المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العلامه الألباني يستبعد أن الزهراء سألت أباها فدك فمنعها ثم طالبت بها بعده


وهج الإيمان
30-10-2017, 02:56 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
تأمل أخي القارئ ماورد في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال للزهراء أن لها أن تسأله ماشائت من ماله :
- قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حينُ أُنزلَ عليهِ : {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } [ 26 / الشعراء / الآية - 214 ] يا معشرَ قريشٍ ! اشترُوا أنفسَكُمْ مِنَ اللهِ . لا أُغني عنكُم منَ اللهِ شيئًا . يا بني عبدَالمطَّلبِ ! لا أُغني عنكُم منَ اللهِ شيئًا . يا عباسُ بنَ عبدِالمطَّلبِ ! لا أُغني عنكَ منَ اللهِ شيئًا . يا صفيةُ عمةَ رسولِ اللهِ ! لا أُغني عنكَ منَ اللهِ شيئًا . يا فاطمةُ بنتَ رسولِ اللهِ ! سليني بما شئتِ . لا أُغني عنكَ منَ اللهِ شيئًا .
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 206 | خلاصة حكم المحدث : صحيح |
- قام رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حينَ أَنَزَلَ اللهُ : وأنذر عشيرتك الأقربين قال : يا معشرَ قريشٍ، أو كلمةً نحوها ، اشتروا أنفسَكم ، لا أُغْنِي عنكم مِن اللهِ شيئًا، يا بني عبدِ منافٍ، لا أُغْنِي عنكم مِن اللهِ شيئًا، يا عباسُ ابنُ عبدِ المطلبِ، لا أُغْنِي عنك مِن اللهِ شيئًا، ويا صفيةُ عمةَ رسولِ اللهِ، لا أُغْنِي عنكِ مِن اللهِ شيئًا، ويا فاطمةُ بنتَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، سَلِيني ما شِئْتِ مِن مالي، لا أُغْنِي عنك مِن اللهِ شيئًا.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 4771 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] |

اقول : لقد استنكر العلامه الالباني الروايه التي فيها أن عمر بن عبدالعزيز قال أن الزهراء طالبت بفدك من والدها فأبى قال في ضعيف أبي داوود – الأم : -518 عن المغيرة قال:
جمع عمر بن عبد العزيز بني مروان حين استُخْلِف فقال:
إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت له فدك، فكان ينفق منها، ويعود منها على
صغير بني هاشم، ويزوِّج فيها أيِّمهًم، وإن فاطمة سألته أن يجعله لها؟
فأبى. فكانت كذلك في حياة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى مضى لسبيله. فلما أن
ولي أبو بكر رضي الله عنه؛ عمل فيها بما عمل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حياته،
حتى مضى لسبيله. فلما أن ولي عمر؛ عمِل فيها بمثل ما عمِلا، حتى
مضى لسبيله. ثم أقْطِعها مروانُ، ثم صارت لعمر بن عبد العزيز، قال
- يعني: عمر بن عبد العزيز-:
فرأيت أمراً منعهُ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاطمة عليها السلام ليس لي بحق،
وأنا أُشْهِدُكم أني قد رددتها على ما كانت،- يعني: على عهد رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(قلت: إسناده ضعيف مرسل، وقوله: إن فاطمة سألته أن يجعله لها؟
فأبى.. منكر. والمغيره- هو: ابن مقسم- مدلس) .
إسناده: حدثنا عبد الله بن الجراح: ثنا جرير عن المغيرة.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مرسل، عمر بن عبد العزيز تابعي جليل، لم
يدرك القصة.
والمغيرة- وهو: ابن مقسم- مدلس، وعبد الله بن الجراح صدوق يخطئ، وفيه
وفيه
جملة استنكرتُها، وهي قوله: (إن فاطمة سألته أن يجعل أرض فدك لها؟ فأبى) ؛
ووجه الاستنكار مِن ناحيتين:
الأولى: أنها لم ترد في شيء من طرق الحديث الصحيحة عن عمر وعائشة
وغيرهما في "الصحيحين " و"السنن " وغيرهما، وحديثهما في الكتاب الآخر
(2624- 2631) .
والأخرى: أنتي أستبعد جداً أن تكون السيدة فاطمة سألت أباها (فدكاً)
فمنعها! إياها، ثم بعد وفاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تطالب بها أبا بكر، وتخاصمه في ذلك
- كما هو معروف-؛ هذا شبه مستحيل. والله أعلم.
http://shamela.ws/browse.php/book-5914/page-826#page-825
اقول : وهذا تعليق من الدكتور السني محمد بن الأزرق الأنجري :
فدك بين الصديق والطاهرة ج3 :
ولنا أن نسأل هنا العاطفيين :
إنكم ترون قرار مولانا أبي بكر صوابا ، فما قولكم في تصرّف معاوية حين حرَم الأمة من غلّة " فدك " وأهداها مِلكا لحليفه مروان بن الحكم يتوارثه أبناؤه إلى زمن الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز ؟
إن صوّبتم فعل معاوية ، خطّأتم سيدنا أبا بكر . كيف ؟
إنكم ترون أن فدكا لا تورث ، لذلك رفض سيدنا أبو بكر منحها لمولاتنا فاطمة .
وترون أن فدكا أرض أوقفها رسول الله ومن بعده الخلفاء الراشدون على المنافع العامة للأمة.
وهذا معاوية يترك سنة رسول الله وخلفائه الراشدين ثم يفوّت أرضا مملوكة للأمة لواحد من النواصب الحاقدين .
هل تقرّون أن تصرّفه جريمة مالية في حقّ الأمّة كما أقرّ الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز رحمه الله ؟
وإن سوّغتم فعل معاوية غفر الله لنا وله، وزعمتم أن الحاكم من حقه أن يهب مِلكا عاما لواحد من أمته ، فإنكم تطعنون في اجتهاد سيدنا أبي بكر من حيث لا تشعرون .
إن الصديق رفض بشدة أن يمنح الطاهرة فاطمة أرض فدك ، وغبار نعلها أشرف وأطهر من مروان الناصبي الخائن الفتان .
فكيف استسهل معاوية - الذي تزعمون أنه كان على سيرة الشيخين – تمليك أرض عامة ومنفعتها لرجل من عشيرته ؟
ألا يدلّ ذلك على أنه كان ملكا لا خليفة ؟
وأنه كان يتعمّد استفزاز آل البيت الكرام ، إذ منح ما حُرِمت منه أمهم الطاهرة أحدَ أعدائهم النواصب في حياة مولانا الحسين ؟
على كل حال ، فقد أقرّ الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز أن تصرّف أجداده غصب وتسلط على " مال الأمة "، تخلّص منه رحمه الله بردّه إلى ما كان عليه زمن الشيخين رضي الله عنهما .
وبخصوص قول سيدنا عمر الأموي : « ... وَإِنَّ فَاطِمَةَ سَأَلَتْهُ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهَا فَأَبَى» ، فهو خبر مرسل ، إذ أن عمر تابعي ، لم يدرك زمن القصة ، وقد تفرّد بهذا الخبر الباطل ، الذي لا نشك أنه تلقاه من أجداده الأمويين النواصب كما ورث منهم أرض فدك قبل أن يعيدها للأمة .
والدليل على بطلان ما أرسله رحمه الله ، هو الروايات الدالة على أنه وهبها فدك ، وستأتني .
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يمنع ابنته الطاهرة طلبها فإنه قال لها ، في بداية البعثة: « يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي ، لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا » ( صحيح البخاري ح 4771 وصحيح مسلم 351 - (206) )
أي اطلبي ما شئت من المال ، فإنني أملك ذلك ، أما الآخرة بيد الله ، إن آمنت لك الجنة وإن كفرت لك غير ذلك .
فكيف يفتح الله عليه الدنيا قبل موته ، ثم يرفض منح جزء منها لأحب الخلق إليه ، فاطمة بنته ؟
وكيف يرفض وهو القائل عليه السلام في صحيح البخاري ح 1295 وصحيح مسلم 5 - (1628) :
( إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ )
وقد سبق الشيخ الألباني لاستنكار ما نسبه ابن عبد العزيز رحمه الله للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال في ضعيف أبي داود - الأم (2/ 420) : ( ... وفيه جملة استنكرتُها، وهي قوله: (إن فاطمة سألته أن يجعل أرض فدك لها؟ فأبى) ؛ ووجه الاستنكار مِن ناحيتين:
الأولى: أنها لم ترد في شيء من طرق الحديث الصحيحة عن عمر وعائشة وغيرهما في "الصحيحين " و"السنن " وغيرهما، وحديثهما في الكتاب الآخر (2624- 2631) .
والأخرى: أنني أستبعد جداً أن تكون السيدة فاطمة سألت أباها (فدكاً) فمنعها! إياها، ثم بعد وفاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تطالب بها أبا بكر، وتخاصمه في ذلك - كما هو معروف-؛ هذا شبه مستحيل. والله أعلم. هـ
ثانيا : المأمون العباسي يتحرّى فيأمر بردّ فدك إلى ورثة مولاتنا فاطمة :
قال العلامة الثقة الحافظ البلاذري في فتوح البلدان (ص: 41) : لما كانت سنة عشر ومائتين ، أمر أمير الْمُؤْمِنِين المأمون، عَبْد اللَّهِ بْن هارون الرشيد فدفعها إِلَى ولد فاطمة وكتب بذلك إِلَى قثم بْن جَعْفَر عامله عَلَى المدينة :
أما بعد، فإن أمير الْمُؤْمِنِين بمكانه من دين اللَّه. وخلافة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والقرابة به أولى منَ استن سنته، ونفذ أمره وسلم لمن منحه منحة وتصدق عَلَيْهِ بصدقة منحتَه وصدقتَه، وبالله توفيق أمير المؤمنين وعصمته، وإليه في العمل بما يقربه إليه رغبته.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى فاطمة بنت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدك وتصدق بها عليها، وكان ذلك أمرا ظاهرا معروفا لا اختلاف فيه بَيْنَ آل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه، ولم تزل تدعي منه ما هُوَ أولى به من صدق عَلَيْهِ.
فرأى أمير الْمُؤْمِنِين أن يردها إِلَى ورثتها ويسلمها إليهم تقربا إِلَى اللَّه تعالى بإقامة حقه وعدله وإلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتنفيذ أمره وصدقته، فأمر بإثبات ذلك في دواوينه والكتاب به إِلَى عماله، فلأن كان ينادى في كل موسم بعد أن قبض اللَّه نبيه صلى اللَّه عَلَيْهِ أن يذكر كل من كانت له صدقة أو وهبة أو عدة ذلك فيقبل قوله وينفذ عدته، أن فاطمة رضي اللَّه عنها لأولى بأن يصدق قولها فيما جعل رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لها.
وقد كتب أمير الْمُؤْمِنِين إِلَى المبارك الطبري مولى أمير الْمُؤْمِنِين يأمره برد فدك عَلَى ورثة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بحدودها وجميع حقوقها المنسوبة إليها وما فيها من الرقيق والغلات وغير ذلك وتسليمها إِلَى مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن الْحُسَيْن بْن زيد بْن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وَمُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن الْحَسَن بْن على بن الحسين ابن علي بْن أَبِي طالب لتولية أمير الْمُؤْمِنِين إياهما القيام بها لأهلها فاعلم ذلك من رأي أمير الْمُؤْمِنِين وما ألهمه اللَّه من طاعته ووفقه له منَ التقرب إليه وإلى رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأعلمه من قبلك، وعامل محمد بن يحيى ومحمد ابن عَبْد اللَّهِ بما كنت تعامل به المبارك الطبري، وأعنهما عَلَى ما فيه عمارتها ومصلحتها ووفور غلاتها إن شاء اللَّه والسلام» وكتب يوم الأربعاء لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة عشر ومائتين، فلما استخلف المتوكل عَلَى اللَّه رحمه اللَّه أمر بردها إِلَى ما كانت عَلَيْهِ قبل المأمون رحمه اللَّه.
قلت : أدرك العلامة البلاذري المأمون العباسي وله فيه مدائح ، وجالس المتوكل ، وكان كاتبا أديبا خبيرا برسائل الملوك ، عارفا بأخبارهم ، فالخبر ثابت صحيح .
وفي كتاب الأوائل للعسكري (ص: 258 و ص 259) : من طريق محمد بن زكريا الغلابي عن عبيد الله بن محمد ابن عائشة : ثم قبضها يزيد بن عبد الملك، فلما ولي أبو العباس ردها إلى عبد الله بن الحسن، ثم قبضها أبو جعفر، ثم ردها المهدي على ولد فاطمة، ثم قبضها موسى وهارون، ثم ردها عليهم المأمون.
ثم روى عن محمد بن زكريا عن مهدى بن سابق قال: جلس المأمون للمظالم، وأول رقعة وقعت فى يده نظر فيها وبكى، ثم قال: أين وكيل فاطمة بنت رسول الله- صلّى الله عليه وسلم-؟ فقام شيخ وعليه دراعة وعمامة وخف ثغري، فتقدم فجعل يناظره فى فدك، والمأمون يحتج عليه وهو يحتج على المأمون، ثم أمر أن يسجل بها لهم فسجل وأمضاه المأمون، فأنشأ دعبل يقول:
أصبح وجه الزّمان قد ضحكا ... بردّ مأمون هاشم فدكا
فلم تزل فى أيديهم حتى كان أيام المتوكل، فأقطعها عبد الله بن عمر الباريار، وكان فيها إحدى عشرة نخلة مما غرسه رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- بيده، وكان آل أبى طالب يأخذون ذلك الثمر، فإذا قدم الحجاج أهدوا إليهم منه، فيصل إليهم به مال جليل، فبلغ المتوكل ذلك، فأمر عبد الله بن عمر بصرمه ويعصره، فوجه رجلا يقال له بشر بن أمية الثقفي، فصرمه وعصره، وذكروا أنه جعله نبيذا، فما وصل إلى البصرة حتى ملح، وقتل المتوكل.
في إسناد هذه الأخبار محمد بن زكريا الغلابي العلامة الإخباري ، وهو مختلف فيه ، لكنه مقبول في التاريخ ، وطريق البلاذري شاهد لصدقه في قصة المأمون والمتوكل .
وقال المؤرخ أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن علي الحموي (المتوفى: 732هـ) في كتاب "المختصر في أخبار البشر" (2/ 32) ومثله في تاريخ ابن الوردي (1/212) :
كان المأمون شديد الميل إِلى العلويين، والإحسان إِليهم رحمه الله تعالى، ورد فدك على ولد فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلمها إِلى محمد ابن يحيى بن الحسن بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ليفرقها على مستحقيها من ولد فاطمة، وكان المأمون فاضلاً مشاركاً في علوم كثيرة. هـ
وبعد مقتل المتوكل الذي كان شديدا على آل البيت ، خلفه ابنه الملك العادل الصالح محمد المنتصر بالله ، وكرّر سنّة المأمون الحسنة بخصوص فدك :
قال الحافظ الذهبي في تاريخ الإسلام (18/416) : كان أبوه المتوكًل قد أمر بهدْم القبر، وأن يعاقب مَن وُجد هناك. فلمّا ولي المنتصر أمر بالكفّ عن آل أبي طَالِب وردّ فَدَك على آل الْحُسَيْن.
وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي (ص: 260) : كان ... وافر العقل، راغبًا في الخير، قليل الظلم، محسنًا إلى العلويين، وصولًا لهم، أزال عن آل أبي طالب ما كانوا فيه من الخوف والمحنة بمنعهم من زيارة قبر الحسين، وردّ على آل الحسين فدَك، فقال يزيد المهلبي في ذلك:
ولقد بررت الطالبية بعدما ... ذموا زمانًا بعدها وزمانًا
ورددت ألفة هاشم فرأيتهم ... بعد العداوة بينهم إخوانًا
قال ابن الأزرق :
بحثَ المأمونٌ جذورَ قصة فدك ، وهو رجل علم من جهة ، وملك له مستشارون وعلماء وفقهاء ومؤرخون أصدر الأمر إليهم بالبحث الجاد والتمحيص العميق ، فانتهى إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم وهب فدكا لبضعته الطاهرة فاطمة عليها السلام ، لذلك أمر بتمكين ذريتها المعاصرة له من حقهم .
ولا يفهمّن أحد أن المأمون أفضل من الصديق ، فلا تلازم بين فعله وأفضليته إلا عند معطلي حاسة العقل والتدبر .
يخطئ الفاضل ويصيب المفضول ، قاعدة مقرّرة عند كل العقلاء .
الخلاصة :
قصتا عمر بن عبد العزيز والمأمون مع فدك تؤكدان أن القضية لم تكن هينة كما هو شائع .
وتعامل الأول شهادة من داخل البيت الأموي على انحراف نظام حكم أجداده وتسلّطهم على أموال الأمة وظلمهم آل البيت الأطهار .
أما فعل المأمون ، فحدَث يعرّي الرواة الأوائل الذين تعمّدوا إخفاء الحقائق من جهة ، وتفننوا في تحريف القصة من ناحية .
فآل البيت كانوا يطلبون حقهم في سهم ذي القربى ، ومولاتنا فاطمة طالبت بهبة النبي لها ، ولم يطلبوا عليهم السلام ميراثا كما أشاع المحرّفون اهـ
اقول : وأثبت الدكتور السني الأنجري أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يورث ماله بعد رحيله وأنه يدخل في آيات المواريث حاله كحال بقية البشر وأنه تصدق بكل أمواله قبل وفاته لهذا لم يورث وأن المطالبين بميراثه لم يعلموا تصدقه بها ومطالبتهم أكبر دليل على أنه يورث :
قال الدكتور الأنجري في مقالته قضية فدك بين الصديق أبي بكر والطاهرة الزهراء
ابن الأزرق محمد الأنجري الطنجي
ج 1 :
يعتبر النزاع الذي جرى بين مولاتنا فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسيدنا أبي بكر الصديق أول خلافته حول أرض "فدك" ، أخطر نزاع لا تزال الأمة تدفع ثمنه .
فالشيعة لا يزالون يعلنون مظلومية آل البيت الأطهار شعارا ، ويتخذون ما جرى بين الصديق والطاهرة سبيلا للطعن في إيمانه وعدله ، محتجين بما ورد في الطاهرة من آيات وأحاديث .
وأهل السنّة والجماعة لا ينفكون يردّدون أن الحق كان مع الصديق ، وأن الطاهرة بالغت في خصومتها حين هجرته فلم تكلّمه حتى ماتت ، وأوصت أن تدفن ليلا ودون إعلام الخليفة الصديق ، بل يذهب بعض سفهائنا إلى حدّ التطاول على عقل الطاهرة وخلقها ، فيزعم أنها تعاملت بعقلية المرأة التي تحركها العاطفة .
قبّح الله تجديف الشيعة ، وأخزى تخريف السنة في هذه النازلة العظيمة .
والحقّ أن هناك سرّا غامضا يستوجب الكشف والتحري ، وهو ما لم يقم به أحد فيما أعلم ، فلله الأمر من قبل ومن بعد .
الأهداف والغايات :
قد يعيب علينا بعض الناس ولوج غمار هذا المبحث الشائك متخوّفين علينا من خطر الولوغ في الصحابة.
وهؤلاء واهمون ، فالصديق رضي الله عنه عندي أفضل الصحابة بعد آل البيت أصحاب الكساء ( وهم موالينا علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ) .
والتعرّض لشخصه عندي خطّ أحمر ، فلعنة الله على من أساء إلى رفيق رسول الله وصهره ووزيره ولو بشطر كلمة .
وربما يتساءل بعض المحبّين عن الفائدة والهدف من إحياء هذه القضية التي دفنها التاريخ ونسيها الناس .
والجواب :
أولا : من لم يعرف تاريخه ، عجز عن تفسير حاضره وتجاوز مخاطره .
ثانيا : نريد أن نقدم قراءة مختلفة عما قدمته المدرستان الكبيرتان ، وهي قراءة تنصف الطاهرة والصديق معا .
ثالثا : هذه القراءة ستكون كفيلة بإصمات غلاة الشيعة المتطاولين على الصديق ، وستسحب من يدهم سلاحا تاريخيا يعتمدونه وسيلة لتقوية مذهبهم ، ويصطادون به ضعفاء العقول من شباب السنة المفطور على محبّة آل بيت رسول الله ، فكم تشيّع أقوام بسبب ما يقدمه غلاة الشيعة في قنواتهم عن مظلومية العترة الشريفة بناء على روايات مبثوثة في تراثنا السني ، يتم استخراجها وتأويل مضامينها بما يضعف الثقة في علماء السنة ومذهبهم.
فمن واجبي أن أحرص على توعية أهل طائفتي ومذهبي دون هضم لحقوق المخالفين .
ومن حقي أن أسحب من الشيعة الغلاة أي سلاح فكري يمكنهم من إلحاق الجراحات بجسم مذهبي ، ولكن من غير تجديف ولا تخريف ولا دجل ، بل على أساس الإنصاف والتحقيق في الموروث
رسول الله يتصدق بأمواله قبل وفاته حقيقة ضائعة
قرّر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتصدق بكل أمواله قبل موته ، ليكون القدوة من جهة ، وليسبق الأمة لتطبيق ما حرّض عليه من الإنفاق في سبيل الله ، فلا ينطبق عليه قول الله تبارك وتعالى في سورة "الصّف": ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ (3).
وهذا القرار النبوي العظيم ، تؤكده هذه الأحاديث التي لم تعط حقها من الشرح والدرس :
قَالَتْ السيدة عَائِشَةُ أم المؤمنين رضي الله عنها: " مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا، وَلَا أَوْصَى بِشَيْءٍ " . ( مسند الطيالسي 3/175 ، ومسند أحمد ح 24176 و ح 25053 وح25538 ، وصحيح مسلم 18 - (1635) ، وسنن أبي داود 2863 ، وسنن النسائي ح3621 وسنن ابن ماجه ح 2695 )
وعَنِ مولانا ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْتَفَتَ إِلَى أُحُدٍ فَقَالَ: " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا يَسُرُّنِي أَنَّ أُحُدًا تَحَوَّلَ لِآلِ مُحَمَّدٍ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَمُوتُ يَوْمَ أَمُوتُ وَأَدَعُ مِنْهُ دِينَارَيْنِ، إِلَّا دِينَارَيْنِ أُعِدُّهُمَا لِدَيْنٍ إِنْ كَانَ " " فَمَاتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا تَرَكَ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا عَبْدًا وَلَا وَلِيدَةً، وَتَرَكَ دِرْعَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ - يَعْنِي مَرْهُونَةً عِنْدَهُ " ( مسند أحمد ح 2724 ح 2743 ، والمنتخب لعبد بن حميد ح 598 ، وتركة النبي (ص: 76) لحماد )
وعَنْ سيدنا أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمَئُونَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ " ( مسند أحمد ح7303 ، وصحيح البخاري ح 2776 )
وعَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، قَالَ: «مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا، وَلاَ دِرْهَمًا، وَلاَ عَبْدًا، وَلاَ أَمَةً، إِلَّا بَغْلَتَهُ البَيْضَاءَ الَّتِي كَانَ يَرْكَبُهَا، وَسِلاَحَهُ، وَأَرْضًا جَعَلَهَا لِابْنِ السَّبِيلِ صَدَقَةً» (صحيح البخاري ح 4461 وسنن النسائي ح3594 )
وخلاصة هذه الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم تخلّص من الأموال الثابتة والمتحركة التي كانت عنده عبر التصدّق بها قبل وفاته ، وشاع ذلك بين أصحابه ، فلم يلتحق بربّه إلا بعدما تخلّص من حطام الدنيا ومتاعها عبر التبرع والتصدق .
والنتيجة المنطقية لذلك ، أن وراثته لم تكن عملا ممتنعا يجعله صلى الله عليه وسلم مستثنى من قوله تعالى في سورة النساء : ( للرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً )
أو قوله جل وعزّ بعد ذلك : ( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا مَا تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ) .
فالآيات الواردة في الفرائض / المواريث ، عامة تشمل النبي صلى الله عليه وسلم .
والنبي عليه السلام تبرّع بأمواله تقرّبا إلى الله ، وتعليما للأمة ، وليس لأن أمواله لا يجوز أن تورث .
وأقوى دليل على أن أحكام الميراث كانت تشمله عليه السلام كغيره من الناس ، هو مطالبة أزواجه رضي الله عنهن ، وبضعته السيدة فاطمة عليها السلام ، وعمه مولانا العباس في حقوقهم .
أي أنهم لم يسمعوا يوما أن ميراث أموال رسول الله ممتنع شرعا ، فهم أولى بمعرفة ذلك ، لكنهم نسوا أو لم يعلموا أنه كان قد تصدق بأمواله قبل وفاته حتى أخبرهم بذلك غيرهم .
فعن عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ؛ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. فَيَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ نُورَثُ. مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ. ( رواه مالك في الموطأ 2/393 ، وأحمد 26260 ، وصحيح البخاري ح 6730 وصحيح مسلم رقم 51- 1758 )
وعنها أَنَّ فَاطِمَةَ وَالْعَبَّاسَ – عليهما السلام - أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَلْتَمِسَانِ مِيرَاثَهُمَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمَا حِينَئِذٍ يَطْلُبَانِ أَرْضَهُ مِنْ فَدَكَ، وَسَهْمَهُ مِنْ خَيْبَرَ، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو بَكْرٍ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْمَالِ " ، وَإِنِّي وَاللهِ لَا أَدَعُ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُهُ فِيهِ إِلَّا صَنَعْتُهُ . ( مسند أحمد رقم 9 و 25 و 58 ، وصحيح البخاري رقم 4035 وصحيح مسلم رقم 55 – 1759 )
وتذكر قولها رضي الله عنها المتقدم : " مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا، وَلَا أَوْصَى بِشَيْءٍ " .
تفهم معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ " .
فالنبي قال ذلك في سياق تبرعه بأمواله على سبيل الوقف فيما هو ثابت كالأراضي والمزارع ، وعلى طريق الصدقة فيما هو متحرك منقول كالدواب .
وما فهمه علماؤنا رحمهم الله من أن هذا الحديث ناسخ لعموم آيات المواريث غلط ناشئ عن عدم انتباههم للأحاديث المتضمنة لتصريحه عليه السلام بالتبرع والتصدق بأمواله ، على أن يسري مفعول الصدقة والوقف بعد موته لا حال حياته .
فعموم آيات الفرائض لا ينسخه أو يخصصه حديث آحاد ، ظني الثبوت ظني الدلالة على التحقيق ، ولو انتفت تلك الأحاديث الدالة على الصدقة .
أما وقد وجدنا تصدّق النبي وتبرّعه بكل أمواله ثابتا ، فلا مجال للنسخ أو التخصيص لعدم الحاجة إليهما . اهـ

أقول : ماذكره سليم لكن المطالبين بميراثه صلى الله عليه واله وسلم علموا أنه تصدق بأمواله قبل وفاته ومطالبتهم لأنهم يعلمون أنه أبقى لورثته مالا بنفس الدليل الذي احتج به الدكتور الأنجري :
- كانت عند رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سبعةُ دنانيرَ وضعها عند عائشةَ فلمَّا كان عند مرضِه قال يا عائشةُ ابعثي بالذَّهبِ إلى عليٍّ ثمَّ أُغمي عليه وشغل عائشةَ ما به حتَّى قال ذلك مِرارًا كلُّ ذلك يُغمَى على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ويشغلُ عائشةَ ما به فبعث إلى عليٍّ فتصدَّق بها وأمسَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حديدِ الموتِ ليلةَ الإثنين فأرسلت عائشةُ بمصباحٍ لها إلى امرأةٍ من نسائِها فقالت أَهدِي لنا في مصباحِنا من عُكَّتِك السَّمنَ فإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمسَى في حديدِ الموتِ
الراوي : سهل بن سعد الساعدي | المحدث : المنذري | المصدر : الترغيب والترهيب
الصفحة أو الرقم: 2/83 | خلاصة حكم المحدث : رواته ثقات محتج بهم في الصحيح
اقول : وهذا هو الدليل الذي ساقه الدكتور الأنجري نحتج به أن صلى الله عليه واله وسلم لم يتصدق بكل أمواله بل أبقى لورثته أنقل ماتقدم من كلامه كما مر عليك في هذا الموضوع في مقالته فدك بين الصديق والطاهره ج3 :
وكيف يرفض وهو القائل عليه السلام في صحيح البخاري ح 1295 وصحيح مسلم 5 - (1628) :
( إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ ) اهـ
دمتم برعاية الله
كتبته / وهج الإيمان