الشيخ عباس محمد
09-01-2018, 08:33 PM
نكتة البطيخة الموالية
السؤال:
ما مدى صحة الرواية التي ذكر فيها أن الولاية عرضت على البطيخة؟
كثير من المخالفين يحتج علينا بهذه الرواية وينقلون مقطعا صوتيا لاحد الخطباء.
الجواب:
ورد في خصوص هذا الموضوع ثلاث روايات:
الأولى: ما رواه الصدوق في علل الشرائع 2/464: حدثنا حمزة بن محمد العلوي قال أخبرنا أحمد بن محمد الهمداني قال :حدثنا المنذر بن محمد قال حدثنا الحسين بن محمد قال: حدثنا سليمان بن جعفر عن الرضا ( ع ) قال : اخبرني أبي عن أبيه عن جده، ان أمير المؤمنين صلوات الله عليه أخذ بطيخة ليأكلها، فوجدها مرة فرمى بها، فقال: بعدا وسحقا ، فقيل له :يا أمير المؤمنين وما هذه البطيخة؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان الله تبارك وتعالى أخذ عقد مودتنا على كل حيوان ونبت فما قبل الميثاق كان عذبا طيبا ، وما لم يقبل الميثاق كان ملحا زعاقا.
==>هذه الرواية ضعيفة سندا لجهالة المنذر بن محمد و الحسين بن محمد
الثانية: ما رواه الطبري في كتابه بشارة المصطفى 164: محمد بن علي بن عبد الصمد عن أبيه عن جده عن أبي أحمد بن جعفر البيهقي عن علي بن المديني عن الفضل بن حباب عن مسدد عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : كنت أنا وأبو ذر وبلال نسير ذات يوم مع علي بن أبي طالب، فنظر علي إلى بطيخ فحل درهما ودفعه إلى بلال فقال : إيتني بهذا الدرهم من هذا البطيخ، ومضى علي إلى منزله ، فما شعرنا إلا وبلال قد وافى بالبطيخ فأخذ علي بطيخة فقطعها فإذا هي مرة، فقال: يا بلال أبعد بهذا البطيخ عني، واقبل علي حتى أحدثك بحديث حدثني به رسول الله صلى الله عليه وآله ويده على منكبي، إن الله تبارك وتعالى طرح حبي على الحجر والمدر والبحار والجبال والشجر، فما أجاب إلى حبي عذب، وما لم يجب إلى حبي خبث ومر، وإني لأظن أن هذا البطيخ مما لم يجب إلى حبي.
==>وهذا السند واضح الضعف اذ أن جل رواته من أئمة العامة كعلي بن المديني والبيهقي ومسدد وأبو معاوية اضافة الى أبي هريرة
الثالثة: ما رواه المفيد في الاختصاص 250: عن عمران بن يسار اليشكري، عن أبي حفص المدلجي، عن شريف بن ربيعة، عن قنبر مولى أمير المؤمنين عليه السلام قال: كنت عند أمير المؤمنين عليه السلام إذ دخل رجل فقال: يا أمير المؤمنين أنا أشتهي بطيخا، قال: فأمرني أمير المؤمنين عليه السلام بشراء بطيخ، فوجهت بدرهم فجاؤونا بثلاث بطيخات، فقطعت واحدة فإذا هو مر فقلت: مر يا أمير المؤمنين، فقال : إرم به من النار وإلى النار، قال: وقطعت الثاني فإذا هو حامض فقلت: حامض يا أمير المؤمنين، فقال: ارم به من النار وإلى النار، قال: فقطعت الثالث فإذا هو مدودة فقلت: مدودة يا أمير المؤمنين ، فقال : ارم به من النار وإلى النار، قال ثم وجهت بدرهم آخر فجاؤونا بثلاث بطيخات فوثبت على قدمي فقلت: أعفني يا أمير المؤمنين عن قطعه - كأنه تأشم بقطعه - فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : اجلس يا قنبر فإنها مأمورة ، فجلست فقطعت واحدة فإذا هو حلو فقلت : حلو يا أمير المؤمنين ، فقال: كل وأطعمنا , فأكلت ضلعا وأطعمته ضلعا, وأطعمت الجليس ضلعا، فالتفت إلي أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا قنبر إن الله تبارك وتعالى عرض ولايتنا على أهل السماوات وأهل الأرض من الجن والإنس والثمر وغير ذلك فما قبل منه ولايتنا طاب وطهر وعذب وما لم يقبل منه خبث وردى ونتن.
==>كل رواة هذا الحديث من المجاهيل عدا قنبر بل لم يرو عنهم في الكتب الا هذه الرواية أضف الى هذا أن نسبة كتاب الاختصاص الى الشيخ المفيد مناقش فيها وقد نفاها بعض الاعلام أمثال السيد الخوئي.
كل الروايات الواردة في قضية البطيخة ضعيفة سندا كما ذكرنا, وساقطة عن الاعتبار.
أما من ناحية المتن فيكفينا نقل ما قاله غواصة البحار المجلسي 27/283: هذه الأخبار وأمثالها من المتشابهات التي لا يعلم تأويلها إلا الله والراسخون في العلم، ولابد في مثلها من التسليم ورد تأويلها إليهم عليهم السلام.
ثم وجه قدس سره الروايات بهذا التوجيه 27/284: ويخطر بالبال أنه يحتمل أن تكون استعارة تمثيلية لبيان حسن بعض الأشياء وشرافتها وقبح بعض الأشياء وردائتها، فان للأشياء الحسنة والشريفة من جميع الأجناس والأنواع مناسبة من جهة حسنها ، وللأشياء القبيحة والرذيلة مناسبة من جهة قبحها ، فكل ماله جهة شرافة وفضيلة وحسن فهي منسوبة إلى أشرف الأشارف : محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم ، فكأنه أخذ ميثاق ولايتهم عنها وقبلتها؛ أو المراد أنها لو كانت لها مدركة لكانت تقبلها ، وكذا كل ماله جهة رذالة وخباثة وقبح فهي بأجمعها منسوبة إلى أخبث الأخابث أعداء أهل البيت عليهم السلام ومبائنة لهم عليهم السلام، فكأنه أخذ ميثاقهم عنها فأبت وأخذ ميثاق أعدائهم عنها فقبلت، أو المعنى أنها لو كانت ذوات شعور وأخذ ميثاقهم عنها لكانت تأبى وأخذ ميثاق أعدائهم عنها لكانت تقبل.
==> فالمجلسي رحمه الله أوّل الروايات وحملها على غير ظاهرها واعتبرها ضربا من الاستعارة التمثيلية ولا يراد منه حقيقته وبهذا يندفع اشكال المستشكل.
علما أن هذه الروايات ليست من مختصات الشيعة كي يشنع عليهم بهذه الطريقة ويصبح الموضوع أشبه بالنكتة بل نفس هذا المضمون قد نقل في كتب العامة:
فقد روى البخاري في صحيحه 2/133: بسنده عن عباس عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أحد جبل يحبنا ونحبه.
وقال ابن حجر تعليقا على هذا الحديث في فتح الباري 6/64: قيل هو على الحقيقة ولا مانع من وقوع مثل ذلك بان يخلق الله المحبة في بعض الجمادات وقيل هو على المجاز والمراد أهل أحد.
وقال النووي في شرح مسلم 9/140: الصحيح المختار أن معناه أن أحدا يحبنا حقيقة جعل الله تعالى فيه تمييزا يحب به كما قال سبحانه وتعالى وإن منها لما يهبط من خشية الله وكما حن الجذع اليابس وكما سبح الحصى وكما فر الحجر بثوب موسى صلى الله عليه وسلم وكما قال نبينا صلى الله عليه وسلم انى لأعرف حجرا بمكة كان يسلم على وكما دعا الشجرتين المفترقتين فاجتمعا وكما رجف حراء فقال أسكن حراء فليس عليك الا نبي أو صديق الحديث وكما كلمه ذراع الشاة.
==> اذن شراح الحديث حملوا الحديث على حقيقته وأقروا حصول المحبة والبغض في الجمادات فلماذا التشنيع على الشيعة؟
بل المفاجأة التي لا يعرفها الكثير: هي وجود رواية البطيخة في كتب السنة!
روى الصفوري الشافعي في نزهة المجالس 255: عن أنس رضي الله عنه قال خرجت مع بلال وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما إلى السوق فاشترى بطيخا وانطلقا إلى منزله فكسر واحدة فوجدها مرة فأمر بلالا برد البطيخ إلى صاحبه ثم قال ألا أحدثكم حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا أبا الحسن إن الله تعالى أخذ حبك على البشر والشجر فما أجاب على حبك عذب وطاب ومن لم يجب إلى حبك خبث ومر وأظن أن هذا البطيخ ممن لا يحبني.
فمن كان بيته من زجاج لا يرمي غيره بالحجارة!
السؤال:
ما مدى صحة الرواية التي ذكر فيها أن الولاية عرضت على البطيخة؟
كثير من المخالفين يحتج علينا بهذه الرواية وينقلون مقطعا صوتيا لاحد الخطباء.
الجواب:
ورد في خصوص هذا الموضوع ثلاث روايات:
الأولى: ما رواه الصدوق في علل الشرائع 2/464: حدثنا حمزة بن محمد العلوي قال أخبرنا أحمد بن محمد الهمداني قال :حدثنا المنذر بن محمد قال حدثنا الحسين بن محمد قال: حدثنا سليمان بن جعفر عن الرضا ( ع ) قال : اخبرني أبي عن أبيه عن جده، ان أمير المؤمنين صلوات الله عليه أخذ بطيخة ليأكلها، فوجدها مرة فرمى بها، فقال: بعدا وسحقا ، فقيل له :يا أمير المؤمنين وما هذه البطيخة؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان الله تبارك وتعالى أخذ عقد مودتنا على كل حيوان ونبت فما قبل الميثاق كان عذبا طيبا ، وما لم يقبل الميثاق كان ملحا زعاقا.
==>هذه الرواية ضعيفة سندا لجهالة المنذر بن محمد و الحسين بن محمد
الثانية: ما رواه الطبري في كتابه بشارة المصطفى 164: محمد بن علي بن عبد الصمد عن أبيه عن جده عن أبي أحمد بن جعفر البيهقي عن علي بن المديني عن الفضل بن حباب عن مسدد عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : كنت أنا وأبو ذر وبلال نسير ذات يوم مع علي بن أبي طالب، فنظر علي إلى بطيخ فحل درهما ودفعه إلى بلال فقال : إيتني بهذا الدرهم من هذا البطيخ، ومضى علي إلى منزله ، فما شعرنا إلا وبلال قد وافى بالبطيخ فأخذ علي بطيخة فقطعها فإذا هي مرة، فقال: يا بلال أبعد بهذا البطيخ عني، واقبل علي حتى أحدثك بحديث حدثني به رسول الله صلى الله عليه وآله ويده على منكبي، إن الله تبارك وتعالى طرح حبي على الحجر والمدر والبحار والجبال والشجر، فما أجاب إلى حبي عذب، وما لم يجب إلى حبي خبث ومر، وإني لأظن أن هذا البطيخ مما لم يجب إلى حبي.
==>وهذا السند واضح الضعف اذ أن جل رواته من أئمة العامة كعلي بن المديني والبيهقي ومسدد وأبو معاوية اضافة الى أبي هريرة
الثالثة: ما رواه المفيد في الاختصاص 250: عن عمران بن يسار اليشكري، عن أبي حفص المدلجي، عن شريف بن ربيعة، عن قنبر مولى أمير المؤمنين عليه السلام قال: كنت عند أمير المؤمنين عليه السلام إذ دخل رجل فقال: يا أمير المؤمنين أنا أشتهي بطيخا، قال: فأمرني أمير المؤمنين عليه السلام بشراء بطيخ، فوجهت بدرهم فجاؤونا بثلاث بطيخات، فقطعت واحدة فإذا هو مر فقلت: مر يا أمير المؤمنين، فقال : إرم به من النار وإلى النار، قال: وقطعت الثاني فإذا هو حامض فقلت: حامض يا أمير المؤمنين، فقال: ارم به من النار وإلى النار، قال: فقطعت الثالث فإذا هو مدودة فقلت: مدودة يا أمير المؤمنين ، فقال : ارم به من النار وإلى النار، قال ثم وجهت بدرهم آخر فجاؤونا بثلاث بطيخات فوثبت على قدمي فقلت: أعفني يا أمير المؤمنين عن قطعه - كأنه تأشم بقطعه - فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : اجلس يا قنبر فإنها مأمورة ، فجلست فقطعت واحدة فإذا هو حلو فقلت : حلو يا أمير المؤمنين ، فقال: كل وأطعمنا , فأكلت ضلعا وأطعمته ضلعا, وأطعمت الجليس ضلعا، فالتفت إلي أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا قنبر إن الله تبارك وتعالى عرض ولايتنا على أهل السماوات وأهل الأرض من الجن والإنس والثمر وغير ذلك فما قبل منه ولايتنا طاب وطهر وعذب وما لم يقبل منه خبث وردى ونتن.
==>كل رواة هذا الحديث من المجاهيل عدا قنبر بل لم يرو عنهم في الكتب الا هذه الرواية أضف الى هذا أن نسبة كتاب الاختصاص الى الشيخ المفيد مناقش فيها وقد نفاها بعض الاعلام أمثال السيد الخوئي.
كل الروايات الواردة في قضية البطيخة ضعيفة سندا كما ذكرنا, وساقطة عن الاعتبار.
أما من ناحية المتن فيكفينا نقل ما قاله غواصة البحار المجلسي 27/283: هذه الأخبار وأمثالها من المتشابهات التي لا يعلم تأويلها إلا الله والراسخون في العلم، ولابد في مثلها من التسليم ورد تأويلها إليهم عليهم السلام.
ثم وجه قدس سره الروايات بهذا التوجيه 27/284: ويخطر بالبال أنه يحتمل أن تكون استعارة تمثيلية لبيان حسن بعض الأشياء وشرافتها وقبح بعض الأشياء وردائتها، فان للأشياء الحسنة والشريفة من جميع الأجناس والأنواع مناسبة من جهة حسنها ، وللأشياء القبيحة والرذيلة مناسبة من جهة قبحها ، فكل ماله جهة شرافة وفضيلة وحسن فهي منسوبة إلى أشرف الأشارف : محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم ، فكأنه أخذ ميثاق ولايتهم عنها وقبلتها؛ أو المراد أنها لو كانت لها مدركة لكانت تقبلها ، وكذا كل ماله جهة رذالة وخباثة وقبح فهي بأجمعها منسوبة إلى أخبث الأخابث أعداء أهل البيت عليهم السلام ومبائنة لهم عليهم السلام، فكأنه أخذ ميثاقهم عنها فأبت وأخذ ميثاق أعدائهم عنها فقبلت، أو المعنى أنها لو كانت ذوات شعور وأخذ ميثاقهم عنها لكانت تأبى وأخذ ميثاق أعدائهم عنها لكانت تقبل.
==> فالمجلسي رحمه الله أوّل الروايات وحملها على غير ظاهرها واعتبرها ضربا من الاستعارة التمثيلية ولا يراد منه حقيقته وبهذا يندفع اشكال المستشكل.
علما أن هذه الروايات ليست من مختصات الشيعة كي يشنع عليهم بهذه الطريقة ويصبح الموضوع أشبه بالنكتة بل نفس هذا المضمون قد نقل في كتب العامة:
فقد روى البخاري في صحيحه 2/133: بسنده عن عباس عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أحد جبل يحبنا ونحبه.
وقال ابن حجر تعليقا على هذا الحديث في فتح الباري 6/64: قيل هو على الحقيقة ولا مانع من وقوع مثل ذلك بان يخلق الله المحبة في بعض الجمادات وقيل هو على المجاز والمراد أهل أحد.
وقال النووي في شرح مسلم 9/140: الصحيح المختار أن معناه أن أحدا يحبنا حقيقة جعل الله تعالى فيه تمييزا يحب به كما قال سبحانه وتعالى وإن منها لما يهبط من خشية الله وكما حن الجذع اليابس وكما سبح الحصى وكما فر الحجر بثوب موسى صلى الله عليه وسلم وكما قال نبينا صلى الله عليه وسلم انى لأعرف حجرا بمكة كان يسلم على وكما دعا الشجرتين المفترقتين فاجتمعا وكما رجف حراء فقال أسكن حراء فليس عليك الا نبي أو صديق الحديث وكما كلمه ذراع الشاة.
==> اذن شراح الحديث حملوا الحديث على حقيقته وأقروا حصول المحبة والبغض في الجمادات فلماذا التشنيع على الشيعة؟
بل المفاجأة التي لا يعرفها الكثير: هي وجود رواية البطيخة في كتب السنة!
روى الصفوري الشافعي في نزهة المجالس 255: عن أنس رضي الله عنه قال خرجت مع بلال وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما إلى السوق فاشترى بطيخا وانطلقا إلى منزله فكسر واحدة فوجدها مرة فأمر بلالا برد البطيخ إلى صاحبه ثم قال ألا أحدثكم حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا أبا الحسن إن الله تعالى أخذ حبك على البشر والشجر فما أجاب على حبك عذب وطاب ومن لم يجب إلى حبك خبث ومر وأظن أن هذا البطيخ ممن لا يحبني.
فمن كان بيته من زجاج لا يرمي غيره بالحجارة!