الشيخ عباس محمد
06-01-2018, 08:34 PM
عدة الحامل المتوفى عنها زوجها
شرح البيهقي في شعب الايمان: أن امرأة استفتت عمر فقالت له: وضعت حملي بعد وفاة زوجي قبل انقضاء العدة، فأفتاها بوجوب التربص إلى أبعد الأجلين، فعارضه أبي بن كعب بمحضر من المرأة، وروى له: ان عدتها أن تضع حملها، وأباح لها أن تتزوج قبل الأربعة أشهر والعشر، فلم يقل عمر لها سوى: اني اسمع ما تسمعين1، وعدل عن فتواه متوقفاً، لكنه بعد ذلك وافق أبي بن كعب فقال، بأنها لو وضعت ذا بطنها وزوجها على السرير لم يدفن حلت للأزواج2 وعلى هذا المنهاج سلك أهل المذاهب الأربعة إلى هذه الأيام.
لكنا نحن الامامية وجدنا في القرآن الحكيم آيتين تتعارضان في عدة المتوفي عنها زوجها وهي حبلى، وهما قوله عز من قائل: ﴿وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ وقوله تبارك وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًاً﴾. فالحبلى المتوفى عنها زوجها إذا أخذت بالآية الاولى حلت للازواج بوضع حملها وان لم تمض المدة المضروبة في الآية الثانية، وإن أخذت بالآية الثانية حلت للازواج بمضي المدة المضروبة فيها وان لم تضع حملها، وعلى كلا
--------------------------------------------------------------------------------
237
--------------------------------------------------------------------------------
الفرضين تكون مخالفة لإحدى الآيتين، ولا يمكنها الأخذ بكلتيهما معاً إلاَّ إذا تربصت إلى أبعد الأجلين، فإذاً لا مندوحة لها عن ذلك، وهذا هو المروي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام وابن عباس3 وعليه الامامية عملاً بنصوص أئمتهم عليهم السلام.
فصل
اختلف المسلمون في ابتداء عدة الوفاة التي هي أربعة أشهر وعشر، فالذي عليه الجمهور ان ابتداءها إنما هو موت زوجها سواء أعلمت بموته إذا مات أم لم تعلم لغيبته عنها أو لسبب آخر. أما ما نحن عليه من الرأي، والعمل في هذه العدة، فانما ابتداؤها علم الزوجة بوفاة زوجها فلو تأخرعلمها بذلك مهما تأخر فلا تتزوج حتى تمضي عليها - بعد علمها بالوفاة - أربعة أشهر وعشر، وحينئذ تحل للأزواج عملاً بالتربص الذي هو صريح الآية، وأخذاً بالحداد الواجب على المرأة يموت زوجها.
--------------------------------------------------------------------------------
238
--------------------------------------------------------------------------------
اشتراط التوارث بين الأخوة والأخوات أن لا يكون للموروث منهم ولد
قال الله تعالى: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.
الآية صريحة في اشتراط التوارث بين الأخوة والأخوات، أن لا يكون للموروث منهم ولد، والبنت ولد لغة وعرفاً4.
لكن عمر بن الخطاب حمل الولد في الآية على الذكر خاصة فواسى في الميراث بين بنت الميت وأخته لأبيه وأمه، فجعل لكل منهما النصف مما ترك، وتبعه في ذلك أهل المذاهب الأربعة.
أما أئمة العترة الطاهرة وأولياؤهم الامامية فقد أجمعوا بأن لا حق للأخوة وسائر العصبة مطلقاً مع وجود الولد ذكراً كان أم أنثى متعدداً كان أم منفرداً محتجين بهذه الآية، وبقوله تعالى: ﴿وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ﴾5 ولهم في سقوط العصبة مع وجود الولد ولو كان بنتاً واحدة، لهجة شديدة يعرفها من راجع نصوصهم في المواريث،
--------------------------------------------------------------------------------
239
--------------------------------------------------------------------------------
ودونه كتاب وسائل الشيعة إلى أحكام الشريعة وسائر مسانيدهم.
وقد سئل ابن عباس عن رجل توفي وترك بنته وأخته لأبيه وأمه فقال: ليس لأخته شيء والبنت تأخذ النصف فرضاً والباقي تأخذه رداً. قال السائل: فان عمر قضى بغير ذلك. فقال ابن عباس: أأنتم أعلم أم الله ؟ قال السائل: ما أدري وجه هذا حتى سألت ابن طاووس فذكرت له قول ابن عباس، فقال: أخبرني أبي أنه سمع ابن عباس يقول: قال الله عز وجل: إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك، فقلتم أنتم: لها نصف ما ترك وإن كان لها ولد6.
--------------------------------------------------------------------------------
240
--------------------------------------------------------------------------------
هوامش
1- وهذا الحديث هو الحديث 3376 في ص 166من ج 5 من كنز العمال فراجع.
2- هذه الفتوى أخرجنا عنه بالاسناد اليه كل من البيهقي وابن أبي شيبة في سننهما وهي الحديث 3379 في ص 166 من الجزء الخامس من الكنز.
3- رواه عنهما الزمخشري في الكشاف فراجع منه تفسير قوله تعالى {وأولات الاحمال جلهن أن يضمه حملهن} من سورة الطلاق وهذا مذهب أهل البيت عليهم السلام وهو الأحوط.
4- ومعاجم اللغة كلها تشهد بذلك، وحسبك {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} وبشر بعض العرب ببنت فقال: والله ما في بنعم الولد.
5- سورة الأنفال:75.
6- أخرج هذا الحديث جماعة من حفظة السنن ومو موجود في كتاب الفرائض ص 339من الجزء الرابع من مستدرك الحاكم، وقد صرح ثمة بانه صحيح على شرط الشيخين، واورده الذهبي في تلخيص المستدرك حاكماً بصحته على شرطهما ايضاً فراجع.
شرح البيهقي في شعب الايمان: أن امرأة استفتت عمر فقالت له: وضعت حملي بعد وفاة زوجي قبل انقضاء العدة، فأفتاها بوجوب التربص إلى أبعد الأجلين، فعارضه أبي بن كعب بمحضر من المرأة، وروى له: ان عدتها أن تضع حملها، وأباح لها أن تتزوج قبل الأربعة أشهر والعشر، فلم يقل عمر لها سوى: اني اسمع ما تسمعين1، وعدل عن فتواه متوقفاً، لكنه بعد ذلك وافق أبي بن كعب فقال، بأنها لو وضعت ذا بطنها وزوجها على السرير لم يدفن حلت للأزواج2 وعلى هذا المنهاج سلك أهل المذاهب الأربعة إلى هذه الأيام.
لكنا نحن الامامية وجدنا في القرآن الحكيم آيتين تتعارضان في عدة المتوفي عنها زوجها وهي حبلى، وهما قوله عز من قائل: ﴿وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ وقوله تبارك وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًاً﴾. فالحبلى المتوفى عنها زوجها إذا أخذت بالآية الاولى حلت للازواج بوضع حملها وان لم تمض المدة المضروبة في الآية الثانية، وإن أخذت بالآية الثانية حلت للازواج بمضي المدة المضروبة فيها وان لم تضع حملها، وعلى كلا
--------------------------------------------------------------------------------
237
--------------------------------------------------------------------------------
الفرضين تكون مخالفة لإحدى الآيتين، ولا يمكنها الأخذ بكلتيهما معاً إلاَّ إذا تربصت إلى أبعد الأجلين، فإذاً لا مندوحة لها عن ذلك، وهذا هو المروي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام وابن عباس3 وعليه الامامية عملاً بنصوص أئمتهم عليهم السلام.
فصل
اختلف المسلمون في ابتداء عدة الوفاة التي هي أربعة أشهر وعشر، فالذي عليه الجمهور ان ابتداءها إنما هو موت زوجها سواء أعلمت بموته إذا مات أم لم تعلم لغيبته عنها أو لسبب آخر. أما ما نحن عليه من الرأي، والعمل في هذه العدة، فانما ابتداؤها علم الزوجة بوفاة زوجها فلو تأخرعلمها بذلك مهما تأخر فلا تتزوج حتى تمضي عليها - بعد علمها بالوفاة - أربعة أشهر وعشر، وحينئذ تحل للأزواج عملاً بالتربص الذي هو صريح الآية، وأخذاً بالحداد الواجب على المرأة يموت زوجها.
--------------------------------------------------------------------------------
238
--------------------------------------------------------------------------------
اشتراط التوارث بين الأخوة والأخوات أن لا يكون للموروث منهم ولد
قال الله تعالى: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.
الآية صريحة في اشتراط التوارث بين الأخوة والأخوات، أن لا يكون للموروث منهم ولد، والبنت ولد لغة وعرفاً4.
لكن عمر بن الخطاب حمل الولد في الآية على الذكر خاصة فواسى في الميراث بين بنت الميت وأخته لأبيه وأمه، فجعل لكل منهما النصف مما ترك، وتبعه في ذلك أهل المذاهب الأربعة.
أما أئمة العترة الطاهرة وأولياؤهم الامامية فقد أجمعوا بأن لا حق للأخوة وسائر العصبة مطلقاً مع وجود الولد ذكراً كان أم أنثى متعدداً كان أم منفرداً محتجين بهذه الآية، وبقوله تعالى: ﴿وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ﴾5 ولهم في سقوط العصبة مع وجود الولد ولو كان بنتاً واحدة، لهجة شديدة يعرفها من راجع نصوصهم في المواريث،
--------------------------------------------------------------------------------
239
--------------------------------------------------------------------------------
ودونه كتاب وسائل الشيعة إلى أحكام الشريعة وسائر مسانيدهم.
وقد سئل ابن عباس عن رجل توفي وترك بنته وأخته لأبيه وأمه فقال: ليس لأخته شيء والبنت تأخذ النصف فرضاً والباقي تأخذه رداً. قال السائل: فان عمر قضى بغير ذلك. فقال ابن عباس: أأنتم أعلم أم الله ؟ قال السائل: ما أدري وجه هذا حتى سألت ابن طاووس فذكرت له قول ابن عباس، فقال: أخبرني أبي أنه سمع ابن عباس يقول: قال الله عز وجل: إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك، فقلتم أنتم: لها نصف ما ترك وإن كان لها ولد6.
--------------------------------------------------------------------------------
240
--------------------------------------------------------------------------------
هوامش
1- وهذا الحديث هو الحديث 3376 في ص 166من ج 5 من كنز العمال فراجع.
2- هذه الفتوى أخرجنا عنه بالاسناد اليه كل من البيهقي وابن أبي شيبة في سننهما وهي الحديث 3379 في ص 166 من الجزء الخامس من الكنز.
3- رواه عنهما الزمخشري في الكشاف فراجع منه تفسير قوله تعالى {وأولات الاحمال جلهن أن يضمه حملهن} من سورة الطلاق وهذا مذهب أهل البيت عليهم السلام وهو الأحوط.
4- ومعاجم اللغة كلها تشهد بذلك، وحسبك {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} وبشر بعض العرب ببنت فقال: والله ما في بنعم الولد.
5- سورة الأنفال:75.
6- أخرج هذا الحديث جماعة من حفظة السنن ومو موجود في كتاب الفرائض ص 339من الجزء الرابع من مستدرك الحاكم، وقد صرح ثمة بانه صحيح على شرط الشيخين، واورده الذهبي في تلخيص المستدرك حاكماً بصحته على شرطهما ايضاً فراجع.