الشيخ عباس محمد
09-01-2018, 08:30 PM
الجواب الوافي عن شبهة ( دعوني والتمسوا غيري فأن أكون لكم وزيــراً ).
عندما أراد المسلمون أن يُبايعوا علي بالإمامة - أنظـروا ماذا قـال لـهم :مما يدل على أنه لا يرى البيعة له ولا يسلم بالنص ( دعوني والتمسوا غيري فأن أكون لكم وزيــراً ، خير لكم من أكون لكم أميــــراً ) كتاب نهج البلاغة ج 1/ ص 181
الرد:
1ـ الرواية بلا سند فكيف يصح لك الاحتجاج بها ؟! فهل تقبل بالاحتجاج بكل ما ورد عندك من ضعيف ومكذوب مما لا سند له ؟! وهي مأخوذة من كتاب الفتنة ووقعة الجمل لسيف بن عمر التميمي وسيف هذا مجمع على كذبه عند الشيعة والسنة , وقد ذكرها الشيخ المفيد في كتابه الجمل للمفيد ص64 عن سيف ومثله الطبري في تاريخه ج 3 - ص 456 ولم تذكر هذه الرواية عن غيره
توطئة في التعرّف على (سيف):
قال الذهبي في ميزان الاعتدال: ((سيف بن عمر الضبي الأسيدي، ويقال التميمي البرجمي، ويقال السعدي الكوفي، مصنّف الفتوح والردّة وغير ذلك، وهو كالواقدي، يروي عن هشام بن عروة، وعبيد الله بن عمر، وجابر الجعفي، وخلق كثير من المجهولين))(2).
____________
1- تاريخ الإسلام 122:2.
2- ميزان الاعتدال 2: 255.
وقول الذهبي: (وهو كالواقدي) و(يروي عن .. خلق كثير من المجهولين) ظاهر في تضعيف مروياته، وستأتي الإشارة إلي ذلك(1).
وعن ابن النديم في الفهرست: ((سيف بن عمر الأسدي التميمي، أحد أصحاب السير والأحداث، وله من الكتب كتاب الفتوح الكبير والردّة, كتاب الجمل ومسير عائشة وعليّ))(2).
استقراء تاريخي لآراءالعلماء في أحاديث سيف ومروياته:
1ــ يحيى بن معين (المتوفى 233 هـ ) قال: ((ضعيف الحديث، فلس خير منه))(3).
2ــ أبو زرعة الرازي (المتوفى 264هـ )، قال: ((ضعيف الحديث))(4).
3 ــ أبو داود (المتوفى 275 هـ )، قال: ((ليس بشيء))(5). وهذا يعدّ جرحاً شديداً.
4 ــ يعقوب بن سفيان الفسوي (المتوفى 277 هـ )، قال: (حديثه وروايته ليس بشيء)(6). وهنا يضعّفه بقوّة في الاثنين: الحديث والتاريخ.
5 ــ النسائي صاحب السنن (المتوفى 303 هـ )، قال: ((ضعيف متروك الحديث، ليس بثقة، ولا مأمون))(7).
____________
1- ولك أن تراجع أقوال العلماء في تضعيف الواقدي في كتاب (الضعفاء والمتروكين) للنسائي: 233، وضعفاء العقيلي 4: 107، والجرح والتعديل 8: 20، 21.
2- فهرست ابن النديم: 106.
3- ميزان الاعتدال 2: 255، تهذيب الكمال 12: 326، الجرح والتعديل 4: 278.
4- ذكر قوله الدكتور بشار عواد معروف عند تحقيقه لكتاب (تهذيب الكمال) للمزي 12: 327.
5- تهذيب التهذيب 4: 259، ميزان الاعتدال 2: 255.
6- المعرفة والتاريخ 3: 160.
7- الضعفاء والمتروكين: 187، تاج العروس 6: 149.
6 ــ العقيلي المكي (المتوفى 322 هـ ) ذكره في كتابه (الضعفاء الكبير)، وساق له حديث عرض النبيّ(صلى الله عليه وآله) نفسه على القبائل, ثمّ قال: ((لا يتابع عليه، ولا على كثير من حديثه))(1).
7 ــ ابن أبي حاتم الرازي ((المتوفى 327 هـ )، قال: ((متروك الحديث))(2). وفي مورد آخر من كتابه (الجرح والتعديل) قال عند ترجمته لقعقاع بن عمرو وأنّه شهد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله) فيما رواه سيف بن عمر، قال ابن أبي حاتم: ((وسيف متروك الحديث فبطل الحديث، وإنّما ذكرنا ذلك للمعرفة))(3).
8 ــ ابن السكن (المتوفى 353 هـ )، قال: ((ضعيف))، وأقرّه الحافظ ابن حجر(4).
9 ــ ابن حبان (المتوفى 354 هـ )، قال: ((يروي الموضوعات عن الأثبات، اتّهم بالزندقة، وكان يضع الحديث))(5).
10ــ ابن عدي (المتوفى 365 هـ )، قال: ((ضعيف، وبعض أحاديثه مشهورة، وعامّتها منكرة لم يتابع عليها))(6).
وقد ذكر له حديثاً عن معلّمي الصبيان، قال عقيبه: ((قال الشيخ: وهذا حديث منكر موضوع, وقد اتفق في هذا الحديث ثلاثة من الضعفاء: عبيد بن إسحاق الكوفي العطار، وسيف بن عمر، وسعد الإسكاف))(7).
11ــ الدارقطني (المتوفى 385)، قال: ((متروك، ضعيف))(8).
____________
1- الضعفاء الكبير 2: 175.
2- الجرح والتعديل 4: 278، تهذيب الكمال 12: 326.
3- الجرح والتعديل 7: 136.
4- الإصابة 5: 343.
5- كتاب المجروحين 1: 345، تهذيب الكمال 12: 327.
6- الكامل في ضعفاء الرجال 3: 436.
7- المصدر السابق 3: 435.
8- تهذيب التهذيب 4: 259.
12ــ الحاكم النيسابوري (المتوفى 405 هـ )، قال: ((متروك، اتّهم بالزندقة، وهو في الرواية ساقط))(1). وهذا تضعيف ظاهر لمروياته التاريخية.
13ــ أبو نعيم الأصفهاني (المتوفى 435 هـ )، قال: ((متّهم في دينه، مرمى بالزندقة، ساقط الحديث، لا شيء))(2).
14ــ الخطيب البغدادي (المتوفى 463 هـ ) وهّاه، كما في ترجمة خزيمة غير ذي الشهادتين من الإصابة.
15ــ ابن عبد البر (المتوفى 463 هـ ) نقل عند ترجمة القعقاع بن عمرو التميمي، قول ابن أبي حاتم المتقدّم ذكـره: ((وسيف متروك الحـديث، فبطل ما جـاء عن ذلك))(3). ولم يعقّب عليه بشيء، ممّا يستفاد تقريره لما ذكره ابن أبي حاتم.
16ــ ابن الجوزي (المتوفى 597 هـ ) نقل في كتابه (الموضوعات) حديثاً في طريقه سيف، ثمّ قال: ((هذا حديث موضوع على رسول الله(صلى الله عليه وآله) فيه مجهولون وضعفاء، وأقبحهم حالاً سيف))(4).
17ــ الذهبي (المتوفى 748هـ ) قال في (الكاشف): ((ضعّفه ابن معين وغيره))(5).
وقد ترجم الذهبي لسيف في الميزان و(ديوان الضعفاء) و(تاريخ الإسلام) في حوادث (171 ـ 180) وذكر أقوال المضّعِفين له، ولم يذكر له موثّقاً واحداً، بل يستفاد من قوله في (سير أعلام النبلاء) عند ترجمته لأبي مخنف: ((وهو من بابة
____________
1- تهذيب التهذيب 4: 259.
2- كتاب الضعفاء 1: 91.
3- الاستيعاب 2: 156.
4- الموضوعات 2: 30.
5- الكاشف 1: 476.
سيف بن عمر التميمي صاحب الردة، وعبد الله بن عياش المنتوف، وعوانة بن الحكم))(1)، أنّه اعتبر سيفاً مثالاً بارزاً في الضعفاء المتميزين بضعفهم، بحيث إذا استدل على ضعف غيره جعله من بابته وشاكلته.
قال المحقق لكتاب الذهبي، عليّ أبو زيد: ((قال ابن السكيت: البابة عند العرب: الوجه، ومراد المؤلف أنَّ أبا مخنف مساو لهؤلاء الثلاثة في الضعف والمنزلة))(2).
وقد تقدّم كلام الذهبي في (ميزان الاعتدال) عن سيف بأنّه كالواقدي، وأنّه يروي عن خلق كثير من المجهولين..إلا أنَّ الذهبي قال بعد كلامه المتقدّم عن سيف بأنّه: ((كان إخبارياً عارفاً))، وهذا اللفظ قد اتكأ عليه بعض من لا خبرة له في توثيق سيف!
إلا أنّ المتابع للذهبي يجده يقول مثل هذه العبارة (أديب عارف) أو (نسّابة عارف) أو (إخباري عارف) في حقّ رواة كذّابين غير سيف، والذهبي بنفسه يصفهم بالكذب والضعف في مواطن متعددة، وهو أيضاً قد ضعّف سيفاً في أكثر من مكان من كتبه، فهذا اللفظ (الموهم) لا يقدّمه على (التضعيفات الصريحة) إلا مكابر(3).
كما أنّ السياق المتقدّم عن الذهبي بنفسه يأبى عن إرادة التوثيق، فالراوي عن الخلق الكثير من المجهولين ـ كما يصرّح الذهبي نفسه ـ لا يمكن أن يُعدّ (عارفاً) أو يكون (عمدة في التاريخ) كما سيأتي اللفظ الآخر عن ابن حجر؟!
إنّ هذا ليس إلا تهافت ظاهر!!
____________
1- سير أعلام النبلاء 7: 302.
2- المصدر السابق.
3- اُنظر: نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي: 84.
18ــ برهان الدين الحلبي (المتوفى 841 هـ )، قـال: ((وكـان سيف يضع الحديث))(1).
19ــ ابن حجر (المتوفى 852 هـ ) ترجم لسيف في (تهذيب التهذيب) وذكر أقوال المضعّفين له، ولم يذكر له موثّقاً واحداً(2). وقال في (لسان الميزان) عند ترجمته لعبد الله بن سبأ: ((عبد الله بن سبأ من غلاة الزنادقة، ضال مضل، أحسب أنّ عليّاً حرّقه بالنار)). ثمّ نقل ابن حجر ما ذكره ابن عساكر في ابن سبأ وعلّق عليه بقوله: ((أخرج - أي: ابن عساكر - من طريق سيف بن عمر التميمي في الفتوح له قصة طويلة لا يصح إسنادها))(3). وهذا تضعيف ظاهر من ابن حجر لمرويات سيف في التاريخ بشكل عام، وفي شأن عبد الله بن سبأ بشكل خاص.
وفي (الإصابة) قال عند ترجمته للخضر صاحب موسى(عليه السلام): ((وأخرج سيف ابن عمر التميمي في كتاب الردة له عن سعيد بن عبد الله عن ابن عمر لمّا توفّي رسول الله(صلى الله عليه وآله)..الخبر)). ثمّ قال: ((وسنده فيه مقال وشيخه لا يعرف))(4). وهذا أيضاً ظاهرفي التضعيف لمرويات سيف التاريخية.
إلا أنّ ابن حجر قال في (تقريب التهذيب) عن سيف: ((ضعيف الحديث، عمدة في التاريخ))(5). واللفظ الأخير قد تمسك به البعض في توثيق سيف كما تمسك بكلمة الذهبي المتقدّمة، وهو غير صحيح أيضاً، لأنّ الحافظ ـــ ابن حجر ـــ قد ضعّف سيفاً في روايات تاريخية بحتة، تقدّم ذكر بعضها، ممّا ينبغي حمل كلامه
____________
1- الكشف الحثيث: 132.
2- الكشف الحثيث: 132.
3- لسان الميزان 3: 289.
4- الإصابة 2: 269.
5- تقريب التهذيب 1: 262.
على معنى آخر غير التوثيق، كعدّه له مثلاً شيخاً في التاريخ لكثرة مروياته فيه أو ما شابه ذلك، وإلا عدّ الحافظ مناقضاً لنفسه بنفسه، وهذا يسقط قوله من الأساس.
قال الشيخ حسن بن فرحان المالكي في كتابه (نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي): ((...إنّ بعض الألفاظ مثل (عمدة في التاريخ) قد لا يراد بها التوثيق فقد أطلقها الحافظ ابن حجر على سيف بن عمر وعلى ابن الكلبي وغيرهما من كبار المتروكين، وغاية ما يريد منها الحافظ كون هذا من كبار المؤرّخين من حيث (جمع مادة التاريخ والاهتمام بها) وكتابتها لا أنّه (ثقة), ولذلك نجد الحافظ نفسه يضعّف سيفاً في روايات تاريخية ويضعّف الكلبي وقد سمّاه (عمدة النسّابين) وهكذا))(1).
وأيضاً يمكن أن يقال: إنّ استفادة التوثيق من العبارة المتقدّمة من ابن حجر في حق سيف فيها مفارقة مضحكة، إذ كيف يمكن أن نعقل عن إنسان اشتهر عنه الوضع في الحديث والكذب على رسول الله(صلى الله عليه وآله) وهو لا يتورّع عن ذلك، أن يتحرى الدقة والصدق في نقله الأخبار عن الناس والفتوح والفتن، إنّ هذا يُعدّ من مضحكات الثكلى، لو فرض قبوله من أحد، بل يصدق في حقّ من يقبل بمثل هذا الوضع المزدوج أنّه قد طرح عقله جانباً وصار من أهل هذه الآية الّتي يقول المولى سبحانه وتعالى فيها: {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}(2).
قال الشيخ محمّد العربي التباني في كتابه (تحذير العبقري من محاضرات الخضري)(3) في معرض ردّه على الّذين يوثّقون سيفاً في التاريخ دون الحديث:
____________
1- نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي: 60.
2- سورة الأعراف، الآية 179.
3- قال الشيخ حسن بن فرحان المالكي: ((كتاب (تحذير العبقري من محاضرات الخضري) للشيخ المحقق المحدث محمّد العربي التباني، هو كتاب عرفه الأكابر وجهله الأصاغر وأكاد أقطع قطعاً أنّه لم يؤلف مثله في موضوعه وقد حقق فيه مؤلفة القدير أحداث الفتنة برد (علمي حقيق موثق) على الخضري صاحب (المحاضرات) في ضوء منهج أهل الحديث وعقيدة أهل السنّة والجماعة)) (نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي): 37.
((وإذا كان وضع الأخبار الكثيرة على النبيّ(صلى الله عليه وآله) سهلاً على الوضاعين فالوضع على الصحابة والتابعين يكون أسهل))(1).
وقد تقدّم تصريح العلماء بضعف سيف في الموردين (الحديث والتاريخ) كقول يعقوب بن سفيان: ((حديثه وروايته ليس بشي))، وهذا من أشدّ عبارات الجرح والتوهين. وكذلك قول الحاكم: ((هو في الرواية ساقط))، وأيضاً صرّح الكثير من المؤرّخين والمحدّثين على السواء بردّ مرويات سيف في قضايا متعددة ثبت كذبه فيها، مثل جلد الوليد بن عقبة، وقطع يد زيد بن صوحان وزعمه بأنّ عمّار بن ياسر وأبا ذر من أعوان عبد الله بن سبأ، وطعنه في الصحابي جندب بن زهير وأنّه (شاهد زور)، وتبرئته للشخصيات الأموية كالوليد وزياد، واختلاقه للقعقاع وبطولاته، وكتاب أهل الحيرة، وزعمه بأنّ (تميمياً) قتل أبا لؤلؤة قاتل عمر! وزعمه بأنّ تميمي آخر هو (أمين سر) عليّ بن أبي طالب! وغير هذا كثير من (الأخبار التاريخية) البحتة الّتي ثبت كذب سيف أو مبالغاته فيها على أقل تقدير(2).
20ــ السيوطي (المتوفى 911 هـ ) قال في كتابه (اللئالي المصنوعة): (وضّاع)، وفي مورد آخر ذكر حديثاً فيه سيف، قال عنه: (موضوع، فيه ضعفـاء أشــدّهم سيف)(3).
21ــ الشيخ محمّد العربي التباني (المتوفى نحو 1390هـ )، قال في كتابه (تحذير العبقري): ((سيف بن عمر الوضّاع المتهم بالزندقة المتفق على أنّه لا يروي إلا عن المجهولين))، وقال في ج1 ص 272 من كتابه المتقدّم: ((وقد اتفق أئمّة النقد
____________
1- اُنظر: نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي: 56.
2- المصدر السابق: 92 ـ 93.
3- اللئالي المصنوعة 1: 199، 429.
على أنّ سيفاً لا يروي إلا عن المجهولين وعلى طرحه))، وفي ص 256 من الجزء ذاته، قال: ((وهذا التدافع والتخبط والطعن في الصحابة قد استقريناه في كلّ خبر يرويه الطبري عن سيف بن عمر المتهم بالزندقة الّذي لا يروي إلا عن المجهولين))، وفي ص 299، قال: ((سيف بطل الروايات المتدافعة الطاعنة في الصحابة)). وقال في ج 2 ص 19: ((روى هذه الرواية الطبري عن بطل الأكاذيب سيف بن عمر عن أناس مجهولين كعادته))(1).
ومن الّذين ضعّفوا سيفاً من المعاصرين:
22ــ المحدّث محمّد ناصر الدين الألباني، ضعّف له حديثاً في (ضعيف الترمذي) فحكم عليه بأنّه (ضعيف جدّاً).
23ــ والدكتور أكرم العمري في كتابه (السيرة النبوية الصحيحة) ذكر: ((أنّ الطبري يكثر عن رواة في غاية الضعف مثل هشام بن الكلبي وسيف بن عمر...)).
24ــ الشيخ عمر حسن فلاتة ذكره في كتابه (الوضع في الحديث) واعتبره من ((الّذين رموا بالكذب في الحديث)).
25ــ الشيخ حسن بن فرحان المالكي، وهو من علماء السعودية المعاصرين، الّذي بيّن ضعف سيف، بل وضعه للأحاديث واختلاقه للروايات في محاور متعددة قد أفرد لها فصلاً مستقلاً من كتابه الموسوم (نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي)، فراجع ثمة(2).
____________
1- نقلنا هذه المقاطع من كلام الشيخ التباني بواسطة كتاب الشيخ حسن بن فرحان المالكي (نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي): 56 ـ 57.
2- اُنظر الأقوال المتقدّمة (22، 23 ، 24) مع مصادرها في كتاب الشيخ حسن بن فرحان المالكي: (نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي): 57 وما بعدها.
مقام الألفاظ المتقدّمة من الجرح:
ذكرنا فيما تقدّم آراء العلماء وأقوالهم على مدى العصور في (سيف) وأحاديثه ومروياته، وينبغي علينا الآن بعد الاطّلاع على تلك الأقوال النظر في محلها من الجرح عند علماء الرجال أو علماء الجرح والتعديل..
قال ابن حجر في (لسان الميزان): وأردى عبارات الجرح: دجال كذّاب أو وضّاع يضع الحديث. ثمّ: متهم بالكذب، ومتفق على تركه. ثمّ: متروك، وليس بثقة، وسكتوا عنه، وذاهب الحديث، وفيه نظر، وهالك وساقط. ثمّ: واه بمرة، وليس بشيء، وضعيف جدّاً وضعيف واه، ومنكر الحديث ونحو ذلك. ثمّ: يضعف، وفيه ضعف، وقد ضعف، ليس بالقوي، غير حجّة، ليس بحجّة، ليس بذاك، يعرف وينكر، فيه مقال، تكلّم فيه...إلى آخر العبارات(1).
نقول: فهل ترك العلماء في عباراتهم المتقدّمة عن (سيف بن عمر) عبارة لم يلحقوها به؟! بل نلاحظ أنّ سيف بن عمر يعدّ من الأسماء القليلة في التاريخ الّتي اجتمعت عليها أردى عبارات الجرح والتوهين، خاصة إذا ضممنا إليها عبارات أخرى لم يذكرها ابن حجر كقول ابن حبان والحاكم فيه: ((اتّهم بالزندقة))، أو كقول الذهبي: ((يروي عن خلق كثير من المجهولين))، أو قول محمّد العربي التباني: ((المتفق على أنّه لا يروي إلا عن المجهولين))!!
والنتيجة: أنّ المرويات سواء الحديثية والتاريخية الّتي يرد في سندها سيف بن عمر تعدّ من الروايات الضعيفة, بل الساقطة الّتي لا يصح الاحتجاج بها أبداً، وتفوح منها رائحة الوضع والكذب!
____________
1- لسان الميزان 1: 81.
2ـ إنّ البيعة الإلهية الكبرى التي حدثت في غدير خم ثابتة بسندٍ صحيح عند الشيعة كما في كتاب قرب الإسناد للحميري ص94:وعنه ((أي السندي بن محمد وهو أبان بن محمد))، عن صفوان الجمال قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : " لما نزلت هذه الآية في الولاية ، أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بالدوحات في غدير خم فقمن ، ثم نودي : الصلاة جامعة ، ثم قال . أيها الناس ، من كنت مولاه فعلي مولاه ألست أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا : بلى ، قال : من كنت مولاه فعلي مولاه رب وال من والاه ، وعاد من عاداه . ثم أمر الناس يبايعون عليا ، فبايعه لا يجئ أحد إلا بايعه ، لا يتكلم منهم أحد . ثم جاء زفر وحبتر ، فقال له : يا زفر ، بايع عليا بالولاية . فقال : من الله ، أو من رسوله ؟ فقال : من الله ومن رسوله ؟ . ثم جاء حبتر فقال : بايع عليا بالولاية . فقال : من الله أو من رسوله ؟ فقال : من الله ومن رسوله . ثم ثنى عطفه ملتفتا فقال لزفر : لشد ما يرفع بضبع ابن عمه).فهذه هي البيعة التي بايع فيها الناس علي بن ابي طالب عليه السلام ،على أنّه إمام منصب من الله ورسوله بعد موت النبي صلى الله عليه وآله ،.فلم ينكرها ولم يرفضها أمير المؤمنين علي عليه السلام ، لأنّها جاءت بأمر إلهي فلا يستطيع الإمام علي عليه السلام أن يرفض بيعة الناس فيها ،أما تلك البيعة التي جاءت بعد مقتل عثمان بن عفان ،فهي بيعة كان الناس مصدرها ولم تأتي بأمر إلهي ،.لذلك فلا اشكال في رفضها وعدم قبولها ... والإمام يصرح بأنه الأحق والقوم غاصبون ففي الخصال للصدوق وبحار الأنوار... (استخلف الناس أبا بكر وأنا والله أحق بالامر وأولى به منه ، واستخلف أبو بكر عمر وأنا والله أحق بالامر وأولى به منه )
3ـ الإمام عليه السلام بين العلة التي من أجلها امتنع لكنك بترت النص أم تدليسا أو جهلا (دعوني والتمسوا غيري فإنا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان . لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول وإن الآفاق قد أغامت والمحجة قد تنكرت واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب . وإن تركتموني فأنا كأحدكم و لعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم . وأنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا ) فإما إمامة حقيقة وإلا فلا ... فالنبي الأعظم عندكم لم يقم الحد على من اتهم زوجته لأنه ستحصل مفاسد أكبر فيما لو أقام الحد فترك إقامة الحد ولهذا العلة عندكم امتنع عن هدم الكعبة وإعادتها على بناء الإبراهيمي ..وإلا أين تذهب عما أورده الشريف الرضي في نهج البلاغة (أما واللّه، لقد تقمصها فلان، وانه ليعلم ان محلي منها محل القطب من الرحا).وقوله فيها أيضا( حتى اذا مضى لسبيله، جعلها في ستة زعم اني احدهم، فيا للّه وللشورى! متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أمرت إلى هذه النظائر )! ومنها قوله: ((أن الائمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على من سواهم، ولا تصلح الولاة من غيرهم) وقوله ) لا يقاس بآل محمد(ص) من هذه الامة احد، هم اساس الدين، وعماد اليقين، اليهم يفيء الغالي، وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة )
4ـ وليس الغرض ردعهم عن البيعة الواجبة بل إتمام للحجة وإبطال لما علم عليه السلام من ادعائهم الإكراه على البيعة كما فعل طلحة والزبير بعد النكث ، مع أن المرء حريص على ما منع والطبع نافر عما سورع إلى إجابته ).
5ـ الإمام علي عليه السلام ، كان يعلم أنّ هؤلاء الذين ارتدوا عن بيعته الكبرى بيعة الغدير وثبت عليهم الغدر والخيانة ،أنّهم سوف يخرجون عليه بعد مُبايعته كما خرجوا ضده بعد مبايعته في بيعة الغدير، ورفض الإمام علي ( ع ) البيعة ، وقال لهم : التمسوا غيري ! إمعانا منه في تسجيل الموقف المسبق .فلقد أدرك أن القوم سيحاربونه لا محالة ، وبأن الكثير ممن بايعه سينقلبون ، وبأن المسؤولية جسيمة ولذلك شدد عليهم الإمام علي السلام.ولكنهم أرادوا من الإمام علي عليه السلام أن يفعل بهم ما يفعله حكام الجور برعيتهم ، يُريدونه ان يُقرب الشريف ويُفضل الرؤساء ويُميزهم بالعطاء...ولذلك يقول المجلسي رضوان الله تعالى عليه في البحار ج 32 - ص 36 (المخاطبون بهذا الخطاب [ هم ] الطالبون للبيعة بعد قتل عثمان ، ولما كان الناس نسوا سيرة النبي واعتادوا بما عمل فيهم خلفاء الجور من تفضيل الرؤساء والاشراف لانتظام أمورهم وأكثرهم إنما نقموا على عثمان استبداده بالأموال كانوا يطمعون منه عليه السلام أن يفضلهم أيضا في العطاء والتشريف ولذا نكث طلحة والزبير في اليوم الثاني من بيعته ونقموا عليه التسوية في العطاء وقالوا آسيت بيننا وبين الأعاجم وكذلك عبد الله بن عمر وسعيد بن العاص ومروان وأضرابهم ولم يقبلوا ما قسم لهم فهؤلاء القوم لما طلبوا البيعة بعد قتل عثمان قال عليه السلام " دعوني والتمسوا غيري . . . " إتماما للحجة عليهم وأعلمهم باستقبال أمور لها وجوه وألوان لا يصبرون عليها وإنه بعد البيعة لا يجيبهم إلى ما طمعوا فيه ولا يصغي إلى قول القائل وعتب العاتب بل يقيمهم على المحجة البيضاء ويسير فيهم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله ) .
6ـ نهج البلاغة يجتزئ من الخطب شواهد للدلالة على البلاغة فقد يكون لو لم يجتزئ من الخطبة شيء لكن الأمر واضح غير ما تراه أنت الآن خصوصا أنا السيد لم يشترط الصحة وليس هو كتاب مختص بالرواية الحديثية وعليه فلا يلتفت لما لم يقم الدليل الصحيح على صحته كما لا يخفى
7 ـ أنه عليه السلام أخرجه مخرج التهكم والسخرية، أي أنا لكم وزيرا خير مني لكم أميرا في ما تعتقدونه، كما قال سبحانه: (ذق انك أنت العزيز الكريم)، أي تزعم لنفسك ذلك وتعتقده.
8 ـ نصوص الإمامة أكثر عدادا من قطرات المطر كالغدير ... مما لا يمكن حصره ...فهل يلتفت للشاذ المتهالك ويغفل عن المتواتر الجلي إلا متهالك ؟!
يتبع
عندما أراد المسلمون أن يُبايعوا علي بالإمامة - أنظـروا ماذا قـال لـهم :مما يدل على أنه لا يرى البيعة له ولا يسلم بالنص ( دعوني والتمسوا غيري فأن أكون لكم وزيــراً ، خير لكم من أكون لكم أميــــراً ) كتاب نهج البلاغة ج 1/ ص 181
الرد:
1ـ الرواية بلا سند فكيف يصح لك الاحتجاج بها ؟! فهل تقبل بالاحتجاج بكل ما ورد عندك من ضعيف ومكذوب مما لا سند له ؟! وهي مأخوذة من كتاب الفتنة ووقعة الجمل لسيف بن عمر التميمي وسيف هذا مجمع على كذبه عند الشيعة والسنة , وقد ذكرها الشيخ المفيد في كتابه الجمل للمفيد ص64 عن سيف ومثله الطبري في تاريخه ج 3 - ص 456 ولم تذكر هذه الرواية عن غيره
توطئة في التعرّف على (سيف):
قال الذهبي في ميزان الاعتدال: ((سيف بن عمر الضبي الأسيدي، ويقال التميمي البرجمي، ويقال السعدي الكوفي، مصنّف الفتوح والردّة وغير ذلك، وهو كالواقدي، يروي عن هشام بن عروة، وعبيد الله بن عمر، وجابر الجعفي، وخلق كثير من المجهولين))(2).
____________
1- تاريخ الإسلام 122:2.
2- ميزان الاعتدال 2: 255.
وقول الذهبي: (وهو كالواقدي) و(يروي عن .. خلق كثير من المجهولين) ظاهر في تضعيف مروياته، وستأتي الإشارة إلي ذلك(1).
وعن ابن النديم في الفهرست: ((سيف بن عمر الأسدي التميمي، أحد أصحاب السير والأحداث، وله من الكتب كتاب الفتوح الكبير والردّة, كتاب الجمل ومسير عائشة وعليّ))(2).
استقراء تاريخي لآراءالعلماء في أحاديث سيف ومروياته:
1ــ يحيى بن معين (المتوفى 233 هـ ) قال: ((ضعيف الحديث، فلس خير منه))(3).
2ــ أبو زرعة الرازي (المتوفى 264هـ )، قال: ((ضعيف الحديث))(4).
3 ــ أبو داود (المتوفى 275 هـ )، قال: ((ليس بشيء))(5). وهذا يعدّ جرحاً شديداً.
4 ــ يعقوب بن سفيان الفسوي (المتوفى 277 هـ )، قال: (حديثه وروايته ليس بشيء)(6). وهنا يضعّفه بقوّة في الاثنين: الحديث والتاريخ.
5 ــ النسائي صاحب السنن (المتوفى 303 هـ )، قال: ((ضعيف متروك الحديث، ليس بثقة، ولا مأمون))(7).
____________
1- ولك أن تراجع أقوال العلماء في تضعيف الواقدي في كتاب (الضعفاء والمتروكين) للنسائي: 233، وضعفاء العقيلي 4: 107، والجرح والتعديل 8: 20، 21.
2- فهرست ابن النديم: 106.
3- ميزان الاعتدال 2: 255، تهذيب الكمال 12: 326، الجرح والتعديل 4: 278.
4- ذكر قوله الدكتور بشار عواد معروف عند تحقيقه لكتاب (تهذيب الكمال) للمزي 12: 327.
5- تهذيب التهذيب 4: 259، ميزان الاعتدال 2: 255.
6- المعرفة والتاريخ 3: 160.
7- الضعفاء والمتروكين: 187، تاج العروس 6: 149.
6 ــ العقيلي المكي (المتوفى 322 هـ ) ذكره في كتابه (الضعفاء الكبير)، وساق له حديث عرض النبيّ(صلى الله عليه وآله) نفسه على القبائل, ثمّ قال: ((لا يتابع عليه، ولا على كثير من حديثه))(1).
7 ــ ابن أبي حاتم الرازي ((المتوفى 327 هـ )، قال: ((متروك الحديث))(2). وفي مورد آخر من كتابه (الجرح والتعديل) قال عند ترجمته لقعقاع بن عمرو وأنّه شهد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله) فيما رواه سيف بن عمر، قال ابن أبي حاتم: ((وسيف متروك الحديث فبطل الحديث، وإنّما ذكرنا ذلك للمعرفة))(3).
8 ــ ابن السكن (المتوفى 353 هـ )، قال: ((ضعيف))، وأقرّه الحافظ ابن حجر(4).
9 ــ ابن حبان (المتوفى 354 هـ )، قال: ((يروي الموضوعات عن الأثبات، اتّهم بالزندقة، وكان يضع الحديث))(5).
10ــ ابن عدي (المتوفى 365 هـ )، قال: ((ضعيف، وبعض أحاديثه مشهورة، وعامّتها منكرة لم يتابع عليها))(6).
وقد ذكر له حديثاً عن معلّمي الصبيان، قال عقيبه: ((قال الشيخ: وهذا حديث منكر موضوع, وقد اتفق في هذا الحديث ثلاثة من الضعفاء: عبيد بن إسحاق الكوفي العطار، وسيف بن عمر، وسعد الإسكاف))(7).
11ــ الدارقطني (المتوفى 385)، قال: ((متروك، ضعيف))(8).
____________
1- الضعفاء الكبير 2: 175.
2- الجرح والتعديل 4: 278، تهذيب الكمال 12: 326.
3- الجرح والتعديل 7: 136.
4- الإصابة 5: 343.
5- كتاب المجروحين 1: 345، تهذيب الكمال 12: 327.
6- الكامل في ضعفاء الرجال 3: 436.
7- المصدر السابق 3: 435.
8- تهذيب التهذيب 4: 259.
12ــ الحاكم النيسابوري (المتوفى 405 هـ )، قال: ((متروك، اتّهم بالزندقة، وهو في الرواية ساقط))(1). وهذا تضعيف ظاهر لمروياته التاريخية.
13ــ أبو نعيم الأصفهاني (المتوفى 435 هـ )، قال: ((متّهم في دينه، مرمى بالزندقة، ساقط الحديث، لا شيء))(2).
14ــ الخطيب البغدادي (المتوفى 463 هـ ) وهّاه، كما في ترجمة خزيمة غير ذي الشهادتين من الإصابة.
15ــ ابن عبد البر (المتوفى 463 هـ ) نقل عند ترجمة القعقاع بن عمرو التميمي، قول ابن أبي حاتم المتقدّم ذكـره: ((وسيف متروك الحـديث، فبطل ما جـاء عن ذلك))(3). ولم يعقّب عليه بشيء، ممّا يستفاد تقريره لما ذكره ابن أبي حاتم.
16ــ ابن الجوزي (المتوفى 597 هـ ) نقل في كتابه (الموضوعات) حديثاً في طريقه سيف، ثمّ قال: ((هذا حديث موضوع على رسول الله(صلى الله عليه وآله) فيه مجهولون وضعفاء، وأقبحهم حالاً سيف))(4).
17ــ الذهبي (المتوفى 748هـ ) قال في (الكاشف): ((ضعّفه ابن معين وغيره))(5).
وقد ترجم الذهبي لسيف في الميزان و(ديوان الضعفاء) و(تاريخ الإسلام) في حوادث (171 ـ 180) وذكر أقوال المضّعِفين له، ولم يذكر له موثّقاً واحداً، بل يستفاد من قوله في (سير أعلام النبلاء) عند ترجمته لأبي مخنف: ((وهو من بابة
____________
1- تهذيب التهذيب 4: 259.
2- كتاب الضعفاء 1: 91.
3- الاستيعاب 2: 156.
4- الموضوعات 2: 30.
5- الكاشف 1: 476.
سيف بن عمر التميمي صاحب الردة، وعبد الله بن عياش المنتوف، وعوانة بن الحكم))(1)، أنّه اعتبر سيفاً مثالاً بارزاً في الضعفاء المتميزين بضعفهم، بحيث إذا استدل على ضعف غيره جعله من بابته وشاكلته.
قال المحقق لكتاب الذهبي، عليّ أبو زيد: ((قال ابن السكيت: البابة عند العرب: الوجه، ومراد المؤلف أنَّ أبا مخنف مساو لهؤلاء الثلاثة في الضعف والمنزلة))(2).
وقد تقدّم كلام الذهبي في (ميزان الاعتدال) عن سيف بأنّه كالواقدي، وأنّه يروي عن خلق كثير من المجهولين..إلا أنَّ الذهبي قال بعد كلامه المتقدّم عن سيف بأنّه: ((كان إخبارياً عارفاً))، وهذا اللفظ قد اتكأ عليه بعض من لا خبرة له في توثيق سيف!
إلا أنّ المتابع للذهبي يجده يقول مثل هذه العبارة (أديب عارف) أو (نسّابة عارف) أو (إخباري عارف) في حقّ رواة كذّابين غير سيف، والذهبي بنفسه يصفهم بالكذب والضعف في مواطن متعددة، وهو أيضاً قد ضعّف سيفاً في أكثر من مكان من كتبه، فهذا اللفظ (الموهم) لا يقدّمه على (التضعيفات الصريحة) إلا مكابر(3).
كما أنّ السياق المتقدّم عن الذهبي بنفسه يأبى عن إرادة التوثيق، فالراوي عن الخلق الكثير من المجهولين ـ كما يصرّح الذهبي نفسه ـ لا يمكن أن يُعدّ (عارفاً) أو يكون (عمدة في التاريخ) كما سيأتي اللفظ الآخر عن ابن حجر؟!
إنّ هذا ليس إلا تهافت ظاهر!!
____________
1- سير أعلام النبلاء 7: 302.
2- المصدر السابق.
3- اُنظر: نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي: 84.
18ــ برهان الدين الحلبي (المتوفى 841 هـ )، قـال: ((وكـان سيف يضع الحديث))(1).
19ــ ابن حجر (المتوفى 852 هـ ) ترجم لسيف في (تهذيب التهذيب) وذكر أقوال المضعّفين له، ولم يذكر له موثّقاً واحداً(2). وقال في (لسان الميزان) عند ترجمته لعبد الله بن سبأ: ((عبد الله بن سبأ من غلاة الزنادقة، ضال مضل، أحسب أنّ عليّاً حرّقه بالنار)). ثمّ نقل ابن حجر ما ذكره ابن عساكر في ابن سبأ وعلّق عليه بقوله: ((أخرج - أي: ابن عساكر - من طريق سيف بن عمر التميمي في الفتوح له قصة طويلة لا يصح إسنادها))(3). وهذا تضعيف ظاهر من ابن حجر لمرويات سيف في التاريخ بشكل عام، وفي شأن عبد الله بن سبأ بشكل خاص.
وفي (الإصابة) قال عند ترجمته للخضر صاحب موسى(عليه السلام): ((وأخرج سيف ابن عمر التميمي في كتاب الردة له عن سعيد بن عبد الله عن ابن عمر لمّا توفّي رسول الله(صلى الله عليه وآله)..الخبر)). ثمّ قال: ((وسنده فيه مقال وشيخه لا يعرف))(4). وهذا أيضاً ظاهرفي التضعيف لمرويات سيف التاريخية.
إلا أنّ ابن حجر قال في (تقريب التهذيب) عن سيف: ((ضعيف الحديث، عمدة في التاريخ))(5). واللفظ الأخير قد تمسك به البعض في توثيق سيف كما تمسك بكلمة الذهبي المتقدّمة، وهو غير صحيح أيضاً، لأنّ الحافظ ـــ ابن حجر ـــ قد ضعّف سيفاً في روايات تاريخية بحتة، تقدّم ذكر بعضها، ممّا ينبغي حمل كلامه
____________
1- الكشف الحثيث: 132.
2- الكشف الحثيث: 132.
3- لسان الميزان 3: 289.
4- الإصابة 2: 269.
5- تقريب التهذيب 1: 262.
على معنى آخر غير التوثيق، كعدّه له مثلاً شيخاً في التاريخ لكثرة مروياته فيه أو ما شابه ذلك، وإلا عدّ الحافظ مناقضاً لنفسه بنفسه، وهذا يسقط قوله من الأساس.
قال الشيخ حسن بن فرحان المالكي في كتابه (نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي): ((...إنّ بعض الألفاظ مثل (عمدة في التاريخ) قد لا يراد بها التوثيق فقد أطلقها الحافظ ابن حجر على سيف بن عمر وعلى ابن الكلبي وغيرهما من كبار المتروكين، وغاية ما يريد منها الحافظ كون هذا من كبار المؤرّخين من حيث (جمع مادة التاريخ والاهتمام بها) وكتابتها لا أنّه (ثقة), ولذلك نجد الحافظ نفسه يضعّف سيفاً في روايات تاريخية ويضعّف الكلبي وقد سمّاه (عمدة النسّابين) وهكذا))(1).
وأيضاً يمكن أن يقال: إنّ استفادة التوثيق من العبارة المتقدّمة من ابن حجر في حق سيف فيها مفارقة مضحكة، إذ كيف يمكن أن نعقل عن إنسان اشتهر عنه الوضع في الحديث والكذب على رسول الله(صلى الله عليه وآله) وهو لا يتورّع عن ذلك، أن يتحرى الدقة والصدق في نقله الأخبار عن الناس والفتوح والفتن، إنّ هذا يُعدّ من مضحكات الثكلى، لو فرض قبوله من أحد، بل يصدق في حقّ من يقبل بمثل هذا الوضع المزدوج أنّه قد طرح عقله جانباً وصار من أهل هذه الآية الّتي يقول المولى سبحانه وتعالى فيها: {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}(2).
قال الشيخ محمّد العربي التباني في كتابه (تحذير العبقري من محاضرات الخضري)(3) في معرض ردّه على الّذين يوثّقون سيفاً في التاريخ دون الحديث:
____________
1- نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي: 60.
2- سورة الأعراف، الآية 179.
3- قال الشيخ حسن بن فرحان المالكي: ((كتاب (تحذير العبقري من محاضرات الخضري) للشيخ المحقق المحدث محمّد العربي التباني، هو كتاب عرفه الأكابر وجهله الأصاغر وأكاد أقطع قطعاً أنّه لم يؤلف مثله في موضوعه وقد حقق فيه مؤلفة القدير أحداث الفتنة برد (علمي حقيق موثق) على الخضري صاحب (المحاضرات) في ضوء منهج أهل الحديث وعقيدة أهل السنّة والجماعة)) (نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي): 37.
((وإذا كان وضع الأخبار الكثيرة على النبيّ(صلى الله عليه وآله) سهلاً على الوضاعين فالوضع على الصحابة والتابعين يكون أسهل))(1).
وقد تقدّم تصريح العلماء بضعف سيف في الموردين (الحديث والتاريخ) كقول يعقوب بن سفيان: ((حديثه وروايته ليس بشي))، وهذا من أشدّ عبارات الجرح والتوهين. وكذلك قول الحاكم: ((هو في الرواية ساقط))، وأيضاً صرّح الكثير من المؤرّخين والمحدّثين على السواء بردّ مرويات سيف في قضايا متعددة ثبت كذبه فيها، مثل جلد الوليد بن عقبة، وقطع يد زيد بن صوحان وزعمه بأنّ عمّار بن ياسر وأبا ذر من أعوان عبد الله بن سبأ، وطعنه في الصحابي جندب بن زهير وأنّه (شاهد زور)، وتبرئته للشخصيات الأموية كالوليد وزياد، واختلاقه للقعقاع وبطولاته، وكتاب أهل الحيرة، وزعمه بأنّ (تميمياً) قتل أبا لؤلؤة قاتل عمر! وزعمه بأنّ تميمي آخر هو (أمين سر) عليّ بن أبي طالب! وغير هذا كثير من (الأخبار التاريخية) البحتة الّتي ثبت كذب سيف أو مبالغاته فيها على أقل تقدير(2).
20ــ السيوطي (المتوفى 911 هـ ) قال في كتابه (اللئالي المصنوعة): (وضّاع)، وفي مورد آخر ذكر حديثاً فيه سيف، قال عنه: (موضوع، فيه ضعفـاء أشــدّهم سيف)(3).
21ــ الشيخ محمّد العربي التباني (المتوفى نحو 1390هـ )، قال في كتابه (تحذير العبقري): ((سيف بن عمر الوضّاع المتهم بالزندقة المتفق على أنّه لا يروي إلا عن المجهولين))، وقال في ج1 ص 272 من كتابه المتقدّم: ((وقد اتفق أئمّة النقد
____________
1- اُنظر: نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي: 56.
2- المصدر السابق: 92 ـ 93.
3- اللئالي المصنوعة 1: 199، 429.
على أنّ سيفاً لا يروي إلا عن المجهولين وعلى طرحه))، وفي ص 256 من الجزء ذاته، قال: ((وهذا التدافع والتخبط والطعن في الصحابة قد استقريناه في كلّ خبر يرويه الطبري عن سيف بن عمر المتهم بالزندقة الّذي لا يروي إلا عن المجهولين))، وفي ص 299، قال: ((سيف بطل الروايات المتدافعة الطاعنة في الصحابة)). وقال في ج 2 ص 19: ((روى هذه الرواية الطبري عن بطل الأكاذيب سيف بن عمر عن أناس مجهولين كعادته))(1).
ومن الّذين ضعّفوا سيفاً من المعاصرين:
22ــ المحدّث محمّد ناصر الدين الألباني، ضعّف له حديثاً في (ضعيف الترمذي) فحكم عليه بأنّه (ضعيف جدّاً).
23ــ والدكتور أكرم العمري في كتابه (السيرة النبوية الصحيحة) ذكر: ((أنّ الطبري يكثر عن رواة في غاية الضعف مثل هشام بن الكلبي وسيف بن عمر...)).
24ــ الشيخ عمر حسن فلاتة ذكره في كتابه (الوضع في الحديث) واعتبره من ((الّذين رموا بالكذب في الحديث)).
25ــ الشيخ حسن بن فرحان المالكي، وهو من علماء السعودية المعاصرين، الّذي بيّن ضعف سيف، بل وضعه للأحاديث واختلاقه للروايات في محاور متعددة قد أفرد لها فصلاً مستقلاً من كتابه الموسوم (نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي)، فراجع ثمة(2).
____________
1- نقلنا هذه المقاطع من كلام الشيخ التباني بواسطة كتاب الشيخ حسن بن فرحان المالكي (نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي): 56 ـ 57.
2- اُنظر الأقوال المتقدّمة (22، 23 ، 24) مع مصادرها في كتاب الشيخ حسن بن فرحان المالكي: (نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي): 57 وما بعدها.
مقام الألفاظ المتقدّمة من الجرح:
ذكرنا فيما تقدّم آراء العلماء وأقوالهم على مدى العصور في (سيف) وأحاديثه ومروياته، وينبغي علينا الآن بعد الاطّلاع على تلك الأقوال النظر في محلها من الجرح عند علماء الرجال أو علماء الجرح والتعديل..
قال ابن حجر في (لسان الميزان): وأردى عبارات الجرح: دجال كذّاب أو وضّاع يضع الحديث. ثمّ: متهم بالكذب، ومتفق على تركه. ثمّ: متروك، وليس بثقة، وسكتوا عنه، وذاهب الحديث، وفيه نظر، وهالك وساقط. ثمّ: واه بمرة، وليس بشيء، وضعيف جدّاً وضعيف واه، ومنكر الحديث ونحو ذلك. ثمّ: يضعف، وفيه ضعف، وقد ضعف، ليس بالقوي، غير حجّة، ليس بحجّة، ليس بذاك، يعرف وينكر، فيه مقال، تكلّم فيه...إلى آخر العبارات(1).
نقول: فهل ترك العلماء في عباراتهم المتقدّمة عن (سيف بن عمر) عبارة لم يلحقوها به؟! بل نلاحظ أنّ سيف بن عمر يعدّ من الأسماء القليلة في التاريخ الّتي اجتمعت عليها أردى عبارات الجرح والتوهين، خاصة إذا ضممنا إليها عبارات أخرى لم يذكرها ابن حجر كقول ابن حبان والحاكم فيه: ((اتّهم بالزندقة))، أو كقول الذهبي: ((يروي عن خلق كثير من المجهولين))، أو قول محمّد العربي التباني: ((المتفق على أنّه لا يروي إلا عن المجهولين))!!
والنتيجة: أنّ المرويات سواء الحديثية والتاريخية الّتي يرد في سندها سيف بن عمر تعدّ من الروايات الضعيفة, بل الساقطة الّتي لا يصح الاحتجاج بها أبداً، وتفوح منها رائحة الوضع والكذب!
____________
1- لسان الميزان 1: 81.
2ـ إنّ البيعة الإلهية الكبرى التي حدثت في غدير خم ثابتة بسندٍ صحيح عند الشيعة كما في كتاب قرب الإسناد للحميري ص94:وعنه ((أي السندي بن محمد وهو أبان بن محمد))، عن صفوان الجمال قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : " لما نزلت هذه الآية في الولاية ، أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بالدوحات في غدير خم فقمن ، ثم نودي : الصلاة جامعة ، ثم قال . أيها الناس ، من كنت مولاه فعلي مولاه ألست أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا : بلى ، قال : من كنت مولاه فعلي مولاه رب وال من والاه ، وعاد من عاداه . ثم أمر الناس يبايعون عليا ، فبايعه لا يجئ أحد إلا بايعه ، لا يتكلم منهم أحد . ثم جاء زفر وحبتر ، فقال له : يا زفر ، بايع عليا بالولاية . فقال : من الله ، أو من رسوله ؟ فقال : من الله ومن رسوله ؟ . ثم جاء حبتر فقال : بايع عليا بالولاية . فقال : من الله أو من رسوله ؟ فقال : من الله ومن رسوله . ثم ثنى عطفه ملتفتا فقال لزفر : لشد ما يرفع بضبع ابن عمه).فهذه هي البيعة التي بايع فيها الناس علي بن ابي طالب عليه السلام ،على أنّه إمام منصب من الله ورسوله بعد موت النبي صلى الله عليه وآله ،.فلم ينكرها ولم يرفضها أمير المؤمنين علي عليه السلام ، لأنّها جاءت بأمر إلهي فلا يستطيع الإمام علي عليه السلام أن يرفض بيعة الناس فيها ،أما تلك البيعة التي جاءت بعد مقتل عثمان بن عفان ،فهي بيعة كان الناس مصدرها ولم تأتي بأمر إلهي ،.لذلك فلا اشكال في رفضها وعدم قبولها ... والإمام يصرح بأنه الأحق والقوم غاصبون ففي الخصال للصدوق وبحار الأنوار... (استخلف الناس أبا بكر وأنا والله أحق بالامر وأولى به منه ، واستخلف أبو بكر عمر وأنا والله أحق بالامر وأولى به منه )
3ـ الإمام عليه السلام بين العلة التي من أجلها امتنع لكنك بترت النص أم تدليسا أو جهلا (دعوني والتمسوا غيري فإنا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان . لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول وإن الآفاق قد أغامت والمحجة قد تنكرت واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب . وإن تركتموني فأنا كأحدكم و لعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم . وأنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا ) فإما إمامة حقيقة وإلا فلا ... فالنبي الأعظم عندكم لم يقم الحد على من اتهم زوجته لأنه ستحصل مفاسد أكبر فيما لو أقام الحد فترك إقامة الحد ولهذا العلة عندكم امتنع عن هدم الكعبة وإعادتها على بناء الإبراهيمي ..وإلا أين تذهب عما أورده الشريف الرضي في نهج البلاغة (أما واللّه، لقد تقمصها فلان، وانه ليعلم ان محلي منها محل القطب من الرحا).وقوله فيها أيضا( حتى اذا مضى لسبيله، جعلها في ستة زعم اني احدهم، فيا للّه وللشورى! متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أمرت إلى هذه النظائر )! ومنها قوله: ((أن الائمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على من سواهم، ولا تصلح الولاة من غيرهم) وقوله ) لا يقاس بآل محمد(ص) من هذه الامة احد، هم اساس الدين، وعماد اليقين، اليهم يفيء الغالي، وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة )
4ـ وليس الغرض ردعهم عن البيعة الواجبة بل إتمام للحجة وإبطال لما علم عليه السلام من ادعائهم الإكراه على البيعة كما فعل طلحة والزبير بعد النكث ، مع أن المرء حريص على ما منع والطبع نافر عما سورع إلى إجابته ).
5ـ الإمام علي عليه السلام ، كان يعلم أنّ هؤلاء الذين ارتدوا عن بيعته الكبرى بيعة الغدير وثبت عليهم الغدر والخيانة ،أنّهم سوف يخرجون عليه بعد مُبايعته كما خرجوا ضده بعد مبايعته في بيعة الغدير، ورفض الإمام علي ( ع ) البيعة ، وقال لهم : التمسوا غيري ! إمعانا منه في تسجيل الموقف المسبق .فلقد أدرك أن القوم سيحاربونه لا محالة ، وبأن الكثير ممن بايعه سينقلبون ، وبأن المسؤولية جسيمة ولذلك شدد عليهم الإمام علي السلام.ولكنهم أرادوا من الإمام علي عليه السلام أن يفعل بهم ما يفعله حكام الجور برعيتهم ، يُريدونه ان يُقرب الشريف ويُفضل الرؤساء ويُميزهم بالعطاء...ولذلك يقول المجلسي رضوان الله تعالى عليه في البحار ج 32 - ص 36 (المخاطبون بهذا الخطاب [ هم ] الطالبون للبيعة بعد قتل عثمان ، ولما كان الناس نسوا سيرة النبي واعتادوا بما عمل فيهم خلفاء الجور من تفضيل الرؤساء والاشراف لانتظام أمورهم وأكثرهم إنما نقموا على عثمان استبداده بالأموال كانوا يطمعون منه عليه السلام أن يفضلهم أيضا في العطاء والتشريف ولذا نكث طلحة والزبير في اليوم الثاني من بيعته ونقموا عليه التسوية في العطاء وقالوا آسيت بيننا وبين الأعاجم وكذلك عبد الله بن عمر وسعيد بن العاص ومروان وأضرابهم ولم يقبلوا ما قسم لهم فهؤلاء القوم لما طلبوا البيعة بعد قتل عثمان قال عليه السلام " دعوني والتمسوا غيري . . . " إتماما للحجة عليهم وأعلمهم باستقبال أمور لها وجوه وألوان لا يصبرون عليها وإنه بعد البيعة لا يجيبهم إلى ما طمعوا فيه ولا يصغي إلى قول القائل وعتب العاتب بل يقيمهم على المحجة البيضاء ويسير فيهم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله ) .
6ـ نهج البلاغة يجتزئ من الخطب شواهد للدلالة على البلاغة فقد يكون لو لم يجتزئ من الخطبة شيء لكن الأمر واضح غير ما تراه أنت الآن خصوصا أنا السيد لم يشترط الصحة وليس هو كتاب مختص بالرواية الحديثية وعليه فلا يلتفت لما لم يقم الدليل الصحيح على صحته كما لا يخفى
7 ـ أنه عليه السلام أخرجه مخرج التهكم والسخرية، أي أنا لكم وزيرا خير مني لكم أميرا في ما تعتقدونه، كما قال سبحانه: (ذق انك أنت العزيز الكريم)، أي تزعم لنفسك ذلك وتعتقده.
8 ـ نصوص الإمامة أكثر عدادا من قطرات المطر كالغدير ... مما لا يمكن حصره ...فهل يلتفت للشاذ المتهالك ويغفل عن المتواتر الجلي إلا متهالك ؟!
يتبع