الشيخ عباس محمد
05-09-2017, 05:55 PM
القراءة في الصلاة
*اختلف الفقهاء في القراءة في الصلاة، فذهب أبو بكر الأصم وإسماعيل بن علية وسفيان بن عيينة والحسن بن صالح إلى أنها ليست بفرض في صلاة ما وإنما هي مستحبة.
وهذا شذوذ في الرأي وخروج على الأدلة وخرق لإجماع الأمة.
احتجوا بما رواه أبو سلمة ومحمد بن علي، عن عمر بن الخطاب إذ صلى المغرب فلم يقرأ فيها، فقيل له في ذلك فقال: كيف كان الركوع والسجود؟ قالوا: حسن. فقال: لا بأس إذا.
والجواب: أنه إذ لم يرفعه فهو رأيه، ولعله كان ممن يرى أن ترك القراءة سهوا لا يبطل الصلاة والله أعلم.
وذهب الحسن البصري وآخرون إلى أن القراءة إنما تفرض في ركعة واحدة. وهذا كسابقه في الشذوذ وخرق الإجماع.
احتجوا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب متشبثين بأن الاستثناء من النفي إثبات، وأنه إذا حصلت قراءة الفاتحة في الصلاة ولو مرة واحدة وجب القول بصحتها بحكم الاستثناء.
والجواب: إن هذا الحديث غير ناظر - يحكم العرف - إلى حال الصلاة حين تكون مع الفاتحة ولا هو حاكم عليها - وهي في تلك الحال - بإيجاب ولا بسلب وإنما هو ناظر إليها حين تكون خالية من الفاتحة وحاكم
*
85
عليها بأنها - وهي في تلك الحال -ليست بصلاة نظير قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا صلاة إلا بطهور" اهتماما منه بالفاتحة وهي جز، الصلاة وبالطهور وهو شرطها، ونظائر هذا في الكلام كثير، ألا ترى أنه لو قيل لا " سكنجبين " إلا بخل مثلا، لا يفهم أحد من ذلك أن مسمى الخل ولو قطرة أو دونها كاف، أو ليس بكاف وإنما يفهمون أن السكنجبين مركب وأن الخل من مهمات أجزائه فإذا انتفى الخل ينتفي السكنجبين.
على أنه لو تم استدلالهم بهذا الحديث على ما زعموا لاطردت دلالته على عدم وجوب شي، من أفعال الصلاة وأقوالها إذا حصلت فيها قراءة الفاتحة كما هو واضح لمن أمعن.
وقال الإمام أبو حنيفة وأصحابه: لا تفرض قراءة الفاتحة بخصوصها في صلاة ما وإنما يفرض في الصلوات مطلق القراءة واكتفى أبو حنيفة بقراءة أية آية من القرآن ولو كانت كلمة واحدة نحو "مدهامتان" لكن صاحبه أبا يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني إنما اكتفيا بثلاث آيات قصار نحو: "ثم نظر، ثم عبس وبسر، ثم أدبر واستكبر " أو بآية واحدة تعادل ثلاث آيات قصار أو تزيد عليها وعلى هذا عمل الحنفية147.
وأباح أبو حنيفة ترجمة ما يقرأ من الصلاة في القرآن بأية لغة من اللفات الأعجمية حتى لمن يحسن العربية148، واكتفى من القراءة بدلا من الفاتحة والسورة بقول: "دوبلك سبز" - ترجمة مدهامتان بالفارسية - لكن
86
صاحبيه إنما أجازا الترجمة للعاجز عن العربية دون القادر عليها وعلى هذا عمل الحنفية.
والقراءة تفرض عندهم في الركعتين الأوليين من كل ثنائية كصلاة الجمعة والصبح وظهر المسافر وعصره وعشاءه، أما غير الثنائيات كصلاة المغرب وعشا، المقيم وظهره وعصره فإنما تفرض القراءة عندهم في ركعتين من كل منها لا على التعيين فللمصلي أن يختار القراءة في الأوليين أو الأخريين أو الأولى والثالثة أو الأولى والرابعة أو الثانية والثالثة أو الثانية والرابعة فإذا قرأ في الأولين – مثلاً – كان في الأخريين مخيراً إن شا، قرأ وإن شا، سبح وإن شاء سكت بقدر تسبيحة، هذا مذهبهم منتشراً في فقههم.
احتجوا لكفاية مطلق القراءة في الصلاة بحديث أبي هريرة الموجود في الصحيحين149 إذ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبعد أن رد رسول الله عليه السلام قال له: ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع الرجل فصلى كما كان صلى ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسلم عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وعليك السلام، ارجع فصل فانك لم تصل حتى فعل ذلك ثلاث مرات. فقال الرجل: والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا فعلمني. فقال صلى الله عليه وآله وسلم إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى
87
تطمئن جالسا، ثم افعل ذلك قي صلاتك كلها.
ومحل الشاهد منه قوله: ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن لظهوره في دعواهم.
والجواب: أن أبا هريرة ممن لا نقيم لحديثه وزنا كما بيناه مفصلاً وأقمنا عليه الحجج القاطعة عقلية ونقلية في كتاب منتشر له فأردناه ليراجعه كل مولع بالبحث عن الحقائق الساطعة.
وحديثه هذا قد لا يجوز على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لوروده في مقام يجب فيه البيان، وقد أمعنا فلم نجد ثمة من البيان ما يليق بالأنبياء عليهم السلام لخلوه من كثير مما أجمعت الأمة على وجوبه في الصلاة كالنية والقعود في التشهد الأخير وترتيب أركان الصلاة وكذا التشهد الأخير والصلاة على النبي والتسليم وغيرها، على أن تركه ثلاث مرات يصلي صلاة فاسدة مما لا يتلاءم مع خلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد لا يجوز ذلك عليه صلى الله عليه وآله وسلم.
وأبو داود أخرج هذه القصة – في باب صلاة من لا يقيم صلبه قي الركوع والسجود من سننه – بالإسناد إلى رفاعة بن رافع150 الأنصاري -وهو من أهل بدر – وفيها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال للرجل الذي لم يحسن صلاته: إذا قمت وتوجهت إلى القبلة فكبر، ثم اقرأ بأم القرآن وبما شاء الله أن تقرأ.
وأخرج هذه القصة أيضاً بن حنبل وابن حبان بسنديهما إلى
88
رفاعة بن رافع وفيها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لذلك الرجل المسي، صلاته ثم اقرأ بأم القرآن، ثم اقرأ بما شئت، الحديث151.
ومن المعلوم: أن أبا هريرة ممن لا يوازن رفاعة ولا يكايله في قول لا في عمل، فحديثه مقدم على حديث أبي هريرة عند التعارض بلا كلام، ولذلك ترى القسطلاني في فتح الباري يتأوّل ما جاء في حديث أبي هريرة بحمله على ما جاء في حديث رفاعة، ومن تتبع أقوال السلف والخلف فيما جاء في حديث أبي هريرة من قوله: فاقرأ ما تيسر معك من القرآن، تجدهم جميعا "غير الحنفية" بين مفند152 ومتأوّل153ودونك إن شئت كلامهم حول حديث أبي هريرة هذا من شروح الصحيحين كلها154.
على أن أبا هريرة نفسه عارض حديثه هذا بما صح عنه إذ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا تجزي، صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب155 وقال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرني ان أخرج فأنادي في المدينة أن
89
لا صلاة إلا بقرآن ولو بفاتحة الكتاب فما زاد156. وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من صلى صلاة لا يُقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج فهي خداج157.
بقي الأمر الذي نتساءل عنه أعني السبب بأخذ فقها، الحنفية بظاهر قوله في حديث أبي هريرة "فاقرأ ما تيسر معك من القرآن" دون نصوصه الصريحة بوجوب الطمأنينة قياماً وقعوداً وركوعاً وسجوداً، على أن ما أخذوا به معارض بصحاح صريحة، ومخالف لجمهور المسلمين، وما لم يأخذوا به مؤيد بالصحاح وعليه الجمهور.
وربما استدل الحنفية على رأيهم في هذه المسألة بقوله تعالى: ﴿.... فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ...﴾158.
والجواب: ان هذه الآية لا دخل لها فيما نحن فيه من القراءة في الصلاة قطعاً، يشهد بذلك سياقها في سورة المزمّل فليراجعها من شاء وليمعن فيما قاله المفسرون حولها تتضح له الحقيقة.
واحتج الحنفية لجواز ترجمة ما يقرأ في الصلاة من القرآن باللغات الأجنبية بوجه:
أحدها: أن ابن مسعود أقرأ بعض الأعاجم: إن شجرة الزقوم طعام
90
الأثيم، فكان الأعجمي يقرأ طعام اليتيم. فقال له: قل طعام الفاجر، ثم قال: ليس الخطأ في القرآن أن يقرأ: الحكيم، مكان العليم، بل أن يضع آية الرحمة مكان آية العذاب.
والجواب: إن هذا أجنبي عما نحن فيه، لا دلالة به على المدعي بشي، من الدوال، على أنه لو صح لكان رأياً لابن مسعود مقصوراً عليه لا تثنيه به حجة.
الثاني: قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ﴾159 ومثله: ﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾160
ووجه الاستدلال بهذه الآيات: أن الأمة مجمعة على أن القرآن لم يكن بألفاظه العربية في زبر الأولين ولا في صحف إبراهيم وموسى، وإنما كانت فيها معانيه بألفاظ العبرانية والسريانية.
والجواب: إن هذا كسابقه في عدو الدلالة على المدعي بل هو أبعد وأبعد بكثير.
الثالث: أنه تعالى قال: ﴿... وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ ...﴾. والأعاجم لا يفهمون اللفظ العربي إلا أن يذكر لهم معناه بلفتهم فيكون الإنذار بها.
والجواب: إن هذا إنما يصلح دليلا على جواز تفسير القرآن بلغاتهم ليأخذوا بحكمه وآدابه وأوامره وزواجره وهذا شيء، والرطانة في الصلاة المأمور فيها بقراءة القرآن شي، آخر، وأي عربي أو عجمي لا يتبادر إلى ذهنه من لفظ قراءة الفاتحة تلاوة أم الكتاب بألفاظها المدونة في
91
المصاحف، وأي ذي ذوق لايصح عنده سلب لفظ قراءة الفاتحة وقراءة القرآن عن الرطانة بهما في الفارسية أو غيرها من اللغات الأجنبية شرقية وغربية.
وللأمام الرازي في تزييف هذه الوجوه – إذ نقلها من الحنفية – كلام آخر فليراجع.
وأنا أربأ بالامام أبي حنيفة أن يخفق في استدلاله هذا الاخفاق أو يسف فيه إلى هذا الحضيض، لكنه عول في استنباط الأحكام الشرعية الفرعية على القياس والاستحسان، ومن هنا أتي الرجل، وكأنه استحسن للأعاجم أن تترجم لهم القراءة في الصلاة بلغاتهم، إذ وجد ذلك اقرب إلى فهمهم لمعانيها وأرجى لخشوعهم فيها، وهنه قاس قراءة الأعجمي بلغته على سماعه الموعظة وتلقيه دروس العلم بلغته، وهذه نظرية أتاتورك في الصلاة لم يأخذها من أبي حنيفة وإنما هي خواطر متواردة، وساعد أتاتورك على هذه النظرية انه لا يقدر الأدلة الشرعية بل لا يعرفها ولا يتعرف عليها فيما يستحسنه من وجوه الإصلاح في نظره، ولو كان في الأدلة الشرعية ما يساعد على جواز العمل بالاستحسان لكان لما رأوه وجه، وقد أبته وحظرته فهيهات هيهات.
وذهب الشافعي ومالك وأحمد وغيرهم إلى افتراض قراءة الفاتحة باللغة العربية في جميع ركعات الفرض والنفل، ودليلهم على ذلك: حديث أبي هريرة في قصة الأعرابي الذي لم يحسن صلاته لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث علمه الصلاة فأمره بالقراءة ثم قال له: "إفعل ذلك في صلاتك كلها"161.
92
وقد عرفت رأينا في هذا الحديث إذ قلنا أنا لا نقيم له وزنا..
والذي عليه الامامية - تبعا لأئمة العترة الطاهرة عليهم السلام - أن قراءة الفاتحة بالعربية الصحيحة فرض في الركعتين الأوليين من كل فرض ونفل162 على المنفرد والامام، أما المأموم فيتحمل القراءة عنه إمامه163 ،وأما الركعتان الأخريان فيجب فيهما إما قراءة الفاتحة أو التسبيح على سبيل التخيير بينهما ولا يتحمل الإمام فيهما عن المأموم قراءة ولا تسبيحا.
وحجتنا على هذا كله: نصوص أئمتنا - وهم اعتدال الكتاب عليهم السلام -
93
على أن قراءة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل من الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب ثابت في الصحاح والمسانيد كلها من حديث أبي قتاد الحرث بن ربعي وغيره، والأصل فيما بفعله في صلاته صلى الله عليه وآله وسلم هو الوجوب164، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي، ولئن ثبت عنه قراءة الفاتحة في الركعتين الأخريين فقد بت عنه أيضاً الذكر فيهما، وصورته: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، مأثورة من طرق الأئمة من عترته الطاهرة، وقد يشهد له حديث سعد بن أبي وقاص الموجود في صحيح البخاري وغيره من الصحاح والمسانيد إذ شكاه أهل الكوفة إلى عمر حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي، فقال سعد: والله لقد كنت أصلي بهم صلاة رسول الله ما أخرم عنها ،فأركد – أطيل القيام بقراءة الفاتحة والسورة – في الركعتين الأوليين، وأخف في الركعتين الأخريين – أي أسرع فيها اقتصاراً على التسبيح أو الفاتحة مجردة عن غيرها – والله تعالى أعلم.
94
هوامش
*147- فراجع فقههم وحسبك غنية المتملي الكبير والصفير المنتشران كرسائل عملية.
148- هذا متواتر عنه، وممن نقله فخر الدين الرازي أول صفحة 1، 8من الجز، الأول من تفسيره الكبير ثم قال: واعلم أن مذهب أبي حنيفة في هذه المسألة بعيد جدا ولهذا السبب فإنالفقيه أبا الليث السمرقندي والقاضي أبا زيد الدبوسي صرحا بتركه.
149- واحتجوا أيضا بما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا صلاة إلا بقراءة حيث أطلق القراءة وهذا ما يدعون. والجواب أن هذا لو صح لوجب حمله على قوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا صلاة لمن لا يقرأ بفاتحة الكتاب , ولا غرو فإن المطلق يحمل على المقيد إجماعاً وقول واحد.
150- شهد بدراً وأحداً وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وشهد معه بدر أخواه خلاد ومالك ابنا رفاعة، وشهد رفاعة هذا أمير المؤمنين الجمل وصفين وكان من أشد أوليائه له نصرة بالقول والفعل ، يعلم ذلك من ترجمته في الإصابة وغيرها من المؤلفات في أحوال الصحابة.
151- تجده في آخر باب وجوب القراءة للأمام والمأموم في الصلاة كلها صفحة 441 من الجزء الثاني من إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري أثن، شرحه لحديث أبي هريرة هذا بنقلهعن كل من أبي داود وأحمد وابن حبان.
152- كبعض المعتزلة والشيعة.
153- كأعلام غير الحنفية من الجمهور .
154- قال الامام النووي حول حديث أبي هريرة هذا في باب وجوب قراءة الفاتحة من شرح صحيح مسلم. وأما قوله: اقرأ ما تيسر معك من القرآن فمحمول على الفاتحة فإنها متيسرة أو على ما زاد على الفاتحة أو على من عجز عن الفاتحة.وقال الامام السندي أثن، كلامه في حديث أبي هريرة هذا من تعليقه على صحيح البخاري ما هذا لفظه: قوله اقرأ ما تيسر معك كأنه قال له ذلك بن، على أن المتيسر لمثله هي الفاتحة قال: على أنه ورد في بعض الروايات أنه عين له الفاتحة.
155- أخرجه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه بسند صحيح وكذا رواه أبو حاتم بن حبان ونقله عنهما مصرحا بصحته الإمام النووي في باب وجوب قراءة الفاتحة من شرحه لصحيح مسلم
156- أخرجه أبو داود في باب من ترك القراءة في صلاته من السنن وأخرج ثمة عن أبي هريرة أيضا من طريق آخر قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أنادي لا صلاة إلا بقر، ة الفاتحمة فما زاد
157- أخرجه أبو داود في الباب الآنف الذكر ومسلم عن أبي هريرة من طرق كثيرة في باب وجوب قراءة الفاتحة من كل ركعة من صحيحه.
158- سورة المزمل، الآية: 20.
159- سورة الشعراء، الآية: 196.
160- سورة الأعلى. الآية: 18، 19.
161- قال الامام النووي الشافعي في باب وجوب قراءة الفاتحة من شرحه لصحح مسلم: والذي عليا جمهور العلماء من السلف والخلف وجوب الفاتحة في كل ركعة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم للإعرابي الذي لم يحسن صلاته: افعل ذلك في صلاتك كله. قلت: وقد تعلم أن النووي والشافعي وغيرهما ممن يوجب قراءة الفاتحة في كل ركعة من ركعات الصلاة لا يسنى له اعتبار حديث أبي هريرة إلا بعمل قوله فيه: فاقرأ ما تيسر معك من القرآن على خصوص الفاتحة.
162- يجب عندنا في كل من الركعتين الأوليين من الفرائض الخمس قراءة سورة كاملة بعد الفاتحة لثبوت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث أبي قتادة وقد أخرجا البخاري في صحيحه وأخرجه غيره، ويجوز عندنا ترك السورة في بعض الأحوال بل قد يجب مع ضيق الوقت ونحوه من موارد الضرورة، أما النافلة فيجب فيها الفاتحة فقط ومعنى وجوبها فيها أنها شرط في صحته.
163- لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة، وهذا حديث مأثور عند الجمهور من عدة طرق تجده في مبحث قراءة الفاتحة من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة وتجد ثمة القول بمنع المأموم عن القراءة مأثورا عن أمير المؤمنين والعبادلة في ثمانين من كبار الصحابة، بل تجد القول بفساد صلاة المأموم إذ قرأ خلف لم أمامه مأثورا عن عدة أخرى من الصحابة. والأحوط عندنا بل الأقوى للمأموم ترك القراءة في الركعتين الأوليين من الاخفاتية ،وكذا في الأوليين من الجهرية إذا سمع من صوت إمامه ولو الهمهمة عملا بقولا تعالى: {وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلك ترحمون }. إما إذا لم يسع حتى الهمهمة جاز للمأمون بل استحب له القراءة.
164- كما نص علبه الإمام السندي في تعليقه على حديث سعد من صحيح البخاري الذي أشرنا إليه في الأصل.
*اختلف الفقهاء في القراءة في الصلاة، فذهب أبو بكر الأصم وإسماعيل بن علية وسفيان بن عيينة والحسن بن صالح إلى أنها ليست بفرض في صلاة ما وإنما هي مستحبة.
وهذا شذوذ في الرأي وخروج على الأدلة وخرق لإجماع الأمة.
احتجوا بما رواه أبو سلمة ومحمد بن علي، عن عمر بن الخطاب إذ صلى المغرب فلم يقرأ فيها، فقيل له في ذلك فقال: كيف كان الركوع والسجود؟ قالوا: حسن. فقال: لا بأس إذا.
والجواب: أنه إذ لم يرفعه فهو رأيه، ولعله كان ممن يرى أن ترك القراءة سهوا لا يبطل الصلاة والله أعلم.
وذهب الحسن البصري وآخرون إلى أن القراءة إنما تفرض في ركعة واحدة. وهذا كسابقه في الشذوذ وخرق الإجماع.
احتجوا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب متشبثين بأن الاستثناء من النفي إثبات، وأنه إذا حصلت قراءة الفاتحة في الصلاة ولو مرة واحدة وجب القول بصحتها بحكم الاستثناء.
والجواب: إن هذا الحديث غير ناظر - يحكم العرف - إلى حال الصلاة حين تكون مع الفاتحة ولا هو حاكم عليها - وهي في تلك الحال - بإيجاب ولا بسلب وإنما هو ناظر إليها حين تكون خالية من الفاتحة وحاكم
*
85
عليها بأنها - وهي في تلك الحال -ليست بصلاة نظير قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا صلاة إلا بطهور" اهتماما منه بالفاتحة وهي جز، الصلاة وبالطهور وهو شرطها، ونظائر هذا في الكلام كثير، ألا ترى أنه لو قيل لا " سكنجبين " إلا بخل مثلا، لا يفهم أحد من ذلك أن مسمى الخل ولو قطرة أو دونها كاف، أو ليس بكاف وإنما يفهمون أن السكنجبين مركب وأن الخل من مهمات أجزائه فإذا انتفى الخل ينتفي السكنجبين.
على أنه لو تم استدلالهم بهذا الحديث على ما زعموا لاطردت دلالته على عدم وجوب شي، من أفعال الصلاة وأقوالها إذا حصلت فيها قراءة الفاتحة كما هو واضح لمن أمعن.
وقال الإمام أبو حنيفة وأصحابه: لا تفرض قراءة الفاتحة بخصوصها في صلاة ما وإنما يفرض في الصلوات مطلق القراءة واكتفى أبو حنيفة بقراءة أية آية من القرآن ولو كانت كلمة واحدة نحو "مدهامتان" لكن صاحبه أبا يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني إنما اكتفيا بثلاث آيات قصار نحو: "ثم نظر، ثم عبس وبسر، ثم أدبر واستكبر " أو بآية واحدة تعادل ثلاث آيات قصار أو تزيد عليها وعلى هذا عمل الحنفية147.
وأباح أبو حنيفة ترجمة ما يقرأ من الصلاة في القرآن بأية لغة من اللفات الأعجمية حتى لمن يحسن العربية148، واكتفى من القراءة بدلا من الفاتحة والسورة بقول: "دوبلك سبز" - ترجمة مدهامتان بالفارسية - لكن
86
صاحبيه إنما أجازا الترجمة للعاجز عن العربية دون القادر عليها وعلى هذا عمل الحنفية.
والقراءة تفرض عندهم في الركعتين الأوليين من كل ثنائية كصلاة الجمعة والصبح وظهر المسافر وعصره وعشاءه، أما غير الثنائيات كصلاة المغرب وعشا، المقيم وظهره وعصره فإنما تفرض القراءة عندهم في ركعتين من كل منها لا على التعيين فللمصلي أن يختار القراءة في الأوليين أو الأخريين أو الأولى والثالثة أو الأولى والرابعة أو الثانية والثالثة أو الثانية والرابعة فإذا قرأ في الأولين – مثلاً – كان في الأخريين مخيراً إن شا، قرأ وإن شا، سبح وإن شاء سكت بقدر تسبيحة، هذا مذهبهم منتشراً في فقههم.
احتجوا لكفاية مطلق القراءة في الصلاة بحديث أبي هريرة الموجود في الصحيحين149 إذ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبعد أن رد رسول الله عليه السلام قال له: ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع الرجل فصلى كما كان صلى ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسلم عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وعليك السلام، ارجع فصل فانك لم تصل حتى فعل ذلك ثلاث مرات. فقال الرجل: والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا فعلمني. فقال صلى الله عليه وآله وسلم إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى
87
تطمئن جالسا، ثم افعل ذلك قي صلاتك كلها.
ومحل الشاهد منه قوله: ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن لظهوره في دعواهم.
والجواب: أن أبا هريرة ممن لا نقيم لحديثه وزنا كما بيناه مفصلاً وأقمنا عليه الحجج القاطعة عقلية ونقلية في كتاب منتشر له فأردناه ليراجعه كل مولع بالبحث عن الحقائق الساطعة.
وحديثه هذا قد لا يجوز على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لوروده في مقام يجب فيه البيان، وقد أمعنا فلم نجد ثمة من البيان ما يليق بالأنبياء عليهم السلام لخلوه من كثير مما أجمعت الأمة على وجوبه في الصلاة كالنية والقعود في التشهد الأخير وترتيب أركان الصلاة وكذا التشهد الأخير والصلاة على النبي والتسليم وغيرها، على أن تركه ثلاث مرات يصلي صلاة فاسدة مما لا يتلاءم مع خلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد لا يجوز ذلك عليه صلى الله عليه وآله وسلم.
وأبو داود أخرج هذه القصة – في باب صلاة من لا يقيم صلبه قي الركوع والسجود من سننه – بالإسناد إلى رفاعة بن رافع150 الأنصاري -وهو من أهل بدر – وفيها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال للرجل الذي لم يحسن صلاته: إذا قمت وتوجهت إلى القبلة فكبر، ثم اقرأ بأم القرآن وبما شاء الله أن تقرأ.
وأخرج هذه القصة أيضاً بن حنبل وابن حبان بسنديهما إلى
88
رفاعة بن رافع وفيها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لذلك الرجل المسي، صلاته ثم اقرأ بأم القرآن، ثم اقرأ بما شئت، الحديث151.
ومن المعلوم: أن أبا هريرة ممن لا يوازن رفاعة ولا يكايله في قول لا في عمل، فحديثه مقدم على حديث أبي هريرة عند التعارض بلا كلام، ولذلك ترى القسطلاني في فتح الباري يتأوّل ما جاء في حديث أبي هريرة بحمله على ما جاء في حديث رفاعة، ومن تتبع أقوال السلف والخلف فيما جاء في حديث أبي هريرة من قوله: فاقرأ ما تيسر معك من القرآن، تجدهم جميعا "غير الحنفية" بين مفند152 ومتأوّل153ودونك إن شئت كلامهم حول حديث أبي هريرة هذا من شروح الصحيحين كلها154.
على أن أبا هريرة نفسه عارض حديثه هذا بما صح عنه إذ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا تجزي، صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب155 وقال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرني ان أخرج فأنادي في المدينة أن
89
لا صلاة إلا بقرآن ولو بفاتحة الكتاب فما زاد156. وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من صلى صلاة لا يُقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج فهي خداج157.
بقي الأمر الذي نتساءل عنه أعني السبب بأخذ فقها، الحنفية بظاهر قوله في حديث أبي هريرة "فاقرأ ما تيسر معك من القرآن" دون نصوصه الصريحة بوجوب الطمأنينة قياماً وقعوداً وركوعاً وسجوداً، على أن ما أخذوا به معارض بصحاح صريحة، ومخالف لجمهور المسلمين، وما لم يأخذوا به مؤيد بالصحاح وعليه الجمهور.
وربما استدل الحنفية على رأيهم في هذه المسألة بقوله تعالى: ﴿.... فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ...﴾158.
والجواب: ان هذه الآية لا دخل لها فيما نحن فيه من القراءة في الصلاة قطعاً، يشهد بذلك سياقها في سورة المزمّل فليراجعها من شاء وليمعن فيما قاله المفسرون حولها تتضح له الحقيقة.
واحتج الحنفية لجواز ترجمة ما يقرأ في الصلاة من القرآن باللغات الأجنبية بوجه:
أحدها: أن ابن مسعود أقرأ بعض الأعاجم: إن شجرة الزقوم طعام
90
الأثيم، فكان الأعجمي يقرأ طعام اليتيم. فقال له: قل طعام الفاجر، ثم قال: ليس الخطأ في القرآن أن يقرأ: الحكيم، مكان العليم، بل أن يضع آية الرحمة مكان آية العذاب.
والجواب: إن هذا أجنبي عما نحن فيه، لا دلالة به على المدعي بشي، من الدوال، على أنه لو صح لكان رأياً لابن مسعود مقصوراً عليه لا تثنيه به حجة.
الثاني: قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ﴾159 ومثله: ﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾160
ووجه الاستدلال بهذه الآيات: أن الأمة مجمعة على أن القرآن لم يكن بألفاظه العربية في زبر الأولين ولا في صحف إبراهيم وموسى، وإنما كانت فيها معانيه بألفاظ العبرانية والسريانية.
والجواب: إن هذا كسابقه في عدو الدلالة على المدعي بل هو أبعد وأبعد بكثير.
الثالث: أنه تعالى قال: ﴿... وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ ...﴾. والأعاجم لا يفهمون اللفظ العربي إلا أن يذكر لهم معناه بلفتهم فيكون الإنذار بها.
والجواب: إن هذا إنما يصلح دليلا على جواز تفسير القرآن بلغاتهم ليأخذوا بحكمه وآدابه وأوامره وزواجره وهذا شيء، والرطانة في الصلاة المأمور فيها بقراءة القرآن شي، آخر، وأي عربي أو عجمي لا يتبادر إلى ذهنه من لفظ قراءة الفاتحة تلاوة أم الكتاب بألفاظها المدونة في
91
المصاحف، وأي ذي ذوق لايصح عنده سلب لفظ قراءة الفاتحة وقراءة القرآن عن الرطانة بهما في الفارسية أو غيرها من اللغات الأجنبية شرقية وغربية.
وللأمام الرازي في تزييف هذه الوجوه – إذ نقلها من الحنفية – كلام آخر فليراجع.
وأنا أربأ بالامام أبي حنيفة أن يخفق في استدلاله هذا الاخفاق أو يسف فيه إلى هذا الحضيض، لكنه عول في استنباط الأحكام الشرعية الفرعية على القياس والاستحسان، ومن هنا أتي الرجل، وكأنه استحسن للأعاجم أن تترجم لهم القراءة في الصلاة بلغاتهم، إذ وجد ذلك اقرب إلى فهمهم لمعانيها وأرجى لخشوعهم فيها، وهنه قاس قراءة الأعجمي بلغته على سماعه الموعظة وتلقيه دروس العلم بلغته، وهذه نظرية أتاتورك في الصلاة لم يأخذها من أبي حنيفة وإنما هي خواطر متواردة، وساعد أتاتورك على هذه النظرية انه لا يقدر الأدلة الشرعية بل لا يعرفها ولا يتعرف عليها فيما يستحسنه من وجوه الإصلاح في نظره، ولو كان في الأدلة الشرعية ما يساعد على جواز العمل بالاستحسان لكان لما رأوه وجه، وقد أبته وحظرته فهيهات هيهات.
وذهب الشافعي ومالك وأحمد وغيرهم إلى افتراض قراءة الفاتحة باللغة العربية في جميع ركعات الفرض والنفل، ودليلهم على ذلك: حديث أبي هريرة في قصة الأعرابي الذي لم يحسن صلاته لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث علمه الصلاة فأمره بالقراءة ثم قال له: "إفعل ذلك في صلاتك كلها"161.
92
وقد عرفت رأينا في هذا الحديث إذ قلنا أنا لا نقيم له وزنا..
والذي عليه الامامية - تبعا لأئمة العترة الطاهرة عليهم السلام - أن قراءة الفاتحة بالعربية الصحيحة فرض في الركعتين الأوليين من كل فرض ونفل162 على المنفرد والامام، أما المأموم فيتحمل القراءة عنه إمامه163 ،وأما الركعتان الأخريان فيجب فيهما إما قراءة الفاتحة أو التسبيح على سبيل التخيير بينهما ولا يتحمل الإمام فيهما عن المأموم قراءة ولا تسبيحا.
وحجتنا على هذا كله: نصوص أئمتنا - وهم اعتدال الكتاب عليهم السلام -
93
على أن قراءة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل من الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب ثابت في الصحاح والمسانيد كلها من حديث أبي قتاد الحرث بن ربعي وغيره، والأصل فيما بفعله في صلاته صلى الله عليه وآله وسلم هو الوجوب164، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي، ولئن ثبت عنه قراءة الفاتحة في الركعتين الأخريين فقد بت عنه أيضاً الذكر فيهما، وصورته: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، مأثورة من طرق الأئمة من عترته الطاهرة، وقد يشهد له حديث سعد بن أبي وقاص الموجود في صحيح البخاري وغيره من الصحاح والمسانيد إذ شكاه أهل الكوفة إلى عمر حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي، فقال سعد: والله لقد كنت أصلي بهم صلاة رسول الله ما أخرم عنها ،فأركد – أطيل القيام بقراءة الفاتحة والسورة – في الركعتين الأوليين، وأخف في الركعتين الأخريين – أي أسرع فيها اقتصاراً على التسبيح أو الفاتحة مجردة عن غيرها – والله تعالى أعلم.
94
هوامش
*147- فراجع فقههم وحسبك غنية المتملي الكبير والصفير المنتشران كرسائل عملية.
148- هذا متواتر عنه، وممن نقله فخر الدين الرازي أول صفحة 1، 8من الجز، الأول من تفسيره الكبير ثم قال: واعلم أن مذهب أبي حنيفة في هذه المسألة بعيد جدا ولهذا السبب فإنالفقيه أبا الليث السمرقندي والقاضي أبا زيد الدبوسي صرحا بتركه.
149- واحتجوا أيضا بما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا صلاة إلا بقراءة حيث أطلق القراءة وهذا ما يدعون. والجواب أن هذا لو صح لوجب حمله على قوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا صلاة لمن لا يقرأ بفاتحة الكتاب , ولا غرو فإن المطلق يحمل على المقيد إجماعاً وقول واحد.
150- شهد بدراً وأحداً وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وشهد معه بدر أخواه خلاد ومالك ابنا رفاعة، وشهد رفاعة هذا أمير المؤمنين الجمل وصفين وكان من أشد أوليائه له نصرة بالقول والفعل ، يعلم ذلك من ترجمته في الإصابة وغيرها من المؤلفات في أحوال الصحابة.
151- تجده في آخر باب وجوب القراءة للأمام والمأموم في الصلاة كلها صفحة 441 من الجزء الثاني من إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري أثن، شرحه لحديث أبي هريرة هذا بنقلهعن كل من أبي داود وأحمد وابن حبان.
152- كبعض المعتزلة والشيعة.
153- كأعلام غير الحنفية من الجمهور .
154- قال الامام النووي حول حديث أبي هريرة هذا في باب وجوب قراءة الفاتحة من شرح صحيح مسلم. وأما قوله: اقرأ ما تيسر معك من القرآن فمحمول على الفاتحة فإنها متيسرة أو على ما زاد على الفاتحة أو على من عجز عن الفاتحة.وقال الامام السندي أثن، كلامه في حديث أبي هريرة هذا من تعليقه على صحيح البخاري ما هذا لفظه: قوله اقرأ ما تيسر معك كأنه قال له ذلك بن، على أن المتيسر لمثله هي الفاتحة قال: على أنه ورد في بعض الروايات أنه عين له الفاتحة.
155- أخرجه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه بسند صحيح وكذا رواه أبو حاتم بن حبان ونقله عنهما مصرحا بصحته الإمام النووي في باب وجوب قراءة الفاتحة من شرحه لصحيح مسلم
156- أخرجه أبو داود في باب من ترك القراءة في صلاته من السنن وأخرج ثمة عن أبي هريرة أيضا من طريق آخر قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أنادي لا صلاة إلا بقر، ة الفاتحمة فما زاد
157- أخرجه أبو داود في الباب الآنف الذكر ومسلم عن أبي هريرة من طرق كثيرة في باب وجوب قراءة الفاتحة من كل ركعة من صحيحه.
158- سورة المزمل، الآية: 20.
159- سورة الشعراء، الآية: 196.
160- سورة الأعلى. الآية: 18، 19.
161- قال الامام النووي الشافعي في باب وجوب قراءة الفاتحة من شرحه لصحح مسلم: والذي عليا جمهور العلماء من السلف والخلف وجوب الفاتحة في كل ركعة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم للإعرابي الذي لم يحسن صلاته: افعل ذلك في صلاتك كله. قلت: وقد تعلم أن النووي والشافعي وغيرهما ممن يوجب قراءة الفاتحة في كل ركعة من ركعات الصلاة لا يسنى له اعتبار حديث أبي هريرة إلا بعمل قوله فيه: فاقرأ ما تيسر معك من القرآن على خصوص الفاتحة.
162- يجب عندنا في كل من الركعتين الأوليين من الفرائض الخمس قراءة سورة كاملة بعد الفاتحة لثبوت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث أبي قتادة وقد أخرجا البخاري في صحيحه وأخرجه غيره، ويجوز عندنا ترك السورة في بعض الأحوال بل قد يجب مع ضيق الوقت ونحوه من موارد الضرورة، أما النافلة فيجب فيها الفاتحة فقط ومعنى وجوبها فيها أنها شرط في صحته.
163- لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة، وهذا حديث مأثور عند الجمهور من عدة طرق تجده في مبحث قراءة الفاتحة من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة وتجد ثمة القول بمنع المأموم عن القراءة مأثورا عن أمير المؤمنين والعبادلة في ثمانين من كبار الصحابة، بل تجد القول بفساد صلاة المأموم إذ قرأ خلف لم أمامه مأثورا عن عدة أخرى من الصحابة. والأحوط عندنا بل الأقوى للمأموم ترك القراءة في الركعتين الأوليين من الاخفاتية ،وكذا في الأوليين من الجهرية إذا سمع من صوت إمامه ولو الهمهمة عملا بقولا تعالى: {وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلك ترحمون }. إما إذا لم يسع حتى الهمهمة جاز للمأمون بل استحب له القراءة.
164- كما نص علبه الإمام السندي في تعليقه على حديث سعد من صحيح البخاري الذي أشرنا إليه في الأصل.