المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عالم الاصدقاء


الشيخ عباس محمد
03-09-2017, 05:54 PM
عالم الاصدقاء

تقديم
منذ الطّفولة المُبكِّرة، وحتّى قبل أن يتعلّم الطِّفل النّطق، يبدأ بالميل للأطفال الّذين معه في البيت، فيلعب معهم، ويداعبهم، أو يتنازع معهم على اللّعب، أو قطعة الحلوى، أو الأشياء التي بأيديهم..
إنّ هذه الميول المبكِّرة في الطبيعة الانسانية نحو الآخرين.. مصاحبتهم ومشاركتهم في اللّعب.. إنّ هذه الميول تكشف عن وجود غريزة الاجتماع في النفس البشرية..
فالإنسان خُلِقَ وبحكمة إلهية ليعيش في مجتمع بشري.. لذا فإنّ الدوافع الغريزية، الإحساس النفسي بالحاجة إلى العيش مع الآخرين تدعوه إلى الألفة وتكوين العلاقة معهم.. ولذا أيضاً يشعر الانسان بالوحشة والكآبة، عندما يكون وحيداً منعزلاً.. وليس هذا فحسب، فالإنسان بحاجة إلى الآخرين كما أنّ الآخرين بحاجة إليه.. وبالألفة والتعارف والصّداقة والتعاون، وتبادل الأفكار والمنافع تتكامل إنسانية الانسان وجهوده وحاجاته النفسية والمادية والفكرية..
والقرآن يشرح لنا هذه الحقيقة بقوله:
(يا أيُّها النّاس إنّا خَلَقْناكُم مِن ذَكَر واُنثى وجَعلْناكُم شُعوباً وقبائِلَ لِتَعارَفوا إنّ أكرَمَكُم عندَ اللهِ أتقاكُم)(الحجرات/ 13).
وهكذا فإنّ الحياة البشرية ألفة ومحبّة وتعاون.. ولا خير في مَن لا يألف الناس، ولا يألفونه، فمثل هذا السلوك الانطوائي والعزلة والابتعاد عن الناس يكشف في بعض جوانبه عن إحساس هذا الشخص بالنقص، وعدم الثقة بالنفس.. والمعاناة من عقد نفسية، تحول دون تكوين علاقات انسانية ناجحة مع الآخرين المؤهّلين لهذه العلاقات الطيِّبة..
فالإنسان الإجتماعي المنفتح الذي يكوِّن علاقات انسانية مع الآخرين.. علاقات صداقة وروابط، ومشاركات اجتماعية، هو إنسان يملك الثقة بنفسه.. وذو سلوك صحِّي.. إنّه يشعر بالسعادة والارتياح في علاقات الصّداقة السّليمة، عندما يمنح الآخرين حبّه وثقته وإخلاصه، ويُبادله الآخرون مثل هذه المشاعر والأحاسيس الانسانية.. فيما تُولِّد العزلة والحالة الانطوائية في كثير من الأحيان، الكآبة، والتوتّر النفسي والقلق..
إنّ الصّديق يدخل في علاقات وُدٍّ مع أصدقائه.. من الأحاديث المسرّة والمرح والمشاركة الرياضية، أو تبادل المعلومات، أو العون المادِّي، أو العمل الانتاجي المشترك، أو المساهمة في خدمات إنسانية أو اصلاحية مشتركة.. فيشعر بالرِّضا أمام نفسه، وأمام ربّه سبحانه، وأمام الآخرين.. ويستطيع عن طريق العلاقة بالأصدقاء الطيِّبي الخُلق والسلوك أن يُعبِّر عن طاقاته ومشاعره الأخوية، ويكوِّن جوّاً نفسياً مريحاً وسعيداً..
والصّديق كما يكسب من أصدقائه بعض صفاتهم الطيِّبة، وكفاءاتهم الإبداعية، ولباقاتهم الحسنة، ومعلوماتهم الثقافية، فإنّهم يستفيدون منه أيضاً، فيستطيع عن طريق الصّداقة أن ينفع الآخرين، وينقل اليهم خبراته ومعارفه وحُسن خُلقه وأفكاره النافعة.. فيشعر بقيمة شخصيّته، وبالثقة بنفسه، فإنّه يكتشف ذاته وشخصيته من خلال العلاقة بالآخرين، وقدرته على التعامل معهم، والتأثير الحسن بهم.. فتتجسّد أمامه قدرته التي يحتاجها الآخرون.. وكلّ ذلك يبعث في نفسه الرِّضا والإرتياح والثقة..
إنّ الشخصية المسلمة تنطلق في تقييم العمل والسلوك من مقياس الخير والنّفع الّذي أوضحه الهادي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله:
«خيرُ النّاس مَنْ نَفعَ النّاس»[1].
«مَنْ ساءَتهُ سَيِّئتهُ وسَرّتهُ حَسَنَتهُ فهوَ مُؤْمِن»[2].
وجميل هو تشخيص الإمام عليّ (عليه السلام) لقيمة الشخصية الذي جاء بقوله:
«قيمةُ المَرءِ ما يُحْسِن»[3].

كيف نختار الأصدقاء؟
إنّ صديقك يُعبِّر عن شخصيّتك، فعندما يعرف الناس شخصية صديقك يعرفوك، وعندما يعرفونك يعرفون شخصية صديقك.. والحكمة تقول: صديق المرأ شريكه في عقله.. فالإنسان يألف الناس الذين يماثلونه ويتقاربون معه في الأخلاق والسلوك والأفكار..
لذلك جاء في الحديث النبوي الشريف:
«المرأ على دين خليله، فلينظر أحدكم مَنْ يُخالِل»[4].
فالصّداقة هي التقاء نفسي وفكري يربط بين الأشخاص، ويوحِّد المشاعر والعواطف بينهم..
والقرآن يوضِّح أنّ الاُخوة والعلاقات الأخوية التي تكون بين الأشخاص على أساس الهدى والصّلاح هي ألفة ومحبّة بين القلوب، وترابط بين المشاعر والنفوس، واعتبر هذه الاُخوّة والمحبّة، نعمة كبيرة على الانسان..
قال تعالى موضِّحاً هذه العلاقة:
(واذكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُم إذْ كُنْتُم أعْداءً فأ لّف بَينَ قُلُوبِكُم فأصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إخواناً)(آل عمران/ 103).
وقال تعالى:
(لَوْ أنْفَقْتَ ما في الأرْضِ جَميعاً ما ألّفتَ بينَ قُلوبِهِم ولكنّ الله ألّفَ بَيْنهم)(الأنفال/ 63).
وهذا التحلـيل النفسي لعلاقة الاُخوّة والمحبّة التي تنشأ بين الأشخاص، على أساس الإيمان والإرتباط السّليم، هي اُخوّة صادقة ونزيهة، لايشوبها الغشّ أو المطامع.. والتجربة الاجتماعية والإحصاءات التي تسجِّلها دوائر إحصاء الجريمة توضِّح لنا أنّ أصدقاء السّوء ليسوا أصدقاء، بل أعداء.. فكم جرّت الصّداقات السيِّئة من كوارث ومآسي، وسمعة سيِّئة على الأشـخاص الذين كانوا أبرياء، ولكنّهم تلوّثوا بمخالطتهم لأصدقاء السّوء.. وأصبحوا مجرمين، أو شملتهم الجريمة، وسوء السمعة لعلاقتهم بأصدقاء السّوء.. ويحذِّرنا القرآن من أصدقاء السّوء، لينقذنا من النّدم بعد فوات الأوان.
قال تعالى :
(الأخلّاءُ يَومَئِذ بَعْضُهُم لِبَعْض عَدُوّ إلّا المتّقين)(الزّخرف/ 67).
وعرض أمامنا قول الصّاحب النادم على صحبته، درساً وموعظة لنا.. عرض هذا المشهد من تحوّل الصّحبة إلى عداوة وكراهية، وتمنِّي البُعْد عن قرين السّوء، بعد أن كان يبتغي القرابة والعيش معه..
(قالَ يا لَيْتَ بيني وبينكَ بُعد المشرقين فبِئْسَ القَرين)(الزّخرف/ 38).
وإذاً فاختيار الصّديق هو في حقيقته اختيار لنوع شخصيّتنا وسمعتنا في المجتمع، وربّما لمصيرنا في المستقبل.. فكم من اناس أصبحوا صالحين وناجحين في حياتهم بسب أصدقائهم، وكم من أناس خسروا حياتهم، وتحمّلوا الأذى والمشاكل المعقّدة بسبب أصدقائهم..
إنّ من الخطأ أن نكوِّن علاقات مع أشخاص لا نعرف طبيعتهم، وسلوكهم.. فقد نُخدَع بمظاهرهم الشكلية، وبأقوالهم المزخرفة، أو بهداياهم ومساعداتهم الخدّاعة، ثمّ نقع في الشراك، فيتعـذّر علينا الافلات منها..
إنّ الشخص الذي نتّخذه صـديقاً وأخاً لنا في الحياة، يجب أن نختاره بعناية كبيرة، وبعد المعرفة لشخصيّته، من خلال علاقات الدراسة في المدرسة، أو في المسجد، أو عيشه معنا في المنطقة السكنية، أو في العمل، وربّما نصادف أشخاصاً في السّفر، واُناساً يعرِّفون أنفسهم بالمراسلة فتتكوّن بيننا وبينهم علاقات صداقة وروابط.. وهذا اللّون من العلاقات يجب أن نتأكّد منه، ونتعرّف عليه بشكل جيِّد.. فإنّ مثل هؤلاء الأشخاص غير واضحين لدينا في بداية العلاقة والتعارف..

كيف تكون صديقاً ناجحاً؟
العلاقة مع الآخرين فن من أهم الفنون الاجتماعيـة، وكثير من الناس لايحسن فن التعامل مع الآخرين.. لذا يفشل في كسب الأصدقاء، وتتحوّل عـلاقاته مع الآخرين إلى مشاكل وخلافات.. ذلك لأ نّه لا يعرف كيف يكسب الأصدقاء، وكيف يتعامل معهم.. وتزوِّدنا دراسات علم النفس، والتجارب اليومية، وما جاء من إرشادات عن الرسول الهادي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام).. كلّ تلك المصادر تزوِّدنا بإرشادات وتعليمات لكسب الأصدقاء والتعامل معهم..
إنّ هذه التعليمات توضِّح أنّ الانسان الأناني لا يكسب الأصدقاء، وعندما تتكوّن له علاقة صداقة مع الآخرين فإنّه سرعان ما يخسرهم بأنانيّته، فهو لا يحبّ لهم ما يحبّ لنفسه، ولا يكره لهم ما يكره لها. بل يتصرّف بأنانية ومحاولة استغلال الأصدقاء لمصالحه الشخصية؛ لذا يبتعد عنه أصدقاؤه.. أمّا عندما يشعر الصّديق بأنّ صديقه يتعامل معه بإيثار ويحرص على مصلحته، كصديق له، يحترم هذا الشعور، وتزداد ثقته به وعلاقته معه..
وإذاً لكي تكسب الأصدقاء، فلا تكن أنانيّاً مع أصدقائك.. بل تعامَل معهم بإيثار.. والإيثار هو أن تقدِّم مصلحة غيرك على مصلحة نفسك عندما تشعر أنّه بحاجة إليها..
لقد عظّم القرآن صفة الإيثار التي مارسها المهاجرون والأنصار فيما بينهم كاُخوة.. عاشوا تجربة الاُخوّة الصّادقة.. فكان الأنصار يقدِّمون للمهاجرين ما يحتاجونه من سكن وطعام وتزويج ولباس ومعونة، حتّى ولو كان بعضهم بحاجة إلى ما يقدِّمه لأخيه الأنصاري؛ لذلك أثنى القرآن على هذا الإيثار، وامتدح الأنصار، لإيوائهم المهاجرين وتقديم العون لهم، مؤثرينهم على أنفسهم بحبٍّ وإخلاص صادق، يرجون بذلك وجه الله سبحانه..
ولعظمة هذه الصِّفة خلّد القرآن تلك المواقف الأخلاقية الفريدة في سلوك الانسان بقوله:
(والّذينَ تَبَوَّءوا الدّارَ والأيمانَ من قَبْلِهِم يحبّونَ مَن هاجرَ إليهم ولا يَجدونَ في صدورِهم حاجة ممّا اُوتوا ويُؤثِرونَ على أنفُسِهِم ولو كانَ بِهِم خَصاصة ومَن يوقَ شحّ نَفْسِهِ فاُولئكَ هُم المُفلِحون)(الحشر / 9).

حُسن المعاشرة
ولكي يستطيع أحدنا أن يكسب الأصدقاء ويتفاعل معه الآخرون وتكون علاقته معهم علاقة قويّة راسخة، كأصدقاء.. يجب أن يكون حُسن المعاشرة والتعامل مع الآخرين.. ومن حسن المعاشرة أن يلقى الناس الذين يتعامل معهم بوجه طلق، يفيض بالبُشر، ترتسم عليه الابتسامة في الحديث وعند اللِّقاء.. فإنّ ذلك يجلب حبّ الآخرين وألفتهم، في حين يكون الوجه العبوس المتجهِّم سبباً لانقباض الناس وابتعادهم عنه، فلنتحاشى عبوس الوجه والتجهّم.
إنّ البِشْر واطلاقه الوجه، وإشاعة الابتسامة هي تعبير عن المظاهر الصّادقة، ووسيلة لكسب وُدِّ الآخرين، وإشاعة الحبّ بين الناس.. وشعورهم بصفاء نفسك، وحبّك تجاههم.. والإبتسامة التي تطلقها بوجه البعض من الناس واستقباله بوجه طلق، وعبارة جميلة، تملك نفسه، وتفتح مغاليقها.. إنّ البعض من الناس يعيش حالة الحرمان العاطفي والجفوة من المحيط الاجتماعي، وعندما تتعامل معه بهذه الأخلاقية يشعر بأنّك توفِّر له الجوّ العاطفي الذي يبحث عنه بصورة شعورية أو لا شعورية..
ويعطينا تحليلاً نفسيّاً لتلك الحالات، فعن أبي عبدالله الصّادق (عليه السلام)، قال:
«تَبَسُّم المُؤمِن في وَجْهِ المُؤمِن حَسَنة»[5].
وأرشدنا الإمام محمّد الباقر (عليه السلام) بقوله:
«البِشْر الحَسَن، وطلاقةُ الوجهِ مَكْسَبةٌ للمحبّة، وقُرْبَةٌ مِنَ الله عزّ وجلّ. وعَبَس الوجه، وسوء البِشْر مَكْسَبةٌ للمَقْت، وبُعْد مِنَ الله»[6].
ويهدينا الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى كيفيّة التعامل مع الناس لكسبهم والنجاح في التعامل معهم بقوله:
«إنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فالقوهم بطلاقة الوجه، وحُسن البِشْر»[7].
ولكي يشيع حُسن التعامل مع الناس، وتنتشر المحبّة والسرور، يدعو الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) للناس الذين يظهر عليهم طلاقة الوجه، وسهولة التعامل فيقول: «رحمَ الله كلّ سهل طليق»[8].
ومن أسباب النجاح في كسب الاُخوان والأصدقاء، وحُسن العلاقة مع الناس هو الكلمة الطيِّبة.. ويوضِّح لنا الرّسول الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) أهميّة الكلمة الطيِّبة في تكوين العلاقات الانسانية، يوضِّح ذلك بقوله: «الكلمة الطيِّبة صَدَقة».
فللكلمة الطيِّبة أثرها النفسي الناجح في الآخرين. فصديقك حينما يسمع منك الكلمة الطيِّبة تعبِّر بها عن حبِّك له، أو حُسن أخلاقه، أو تثني على أعماله الحسنة، وتمتدح إنتاجه وجهوده الفنية والأدبية، أو ذكاءه وحُسن تصرّفه في موقف من المواقف، أو فعله للخير ومساعدة الآخرين، فإنّ تلك الكلمة تفتح أفقاً نفسيّاً بينك وبينه، وتشعره بقيمة شخصيّته في نفسك، واحترامك له.. وينبغي أن لا نُبالغ في مدح الآخرين فيصيبهم الغرور.. أو يتحوّل الشخص المدّاح إلى هزيل الشخصية يحاول كسب رضا الآخرين بامتداح أعمالهم وشخصيّاتهم.

التزاور بين الأصدقاء
من العادات الاجتماعية المألوفة لدى الإنسان هو الزيارة للأهل والأصدقاء والجيران في بيوتهم أو مقرّات عملهم..
والزيارة تُشعِر مَن تزوره باهتمامك به، وحبّك واحترامك له.. إنّ الزيارة للصّديق، لا سيّما في مناسبات الأفراح، أو الأحزان، أو حالات المرض، أو التفقّد بعد الغياب والانقطاع، كالسّفر.. وحضورك في بيته تُعبِّر عن مشاركة وجدانية واتحاد في المشاعر والعواطف، وإشعار بأ نّك تقف معه في شدّته، عندما تزوره في الشدّة، وليس هو وحده.. وهو تعبير آخر عن الوفاء.. والصّديق عندما يُبادئ بالزيارة، أو يردّها على صديقه، إنّما يُعمِّق أواصر الاُخوّة والمحبّة..
وقد تحدّث بعض الحالات التي تُكدِّر صفو العلاقة بين الأصدقاء.. فالزيارة إشعار بالإعتذار، وتعبير عن إلغاء ما في النفوس من عتاب أو عدم رضا..
وكثيراً ما يشترك الأصدقاء في حالات الزيارة بتناول وجبة الطّعام، وللتناول المشترك للطّعام بين الأصدقاء دلالته الأخويّة الخاصّة من الحبّ والتكريم، وتكوين العلاقة الودِّيّة..
إنّ الله سبحانه خالق الانسان حبّب لإنسانيّته العلاقة الطيِّبة مع الآخرين، ولذا جاء الحثّ في المبادئ الاسلامية والتأكيد على الاُخوّة والصّداقة والتزاور بين الاُخوة والأصدقاء..
ويدعونا الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى زيارة الاُخوان ويعدنا الله سبحانه بالأجر والثواب الجزيل على ذلك.. جاء في الحديث النبويّ الشريف:
«ما زارَ رَجلٌ أخاً في اللهِ، شَوقاً إلى لقائِهِ، إلّا ناداهُ مَلَكٌ من خَلْف: طِبْتَ، وطابَت لكَ الجنّة»[9].
ويحثّنا الإمام جعفر بن محمّد الصّادق (عليه السلام) حفيد الرسول الأكرم على مواصلة الأخوان والأصدقاء فيقول:
«التواصلُ بينَ الأخوانِ في الحضرِ التّزاور، وفي السّفرِ التكاتب»[10].
وعن الصادق (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، أنّه قال: «لِقاءُ الإخوان مَغْنَمٌ جسيمٌ وإن قلّوا»[11].
وهكذا تظهر لنا أهمية التزاور بين الأصدقاء من خلال الحثّ الكبير الذي تكشف عنه نصوص جمّة وردت عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) عرضنا لبعض منها فيما سبق ونختمه بما ورد عن الامام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «الزيارةُ تُنْبِتُ المودّة»؛ ولكي لا تفقد الزيارةُ أثرها المطلوب، نجد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) يشير الى أنّ الفترة الفاصلة بين زيارة وأخرى لا ينبغي أن تكون طويلة تشبه القطيعة، ولا قصيرة تؤدِّي إلى الملل، فيقول (صلى الله عليه وآله وسلم): «زُرْ غِبّاً تَزْدَد حُبّاً».

قرين السّوء ليس صديقاً
وقد يخطئ الإنسان البريء والمستقيم السلوك فتتكوّن له علاقة صداقة مع اُناس سيِّئي السّمعة والسِّيرة والأخلاق، فتتلوّث شخصيّته، وسمعته بسبب علاقته بهم.. وكم من شاب وناشئ نظيف الشخصيّة تحوّل إلى مقترف للأعمال المشينة والسيِّئة متأثِّراً بقُرناء السّوء المنحرفين.. فصار مجرماً وشاذّاً يُطارده القضاء، ويحتقره الناس، أو متسكِّعاً في الشّوارع والطّرقات..
لذا فقرين السّوء ليس صديقاً؛ لأنّ صديقك مَن صَدقَك، ومَن يجلب لكَ الخير بمصاحبته.. أمّا مَن يسيء إليك، ويجرّك إلى الإنحراف والجريمة، ويجني على مصيرك ومستقبلك، أو تكتسب منه العادات السيِّئة، فليس صديقاً.. لذلك سـمّاه القرآن عدوّاً، فقال:
(الأَخِلّاءُ يَوْمَئِذ بَعْضُهُم لِبَعْض عَدُوّ إلّا المُتّقِين)(الزّخرف/ 67).
ويصوِّر لنا القرآن حالة النّدم التي تصيب الانسان بعد أن يتورّط في الجرائم والانحراف بسبب علاقته بقرناء السّوء.. وتمنِّي هذا الانسان الذي أصبح ضحيّة لمصاحبة الأشرار، لو أنّه لم يلتق بذلك القرين الشرِّير، وأن تكون المسافة بينهما أبعد نقطة في الأرض.. قال الله تعالى يصف تلك الندامة بقوله:
(يا لَيتَ بَيْني وبَيْنكَ بُعْدَ المَشْرِقَين فَبِئْسَ القَرِين)(الزّخرف/ 38).
وكم هو جميل تصوير الرّسول الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) لمن تُخالطه من الأخيار والأشرار عندما يقول:
«مَثَل الجليس الصّالح، وجليس السّوء، كحاملِ المِسْكِ، ونافخِ الكير، فحاملِ المسكِ إمّا أن يحذيكَ وإمّا أن تبتاع منه، أو تجد منه ريحاً طيِّبة. ونافخ الكير إمّا أن يحرق ثيابك، أو تجد منه ريحاً كريهة»[12].
وهناك إحصائيات تنشرها المحاكم والسّجون، ودوائر مكافحة الإجرام والمعاهد المختصّة بدراسة الجريمة، وكلّ تلك الإحصاءات تؤكِّد أنّ نسبة عالية من الناشئين والشّباب، تعلّموا تناول المخدِّرات وارتكاب جرائم السّرقة والقتل والشّذوذ الجنسي والاعتداء، تعلّموها من مصاحبتهم لاُناس أشرار، فانتهت حياتهم إلى السّجن والسّقوط الاجتماعي، واحتقار المجتمع لهم؛ ولو أنّهم كانوا بعيدين عن اُولئك الأشرار، لما سقطوا في تلك الهاوية، ولكانوا شباباً صالحين.
وأثبتت عمليّات التحقيق الجنائي أنّ 42 % من الناشـئين الذين تورّطوا في الاجرام والشّذوذ والإنحراف، اعترفوا بأنّ أصدقاءهم هم الّذين ساهموا بانحرافهم.
وتفيد احصائية للأشخاص الّذين يتناولون المخدِّرات بأنّ 43 % منهم كان تناولهم لها بسبب مصاحبتهم لأشخاص يتناولون تلك المخدِّرات.
إنّ مَن يحترم شخصيّته، ويحرص على مصيره ومكانته في المجتمع، لا يختلط بقرناء السّوء.. وكلّ ذلك يدعو الناشئين والشّباب من الذكور الذين يختارون أصدقاءهم، والاُناث اللّواتي يخترن صديقاتهنّ.. أن يكون الاختيار سليماً، ولأشخاص معروفين باستقامة سلوكهم، وحُسن أخلاقهم وسمعتهم.

احتفظ بسرِّك
كلّ إنسان له أسراره الخاصّة به، وعليه أن يحتفظ بسرِّه، فإنّه جزء من شخصيّته، فلا ينشره بين الناس، فيعرِّضها للخطر، وربّما للإهانة.. فيجني على نفسه أو اُسرته..
وقد يثق البعض ببعض الناس فينقل اليه أسراره، والقضايا الخاصّة به، فيضع مصيره وسمعته بيد الآخرين..
وكما يقول المثل: الكلمة مُلكك، فإن خرجت منك صرتَ ملكاً لها.
إنّ الإنسان قد يحتاج إلى أن يستشير بعض أصدقائه أو معارفه في قضية خاصّة به، فيطلعهم عليها لمساعدته، أو ليحذِّرهم منها، وواجبهم الشرعي والأخلاقي الاحتفاظ بذلك السرّ فإنّه أمانة.. وتلك المسألة مسموح بها في حدود الثقة والمصلحة.. ولكن البعض من الناس يعيش حالة من السّذاجة والثرثرة، فيتحدّث بكل ما عنده لمن يصادقه ويصاحبه..
إنّ بعض الناس يحتفظ بالسِّرّ ما زالت علاقته حسنة بك، فإن اختلف معك كشف سرِّك، أو قد يتحوّل بعض الناس من وضع حسن إلى وضع سيِّئ فيستخدم السِّرّ الذي اطّلع عليه بالأمس لابتزازك، وإرغامك على ما يريده منك، وإلاّ كشف سرّك..
ومن الناس مَن لا يحتفظ بالسِّرّ، ولا يحرص على مصير الآخرين وسمعتهم، فعندما يستمع إلى حديث من صديقه يُسارِع بنقله والتحدّث به للآخرين..
وكم من الناس ذهب ضحيّة إفشاء السِّرّ وكشفه، فسقط في المجتمع، أو عُرِّض للأذى والمشاكل.. والسرّ أحياناً يكون في شيء سيِّئ يصدر من الانسان بسبب جهله وخطأه.. والله سبحانه يستر على عباده ويعفو، ويغفر للتائبين، وحينما يكشف الانسان سرّه يُعرِّض شخصيّته وسمعته للإهانة والخطر، وربّما يقطع طريق الاصلاح والخلاص على نفسه، وذلك فعل محرّم، وجناية على النفس، وخيانة لها..
وكم من الوصايا التي صدرت عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة (عليهم السلام) والحكماء ترشدنا إلى حفظ السرّ، نذكر من تلك الوصايا والحكم:
«سِرُّك أسيرك، فإن أفشيته صرت أسيره»[13].
«إفشاء السرّ سقوط»[14].
«لا تطلع صديقك من سِرِّك، إلّا على ما لو أطلعت عليه عدوّك لم يضرّك، فإنّ الصّديق، قد يكون عدوّاً يوماً ما»[15].
لنتعلّم من تلك التجارب والحكم، ولنحفظ ألسِـنَتنا من الثرثرة، والتحدّث بالسرّ الخاص بنا.. وكما نطلب من أصدقائنا أن يحفظوا سرّنا، إذا اطّلعوا عليه، فإنّ واجبنا أن نحفظ سرّ اخواننا وأصدقائنا، وأن نستر عليهم عيوبهم وأخطاءهم.. ويهدينا الرّسول الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى هذه الخُلق الكريمة بقوله:
«مَنْ سَتَرَ أخاهُ المُسلِم في الدُّنيا فلم يفضحهُ، سرّهُ الله يوم القيامة»..
فكما نعرف أنّ الانسان يخطئ وتصدر منه زلّات وعثرات، لو اطّلع عليها الآخرون لكانت مصدر أذى وإساءة لشخصيّته؛ لذلك أمرنا الله سبحانه أن نستر أخطاء الناس وزلّاتهم. ومن حقِّهم علينا النّصح والإرشاد، من غير أن نُطلِع أحداً على ذلك.

الوفاء للصّديق
الصّديق هو مَن يكون وفيّاً لأصدقائه في السرّاء والضرّاء، في الشدّة والرّخاء..
إنّ من الأصدقاء مَن تخدعك علاقته بك.. فتشعر في حالة الرّفاه، أو عندما يحصل على مكاسب من علاقته بك.. تشعر بأ نّه صديق مخلص ومحبّ.. يتواصل معك في العلاقة والزيادة، ويلقاك بالتحيّة والابتسامة.. ولكنّه عندما يشعر أنّك في ضيق، أو بحاجة إلى مساعدته، تتغيّر أخلاقه ومواقفه منك، وكأن لم تكن بينك وبينه مودّة أو صداقة.. إنّ هذا الصنف من الأصدقاء لا يُعتبر صديقاً وفيّاً لك..
فكم من الناس كان له أصدقاء كثيرون عندما كان وضعه المادِّي موسّعاً، أو كان له موقع اجتماعي مرموق. ثمّ تفرّقوا عنه عندما ذهب مالُه، أو فقد مركزه في الدولة أو المجتمع، أو أصبح بحاجة إلى مساعدتهم، أو لا يستطيع أن يقدِّم لهم مساعدة.
يُحدِّثنا التأريخ عن نموذج من الوفاء والأخوّة، فيذكر أنّ بعض المسلمين الأوائل (مسروق) و (خيثمة) كان على كلٍّ منهما دَين ثقيل. فعلم كلّ منهما بدَين أخيه. فقام مسروق بقضاء دَين خيثمة، وهو لا يعلم بذلك، وقام خيثمة بقضاء دَين مسروق، وهو لا يعلم بذلك.
إنّ هذا العمل يُعبِّر عن العلاقة الصّادقة، والمُشاركة في الشِّدّة والضِّيق..
إنّ من الوفاء أن تكون وفيّاً ليس لصديقك فحسب، بل ولأصدقائه وأبنائه وأهله..
ومن صور الوفاء الصادق وفاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد رُوي عنه أنّ زوجته خديجة (رض) كان لها صديقات يأتين إليها في حياتها، فلمّا توفِّيت خديجة كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يذكرهنّ، ويُقدِّم الهديّة لهنّ. فكان إذا ذبح شاة قال: «أرسِلوا إلى أصدقاء خديجة»، فتسأله عائشة عن ذلك فيقول: «إنِّي لأحبُّ حَبِيبها».
إنّ الصديق مَن يفي لصـديقه، ولا يتركه عند الشِّدّة والحاجة، ولا ينساه عندما يكون في وضع اجتماعي متقدِّم.

حقّ النّصيحة
صديقُكَ مَن صَدَقَك.. حكمة خالدة يتعامل بها الأصدقاء العقلاء.. ذكوراً واُناثاً..
فحقّ الصّديق على صديقه أن ينصحـه.. فكلّ إنسان يحتاج النصيحة من الآخرين، كما يحتاج إلى استعداد نفسي لقبول النصيحة..
فإنّ بعض الناس لا يتقبّل النّصيحة، فيندم بعد فوات الأوان..
إنّ خبرة الانسان ومعرفته محدودة.. وفي نفسه دوافع ونوازع تدفعه نحو الخير تارة.. ونحو الشرّ تارة أخرى.. وفي الحياة مُغريات وقرناء سوء تشجِّع الانسـان على فعل الشرّ، وممارسة الانحراف وعادات السّوء..
وما لم يحصل الانسان على مَن ينصحه ويرشده، يتورّط في ارتكاب مُفارَقات خطيرة.. وغير ذلك، فإنّ الانسان الذي لم تكتمل تجربته يقع في أخطاء كثيرة في حياته العمليّة، فيحتاج إلى مَن يُقدِّم له النصيحة والمعلومات التي تساعده على النجاح في اختيار نوع العمل، أو المشاركة في نشاطات اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية، أو في اختيار اختصاصه الدراسي، أو عندما يُفكِّر في الزّواج بفتاة، أو تفكِّر الفتاة بالزّواج من شاب..
إنّ من حقّ الصّديق عليك أن تنصحه، وتُقدِّم لهُ ما لديك من معلومات أو خبرة تفيده بها؛ ليترك هذا الشيء إذا كان فيه ضرر، أو مشكلة لم يطّلع عليها، أو تشجِّعه على فعل شيء لوجود منفعة ومصلحة فيها، أو تزوِّده بالإرشادات والمعلومات الكافية في تلك القضيّة، ليستعين بها في عمله، أو في القضية التي يواجهها في حياته، كالدراسة، والزّواج، ونوع العمل، أو شراء شيء أو بيعه، أو الاشتراك مع جماعة في عمل وعلاقات معيّنة.
إنّكَ إذا تركتَ صديقكَ، ولم تنصحه، وتركك صديقك، ولم ينصحك، فقد خنته وخانك.. والصّديق أمين على صديقه ووفي له..
والنصيحة قد تنقذ الإنسان من الهلاك والانحراف، كما تُساهِم بعض النصائح في نجاح الانسان في حياته العلمية أو السياسية والعائلية والاقتصادية والاجتماعية..
ولأهميّة النصيحة كانت واجبة علينا في بعض الأحيان، ويحاسبنا الله سبحانه ويعافينا إذا تركنا نصيحة إخواننا، وحدث ما يضرّهم.
وديننـا العظيم يأمرنا بالنصـيحة لأخواننا وأصدقائنا؛ جاء ذلك في الحديث الشريف: «يجب للمؤمن على المؤمن النّصيحة في المشهد والمغيب»[16].

النّق والعِتاب بين الأصدقاء
تمتد العلاقة بين الأصدقاء أزمنة قد تطول سنيناً أو شهوراً، أو ربّما مدى الحياة.. وفي هذه المعايشة الزمنية الطويلة أو القصيرة تظهر طبائع الأصدقاء، ويتجسّد سلوكهم النافع أو الضّار.. والخطأ مسألة طبيعية في حياة الانسان، فليس فينا مَن لا يُخطِئ، والإنسان يُخطئ مع ربِّه، ويُخطئ مع نفسه، ويُخطئ مع الناس الذين يعيش معهم..
ومَن يقع الخطأ عليه، لابدّ أن يكون له ردّ فعل على ذلك الخطأ.. ويختلف ردّ الفعل على الخطأ حسب حجم الخطأ ونوعه، وحسب شخصيّة الانسان الذي وقع عليه الخطأ، وقدرته العقلية والنفسية في التعامل مع أخطاء الآخرين، فالبعض يغضب ويُقاطع، وتصدر منه كلمات مؤذية، أو نقد جارِح، والبعض قد يسكت على الخطأ، ويغضّ الطّرف عنه، وكأنّه لم يسمع، ولم يرَ تلك الأخطاء، ويتعامل بهدوء، ويتسامح في كلّ الأحوال، ومهما يكن الخطأ صغيراً أو كبيراً.
وللتعامل مع خطأ الأصدقاء اُصوله الأخلاقية.. فالصديق عندما يُخطئ تجاه صديقه، كأن تصدر منه كلمة مؤذية، أو يتصرّف تصرّفاً ماليّاً أو اجتماعيّاً... إلخ، ويُسيئ إلى صديقه.. فمن حقّ الصّديق أن يُعاتِب صديقه على خطئه، وطريقة تصرّفه، ولكن يجب أن يكون العتاب بالحُسنى، وإلفات نظره إلى خطئه، وتحمّل خطأ الأصدقاء الذي يصدر من الناس الطبيعيين مسألة أساسية في حياة الأصدقاء، فمَن لا يتحمّل خطأ الآخرين، لا يسـتطيع أن يتعايَش معهم، أمّا مَن يتجاوز حـدود الآداب، ويُحمِّل صديقـه الضّرر والإساءة بسـبب تصرُّفاته، فليسَ مِنَ الصحيح أن نتّخذ هذا الانسان صديقاً لنا. وعلينا أن نُحاسِبه ونكشف له خطأه، ولكن باُسلوب مُناسِب للموقف.
إنّ القرآن الكريم يدعونا إلى العفو عن المخطئ، وأن ننقد الآخرين دون المسِّ بمشاعرهم وشخصيّتهم..
قال تعالى:
(والكاظِمِين الغيظ والعافينَ عَنِ النّاسِ واللهُ يُحِبّ الُمحْسِنين)(آل عمران/ 134).
(وقُولُوا لِلْنّاسِ حُسْنا)(البقرة/ 83).
(يا أيُّها الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللهَ وقُولوا قَوْلاً سَدِيداً)(الأحزاب/ 70).
فإنّ نقد الصّديق ومعاتبته إذا أخطأ موقف صحيح، وضروري لتصحيح الخطأ، ولإدامة العلاقة بين الأصدقاء.. ولكن من الخطأ أن نُعاتِب الصّديق في كلِّ قضيّة مهما تكن صغيرة، أو أن يكون نقدك أو عتابك مُثيراً لمشاعر أصـدقائك، أو جارحاً لهم. لابدّ من احترام مشاعر الصّديق، وتوجيه النّقد والعتاب إليه بلغة مقبولة لديه، بعيدة عن الاستفزاز والإثارة.. وكم هو جميل قول الشاعر:
إذا كُنتَ في كلِّ الاُمورِ مُعاتِباً صديقك لَم تلق الّذي لاتُعاتبه
وإذا كنّا نطلب من الصّديق أن يتقبّل منّا العتاب والنّقد البنّاء، فعلينا أن نتقبّل منه العتاب والنّقد البنّاء. وأن تتّسع قلوبنا وعقولنا لقبول ذلك، فإنّ الانسـان يُخطئ، والنّقد البنّاء يُساهم في حذف الأخطاء، وتقويم الانسان.




________________________________________
[1]- محمد ري شهري/ ميزان الحكمة/ ج3/ ص214/ باب الخير/ رقم الحديث 5409.
[2]- المجلسي بهار الأنوار/ ج71/ ص259.
[3]- الحرّاني/ تحف العقول/ عن الإمام علي بن أبي طالب (ع) في قِصار المعاني/ ص200.
[4]- ميزان الحكمة/ ج5/ ص297/ باب الصديق.
[5]- الطبرسي/ مشكاة الأنوار/ ص180.
[6]- المصدر السابق/ ص179.
[7]- المصدر السابق/ ص180.
[8]- المصدر السابق.
[9]- مشكاة الأنوار/ 208.
[10]- المصدر السابق.
[11]- الكليني/ أصول الكافي/ ج2/ ص670.
[12]- السيوطي/ الجامع الصّغير/ ج2/ ص456/ رقم الحديث 8130/ ط. المكتبة التجارية الكُبرى/ القاهرة – مصر.
[13]- ميزان الحكمة/ ج4/ باب السِّرّ/ ص426/ رقم الحديث 8402، عن الإمام عليّ (ع).
[14]- المصدر السابق/ رقم الحديث 8405، عن الإمام الصادق (ع).
[15]- الجامع الصغير/ ج2/ ص526/ رقم الحديث 8741، عن الإمام الصادق (ع).
[16]- البهبودي/ صحيح الكافي/ ج1/ ص92.