الشيخ عباس محمد
09-01-2018, 08:18 PM
الإمام علي ( عليه السلام ) في رأي أبي بكر
1 - أبو بكر يعترف : أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) عزله ، ونصّب علياً ( عليه السلام ) .
أخرج الإمام أحمد بن حنبل وغيره ، من المحدّثين والمؤرّخين من أهل السُنة بإسنادهم عن أبي بكر : أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعثه بالبراءة لأهل مكّة ، وإبلاغهم ببعض الآيات من سورة التوبة ، وفيها ـ أيضاً ـ لا يحجّ بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلاّ نفس مسلمة ، ومَن كان بينه وبين رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مدة فأجله إلى مدته ، والله بريء من المشركين ورسوله ، فسار بها ثلاثاً متوجهاً نحو مكّة ، ثمّ قال ( صلى الله عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام ) : ( الحقه فردّ عليّ أبا بكر وبلّغها أنت . قال : ففعل ـ علي ( عليه السلام ) ـ ما أمر ، فلمّا قَدم أبو بكر على النبي ( صلى الله عليه وآله ) بكى فقال : يا رسول الله ، حدث فيّ شيء ؟ قال ( صلى الله عليه وآله ) : ما حدث فيك إلاّ خير ، ولكن أُمرت أن لا يبلّغه إلاّ أنا أو رجل مني ) (1) .
قال العلاّمة الأميني : هذه الإثارة أخرجها كثير من أئمة الحديث وحفّاظه ، وعدّد منهم 73 نسمةً (2) .
ـــــــــــــــــــــ
( 1 ) مسند أحمد بن حنبل 1 : 3 و 1 : 7 ح 4 من الطبعة الحديثة ، كفاية الطالب : 254 باب ( 62 ) .
أخرجه عن أحمد بن حنبل ، والحافظ أبي نعيم ، وابن عساكر ، البداية والنهاية 7 : 357 - 358 وفيه : أو ( رجل من أهل بيتي ) ، البيان والتعريف 1 : 378 ح 441 أخرجه عن أحمد بن حنبل ، وابن خزيمة ، وأبي عوانة ، أنساب الأشراف 2 : 886 .
( 2 ) الغدير 6 : 338 ـ 350.
وقد زاد العلاّمة المرعشي التستري على هذا العدد آخرين من مؤلفي أهل السُنة (1) ، يمكن لمَن يراجع كتابه إحقاق الحق أن يستزيد معرفةً وعلماً إلى علمه .
ذِكراً : أنّ رواة هذه القصة أكثر من اثني عشر صحابياً ، غير أبي بكر ممّن رووا حديث البراءة ، ولكن اعتراف وإقرار أبي بكر بنفسه ، بأنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) عزله عن القيام بهذه المهمة الدينية ، ذات أهمية كبرى وكرامة عظمى للإمام علي ( عليه السلام ) ، وأنّ هذا العزل لم يكن إلاّ بأمر إلهي ، أوحي إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأن يعزل أبا بكر وينصّب علياً ( عليه السلام ) مكانه ؛ للقيام بهذه المهمة وإبلاغ البراءة لأهل مكة ، وأنّ علياً ( عليه السلام ) قد أدى هذا الأمر بأبلغ وجه وأتمه ـ كما مرّ في الحديث ـ .
2 - أبو بكر يعترف : بقصة الغدير ومولوية علي ( عليه السلام ) ، لمَن كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) مولاه .
روى مِئة وعشر من كبار صحابة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وثمانون وأربع راوٍ من التابعين ، وكذا أخرج ما يربو عن أربعمِئة عالم ومحدّث ومفسّر ومؤرّخ ورجالي ، وكثير من رجال العلم والأدب المعتمد عليهم عند أهل السُنة (2) .
وكذا صنّف أكثر من مِئة وأربع وثمانين كتاباً ورسالةً ، بلغات مختلفة عربية وفارسية وهندية وأجنبية ، فيما يخص مسالة الغدير ، وقد طُبعت أكثرها ، وبعضها تكرّر طبعه حتى وصل إلى
ـــــــــــــــــــــ
( 1 ) إحقاق الحق 3 : 399 سورة التوبة.
( 2 ) ومَن أراد الاستزادة من التفصيل ، ومعرفة أسماء رواة حديث الغدير ، وأسماء الحفّاظ والمصادر التي أخرجت هذا الحديث ، فليراجع موسوعة الغدير للعلاّمة الأميني المجلد الأَوّل ص 14 ـ 158 ، حيث إنّه روى عن ثلاثمِئة وستين عالماً ، وستة وعشرين كتاباً ، من علماء أهل السُنة وكتبهم ، واستقصى العلاّمة التستري في كتابه القيم إحقاق الحق المجلد الثاني ص 415 - 501 رواة هذا الحديث حتى أوصل ذلك العدد إلى أربعمِئة راوٍ .
خمس مرات أو أكثر (1) .
وحديث الغدير هو :
لمّا كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) راجعاً من حجّته ـ حجّة الوداع ـ وذلك في السنة العاشرة الهجرية ، نزل عليه الوحي يأمره بإكمال الدين ، يعني تبليغ تلك المسألة المصيرية ، أي تعيين الإمام والخليفة من بعده ، فأمر الناس بتجهيز مقدمات ذاك الأمر ، مثل الإعلان بتريّث المسلمين الحجاج ، وتوقّفهم في محل يُعرف بغدير خم ، وهو مفترق الطرق المؤدّية إلى مكة والمدينة وغيرها ، وأمر ( صلى الله عليه وآله ) بإرجاع الذين سبقوا الآخرين بالذهاب وإيقاف القادمين ، حتى تجمّع آنذاك في ذاك المحل مِئة وعشرون ألف حاجّاً من شتى أقطار البلاد الإسلامية .
وكان ذلك اليوم يوماً حاراً هاجراً شديد الرمضاء ، والشمس ساطعة حرارتها على رؤوسهم ، وقد اشتعلت أرض الحجاز ، فأمرهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، بأن يصنعوا له من جهاز الجمال والمراكب مكاناً مرتفعاً كالمنبر ، حيث يراه الحاضرون جميعاً ويسمعون كلامه ، فوقف النبي ( صلى الله عليه وآله ) على ذاك الموضع المنبري ، وخطب الناس خطبةً غرّاء ، وقال فيما قاله ( صلى الله عليه وآله ) :
( أيّها الناس. .. مَن كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم والِ مَن والاه ، وعادِ مَن عاداه ، وانصر مَن نصره ، واخذل مَن خذله . .. ) ، وغير ذلك من العبارات الباهرة ، حيث شبّه النبي ( صلى الله عليه وآله ) علياً ( عليه السلام ) بنفسه ، وبأنّه ولي الناس والقائم بأمرهم ، وطاعته فرض واجب ، وأنّه الخليفة من بعده ، ولكي يصدّ أمام ملابسات المنافقين ، وشبهات المخالفين ، لمولوية الإمام علي ( عليه السلام ) وخلافته ، أخذ بيد علي ( عليه السلام ) ورفعه عالياً ، حيث يراه جميع الحضّار والمجتمعين في هذا المؤتمر العالمي ، ثمّ دعا ( صلى الله عليه وآله ) لمَن يتولى علياً وينصره ، ولعن مَن عاداه وخذله ، وبعد ذلك أمر
ـــــــــــــــــــــ
( 1 ) الغدير للعلاّمة المحقّق السيد عبد العزيز الطباطبائي : 23 ـ 233.
الناس الذين اجتمعوا في هذا المؤتمر ، بأن يقوموا فرداً فرداً ويبايعوا علياً ، ويسلّموا عليه بالإمرة والخلافة طوعاً .
وقد طالت هذه البيعة من ضحى ذاك اليوم حتى غروبه ، وحتى نساء النبي ( صلى الله عليه وآله ) وسائر المؤمنات جِئنَ فوضعنَ أيديهنّ في الطشت ـ الذي وضع أمير المؤمنين الإمام علي ( عليه السلام ) يده فيه ـ وهو خلف الخيمة فبايعنَه على الخلافة والولاية ، وبهذه الطريقة أعلن المسلمون آنذاك بأجمعهم التزامهم ، بالانقياد والطاعة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
هذه خلاصة حديث الغدير .
أبو بكر يروي حديث الغدير : ولمّا كان موضوع كتابنا هذا ، هو نقل روايات الخلفاء واعترافاتهم ، التي أقرّوا بها بأولوية الإمام علي ( عليه السلام ) ، يجدر بنا أن نلفت أبصار القرّاء الكرام إلى حقيقتين مهمتين ، بلغتا من الأهمية حدّها الأقصى ، حتى يذهب الزَبد جفاء ويبقى ما ينفع الناس :
الأُولى : قال أكثر الحفّاظ والمؤرّخين السنيين ، الذين رووا حديث الغدير في كتبهم ورسائلهم ، أو صنّفوا كتاباً مستقلاً وخاصاً بموضوع الغدير : إنّ أبا بكر وعمر وعثمان كانوا في مقدمة الرواة لحديث الغدير ، الذين نقلوا قول النبي ( صلى الله عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام ) : ( مَن كنت مولاه فهذا علي مولاه ) .
الثانية : روى أكثر من ستين عالماً وحافظا ومؤرّخاً ، بأنّ أبا بكر وعمر هما أَوّل مَن بارك وهنّأ علياً بالخلافة والولاية ، وقالا له : بخ بخ لك يا علي ، أو قالا له : أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ، وذلك عندما انتهت مراسيم حفل الغدير ، وإعلان النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأنّ علياً هو مولى المؤمنين ، وبعد ما أمر الناس بالبيعة لعلي ( عليه السلام ) .
وممّن روى حديث الغدير ـ حديث ( مَن كنت مولاه فعلي مولاه ) ـ عن أبي بكر :
1 - الحافظ ابن عقدة ـ 333 هـ ـ قد روى عن مِئة وخمس صحابياً رووا حديث الغدير ، ويذكر في كتابه ( حديث الولاية ) أسماء الرواة وقبائلهم ، ثمّ يخص بالذكر ثمانية عشر راوٍ دون أن يذكر خصائصهم ، ثمّ يقول : إنّ أَوّل مَن روى حديث الغدير هو أبو بكر بن أبي قحافة التيمي ـ 13 هـ ـ (1) .
2 - القاضي أبو بكر الجعابي ـ 356 هـ ـ روى حديث الغدير عن مِئة وخمس وعشرين طريقاً من الصحابة ، منهم أبي بكر (2) .
3 - واستخرج العلاّمة منصور اللاتي الرازي ـ من أعلام القرن الخامس ـ في كتابه ( حديث الغدير ) أسماء مَن روى حديث الغدير مرتّباً على حروف المعجم ، وذكر منهم أبا بكر (3) .
4 - قال العلاّمة ابن المغازلي الشافعي ـ 484 هـ ـ : وقد روى حديث غدير خم عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نحو من مِئة نفس ، منهم العشرة المبشّرة ، وهم : أبو بكر وعثمان وطلحة والزبير. .. وهو حديث ثابت لا أعرف له علة (4) ، تفرّد علي ( عليه السلام ) بهذه
ــــــــــــــــــــ
( 1 ) أسد الغابة 3 : 274 ترجمة عبد الله بن ياميل ، الإصابة 4 : 226 ترجمة عبد الله بن ياميل رقم 5047 ، الطرائف للسيد ابن طاووس : 140.
( 2 ) المناقب للسروي 3 : 25، بحار الأنوار 37 : 157. وقال رواه صاحب بن عباد وثمانية وسبعون صحابياً من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، منهم : أبو بكر ، عمر ، عثمان ، الإمام علي ( عليه السلام ) ، طلحة ، والزبير . ..
( 3 ) المناقب للسروي 3 : 25 ، الغدير للعلاّمة الأميني 1 : 17 و 155. ولمزيد من الاطلاع على هذه المصادر الثلاثة المذكورة راجع : الغدير للعلاّمة الطباطبائي : 41 - 81 ترجمة رقم 6 و 10 و 19 .
( 4 ) لا أعرف له علة ، أي أنّي لم أعرف مخالفاً لهذه الرواية ؛ وذلك لأنّ هذا الحديث المتواتر فاقد لأي عيب ونقيصة ، سنداً ومتناً ، إلاّ أنّ هناك بعض المغرضين والمنحرفين عن علي ( عليه السلام ) .
الفضيلة ليس يشركه فيها أحد (1) .
5 - وأخرجه أيضا العلاّمة الجزري الشافعي في كتابيه ( أسنى المطالب ) و ( أسمى المناقب في تهذيب أسنى المطالب ) (2) .
6 - وروى المؤرّخ العلاّمة زيني دحلان ، عن أبي بكر عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، أنّه قال : ( مَن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ مَن والاه ، وعادِ مَن عاداه ، وأحب مَن أحبه ، وأبغض مَن أبغضه ، وانصر مَن نصره ، واخذل مَن خذله ، وأدر الحق معه حيث دار ) (3) .
وأمّا حديث التهنئة فسوف نوافيك به ضمن الأحاديث المروية عن عمر بن الخطاب (4) .
3 - أبو بكر يقول : ملائكة خُلقوا من نور وجه علي ( عليه السلام ) .
روى العلاّمة الخطيب الخوارزمي بإسناده عن عثمان بن عفان قال : سمعت عمر بن الخطاب قال : سمعت أبا بكر بن أبي قحافة قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( إنّ الله خلق من نور وجه علي بن أبي طالب ملائكةً ، يسبّحون ويقدّسون ويكتبون ثواب ذلك لمحبيه ومحبي وُلده ) (5) .
وأخرج أيضاً بسند آخر عن عثمان بن عفان عن عمر بن الخطاب أنّه قال :
حرّفوا بعض ألفاظه ، أو أسقطوا منها شيئاً ، وقد ذكرنا ذلك في كتاب أضواء على الصحيحين . ( المعرّب ) .
ــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) المناقب لابن المغازلي : 27 ذيل ح 39.
( 2 ) أسنى المطالب : 35 تحقيق المحمودي ، وص 12 تحقيق الطنطاوي .
( 3 ) فتح المبين في فضائل الخلفاء الراشدين ، بهامش السيرة النبوية لزيني دحلان 2 : 161.
( 4 ) راجع ص : 74 - 81 ( 5 ) مقتل الحسين ( عليه السلام ) للخوارزمي : 97.
( إنّ الله تعالى خلق ملائكةً من نور وجه علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ) (1) .
أقول : ولعلّ هاتين الروايتين حديث واحد ، وإنّما وقع الاختلاف والنقيصة فيه حين التخريج عمداً أو سهواً .
4 - أبو بكر يعترف : النخلة تشهد لعلي ( عليه السلام ) بالوصية .
أخرج العلاّمة العيني الحنفي بسنده عن أبي بكر عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وذلك لمّا سمع صوت خرج من النخلة ، قال ( صلى الله عليه وآله ) : ( أتدرون ما قالت النخلة ؟ قال أبو بكر : قلنا : الله ورسوله أعلم .
قال ( صلى الله عليه وآله ) : صاحت : هذا محمد رسول الله ، ووصيه علي بن أبي طالب ) (2) .
5 - أبو بكر يعترف : علي ( عليه السلام ) خير مَن طلعت عليه الشمس وغربت .
أخرج الحافظ ابن حجر العسقلاني بإسناده عن أبي الأسود الدؤلي قال : سمعت أبا بكر يقول : أيّها الناس ، عليكم بعلي بن أبي طالب ، فإنّي سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( علي خير مَن طلعت عليه الشمس وغربت بعدي ) (3) .
6 - أبو بكر يعترف : علي ( عليه السلام ) من النبي ( صلى الله عليه وآله ) كالنبي من الله عزّ وجلّ .
روى المحب الطبري وغيره بإسنادهم عن ابن عباس قال : . .. قال أبو بكر : يا علي ، ما كنت لأتقدّم رجلاً سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( علي مني كمنزلتي ـ
ــــــــــــــــــــــ
( 1 ) المناقب للخوارزمي : 329 فصل ( 19 ) ح 348 .
( 2 ) مناقب سيدنا علي ( عليه السلام ) للعيني : 15 ح 4 طبعة أعظم بريس حيدر آباد .
( 3 ) لسان الميزان 6 : 78 ترجمة المغيرة بن سعيد البجلي رقم 281.
بمنزلتي ، خ ـ من ربّي ) . أخرجه ابن السمان في كتاب الموافقة (1) .
يعني أنّ منزلة علي ( عليه السلام ) وكرامته عندي كمنزلتي ، وبقدر مالي من المنزلة والكرامة عند الله عزّ وجل .
ورواه أيضاً العلاّمة الحريفيش بلفظ آخر . .. : قال أبو بكر : أنا لا أتقدّم على رجل قال في حقه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( إنّ علياً يجيء يوم القيامة ، ومعه أولاده وزوجته على مراكب من البُدن ، فيقول أهل القيامة : أيُّ نبي هذا ؟ فينادي منادٍ : هذا حبيب الله ، هذا علي بن أبي طالب ) (2) .
7 - أبو بكر يعترف : جواز العبور على الصراط بيد علي ( عليه السلام ) .
روى العلاّمة الحافظ المحب الطبري ، وآخرون بإسنادهم عن قيس بن أبي حازم قال : التقى أبو بكر وعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فتبسّم أبو بكر في وجه علي ( عليه السلام ) ، فقال ( عليه السلام ) له : مالك تبسّمت ؟ قال : سمعت رسول الله ( عليه السلام ) يقول : ( لا يجوز أحد الصراط إلاّ مَن كتب له علي الجواز ) . أخرجه ابن السمان في كتاب الموافقة (3) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) ذخائر العقبى : 64 ، الرياض النضرة 3 : 118 و 232 ، الصواعق المحرقة : 177، توضيح الدلائل : 239 مخطوط ، الروض الأزهر : 97 ، إحقاق الحق 17 : 194 خرّجه عن وسيلة النجاة : 134، ووسيلة المال : 113، ومناقب العشرة : 12. مناقب سيدنا علي : 39 ، أرجح المطالب : 468 .
( 2 ) إحقاق الحق 15 : 439 أخرجه عن الروض الفائق في المواعظ والدقائق ، لشعيب بن عبد الله المعروف بالحريفيش : 267 .
( 3 ) ذخائر العقبى : 71 ، الرياض النضرة 3 : 137 ، الصواعق المحرقة : 126 أخرجه عن ابن السمان والعسقلاني في المطالب العالية ، ينابيع المودة : 419 باب ( 70 ) المناقب
وأخرج العلاّمة الخطيب البغدادي بسنده عن أنس بن مالك قال : قال أبو بكر عند موته :
سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( إنّ على الصراط لعقبة لا يجوزها أحد ، إلاّ بجواز من علي بن أبي طالب ) (1) .
وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي : هل ترى أنّ مَن تقلّد الخلافة زوراً وظلماً وغصباً ، وأخذ البيعة من علي ( عليه السلام ) قهراً وكرهاً ، ويعترف قائلاً : ليتني لم أكشف بيت فاطمة ، ولو أعلن علي الحرب (2) ،
ـــــــــــــــــــــــــ
المرتضوية للكشفي الترمذي : 91 ، إسعاف الراغبين : 176 ، الروض الأزهر للسيد شاه تقي : 97 ، وسيلة النجاة : 135 ، وسيلة المال : 122 مخطوط ، فتح المبين في فضائل الخلفاء الراشدين 2 : 161، أرجح المطالب : 550 ، المناقب لابن المغازلي : 119، مناقب سيدنا علي : 45.
( 1 ) تاريخ بغداد 10 : 357 . أقول : أخرجه الخطيب وفيه من الزوائد والإضافات ما يدل على كون هذه الزوائد من المدسوسات والتحريفات ، ثمّ يعقّب الخطيب على الرواية وزوائدها ويقول : هذا من حكاية القصّاصين ، ولكن لمّا تنظر وتتمعّن في النص ، الذي أخرجه الحفّاظ والمحدّثون ، وكما جاء في المصادر المتكثرة ، والتي هي خالية من الزوائد البغدادية وتحريفاته للحديث ، لعرفت أنّ الخطيب زوّر الحديث وزيّفه حسب ما تهواه نفسه .
( 2 ) فلو أردت أيّها القارئ أن تطّلع على اعتراف أبي بكر ، بأنّه هو الذي أمر بإحراق باب بيت الزهراء ( عليها السلام ) فراجع مضّانه في المصادر التالية :
الأموال لأبي عبيد : 194 ، الإمامة والسياسة : 18 ، الكامل للمبرد : روى عنه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 2 : 46 ، وج 6 : 51 و 20 : 24، السقيفة وفدك للجوهري : 40 ، تاريخ اليعقوبي 2 : 137 ، تاريخ الطبري 3 : 43 حوادث سنة 13 هـ ، العقد الفريد 4 : 268 ، مروج الذهب 2 : 301 ، المعجم الكبير 1 : 19 ح 43 ، تاريخ مدينة دمشق 30 : 422 ، كنز العمال 5 : 631 ح 14133 ، أخرجه عن الأموال ، والضعفاء للعقيلي ، وفضائل الصحابة للطرابلسي والطبراني وابن عساكر ومسند سعيد بن منصور ، ميزان الاعتدال 3 : 109 ترجمة علوان بن داود رقم 5763 ، تاريخ الإسلام للذهبي 3 : 117 - 188 ، لسان الميزان 4 : 189 ترجمة علوان بن داود رقم 502 ، منتخب كنز العمال 2 : 171 ، الضعفاء للعقيلي 3 : 420 ترجمة علوان بن داود البجلي رقم 1461 .
حتى آلَ الأمر به وبأصحابه أن يحرقوا باب دار علي وفاطمة بالنار ، ويضربوا بنت المصطفى وزوجة المرتضى فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، حتى أسقطت ما في بطنها ، ويأمر أتباعه وملازميه بملاحقة علي ( عليه السلام ) ، وأباح لهم التعدي عليه ، حتى أن وصل الأمر بهم أن قام الإمام علي ( عليه السلام ) يشكو ويئن من قسوتهم وظلمهم وتعديهم . .. فهل ترى مثل هذا يجوز الصراط ، في حين أنّ جواز العبور بيد علي ( عليه السلام ) كما اعترف هو بنفسه ؟ .
يتبع
1 - أبو بكر يعترف : أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) عزله ، ونصّب علياً ( عليه السلام ) .
أخرج الإمام أحمد بن حنبل وغيره ، من المحدّثين والمؤرّخين من أهل السُنة بإسنادهم عن أبي بكر : أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعثه بالبراءة لأهل مكّة ، وإبلاغهم ببعض الآيات من سورة التوبة ، وفيها ـ أيضاً ـ لا يحجّ بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلاّ نفس مسلمة ، ومَن كان بينه وبين رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مدة فأجله إلى مدته ، والله بريء من المشركين ورسوله ، فسار بها ثلاثاً متوجهاً نحو مكّة ، ثمّ قال ( صلى الله عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام ) : ( الحقه فردّ عليّ أبا بكر وبلّغها أنت . قال : ففعل ـ علي ( عليه السلام ) ـ ما أمر ، فلمّا قَدم أبو بكر على النبي ( صلى الله عليه وآله ) بكى فقال : يا رسول الله ، حدث فيّ شيء ؟ قال ( صلى الله عليه وآله ) : ما حدث فيك إلاّ خير ، ولكن أُمرت أن لا يبلّغه إلاّ أنا أو رجل مني ) (1) .
قال العلاّمة الأميني : هذه الإثارة أخرجها كثير من أئمة الحديث وحفّاظه ، وعدّد منهم 73 نسمةً (2) .
ـــــــــــــــــــــ
( 1 ) مسند أحمد بن حنبل 1 : 3 و 1 : 7 ح 4 من الطبعة الحديثة ، كفاية الطالب : 254 باب ( 62 ) .
أخرجه عن أحمد بن حنبل ، والحافظ أبي نعيم ، وابن عساكر ، البداية والنهاية 7 : 357 - 358 وفيه : أو ( رجل من أهل بيتي ) ، البيان والتعريف 1 : 378 ح 441 أخرجه عن أحمد بن حنبل ، وابن خزيمة ، وأبي عوانة ، أنساب الأشراف 2 : 886 .
( 2 ) الغدير 6 : 338 ـ 350.
وقد زاد العلاّمة المرعشي التستري على هذا العدد آخرين من مؤلفي أهل السُنة (1) ، يمكن لمَن يراجع كتابه إحقاق الحق أن يستزيد معرفةً وعلماً إلى علمه .
ذِكراً : أنّ رواة هذه القصة أكثر من اثني عشر صحابياً ، غير أبي بكر ممّن رووا حديث البراءة ، ولكن اعتراف وإقرار أبي بكر بنفسه ، بأنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) عزله عن القيام بهذه المهمة الدينية ، ذات أهمية كبرى وكرامة عظمى للإمام علي ( عليه السلام ) ، وأنّ هذا العزل لم يكن إلاّ بأمر إلهي ، أوحي إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأن يعزل أبا بكر وينصّب علياً ( عليه السلام ) مكانه ؛ للقيام بهذه المهمة وإبلاغ البراءة لأهل مكة ، وأنّ علياً ( عليه السلام ) قد أدى هذا الأمر بأبلغ وجه وأتمه ـ كما مرّ في الحديث ـ .
2 - أبو بكر يعترف : بقصة الغدير ومولوية علي ( عليه السلام ) ، لمَن كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) مولاه .
روى مِئة وعشر من كبار صحابة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وثمانون وأربع راوٍ من التابعين ، وكذا أخرج ما يربو عن أربعمِئة عالم ومحدّث ومفسّر ومؤرّخ ورجالي ، وكثير من رجال العلم والأدب المعتمد عليهم عند أهل السُنة (2) .
وكذا صنّف أكثر من مِئة وأربع وثمانين كتاباً ورسالةً ، بلغات مختلفة عربية وفارسية وهندية وأجنبية ، فيما يخص مسالة الغدير ، وقد طُبعت أكثرها ، وبعضها تكرّر طبعه حتى وصل إلى
ـــــــــــــــــــــ
( 1 ) إحقاق الحق 3 : 399 سورة التوبة.
( 2 ) ومَن أراد الاستزادة من التفصيل ، ومعرفة أسماء رواة حديث الغدير ، وأسماء الحفّاظ والمصادر التي أخرجت هذا الحديث ، فليراجع موسوعة الغدير للعلاّمة الأميني المجلد الأَوّل ص 14 ـ 158 ، حيث إنّه روى عن ثلاثمِئة وستين عالماً ، وستة وعشرين كتاباً ، من علماء أهل السُنة وكتبهم ، واستقصى العلاّمة التستري في كتابه القيم إحقاق الحق المجلد الثاني ص 415 - 501 رواة هذا الحديث حتى أوصل ذلك العدد إلى أربعمِئة راوٍ .
خمس مرات أو أكثر (1) .
وحديث الغدير هو :
لمّا كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) راجعاً من حجّته ـ حجّة الوداع ـ وذلك في السنة العاشرة الهجرية ، نزل عليه الوحي يأمره بإكمال الدين ، يعني تبليغ تلك المسألة المصيرية ، أي تعيين الإمام والخليفة من بعده ، فأمر الناس بتجهيز مقدمات ذاك الأمر ، مثل الإعلان بتريّث المسلمين الحجاج ، وتوقّفهم في محل يُعرف بغدير خم ، وهو مفترق الطرق المؤدّية إلى مكة والمدينة وغيرها ، وأمر ( صلى الله عليه وآله ) بإرجاع الذين سبقوا الآخرين بالذهاب وإيقاف القادمين ، حتى تجمّع آنذاك في ذاك المحل مِئة وعشرون ألف حاجّاً من شتى أقطار البلاد الإسلامية .
وكان ذلك اليوم يوماً حاراً هاجراً شديد الرمضاء ، والشمس ساطعة حرارتها على رؤوسهم ، وقد اشتعلت أرض الحجاز ، فأمرهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، بأن يصنعوا له من جهاز الجمال والمراكب مكاناً مرتفعاً كالمنبر ، حيث يراه الحاضرون جميعاً ويسمعون كلامه ، فوقف النبي ( صلى الله عليه وآله ) على ذاك الموضع المنبري ، وخطب الناس خطبةً غرّاء ، وقال فيما قاله ( صلى الله عليه وآله ) :
( أيّها الناس. .. مَن كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم والِ مَن والاه ، وعادِ مَن عاداه ، وانصر مَن نصره ، واخذل مَن خذله . .. ) ، وغير ذلك من العبارات الباهرة ، حيث شبّه النبي ( صلى الله عليه وآله ) علياً ( عليه السلام ) بنفسه ، وبأنّه ولي الناس والقائم بأمرهم ، وطاعته فرض واجب ، وأنّه الخليفة من بعده ، ولكي يصدّ أمام ملابسات المنافقين ، وشبهات المخالفين ، لمولوية الإمام علي ( عليه السلام ) وخلافته ، أخذ بيد علي ( عليه السلام ) ورفعه عالياً ، حيث يراه جميع الحضّار والمجتمعين في هذا المؤتمر العالمي ، ثمّ دعا ( صلى الله عليه وآله ) لمَن يتولى علياً وينصره ، ولعن مَن عاداه وخذله ، وبعد ذلك أمر
ـــــــــــــــــــــ
( 1 ) الغدير للعلاّمة المحقّق السيد عبد العزيز الطباطبائي : 23 ـ 233.
الناس الذين اجتمعوا في هذا المؤتمر ، بأن يقوموا فرداً فرداً ويبايعوا علياً ، ويسلّموا عليه بالإمرة والخلافة طوعاً .
وقد طالت هذه البيعة من ضحى ذاك اليوم حتى غروبه ، وحتى نساء النبي ( صلى الله عليه وآله ) وسائر المؤمنات جِئنَ فوضعنَ أيديهنّ في الطشت ـ الذي وضع أمير المؤمنين الإمام علي ( عليه السلام ) يده فيه ـ وهو خلف الخيمة فبايعنَه على الخلافة والولاية ، وبهذه الطريقة أعلن المسلمون آنذاك بأجمعهم التزامهم ، بالانقياد والطاعة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
هذه خلاصة حديث الغدير .
أبو بكر يروي حديث الغدير : ولمّا كان موضوع كتابنا هذا ، هو نقل روايات الخلفاء واعترافاتهم ، التي أقرّوا بها بأولوية الإمام علي ( عليه السلام ) ، يجدر بنا أن نلفت أبصار القرّاء الكرام إلى حقيقتين مهمتين ، بلغتا من الأهمية حدّها الأقصى ، حتى يذهب الزَبد جفاء ويبقى ما ينفع الناس :
الأُولى : قال أكثر الحفّاظ والمؤرّخين السنيين ، الذين رووا حديث الغدير في كتبهم ورسائلهم ، أو صنّفوا كتاباً مستقلاً وخاصاً بموضوع الغدير : إنّ أبا بكر وعمر وعثمان كانوا في مقدمة الرواة لحديث الغدير ، الذين نقلوا قول النبي ( صلى الله عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام ) : ( مَن كنت مولاه فهذا علي مولاه ) .
الثانية : روى أكثر من ستين عالماً وحافظا ومؤرّخاً ، بأنّ أبا بكر وعمر هما أَوّل مَن بارك وهنّأ علياً بالخلافة والولاية ، وقالا له : بخ بخ لك يا علي ، أو قالا له : أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ، وذلك عندما انتهت مراسيم حفل الغدير ، وإعلان النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأنّ علياً هو مولى المؤمنين ، وبعد ما أمر الناس بالبيعة لعلي ( عليه السلام ) .
وممّن روى حديث الغدير ـ حديث ( مَن كنت مولاه فعلي مولاه ) ـ عن أبي بكر :
1 - الحافظ ابن عقدة ـ 333 هـ ـ قد روى عن مِئة وخمس صحابياً رووا حديث الغدير ، ويذكر في كتابه ( حديث الولاية ) أسماء الرواة وقبائلهم ، ثمّ يخص بالذكر ثمانية عشر راوٍ دون أن يذكر خصائصهم ، ثمّ يقول : إنّ أَوّل مَن روى حديث الغدير هو أبو بكر بن أبي قحافة التيمي ـ 13 هـ ـ (1) .
2 - القاضي أبو بكر الجعابي ـ 356 هـ ـ روى حديث الغدير عن مِئة وخمس وعشرين طريقاً من الصحابة ، منهم أبي بكر (2) .
3 - واستخرج العلاّمة منصور اللاتي الرازي ـ من أعلام القرن الخامس ـ في كتابه ( حديث الغدير ) أسماء مَن روى حديث الغدير مرتّباً على حروف المعجم ، وذكر منهم أبا بكر (3) .
4 - قال العلاّمة ابن المغازلي الشافعي ـ 484 هـ ـ : وقد روى حديث غدير خم عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نحو من مِئة نفس ، منهم العشرة المبشّرة ، وهم : أبو بكر وعثمان وطلحة والزبير. .. وهو حديث ثابت لا أعرف له علة (4) ، تفرّد علي ( عليه السلام ) بهذه
ــــــــــــــــــــ
( 1 ) أسد الغابة 3 : 274 ترجمة عبد الله بن ياميل ، الإصابة 4 : 226 ترجمة عبد الله بن ياميل رقم 5047 ، الطرائف للسيد ابن طاووس : 140.
( 2 ) المناقب للسروي 3 : 25، بحار الأنوار 37 : 157. وقال رواه صاحب بن عباد وثمانية وسبعون صحابياً من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، منهم : أبو بكر ، عمر ، عثمان ، الإمام علي ( عليه السلام ) ، طلحة ، والزبير . ..
( 3 ) المناقب للسروي 3 : 25 ، الغدير للعلاّمة الأميني 1 : 17 و 155. ولمزيد من الاطلاع على هذه المصادر الثلاثة المذكورة راجع : الغدير للعلاّمة الطباطبائي : 41 - 81 ترجمة رقم 6 و 10 و 19 .
( 4 ) لا أعرف له علة ، أي أنّي لم أعرف مخالفاً لهذه الرواية ؛ وذلك لأنّ هذا الحديث المتواتر فاقد لأي عيب ونقيصة ، سنداً ومتناً ، إلاّ أنّ هناك بعض المغرضين والمنحرفين عن علي ( عليه السلام ) .
الفضيلة ليس يشركه فيها أحد (1) .
5 - وأخرجه أيضا العلاّمة الجزري الشافعي في كتابيه ( أسنى المطالب ) و ( أسمى المناقب في تهذيب أسنى المطالب ) (2) .
6 - وروى المؤرّخ العلاّمة زيني دحلان ، عن أبي بكر عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، أنّه قال : ( مَن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ مَن والاه ، وعادِ مَن عاداه ، وأحب مَن أحبه ، وأبغض مَن أبغضه ، وانصر مَن نصره ، واخذل مَن خذله ، وأدر الحق معه حيث دار ) (3) .
وأمّا حديث التهنئة فسوف نوافيك به ضمن الأحاديث المروية عن عمر بن الخطاب (4) .
3 - أبو بكر يقول : ملائكة خُلقوا من نور وجه علي ( عليه السلام ) .
روى العلاّمة الخطيب الخوارزمي بإسناده عن عثمان بن عفان قال : سمعت عمر بن الخطاب قال : سمعت أبا بكر بن أبي قحافة قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( إنّ الله خلق من نور وجه علي بن أبي طالب ملائكةً ، يسبّحون ويقدّسون ويكتبون ثواب ذلك لمحبيه ومحبي وُلده ) (5) .
وأخرج أيضاً بسند آخر عن عثمان بن عفان عن عمر بن الخطاب أنّه قال :
حرّفوا بعض ألفاظه ، أو أسقطوا منها شيئاً ، وقد ذكرنا ذلك في كتاب أضواء على الصحيحين . ( المعرّب ) .
ــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) المناقب لابن المغازلي : 27 ذيل ح 39.
( 2 ) أسنى المطالب : 35 تحقيق المحمودي ، وص 12 تحقيق الطنطاوي .
( 3 ) فتح المبين في فضائل الخلفاء الراشدين ، بهامش السيرة النبوية لزيني دحلان 2 : 161.
( 4 ) راجع ص : 74 - 81 ( 5 ) مقتل الحسين ( عليه السلام ) للخوارزمي : 97.
( إنّ الله تعالى خلق ملائكةً من نور وجه علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ) (1) .
أقول : ولعلّ هاتين الروايتين حديث واحد ، وإنّما وقع الاختلاف والنقيصة فيه حين التخريج عمداً أو سهواً .
4 - أبو بكر يعترف : النخلة تشهد لعلي ( عليه السلام ) بالوصية .
أخرج العلاّمة العيني الحنفي بسنده عن أبي بكر عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وذلك لمّا سمع صوت خرج من النخلة ، قال ( صلى الله عليه وآله ) : ( أتدرون ما قالت النخلة ؟ قال أبو بكر : قلنا : الله ورسوله أعلم .
قال ( صلى الله عليه وآله ) : صاحت : هذا محمد رسول الله ، ووصيه علي بن أبي طالب ) (2) .
5 - أبو بكر يعترف : علي ( عليه السلام ) خير مَن طلعت عليه الشمس وغربت .
أخرج الحافظ ابن حجر العسقلاني بإسناده عن أبي الأسود الدؤلي قال : سمعت أبا بكر يقول : أيّها الناس ، عليكم بعلي بن أبي طالب ، فإنّي سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( علي خير مَن طلعت عليه الشمس وغربت بعدي ) (3) .
6 - أبو بكر يعترف : علي ( عليه السلام ) من النبي ( صلى الله عليه وآله ) كالنبي من الله عزّ وجلّ .
روى المحب الطبري وغيره بإسنادهم عن ابن عباس قال : . .. قال أبو بكر : يا علي ، ما كنت لأتقدّم رجلاً سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( علي مني كمنزلتي ـ
ــــــــــــــــــــــ
( 1 ) المناقب للخوارزمي : 329 فصل ( 19 ) ح 348 .
( 2 ) مناقب سيدنا علي ( عليه السلام ) للعيني : 15 ح 4 طبعة أعظم بريس حيدر آباد .
( 3 ) لسان الميزان 6 : 78 ترجمة المغيرة بن سعيد البجلي رقم 281.
بمنزلتي ، خ ـ من ربّي ) . أخرجه ابن السمان في كتاب الموافقة (1) .
يعني أنّ منزلة علي ( عليه السلام ) وكرامته عندي كمنزلتي ، وبقدر مالي من المنزلة والكرامة عند الله عزّ وجل .
ورواه أيضاً العلاّمة الحريفيش بلفظ آخر . .. : قال أبو بكر : أنا لا أتقدّم على رجل قال في حقه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( إنّ علياً يجيء يوم القيامة ، ومعه أولاده وزوجته على مراكب من البُدن ، فيقول أهل القيامة : أيُّ نبي هذا ؟ فينادي منادٍ : هذا حبيب الله ، هذا علي بن أبي طالب ) (2) .
7 - أبو بكر يعترف : جواز العبور على الصراط بيد علي ( عليه السلام ) .
روى العلاّمة الحافظ المحب الطبري ، وآخرون بإسنادهم عن قيس بن أبي حازم قال : التقى أبو بكر وعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فتبسّم أبو بكر في وجه علي ( عليه السلام ) ، فقال ( عليه السلام ) له : مالك تبسّمت ؟ قال : سمعت رسول الله ( عليه السلام ) يقول : ( لا يجوز أحد الصراط إلاّ مَن كتب له علي الجواز ) . أخرجه ابن السمان في كتاب الموافقة (3) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) ذخائر العقبى : 64 ، الرياض النضرة 3 : 118 و 232 ، الصواعق المحرقة : 177، توضيح الدلائل : 239 مخطوط ، الروض الأزهر : 97 ، إحقاق الحق 17 : 194 خرّجه عن وسيلة النجاة : 134، ووسيلة المال : 113، ومناقب العشرة : 12. مناقب سيدنا علي : 39 ، أرجح المطالب : 468 .
( 2 ) إحقاق الحق 15 : 439 أخرجه عن الروض الفائق في المواعظ والدقائق ، لشعيب بن عبد الله المعروف بالحريفيش : 267 .
( 3 ) ذخائر العقبى : 71 ، الرياض النضرة 3 : 137 ، الصواعق المحرقة : 126 أخرجه عن ابن السمان والعسقلاني في المطالب العالية ، ينابيع المودة : 419 باب ( 70 ) المناقب
وأخرج العلاّمة الخطيب البغدادي بسنده عن أنس بن مالك قال : قال أبو بكر عند موته :
سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( إنّ على الصراط لعقبة لا يجوزها أحد ، إلاّ بجواز من علي بن أبي طالب ) (1) .
وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي : هل ترى أنّ مَن تقلّد الخلافة زوراً وظلماً وغصباً ، وأخذ البيعة من علي ( عليه السلام ) قهراً وكرهاً ، ويعترف قائلاً : ليتني لم أكشف بيت فاطمة ، ولو أعلن علي الحرب (2) ،
ـــــــــــــــــــــــــ
المرتضوية للكشفي الترمذي : 91 ، إسعاف الراغبين : 176 ، الروض الأزهر للسيد شاه تقي : 97 ، وسيلة النجاة : 135 ، وسيلة المال : 122 مخطوط ، فتح المبين في فضائل الخلفاء الراشدين 2 : 161، أرجح المطالب : 550 ، المناقب لابن المغازلي : 119، مناقب سيدنا علي : 45.
( 1 ) تاريخ بغداد 10 : 357 . أقول : أخرجه الخطيب وفيه من الزوائد والإضافات ما يدل على كون هذه الزوائد من المدسوسات والتحريفات ، ثمّ يعقّب الخطيب على الرواية وزوائدها ويقول : هذا من حكاية القصّاصين ، ولكن لمّا تنظر وتتمعّن في النص ، الذي أخرجه الحفّاظ والمحدّثون ، وكما جاء في المصادر المتكثرة ، والتي هي خالية من الزوائد البغدادية وتحريفاته للحديث ، لعرفت أنّ الخطيب زوّر الحديث وزيّفه حسب ما تهواه نفسه .
( 2 ) فلو أردت أيّها القارئ أن تطّلع على اعتراف أبي بكر ، بأنّه هو الذي أمر بإحراق باب بيت الزهراء ( عليها السلام ) فراجع مضّانه في المصادر التالية :
الأموال لأبي عبيد : 194 ، الإمامة والسياسة : 18 ، الكامل للمبرد : روى عنه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 2 : 46 ، وج 6 : 51 و 20 : 24، السقيفة وفدك للجوهري : 40 ، تاريخ اليعقوبي 2 : 137 ، تاريخ الطبري 3 : 43 حوادث سنة 13 هـ ، العقد الفريد 4 : 268 ، مروج الذهب 2 : 301 ، المعجم الكبير 1 : 19 ح 43 ، تاريخ مدينة دمشق 30 : 422 ، كنز العمال 5 : 631 ح 14133 ، أخرجه عن الأموال ، والضعفاء للعقيلي ، وفضائل الصحابة للطرابلسي والطبراني وابن عساكر ومسند سعيد بن منصور ، ميزان الاعتدال 3 : 109 ترجمة علوان بن داود رقم 5763 ، تاريخ الإسلام للذهبي 3 : 117 - 188 ، لسان الميزان 4 : 189 ترجمة علوان بن داود رقم 502 ، منتخب كنز العمال 2 : 171 ، الضعفاء للعقيلي 3 : 420 ترجمة علوان بن داود البجلي رقم 1461 .
حتى آلَ الأمر به وبأصحابه أن يحرقوا باب دار علي وفاطمة بالنار ، ويضربوا بنت المصطفى وزوجة المرتضى فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، حتى أسقطت ما في بطنها ، ويأمر أتباعه وملازميه بملاحقة علي ( عليه السلام ) ، وأباح لهم التعدي عليه ، حتى أن وصل الأمر بهم أن قام الإمام علي ( عليه السلام ) يشكو ويئن من قسوتهم وظلمهم وتعديهم . .. فهل ترى مثل هذا يجوز الصراط ، في حين أنّ جواز العبور بيد علي ( عليه السلام ) كما اعترف هو بنفسه ؟ .
يتبع