الشيخ عباس محمد
09-01-2018, 08:24 PM
الإمام علي ( عليه السلام ) في رأي عثمان بن عفان
1 - عثمان يعترف : خُلق النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وعلي ( عليه السلام ) من نور واحد .
أخرج العلاّمة سيد علي بن شهاب الدين الهمداني ، بإسناده عن عثمان بن عفان ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( خُلفت أنا وعلي من نور واحد ، قبل أن يخلق الله آدم بأربعة آلاف عام (1) ، فلمّا خلق الله آدم ركّب فيه ذلك النور في صلبه ، فلم يزل شيئاً واحداً ، حتى افترقنا في صلب عبد المطلب ، ففيَّ النبوة وفي علي الوصية ) (2) .
2 - عثمان يعترف : خلق الله ملائكةً من نور وجه علي ( عليه السلام ) .
أخرج العلاّمة الخطيب الخوارزمي ، بإسناده عن عثمان بن عفان قال : سمعت عمر بن الخطاب ، قال : سمعت أبا بكر بن أبي قحافة قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( إنّ الله خلق من نور وجه علي بن أبي طالب ملائكةً ، يسبّحون ويقدّسون ، ويكتبون ثواب ذلك لمحبيه ومحبي وُلده ) (3) .
3 - عثمان يعترف : النظر إلى وجه علي ( عليه السلام ) عبادة .
أخرج العلاّمة الحافظ ابن عساكر الدمشقي ، بإسناده عن يونس مولى الرشيد ، قال : كنت واقفاً على رأس المأمون ، وعنده يحيى بن أكثم القاضي ، فذكروا علياً ( عليه السلام ) وفضله ، فقال المأمون : سمعت الرشيد يقول : سمعت المهدي يقول : سمعت
ــــــــــــــــــــــ
( 1 ) ورد في أحاديث أخرى عن طرق غير عثمان ، إنّ العدد هو أربعة عشر ألف عام ، ولعلّ هذا هو الصحيح ، ولكن أسقطت كلمة عشر في هذا الحديث حين الاستنساخ أو الطبع .
( 2 ) ينابيع المودة : 256.
( 3 ) مقتل الحسين ( عليه السلام ) : 97 ، المناقب للخوارزمي : 329 ح 348.
المنصور يقول : سمعت أبي يقول : سمعت جدي يقول : سمعت ابن عباس يقول : رجع عثمان إلى علي ( عليه السلام ) فسأله المصير إليه ، فصار إليه فجعل يحدّ النظر إليه ، فقال له علي ( عليه السلام ) : ـ يا عثمان ـ مالك تحدّ النظر إليّ ؟ قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( النظر إلى وجه علي عبادة ) (1) .
وذكر الزمخشري عن ابن العربي : أنّ علياً كان إذا برز قال الناس : لا إله إلاّ الله ، ما أشرف هذا الفتى ، لا إله إلاّ الله ، ما أشجع هذا الفتى ، لا إله إلاّ الله ، ما أعلم هذا الفتى ، لا إله إلاّ الله ، ما أكرم هذا الفتى ، وإنّ النظر إلى علي ( عليه السلام ) يدعو إلى ذكر الله (2) .
4 - عثمان يعترف بحديث الغدير ، وأنّ علياً ( عليه السلام ) مولى المؤمنين .
مرّ علينا آنفاً في فصلي اعترافات أبي بكر وعمر في قصة الغدير ، بأنّ رواة حديث الغدير ـ الذين رووا ما سمعوا عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهو يقول : ( مَن كنت مولاه فعلي مولاه ) ـ كثيرون ، وأخرج ابن عقدة في كتابه ( الولاية ) (3) ، ومنصور الآبي الرازي في
ـــــــــــــــــــ
( 1 ) تاريخ مدينة دمشق 42 : 350 ، البداية والنهاية 7 : 358 ، تاريخ الخلفاء : 172، اللآلئ المصنوعة 1 : 343 ، مناقب سيدنا علي ( عليه السلام ) : 19 ح 57 خرّجه عن الخطيب والديلمي وابن عساكر والطبري والحاكم ، التعقّبات للسيوطي : 57 نقلاً عن إحقاق الحق 7 : 109.
( 2 ) فيض القدير 6 : 299 ذيل ح 9319 ، تاريخ مدينة دمشق 42 : 356 ترجمة الإمام علي بن أبي طالب .
( 3 ) الغدير 1 : 53، المناقب للسروي 3 : 25.
كتابه الغدير (1) ، والعلاّمة ابن المغازلي في كتابه المناقب (2) ، أنّ عثمان بن عفان الذي كان حاضراً وشاهداً لتلك الواقعة والمفخرة العلوية في غدير خم ، هو أحد رواة حديث الغدير ( مَن كنت مولاه فعلي مولاه ) .
5 - مراجعة عثمان إلى علي ( عليه السلام ) في رجم امرأة .
أخرج الإمام مالك في الموطأ ، وغيره في كتبهم التفسيرية والحديثية ، بإسنادهم عن بعجة بن عبد الله الجهني ، قال : تزوج رجل منا امرأةً من جهينة ، فولدت له تماماً لستة أشهر ، فانطلق زوجها إلى عثمان بن عفان ، فأخبره القصة ، فأمر برجمها ، فبلغ ذلك علياً ( عليه السلام ) ، فأتاه فقال ( عليه السلام ) : ما تصنع ؟ قال عثمان : ولدت تماماً لستة أشهر ، وهل يكون ذلك ؟ فقال علي ( عليه السلام ) : أَما سمعت الله تعالى يقول : ( وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا ) (3) ، وقال : ( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ) (4) فكم تجده بقي إلاّ ستة أشهر ؟ فقال عثمان : والله ما فطنت لهذا ، عليّ بالمرأة ، فوجدوها قد مُرغ منها ـ يعني أنّها رُجمت ـ .
ـــــــــــــــــــــــ
( 1 ) الغدير 1 : 53 ، المناقب للسروي 3 : 25.
( 2 ) المناقب لابن المغازلي : 27 ح 39.
لو اعتمدنا الأحاديث المروية في العشرة المبشّرة ـ وثالثهم عثمان بن عفان ـ وكذا لو اعتمدنا ما رواه ابن المغازلي عن مسند نيسابور لأبي القاسم فضل بن محمد الأبيوردي ـ المتوفى 518 هـ ـ حول حديث الغدير وقوله : إنّ هذا الحديث روي عن أكثر من مائة طريق منهم العشرة المبشّرة ، الذين سمعوا النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( مَن كنت مولاه فهذا علي مولاه ) . لا يشك أحد أنّ عثمان يُعد أحد رواة هذه المنقبة الجليّة لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
( 3 ) الاحقاف : 15.
( 4 ) البقرة : 233.
وكان من قولها لأختها : يا أخية ، لا تحزني ، فوالله ما كشف فرجي أحد قط غيره ـ أي غير زوجي ـ .
قال الراوي : فشبّ الغلام بعد ، فاعترف الرجل به ، وكان أشبه الناس به ، وقال : فرأيت الرجل بعد يتساقط عضواً عضواً على فراشه (1) .
6 - مراجعة عثمان إلى علي ( عليه السلام ) في مسالة الأب .
أخرج الإمام أحمد وغيره من الحفّاظ بإسنادهم ، أنّ يحنس وصفية كانا من سبي الخمس ـ أي أسيرين ـ فزنت صفية برجل من الخمس ـ أي أسير آخر ـ فولدت غلاماً ، فادّعاه الزاني ويحنس فاختصما إلى عثمان ، فرفعهما إلى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فقال علي ( عليه السلام ) : ( أقضي فيهما بقضاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ـ الولد للفراش وللعاهر الحجر ـ فأعطى يحنس الولد وجلدهما ـ أي صفية والزاني ـ خمسين خمسين ) ؛ لأنّهما كان عبدينِ فعليهما نصف ما على الحر من الحد ، وأمّا صفية لأنّها كانت أَمَة فلا رجم عليها .
وتشاهد في هذه القصة : أنّ عثمان بن عفان ، الذي تقلّد أريكة الخلافة ، وارتقى عرش الإمارة ، عاجز عن فهم حكم الولد ، أنّه للفراش وللعاهر الحجر ، وجاهل عن أحكام الحر والعبد والفرق بينهما (2) .
ــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) الموطأ 2 : 825 كتاب الحدود باب ( 1 ) ح 11 ، تأويل مختلف الحديث : 107 ، سُنن البيهقي 7 : 442 ، جامع بيان العلم وفضله : 150 ، تفسير ابن كثير 4 : 169 ، تيسير الوصول 2 : 11 الفصل الثاني ح 5 ، الدر المنثور 6 : 40 أخرجه عن ابن المنذر وابن أبي حاتم ، عمدة القارئ 9 : 642.
( 2 ) مسند أحمد بن حنبل 1 : 104 و 1 : 167 ح 822 ( الحديثة ) ، تفسير ابن كثير 1 : 489 ، كنز العمال 6 : 198 ح 15340.
7 - مراجعة عثمان إلى علي ( عليه السلام ) في حكم المطلقة التي مات زوجها .
روى فقهاء العامة ومحدّثوهم ، أنّ حبان بن منقذ كانت عنده جاريتان هاشمية وأنصارية ، فطلّق الأنصارية وهي ترضع ، فمرّت بها سَنة ، ثمّ هلك عنها ولم تحض ، فقالت : أنا أرثه ، لم أحض . فاختصمتا إلى عثمان بن عفان ، وكعادته أرجعهما إلى علي ( عليه السلام ) ، فقال لها علي ( عليه السلام ) : ( أتحلفين عند قبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) إنّك لم تحضي حتى تحصلين على إرثك ) ؟ ، فحلفت وأعطاها سهمها من الإرث .
أقول : وأخرجه الإمامان مالك والشافعي وقالا فيما روياه : إنّ الهاشمية وجدت على عثمان ولامته ؛ حيث أعطى الأنصارية سهماً من الإرث ، فقال عثمان : هذا عمل ابن عمك هو أشار علينا بهذا ـ يعني علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ـ (1) .
8 - مراجعة عثمان إلى علي ( عليه السلام ) في مسالة لحم الصيد للمُحرِم .
أخرج الإمام أحمد بن حنبل وغيره ، بإسنادهم : كان أبي الحارث على أمر من مكة في زمن عثمان ، فأقبل عثمان رضي الله عنه إلى مكة ، فقال عبد الله بن الحارث : فاستقبلت عثمان بالنزل بقديد ، اصطاد أهل الماء حجلاً فطبخناه بماء وملح ، فجعلنا عراقاً للثريد ، فقدّمناه إلى عثمان وأصحابه ، فأمسكوا .
ـــــــــــــــــــــــ
( 1 ) الموطأ 2 : 572 كتاب الطلاق : باب طلاق المريض ح 43 ، مسند الشافعي : 296 كتاب العدد ، السنن الكبرى 7 : 4190 .، الاستيعاب 2 : 764 ، ذخائر العقبى : 80 ، الرياض النضرة 3 : 166، الإصابة 8 : 204 القسم الأَوّل ، كنز العمال 5 : 829 ح 14505 و 14506 ، أرجح المطالب : 126 ، وسيلة المال : 126 ، إحقاق الحق 17 : 516.
فقال عثمان : صيد لم نصطده ولم نأمر بصيده ، اصطاده قوم حِل فأطعمونا فما بأس ، فقال للقوم : كلوا فإنّما أصيبت لأجلي . فقال القوم : هذا علي ( عليه السلام ) نهانا عن أكله ، فبعث إلى علي ( عليه السلام ) فجاءه وإنّه ليمسح الخبط عن يديه .
فقال عثمان : لم نصطده ولم نأمر بصيده ، اصطاده قوم حِل فأطعمونا فما بأس .
قال الراوي : فغضب علي ( عليه السلام ) وقال : ( أنشد الله رجلاً شهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أتى ببيض نعامة ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنّا قوم حُرم فأطعموه أهل الحِل ) .
فقال الراوي : فشهد دونهم في العدة من الاثني عشر .
قال الراوي : فثنى عثمان وركه عن الطعام فدخل ، وأكل ذلك الطعام أهل الماء (1) .
9 - عثمان يعترف : لولا علي لهلك عثمان .
أخرج الحافظ أحمد بن محمد بن علي بن أحمد العاصمي ، عن الأستاذ أبي بكر محمد بن إسحاق بن محمشاد يرفعه : أنّ رجلاً أتى عثمان بن عفان وهو أمير المؤمنين ، وبيده جمجمة إنسان ميت ، فقال : إنّكم تزعمون أنّ النار تعرض على هذا ، وإنّه يُعذب في القبر ، وأنا قد وضعت عليها يدي فلم أحس منها حرارة
ــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) مسند أحمد 1 : 100 و 1 : 161 ح 785 و 786 ، مسند أبي يعلى 1 : 294 ح 356 مسند علي ( عليه السلام ) ، مسند البزار ح 1100 ، مجمع الزوائد 3 : 229 أخرجه عن أبي يعلى وأحمد والبزار ، شرح معاني الآثار 2 : 168 ، السُنن الكبرى 5 : 194 ، سُنن أبي داود 2 : 170 كتاب المناسك باب لحم الصيد للمحرم ح 1849 ، المناقب للسروي 2 : 373 عن مسند أحمد وأبي يعلى .
النار ! فسكت عثمان وأرسل إلى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يستحضره ، فلما أتاه وهو في ملأ من أصحابه قال عثمان للرجل : أعد المسألة . فأعادها . ثمّ قال عثمان لعلي ( عليه السلام ) : أجب الرجل عنها ، يا أبا الحسن ، فقال علي ( عليه السلام ) : ( ائتوني بزند وحجر ـ والرجل السائل والناس ينظرون إليه ـ فأُتي بهما فأخذهما ، وقدح منهما النار ، ثمّ قال للرجل : ضع يدك على الحجر ، فوضعها عليه ، ثمّ قال ( عليه السلام ) : ضع يدك على الزند ، فوضعها عليه ، فقال ( عليه السلام ) : هل أحسست منهما حرارة النار ؟ ) فبهت الرجل ـ لأنّه رأى النار ولم يحس بالحرارة ـ فقال عثمان : ( لولا علي لهلك عثمان ) (1) .
ـــــــــــــ
( 1 ) زين الفتى في تفسير سورة هل أتى 1 : 318 ح 225 ، الغدير 8 : 214 عن روائح القرآن في فضائل أمناء الرحمن حيث يروي فيه 131 آية نزلت في علي ، علي والخلفاء لنجم الدين العسكري : 315 - 316.
1 - عثمان يعترف : خُلق النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وعلي ( عليه السلام ) من نور واحد .
أخرج العلاّمة سيد علي بن شهاب الدين الهمداني ، بإسناده عن عثمان بن عفان ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( خُلفت أنا وعلي من نور واحد ، قبل أن يخلق الله آدم بأربعة آلاف عام (1) ، فلمّا خلق الله آدم ركّب فيه ذلك النور في صلبه ، فلم يزل شيئاً واحداً ، حتى افترقنا في صلب عبد المطلب ، ففيَّ النبوة وفي علي الوصية ) (2) .
2 - عثمان يعترف : خلق الله ملائكةً من نور وجه علي ( عليه السلام ) .
أخرج العلاّمة الخطيب الخوارزمي ، بإسناده عن عثمان بن عفان قال : سمعت عمر بن الخطاب ، قال : سمعت أبا بكر بن أبي قحافة قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( إنّ الله خلق من نور وجه علي بن أبي طالب ملائكةً ، يسبّحون ويقدّسون ، ويكتبون ثواب ذلك لمحبيه ومحبي وُلده ) (3) .
3 - عثمان يعترف : النظر إلى وجه علي ( عليه السلام ) عبادة .
أخرج العلاّمة الحافظ ابن عساكر الدمشقي ، بإسناده عن يونس مولى الرشيد ، قال : كنت واقفاً على رأس المأمون ، وعنده يحيى بن أكثم القاضي ، فذكروا علياً ( عليه السلام ) وفضله ، فقال المأمون : سمعت الرشيد يقول : سمعت المهدي يقول : سمعت
ــــــــــــــــــــــ
( 1 ) ورد في أحاديث أخرى عن طرق غير عثمان ، إنّ العدد هو أربعة عشر ألف عام ، ولعلّ هذا هو الصحيح ، ولكن أسقطت كلمة عشر في هذا الحديث حين الاستنساخ أو الطبع .
( 2 ) ينابيع المودة : 256.
( 3 ) مقتل الحسين ( عليه السلام ) : 97 ، المناقب للخوارزمي : 329 ح 348.
المنصور يقول : سمعت أبي يقول : سمعت جدي يقول : سمعت ابن عباس يقول : رجع عثمان إلى علي ( عليه السلام ) فسأله المصير إليه ، فصار إليه فجعل يحدّ النظر إليه ، فقال له علي ( عليه السلام ) : ـ يا عثمان ـ مالك تحدّ النظر إليّ ؟ قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( النظر إلى وجه علي عبادة ) (1) .
وذكر الزمخشري عن ابن العربي : أنّ علياً كان إذا برز قال الناس : لا إله إلاّ الله ، ما أشرف هذا الفتى ، لا إله إلاّ الله ، ما أشجع هذا الفتى ، لا إله إلاّ الله ، ما أعلم هذا الفتى ، لا إله إلاّ الله ، ما أكرم هذا الفتى ، وإنّ النظر إلى علي ( عليه السلام ) يدعو إلى ذكر الله (2) .
4 - عثمان يعترف بحديث الغدير ، وأنّ علياً ( عليه السلام ) مولى المؤمنين .
مرّ علينا آنفاً في فصلي اعترافات أبي بكر وعمر في قصة الغدير ، بأنّ رواة حديث الغدير ـ الذين رووا ما سمعوا عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهو يقول : ( مَن كنت مولاه فعلي مولاه ) ـ كثيرون ، وأخرج ابن عقدة في كتابه ( الولاية ) (3) ، ومنصور الآبي الرازي في
ـــــــــــــــــــ
( 1 ) تاريخ مدينة دمشق 42 : 350 ، البداية والنهاية 7 : 358 ، تاريخ الخلفاء : 172، اللآلئ المصنوعة 1 : 343 ، مناقب سيدنا علي ( عليه السلام ) : 19 ح 57 خرّجه عن الخطيب والديلمي وابن عساكر والطبري والحاكم ، التعقّبات للسيوطي : 57 نقلاً عن إحقاق الحق 7 : 109.
( 2 ) فيض القدير 6 : 299 ذيل ح 9319 ، تاريخ مدينة دمشق 42 : 356 ترجمة الإمام علي بن أبي طالب .
( 3 ) الغدير 1 : 53، المناقب للسروي 3 : 25.
كتابه الغدير (1) ، والعلاّمة ابن المغازلي في كتابه المناقب (2) ، أنّ عثمان بن عفان الذي كان حاضراً وشاهداً لتلك الواقعة والمفخرة العلوية في غدير خم ، هو أحد رواة حديث الغدير ( مَن كنت مولاه فعلي مولاه ) .
5 - مراجعة عثمان إلى علي ( عليه السلام ) في رجم امرأة .
أخرج الإمام مالك في الموطأ ، وغيره في كتبهم التفسيرية والحديثية ، بإسنادهم عن بعجة بن عبد الله الجهني ، قال : تزوج رجل منا امرأةً من جهينة ، فولدت له تماماً لستة أشهر ، فانطلق زوجها إلى عثمان بن عفان ، فأخبره القصة ، فأمر برجمها ، فبلغ ذلك علياً ( عليه السلام ) ، فأتاه فقال ( عليه السلام ) : ما تصنع ؟ قال عثمان : ولدت تماماً لستة أشهر ، وهل يكون ذلك ؟ فقال علي ( عليه السلام ) : أَما سمعت الله تعالى يقول : ( وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا ) (3) ، وقال : ( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ) (4) فكم تجده بقي إلاّ ستة أشهر ؟ فقال عثمان : والله ما فطنت لهذا ، عليّ بالمرأة ، فوجدوها قد مُرغ منها ـ يعني أنّها رُجمت ـ .
ـــــــــــــــــــــــ
( 1 ) الغدير 1 : 53 ، المناقب للسروي 3 : 25.
( 2 ) المناقب لابن المغازلي : 27 ح 39.
لو اعتمدنا الأحاديث المروية في العشرة المبشّرة ـ وثالثهم عثمان بن عفان ـ وكذا لو اعتمدنا ما رواه ابن المغازلي عن مسند نيسابور لأبي القاسم فضل بن محمد الأبيوردي ـ المتوفى 518 هـ ـ حول حديث الغدير وقوله : إنّ هذا الحديث روي عن أكثر من مائة طريق منهم العشرة المبشّرة ، الذين سمعوا النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( مَن كنت مولاه فهذا علي مولاه ) . لا يشك أحد أنّ عثمان يُعد أحد رواة هذه المنقبة الجليّة لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
( 3 ) الاحقاف : 15.
( 4 ) البقرة : 233.
وكان من قولها لأختها : يا أخية ، لا تحزني ، فوالله ما كشف فرجي أحد قط غيره ـ أي غير زوجي ـ .
قال الراوي : فشبّ الغلام بعد ، فاعترف الرجل به ، وكان أشبه الناس به ، وقال : فرأيت الرجل بعد يتساقط عضواً عضواً على فراشه (1) .
6 - مراجعة عثمان إلى علي ( عليه السلام ) في مسالة الأب .
أخرج الإمام أحمد وغيره من الحفّاظ بإسنادهم ، أنّ يحنس وصفية كانا من سبي الخمس ـ أي أسيرين ـ فزنت صفية برجل من الخمس ـ أي أسير آخر ـ فولدت غلاماً ، فادّعاه الزاني ويحنس فاختصما إلى عثمان ، فرفعهما إلى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فقال علي ( عليه السلام ) : ( أقضي فيهما بقضاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ـ الولد للفراش وللعاهر الحجر ـ فأعطى يحنس الولد وجلدهما ـ أي صفية والزاني ـ خمسين خمسين ) ؛ لأنّهما كان عبدينِ فعليهما نصف ما على الحر من الحد ، وأمّا صفية لأنّها كانت أَمَة فلا رجم عليها .
وتشاهد في هذه القصة : أنّ عثمان بن عفان ، الذي تقلّد أريكة الخلافة ، وارتقى عرش الإمارة ، عاجز عن فهم حكم الولد ، أنّه للفراش وللعاهر الحجر ، وجاهل عن أحكام الحر والعبد والفرق بينهما (2) .
ــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) الموطأ 2 : 825 كتاب الحدود باب ( 1 ) ح 11 ، تأويل مختلف الحديث : 107 ، سُنن البيهقي 7 : 442 ، جامع بيان العلم وفضله : 150 ، تفسير ابن كثير 4 : 169 ، تيسير الوصول 2 : 11 الفصل الثاني ح 5 ، الدر المنثور 6 : 40 أخرجه عن ابن المنذر وابن أبي حاتم ، عمدة القارئ 9 : 642.
( 2 ) مسند أحمد بن حنبل 1 : 104 و 1 : 167 ح 822 ( الحديثة ) ، تفسير ابن كثير 1 : 489 ، كنز العمال 6 : 198 ح 15340.
7 - مراجعة عثمان إلى علي ( عليه السلام ) في حكم المطلقة التي مات زوجها .
روى فقهاء العامة ومحدّثوهم ، أنّ حبان بن منقذ كانت عنده جاريتان هاشمية وأنصارية ، فطلّق الأنصارية وهي ترضع ، فمرّت بها سَنة ، ثمّ هلك عنها ولم تحض ، فقالت : أنا أرثه ، لم أحض . فاختصمتا إلى عثمان بن عفان ، وكعادته أرجعهما إلى علي ( عليه السلام ) ، فقال لها علي ( عليه السلام ) : ( أتحلفين عند قبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) إنّك لم تحضي حتى تحصلين على إرثك ) ؟ ، فحلفت وأعطاها سهمها من الإرث .
أقول : وأخرجه الإمامان مالك والشافعي وقالا فيما روياه : إنّ الهاشمية وجدت على عثمان ولامته ؛ حيث أعطى الأنصارية سهماً من الإرث ، فقال عثمان : هذا عمل ابن عمك هو أشار علينا بهذا ـ يعني علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ـ (1) .
8 - مراجعة عثمان إلى علي ( عليه السلام ) في مسالة لحم الصيد للمُحرِم .
أخرج الإمام أحمد بن حنبل وغيره ، بإسنادهم : كان أبي الحارث على أمر من مكة في زمن عثمان ، فأقبل عثمان رضي الله عنه إلى مكة ، فقال عبد الله بن الحارث : فاستقبلت عثمان بالنزل بقديد ، اصطاد أهل الماء حجلاً فطبخناه بماء وملح ، فجعلنا عراقاً للثريد ، فقدّمناه إلى عثمان وأصحابه ، فأمسكوا .
ـــــــــــــــــــــــ
( 1 ) الموطأ 2 : 572 كتاب الطلاق : باب طلاق المريض ح 43 ، مسند الشافعي : 296 كتاب العدد ، السنن الكبرى 7 : 4190 .، الاستيعاب 2 : 764 ، ذخائر العقبى : 80 ، الرياض النضرة 3 : 166، الإصابة 8 : 204 القسم الأَوّل ، كنز العمال 5 : 829 ح 14505 و 14506 ، أرجح المطالب : 126 ، وسيلة المال : 126 ، إحقاق الحق 17 : 516.
فقال عثمان : صيد لم نصطده ولم نأمر بصيده ، اصطاده قوم حِل فأطعمونا فما بأس ، فقال للقوم : كلوا فإنّما أصيبت لأجلي . فقال القوم : هذا علي ( عليه السلام ) نهانا عن أكله ، فبعث إلى علي ( عليه السلام ) فجاءه وإنّه ليمسح الخبط عن يديه .
فقال عثمان : لم نصطده ولم نأمر بصيده ، اصطاده قوم حِل فأطعمونا فما بأس .
قال الراوي : فغضب علي ( عليه السلام ) وقال : ( أنشد الله رجلاً شهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أتى ببيض نعامة ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنّا قوم حُرم فأطعموه أهل الحِل ) .
فقال الراوي : فشهد دونهم في العدة من الاثني عشر .
قال الراوي : فثنى عثمان وركه عن الطعام فدخل ، وأكل ذلك الطعام أهل الماء (1) .
9 - عثمان يعترف : لولا علي لهلك عثمان .
أخرج الحافظ أحمد بن محمد بن علي بن أحمد العاصمي ، عن الأستاذ أبي بكر محمد بن إسحاق بن محمشاد يرفعه : أنّ رجلاً أتى عثمان بن عفان وهو أمير المؤمنين ، وبيده جمجمة إنسان ميت ، فقال : إنّكم تزعمون أنّ النار تعرض على هذا ، وإنّه يُعذب في القبر ، وأنا قد وضعت عليها يدي فلم أحس منها حرارة
ــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) مسند أحمد 1 : 100 و 1 : 161 ح 785 و 786 ، مسند أبي يعلى 1 : 294 ح 356 مسند علي ( عليه السلام ) ، مسند البزار ح 1100 ، مجمع الزوائد 3 : 229 أخرجه عن أبي يعلى وأحمد والبزار ، شرح معاني الآثار 2 : 168 ، السُنن الكبرى 5 : 194 ، سُنن أبي داود 2 : 170 كتاب المناسك باب لحم الصيد للمحرم ح 1849 ، المناقب للسروي 2 : 373 عن مسند أحمد وأبي يعلى .
النار ! فسكت عثمان وأرسل إلى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يستحضره ، فلما أتاه وهو في ملأ من أصحابه قال عثمان للرجل : أعد المسألة . فأعادها . ثمّ قال عثمان لعلي ( عليه السلام ) : أجب الرجل عنها ، يا أبا الحسن ، فقال علي ( عليه السلام ) : ( ائتوني بزند وحجر ـ والرجل السائل والناس ينظرون إليه ـ فأُتي بهما فأخذهما ، وقدح منهما النار ، ثمّ قال للرجل : ضع يدك على الحجر ، فوضعها عليه ، ثمّ قال ( عليه السلام ) : ضع يدك على الزند ، فوضعها عليه ، فقال ( عليه السلام ) : هل أحسست منهما حرارة النار ؟ ) فبهت الرجل ـ لأنّه رأى النار ولم يحس بالحرارة ـ فقال عثمان : ( لولا علي لهلك عثمان ) (1) .
ـــــــــــــ
( 1 ) زين الفتى في تفسير سورة هل أتى 1 : 318 ح 225 ، الغدير 8 : 214 عن روائح القرآن في فضائل أمناء الرحمن حيث يروي فيه 131 آية نزلت في علي ، علي والخلفاء لنجم الدين العسكري : 315 - 316.