وهج الإيمان
10-12-2017, 09:36 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
لقد أثبتت كتب التفاسير السنيه أن زكريا عليه السلام خاف على ماله أن يستولي عليه الموالي بعد رحيله فسأل الله أبنا يرثه ويرث من آل يعقوب
وهذا اعتقاد الصحابي ابن عباس ترجمان القران ومن دعا له رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بعلم الكتاب والتأويل
قال الشيخ المنجد في فتوى من موقعه الإسلام سؤال وجواب رقمها 228565 أنقل منها موضع الشاهد :
انِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قال : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الخَلاَءَ فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا ، قَالَ : ( مَنْ وَضَعَ هَذَا ؟) ، فَأُخْبِرَ ، فَقَالَ : (اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ) رواه البخاري ( 143 ) ، ومسلم ( 2477 ) .
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : " ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ : ( اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ) "رواه البخاري ( 75 ) .
وروى الإمام أحمد في " المسند " ( 4 / 225 ) عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَتِفِي - أَوْ عَلَى مَنْكِبِي ، شَكَّ سَعِيدٌ - ثُمَّ قَالَ : ( اللهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ ) ، وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 6 / 173 ) .
وهذه الأحاديث فيها دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه بالفقه في الدين والعلم بالقرآن ، وهذا ما تحقق حيث أصبح ابن عباس عالما من علماء الصحابة ومفسريهم .
اهـ
وقال الشيخ المنجد أيضآ ويهمنا هذا من كلامه في نفس الفتوى السابقه : لا شك أن لابن عباس مزية بهذا الدعاء ، فهو أقرب إلى الصواب من غيره اه
- جاء في تفسير القرطبي : قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : خاف أن يرثوا ماله وأن ترثه الكلالة ، فأشفق أن يرثه غير الولد .
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/qort...ra19-aya5.html
وهو اختيار ابن جرير في تفسيره وهو أصح التفاسير كما قال الشيخ ابن تيميه أن زكريا عليه السلام أراد وراثة المال ، واقرار ابن عطيه أن أكثر المفسرين على أن زكريا أراد وراثة المال حيث قال في تفسيره : "والأكثر من المفسرين على أن زكريا إنما أراد وراثة المال؛ " نأتي الان لنعرف ماذا ورث يحيى عليه السلام من والده ومن آل يعقوب لان هناك من الساخرين من يقول هل ورث مسامير ومطرقه لأن والده كان نجارا ومثل هذا الميراث لايخاف زكريا عليه السلام منه على الموالي !!
قال الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في كتابه الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل أنقل منه موضع الشاهد بالهامش :
إِضافة إِلى أنّه يستفاد من قسم من الرّوايات أن هدايا ونذوراً كثيرة كانت تجلب إِلى الأحبار ـ وهم علماء اليهود ـ في زمان بني إِسرائيل، وكان زكريا رئيس الأحبار(1).
وإِذا تجاوزنا ذلك، فإِن زوجة زكريا كانت من أسرة سليمان بن داود، وبملاحظة الثروة الطائلة لسليمان بن داود، فقد كان لها نصيب منها.
لقد كان زكريا خائفاً من وقوع هذه الأموال بأيدي أناس غير صالحين، وانتهازيين، أو أن تقع بأيدي الفساق والفجرة، فتكون بنفسها سبباً لنشوء وانتشار الفساد في المجتمع، لذلك طلب من ربّه أن يرزقه ولداً صالحاً ليرث هذه الأموال وينظر فيها، ويصرفها في أفضل الموارد. اهـ
ــــــــــــــ
(1) نور الثقلين، ج3، ص323.
جاء في كتاب دراسة تحقيقية ناظرة للشبهات التي طرحها إحسان إلهي ظهير في كتابه ، الشيعة وأهل البيت ، حول مسألة فدك
السيد د/ جاسم الموسوي ص167 -170
القرينة الثالثة النصوص التاريخية
إن زكريا عليه السلام لم تكن له أموال حتى يحتاج إلى وارث يرثها من بعده ، فإن كتب التاريخ التي تعرضت لحال زكريا عليه السلام ، أشارت إلى أنه كان فقيرآ يمتهن التجارة .
قال ابن الجوزي في تقرير هذه القرينة : (( إنه لم يكن ذا مال ، وقد روى أبوهريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن زكريا كان نجارآ )) (1) ، وقال ابن كثير : (( لم يذكر أنه (زكريا ) كان ذا مال ، بل كان نجارآ يأكل من كسب يديه ، ومثل هذا لايجمع مالآ ، ولاسيما الأنبياء فإنهم كانوا أزهد شيء في الدنيا )) (2) .
المناقشة
إن دعوى كون زكريا عليه السلام لم تكن له أموال رجم بالغيب ، وماذكر من الشواهد لاتعدو كونها أخبار أحاد ، لاتكفي لصرف الآية الكريمة عن ظهورها ، ويعارضها أمران أساسيان ثابتان بالنص القطعي ، يشهدان على أن زكريا عليه السلام كانت بيده مصادر مالية أساسية كبيرة ، وهذان الأمران هما :
1- كونه رئيس الأحبار
إن المتفق عليه بين المفسرين والمؤرخين هو أن زكريا عليه السلام كان (( رأس الأحبار )) (3) . ومن المعلوم أن الحبورة كانت مؤسسة دينية ، وجهازآ يضم تحت مظلته أعدادآ كبيرة من رجال الدين وخدمة المعابد ، وكان لها سلطات واسعة وموارد مالية كبيرة لتسيير أمورها ، تحصل عليها إما من الحكومات القائمة آنذاك ، أو من الهدايا والنذورات والقرابين بل قد يقال إن لها مصادر مالية مستقلة وثابتة ، من قبيل الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية . فإذن ، كانت تحت يديه عليه السلام أموال عامة ، خشي أن تقع بيد عمومته من بعده .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) زاد المسير ، ج5 ص147 .
(2) تفسير ابن كثير ، ج3 ، ص117
(3) تفسير الثعلبي ، ج3 ، ص57 ، تفسير البغوي ، ج3 ، ص189، تفسير الرازي ، ج21 ، ص185 .
2- إرتباطه بأسرة سليمان بن داود عليه السلام المعروفة بالثراء والملك
إن الذي عليه أكثر مفسري السنة هو أن زوجة زكريا عليه السلام كانت أخت مريم بنت عمران عليها السلام ، وكانت من ولد سليمان بن داود وكان نسبها يتصل بيعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام قال الرازي : اتفق أكثر المفسرين على أن يعقوب – ههنا – هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام لأن زوجة زكريا هي أخت مريم ، وكانت من ولد سليمان بن داود يهوذا بن يعقوب (1) .
فالمراد من (آلِ يَعْقُوبَ ) في الآية الكريمة ليس شخص يعقوب عليه السلام ، ولاجميع آل يعقوب ، وإنما بعضهم ، كما هو واضح ، وهي زوجة زكريا عليه السلام وعليه فيكون معنى قوله تعالى : (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) ، هو : يرثني ويرث امرأتي ، وهي بعض آل يعقوب .
ومن الواضح أن أسرة سليمان بن داود أسرة عريقة ، معروفة بالثراء الملك ، فلاشك في عظمة ملك سليمان وثروته ، كما حكاها القرآن الكريم ، كما لاشك في أن مثل هذه الثروة العظيمة لاتفنى إلى قرون مديدة ، بل إنها ربما تتوسع بمرور الأيام ، فيما لووقعت بأيدٍ صالحة كورثة سليمان عليه السلام ولامنافاة في ذلك مع النبوة إذ إن أصل الثروة والملك كان ثابتآ لنبي الله سليمان عليه السلام بنص القرآن الكريم ، بل إنه عليه السلام دعا الله تعالى ليرزقه ذلك ، وقد استجاب عزوجل له دعاءه ، كما حكي ذلك في قوله تعالى : قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ * فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ* وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (ص35-39)
ولاشك في أن ورثة سليمان عليه السلام قد استعملوا هذه الثروة في أعمال البر والصلاح ، كما هو ديدن أولاد الأنبياء عليهم السلام وأحفادهم ، وليس هناك دليل على إنحرافهم وفسقهم ، وكما يقال: عدم الدليل دليل على العدم بل هناك احتمال أنه من الممكن أنهم قاموا بتطويرها وتوسعتها على مر الأيام ، حتى وصل الأمر إلى أحد أحفادهم الصالحين ، وهي زوجة زكريا عليه السلام .
والحاصل إن زكريا عليه السلام كان له مصدران أساسيان للمال والثروة والملك ، وهما الحبورة ، باعتباره رئيس الأحبار ، وزوجته ، بإعتبارها من أسرة سليمان بن داود ، كما لايبعد أن يقال : إن قوله تعالى : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًاّ ) ، بحد ذاته قرينة على وجود أموال تحت يد زكريا عليه السلام بل يمكن القول إنها أموال طائلة ، كانت ستغير كثيرآ من الأمور لووقعت بأيدٍ غير مناسبة .
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) تفسير الرازي ج21 ، ص 184 اهـ
التفسير المطول - سورة النمل 027 - الدرس (03-18): تفسير الآيات 15 - 19
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1989-12-22
النبوَّة كما تعلمون في علم العقيدة لا تُوَّرَّث اه
وقال الشيخ السني الدكتور مصطفى بنحمزة رئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة وعضو المجلس العلمي الأعلى في مقالته بعنوان إرث المرأة..الحقيقة الشرعية والادعاء : د. مصطفى بنحمزة
أنقل منها موضع الشاهد :
"وفي هذا الإطار يجب استحضار أمر أساسي هو رغبة مالك المال في أن ينتقل إلى أبنائه ومن يحمل اسمه، ويكون امتدادا له، لأن هذا المال إما أن يكون حصيلة جهد وكد، وإما أن يكون شيئا من تراث العائلة وما توارثته، ويشهد لهذا النزوع أن نبي الله زكرياء عليه السلام قد أعلن عن تخوفه من أن يصير المال بددا بعده أو يقع بأيدي الأجانب فقال في شكواه إلى ربه: “إني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب” فهو قد رجا أن يستمر ماله في ولده، وأن تكون الوراثة والاستمرار في ولد يعقوب." اه
أقول : وجاء بعد يحيى عليه السلام المنذر بن شمعون الصفا (ع)
دمتم برعاية الله
كتبته وهج الإيمان
اللهم صل على محمد وال محمد
لقد أثبتت كتب التفاسير السنيه أن زكريا عليه السلام خاف على ماله أن يستولي عليه الموالي بعد رحيله فسأل الله أبنا يرثه ويرث من آل يعقوب
وهذا اعتقاد الصحابي ابن عباس ترجمان القران ومن دعا له رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بعلم الكتاب والتأويل
قال الشيخ المنجد في فتوى من موقعه الإسلام سؤال وجواب رقمها 228565 أنقل منها موضع الشاهد :
انِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قال : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الخَلاَءَ فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا ، قَالَ : ( مَنْ وَضَعَ هَذَا ؟) ، فَأُخْبِرَ ، فَقَالَ : (اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ) رواه البخاري ( 143 ) ، ومسلم ( 2477 ) .
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : " ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ : ( اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ) "رواه البخاري ( 75 ) .
وروى الإمام أحمد في " المسند " ( 4 / 225 ) عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَتِفِي - أَوْ عَلَى مَنْكِبِي ، شَكَّ سَعِيدٌ - ثُمَّ قَالَ : ( اللهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ ) ، وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 6 / 173 ) .
وهذه الأحاديث فيها دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه بالفقه في الدين والعلم بالقرآن ، وهذا ما تحقق حيث أصبح ابن عباس عالما من علماء الصحابة ومفسريهم .
اهـ
وقال الشيخ المنجد أيضآ ويهمنا هذا من كلامه في نفس الفتوى السابقه : لا شك أن لابن عباس مزية بهذا الدعاء ، فهو أقرب إلى الصواب من غيره اه
- جاء في تفسير القرطبي : قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : خاف أن يرثوا ماله وأن ترثه الكلالة ، فأشفق أن يرثه غير الولد .
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/qort...ra19-aya5.html
وهو اختيار ابن جرير في تفسيره وهو أصح التفاسير كما قال الشيخ ابن تيميه أن زكريا عليه السلام أراد وراثة المال ، واقرار ابن عطيه أن أكثر المفسرين على أن زكريا أراد وراثة المال حيث قال في تفسيره : "والأكثر من المفسرين على أن زكريا إنما أراد وراثة المال؛ " نأتي الان لنعرف ماذا ورث يحيى عليه السلام من والده ومن آل يعقوب لان هناك من الساخرين من يقول هل ورث مسامير ومطرقه لأن والده كان نجارا ومثل هذا الميراث لايخاف زكريا عليه السلام منه على الموالي !!
قال الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في كتابه الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل أنقل منه موضع الشاهد بالهامش :
إِضافة إِلى أنّه يستفاد من قسم من الرّوايات أن هدايا ونذوراً كثيرة كانت تجلب إِلى الأحبار ـ وهم علماء اليهود ـ في زمان بني إِسرائيل، وكان زكريا رئيس الأحبار(1).
وإِذا تجاوزنا ذلك، فإِن زوجة زكريا كانت من أسرة سليمان بن داود، وبملاحظة الثروة الطائلة لسليمان بن داود، فقد كان لها نصيب منها.
لقد كان زكريا خائفاً من وقوع هذه الأموال بأيدي أناس غير صالحين، وانتهازيين، أو أن تقع بأيدي الفساق والفجرة، فتكون بنفسها سبباً لنشوء وانتشار الفساد في المجتمع، لذلك طلب من ربّه أن يرزقه ولداً صالحاً ليرث هذه الأموال وينظر فيها، ويصرفها في أفضل الموارد. اهـ
ــــــــــــــ
(1) نور الثقلين، ج3، ص323.
جاء في كتاب دراسة تحقيقية ناظرة للشبهات التي طرحها إحسان إلهي ظهير في كتابه ، الشيعة وأهل البيت ، حول مسألة فدك
السيد د/ جاسم الموسوي ص167 -170
القرينة الثالثة النصوص التاريخية
إن زكريا عليه السلام لم تكن له أموال حتى يحتاج إلى وارث يرثها من بعده ، فإن كتب التاريخ التي تعرضت لحال زكريا عليه السلام ، أشارت إلى أنه كان فقيرآ يمتهن التجارة .
قال ابن الجوزي في تقرير هذه القرينة : (( إنه لم يكن ذا مال ، وقد روى أبوهريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن زكريا كان نجارآ )) (1) ، وقال ابن كثير : (( لم يذكر أنه (زكريا ) كان ذا مال ، بل كان نجارآ يأكل من كسب يديه ، ومثل هذا لايجمع مالآ ، ولاسيما الأنبياء فإنهم كانوا أزهد شيء في الدنيا )) (2) .
المناقشة
إن دعوى كون زكريا عليه السلام لم تكن له أموال رجم بالغيب ، وماذكر من الشواهد لاتعدو كونها أخبار أحاد ، لاتكفي لصرف الآية الكريمة عن ظهورها ، ويعارضها أمران أساسيان ثابتان بالنص القطعي ، يشهدان على أن زكريا عليه السلام كانت بيده مصادر مالية أساسية كبيرة ، وهذان الأمران هما :
1- كونه رئيس الأحبار
إن المتفق عليه بين المفسرين والمؤرخين هو أن زكريا عليه السلام كان (( رأس الأحبار )) (3) . ومن المعلوم أن الحبورة كانت مؤسسة دينية ، وجهازآ يضم تحت مظلته أعدادآ كبيرة من رجال الدين وخدمة المعابد ، وكان لها سلطات واسعة وموارد مالية كبيرة لتسيير أمورها ، تحصل عليها إما من الحكومات القائمة آنذاك ، أو من الهدايا والنذورات والقرابين بل قد يقال إن لها مصادر مالية مستقلة وثابتة ، من قبيل الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية . فإذن ، كانت تحت يديه عليه السلام أموال عامة ، خشي أن تقع بيد عمومته من بعده .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) زاد المسير ، ج5 ص147 .
(2) تفسير ابن كثير ، ج3 ، ص117
(3) تفسير الثعلبي ، ج3 ، ص57 ، تفسير البغوي ، ج3 ، ص189، تفسير الرازي ، ج21 ، ص185 .
2- إرتباطه بأسرة سليمان بن داود عليه السلام المعروفة بالثراء والملك
إن الذي عليه أكثر مفسري السنة هو أن زوجة زكريا عليه السلام كانت أخت مريم بنت عمران عليها السلام ، وكانت من ولد سليمان بن داود وكان نسبها يتصل بيعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام قال الرازي : اتفق أكثر المفسرين على أن يعقوب – ههنا – هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام لأن زوجة زكريا هي أخت مريم ، وكانت من ولد سليمان بن داود يهوذا بن يعقوب (1) .
فالمراد من (آلِ يَعْقُوبَ ) في الآية الكريمة ليس شخص يعقوب عليه السلام ، ولاجميع آل يعقوب ، وإنما بعضهم ، كما هو واضح ، وهي زوجة زكريا عليه السلام وعليه فيكون معنى قوله تعالى : (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) ، هو : يرثني ويرث امرأتي ، وهي بعض آل يعقوب .
ومن الواضح أن أسرة سليمان بن داود أسرة عريقة ، معروفة بالثراء الملك ، فلاشك في عظمة ملك سليمان وثروته ، كما حكاها القرآن الكريم ، كما لاشك في أن مثل هذه الثروة العظيمة لاتفنى إلى قرون مديدة ، بل إنها ربما تتوسع بمرور الأيام ، فيما لووقعت بأيدٍ صالحة كورثة سليمان عليه السلام ولامنافاة في ذلك مع النبوة إذ إن أصل الثروة والملك كان ثابتآ لنبي الله سليمان عليه السلام بنص القرآن الكريم ، بل إنه عليه السلام دعا الله تعالى ليرزقه ذلك ، وقد استجاب عزوجل له دعاءه ، كما حكي ذلك في قوله تعالى : قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ * فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ* وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (ص35-39)
ولاشك في أن ورثة سليمان عليه السلام قد استعملوا هذه الثروة في أعمال البر والصلاح ، كما هو ديدن أولاد الأنبياء عليهم السلام وأحفادهم ، وليس هناك دليل على إنحرافهم وفسقهم ، وكما يقال: عدم الدليل دليل على العدم بل هناك احتمال أنه من الممكن أنهم قاموا بتطويرها وتوسعتها على مر الأيام ، حتى وصل الأمر إلى أحد أحفادهم الصالحين ، وهي زوجة زكريا عليه السلام .
والحاصل إن زكريا عليه السلام كان له مصدران أساسيان للمال والثروة والملك ، وهما الحبورة ، باعتباره رئيس الأحبار ، وزوجته ، بإعتبارها من أسرة سليمان بن داود ، كما لايبعد أن يقال : إن قوله تعالى : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًاّ ) ، بحد ذاته قرينة على وجود أموال تحت يد زكريا عليه السلام بل يمكن القول إنها أموال طائلة ، كانت ستغير كثيرآ من الأمور لووقعت بأيدٍ غير مناسبة .
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) تفسير الرازي ج21 ، ص 184 اهـ
التفسير المطول - سورة النمل 027 - الدرس (03-18): تفسير الآيات 15 - 19
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1989-12-22
النبوَّة كما تعلمون في علم العقيدة لا تُوَّرَّث اه
وقال الشيخ السني الدكتور مصطفى بنحمزة رئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة وعضو المجلس العلمي الأعلى في مقالته بعنوان إرث المرأة..الحقيقة الشرعية والادعاء : د. مصطفى بنحمزة
أنقل منها موضع الشاهد :
"وفي هذا الإطار يجب استحضار أمر أساسي هو رغبة مالك المال في أن ينتقل إلى أبنائه ومن يحمل اسمه، ويكون امتدادا له، لأن هذا المال إما أن يكون حصيلة جهد وكد، وإما أن يكون شيئا من تراث العائلة وما توارثته، ويشهد لهذا النزوع أن نبي الله زكرياء عليه السلام قد أعلن عن تخوفه من أن يصير المال بددا بعده أو يقع بأيدي الأجانب فقال في شكواه إلى ربه: “إني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب” فهو قد رجا أن يستمر ماله في ولده، وأن تكون الوراثة والاستمرار في ولد يعقوب." اه
أقول : وجاء بعد يحيى عليه السلام المنذر بن شمعون الصفا (ع)
دمتم برعاية الله
كتبته وهج الإيمان