المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المسائل العامة للبلوغ


الشيخ عباس محمد
01-09-2017, 05:06 PM
المسائل العامة للبلوغ




لابد للإنسان ، من اجل الوصول الى مرحلة التكامل والنضوج ، أن يجتاز مراحل عديدة في حياته . وأهم هذه المراحل مرحلة البلوغ الجنسي ،وهي فترة زمنية معينة يكتسب خلالها الإناث والذكور مؤهلات النضوج الجنسي للعب دور الرجل أو الرمأة في الحياة .
لقد شاءت الحكمة الالهية أن يتزامن بدء النشاط الغريزي الجنسي لدى الإنسان مع نشاط أبعاد أخرى معنوية وفكرية أيضا لديه وذلك من أجل أن لا تلفت فورة العاطفة الجنسية ، خلال هذه المرحلة ، من عقال المنطق والأدب وتتجه نحو مسالك الجنوح والإنحراف . وهكذا فإنه إذا توفرت الأرضية الإجتماعية والأسرية المناسبة ، يكون الشخص مؤهلا من الناحية النفسية لإجتياز هذه المرحلة بنجاح وحفظ عفته ونجابته أمام فوران الغريزة وطغيانها.
معنى البلوغ


نعني بإصطلاح البلوغ حالة النمو العضوي والنفسي التي تتولد على أثرها الميول والرغبات الجنسية لدى الشخص . ويعبر العديد من علماء النفس عن هذه المرحلة بلفظة الشباب ، ويعنون بذلك السن التي تلي سن الطفولة.
كما وذهب البعض الى القول بأن البلوغ هو المرحلة التي تتولد فيها لدى الرجل القابلية على التناسل وتتحول فيها الفتاة الى إمرأة ناضجة مهيئة للإنجاب. وهي مرحلة من الحياة تبرز فيها ظاهر فسيولوجية عديدة ترفقها أحيانا بعض الإعتلالات المرضية.


وبحسب علم البايلوجي يعد البلوغ مرحلة من الحياة الإنسانية ترفقها تطورات وتغيرات فسيولوجية مختلفة . ويعد إستانلي هال ، المعروف برائد علم البلوغ ، أول من وصف البلوغ ، في بحوثه العلمية ، بإعتباره مرحلة من مراحل النمو الإنساني.
أنواع البلوغ


عند الحديث عن البلوغ لدى الأشخاص ، عادة يقصد البلوغ الجنسي ، في حين توجد هناك أنواع عديدة للبلوغ ، ومن أهمها يمكن الإشارة الى ما يلي :
1 ـ البلوغ الشرعي : الذي يحسب للفتيات بعد إجتياز سن التاسعة ، وفق السنة الهجرية القمرية ، ويترتب عليهن على اثره ما يترتب على النساء البالغات من واجبات والتزامات دينية وعبادية ، وهو في الواقع نوع من التحصين المبكر لهن.
2 ـ البلوغ العضوي : ويعني بلوغ الفتيات منتهى النضوج الجسمي ويحصل ذلك عادة في سن السادسة عشر.
3 ـ البلوغ الجنسي : وهو بلوغ الفتاة مرحلة الحيض . وبالطبع لا يمكن للحيض أن يكون لوحده علامة مؤكدة علىتأهل الفتاة للعب دور الأم في الحياة، وعادة يوججد حد فاصل بين الحالة الأولى والثانية.
4 ـ البلوغ العرفي أو الإجتماعي : وهو مرحلة من العمر تكتسب فيها الفتاة الحق القانوني في التصرف بئؤونها وتقرير ما تراه مناسبا في حياتها الفردية والإجتماعية . وهذا الحق تناله الفتاة في بلدنا في سن الـ 16 ، وفي بعض المجتمعات الأخرى في سن 18 أو 19 أو 20 أو 21 .
5 ـ البلوغ النفسي : وهو البلوغ الناتج عن النمو النفسي الذي تبلغ فيه الفتاة


منتهى درجات النضوج من ناحية سلامة الذهن والذاكرة.
6 ـ البلوغ الذهني والفكري : ونعني به بروز مختلف الإستعدادات الفكرية والذهنية لدى الشخص بشكل كامل وقدرته على التفكير وإتخاذ القرار في حياته .
7 ـ بلوغ الشخصية : ويحصل ذلك متى ما توازنت جميع أبعاد شخصية الفرد ، وأصبح قادرا على إعمال إرادته في شؤونه ، وإستقل بقراره فكريا وعمليا .
وهكذا الأنواع الأخرى للبلوغ عند الفتيات كالبلوغ العاطفي ، والبلوغ الإقتصادي ، والبلوغ الثقافي و ... التي يمكن أن تكون مترافقة معا أو منفصلة عن بعضها عند بروزها من الناحية الزمنية.
سن البلوغ


إن أول ما يجب معرفته هو أنه لا توجد سن محددة لمرحلة البلوغ . فهي تبدء عند أغلب الفتيات في حوالي سن الحادية عشر ، وبعد سنتين ـ أي في سن الثالثة عشر ، ينزل عليهن الحيض لأول مرة.
وبحسب النتائج التي خرج بها احد التحقيقات ، تبين إن الحيض ينزل لأول مرة في سني 4 /10 و 3 /15 ، وإن ما يقارب الـ 96 % من الفتيات يصلن سن البلوغ في سن 48 /12 عاما . البلوغ في أقل من سن التاسعة وفي أكثر من سن الرابعة عشر ، يعد حالة مرضية.
وقد خرج احد الإحصاءات حول سن البلوغ الجنسي لدى الفتيات بالنتائج النسبية الآتية : 1 % في سنالتاسعة ، و2 % في سن العاشرة ،و11 % في سن الحادية عشر ،و 38 % في سن الثانية عشر ، و73 % في سن الثالثة عشر ، و82 % في سن الرابعة عشر.
فالحيض ، بإعتباره ظاهرة بارزة في البلوغ ، يستمر حتى سني 45 ـ 55


عاما ، ويتكرر مرة واحدة في كل 21 ـ 30 يوما، ويستمر نزوله في كل مرة بمعدل 3 ـ 4 أيام ، ومقدار الدم الذي ينزل أثناء الحيض يزيد أو يقل بحسب الخصوصيات الفردية ، وظروف المياه ونوع التغذية ،والأمراض المعدية ، وطبيعة إفرازات الغدد الداخلية ، وكذلك الظروف النفسية والعصبية(1).
إختلاف سن البلوغ


يختلف سن البلوغ من مجتمع الى آخر ، ولتوقيته علاقة بمختلف العوامل الوراثية ، والإقتصادية ، والثقافية والجغرافية ، ففي المناطق الحارة تصل الفتيات الى سن البلوغ في سن 9 ـ 10 عاما ، بينما يصل الفتيان مرحلة البلوغ في سن 12 ـ 13 عاما ، وتتأخر بوادر ذلك عند أعضاء الفئتين في المناطق الباردة من سنتين الى ثلاث سنوات .
كما وإن لسن البلوغ علاقة مباشرة بنوع العرق والأسرة ، وطبيعة المناخ الجغرافي . ففي أوربا المركزية يصل الإناث والذكور سن البلوغ على التوالي في سن 12 ـ 13 عاما ، وفي سن 14 ـ 17 عاما ، أما في المناطق الحارة من هذه القارة ، فيكون سن البلوغ أبكر بعدة سنوات.
وطبقا لتحقيقات أجراها فريق من الباحثين الإيرانيين في جامعة الشهيد بهشتي (الدكتور عزيزي وزملاؤه) تبين أن فتيات شمال العاصمة طهران يصلن سن البلوغ أبكر من نظيراتهن القاطنات في جنوب المدينة . وكذلك فقد تبين أن سن البلوغ في إيران ابكر من سن البلوغ في الصين وبريطانيا.
فهناك عوامل وأسباب عديدة لها مدخلية في إختلافات سن البلوغ الجنسي لدى المراهقين ، أشرنا لبعضها فيما مر من البحث ، وسنتناول البعض الآخر منها في الفصول الآتية من هذا الكتاب.

(1) علم نفس إسبرلينج.


تدرج البلوغ


بخلاف الحالة السائدة في بلوغ بعض الحيوانات ، لا يحصل البلوغ الجنسي لدى الإنسان دفعة واحدة ، وإنما يمر الفتى أو الفتاة بمراحل عديدة ومتدرجة في طريق نموه وبلوغه سن النضوج الجنسي .
وقد يكون نزل دم الحيض ، في سن البلوغ ، عند الفتيات قليلا جدا في الوهلة الأولى أو أن ينقطع لأسابيع واشهر عديدة قبل أن يعاود نزوله مرة أخرى كما ويمكن أن يضطرب في بداية الأمر وينتظم فيما بعد.
إن للبلوغ الجنسي علاقة بالسن ، والطول ، والوزن ، وقوة العظام و ... فالفتيات الأطول قامة ، والأكثر وزنا ، والأسرع نموا في جهة العظام يصلن سن البلوغ الجنسي أسرع من غيرهن(1).
ليس نزول دم الحيض من الفاة دليلا على النضوج الجنسي الكامل دائما . فقد ينقطع الحيض أو يضطرب ، بعد أن ينزل للمرة الأولى ، لفترة معينة من الزمن . ويبدو إن نزول دم الحيض يبدء لدى الكثير من الفتيات قبل أن يتهيئ المبيض لديهن لإفراز البوضات الخاصة بالحمل وقبل أن يكون الرحم لديهن معدا لحمل الجنين(2).
البلوغ الجنسي لدى الفتيات أو الحيض يتم على مرحليتن ، فخلال المرحلة الأولى يتسم الحيض بالإضطراب ، وقد ينقطع بعد المرة الأولى لأشهر عديدة أو لسنة كاملة ، ويرافق ذلك ، في بعض الحالات ، الام ، وغثيان ، وتقيؤ ، ويبوسة في المزاج.

(1) علم نفس إسبرلينج ، ص 176 .
(2) علم نفس النمو ، ص 442 .


أما المرحلة الثانية ، فينتظم فيها الحيض ولا تعد الفتاة تعاني من شيء غير طبيعي ، اللهم الا إذا كانت تعاني من إعتلال مرضي معين كأن يكون نقصا في مادة البروتين فحينها تكون بحاجة الى علاج فعادة ليست لدى اللاتي يتمتعن بصحة جيدة مشكلة في هذا المجال.