المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رزية يوم الخميس / اسئلة واجوبة


الشيخ عباس محمد
10-01-2018, 08:08 PM
رزية يوم الخميس / اسئلة واجوبة

السؤال: بحث تفصيلي حول رزية الخميس وما يدور حولها

أتمنى منكم الرد على هذا القول المذكور في أحد مواقع أهل السنة يرد فيه حديث الهجر الذي قاله عمر.

*************************
السؤال
ما صحة الخبر أو الأثر الذي نسمعه من الشيعة في سبّهم لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب, وهو إنّه عند وفاة النبي (ص) - أو في أيامه الأخيرة - أمر أن يؤتى له بقرطاس وقلم ليكتب للناس كتاباً لا يضلوا بعده أبداً, وعند ذلك تدخَّل عمر بن الخطاب, وقال: إنّه (أي النبي) ليهجر, ومعنى يهجر أي يهذي والعياذ بالله, وقال (أي عمر) : حسبنا كتاب الله, فهذا مخالف لأمر الرسول (ص).
هذه رواية الشيعة التي يرددونها! أرجو التوضيح.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله, وبعد:
الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه البخاري (3168), ومسلم (1637) من حديث سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ قَالَ: قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: يَومُ الخَمِيسِ وَمَا يَومُ الخَمِيسِ ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمعُهُ الحَصَى...
ومن المعلوم أنّ النبي (ص) في مرضه الذي توفي فيه عزم على أن يكتب كتاباً يتضمن استخلاف أبي بكر, ففي صحيح البخاري (5666), ومسلم (2387) من حديث عَائِشَةَ قَالَت: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِه ِ: ادعِي لِي أَبَا بَكرٍ أَبَاكِ وَأَخَاكِ ...
وعن ابن أبي مليكة قال: سُئِلَت عائشة مَن كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مُستَخلِفًا لَو استَخلَفَهُ؟ قَالَت: أَبُو بَكرٍ... أخرجه مسلم (2385).
ثمّ إنّه حصل التنازع والاختلاف عنده (ص), واشتبه الأمر على عمر هل غلب على النبي (ص) الوجع, أم لم يغلب عليه الوجع ؟ فيكون كلامه من الكلام المعروف الذي يجب قبوله, ولم يجزم عمر بذلك, والشك جائز على عمر إذ لا معصوم إلّا النبي (ص), والنبي (ص) قد عزم على أن يكتب الكتاب, فلما حصل الاختلاف والتنازع, وحصل الشك علم أن الكتاب لا يحصل به المقصود, وقد علم أن الله يجمعهم على ما عزم عليه كما قال : "يَأبَى اللَّهُ وَالمُؤمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكرٍ", ولو أراد النبي (ص) أن يكتب الكتاب, وكان هذا ممّا يجب تبليغه وبيانه للناس لم يمنعه من ذلك أحد لا عمر ولا غيره .
قال الإمام البيهقي في كتابه دلائل النبوة (7/184) : " قصد عمر بن الخطاب بما قال التخفيف على رسول الله (ص) حين رآه قد غلب عليه الوجع, ولو كان ما يريد النبي (ص) أن يكتب لهم شيئاً مفروضاً لا يستغنون عنه لم يتركه باختلافهم ولغطهم لقول الله عز وجل : (( بَلِّغ مَا أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَّبِّكَ )) (المائدة:67), كما لم يترك تبليغ غيره بمخالفة من خالفه, ومعاداة من عاداه, وإنّما أراد ما حكى سفيان بن عيينة عن أهل العلم قبله أن يكتب استخلاف أبي بكر, ثمّ ترك كِتبَته اعتماداً على ما علم من تقدير الله تعالى...., وقال : يأبى الله والمؤمنون إلّا أبا بكرٍ, ثمّ نبّه أمّته على خلافته باستخلافه إياه في الصلاة حين عجز عن حضورها".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : "الذي وقع في مرضه كان من أهون الأشياء وأبينها, وقد ثبت في الصحيح أنّه قال لعائشة في مرضه : ادعي لي أباك وأخاك حتّى أكتب لأبي بكر كتاباً لا يختلف عليه الناس من بعدي" ثم قال: يأبى الله والمؤمنون إلّا أبا بكر, فلمّا كان يوم الخميس همَّ أن يكتب كتاباً فقال عمر : ماله أهجر؟ فشّك عمر هل هذا القول من هجر الحمى؟ أو هو ممّا يقول على عادته؟ فخاف عمر أن يكون من هجر الحمى, فكان هذا ممّا خفى على عمر, كما خفى عليه موت النبي (ص) بل أنكره, ثمّ قال بعضهم هاتوا كتاباً, وقال بعضهم لا تأتوا بكتاب, فرأى النبي (ص) أنّ الكتاب في هذا الوقت لم يبق فيه فائدة ؛ لأنّهم يشكون هل أملاه مع تغيره بالمرض أم مع سلامته من ذلك, فلا يرفع النزاع, فتركه, ولم تكن كتابة الكتاب ممّا أوجبه الله عليه أن يكتبه أو يبلغه في ذلك الوقت ؛ إذ لو كان كذلك لما ترك (ص) ما أمره الله به, لكن ذلك ممّا رآه مصلحة لدفع النزاع في خلافة أبي بكر, ورأى أن الخلاف لا بدّ أن يقع, وقد سأل ربّه لأمّته ثلاثاً فأعطاه اثنتين, ومنعه واحدة, سأله أن لا يهلكهم بسنة عامة, فأعطاه إياها, وسأله أن لا يسلط عليهم عدواً من غيرهم, فأعطاه إياها, وسأله أن لا يجعل بأسهم بينهم, فمنعه إياها, وهذا ثبت في الصحيح.
وقال ابن عباس : الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله (ص) وبين أن يكتب الكتاب ؛ فإنّها رزية أي مصيبة في حقّ الذين شكوا في خلافة أبي بكر رضي الله عنه, وطعنوا فيها, وابن عباس قال ذلك لمّا ظهر أهل الأهواء من الخوارج والروافض ونحوهم, وإلّا فابن عباس كان يفتي بما في كتاب الله,, فإن فلم يجد في كتاب الله فبما في سنّة رسول الله, فإن لم يجد في سنّة رسول الله (ص) فبما أفتى أبو بكر وعمر...
ثمّ إنّ النبي (ص) ترك كتابة الكتاب باختياره, فلم يكن في ذلك نزاع, ولو استّمر على إرادة الكتاب ما قدر أحد أن يمنعه.... ومن جهل الرافضة أنّهم يزعمون أن ذلك الكتاب كان كتابه بخلافة علي, وهذا ليس في القصة ما يدل عليه بوجه من الوجوه, ولا في شيء من الحديث المعروف عند أهل النقل أنّه جعل علياً خليفة كما في الأحاديث الصحيحة ما يدل على خلافة أبي بكر .
ثمّ يدعون مع هذا أنّه كان قد نصّ على خلافة علي نصّاً جلياً قاطعاً للعذر, فإن كان قد فعل ذلك فقد أغنى عن الكتاب, وإن كان الذين سمعوا ذلك لا يطيعونه, فهم أيضاً لا يطيعون الكتاب, فأيّ فائدة لهم في الكتاب لو كان كما زعموا" (ينظر: منهاج السنة (6/315-318)).
وقال رحمه الله في موضع آخر : "عمر رضي الله عنه قد ثبت من علمه وفضله ما لم يثبت لأحد غير أبي بكر, ففي صحيح مسلم عن عائشة –رضي الله عنها- عن النبي (ص) أنّه كان يقول : قد كان في الأمم قبلكم مُحَدَّثون, فإن يكن في أمتي أحد فعمر" .
قال ابن وهب : تفسير "محدثون" ملهمون .
وروى البخاري عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال: "إنّه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم مُحدَّثون, وإنّه إن كان في أمتي هذه منهم فإنّه عمر بن الخطاب" .
وفي لفظ للبخاري : "لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلَّمون من غير أن يكونوا أنبياء, فإن يكن في أمتي منهم أحد فعمر" .
وفي الصحيح عن ابن عمر عن النبي (ص) قال : بينا أنا نائم إذ رأيت قدحا أُتيت به فيه لبن, فشربت منه حتّى أني لأرى الرَّيَّ يخرج من أظفاري, ثمّ أعطيت فضلي عمر بن الخطاب, قالوا : فما أوَّلته يا رسول الله؟ قال: العلم".
وفي الصحيحين عن أبي سعيد قال : قال رسول الله (ص) : بينا أنا نائم رأيت الناس يُعرضون عليَّ وعليهم قمص, ومنها ما يبلغ الثدي, ومنها ما يبلغ دون ذلك, ومرّ عمر بن الخطاب وعليه قميص يجرّه "قالوا ما أوَّلت ذلك يا رسول الله؟ قال : الدين" .
وفي الصحيحين عن ابن عمر قال : قال عمر: وافقت ربي في ثلاث : في مقام إبراهيم, وفي الحجاب, وفي أسارى بدر".
وللبخاري عن أنس قال : قال عمر : "وافقت ربي في ثلاث, أو وافقني ربي في ثلاث : قلت : يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلَّى فنزلت : (( وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبرَاهِيمَ مُصَلًّى )) (البقرة:125), وقلت: يا رسول الله يدخل عليك البَرُّ والفاجر, فلو أمرت أمّهات المؤمنين بالحجاب, فأنزل الله آية الحجاب, وبلغني معاتبة النبي (ص) بعض أزواجه, فدخلت عليهم فقلت: إن انتهيتنّ, أو ليبدلنّ الله رسوله خيراً منكن حتّى أتت إحدى نسائه فقالت : يا عمر أما في رسول الله (ص) ما يعظ نساءه حتّى تعظهن أنت, فأنزل الله : (( عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبدِلَهُ أَزوَاجًا خَيرًا مِّنكُنَّ )) (التحريم:5).
وأمّا قصة الكتاب الذي كان رسول الله (ص) يريد أن يكتبه, فقد جاء مبيّناً كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله (ص) في مرضه : ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب كتاباً, فإني أخاف أن يتمنى متمنٍّ ويقول قائل: أنا أولى, ويأبى الله والمؤمنون إلّا أبا بكر .
وفي صحيح البخاري عن القاسم بن محمّد قال قالت عائشة: وارأساه فقال رسول الله (ص) لو كان وأنا حي فاستغفر لك وأدعو لك, قالت عائشة : واثكلاه, والله إنّي لأظنك تحب موتي, فلو كان ذلك لظللت آخر يومك مُعَرِّساً ببعض أزواجك, فقال رسول الله (ص) : "بل أنا وارأساه, لقد هممت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه وأعهد : أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون, ويدفع الله ويأبى المؤمنون .
وفي صحيح مسلم عن ابن أبي مليكة, قال: سمعت عائشة وسُئلت: مَن كان رسول الله (ص) مستخلفاً لو استخلف؟ قالت : أبو بكر, فقيل لها: ثمّ من بعد أبي بكر؟ قالت: عمر قيل لها : ثمّ من بعد عمر؟ قالت : أبو عبيدة عامر بن الجراح, ثمّ انتهت إلى هذا, وأمّا عمر فاشتبه عليه هل كان قول النبي (ص) من شدة المرض أو كان من أقواله المعروفة, والمرض جائز على الأنبياء, ولهذا قال: ماله أهجر؟ فشك في ذلك ولم يجزم بأنّه هجر, والشك جائز على عمر ؛ فإنّه لا معصوم إلّا النبي (ص), لا سيّما وقد شكّ بشبهة, فإنّ النبي (ص) كان مريضاً, فلم يدر أكلامه كان من وهج المرض كما يعرض للمريض, أو كان من كلامه المعروف الذي يجب قبوله؟ وكذلك ظن أنّه لم يمت حتّى تبين أنّه قد مات, والنبي (ص) قد عزم على أن يكتب الكتاب الذي ذكره لعائشة, فلمّا رأى أن الشك قد وقع علم أن الكتاب لا يرفع الشك, فلم يبق فيه فائدة, وعلم أن الله يجمعهم على ما عزم عليه, كما قال : ويأبى الله والمؤمنون إلّا أبا بكر, وقول ابن عباس : ( إنّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله (ص) وبين أن يكتب الكتاب), يقتضي أن هذا الحائل كان رزية وهو رزية في حقّ من شكّ في خلافة الصديق, أو اشتبه عليه الأمر ؛ فإنّه لو كان هناك كتاب لزال هذا الشك, فأمّا من علم أن خلافته حقّ فلا رزية في حقّه ولله الحمد .
ومَن توهمّ أن هذا الكتاب كان بخلافة علي, فهو ضال بإتفاق عامة الناس من علماء السنّة والشيعة, أمّا أهل السنّة فمتفقون على تفضيل أبي بكر وتقديمه, وأمّا الشيعة القائلون بأن عليًّا كان هو المستحق للإمامة فيقولون : إنّه قد نصّ على إمامته قبل ذلك نصّاً جلياً ظاهراً معروفاً, وحينئذٍ فلم يكن يحتاج إلى كتاب .
وإن قيل: إنّ الأمّة جحدت النصّ المعلوم المشهور فلأن تكتم كتاباً حضره طائفة قليلة أولى وأحرى, وأيضاً فلم يكن يجوز عندهم تأخير البيان إلى مرض موته, ولا يجوز له ترك الكتاب لشك من شك, فلو كان ما يكتبه في الكتاب ممّا يجب بيانه وكتابته, لكان النبي (ص) يبّينه ويكتبه, ولا يلتفت إلى قول أحدٍ, فإنّه أطوع الخلق له, فعُلم أنّه لمّا ترك الكتاب لم يكن الكتاب واجباً, ولا كان فيه من الدين ما تجب كتابته حينئذٍ ؛ إذ لو وجب لفعله, ولو أنّ عمر رضي الله عنه اشتبه عليه أمر, ثمّ تبيّن له, أو شكَّ في بعض الأمور, فليس هو أعظم ممّن يفتي ويقضي بأمور, ويكون النبي (ص) قد حكم بخلافها مجتهداً في ذلك, ولا يكون قد علم حكم النبي (ص) ؛ فإنّ الشكّ في الحقّ أخف من الجزم بنقيضه, وكلّ هذا إذا كان باجتهاد سائغ كان غايته أن يكون من الخطأ الذي رفع الله المؤاخذه به" منهاج السنة (6/20-26).
وقال المازري : "إنّما جاز للصحابة الاختلاف في هذا الكتاب مع صريح أمره لهم بذلك ؛ لأنّ الأوامر قد يقارنها ما ينقلها من الوجوب فكأنه ظهرت منه قرينة دلت على أنّ الأمر ليس على التحتم بل على الاختيار, فاختلف اجتهادهم وصمم عمر على الامتناع لما قام عنده من القرائن بأنّه (ص) قال ذلك عن غير قصد جازم, وعزمه (ص) كان إمّا بالوحي وإما بالاجتهاد, وكذلك تركه إن كان بالوحي, فبالوحي, وإلّا فبالاجتهاد أيضا". ينظر: فتح الباري (8/133).
وهذه النصوص عن هؤلاء العلماء الأجلاء توضح المقصود بالحديث, وتدحض افتراءات الشيعة وتلبيسهم وتنقصهم لعمر بن الخطاب .
هذا والله أعلم.
*************************
الجواب:

يكون جوابنا عمّا ورد في هذا السؤال - المشار إليه - وجوابه على نقاط:
النقطة الأولى:
لم تكن الرواية المعروفة برزية يوم الخميس - والوصف بالرزية كان من راويها ابن عباس - من مرويات الشيعة, وإنّما هي رواية معروفة في صحاح أهل السنّة, وكتبهم الحديثية يروونها بألسنة مختلفة, فقد رواها البخاري في باب مرض النبي (صلى الله عليه وآله) من صحيحه الجزء الخامس الصفحة السابعة والثلاثون بعد المائة, وفي باب (قول المريض قوموا عنّي) في الجزء الخامس الصفحة التاسعة, وهكذا رواها في باب قول النبي (صلى الله عليه وآله) (لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء) في الجزء الثامن الصفحة الواحدة والستون بعد المائة.. وأيضاً رواها مسلم في صحيحه (كتاب الوصية) الجزء الخامس الصفحة الثالثة والسبعون بأكثر من طريق, وأيضاً رواها أحمد في مسنده في الجزء الأوّل, الصفحة الرابعة والعشرون بعد الثلاثمائة, وفي مواضع أخرى, وأيضا رواها غير هؤلاء من محدّثي أهل السنّة .
وكذلك القول : بأنّ قائل كلمة (هجر) في هذه الحادثة إنّما هو عمر بن الخطاب وليس أحد غيره لم يكن من مرويات الشيعة وأقوالهم, وإنّما هذا هو قول علماء أهل السنّة, وسننقل إليك أقوالهم فيما بعد .
ونريد أن نقول هنا أنّ الحادثة هي تنبأ بنفسها عن نفسها, بأنّ قائل تلك الكلمة القارصة في حقّ الجناب الأقدس للنبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) لم يكن سوى عمر بن الخطاب, وليس أحد غيره.
فاليك جملة من صور هذه الحادثة يمكنك الجمع بينها لتنتهي إلى هذه النتيجة :
ففي الرواية التي يرويها البخاري في باب كراهية الخلاف ج8ص 161 جاء ما نصّه : ((وأختلف أهل البيت فاختصموا, فمنهم مَن يقول : قرّبوا يكتب لكم رسول الله (صلى الله عليه وآله) كتاباً لن تضلوا بعده, ومنهم من يقول ما قال عمر, فلمّا أكثروا اللغط والاختلاف عند النبي (صلى الله عليه وآله) قال لهم : (قوموا عنّي) (انتهى).
فهذه الرواية, لم تصرّح باسم قائل مناهض في الواقعة لمسألة تقديم الكتاب ليكتبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) سوى عمر, وأن الذين تكلموا في هذا الجانب إنّما كانوا يتابعون في ذلك ما قاله عمر .
فالسؤال : الذي ينبغي الإجابة عليه هنا هو : ماذا قال عمر؟
والجواب: إنّ بعض الروايات - كرواية البخاري في (باب قول المريض قوموا عنّي) ج7 ص9 - تصرّح بأن عمر قال : إنّ النبي (صلى الله عليه وآله) غلبه الوجع, وعندنا كتاب الله حسبنا .
وبعض الروايات حين لا تذكر بأنّ القائل هو عمر, تصرّح بأنّ الكلمة التي قيلت في وجه النبي هي كلمة (يهجر), كما في هذه الرواية التي يرويها مسلم في صحيحة في باب ترك الوصية ج5ص76 : ((... قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ائتوني بالكتف والدواة (أو اللوح والدواة) أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده ابداً, فقال أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يهجر)) (انتهى).
فإذا جمعنا بين هذه الرواية والرواية التي رواها البخاري - وهي ممّا رواه مسلم أيضاً في نفس الباب المشار إليه سابقاً - التي تقول أنّه كان هناك فريقان عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعضهم يقول قدموا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) يكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً, وبعضهم يقول ما قال : عمر .
نخرج بنتيجة - بلحاظ أنّه لم يكن قول هؤلاء سوى ترديد لما قاله عمر . وقد كان من قولهم (بصريح الرواية المتقدمة) كلمة (يهجر) - إنّ ما قاله عمر في وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنّما هو كلمة (يهجر) لا غير . هذا هو الذي يقتضيه الجمع بين هذه الروايات, وهي لا تحتاج إلى كثير عناء للوصول إلى هذه النتيجة.
ولم تكن الرواية التي ذكرت بأن عمر كان قد قال : إنّ النبي (صلى الله عليه وآله) غلبه الوجع إلّا تعبيراً آخر عن كلمة (يهجر), وقد ذكر بعض المؤرخين أن هذه التعبير إنّما كان بالمعنى عن الكلمة التي قالها عمر وليس باللفظ الصريح, كهذه الرواية التي يرويها الجواهري - وهو من علماء أهل السنة في كتابه (السقيفة وفدك ص76), وابن أبي الحديد - وهو معتزلي من أهل السنة أيضاً - في شرح على نهج البلاغة ج6ص51: ((لما حضرت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الوفاة, وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب, قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعدي, فقال عمر كلمة معناها أن الوجع قد غلب على رسول الله (صلى الله عليه وآله). (انتهى).
وعلى أية حال, فقد صرّح جملة علماء أهل السنّة بذلك وقالوا : ليس من قائل لتلك الكلمة القارصة سوى عمر بن الخطاب .
كتصريح ابن تيمية في (منهاج السنّة) في الجزء السادس, الصفحة 315.
وابن الأثير في (نهاية غريب الحديث) في الجزء الخامس, الصفحة 246, في مادة (هجر).
وأيضاً صرّح بذلك اللغوي الشهير ابن المنظور الأفريقي في (لسان العرب) الجزء الخامس, الصفحة 250 مادة (هجر).
وكذلك ابن الجوزي في كتابه (تذكرة الخواص), الصفحة 099
والغزالي في (سر العالمين) الصفحة 40.
والشهاب الخفاجي في (شرحه على الشفا نسيم الرياض), الجزء الرابع, الصفحة 278.
وهكذا تعرف أن هذه الحادثة لم تكن من مرويات الشيعة, بل من مرويات أهل السنة, وفي أوثق كتبهم!
وإن التصريح بأن قائل كلمة (يهجر) عمر بن الخطاب يمكن الوصول إليه من خلال أدنى تأمل في الألفاظ التي جاءت بها ألسنة الحادثة عند أهل السنة.
وأيضاً يوجد هناك جملة من علماء أهل السنة قد صرّحوا بأن ليس من قائل لتلك الكلمة سوى عمر بن الخطاب لا غير كما ذكرنا ذلك.
نعم, أجتهد المصرّحون (بل جاهدوا) في تمرير هذه العثرة - التي لا تقال ما بقيت السماوات والارضين - والذب عن (الخليفة), فقالوا: إن ما قاله عمر هو كلمة (أهجر) بصيغة الاستفهام, ومعنى كلامه: هل أختلف كلامه بسبب المرض (على سبيل الاستفهام)؟ كما صرّح بذلك ابن تيمية وابن الأثير وغيرهما - .
ولكن لا ندري هل تخف الوطأة وتقل البشاعة بهذا التصريح فيما لو جاء على سبيل الإنشاء دون الإخبار, مع أن ابن الأثير يذكر بكل وضوح بأنّ المراد منها على هذا التعبير : هل تغير كلامه وأختلط لأجل ما به من المرض؟
(قال) : وهذا أحسن ما يقال فيه ولا يجعل إخباراً فيكون إمّا من الفحش أو الهذيان. والقائل كان عمر, ولا يظن به بذلك (المصدر المتقدم).
ولا ندري كيف نتصور ما رواه ابن الأثير هنا من التفريق بين الإنشاء والإخبار لكلمة (هجر), وهل تراه يختلف معنى الاختلاف والاختلاط في كلام المريض, عن معنى الهذيان فيما لو قيلت هذه الكلمة بالإخبار دون الإنشاء...؟!
إننا لا نجد فرقاً في ذلك بل المعنى واحد, فالذي يخلط في كلامه وهو في حال المرض يقال عنه أنّه يهذي, وإذا أردنا أن نحول هذا المعنى إلى الاستفهام فنقول : ماذا به, هل تراه يهذي؟ فلا يوجد فرق في نسبة الهذيان من هذه الكلمة سواء قيلت إخباراً وإنشاءاً ...
بل نجد أنّ البخاري قد سد على القوم هذه التأويلات والتمحلات وذكر رواية له في باب جوائز الوفد من كتاب السير والجهاد ج4, ص 31 تفيد بأنّ هذه الكلمة قد قيلت في وجه النبي الأقدس (صلى الله عليه وآله) إخباراً لا إنشاء: ((.. فقال: اشتد برسول الله (صلى الله عليه وآله) وجعه يوم الخميس, فقال : (ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً), فتنازعوا, ولا ينبغي عند نبي تنازع, فقالوا: هجر رسول الله (صلى الله عليه وآله)..) (انتهى) .
وقد تقدمت رواية مسلم التي تشير بأنّ هذه اللفظة قد قيلت بالإخبار (إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليهجر) دون الإنشاء.
وعلى أية حال, لا نجد فرقاً في البشاعة والفظاعة - كما بينا - بين أن تقال هذه الكلمة إنشاءاً أو إخباراً في وجه النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله), فهي تنافي الأدب القرآني الذي أمر الله الصحابة بأن يتأدبوا به مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند مخاطبتهم له, فقال سبحانه محذّراً إيّاهم: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرفَعُوا أَصوَاتَكُم فَوقَ صَوتِ النَّبِيِّ وَلا تَجهَرُوا لَهُ بِالقَولِ كَجَهرِ بَعضِكُم لِبَعضٍ أَن تَحبَطَ أَعمَالُكُم وَأَنتُم لا تَشعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصوَاتَهُم عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُم لِلتَّقوَى لَهُم مَغفِرَةٌ وَأَجرٌ عَظِيمٌ )) (الحجرات:2-3).
ولننقل لك أيها الأخ الكريم ما قاله أهل اللغة في بيان معنى كلمة (يهجر):
قال الجوهري في الصحاح في اللغة من باب (الراء) فصل (الهاء), الهجر: الهذيان, وقال ألم تر إلى المريض إذا هجر قال غير الحق. (صحاح 2: 851).
وهذا المعنى - أي الهذيان وقول غير الحقّ - منفي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بدليل قوله تعالى في سورة النجم: (( مَا ضَلَّ صَاحِبُكُم وَمَا غَوَى - الى قوله - وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِن هُوَ إِلاَ وَحيٌ يُوحَى )) (النجم:2-5).
وأيضاً جاء في الحديث الصحيح - فيما رواه أهل السنّة أنفسهم ـ: أنّ عبد الله بن عمرو بن العاص كان يكتب كلّ ما يسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله), ورسول الله بشر يتكلم في الرضا والغضب, فذكر ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له : (أكتب فو الذي بعثني بالحقّ ما يخرج منه إلّا الحقّ), وأشار إلى لسانه {أنظر مسند أحمد 2: 162, المستدرك على الصحيحين 1: 186 صححه الحاكم ووافقه الذهبي}.
وكلامه (صلى الله عليه وآله) هنا عام ومطلق, وهو لا يبقي لأهل التأويل أي شيء يمكنهم الاستناد إليه في تمرير العثرة المتقدمة!
بل ورد عنه (صلى الله عليه وآله) أنّه حتى في حالات الممازحة والمداعبة لا يقول إلّا حقّاً؟ قال (صلى الله عليه وآله) : (إني لا أقول إلا حقّ) مجمع الزوائد 9/17 قال الهيثمي رواه الطبراني في الأوسط واسناده حسن .
وهذا الحديث كسابقه في الدلالة على أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) لا يعتريه ما يعتري بقية الناس من حالات الاضطراب في الكلام, أو يكون ضحية لمزاجه, أو هواه في حالات معينة كحالة الغضب والممازحة, أو حالات الوجع والمرض, مع أنَّ حالات الغضب والممازحة هي أشد من غيرها في تحقيق الإضطراب عند المتكلم منها في حالة المرض, ومع هذا فقد أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه حتّى في هذه الحالات لا يقول إلا حقّاً .
قال المباركفوري في شرحه للحديث: (لا أقول إلّا حقّ) أي عدلاً وصدقاً, لعصمتي من الزلل في القول والفعل, ولا كلّ أحد منكم قادر على هذا الحصر لعدم العصمة فيكم) (تحفة الأحوذي في شرح الترمذي 6: 108).
ومن العجيب أن تجد مثلاً هذا الموقف والمواجهة الصريحة من عمر بن الخطاب للنبيّ (صلى الله عليه وآله) ومحاولة تجريده من قواه العقلية ونبزه بالخلط في الكلام بغية ثنيه عن كتابه الكتاب الذي أراد, وقد أخبرهم عنه بأنّهم ان أخذوا به يعصمهم من الضلالة أبد الآبدين, تجد عمر بن الخطاب في موقف آخر يأخذ بما ذكره أبو بكر في كتابه - وقد كُتب عنه وهو في حالة الإغماء - والذي جاء فيه الأمر باستخلاف عمر من بعده, بل يأمر المسلمين بالأخذ بما جاء في هذا الكتاب, ولم يتهم صاحبه ولا الكاتب - وهو عثمان, وقد كتب مسألة الاستخلاف في حالة إغماء أبي بكر - بالهجر أو الهذيان أو غلبة الوجع بل رأى في كتابه هذا كلّ الحقّ والخير الوفير والنصيحة للمسلمين!!!
وإليك هذه الحقيقة من كلمات أهل السنّة أنفسهم:
روى الطبري في تاريخه وابن عساكر في تاريخ دمشق, وابن سعد في الطبقات, وابن حبّان في الثقات : ((دعا أبو بكر عثمان خالياً فقال له : أكتب بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة إلى المسلمين: أمّا بعد.. قال: ثمّ أغمي عليه, فذهب عنه, فكتب عثمان : أمّا بعد : فإنّي قد استخلفت عليكم عمر بن الخطاب, ولم آلكم خيراً منه . ثمّ أفاق أبو بكر فقال : أقرأ عليًَّ . فقرأ عليه, فكبّر أبو بكر وقال: أراك خفت أن يختلف الناس إن أفتتلت نفسي في غشيتي! قال : نعم! قال : جزاك الله خيراً عن الإسلام وأهله . وأقرها أبو بكر رضي الله عنه من هذا الموضع)). أنظر تاريخ الطبري 2: 618. تاريخ مدينة دمشق 3: 411. الطبقات الكبرى 3: 200. الثقات 2: 192.
وروى الطبري عن إسماعيل بن قيس, قال : (رأيت عمر بن الخطاب وهو يجلس والناس معه وبيده جريده, وهو يقول: (أيّها الناس أسمعوا وأطيعوا قول خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنّه يقول لكم إني لم آلكم نصحاً . قال ومعه مولى لأبي بكر يقال له شديد معه الصحيفة التي فيها استخلاف عمر) . تاريخ الطبري 2: 618.
بل ذكر ابن سعد في الطبقات ما يستفاد منه بأن عمر بن الخطاب كان حاضراً عند كتابة هذا الكتاب أيضاً, قال : (فخرج - أي عثمان - بالكتاب مختوماً ومعه عمر بن الخطاب, وأسير بن سعيد القرظي) الطبقات الكبرى 3: 200.
فهذا الكتاب تقبّله عمر قبولاً تاماً, ولم يخالفه, أو يعترض عليه بشيء, ولم ينسب إلى قائله - وهو في حالة الإغماء, ولا إلى كاتبه, وقد أملى بغير إرادة القائل المغمي عليه - أي شيء من حالات الهجر والهذيان أو غلبة الوجع, بل كان كل ذلك - برأيه - خيراً أفاضه الله على المسلمين من (الخليفة) الذي لم يأل النصح لهم, وهو يطلب من المسلمين على الأخذ به ويقول لهم: اسمعوا واطيعوا قول خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله)!!!
فهل من الإنصاف - أخي الكريم - وأنت ترى هذين الموقفين من عمر في حقّ النبي (صلى الله عليه وآله) وأبي بكر - بأن يرد رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن كتابة كتابه الذي أراد, ويرمى بالهجر والهذيان وغلبة الوجع, وهو الذي لا يقول إلّا حقاً, وقد شهد بحقّه ربّ السماوات والأرضين أنّه لا ينطق عن الهوى, وأن ما يقوله إنّما هو وحي يوحى.
ويؤخذ بكلام أبي بكر دونه, وقد قال ما قاله وهو في حالة الإغماء, وعدم الوعي مع أنّ أبا بكر قد صرّح في حالة اليقظة وعدم الإغماء أن له شيطان يعتريه, فكيف يكون الأمر في حالة الإغماء وعدم الوعي؟!
إننا نترك لك أخي الكريم المقارنة بين الموقفين والحكم على هذا التباين بين المواقف, بل الأمر سيكون أدهى وأمر فيما لو صدّقنا ما يقوله المعتذرون عن عمر بن الخطاب في رزية يوم الخميس: بأنّه كان من الحرص على المسلمين, وأن لا يكون في الكتاب - الذي أراد كتابته النبي (صلى الله عليه وآله) - شيء قد يختلف بعده المسلمون - كما هي الدعوى في تبرير تصدي عمر - مع أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قد صرّح لهم - وهو الذي لا ينطق علن الهوى - بأنّهم لن يضلوا بعد هذا الكتاب أبداً.
فهل يكون أبو بكر أنصح للأمّة من رسول رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليأخذ عمر بكتابه, ويردّ كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ مع أننا وجدنا بعد كتابة الكتاب الذي كتبه أبا بكر في حقّ عمر أنّه قد جاء بعض الصحابة يلومون أبو بكر على تعيينه عمر بن الخطاب خليفة بعده, ويقولون له : (ما تقول لربّك وقد وليت علينا فظاً غليظاً). انظر تاريخ دمشق 3: 18, ومصنف ابن أبي شيبة 7: 485, 8: 574, ونوادر الأصول 3 : 18.
وفي أحدى المرّات جاء طلحة - وهو أحد العشرة المبشرين حسب رواية أهل السنّة - وقال لأبي بكر: يا خليفة رسول الله, إنّا كنا لا نحتمل شراسته, وأنت حي تأخذ على يديه, فكيف يكون حالنا معه وأنت ميت, وهو الخليفة . (أنظر تاريخ المدينة لابن شبه النميري 2: 671).
النقطة الثانية:
ما ورد في الجواب : ((ومن المعلوم أن النبي (صلى الله عليه وآله) في مرضة الذي توفي فيه عزم على أن يكتب كتاباً يتضمن استخلاف أبي بكر, ففي صحيح ومسلم.. الخ)).
نقول: الحديث الأوّل المستدل به غير صالح للإحتجاج به من وجوه - (وهو الذي ورد فيه : ادعي لي أبا بكر أباك وأخاك...) - :
الوجه الأوّل: رواة الحديث مجموعة من المقدوحين والمنحرفين عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام).
فإبراهيم بن سعد : هو صاحب العود والغناء, كان يعزف ويغني, جاءه أحد أصحاب الحديث ليأخذ عنه, فوجده يغني فتركه وانصرف, فأقسم إبراهيم ألّا يحدث بحديث إلا غنّى قبله, وعمل والياً على بيت المال لبغداد لهارون الرشيد .
وقد كان هو وعائلته من المقرّبين لبني أميه, فقد كان أبوه قاضياً لبعض ملوك بني أمية على المدينة. (انظر سير أعلام النبلاء للذهبي 8: 306, تاريخ بغداد 6: 81. 86 - الأعلام 1: 40 الأغاني 15: 329).
وأمّا صالح بن كيسان : فهو مؤدب بني أميّة والمدافع عنهم (انظر تأديبه لولد بني أمية ومدحه لسعيد بن العاص في: (مشاهير علماء الأمصار لابن حبّان) : 216, أنساب الأشراف 5: 3, تاريخ مدينة دمشق 21: 129, تاريخ الإسلام للذهبي 4: 229).
وأمّا الزهري : فهو منديل بني أمية يمسحون به خطاياهم روى ابن عساكر في (تاريخ دمشق 5: 370): قال عمر بن رديح : كنت مع ابن شهاب الزهري نمشي فرآني عمر في عبيد فلقيني بعد فقال : مالك ولمنديل الأمراء؟ يعني ابن شهاب . (انتهى).
وقد ذكر ابن خلّكان في (وفيات الأعيان 4: 178) في ترجمة الزهري, قال : ((لم يزل الزهري مع عبد الملك, ثمّ مع هشام بن عبد الملك, وكان يزيد بن عبد الملك قد استقضاه)).
وفي (تهذيب التهذيب لأبن حجر) (4: 225) في ترجمة الأعمش الكوفي: إنّ الزهري يعمل لبني أمية.
وقال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة (4: 120) وكان الزهري من المنحرفين عن علي (عليه السلام), روى جرير بن عبد الحميد, عن محمّد بن شيبة, قال: شهدت مسجد المدينة, فإذ الزهري. وعروة بن الزبير جالسان يذكران علياً (عليه السلام), فنالا منه.
وجاء في ميزان (الإعتدال للذهبي)(1: 625) في ترجمة خارجة بن مصعب : قال أحمد بن عبدويه المروزي: سمعت خارجة بن مصعب: قال أحمد بن عبدويه المروزي: سمعت خارجة بن مصعب يقول: قدمت على الزهري وهو صاحب شرطة بني أمية, فرأيته ركب وفي يديه حربة وبين يديه الناس في أيديهم الكافر كوبات, فقلت : قبح الله ذا من عالم, فلم أسمع منه.
وقد روى الذهبي عن مكحول قوله : أنّه - أي الزهري - أفسد نفسه بصحة الملوك (انظر سير أعلام النبلاءه: 329)
وأمّا عروة بن الزبير : فقد تقدم عن المعتزلة ذكره لعلي (عليه السلام) وتناوله له, وأيضاً كان عروة ممّن انتدبه معاوية لوضع أخبار قبيحة في علي (عليه السلام) (انظر شرح النهج للمعتزلي 4: 64).
وقد اتهمه الزهري هو وعائشة في حديثين يرويهما عنهما, والحديث الأوّل رواية عروة عن عائشة أنّها حدثته بأنّ رسول الله قال عندما أقبل عليه العباس وعلي : يا عائشة هذين يموتان على غير ملتي, أو قال : ديني!!. والحديث الثاني زعم فيه أن عائشة حدثته قالت : كنت عند النبي إذ اقبل العباس وعلي فقال: يا عائشة إن سرك إن تنظري إلى رجلين من أهل النار, فانظري إلى هذين قد طلعا, فنظرت فإذا العباس وعلي بن أبي طالب!! (المصدر السابق) وهذا وضع صريح من عروة للأحاديث .
وأيضاً قد شهد عروة على نفسه بإعانة الظالمين, وشهد ابن عمر على حاله هذه بالنفاق, روى البيهقي في (السنن 86: 165) : أن عروة بن الزبير قال: أتيت عبد الله بن عمر (رضي الله عنه) فقلت : له يا أبا عبد الرحمن إنا نجلس إلى أئمتنا هؤلاء (يريد الخلفاء), فيتكلمون بالكلام, نعلم أنّ الحقذ غيره, فنصدّقهم, ويقضون بالجور فنقوّيهم, ونحسنّه لهم, فكيف ترى في ذلك؟ فقال (أي ابن عمر): يا ابن أخي كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) نعد هذا النفاق, فلا أدري كيف هو عندكم (انتهى).
وأمّا عائشة فهي متهمة في هذا الحديث من جهتين:
الأولى : لموقفها من أمير المؤمنين علي (عليه السلام), وعدائها المعروف له, حتّى أنّها كانت لا تطيق ذكر اسمه كما صرّح بذلك ابن عباس وقال : إنّها لا تطيب له نفساً (أنظر مسند أحمد 6: 228 وقد صححه بسنده الألباني في إرواء الغليل 1: 178..) .
وهذا الحديث - محلّ الكلام - إن سلمنا أنّه يتعرض إلى موضوع الخلافة, وأنّ النزاع في الوصية هل كانت في علي (عليه السلام) أو لا؟ لدرجة أنّ عائشة سُئلت عنها ونفت أنّه أوصي إليه ( عليه السلام) كما في صحيح البخاري 3: 185 كتاب الوصايا.
الثانية: لما فيه من جرّ نفع لأبيها, فهو من شهادة الأبناء للآباء, أو ما يسمّى بشهادة الفرع للأصل, وهي غير مقبولة عند أهل السنّة (انظر الإيجي في المواقف 402, وابن حجر في الصواعق المحرقة 1: 93, والحلبي في السيرة الحلبية 3: 488). ومن هنا صححوا ردّ أبي بكر شهادة الحسن والحسين عليهما السلام لفاطمة عليها السلام في أمر فدك .
الوجه الثاني : في عدم صحة الاحتجاج بالحديث المذكور : أنّ أبا بكر كان ممّن أمره رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالخروج مع أسامة, كما روي ذلك عن الواقدي, وابن سعد, وابن إسحاق, وابن الجوزي, وابن عساكر (انظر فتح الباري في شرح صحيح البخاري 8: 124), وقد لعن المتخلف عنه (أنظر شرح المواقف 8: 376, والملل والنحل للشهرستاني 1: 29), فكيف تصح دعوته في هذا الحديث, مع أنّ كتابة الكتاب لم تكن موقوفة على حضوره؟!
الوجه الثالث: إنّ أبا بكر حضر عنده فأمره بالأنصراف ولم يكتب شيئاً, روى ذلك أبو جعفر الطبري وغيره عن ابن عباس حيث سئل: ((أوصى رسول الله؟ قال: لا, قلت: فكيف كان ذلك؟ قال قال رسول الله: إبعثوا إلى علي فادعوه فقالت عائشة : لو بعثت إلى أبي بكر, وقالت حفصة لو بعثت إلى عمر فاجتمعوا عنده جميعاً . فقال رسول الله: أنصرفوا فإن تكُ لي حاجة أبعث إليكم فانصرفوا...)). (تاريخ الطبري 2: 439) فالرواية صريحة في دعوته (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) ليوصي اليه دون الآخرين, بل صرف من حضر - كابي بكر وعمر - وبيّن أنّه لا حاجة له (صلى الله عليه وآله) بهما.
الوجة الرابع : لم يحتج بهذا الحديث وأمثاله على خلافة أبي بكر بل حتّى في أرجحيته للخلافة وتأهيله لها ؛ إذ لم نشهد لهذا الحديث أو غيره - في خصوص أبي بكر - من أثر أو ذكر في محاججات السقيفة التي احتدم فيها الكلام في المسألة, وكان كل فريق من المتنازعين المهاجرين والأنصار يذكر أقصى ما يمكن استحضاره من الفضائل والمناقب للفوز بالخلافة, فإنّه لو كان لمثل هذا الحديث أصل وواقع لكان هو أوّل الأدلة بل رأسها وسنامها في الاحتجاج على الأنصار يوم السقيفة ؛ إذ لا عطر بعد عرس, مع أننا لم نشهد ذلك ولم يعرف نقلة التواريخ له ذكراً في هذه الواقعة بل في كلّ المحاججات التي جرت حول خلافة أبي بكر في صدر الإسلام.. ولا يعقل أن يكون لمثل هذا الحديث المهم الذي قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) أصل, وفي مثل هذا الموضوع الخطير الذي اشتد الصراع فيه بين جهات مختلفة من المسلمين ولم يرد له ذكر أو خبر في مساجلات الأصحاب حول الخلافة في صدر الإسلام... الأمر الذي يكشف بكلّ وضوح على أنّه من الموضوعات والمفتريات التي وضعت بعد رسول الله رسول الله (صلى الله عليه وآله)...
وأيضاً صرحّ علماء أهل السنّة أنّ خلافة أبي بكر لم تكن بالنصّ, وإنّما كانت بالشورى قال : التفتازاني في ((شرح المقاصد)) : أنّه لو كان نصّاً جليّاً ظاهر المراد في مثل هذا الأمر الخطير المتعلق بمصالح الدين والدنيا لعامة الخلق لتواتر واشتهر فيما بين الصحابة, وظهر على آجلتهم الذين لهم زيادة قرب بالنبي (صلى الله عليه وآله) واختصاص بهذا الأمر بحكم العادة (نقول ولا يختص بعائشة راوية الحديث عند البخاري ومسلم فما للنساء و الخلافة), واللازم من منتفٍ, وإلّا لم يتوقفوا على الأنقياد له والعمل بموجبه, ولم يترددوا حين اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة لتعيين الإمام, ولم يقل الأنصار منا أمير ومنكم أمير, ولم تمل طائفة إلى أبي بكر رضي الله عنه, وأخرى إلى علي رضي الله عنه, وأخرى إلى العباس رضي الله عنه, ولم يقل عمر رضي الله عنه لأبي عبيدة رضي الله عنه أمدد يدك أبايعك...)) (شرح المقاصد 2: 283)
الوجة الخامس : الحديث المذكور معارض بما روي عن أبي بكر نفسه أنّه قال لما حضرته الوفاة: وددت أن سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ثلاث :(أحدها) سألته فيمن هذا الأمر فلا ينازعه أهله (المعجم الكبير للطبراني 1: 62, تاريخ الطبري 3: 431, العقد الفريد 2: 254, الإمامة والسياسة 1: 18, مروج الذهب 2: 302).
وأيضاً لو صح الحديث المذكور - الذي رواه البخاري ومسلم - لما كان يحقّ لعمر أن يقول ما قال في حقّ بيعة أبي بكر بأنّها فلته (فيما رواه البخاري 8: 25 كتاب المحاربين) فهل تراه (صلى الله عليه وآله) ينص على بيعة الفلتات, وان الله ورسوله والمؤمنون يأبون إلا بيعة الفلتات؟!
الوجة السادس: هذا الحديث معارض بحديث الدواة والكتف المعلوم المشهور المشار إليه في أوّل كلامنا والذي جرى فيه ذلك النزاع المعلوم, وقد جوبه فيه النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله) بتلك الكلمة (الفظيعة) التي أثارت ذلك اللغط الذي اثار النزاع المشار إليه, وقد أمر النبي (صلى الله عليه وآله) أصحابه بالخروج من عنده بعد هذا النزاع, وقال لهم : لا ينبغي عند نبي تنازع, وكان ابن عباس (رضي الله عنه) يقول عن تلك الفاجعة : الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يكتب ذلك الكتاب . فهل تراه يصح أن يمنع عمر بن الخطاب أن يكتب النبي (صلى الله عليه وآله) كتاباً في خلافة أبي بكر, أن هذا لا يعقله عاقل علم بعلاقة الرجلين ؛ إذ كيف يمكن أن يمنع عمر خيراً عن صاحبه أبي بكر, وهو كان يعرف له كالرديف .
بل المروي في الواقع هو خلاف ذلك بأنّ الكتاب الذي أراد أن يكتبه الرسول(صلى الله عليه وآله) في تلك الحادثة إنّما هو في خصوص خلافة علي (عليه السلام) فقد أراد(صلى الله عليه وآله) أن يوثقها لهم كتابة بعد أن تسامعوا بذكرها, وأدركوا معناها في يوم غدير خم وغيره.. بهذا صرّح عمر في المقام .
روى أبن ابي الحديد المعتزلي في (شرح النهج 12: 21) من قول عمر : لقد كان من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أمره (أي أمر علي (عليه السلام)) ذروا من قول لا يثبت حجّة, ولا يقطع عذراً, ولقد كان يربع في أمره وقتاً ما ولقد أراد في مرضه أن يصرّح باسمه, فمنعت من ذلك إشفاقاً وحيطة على الإسلام, لا ورب هذه البنية لا تجتمع عليه قريش أبداً)). (انتهى).
وبعد هذا البيان في الحديث الأوّل الذي رواه البخاري ومسلم, يتضح الكلام في الحديث الآخر الذي رواه مسلم عن أبن أبي مليكة قال : سألت عائشة من كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) مستخلفاً لو استخلفة؟
النقطة الثالثة:
ما ورد في الجواب : (ولو أراد النبي (صلى الله عليه وآله) أن يكتب الكتاب, وكان هذا ممّا يجب تبليغة وبيانه للناس لم يمنعه من ذلك أحد لا عمر ولا غيره...)).
قلنا : قد يكون وجوب كتابة هذا الكتاب من الواجب المشروط, أي أن كتابته مشروطة بإمتثالهم واصغائهم له, وعندما تبين عدم إمتثالهم وقولهم (هجر) سقط الوجوب عنه (صلى الله عليه وآله) في كتابة هذا الكتاب لهم ؛ إذ لم يبق من أثر له فيما لو كتب سوى الفتنة, والاختلاف من بعده في أنّه هل هجر فيما كتبه ((والعياذ بالله)) أو لم يهجر؟!
بل ولأوغلوا في ذلك في بيان هجره - والعياذ بالله - بما يفتح باباً للطعن في النبوة, ومن هنا اقتضت حكمته (صلى الله عليه وآله) العالية بأن يضرب عن ذلك الكتاب صفحاً لئلا يفتح ذلك الباب الذي قد يأتي على الدين كلّه, وهم مصرون ومعلنون بأن القول ما قاله عمر, أي أنّهم شهدوا عليه(صلى الله عليه وآله) بالهجر والهذيان .
ويؤيد هذا المعنى, أي الإعراض عنهم, وعدم وجوب تبليغ هذا الكتاب إليهم, وخشية أن يطال نزاعهم أصل نبوته (صلى الله عليه وآله) إخراجه لهم من حجرته, وتصريحه لهم بأنّه لا ينبغي عند بني تنازع (انظر: فتح الباري 8: 101 حيث عدَّ هذا الكلام من قوله (صلى الله عليه وآله) في الحادثة) .
هذا ما أردنا بيانه باختصار حول هذه الحادثة, وإن كان هناك مجال أوسع للحديث عنها في جوانب مختلفة, وهي تستحق منّا كلّ متابعة واهتمام, ولكننا نحيل الأخ الكريم إلى ما ورد من مناقشات بين العلمين الموسوي والبشري في (المراجعات الأزهرية المراجعة 86 ) وما بعدها, حول هذه الرزية, ونحن بخدمتكم لأي سؤال آخر في الموضوع .

الشيخ عباس محمد
10-01-2018, 08:09 PM
يتبع



السؤال: قول بعضهم للامام السجاد (عليه السلام) : انه ليهجر
بعد السلام والتحية احتج الأخوة الأشاعرة بما يشابه حديث الرزية عندهم في ختام نشره وزعوها حول موضوع الرزية , قال الكاتب: ملاحظة هذه رواية روتها كتب الشيعة الامامية في حق أحد الأئمة وهو معصوم عندهم لا فرق بينه وبين النبي إلا بالايحاء :
قال ابن طاووس شرف العترة وركن الاسلام في كتابه فرج المهموم ص 22: ومن ذلك في دلائل علي بن الحسين (عليه السلام) ما رويناه باسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر بن رستم قال : حضر علي بن الحسين الموت فقال لولده : يا محمد أي ليلة هذه ... ثم دعا بوضوء فجيء به , فقال : إن فيه فارة , فقال بعض القوم انه ليهجر ... فجاؤا بالمصباح ) مستدرك الوسائل 1/198 .
الجواب:
أولاً : إن الحديث المذكور مع اشتماله على هذه الصيغة ـ ليهجر ـ قد ورد فقط في كتاب (فرج المهموم) بسند غير واضح , ونقله المحدث النوري في مستدركه , وعليه فلا دليل على اعتباره مطلقاً .ثانياً : جاء هذا الحديث بدون ذكر هذه العبارة في مصادر حديثية أخرى ( الدلائل للحميري , وعنه كشف الغمة للاربلي 2/110 , مختصر بصائر الدرجات : 7 , البصائر للصفار : 503 ح 11 , الكافي 1/389 , الهداية للحضيني وعنه مستدرك الوسائل 1/196 ح 5 , وسائل الشعية 1/156 ح 15) .
ومنه يظهر أن النقل المذكور في السؤال حتى لو كان معتبراً ـ فرضاً ـ كان متعارضاً مع نقل باقي المصادر التي ذكرناها , فتكون مرجوحة بالنسبة اليها .ثالثاً : إن الائمة (عليهم السلام) كانوا يعيشون حالة التقية والتستر من الاعداء , وهذا يعني أنهم كانوا يحاطون بمجموعة من الأشخاص الذين لهم صلة بالجهات الحكومية آنذاك , أو على الأقل لا يعترفون بامامتهم , وهذا يظهر من حياتهم وسيرتهم بأدنى تأمل , إذ يوجد هناك من كان راوياً عن الامام (عليه السلام) ولم يعتقد به كإمام . وعلى هذا فصدور كلمة أو اتخاذ موقف لدى بعض الناس لا يدل على تشيعه , بل وفي عبارة الرواية المذكورة ما يوحي خلاف ذلك , إذ جاء فيها : ( فقال بعض القوم ) , والتعبير بـ ( القوم ) يستعمل عادةً في أحاديثنا للاشارة إلى أهل السنة , كما هو الحال بالنسبة للتعبير بـ ( الناس ) .
وعليه , فالخط المعادي للحق قال للنبي (صلى الله عليه وآله) : إنه ليهجر, واستمر هذا الخط المعادي إلى أن وصل إلى زمن الامام السجاد(عليه السلام) وقال إنه ليهجر , ولو تتبعنا في التاريخ ربما وجدنا أن هذه الكلمة تكررت لسائر أهل البيت (عليهم السلام) .


السؤال: لماذا لم يكتب النبي كتاباً بعد رزية الخميس؟

سؤالي هو عن رزية يوم الخميس الكل يعلم بأن الرزية حدثت يوم الخميس والنبي (صلى الله عليه وآله) وسلم حسب علمي توفى يوم الأثنين فلماذا لم يكتب النبي (صلى الله عليه وآله) وصيته في هذه المدة؟

الجواب:

إنّما عدل رسول الله (صلى الله عليه وأله) عن الكتابة, لإنّ كلمة عمر بن الخطاب : ((دعو الرجل فإنّه ليهجر، أو ليهذي، أو قد غلب عليه الوجع, وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله)، واتفاق كلمة أكثر الحاضرين على ما قاله عمر, هذه الكلمة التي فاجأت النبي (صلى الله عليه و) اضطرّته الى العدول عن الكتابة, اذ لم يبق بعدها أثر لكتابة الكتاب سوى الفتنة والاختلاف من بعده في أنّه هل هجر فيما كتبه ـ والعياذ بالله ـ أو لم يهجر, كما اختلفوا في ذلك وأكثروا اللغو واللغط نصب عينيه, فلم يتسنّ له يومئذ اكثر من قوله لهم : (قوموا عنّي) .
ولو أصرّ فكتب الكتاب للجّوا في قولهم ّ هجر, ولأوغل أشياعهم في إثبات هجره ـ والعياذ بالله ـ فسطروا به أساطيرهم, وملأوا طواميرهم ردّا على ذلك الكتاب وعلى من يحتجّ به .
لهذا اقتضت حكمته البالغة أن يضرب (صلّى الله عليه وآله) عن ذلك الكتاب صفحاً لئلا يفتح هؤلاء المعارضون وأولياؤهم باباً الى الطعن في النبوة ـ نعوذ بالله وبه نستجير ـ وقد رأى (صلى الله عليه وآله) أن علياً(عليه السلام) وأولياءه خاضعون لمضمون ذلك الكتاب سواء عليهم أكتب أم لم يكتب, وغيرهم لا يعمل به ولا يعتبره لو كتب, فالحكمة ـ والحال هذه ـ توجب تركه, إ ذ لا أثر له بعد تلك المعارضة سوى الفتنة كما لا يخفى .

تعليق على الجواب (1)
اسمحلي فان ما اتيت به من تبريرات كله رجم بالغيب ولايوجد دليل عليه بل الادله عكس ذلك فقد قال الله لرسوله (( فَإِنَّمَا عَلَيكَ البَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالعِبَادِ )) ويوجد كثير من نظائر هذه الاية في القران الكريم
اذن الاية صريحه في ان رسول الله عليه البلاغ ولايحل له ان يكتم شيء امره الله به وهو معصوم عن ذلك, فاذا علمنا ذلك تقرر ان كلمة رسول الله كانت للاستشاره لاصحابه الخلص وقد اخذ براي عمر رضي الله عنه وترك كتابة الكتاب.
الجواب:

ما رأيك لو قلنا لك أن الأمر جاءه بدعوتهم لكتابة الكتاب وعند الرفض جاءه الأمر بالإعراض عن كتابة الكتاب فما تقول؟! فلماذا أنت تفرض على الرسول أنه مأمور بشيء واحد لا يتغير وهو كتابة الكتاب !!
فاسشتهادك بالآية القرآنية سوف لا ينفع بل عليك أن تثبت بأن النبي (صلى الله عليه وآله) مأمور بشيء لا يتغير وغير مشروط بالقبول أو هو غير مأمور بكتابة الكتاب.
ثم كيف تصور العملية عملية إستشارة والتي معناها أن النبي (صلى الله عليه وآله) بكامل وعيه وإرادته وهذا ما يخالف ما تنقلوه عن عمر أنه قال أن النبي ليهجر.
ثم لماذا طردهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) من عنده؟ فهل من أخلاق رسول الله يستشير أحداً ثم يطرده مع أن منطوق قول النبي (صلى الله عليه وآله) يدل على الأمر ولا يصرف عن ظاهره إلا بقرينة وليس من القرينة محاولتكم تنزيه بعض الصحابة ولو على حساب النبي (صلى الله عليه وآله).

تعليق على الجواب (2)

هل امر الرسول محمد صلى الله عليه وآله الصحابة بشيء ثم عدل عنه غير رزية الخميس, واذا كانت رزية الخميس هي الاولى من نوعها فكيف نعلم انها امر من الله ولم تكن اجتهادا منه صلى الله عليه وآله ؟
الجواب:

الرسول (صلى الله عليه وآله) لا ينطق عن الهوى أن هو إلا وحي يوحى، فكل اعماله حتى لو تغيرت لابد من ان تكون صحيحة، فإذا امر بكتابة الكتاب فهو بعلم الله ورضاه،وإذا انهى عن كتابة الكتاب فهو بعلم الله ورضاه، وان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) روح القدس يسعده في أعماله بالشكل الذي تكون أفعاله كلها صحيحة ولا يصدر منه الخطأ ولا النسيان ولا الاشتباه...
ثم إن من المواقف التي تغير فيها الموقف من رسول الله صلى الله عليه وآله بأمر الله امره بتقديم الصدقة حين المناجاة معه كما يشير إلى ذلك القرآن، ثم عدل عن ذلك، وكذلك رغبة بقتل الاسرى في بدر مقابل رغبته المسلمين بالفداء حتى نزل بذلك القرآن بالعدول عن القتل.


السؤال: هل كان امتناع النبي(صلى الله عليه و آله) من الكتابة بأمر من الله؟
هل كان امتناع النبي من الكتابة بأمر من الله ؟ ام منه على علم برضاية الله على ذلك , واذا كان منه سبحانه وتعالى فهل كان بداءاً او كان غير ذلك؟ يعني هل كان عمر سببا في منع الكتابة والحال الاية القرانية تشير ان الله يعصمك من الناس ؟.
الجواب:

إن الاوامر والنواهي الواردة على النبي (صلى الله عليه وآله) قد تكون مطلقة أي لا تتقيد بحالة دون حالة ؛ وقد ترد بصورة التعليق أي أنها مقيدة بقيود ؛ ولكل من القسمين شواهد في سيرته وحياته (صلى الله عليه وآله) .
وفي المقام كانت كتابة النبي (صلى الله عليه وآله) مشروطة ومقيدة بتمكين الكل وعدم اظهار الخلاف عنده (صلى الله عليه وآله) , وبما أنه لم تحصل هذه الجهة انتفت الكتابة من الأساس .
ولو أمعنّا النظر في المسألة لوجدنا أن الكتابة في ذلك الظرف الحساس وبدون رضوخ القوم لها كانت تؤدي الى انشقاق وتشتت الامة مضافاً لفقدها قائدها ؛ فنظراً لهذه المصلحة الهامة غض النبي (صلى الله عليه وآله) طرفه ورفع يده عن الكتابة اعتماداً على ابلاغ ووصول الوصية المذكورة بمرات وكرات في طول عهد البعثة النبوية , وخشيةً منه (صلى الله عليه وآله) على وحدة الامة .
نعم , لو كانت تكتب تلك الوصية , كان أمر الامامة والخلافة أكثر وضوحاً عند عامة الناس , ولكن في نفس الوقت بما أن عمر خالف النبي (صلى الله عليه وآله) جهراً وأيدته عصابته في ذلك , رأى النبي (صلى الله عليه وآله) أن كتابة الوصية آنذاك أصبحت مرجوحة فأعرض عنها .
وبالجملة، فمنع عمر كان سبباً سلبياً في الموضوع بدون شك .
وأما الآية الشريفة، فتشير الى قضية الابلاغ في غدير خم , اذ كان الأمر هناك مطلقاً وبدون تعليق على شرط أو قيد ؛ وحتى أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يخشى من ارتداد الناس وعدم قبولهم للحق , فجاء الوحي لدفع هذا الاحتمال، فكان الأمر كما أراده الله عزوجل واقتضت مشيته من قبول الناس وعدم رد المنافين لموضوع التبليغ .
فظهر مما ذكرنا ان موضوع الابلاغ في الغدير يختلف عن موضوع كتابة الوصية باختلاف نوعيّة الأمر النازل على النبي (صلى الله عليه وآله) .


السؤال: آيات قرآنية تدفع دعوى عدم إمكان ما ورد فيها
هناك من يدّعي انه يتبع المنهج العقلي عند النظر للاحداث التاريخيه فينكر رزية الخميس مثلا لانها تجعل السلطة للبشر لمنع امر الله وهذا فيه قدحا للرسول صلى الله عليه وآله لانه لم بيلغ امته ما فيه نجاتهم من الضلال , فما رد سماحتكم على هذه المقولة ؟
وهل من الممكن الاستدلال بالآيات التالية لنقض هذا الاشكال :
(( وَكَتَبنَا لَهُ فِي الأَلوَاحِ مِن كُلِّ شَيءٍ مَّوعِظَةً وَتَفصِيلاً لِّكُلِّ شَيءٍ فَخُذهَا بِقُوَّةٍ وَأمُر قَومَكَ يَأخُذُوا بِأَحسَنِهَا سَأُرِيكُم دَارَ الفَاسِقِينَ * سَأَصرِفُ عَن آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرضِ بِغَيرِ الحَقِّ وَإِن يَرَوا كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوا سَبِيلَ الرُّشدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُم كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنهَا غَافِلِينَ * وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاء الآخِرَةِ حَبِطَت أَعمَالُهُم هَل يُجزَونَ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ * وَاتَّخَذَ قَومُ مُوسَى مِن بَعدِهِ مِن حُلِيِّهِم عِجلاً جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَم يَرَوا أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُم وَلاَ يَهدِيهِم سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ * وَلَمَّا سُقِطَ فَي أَيدِيهِم وَرَأَوا أَنَّهُم قَد ضَلُّوا قَالُوا لَئِن لَّم يَرحَمنَا رَبُّنَا وَيَغفِر لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ * وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَومِهِ غَضبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئسَمَا خَلَفتُمُونِي مِن بَعدِيَ أَعَجِلتُم أَمرَ رَبِّكُم وَأَلقَى الألوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيهِ قَالَ ابنَ أُمَّ إِنَّ القَومَ استَضعَفُونِي وَكَادُوا يَقتُلُونَنِي فَلاَ تُشمِت بِيَ الأعدَاء وَلاَ تَجعَلنِي مَعَ القَومِ الظَّالِمِينَ * قَالَ رَبِّ اغفِر لِي وَلأَخِي وَأَدخِلنَا فِي رَحمَتِكَ وَأَنتَ أَرحَمُ الرَّاحِمِينَ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا العِجلَ سَيَنَالُهُم غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِم وَذِلَّةٌ فِي الحَياةِ الدُّنيَا وَكَذَلِكَ نَجزِي المُفتَرِينَ (152) وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِن بَعدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الغَضَبُ أَخَذَ الأَلوَاحَ وَفِي نُسخَتِهَا هُدًى وَرَحمَةٌ لِّلَّذِينَ هُم لِرَبِّهِم يَرهَبُونَ )) (الاعراف:145-154).
وهل من الممكن الاستدلال بهذه الآيات على الاشياء التاليه:
أ- بعد ما رأى نبي الله موسى عليه السلام ضلال قومه لم يأمر عبدة العجل بما جاءه لانهم كانوا من المتكبرين ؟
وهذا المنع كان بسبب اعمالهم فاستحقوا الضلال على الهدى ولا يعني هذا قدحا بتيلغ نبي الله موسى؟
ب- وسكوت غضب موسى (عليه السلام) عن قومه هو الذي جعله يعرضها على قومه ولن تهدي الا المتقين , وعدم كتابة رسول الله ص للكتاب بعدما منعه البعض هو دليل على عدم سكوت غضبه عليهم؟

الجواب:

نعم ، يمكن الاستدلال بهذه الآيات لبيان عدول النبي(صلى الله عليه وآله) عن كتابة الكتاب في حادثة يوم الخميس، فالفعل التشريعي أو التبليغي يتبع الغرض، وبما أن الغرض قد حالت دونه الموانع ـ وهو تصدي عمر وبعض الصحابة للنبي(صلى الله عليه وآله) ورميه بالهجر والهذيان، فيكون أمر كتابة الكتاب بعد هذا المانع الخطر ـ لا ثمرة فيه ، بل قد يفتح الباب هذا الأمر للقدح في الرسالة كلها ذلك بعد أن تم القدح علانية بالمرسل في هذا هذا الموقف...
فالمنهج العقلي المدّعى هنا في تفسير هذه الحادثة لا يمكن له ان يتغاضي عن اعتبار تبعية الافعال للاغراض والغايات، فإذا حالت أمام الغاية عوائق وموانع انتفت الحاجة إلى صدور الفعل في ذلك الظرف الذي يمنعه من تحقيق غايته، ويكون البحث عن البديل هو الأسلوب الأمثل في تحقيق الغرض بدل التشبث بفعل لا يحقق غرضه في الزمان والمكان المعينين.
مع ملاحظة مهمة في وجوب التفريق بين (الإرادة التشريعية) و(الإرادة التكوينية)، والفرق بينهما مفصل في كتب علم الكلام، وهذا القائل لجهله لم يفرق بين الإرادة التشريعية التي يمكن تخلّف المراد فيها وبين الإرادة التكوينية التي لا يمكن تخلف المراد فيها.



السؤال: البعض لا يتصّور منع عمر من كتابة نص الخلافة

نحن الشيعة الإثني عشرية نعتقد بان الخليفة يجب ان يكون من الله حتما ...
طيب كيف يمنع عمر النبي صلى الله عليه وآله من كتابة الكتاب يوم رزية الخميس !
علما بان الخلافة من الله، فاذا منع عمر النبي صلى الله عليه وآله كانه منع الله
فاذا سالني المخالف هذا السؤال كيف ارد عليه ؟
وشكراً
الجواب:

يجاب على هذا السؤال نقضاً وحلاً:
أما نقضاً فنقول: إذن كيف قتل الناس الأنبياء والقتل أشد من منع كتابة كتاب فهل معناه أنهم قتلوا..
نعم، يمكنك أن تقول إن هذا الفعل كأنه رد على الله برده على رسول الله (صلى الله عليه وآله) والحيلولة بينه وبين كتابة الكتاب المذكور. وهذا المعنى صحيح ولا محذور فيه..
وحلاًّ: إن الظاهر من الروايات الواردة في رزية يوم الخميس أن كتابة هذا الكتاب لم تكن على نحو الوجوب المطلق،وإنما كانت على نحو الوجوب المشروط، بمعنى ان كتابة هذا الكتاب كانت معلّقة على قبوله والالتزام به، وعندما حصلت المعارضة والممانعة من البعض، وظهر القدح بأهلية النبي (صلى الله عليه وآله) واتهامه بالهجر انتفى الوجوب في كتابة هذا الكتاب، خشية المحذور الأكبر بأن يطال هذا القدح النبوة نفسها، وتبدأ حالة التشكيك بأصل النبوة والرسالة، الأمر الذي يعني الدخول في فتنة أكبر من فتنة التنازع واللغط الذي أُثير في حجرة النبي (صلى الله عليه وآله).. ومن هنا سارع النبي (صلى الله عليه وآله) إلى إخراجهم من حجرته وصرّح لهم (بأنه لا ينبغي عند نبي تنازع)،خشية أن يطال هذا النزاع أصل النبوة نفسها، أو مفاصل مهمة منها كان قد أرساها النبي (صلى الله عليه وآله) سابقاً.
وإلا لو كانت كتابة هذا الكتاب واجبة مطلقاً ـ سواء رضي السامعون بذلك أم لم يرضوا ـ لكتب النبي (صلى الله عليه وآله) هذا الكتاب ولم يهمه في ذلك لغط اللاغطين أو نزاع المتنازعين..
وعلى آية حال.. لا نرى وجهاً للاستغراب من فعل عمر في هذه الواقعة وتوجيهه تلك الكلمة القاسية ((يهجر)) للجناب الأقدس (صلى الله عليه وآله)، فقد إعتاد عمر هذه التصرفات مع النبي (صلى الله عليه وآله) وليس تشكيكه بنبوة النبي (صلى الله عليه وآله) في صلح الحديبية أو جذبه النبي (صلى الله عليه وآله) من ثوبه عند صلاته على عبد الله بن أبي بأقل فظاعة وشناعة من هذا الفعل!!

تعليق على الجواب (1)
نعم وجوب مشروط ولكن بقبول الصحابة , يعني استشارة لاصحابة, والا اي عاقل يقول ان رسول الله يشترط قبول خمسة او ستة من المنافقين - حسب رأيكم -
سيقولون لا, حتما.
وحكايتكم قتل الانبياء هذه غير مقبوله لان رسول الله هو خاتم النبيين وله وضع خاص واحكام خاصه فقد انقطع الوحي بعده, ولايمكن ان يجعل الله اموامره تحت مزاج خمسه او سته ان شاؤوا قبلو وان لم يشاؤوا رفضوا.
سبحانك هذا بهتان عظيم
الجواب:

قد ذكرنا لك سابقاً أن الواقعة لا يظهر منها عملية إستشارة لأن عمر يصور النبي (صلى الله عليه وآله) بأنه يهجر والنبي (صلى الله عليه وآله) بعد ذلك يطردهم ويقول لهم لا ينبغي الاختلاف عند النبي فلو كانت عملية استشارة لقبل الرسول الإختلاف لأن في كل استشارة لا بد أن يحصل الإختلاف.
ونحن لم نقل أن كتابة الكتاب كانت مشروطة بقبول خمسة أو ستة بل قلنا أنه كتابة الكتاب معلقة على قبوله والالتزام به بمعنى الالتزام به من الجميع ولما حصل الاختلاف من البعض كشف ذلك عن عدم قبول الجميع وهذا سيؤدي إلى الإختلاف بالنبوة لذا أعرض عنه.
وأما اعتراضك على الدليل الذي ذكرنا فلم يظهر لنا وجهه فنحن قلنا أن الكتاب كان مشروطاً بقبول الجميع لا قبول خمسة أو ستة كما تريد تصوير ذلك . بل أن الكتاب كان مشروطاً بقبول الجميع بحيث لا يكون من كتابته نقضاً للغرض وباباً للطعن بصحة القرآن فإن إصرار النبي (صلى الله عليه وآله) على كتابته وإصرارهم على أنه يهجر (أعوذ بالله) فتح لباب التهمة إلى القرآن فإنهم سوف لا يألون جهداً من أجل الوصول إلى غايتهم من إتهام رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكل الوحي ولا يقتصرون على اتهامه بهذا البعض من الوحي بخصوص الكتاب ولذا أعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله). فهذا هو الشرط المقرون بكتابة الكتاب وهو شرط عقلي لازم لو فهمته !!

تعليق على الجواب (2)
قد ذكرت لكم ان النبي لم يقيمهم لمجرد الاختلاف وانما لوجود التنازع وكثرة اللغط والا فما ذنب الموافقون على الكتاب يطردهم
ثم اكان رسول الله ينكر عليهم التنازع وكثرة اللغط ويترك انكار المنكر الاكبر وهو عصيان اوامره
يعني هل ينكر المنكر الاخف ويترك المنكر الاشد مثل من يشاهد شخص في نهار رمضان يدخن فيقول له لا ينبغي لك التدخين فانه مضر بالصحة ولا ينكر عليه افطاره
هل يجوز مثل ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتفسيركم للكتاب انه سيؤدي للتشكيك في القران فهو ناجم عن سوء ظنكم بصحابة رسول الله واعتقاد نفاق اكثرهم واعتقاد ان هؤلاء المنافقين هم من لهم الحل والعقد والتاثير والطاعة لهم من جميع المعاصرين
وهذا نحن لا نقول به ويشهد الله اننا قلنا ذلك بما علمناه من القران ومن سيرة رسول الله
الجواب:

في كلامك الأخير تريد القول أن الدعوة لكتابة الكتاب كانت إستشارة ولم يكن على سبيل الوجوب, في حين الذي يقرأ ما ذكره البخاري ج1 ص37 من حديث ابن عباس يفهم خلاف ذلك, فابن عباس يقول الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين كتابه, فابن عباس لم يفهم أن الأمر استشارة وإلا لما قال الرزية كل الرزية, وكذلك لم يفهم من ذلك غير الوجوب وإلا لما قال كلمته تلك.
ثم كيف لا يكون الأمر وجوبياً وليس للاستشارة, وفيه أمر من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بإحضار الكتاب وأن بكتابة هذا الكتاب لا يحصل الضلال؟!
ثم لماذا يطردهم من عنده؟! وهل حصلت حالات طرد من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ وهل حصل من إنسان عادي فضلاً عن كونه نبياً أن يستشير أحداً والاستشارة تعني ذكر آراء متعددة ثم بعد ذلك يقوم هذا الشخص بطردهم ويقول لهم لماذا اختلفتم في رأيكم, هل يعقل ذلك من إنسان فضلاً عن النبي (صلى الله عليه وآله)؟!.
أن ما تطرحه من رأي بعد ما يقارب الألف والأربعمائة سنة من الهجرة على أن الأمر كان استشارة على خلاف فهم من عاصر الحادثة كأبن عباس وخلاف الظهور الواضح للغة العربية الواردة في الروايات التي نقلت الحادثة وخلوها بالمرة من لفظة استشارة أو مداولة والقرآئن الحافة من فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أنه كان أمراً من رسول الله (صلى الله عليه وآله).
إن رأيك لا يعدوا كونه سقاعة وعصبية لا غير!!

تعليق على الجواب (3)
جوابا على رسالتكم الاخيره
اقول انه لو سلم ان ابن عباس رضي الله عنه يرى ان الكتاب واجب فهو اجتهاد من ابن عباس وهو معارض باجتهاد مثله ولاشك ان من عاصر الحادثه هو افقه بقول رسول الله ومراده من الكتاب
وابن عباس لايذهب لتفسيركم للحادثه فعملوم عنه حبه وتقديمه للشيخين رضي الله عنهما فلم يفهم من الكتاب انها مؤامرة على الدين كما تذهبون اليه
وبخصوص كون الكتاب لن يحصل بعده ضلال نجد ان الالفاض دائرة بين ( لن تضلوا ) و (لا تضلون ) و ( ولا تضلوا ) وبينهما فرق اذ لو كانت الاخيره وقد وردت في الصحيح ايضا فهي بمعنى النهي عن الضلال وليست خبرا
ولكن لو سلم انها خبر فنعود لاصل السؤال المشكل لديكم ولم اجد له اجابه مقنعه عندكم وهو اذا كان الكتاب بهذه الاهمية فلماذا لم يكتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولماذا يشرط بقبول الجميع مؤمنين ومنافقين وهل سيسلم من المعارضه خصوصا من المنافقين الذين من المعلوم انهم يريدون الضلال للامة ولن يقبلوا به قطعا ومن هم حتى يصبح لديهم حق النقض ( الفيتو ) لاوامر الله ورسوله
اما قول رسول الله قوموا فهي بسبب انه لاينبغي عند نبي تنازع والتنازع غير الاختلاف
ويدل على ذلك ان رسول الله لم ينكر عدم الاستجابه لامره ( وانكار المنكر واجب ) وانما انكر التنازع
فهل يجوز على النبي ان ترك انكار عدم الاستجابة لامره ويذهب لينكر التنازع باقامة الجميع من عنده والتسوية بينهم
فلو كان قوله امراً لاثنى على من استجاب ولاشتد نكيره على من رفض هذا الامر الواضح ولما استجاب لهم في منعه وهو معصوم عن ان يستجيب لهم
لا ان يسوي بينهم في الحكم وما ذنب الذين راو كتابة الكتاب الا انهم استجابوا لامر الله
يتضح من هذا ان الامر لم يكن على سبيل الوجوب واي منكر في ذلك وقد قال تعالى (( وشاورهم في الامر ))
وهذا ليس تعصبا وانما ثقة بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم
الجواب:

أولاً: ابن عباس ممن عاصر الحادثة لا كما يظهر من كلامك من أنه لم يكن معاصراً.
ثانياً: من هو الشخص الذي هو افقه من ابن عباس حبر الأمة والمرجوع إليه في المعضلات والذي جعلته مجهولاً كيف يقدم قول هذا المجهول على من دعا له النبي بأن يفقهه في الدين ويعلمه التأويل. ثم أين هو هذا القول بالاستشارة من قبل من تدعيهم.
ثالثاً: ابن عباس عندكم يحب الشيخين، ولكن عندنا ابن عباس من الموالين لأمير المؤمنين ومن خلص أصحابه، وقد ولاه على بعض الأمصار.
رابعاً: ابن عباس من المدافعين عن حق أمير المؤمنين في الخلافة وما تنسبه إليه من أنه لم يفهم أن هناك مؤامرة من افتراءاتك وإلا فما معنى قوله الرزية كل الرزية، وتبل دموعه الحصى لو لم يكن الأمر رزية كما وصفها.
خامساً: من أقبح المحاولات لاضلال الآخرين أن تفترض أن المراد من (لا) في الحديث الناهية وليست النافية وتجاهلت عمداً ورودها في صحيح البخاري ج4ص31 ومسلم ج5ص71 بصيغة (لن تضلوا) التي ليس فيها مجال للنهي دون النفي وبصيغة (لا تضلون) كما في صحيح مسلم ج5ص76 والتي ليس فيها مجال للنهي أبداً.
سادساً: لابد أن تصل معنا من خلال هذه الأحاديث الصحيحة أن الرسول أراد أن يكتب كتاباً ثم عدل عن ذلك بسبب المعارضة بل طريقة المعارضة التي حصلت بين الصحابة كما فهم ذلك الصحابة والتابعون وعلماء المذاهب جميعاً واتيت أنت بهواك تريد أن تلوي عنان الكلمات لتقول أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يرد أن يكتب كتاباً مخالفاً بذلك عقلاء القوم وعلماءهم مستدلاً بالنتيجة التي حصلت من عدم كتابة الكتاب، وبذلك جعلت النبي كالآلة إذا أراد شيئاً لابد أن يستمر بها إلى النهاية دون أن يكون هناك تغيير حتى لو كان كتابه الكتاب لا تنفع بل ستضر وتحتم عليه أن يكتب الكتاب، بل جعلت ذلك حتماً على الله تعالى من عدم الإيحاء لرسوله إلا بشيء واحد لا يقبل التغيير أما كتابة الكتاب وأما عدم كتابة الكتاب ولا مجال عندك لأن يكون كتابة الكتاب مشروطاً بحصول النفع من وراء كتابته وإذا حصل الاختبار وتبين عدم النفع تبقى أنت مصراً على كتابة الكتاب.
ولا تعير أدنى التفاتة إلى ما كان يحدث لو كتب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الكتاب وأصرّ عمر ومن معه على أنه كان هذياناً من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبالتالي طعناً بالنبوة ورداً للوحي والقرآن، لأن سيجوز عليه الهذيان وبذلك نقض لغرض الرسالة وهدم لها، وهذه مصيبة أعظم بمرات من مصيبة منع الكتاب؟!
سابعاً: من عجيب أمرك أنك تفرق بين التنازع والاختلاف فتجعل ما حصل تنازع وليس اختلاف ولذلك طردهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأجل التنازع والإّ فبالاختلاف لا يحق لرسول الله طرد الأشخاص على أساسه ومع ذلك لا تقبل من رسول الله أن يغير من قراره بكتابة الكتاب، فعملية التنازع قد حصلت بين الصحابة، لأن الطرد قد حصل فعلاً فهل من الصحيح الاستمرار بكتابة الكتاب حتى لو جرىالأمر إلى خروج بعض الصحابة عن الدين واتهام الرسول (صلى الله عليه وآله) بالهجر؟!
ثامناً: لقد سقط الأمر بعدم حصول شرط كتابة الكتاب وبوصفه بأنه يهجر الذي تطور إلى خلاف بينهم والسبب هو ليس اختلاف الصحابة فيما بينهم أولاً وبالذات بل حيلولة بعضهم من كتابة الكتاب ومن شروط إنكار المنكر هو التأثير على السامعين والاستجابة للنهي وأما مع عدم الاستجابة فيسقط النهي عن المنكر كما هو مقرر في محله في كتب الفقه فلا مورد أذن للنهي عن المنكر بالتصور الذي تريده وأن كان نفس طرد رسول الله (صلى الله عليه وآله) لهم كافٍ في البين وأما العقوبة المادية كالقتل مثلاً فهو مما لم يسع له وقت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد أن انتقل إلى ربه.
تاسعاً: لا يمكن الفصل بأن عملية الطرد هي للتنازع فقط دون عدم إحضارهم للدواة والكتف، لأن إمتناعهم لهم وقولهم أنه يهجرـ أعوذ بالله، أساس الحادثة فكانت من المنكر الذي هو أشد تأثيراً من الكلام واختيار الأسلوب الأشد وهو الطرد يدل على عدم نفع الكلام معهم، لأنه لا يجوز في النهي عن المنكر الانتقال من المرتبة الأضعف إلى المرتبة الأشد، إلا مع عدم نفع المرتبة الأشد وافتراضك أن الطرد كان للتنازع فقط دون الردع عن عدم إتيانهم بالدواة والكتف، تأويل للحديث حسب أهواءك ورغباتك.
عاشراً: ليس هناك ذنب للذين أرادوا كتابة الكتاب، وإنما الذنب ذنب الذين منعوا منه، وما كان من أولئك المطيعين لأمر رسول الله إلا أن صبروا على عدم كتابة الكتاب وبالتالي حصول الضلال للأمة وسينالون جزاءهم على صبرهم ذاك وسيتحمل من حال بين رسول الله وبين كتابة الكتاب الوزر كاملاً على إضلال الأمة.
الحادي عشر: بعد كل هذا هل ما تزال مصراً على أن الأمر شورى، وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخذ برأي من يقول له أنك تهجر!!.
الثاني عشر: كيف لا يكون جوابك تعصباً لمذهبك وأنت تنطلق من قناعاتك المسبقة وتريد تحميلها للنصوص، حتى لو أقتضى الأمر الإساءة إلى حبر الأمة وترجمان القرآن، وإذا أقتضى الأمر مخالفة قواعد اللغة العربية واعتبار دلالتها ناهية وليست نافية أو حتى لو اقتضى الأمر الإساءة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) بالقول بأنه يهجر والهدف هو الوصول إلى عدم الإساءة لعمر وتنزيهه والبقاء على حالته القدسية عندكم!!
الثالث عشر: ليس لأحد حق النقض الفيتو، ولكن الله أعطى للإنسان حق الاختيار، فِأن شاء أن يؤمن وأن شاء أن يعصي، ويكفر، وقد أختار هؤلاء الذين ردوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمره أن يعصوا ويكفروا فلا يجبرهم (صلى الله عليه وآله) على الإيمان وهذا مفاد آيات كثيرة في القرآن، فراجع.
الرابع عشر: لقد ورد النهي عن النبي من الصلاة عليه الصلاة البتراء وهي أن تصلي عليه دون أن تصلي على آله، وهذا يكشف عن عدم حبك لأهل بيته الأطهار.

السؤال: لماذا لم يبادر علي (عليه السلام) بتقديم الكتف والدواة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)

في رواية رزية الخميس نجد ان كثير من الصحابة وكثير من اقرباء النبي(صلى الله عليه و آله) وبالاخص الامام علي(عليه السلام) وعمه العباس كانوا في ذلك الموقف والسؤال لما لم يبادر الامام علي(عليه السلام) او العباس او احد الاصحاب كعمار بن ياسر او اباذر وغيرهم من تقريب الدواة والقلم الى رسول الله ؟ ولكم فائق الشكر
الجواب:

1- لا يعلم أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان موجوداً في هذه الحادثة...
2- ولو سلمنا بوجوده لا يمكن أن نتصور أن الإمام علي (عليه السلام) أو الصحابة النجباء يمكنهم أن يخالفوا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين أمر بإخراج كل من الغرفة وإعراضه عن طلبه الأول بجلب الكتف والدواة للكتابة.
فإن طلب الكتف والدواة في بادئ الأمر أعقبه نزاع بين فريقين: فريق يقول: أطلبوا الكتف والدواة ليكتب لكم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كتاباً لن تضلوا (بعده أبداً) وفريق آخر يمنع من ذلك ويرمي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالهجر, وهو الفريق الذي يتزعمه عمر في هذه الحادثة،وكان هذا الفريق يقول: القول ما قاله عمر.. وكان نتيجة هذا النزاع أن أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بإخراج الجميع من الغرفة وصرّح (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه لا ينبغي النزاع عند نبي... فبعد هذا لا يصح من أمير المؤمنين (عليه السلام) - لو سلمنا بوجوده - أن يخالف هذا الأمر النبوي الأخير.

يتبع

الشيخ عباس محمد
10-01-2018, 08:10 PM
السؤال: لـِمَ لم يرد علي (عليه السلام) على المعترضين

أورد بعض الكتاب أمثال الشيخ عثمان الخميس وسلمان الخراشي الشبهة التالية وهي: لماذا لم يتكلم الإمام علي حين رفض عمر كتابة الكتاب الذي لن يضلوا بعده أبدا (في رزية يوم الخميس), ووجه الاستشكال هنا:كيف سكت الإمام علي عن كتابة هذا الكتاب مع العلم أنه موصوف بالشجاع و اتباع أوامر النبي (صلى الله عليه وآله)؟
فما هو رد هذه الشبهة؟

الجواب:

لم يعلم أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان موجوداً في تلك الحادثة، فلم يشر أي خبر من الأخبار إلى وجوده (عليه السلام) فيها .
ولو سلّم وجوده فهو (عليه السلام) لا يتعدى فعل النبي (صلى الله عليه وآله) فحين قرر النبي (صلى الله عليه وآله) طرد المعترضين على كتابة الكتاب من حجرته أدرك علي (عليه السلام) - على فرض وجوده - إن كتابة الكتاب لا تنفع مع هؤلاء، وإنما أراد (صلى الله عليه وآله) إلقاء الحجة عليهم، لأن قولهم (هجر) كشف عن عدم إطاعتهم له (صلى الله عليه وآله) فبالأولى هم سوف لا يلتزمون بما سيكتبه لهم, وأما أنه لماذا لم يرد على عمر لو كان موجوداً فإن قوله تعالى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرفَعُوا أَصوَاتَكُم فَوقَ صَوتِ النَّبِيِّ )) (الحجرات:1) ينهاه عن ذلك وإن لم ينته غيره به.



السؤال: هل كان علي (عليه السلام) موجوداً فيها ؟
كم عاش النبي محمد (ص) بعد حادثه رزيه يوم الخميس؟
وهل كان الامام علي عليه السلام موجودا مع الحاضرين؟
هل ان الرسول بلغ رسالته؟
هل الدين اكتمل؟
ماهو الدليل على ان عمر هو القائل؟

الجواب:

إذا أخذنا بالروايات التي تقول ان النبي (صلى الله عليه وآله) توفي يوم الأثنين, فهذا معناه ان بينه (صلى الله عليه وآله) وبين رزية يوم الخميس ثلاثة أيام.
أما أنّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) هل كان موجوداً في هذه الحادثة أم لا, فالروايات لم تذكر هذا الأمر ولم تنفيه, ولا يمكن لنا الاستدلال على أحد الأمرين بدون دليل... ولكن على فرض وجوده (عليه السلام) فقد يأتي هذا السؤال: لماذا لم يقدّم (عليه السلام) الكتف والدواة لرسول الله (صلى الله عليه وآله), وايضاً لماذا لم يعترض على المانعين لرسول الله (صلى الله عليه وآله) من كتابة كتابته؟.
والجواب: أنّه على فرض وجوده (عليه السلام) فإنه لا يتجاوز قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفعله, فالإمام علي (عليه السلام) يعتقد كما نعتقد نحن الآن بأنّه (صلى الله عليه وآله) لا ينطق عن الهوى وأنه وحي يوحى سواء أكان ذلك في حالة المرض أم حالة الصحة, فلا فرق بين الحالتين وما يقوله رسول الله (صلى الله عليه وآله) يؤخذ به في كلا الحالتين, ومن هنا كان الدور والمواجهة هي مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) على فرض وجوده ينتظر قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفعله في هذا الجانب, وهو (عليه السلام) لا يمكن أن يتعداه في هذا الجانب في تصرف أو فعل.
وأما لماذا لم يقدّم (عليه السلام) - على فرض وجوده - الدواة والكتف ليكتب الكتاب, فقد ذكرت الروايات انه قال جماعة من الحضور: قدموا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) يكتب لكم الكتاب, فلعله(عليه السلام) كان موجوداً وهو أحد القائلين.. ولكن ظهور التخاصم بين الحاضرين ثم طلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) من المتخاصمين ان يخرجوا من عنده, فهذا الطلب قد سدّ كل محاولة امام تقديم الكتف والدواة له (صلى الله عليه وآله) ليكتب الكتاب, إذ انتفت فائدة كتابته وانتقض الغرض منه, فانه من المحتمل جداً أن تكون كتابة هذا الكتاب - لو أصر النبي (صلى الله عليه وآله) على كتابته - مبدأ لفتنة أكبر وأعظم قد تأتي على الإسلام كله, إذ التشكيك سوف يطال هذا الكتاب الصادر عنه (صلى الله عليه وآله) كما هو ظاهر النزاع والمخاصمة التي جرت في حضرته (صلى الله عليه وآله) والذي نقلته الروايات, وهذا قد يجر إلى التشكيك في معظم أقواله (صلى الله عليه وآله) الذي قد يؤدي لتشكيك بالرسالة من الأساس, وهذا منحى خطير اجتنب حصوله (صلى الله عليه وآله) بإخراجهم من غرفته وعدم كتابة الكتاب اما كون القائلين لكلمة (هجر) أو (الهجر) هو عمر بن الخطاب, فقد صرح بذلك ابن تيمية في كتابه (منهاج السنة) 6: 24, وسبط بن الجوزي في (تذكرة الخواص) : 62, والشهاب الخفاجي في (نسيم الرياض) 4: 278, والغزالي في (سر العالمين) 21, وابن الأثير في النهاية في غريب الحديث 52: 246.




السؤال: لماذا كتابة الكتاب؟

لديّ سؤال نسئل بکثرة من قبل اتباع الوهابيّة وهو:
ان کان قد نصب عليّّ بن أبي طالب صلوات الله عليه وآله في غدير خم وأيضا في مواضع أخري من فترة الوحي (کما تدّعون انتم الشّيعة)، فلماذا أراد النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) کتابة الکتاب وذکر اسم عليّ(عليه السلام) والأئمة من بعده (حسب زعم الشّيعة)، ألم يکون هذا تحصيل حاصل ومضارباً لما تدّعونه أيها الشّيعة؟
کان هذا سؤال هؤلاء. سادتي الکرام نحن نرد عليهم بما لدينا من العلم، ولکن ردّکم کرجال علم هو الرّد الکامل والوافي. کما نذکر لهم ردّ عمر على النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما قال: ((حسبنا کتاب الله))، هذا يعني کان يعلم بما سيکتب لذا عارض..
الجواب:

أولاًَ: لا ندري ما المانع من تكرار ذلك من قبل النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى يؤكده ويجذره، وليس التأكيد هنا فقط بل سبق حتى حادثة الغدير بل في بداية الدعوة التأكيد على كون علي(عليه السلام) وصياً ووزيراً.
ثانياً: إن ولاية أمير المؤمنين(عليه السلام) من الأمور التي تعتبر غاية في الأهمية فلا بأس أن يوليها الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) عناية زائدة.
ثالثاً: ويمكن الإجابة بأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يعلم أن القوم بعده سينكثون بيعتهم يوم الغدير وينقلبون على عهدهم فأراد أن يوثق ما قاله في الغدير لفظاً عند وفاته كتابة وذلك اثبت للحق وأبين له، ويمكن أعتبار ما حدث في الغدير حدثاً إلهياً جماهيرياً إسلامياً أعطى المسلمون بموجبه بيعتهم للإمام علي(عليه السلام), وإن ما حدث عند وفاة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) هو إرادة توثيق تلك البيعة وذكر ميثاقها تحريرياً فما التعارض بينهما وتحصيل الحاصل فيهما ؟!!.
رابعاً: ولعل الأمر كان من قبل النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) على سبيل المرحلية والتدرج, فلما رأى استجابتهم في غدير خم أراد إلحاقها بكتاب يؤيد ذلك ويؤكده.
خامساً: ثم الحادثتين مذكورتين في كتب السنة والشيعة وعليها إجماع المؤرخين إذا صح القول, ولكن الرغبة في رفض علي (عليه السلام) وتأكيد خلافة من سواه تجعل هؤلاء المتنطعين يرفضون بيعة الغدير أو يؤولونها مرة أو يرفضون رزية الخميس وكتابة الرسول واردته لذلك دفاعاً وتغليفاً لانقلاب الصحابة بقيادة من قال في ذلك اليوم أن النبي ليهجر مرة أخرى.
سادساً: وعلى مبنى الأخ السائل ونظرتيه في تحصيل الحاصل يلزم إسقاط آيات كثيرة جداً من القرآن لأنها تحصيل حاصل بإعتبار أحكامها وأمثالها مكررة في القرآن الكريم، وكذلك إسقاط كثير من روايات وأحاديث الرسول المصطفى الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنها أيضاً تحصيل حاصل ليس فيه طائل لأنها مكررة معادة, وهذا مما لا يقول به أحد البتة.




السؤال: ما ورد بشأنها في بعض كتبنا

1- هل روي حديث رزية الخميس من طريق أهل البيت عليهم السلام في مصادرنا أم هو في مصادر العامة فقط؟
2- وإذا كان لنا روايتنا الخاصة فهل الروايتان العامية وروايتنا متطابقة أم أن لدينا زيادة في البيان؟
الجواب:

نعم ورد ذلك في كتبنا ففي كتاب سليم بن قيس الذي وصل الينا بطريق معتبر وفيه تفصيل لاكثر مما موجود في كتب المخالفين وهو ان الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) كتب الكتاب باملاء علي (عليهم السلام) وبشهادة سلمان وأبي ذر والمقداد وكان مضمونه ان سمى الائمة الذين امر الله بطاعتهم الى يوم القيامة ففي كتاب سليم ص211 قال :
ما كتب في الكتف بإملاء رسول الله صلى الله عليه وآله يا طلحة، ألست قد شهدت رسول الله صلى الله عليه وآله حين دعا بالكتف ليكتب فيها ما لا تضل الأمة ولا تختلف، فقال صاحبك ما قال : (( إن نبي الله يهجر )) فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله ثم تركها ؟ قال : بلى، قد شهدت ذاك . قال : فإنكم لما خرجتم أخبرني بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وبالذي أراد أن يكتب فيها وأن يشهد عليها العامة . فأخبره جبرائيل : ((أن الله عز وجل قد علم من الأمة الاختلاف والفرقة))، ثم دعا بصحيفة فأملى علي ما أراد أن يكتب في الكتف وأشهد على ذلك ثلاثة رهط : سلمان وأبا ذر والمقداد، وسمى من يكون من أئمة الهدى الذين أمر الله بطاعتهم إلى يوم القيامة . فسماني أولهم ثم ابني هذا - وأدنى بيده إلى الحسن - ثم الحسين ثم تسعة من ولد ابني هذا - يعني الحسين -
وفي موضع اخرمن الكتاب ص224 نقل الواقعة عن ابن عباس فقال ابن عباس يحكي قضية الكتف
أبان بن أبي عياش عن سليم قال : إني كنت عند عبد الله بن عباس في بيته وعنده رهط من الشيعة . قال : فذكروا رسول الله صلى الله عليه وآله وموته، فبكى ابن عباس، وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الاثنين - وهو اليوم الذي قبض فيه - وحوله أهل بيته وثلاثون رجلا من أصحابه : ايتوني بكتف أكتب لكم فيه كتابا لن تضلوا بعدي ولن تختلفوا بعدي . فمنعهم فرعون هذه الأمة فقال : (( إن رسول الله يهجر )) فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وقال : (إني أراكم تخالفوني وأنا حي، فكيف بعد موتي) ؟ فترك الكتف .
قال سليم : ثم أقبل علي ابن عباس فقال : يا سليم، لولا ما قال ذلك الرجل لكتب لنا كتابا لا يضل أحد ولا يختلف . فقال رجل من القوم : ومن ذلك الرجل ؟ فقال : ليس إلى ذلك سبيل . فخلوت بابن عباس بعد ما قام القوم، فقال : هو عمر . فقلت : صدقت، قد سمعت عليا عليه السلام وسلمان وأبا ذر والمقداد يقولون : (إنه عمر) . فقال : يا سليم، اكتم إلا ممن تثق بهم من إخوانك، فإن قلوب هذه الأمة أشربت حب هذين الرجلين كما أشربت قلوب بني إسرائيل حب العجل والسامري .





السؤال: تبليغ النبي (صلى الله عليه و آله) للإمامة كان في بدايات الدعوة
سؤالي هو عن رزية يوم الخميس.. القصّة تشير أنّ الكتاب الذي كان سيكتبه الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يتوقّف عليه ضلال أُمّة وهداها, فكيف تركه الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) خوفاً من الفتنة، علماً بأنّه من التبليغ الذي بلّغه الله له: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى)(النجم (53): 3)؟
فكيف يكون للرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن يعطّل تبليغ أمر الله عزّ وجلّ؟
وإن كان يتوقّف على ضلال أُمّة وهداها، فهو من واجبات الدين، فكيف أنّ الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يبلّغه قبل نزول الآية: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)( المائدة (5): 3)، وكان الدين وقت الرزية قد اكتمل؟

الجواب:

الرسول الأعظم(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بلّغ للإمامة والإمام من بعده من يوم الدار, حيث تشير إليه آية الإنذار: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ...)( الشعراء (26): 214), وهو كان في بدايات الدعوة, وتفاصيل القضية ذكر في حديث الدار الذي رواه الموالف والمخالف. وكذلك حديث الثقلين قاله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) في عدّة مواطن, وآخرها في مرضه. فالحجّة تامّة, بآيات, وروايات مستفيضة, والوصية إنّما كانت للتأكيد والتصريح أكثر.
ولمّا قال عمر مقولته التي هدّت ركناً من أركان الدين, وهي: ((إنّ الرجل ليهجر)), فلو كان النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) كتب الكتاب لقالوا: كتبه في حين الهجر, ولأثبتوا الهجر إلى الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقيناً, وانتقصوا من مقامه الرفيع, وبذلك ربّما انتقصوا مقام النبوّة, وشكّكوا في الوحي, ممّا سيجرّهم إلى إنكار الدين والنبوّة. فاكتفى الحبيب المصطفى(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بما قاله وكرّره قبل كتابة الوصية, الذي تمت به الحجّة.