جانب ومن جانب آخر يروي عنه شيخان عظيمان من مشايخ الشيعة الكبار هما:
محمد بن الحسين بن أبي الخطاب(المتوفّى عام 262هـ).
ومحمد بن إسماعيل بن بزيع من كبار مشايخ الشيعة.
نعم ضعّفه ابن الغضائري، كما نقله العلاّمة في خلاصته وقال: غال، كذّاب لا يلتفت إليه.(الخلاصة ، القسم الثاني ص423، رجال النجاشي، برقم894) ، ولكن ذم الغضائري لا يعتد به، لأنّه قدح كثيراً من ثقاتنا وعلمائنا الذين لا يُشق غبارهم وقد كان له عقائد خاصّة في حقّ الأئمّة الاثني عشر فمن تجاوز عنها وصفه بالغلو، ومن روى رواية في ذلك الموضوع برواية لا توافق عقيدته وصفه بالكذب و لذلك رتب في كلامه على كونه غالياً، قوله: كذّاباً لا يلتفت إليه. وهذا دليل على أنّ وصفه بالكذب، لتوهم الغلوّ فيه.
كيف يمكن أن يوصف بالغلو والكذب من هو من مشايخ محمد بن الحسين بن أبي الخطاب أو محمد بن إسماعيل بن بزيع الذي ذكر عند الرضا "عليه السلام" فقال:«وددت انّ فيكم مثلَه» ومن اعتنى بذكره وذكر كتابه الشيخان النجاشي والطوسي. فوثاقته قويّة وروايته معتبرة.
عقبة بن قيس بن سمعان:
عنونه الشيخ في رجاله وعدّه من أصحاب الإمام الباقر "عليه السلام" (رجال الشيخ: 142، اصحاب الإمام الباقر "عليه السلام"، برقم74)، وكونه من أصحاب الإمام الباقر "عليه السلام" يدلّ على أنّه إمامي ولم يظفر الشيخ بشيء من الذم فيه.
إلى هنا تمت دراسة السند الأوّل للشيخ إلى بيان ثواب زيارة الحسين في يوم عاشوراء.
والسند لا بأس به وهو من الحسن بمعنى الممدوح بالمدح العام لا الممدوح بالمدح الخاص.
المهم في المقام هو دراسة سند الشيخ إلى نصّ الزيارة ، قال قدَّس سرَّه:
صالح بن عقبة، وسيف بن عميرة، قال علقمة بن محمد الحضرمي، قلت لأبي جعفر "عليه السلام": علّمْني دعاء أدعو به ذلك اليوم إذ أنا زرته من قرب وأومأت من بعد البلاد، ومن داري بالسلام إليه.
قال: فقال لي يا علقمة: إذا أنت صليت الركعتين بعد أن تومئ إليه بالسلام فقل عند الإيماء إليه من بعد التكبير هذا القول، فانّك إذا قلت ذلك فقد دعوت بما يدعوا بن زوّاره من الملائكة، وكتب اللّه لك مائة ألف ألف درجة وكنت كمن استشهد مع الحسين "عليه السَّلام" حتى تشاركهم في درجاتهم ثمّ لا تعرف إلاّ مع الشهداء الذين استشهدوا معه وكتب لك ثواب زيارة كلّ نبي وكلّ رسول وزيارة كلّ من زار الحسين "عليه السلام" منذ يوم قتل "عليه السلام" وعلى أهل بيته.
الزيارة:
السّلام عليك يا أبا عبد اللّه، السّلام عليك يابن رسول اللّه، السّلام عليك يابن أمير المؤمنين وابن سيد الوصيين، السّلام عليك يابن فاطمة سيدة نساء العالمين....
ثمّ قال - بعد السلام مرّة واللعن مرة - : ثمّ تسجد و تقول:
اللّهمّ لك الحمد، حمد الشاكرين، لك على مصابهم، الحمد للّه على عظيم رزّيتي، اللّهمّ ارزقني شفاعة الحسين "عليه السَّلام" يوم الورود، وثبت لي قدم صدق عندك مع الحسين وأصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين "عليه السلام".
قال علقمة: قال أبو جعفر "عليه السَّلام" : وإن استطعت أن تزوره في كلّ يوم بهذه الزيارة من دارك فافعل فلك ثواب جميع ذلك.(مصباح المتهجّد: 715 - 718) إلى هنا تمت زيارة عاشوراء سنداً و متناً، وإليك دراسة السند فنقول:
سياق العبارة ظاهر في أنّ الشيخ أخذ الرواية من كتاب محمد بن إسماعيل بن بزيع الذي لا كلام في وثاقته، إنّما الكلام فيمن يروي هو عنه، فقد روى محمد بن إسماعيل نصّ الزيارة بالسند التالي:
أ - صالح بن عقبة وسيف بن عميرة:
أمّا صالح بن عقبة فقد تقدمت ترجمته وقد عرفت أنّه في الكتب الرجاليّة إمامي ممدوح بالمدح العام لا الخاص، ولكن دلّت القرائن على كونه مقبول الرّواية وإنّ ذم الغضائري لا يعتد به، فلو افترضنا عدم ثبوت وثاقته، فلا يضرّ بصحّة هذا السند لأنّ محمد بن إسماعيل بن بزيع يروي نص الزيارة عن شخصين، أحدهما صالح بن عقبة والآخر سيف بن عميرة والثاني (سيف بن عميرة) ثقة بلا كلام.
قال النجاشي: سيف بن عميرة النخعي، عربي، كوفي، ثقة، يروي عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن، له كتاب يرويه عنه جماعات من أصحابنا.(رجال النجاشي، 1: 425، برقم 502) وصرّح بوثاقته الشيخ في الفهرست.(فهرست الشيخ: 104، برقم 335).
فالرواة إلى هنا كلّهم ثقات.
ب – علقمة بن محمّد الحضرمي أعني: علقمة بن محمد الحضرمي:
وأمّا علقمة فعدّه الشيخ في رجاله في أصحاب الباقر "عليه السلام"، والصادق "عليه السلام" .(رجال الشيخ: 140، قسم اصحاب الباقر "عليه السلام"، برقم38 وقسم اصحاب الصادق "عليه السلام" ص262، برقم641) وليست في الكتب الرجالية تصريحاً بوثاقته، ولكن القرائن تدلّ على وثاقته:
1- روى الكشي عن بكار بن أبي بكر الحضرمي، قال: دخل أبو بكر وعلقمة على زيد بن علي وكان علقمة أكبر من أبيه فجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره وكان بلغهما انّه قال: «ليس الإمام منّا من أرخى عليه ستره، إنّما الإمام من شهر سيفه».
فقال له أبو بكر ـ و كان أجرأهما ـ : يا أبا الحسين أخبرني عن علي بن أبي طالب "عليه السلام" أكان إماماً و هو مرخ عليه ستره أو لم يكن إماماً حتى خرج و شهر سيفه، وكان زيد يبصر الكلام فسكت فلم يجبه، فرد عليه الكلام ثلاث مرات كلّ ذلك لا يجيبه بشيء.
قال له أبو بكر: إن كان علي بن أبي طالب "عليه السلام" إماماً فقد يجوز أن يكون بعده إمام مرخ ستره، وإن لم يكن إماماً وهو مرخ عليه ستره فأنت ما جاء بك هاهنا.
فطلب علقمة من أبي بكر أن يكف عنه فكف.(الكشي: رقم الترجمة16و417) والحديث يكشف عن أنّ الأخوين كانا على بصيرة من أمر الإمامة.
2- ما سيوافيك عند دراسة السند الثالث للشيخ من أنّ سيف بن عميرة الثقة، اعترض على صفوان بن مهران الثقة بأنّ ما دعا به، لم يرد في رواية العلقمي عن الباقر "عليه السلام" واعتذر صفوان ـ بما سيوافيك في محله ـ بأنّه سمعه من الإمام الصادق "عليه السلام" عند زيارته لجدّه الحسين. فالاحتجاج بعدم نقله، والجواب عنه بأنّه سمعه من الإمام الصادق "عليه السلام" ، حاك عن تسليم الرجلين الثقتين، الوثاقة علقمة بن محمد الحضرمي، وإلاّلما احتجّ به «سيف بن عميرة»، ولما أجاب عنه صفوان بالسماع عن الصادق "عليه السلام" .
وبذلك يعلم: أنّ الدعاء الوارد بعد الزيارة ليس لعلقمة وإن اشتهر بأنّه منه بل هو لصفوان بن مهران.
فخرجنا بالنتيجة التالية:
1- سند الشيخ إلى كتاب محمد بن إسماعيل بن بزيع صحيح في الفهرست.
2- أنّ محمد بن إسماعيل بن بزيع ثقة بالاتفاق.
3- انّ سيف بن عميرة ثقة، صرّح بها النجاشي.
4- علقمة بن محمد الحضرمي، ثقة حسب القرائن التي عرفتها.
إلى هنا تمّ السند الثاني، فلو قلنا بوثاقة علقمة كما هو الحقّ فالسند صحيح وإلاّ فهو حسن بالمدح العام.
السند الثالث إلى نص الزيارة:
إنّ للشيخ سنداً ثالثاً في «مصباح المتهجد» إلى نصّ الزيارة نأتي بنصه:
قال الشيخ الطوسي:
وروى محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة، قال: خرجت مع صفوان بن مهران الجمّال وعندنا جماعة من أصحابنا بعد ما خرج أبو عبد اللّه "عليه السلام" [فسرنا](الظاهر أنّه زائد وإن قوله: « من الحيرة إلى المدينة » متعلق بقوله: «خرج أبو عبد الله») من الحيرة إلى المدينة.
فلما فرغنا من الزيارة صرف صفوان وجهه إلى ناحية أبي عبد اللّه[الحسين] "عليه السلام"، فقال لنا:
تزورون الحسين "عليه السلام" من هذا المكان من عند رأس أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه من هاهنا، وأومى إليه أبو عبد اللّه[الصادق] "عليه السلام" وأنا معه.
قال: فدعا صفوان بالزيارة التي رواها علقمة بن محمد الحضرمي عن أبي جعفر "عليه السلام" في يوم عاشوراء ثمّ صلّى ركعتين عند رأس أمير المؤمنين "عليه السلام" وودّع في دبرهما أمير المؤمنين "عليه السلام" وأومى إلى الحسين بالسلام منصرفاً بوجهه نحوه وودّع وكان فيما دعاه في دبرها.
يا اللّه، يا اللّه، يا اللّه، يا مجيب دعوة المضطرين....[الدعاء المعروف بدعاء علقمة].
والرواية صريحة في أنّ صفوان زار الإمام الحسين "عليه السلام" بالزيارة التي رواها علقمة بن محمد الحضرمي وفي آخر الرواية، قال: سيف بن عميرة، فسألت صفوان: انّ علقمة بن محمد الحضرمي لم يأت بهذا (الدعاء) أعني: يا اللّه يا اللّه يا اللّه، يا مجيب دعوة المضطرين... وإنّما أتانا بدعاء الزيارة(أي نصّ الزيارة)، فقال صفوان: وردت مع سيدي أبا عبد اللّه "عليه السلام" إلى هذا المكان ففعل مثل الذي فعلناه في زيارتنا ودعا بهذا الدعاء عند الوداع.(مصباح المتهجد: 718 و719 و723) فالاختلاف إنّما كان في الدعاء الذي يُقرأ بعد الزيارة بعد تسليم نصّها المعروف.
إنّ الشيخ أخذ الرواية من كتاب محمد بن خالد الطيالسي وذكر سنده إلى كتابه في «الفهرست» وقال: له كتاب رويناه عن الحسين بن عبيد اللّه(الغضائري)، عن أحمد بن محمد بن يحيى (شيخ الصدوق)، عن أبيه (محمد بن يحيى العطار القمي)، عن محمد بن علي بن محبوب، عنه.(فهرست الشيخ: 176، برقم 648)، وسنده إلى الكتاب صحيح، وأحمد بن محمد بن يحيى من مشايخ الصدوق وينقل عنه مع الترضّـي عليه، والمشايخ في غنى عن التوثيق.
إذا علمت ذلك فاعلم انّ الحكم بصحة السند، يتوقف على دراسة أحوال الرواة الواردين فيه وهم :
1- محمد بن خالد الطيالسي.
2- سيف بن عميرة.
3- صفوان بن مهران الجمال.
أمّا الثاني أعني سيف بن عميرة فقد عرفت أنّ النجاشي وثّقه، وبقي الكلام في الأوّل والثالث. أمّا محمد بن خالد الطيالسي فقد عدّه الشيخ في رجاله في أصحاب الكاظم "عليه السلام" (رجال الشيخ: 343 من أصحاب الكاظم "عليه السلام" ، برقم26 ولاحظ أيضاً باب من لم يرو عن الأئمة برقم11) وتؤيد وثاقته رواية المشايخ الأعاظم عنه نظراء:
1- علي بن الحسن بن فضال.
2- سعد بن عبد اللّه القمي.
3- حميد بن زياد قال الشيخ في فهرسته(فهرست الشيخ: 176، برقم648): محمد بن خالد الطيالسي يكنى أبا عبد اللّه روى عنه حميد أُصولاً كثيرة.
4- علي بن إبراهيم القمي.
5- محمد بن علي بن محبوب.
6- محمد بن يحيي المعادي.
7- معاوية بن حكيم.(معجم رجال الحديث: 17، 76)
وقال النجاشي: محمد بن خالد بن عمر الطيالسي التميمي أبو عبد اللّه مات لثلاث بقين من جمادي الآخرة سنة 259وهو ابن 97سنة.(رجال النجاشي: 2: 229، برقم911) ولعلّ هذا المقدار يثبت وجاهته في الحديث وانّ له منزلة عند المحدّثين، فيكون إماميّاً ممدوحاً بل مقبول الرواية.
وأمّا الثالث، أعني: صفوان بن مهران فهو كوفي ثقة، يكنّى أبا عبد اللّه. (رجال النجاشي: 1: 440، برقم523).
إلى هنا تمت دراسة أسانيد الشيخ الثلاثة،
فخرجنا بالنتيجة التالية:
إنّ السند الأوّل من الأسانيد الثلاثة، طريق الشيخ إلى ما يترتب على زيارة الحسين " عليه السَّلام" على وجه الإطلاق من الثواب، وهو ليس بمطروح عندنا في هذا المقال، وإنّما ذكرناه استطراداً، لأنّ الشيخ روى الجميع في مقام واحد.
وأمّا السند الثاني فرواه الشيخ: عن سيف بن عميرة وهو ثقة بالاتفاق.
عن علقمة بن محمد الحضرمي ولم يصرح بوثاقته وإنّما دلّت القرائن على وثاقته.
وأمّا السند الثالث فرواه الشيخ:
عن محمد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة، عن صفوان بن مهران. والأخيران ثقتان والأوّل لم يصرح بوثاقته وإنّما دلّت القرائن على مقبولية روايته في الحديث. فحان البحث عن سند ابن قولويه إلى نصّ الزيارة.
سند ابن قولويه إلى زيارة عاشوراء:
روى ابن قولويه في كتاب «كامل الزيارات» زيارة عاشوراء بالسند الاتي: حدثني حكيم بن داود بن حكيم وغيره.
عن محمد بن موسى الهمداني،
عن محمد بن خالد الطيالسي،
عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعاً،
عن علقمة بن محمد الحضرمي،
عن أبي جعفر الباقر "عليه السلام" قال: «من زار الحسين يوم عاشوراء حتّى يظلّ عنده باكياً لقى اللّه عزّوجلّ يوم القيامة بثواب ألفي حجّة...».
ومحمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن مالك الجهني، عن أبي جعفر الباقر "عليه السلام" قال: «من زار الحسين ـ عليه السَّلام ـ يوم عاشوراء من محرم حتى يظل عنده...».(كامل الزيارات: 174، الباب71) وقد تمّ السند الأوّل بقوله: «عن علقمة بن محمد الحضرمي» ثمّ ابتدأ بسند آخر وقال: ومحمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة.
وعلى ذلك ففي قوله: ومحمد بن إسماعيل احتمالان:
الأوّل: انّ ابن قولويه شرع بأوّل السند وأخذ الرواية عن كتاب محمد بن إسماعيل بن بزيع لما عرفت من أنّ الشيخ روى نفس الزيارة عن ذلك الكتاب، وطريقه إليه صحيح فينتج قيام الحجة على وجود نصّ الزيارة في ذلك الكتاب وقد تناول كلّ من العلمين الطوسي وابن قولويه نقلها من ذلك الكتاب، غير انّا نعلم بسند الشيخ إلى الكتاب ولا نعلم سند ابن قولويه إليه، ولكنّه لا يضر بصحّة الرواية للعلم بوجود الرواية في ذلك الكتاب عن طريق الشيخ.
وهذا الاحتمال هو الأوجه وعليه يكون لابن قولويه سندان إلى زيارة عاشوراء.
الثاني: انّ قوله «ومحمد بن إسماعيل» عطف على قوله: «محمد بن خالد الطيالسي» وانّ سند ابن قولويه إلى كتاب محمد بن إسماعيل نفس سنده إلى كتاب محمد بن خالد الطيالسي، فيروي كتاب ابن بزيع عن الطريق الذي يروي به كتاب الطيالسي. وعلى ذلك يكون سنده إليه كالتالي:
حكيم بن داود، عن محمد بن موسى الهمداني، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع; وهذا الاحتمال بعيد.
وثمة احتمال ثالث لا يتفوّه به من له إلمام بالرجال، وهو انّ قوله «ومحمد بن إسماعيل» عطف على قوله:«علقمة بن محمد الحضرمي» وجزء من السند السابق، لانّه بعيد عن الصواب غاية البعد، لأنّ علقمة من أصحاب الباقر والصادق "عليهما السلام" وابن بزيع من أصحاب الرضا والجواد "عليهما السلام" ، ومع الاختلاف في الطبقة كيف يعطف المتاخر طبقة، على المتقدم كذلك؟!
إذا عرفت ذلك فلنتاول رواة السند الأوّل بالبحث.
1- حكيم بن داود بن حكيم:
أحد مشايخ جعفر بن قولويه وقد وثّق مشايخه إجمالاً في أوّل كتابه فقال: لا يذكر في كتابه إلاّما وقع له من جهة الثقات، وروى عنه في كامل الزيارات في الباب الثاني، الحديث11 والباب 54 الحديث الثالث.(قاموس الرجال:3 ، برقم2385) مضافاً إلى الباب 71، الحديث 9.
2- محمد بن موسى بن عيسى الهمداني:
ذكره النجاشي بقوله: محمد بن موسى بن عيسى أبو جعفر الهمداني السمان، يروي عنه محمد بن يحيى العطار القمي على ما في طريق النجاشي إلى كتابه، حيث قال: أخبرنا ابن شاذان، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه، عنه بكتبه.
كما يروي عنه محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، الذي هو شيخ مشايخ الكليني، وقد ورد في أسناد نوادر الحكمة، للأشعري، غير انّ الغضائري ضعّفه، ومع ذلك قال: ضعيف، يروي عن الضعفاء ويجوز أن يخرج شاهداً.
وضعّفه ابن الوليد أُستاذ الصدوق.
غير انّ تضعيف هؤلاء يرجع إلى الاختلاف في مقامات الأئمّة فانّ للقميين وعلى رأسهم محمد بن الوليد عقائد خاصة في حقّ أهل البيت "عليهما السلام" ربما لا يرتضيه محقّقو الإمامية.
يقول الشيخ المفيد في تصحيح الاعتقاد: وقد سمعنا حكاية ظاهرة عن أبي جعفر محمد بن الحسن بن الوليد لم نجد لها دافعاً في التفسير وهي ما حكي عنه انّه قال: أوّل درجة في الغلو نفي السهو عن النبي والإمام "عليه السلام" ، فإن صحّت هذه الحكاية عنه فهو مقصر مع أنّه من علماء القميين ومشيختهم، وقد وجدنا جماعة وردوا إلينا من قم يقصرون تقصيراً ظاهراً في الدين وينزلون الأئمّة "عليهم السلام" عن مراتبهم ويزعمون انّهم كانوا لا يعرفون كثيراًمن الأحكام الدينية حتى ينكت في قلوبهم، ورأينا في أُولئك من يقول انّهم ملتجئون في حكم الشريعة إلى الرأي والظنون ويدّعون مع ذلك انّهم من العلماء، وهذا هو التقصير الذي لا شبهة فيه.(تصحيح الاعتقاد:66)
وعلى هذا فلا بعد أن يكون تضعيفه من جانب ابن الوليد لأجل اختلافهما في مقامات الأئمّة، ولأجل ذلك لما نقل النجاشي قول ابن الوليد بأنّه يقول كان يضع الحديث، عقّبه بقوله(واللّه أعلم).(رجال النجاشي:2: 227).
3- محمد بن خالد الطيالسي قد مرت ترجمته عند دراسة السند الثالث للشيخ الطوسي وقد دلّت القرائن على كونه مقبول الرواية.
4- سيف بن عميرة قد مرّ انّه ثقة بلا إشكال.
5- صالح بن عقبة مرّت ترجمته عند دراسة السند الأوّل للشيخ. وانّه امامي ممدوح بالمدح العام.
6- علقمة بن محمد الحضرمي تقدّمت ترجمته عند دراسة سند الشيخ إليه، وقلنا بأنّ القرائن تدلّ على وثاقته.
الى هناتمّ السند الأوّل للشيخ بن قولويه.
وإليك دراسة السند الثاني.
دراسة السند الثاني لابن قولويه:
روى محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن مالك الجهني، عن أبي جعفر الباقر "عليه السلام" : (من زار الحسين "عليه السلام" يوم عاشوراء من محرم حتّى يظل عنده باكياً...)
وهذا السند غني عن الدراسة إلاّ ترجمة مالك الجهني، فانّ محمد بن إسماعيل و صالح بن عقبة قد تقدمت ترجمتهما، وأمّا مالك الجهني فقدعدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر ومن أصحاب الصادق عليمها السَّلام قائلاً: الكوفي مات في حياة أبي عبد اللّه "عليه السلام" .(رجال الشيخ: 145، قسم أصحاب الباقر "عليه السلام"، برقم11 وأصحاب الصادق "عليه السلام" ص302 برقم458) ويمكن استظهار وثاقته من الأُمور التالية:
الأوّل: ما رواه علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن يحيى الحلبي، عن مالك الجهني، قال: قال أبوجعفر: يا مالك أنتم شيعتنا ألا ترى انّك تفرّط في أمرنا، إنّه لا يقدر على صفة اللّه فكما لا يقدر على صفة اللّه، كذلك لا يقدر على صفتنا، وكما لا يقدر على صفتنا كذلك لا يقدر على صفة المؤمن، إنّ المؤمن ليلقى المؤمن فيصافحه، فلا يزال اللّه ينظر إليهما والذّنوب تتحاتُّ عن وجوههما، كما يتحاتُّ الورق من الشّجر، حتّى يفترقا، فكيف يقدر على صفة من هو كذلك.(الكافي: 2، 180، ح6)، والرواية وإن كانت تنتهي إلى نفس مالك الجهني لكن اعتناء علي بن إبراهيم القمي ومحمد بن عيسى بن عبيد ويونس بن عبد الرحمن بنقلها حاك عن اعتمادهم على روايته.
الثاني: روى الكليني، عن عيسى الحلبي، عن ابن مسكان، عن مالك الجهني قال: قال لي أبو عبد اللّه : يا مالك أما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفّوا وتدخلوا الجنّة؟ يا مالك إنّه ليس من قوم ائتموا بإمام في الدنيا إلاّجاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه إلاّ أنتم ومن كان على مثل حالكم، يا مالك إنّ الميت واللّه منكم على هذا الأمر لشهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل اللّه.(الروضة:146، برقم122)
الثالث: انّ مدحه للإمام الباقر ـ عليه السَّلام ـ يعرب عن وقوفه بمقام الإمام و انّه كان يجاهر بالولاء يوم كان الجهر به محظوراً، وقال:
إذا طلب الناس علم القرآن كانت قريش عليه عيالا وإن قيل أين ابن بنت النبي نلت بذاك فروعاً طوالاً نجوم تهلّل للمدلجين جبال تورّث علماً جبالاً(الارشاد:262)
الخاتمة:
هذه إشارة سريعة إلى أسانيد زيارة عاشوراء، وقد عرفت صحّة بعضها ومقبولية البعض الآخر، والمجموع يشد بعضه بعضاً ويورث العلم أو الاطمئنان المتاخم للعلم بصدور الرواية عن المعصوم "عليه السلام" مضافاً إلى أمرين:
1- اتفاق العصابة ومواظبتهم على قراءتها عبر القرون وهي إحدى القرائن على صدور الرواية.
2- انّ الإمعان في مضمون الزيارة يعرب عن أنّه صدر من قلب ملؤه الشجون والأحزان، لا يسكن دمعه ولوعه إلاّ بأخذ الثأر، وهو يتفق بذلك مع مضامين سائر الروايات الواردة في الأدعية والزيارات.
السؤال: تفصيل في سند زيارة عاشوراء
قال قائل:
*************************
وبعد فقد كثر السؤال عن زيارة عاشورا المشهورة ومدى صحتها وعدم صحتها فنقول الكلام يقع في أمرين: الأول حول سندها والثاني حول متنها.
أما الأمر الأول: لا إشكال في استحباب زيارة الإمام الحسين عليه السلام يوم عاشورا استحباباً مؤكداً فقد دلت على ذلك الروايات الكثيرة ومنها الصحيحة إنما الكلام في نص الزيارة في ذلك اليوم فبعض العلماء لم يعين نصاً خاصاً لذلك اليوم كالشيخ المفيد في مزاره والبعض الآخر عين نصاً خاصاً رواه عن أحد الأئمة عليهم السلام.
ومن ذلك الزيارة المتداولة المروية عن الإمام الباقر عليه السلام فقد روى هذه الزيارة عدد من العلماء منهم ابن قولويه مسندة والشيخ الطوسي وابن طاووس والكفعمي مرسلة.
1- ابن قولويه: روى هذه الزيارة أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي المتوفى 368 ه- في كتابه كامل الزيارات ص 325 باب 71 ثواب من زار الحسين عليه السلام يوم عاشوراء حديث 556 طبع دار السرور تحقيق نشر الفقاهة 1418 هـ بسندين:
السند الأول: حكيم بن داود بن حكيم وغيره, عن محمد بن موسى الهمداني, عن محمد بن خالد الطيالسي, عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعاً, عن علقمة بن محمد الحضرمي
السند الثاني: ... ومحمد بن إسماعيل, عن صالح بن عقبة عن مالك الجهني عن أبي جعفر الباقر عليه السلام
دراسة السند الأول: حكيم بن داود بن حكيم قال المولى حبيب الله الكاشاني المتوفى 1340 هـ في شرحه لزيارة عاشوراء: مجهول لم أقف على حاله في الرجال [1] ولكن الصحيح أنه ثقة لأنه من مشايخ ابن قولويه. محمد بن موسى الهمداني قال النجاشي في رجاله تحت رقم 904: ( محمد بن موسى بن عيسى أبو جعفر الهمداني السمَّان, ضعفه القميون بالغلو, وكان ابن الوليد يقول إنه كان يضع الحديث, والله أعلم )
وقال ابن الغضائري: ( محمد بن موسى بن عيسى أبو جعفر الهمداني ضعيف, يروي عن الضعفاء،ويجوز أن يخرج شاهداً،تكلم القميون فيه بالرد, واستثنوا من نوادر الحكمة ما رواه) [2] الهمداني والسمّان واحد فمحمد بن موسى الهمداني هو نفسه محمد بن موسى بن عيسى السمَّان أبو جعفر الهمداني.
رأي الشيخ الصدوق وابن الوليد في الهمداني قال الشيخ الصدوق: وأما خبر صلاة يوم غدير خم والثواب المذكور فيه لمن صامه, فإن شيخنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه) كان لا يصححه ويقول: إنه من طريق محمد بن موسى الهمداني, وكان غير ثقة ( كذاباً خ ل ) وكل ما لم يصححه ذلك الشيخ (قدس الله روحه) ولم يحكم بصحته من الأخبار فهو عندنا متروك غير صحيح ) من لا يحضره الفقيه ج 2 باب صوم التطوع وثوابه من الأيام ذيل حديث 241.
وقال الشيخ الطوسي في كتاب الفهرست في ترجمة سعد بن عبد الله الأشعري تحت رقم ( 306) وبعد أن عدد كتب سعد بن عبد الله قال: وكتاب المنتخبات نحو ألف ورقة, ثم ذكر طريق الصدوق قال: قال ابن بابويه (يعني الصدوق) إلا كتاب المنتخبات فإني لم أروها عن محمد بن الحسن إلا أجزاء قرأتها عليه وأعلمت على الأحاديث التي رواها محمد بن موسى الهمداني, وقد رويت عنه كلما في كتاب المنتخبات مماأعرف طريقه من الرجال الثقاة ).
فالشيخ الصدوق لم يرو من كتاب المنتخبات لسعد بن عبد الله الروايات التي رواها ووقع محمد بن موسى الهمداني في طريقها, اللهم إلا أن يرويها غيره من ثقاة.
العلماء يضعفونه. ضعفه علماء الرجال كما تقدم وغيرهم والفقهاء في الكتب الفقهية ضعفوه وأسقطوا الروايات التي رواها ولم يفتوا بها وإليك بعضهم:
1- أبو جعفر محمد بن الحسن بن الوليد المتوفى 343 هـ شيخ الصدوق. ووصف الهمداني أنه كذاب ووافقه الشيخ الصدوق.
2- أبو العباس احمد بن علي بن العباس بن نوح السيرافي شيخ النجاشي فإنه تابع محمد بن الحسن بن الوليد في القائمة التي استثناها من كتاب نوادر الحكمة ومن ضمنها الهمداني واستثنى من هذه القائمة محمد بن عيسى بن عبيد الذي لم يتابعه فيها.
3- الشيخ الصدوق المتوفى 381 هـ في من لا يحضره الفقيه.
4- أحمد بن علي النجاشي المتوفى 450 هـ في رجاله.
5- الشيخ الطوسي المتوفى 460 هـ في الفهرست.
6- ابن داود في رجاله ص 276.
7- العلامة الحلي في الخلاصة ص 401 قال: محمد بن موسى بن عيسى أبو جعفر السمَّان الهمذاني ضعيف يروي عن الضعفاء وضعفه القميون بالغلو وكان ابن الوليد يقول أنه كان يضع الحديث والله أعلم. قال ابن الغضائري إنه ضعيف يروي عن الضعفاء ويجوز أن يخرج شاهداً, تكلم القميون فيه فأكثروا واستثنوا من كتاب نوادر الحكمة ما رواه.
8- الشيخ حسن صاحب المعالم المتوفى 1011 هـ في التحرير الطاووسي في ترجمة زيد الشحام ص 223 وص 444.
9- المحقق أحمد بن محمد الأردبيلي المتوفى 993 هـ في مجمع الفائدة ج 10 ص 440.
10- ومحمد بن علي الأردبيلي في جامع الرواة ج 2 ص 205.
11- المحقق السبزواري في ذخيرة العباد ج 2 ص 306.
11- المحقق الخونساري في مشارق الشموس ج 2 ص 451
12- السيد الحكيم في المستمسك ج 1 ص 427
13- المحقق الشيخ محمد تقي التستري في قاموس الرجال ج 9 ص 612 برقم 7313 قال:( وضعفه إتفاقي, قال به ابن الوليد, وابن بابويه وابن نوح والشيخ - في الفهرست - والنجاشي وابن الغضائري )
14-السيد الخوئي قال: ( الذي يظهر من مجموع الكلمات أن الأساس في تضعيف الرجل هو ابن الوليد وقد تبعه على ذلك الصدوق وابن نوح وغيرهما وهذا يكفي في الحكم بضعفه ) انظر معجم رجال الحديث ج 18 ص 298 في ترجمته.
وضعفه في كتاب الطهارة ج ص 127 وغير هؤلاء كثير. والخلاصة: أن ضعفه مما لا إشكال فيه.الهمداني وضَّاع قال الصدوق كما نقله الشيخ الطوسي في الفهرست ص: 201 تحت رقمي 299 - 300- في ترجمتي: زيد النَرسي. و زيد الزَرّاد لهما أصلان. لم يروهما محمد بن علي بن الحسين بن بابويه و قال في فهرسته: لم يروهما محمد بن الحسن بن الوليد و كان يقول: هما موضوعان و كذلك كتاب خالد بن عبد الله بن سدير و كان يقول: وضع هذه الأصول محمد بن موسى الهمداني.
وقال الطوسي في الفهرست رقم 267 في ترجمة خالد بن أبي إسماعيل له أصل ... - إلى إن قال - ذكر أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي عن محمد بن الحسن بن الوليد أن قال لا أرويه موضوع وضعه محمد بن موسى الهمداني.
وقال الوحيد البهبهاني: في زيدَي الزراد والنرسي وخالد بن عبد الله: إن كتبهم من وضع هذا [3] وقال المحقق التستري : ( لا إشكال في اتحاده كما في ضعفه, إنما الإشكال في وضعه لكتابي الزيدين ... - إلى أن قال - ثم إن كان وضعه لكتابهما غير معلوم, فأصل وضّاعيته غير بعيد فورد في طريق ثواب زيارة عاشورا وفيه شرح منكر متناقض ) [4] الهمداني من الغلاة رماه القميون بالغلو كما تقدم في كلام النجاشي حيث قال ( ضعفه القميون بالغلو) وكذلك وصفه ابن الغضائري والعلامة الحلي.
وبالرغم من أن له كتاب الرد على الغلاة إلا أن المحقق التستري قال ( وكتابه الرد على الغلاة لا ينافي نسبة الغلو إليه, فللغلو درجات [5].
الطيالسي محمد بن خالد الطيالسي المتوفى 259 هـ مجهول الحال.
ترجمه النجاشي تحت رقم 911 فقال: محمد بن خالد بن عمر الطيالسي التميمي أبو عبد الله كان يسكن بالكوفة, في صحراء جرم, له كتاب نوادر ... - إلى أن قال - مات محمد بن خالد الطيالسي ليلة الأربعاء لثلاث بقين من جمادي الآخرة سنة تسع وخمسين ومائتين وهو ابن سبع وتسعين. [6]
وذكره الشيخ الطوسي في الفهرست برقم 648 وفي رجاله في أصحاب الكاظم عليه السلام برقم 26 وفي باب من لم يرو عنهم برقم 11 وبرقم 54.
وذكره العلامة المجلسي في رجاله ص 301 برقم 1643 ووضع عليه رمز مجهول الحال.
كما ذكره السيد الخوئي في المعجم ج 17 ص 75 و 76 وج 23 ص 119 ولم ينص أحد منهم على توثيقه.
وطريق الشيخ الطوسي إليه ضعيف. لأن فيه أحمد بن محمد بن يحيى وهو لم يوثق.
سيف بن عميرة: ثقة وصالح بن عقبة: مجهول الحال. كما سوف يأتي.
علقمة بن محمد الحضرمي: مجهول الحال. وهو أخو أبو بكر الحضرمي ذكره العلامة المجلسي في رجاله برقم 1189 ووضع عليه علامة أنه مجهول. وقال حبيب الله الكاشاني لم أر من صرح بتوثيقه.
وحاول البعض أن يستدل على وثاقته بما رواه الكشي: في ترجمة أبي بكر الحضرمي وعلقمة ( 290 289 ) عن علي ابن محمد بن قتيبة القتيبي, قال: حدثنا الفضل بن شاذان, قال: حدثني أبي, عن محمد بن جمهور, عن بكار بن أبي بكر الحضرمي, قال: دخل أبو بكر وعلقمة على زيد بن علي, وكان علقمة أكبر من أبي, فجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره, وكان بلغهما أنه قال: ليس الإمام منا من أرخى عليه ستره, وإنما الإمام من شهر سيفه, فقال له أبو بكر وكان أجرأهما:
يا أبا الحسين أخبرني عن علي بن أبي طالب عليهما السلام, أكان إماما وهو مرخ عليه ستره, أو لم يكن إماما حتى خرج وشهر سيفه? قال: فسكت فلم يجبه, فرد عليه الكلام ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبه بشيء, فقال له أبو بكر: إن كان علي بن أبي طالب عليهما السلام, إماما فقد يجوز أن يكون بعده إمام مرخ عليه ستره, وإن لم يكن إماما وهو مرخ عليه ستره فأنت ما جاء بك هاهنا? قال: فطلب إلى ( من أبي ) علقمة أن يكف عنه فكف عنه.
ورواها عن محمد بن مسعود, قال: كتب إلي الشاذاني أبو عبد الله يذكر عن الفضل, عن أبيه مثله سواء.
قال السيد الخوئي أقول: محمد بن جمهور ضعيف, وبكار مجهول, فلا اعتماد على الرواية [7].
فالمتحصل أن هذا السند غير تام لأن الهمداني ضعيف والطيالسي والحضرمي مجهولان.
دراسة السند الثاني: ومحمد بن إسماعيل والمراد به ابن بزيع: ثقة ومحمد بن إسماعيل معطوف على محمد بن خالد الطيالسي [8] وحينئذ فيسبقه في سلسة السند محمد بن موسى الهمداني وحكيم بن داود بن حكيم. وقد تقدم الكلام فيهما حيث عرفنا ضعف محمد بن موسى الهمداني صالح بن عُق بَة وهو صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ذبيحة [ رُبَي حَة ], من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام مجهول, وإن وقع في أسانيد تفسير القمي وكامل الزيارات.ذكره الشيخ الطوسي في أصحاب الصادق عليه السلام برقم 47 وفي أصحاب الكاظم برقم 2 بل وذكره في أصحاب الباقر برقم 4.قال ابن الغضائري برقم 70:
صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ذبيحة مولى رسول الله صلى الله عليه وآله, روى عن أبي عبد الله عليه السلام, غالٍ, كذاب, لا يلتفت إليه.
وقال العلامة في الخلاصة ص 230 رقم 4 صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ذبيحة مولى رسول الله صلى الله عليه وآله: روى عن أبي عبد الله عليه السلام: كذاب, غال, لا يُلتفت إليه.
وقال ابن داود في رجاله: ( ليس حديثه بشيء, كذَّاب, غالٍ كثير المناكير ) انظر رجال ابن داود القسم الثاني رقم 237 وفي فصل آخر: أنه ليس بشيء.
وقال المحقق الشيخ محمد تقي التستري: وقول ابن الغضائري ( غال كذاب, لا يلتفت إليه ) يمكن تأييده بوقوعه في طريق ثواب زيارة عاشورا, وفي شرحه أمور منكرة, وإن كان ( محمد بن موسى ) أيضاً واقع في طريقه, وهو متفق على ضعفه.)[9]
وهنا بعض الملاحظات:
1- من العجيب من بعض العلماء لم يكترث بتضعيف ابن الغضائري والعلامة وابن داود وحاول أن يسقط تضعيف ابن الغضائري بأمور لا تصمد أمام البحث العلمي ولم يتعرض لتضعيفي العلامة وابن داود.
2- وحاول أن يوثق صالح بن عقبة بتوثيقات عامة وأن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب المتوفى 262 هـ وابن بزيع رويا عنه. أليس هذا من المفارقات العجيبة الغريبة. وإذا كان كذلك لماذا لا تكون جميع مشايخ الكليني والصدوق والشيخ الطوسي من الثقات? !!.
3- نِع مَ ما قال المحقق التستري حينما شك في رواية ابن أبي الخطاب عنه فقال: هذا وقول النجاشي ( روى عنه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب )، في غير محله بعد كونه طريق نفسه ( محمد بن الحسين, عن محمد بن إسماعيل, عنه ) ومثله أخبار أخر [10]
4- السيد الخوئي ذكر طبقة محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ولم يذكر له رواية واحدة عن صالح بن عقبة. مالك الجهني وهو مالك بن أعين الجهني: مجهول الحال.قال العلامة في الخلاصة ص 261: أن مالك بن أعين ليس من هذا الأمر في شيء.
وقال علي بن أحمد العقيقي عن أبيه عن أحمد بن الحسن عن أشياخه أنه كان مخالفاً.الزيارة في المصباح سند الزيارة في المصباح الكبير للشيخ الطوسي المتوفى 460 هـ ص 713 طبع مؤسسة الأعلمي في بيروت قيل أنه له أكثر من سند هكذا:
السند الأول:للشيخ الطوسي محمد بن إسماعيل بن بَزِيع عن صالح بن عُق بَة عن أبيه عن أبي جعفر الباقر عليه السلام دراسة السند محمد بن إسماعيل بن بزيع: ثقة صالح بن عُق بَة :وهو صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ذبيحة, من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام مجهول الحال, وإن وقع في أسانيد تفسير القمي وكامل الزيارات.
عقبة: وهو عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ذبيحة, والد صالح بن عقبة كوفي, ذكره الشيخ الطوسي في أصحاب الباقر عليه السلام وقال مثيله, أي مجهول الحال لأن الذين قبله كانوا مجهولين وذكره في أصحاب الصادق عليه السلام برقم 626, وقال العلامة في الخلاصة ص 243 عقبة بالقاف ابن قيس من أصحاب الباقر عليه السلام. مجهول.
ولا ينقضي عجبي ممن أراد أن يوثقه لأن الشيخ الطوسي ذكره في أصحاب الباقر عليه السلام وكونه من أصحاب الباقر عليه السلام يدل على أنه إمامي ولم يظفر الشيخ بشيء من الذم فيه.
أقول:
1- وهل أوضح من أن الشيخ صرح بكونه مجهولا كما تقدم. ويبدو أنه لم يراجع كتاب الرجال للشيخ الطوسي. انظر ص 132 من الطبعة الأولى برقم 74.
2- هل أن كل من ذكره الشيخ في رجاله من أصحاب الأئمة هم إماميون?
كما يبدو أن الشيخ الطوسي نقل هذه الزيارة وسندها عن ابن قولويه المتقدم ذكره من كامل الزيارات وبخصوص السند الثاني المتقدم وأن اختلف في الرواي عن الإمام الباقر عليه السلام.
السند الثاني: للشيخ الطوسي محمد بن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة وسيف بن عميرة عن علقمة بن محمد الحضرمي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام.
أ- محمد بن إسماعيل بن بزيع. ثقة
ب- عن صالح بن عقبة. مجهول كما تقدم وسيف بن عميرة. ثقة
ج- علقمة بن محمد الحضرمي. مجهول كما تقدم. فالسند غير تام حتى على فرض صحة طريق الشيخ إلى ابن بزيع.
السند الثالث: للشيخ الطوسي قال وروى محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة قال خرجت مع صفوان بن مهران الجمال وعندنا جماعة من أصحابنا بعد ما خرج أبو عبد الله عليه السلام ... الطيالسي محمد بن خالد الطيالسي المتوفى 259 هـ مجهول الحال. كما تقدم. فسند الطوسي في المصباح الكبير إلى هذه الزيارة وثوابها غير تام. محاولات غير موفقة
1- حاول البعض تصحيحها بعملية التعويض السندي. والجواب أن هذه غير مسلمة وحتى من يقول بها قد اشترط شروطا غير متوفرة هنا ومنها أن يقول الشيخ الطوسي مثلا في ترجمة المعوض عنه: ( أخبرنا بجميع كتبه ورواياته )
2- أدعي أن الشيخ الطوسي نقلها من كتاب محمد بن إسماعيل بن بزيع وهذا وإن كان لا شاهد عليه وطريق الشيخ إلى ابن بزيع صحيح, إلا أن هذه المحاولة لا تجدي نفعا فإن من يروي عنه ابن بزيع وهو صالح بن عقبة وأبوه لم يوثقا.
3- حاول البعض أن يصحح الرواية بانجبارها بالشهرة.
والجواب: أن المحققين من العلماء ومنهم السيد الخوئي لم يقولوا بحجية الشهرة في نفسها حتى تجبر غيرها.
وعلى فرض حجيتها فإن من يقول بكونها جابرة إنما هي الشهرة العملية الفتوائية للمتقدمين قريبين العهد من الأئمة عليهم السلام.
فالشهرة العملية أو الفتوائية من المتأخرين فضلا عن متأخري المتأخرين لا يجدي نفعا.
فلا الشيخ الكليني ولا الصدوق ولا المفيد لم يرو أحد منهم هذه الزيارة بل الشيخ الطوسي لم يروها في التهذيب مع أنه روى زيارات عديدة للإمام الحسين عليه السلام. ولا السيد ابن طاووس في الإقبال, مع أنه كان يتتبع كل شاردة وواردة.
والخلاصة: أن سند هذه الزيارة غير تام وقد اعترف أكثر من واحد ممن تعرض لسندها منهم المولى حبيب الله الشريف الكاشاني المتوفى 1340 هـ في شرحه لهذه الزيارة بضعف سندها حيث قال: وبالجملة سند هذه الزيارة ضعيف [11]
وإن حاول أن يثبتها بانجبارها بالشهرة وقاعدة التسامح في أدلة السنن وهما غير تامتين.
الأمر الثاني متنها التحريف للزيارة وقع تحريف وزيادة للزيارة في نسخ المصباح الكبير للشيخ الطوسي ولعل ذلك كان في القرن التاسع الهجري أو قبله فإن السيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس المتوفى 664 هـ قال في مصباح الزائر ص 278 طبع مؤسسة آل البيت. بعد نقله لزيارة عاشورا ما هذا نصه:( قال علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس: هذه الرواية نقلناها بإسنادها من المصباح الكبير, وهو مقابل بخط مصنفه رحمه الله, ولم يكن في ألفاظ الزيارة الفصلان اللذان يكرران مئة مرة, وإنما نقلنا الزيارة من المصباح الصغير, فاعلم ذلك ).
فالسيد بن طاووس عنده نسخة خطية من المصباح الكبير للشيخ الطوسي وهذه النسخة مقابلة مع المصباح المخطوط بقلم مؤلفه الشيخ الطوسي ولم يوجد فيها الفصلان الأخيران من الزيارة واللذان يكرران 100 مرة.
بينما النسخة المطبوعة المنتشرة من المصباح الكبير قديما وحديثا موجودان هذان الفصلان فيها, فمن أين جاءت هذه الزيادة? ومن الذي وضعها?? !!
[1] شرح زيارة عاشوراء ص 27
[2] معجم رجال الحديث ج 17 ص 282 رقم 11847
[3] قاموس الرجال ج 9 ص 615
[4] قاموس الرجال ج 9 ص 616
[5] قاموس الرجال ج 9 ص 612
[6] رجال النجاشي ج 2 ص 229.
[7] معجم رجال الحديث - السيد الخوئي ج 8 ص 362:
[8] كما ذكر ذلك صاحب سماء المقال ج 1 ص 531 عن جده جازما به وهو الصحيح خلافا
للحفيد الذي ادعى أنه معطوف على حكيم بن داود وأنه منقول عن كتاب لعدم الشاهد
عليه.
[9] قاموس الرجال ج 5 ص 466
[10] قاموس الرجال ج 5 ص466
*************************
هل هذه الشبهة صحيحة?
الجواب:
ذكرت زيارة عاشوراء في المصباح بثلاثة طرق:
الأول: الشيخ الطوسي بسنده إلى محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن أبيه عن علقمة عن أبي جعفر (عليه السلام).
الثاني: ذكر في ذيل الرواية الأولى وهو محمد بن إسماعيل عن صالح وسيف بن عميرة عن علقمة عن أبي جعفر (عليه السلام).
الثالث: الشيخ الطوسي يرفعه إلى محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة عن صفوان عن (أبي عبد الله (عليه السلام).
وقد وثق من رجاله هذه الأسانيد الثلاثة محمد بن إسماعيل وسيف بن عميرة وصفوان، فلا كلام لنا معهم ويبقى الكلام في:
1- محمد بن خالد الطياليسي.
2- صالح بن عقبة.
3- عقبة.
4- علقمة.
أما محمد بن خالد الطيالسي، فقد قال عنه الوحيد البهبهاني: ((رواية الأجلة عنه تشير إلى الأعتماد عليه ويؤيده قوله روى عنه حميد أصولاً كثيرة, وسنذكر في محمد بن سليمان ما يؤكد ذلك فلاحظ, وهو والد الحسن وعبد الله الثقتين)).
فقد روى عنه علي بن الحسن بن فضال ومحمد بن علي بن محبوب وسعد بن عبد الله وجماعة من أجلاء القوم.
وقال الوحيد في (التعليقة ص 309): ((وكاتب الصاحب (عليه السلام) جدي محمد بن سليمان بعد موت أبيه وكان أحد رواة الحديث لقد لقى محمد بن خالد فروى عنه كتاب عاصم بن حميد وكتاب سيف بن عميرة وكتاب العلاء بن رزين وكتاب إسماعيل بن عبد الخالق وأشياء غير ذلك)).
وقال الميرزا أبو الفضل الطهراني في (شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور) بعد ذكر رواية الأجلاء عنه: ((وقال الشيخ في الرجال: روى عنه حميد أصولاً كثيرة وهذا يعتبر في عرفهم مدحاً جليلاً)) ثم قال: ((ومن مجموع هذه الإمارات يحصل الظن بعدالته لممارس علم الرجال من حيث قول الشيخ: قال: سيف بن عميرة فإذا كان حديث بهذه المثابة صحيحاً بالاتفاق لأن سنده طريق الشيخ إلى سيف وهو معلوم الصحة، وجلالة قدر صفوان لا تكاد تخفى على أحد ولا تحتاج إلى تنبيه)).
والحصيلة أن السند الثالث سيكون معتبراً للمدح في محمد بن خالد الطيالسي وثّـقة كل من سيف وصفوان.
نعم،يبقى الكلام في طريق الشيخ الطوسي إلى محمد بن خالد الطيالسي وهو صحيح على ما صرح به الشيخ جواد القيومي محقق كتاب الفهرست فقال: الطريق صحيح وإن كان فيه أحمد بن محمد بن يحيى.
وقد أستدل على وثاقة أحمد بن يحيى بوجوه كما في (منتهى الدراية):
1- أنه من مشايخ الصدوق وقد أشتهر أن شيخوخة الإجازة تغني عن التوثيق، قال في محكي الوجيزة: (إنه من مشايخ الإجازة وحكم الأصحاب بصحة حديثه).
2- توثيق الشهيد الثاني والدراية والشيخ البهائي في المشرق والسيد الداماد والمقدس الأردبيلي وغيرهم له، واعتماد صاحب المعالم عن روايته مع اقتصاره على العمل بالأخبار الصحاح كما يستفاد من اعتباره الإيمان والعدالة في الراوي مضافاً إلى الإسلام والضبط فيثبت حينئذٍ أن أحمد بن محمد عدل إمامي ضابط ويتم المطلوب.
3- توثيق العلامة له حيث صحح طريق الصدوق إلى أحمد بن محمد بن يحيى العطار وكذلك صحح طريق الشيخ في التهذيب والاستبصار إلى محمد بن علي بن محبوب مع انحصار الطريق وطريقه إلى علي بن جعفر في التهذيب ووقوع أحمد في كلا الطريقين وتثبت وثاقة الرجل حينئذ.
أما علقمة: فقد قال السيد البروجردي في طرائف المقال: وحكي فيه مناظرة أخيه مع زيد وفيه أشعار على حسنه وكونه إماماً ثابت الاعتقاد،وقال الوحيد البهبهاني: روى الصدوق في أماليه عن صالح بن علقمة عن أبيه رواية يظهر منها حسن حاله وكونه شيعياً.
وقال التفرشي في نقد الرجال علقمة من أصحاب الباقر والصادق (عليه السلام) (رجال الشيخ).
وقال الأردبيلي في جامع الرواة في رواية مناظرة جرت لأبي بكر مع زيد ما يدل على أن علقمة مثله في الاعتقاد وأنه أكبر من أبي بكر رحمه الله تعالى.
وورد في كتاب (فرج الكرب) عن ميسر ما يدل على مدحه قال: كنت أنا وعلقمة بن الحضرمي وأبو حسان العجلي وعبد الله بن عجلان ننتظر أبا جعفر صلوات الله عليه فخرج علينا فقال: مرحباً وأهلا والله إني لأحب ريحكم وأرواحكم إنكم لعلى دين الله..
ويقول أبو الفضل الطهراني في شفاء الصدور في حديثه عن علقمة:
((ويفهم من ذيل الرواية أن جلالة قدره بلغت شأنها الأقصى،أن عدم ذكره في الرواية عارض رواية صفوان ولا يندرج في الاحتمال نسيانه أو تجاهله،وقد أعتذر صفوان بعذر آخر وزعم أن الحديث صدر في موضع آخر واشتمل على الدعاء.
وخلاصة القول: إنه يظهر من كلام سيف وصفوان أن شرائط الرواية ذاتاً متوفرة في علقمة وهذا يعتبر إمّا تعديلاً أو مدحاً كبيراً. وبناءاً على عموم شهادة الشيخ المفيد وابن شهر آشوب (لكونه من أصحاب الإمامين) أنه يكون ثقة ومن ثم يعتبر الخبر بين الحسن والصحيح لها السبب)).
وبهذا يظهر اعتبار السند الثاني الذي ذكرناه أولاً لما عرفت من وثاقة محمد بن إسماعيل وسيف بن عميره وقد ظهر لك حال علقمة.
وطريق الشيخ إلى محمد بن إسماعيل صحيح كما صرح العلامة وغيره بذلك.
وأما صالح بن عقبة.
فقد قيل عنه أنه غال كذاب لا يلتفت إليه، ولكن رد ذلك كما في طرائف المقال بأنه للأخبار الدالة على جلالة قدر الأئمة وليس فيها غلو على من نقل في تعليقة الوحيد عن جده.
وقد عده الشيخ من أصحاب الصادق والكاظم (عليهما السلام) وذكره الصدوق في مشيخة الفقيه في المعتمدين.
وقال السيد الخوئي على مبناه في تفسير القمي: (لا يعارض التصنيف المنسوب إلى ابن الغضائري توثيق علي بن إبراهيم لما عرفت غير مرة من أن نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري لم تثبت فالرجل من الثقات)،ويقصد بذلك صالح بن عقبة.
وفي (شفاء الصدور) قال: (وذكر النجاشي في كتابه دليلاً على كونه إمامياً.. وقد التزم النجاشي بذكر القدح أيضاً لو كان حاصلاً سواء في ترجمة الراوي أو في موضع سواه من الكتاب،ولما لم يورد فيه قدحاً علم أنه سالم من عيوب الرواة وهذا نوع مدح له.
وذكره الشيخ في فهرسته وقال: له كتاب, وهذا دليل على استقامة الراوي في المذهب لأن الشيخ التزم في الفهرست بذكر علماء الإمامية إلا في المواضع التي يذكر فيها خلافاً ولا يخلو إثبات الكتاب له من مدحه).
أما عقبة بن قيس فهو من أصحاب الصادق(ع) وقد وثق الشيخ المفيد وابن شهر آشوب في معالم العلماء جميع أصحاب الصادق (عليه السلام).
وبهذا يظهر حال السند الأول فيصير السند معتبراً بقبول المدح الوارد في صالح وقبول التوثيق في عقبة.
هذه هي الاسانيد التي ذكرت في المصباح وأما في كامل الزيارات فذكر سندين:
1- حكيم بن دواد عن محمد بن موسى عن محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعاً عن علقمة عن أبي جعفر (عليه السلام).
2- محمد بن اسماعيل معطوف إما على حكيم أو محمد بن خالد أو محمد بن موسى عن صالح بن عقبة عن مالك الجهني عن أبي جعفر.
وقد ظهر لك مما سبق حال محمد بن خالد وسيف بن عميرة وصالح بن عقبة وعلقمة ومحمد بن إسماعيل وبقي الكلام في:
1- حكيم بن داود.
2- محمد بن موسى.
3- مالك الجهني.
فأما حكيم بن داود فهو من أجلة مشايخ ابن قولويه ترحم عليه ووثق مشايخه في أول كتابه.
وأما محمد بن موسى الهمداني فقد قال السيد بحر العلوم في (الفوائد الرجالية ج2 ص 374):
أن محمد بن موسى الهمداني وهو الذي ادعى عليه وضع هذه الأصول - لم يتضح ضعفه بعد - فضلا عن كونه وضّاعاً للحديث, فإنه من رجال ( نوادر الحكمة ) والرواية عنه في كتب الأحاديث متكررة: ومن جملة رواياته: الحديث الذي انفرد بنقله في صلاة ( عيد الغدير ) وهو حديث مشهور أشار إليه المفيد في ( المقنعة ) وفي ( مسار الشيعة ) ورواه الشيخ في التهذيب وأفتى به الأصحاب, وعولوا عليه, ولا راد له سوى ( الصدوق ) وابن الوليد بناء على أصلهما فيه.
والنجاشي ذكر هذا الرجل في كتابه ولم يضعفه, بل نسب إلى القميين تضعيفه بالغلو, ثم ذكر له كتبا: منها كتاب الرد على الغلاة, وذكر طريقه إلى تلك الكتب, قال: (( وكان ابن الوليد يقول: انه كان يضع الحديث والله اعلم )).
وابن الغضائري وان ضعفه إلا أن كلامه فيه يقتضى انه لم يكن تلك المثابة من الضعف, فإنه قال فيه: " إنه ضعيف يروي عن الضعفاء " ويجوز أن يخرج شاهدا, تكلم فيه القميون فأكثروا, واستثنوا من ( نوادر الحكمة ) ما رواه.
وكلامه ظاهر في أنه لم يذهب فيه مذهب القميين ولم يرتض ما قالوه. والخطب في تضعيفه هين, خصوصا إذا استهونه.
والعلامة في ( الخلاصة ) حكى تضعيف القميين وابن الوليد حكاية تشعر بتمريضه, واعتمد في التضعيف على ما قاله ابن الغضائري ولم يزد عليه شيئا وفيما سبق عن النجاشي وابن الغضايري في أصلي الزيدين وعن الشيخ في أصل النرسي دلالة على اختلال ما قاله ابن الوليد في هذا الرجل.
وبالجملة فتضعيف محمد بن موسى يدور على أمور:
( أحدهما ) طعن القميين في مذهبه بالغلو والارتفاع.
ويضعفه ما تقدم عن النجاشي: " ان له كتابا في الرد على الغلاة )).
( وثانيها ) إسناد وضع الحديث إليه. هذا مما انفرد ابن الوليد به ولم يوافقه في ذلك الا الصدوق لشدة وثوقه به, حتى قال في كتاب: ( من لا يحضره الفقيه ) ((... ان كلما لم يصححه ذلك الشيخ - قدس الله روحه - ولم يحكم بصحته من الاخبار فهو عندنا متروك غير صحيح )).
وسائر علماء الرجال ونقدة الاخبار تحرجوا عن نسبة الوضع إلى محمد ابن موسى, وصححوا أصل زيد النرسي, وهو أحد الأصول التي أسند وضعها إليه, وكذا أصل زيد الزراد وسكوتهم عن كتاب خالد بن سدير لا يقتضي كونه موضوعا, ولا كون محمد بن موسى واضعا, إذ من الجائز أن يكون عدم تعرضهم له لعدم ثبوت صحته لا لثبوت وضعه, فلا يوجب تصويب ابن الوليد, لا في الوضع ولا في الواضع.
أو لكونه من موضوعات غيره فيقتضي تصويبه في الأول دون الثاني.
( وثالثها ) استثناؤه من كتاب ( نوادر الحكمة ) والأصل فيه محمد ابن الحسن بن الوليد - أيضا - وتابعه على ذلك الصدوق وأبو العباس بن نوح, بل الشيخ, والنجاشي أيضا. وهذا الاستثناء لا يختص به, بل المستثنى من ذلك الكتاب جماعة وليس جميع المستثنين وضعة للحديث, بل منهم المجهول الحال, والمجهول الاسم, والضعيف بغير الوضع, بل الثقة - على أصح الأقوال - كالعبيدي, واللؤلؤي. فلعل الوجه في استثناء غير الصدوق وشيخه ابن الوليد: جهالة محمد بن موسى أو ضعفه من غير جهة الوضع. والموافقة لهما في الاستثناء لا يقتضى الاتفاق في التعليل, فلا يلزم من استثناء من وافقهما ضعف محمد بن موسى عنده, فضلا عن كونه وضاعا.
وفي شفاء الصدور قال: (وهذا الطريق وإن علَّ بمحمد بن موسى لأنه ضعيف ظاهراً وعندي إن حكيم بن داود مجهول الحال فعلاً ولكن الظاهر ظهوراً بينا إن ذكر الطريق لأجل اتصال السند والرواية أخذت من الكتاب كما هو ظاهر عبارة الشيخ رحمه الله من أن كتاب محمد بن خالد موجود بحيازته بل صريح عبارة الفهرست ذلك).
أما مالك الجهني فهو من أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام)وفي (شفاء الصدور) قال: ((وفي الكافي بسند صحيح إن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: انتم شيعتنا... وهذا الخبر يتضمن مدحاً جليلاً وأن وصف الراوي بكونه لهم شيعة خير من النص على العدالة مائة مرة)).
ولكي يتم اعتبار هذين السندين في كامل الزيارات لابد من القول بأن هذه الرواية وصلت إلى ابن قولويه عن طريق كتاب محمد بن خالد أو يبنى على عدم ضعف محمد بن موسى الهمداني.
وقال في (شفاء الصدور): (ومجمل القول أنه لا ريب في اعتبار سند الرواية وكان عمل الشيعة عن تطاول الزمان وتمادي العصور والدهور على هذه الرواية حيث جعلوا هذه الرواية من أورادهم اللازمة وأذكارهم الدائمة وتكون مع أنضمام هذه القرائن قطعية الصدور مضافاً إلى كون إسنادها منه ما هو الصحيح ومنه ما هو الحسن).
ثم بعد هذا نذكر بعض الملاحظات على السؤال وما ذكر فيه:
1- أطال صاحب الإشكال في تضعيف محمد بن موسى في حين أنه لم يرد أسمه إلا في سند واحد من الأسانيد الخمسة ويحتمل دخوله بالعطف بالسند الثاني ولو ثبت ضعفه فأنه لا يضعف به إلا السند المذكور فيه وتبقى بقية الأسانيد خالية من هذا التضعيف بل يصلح أن يكون هذا الحديث مؤيداً وشاهداً على الرغم من ضعفه.
2- ذكر صاحب الإشكال مجموعة من الرواة ووصفهم بجهالة الحال في حين ذكرنا نحن من خلال القرائن المتعددة كيف يكون كل واحد منهم ممدوحاً بحيث يصير السند مقبولاً.
3- ذكر صاحب الإشكال أحمد بن محمد بن يحيى وقال أنه لم يوثق وعدم التوثيق لا يعني عدم أعتبار طريقة الشيخ الطوسي إلى محمد بن خالد بل يمكن أن يكون الطريق معتبراً من خلال ما ورد في حق أحمد بن محمد بن يحيى من المدح بن يمكن أن يكون الطريق صحيحاً من خلال توثيقه بالتوثيقات العامّة.
4- إن جهالة الراوي عند الشيخ الطوسي لا يعني عدم إمكان العثور على ما يمكن من خلاله توثيق أو مدح ذلك الراوي فهناك مبان عامة قد لا يلتزم بها الشيخ الطوسي يمكن أن يلتزم بها غيره.
5- افتراض أن الشيخ الطوسي روى الزيارة عن ابن قولويه ليس له وجه وإلا لذكر ذلك في السند.
6- على مبنى صاحب الإشكال من جهالة كل أولئك الرواة يمكن أيضاً أن نخرج بسند مقبول وهي رواية صفوان فإن في السند محمد بن خالد الذي قال بجهالته لكن رواية علقمة حيث روى محمد إسماعيل عن سيف بن عميرة يمكن أن يكون متابعاً لرواية محمد بن خالد وبذلك ترتفع الجهالة من السند بوثاقة محمد بن إسماعيل حيث يتابع محمد بن خالد في روايته عن سيف بن عميرة.
7- لا يضر عدم وجود الفصلين الأخيرين من الزيارة في المصباح الكبير بعد معرفة أن الذي أختصر المصباح الصغير هو الشيخ الطوسي نفسه ولا يصدق من يقول أن الشيخ الطوسي أضافها من عنده إذا ثبت وصول نسخة المصباح الصغير بطريق صحيح إلينا فلابد أن يكون هناك سبب من عدم وجود هذين الفصلين في النسخة التي وصلت إلى ابن طاووس.
8- ثم أن الشيخ الطوسي عندما سئل بمحضر حاكم الوقت عن معنى لعن الأول والثاني والثالث لم يعتذر بضعف الرواية، وإنما دفع بالتأويل تقيةً من الحاكم وهذا يدل على - قبول الرواية في ذلك الوقت عند الشيعة وعند الشيخ الطوسي بالخصوص.
9- كما أن مضامين الرواية كلها موجودة صحيحة إذا لم نقل متواترة في أصولنا الحديثية وأما بخصوص الاعتراض بوجود اللعن فهو أيضاً موجود في رواياتنا بكثرة إذا لم نقل بالتواتر بل أنه من أصول المذهب.
يتبع