عصر الشيعة
23-07-2018, 09:48 AM
اللهم صلي على محمد وال محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
روي الشيخ الصدوق بسند متّصل عن عبد الله بن يونس، عن الامام جعفر الصادق علیه السلام أ نّه قال:
بَيْنَا أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ يَخْطُبُ عَلَی مِنْبَرِ الكُوفَةِ، إذْ قَامَ إلیهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: ذِعْلَبٌ، ذَرِبُ اللِسَانِ بَلِيغٌ فِي الخِطَابِ شُجَاعُ القَلْبِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ ؟!
فَقَالَ: وَيْلَكَ يَا ذِعْلَبُ! مَا كُنْتُ أَعْبُدُ رَبَّاً لَمْ أَرَهُ!
قَالَ: يَا أَميِرَ المُؤْمِنِينَ! كَيْفَ رَأَيْتَهُ ؟!
قَالَ: وَيْلَكَ يَا ذِعْلَبُ! لَمْ تَرَهُ العُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ الاَبْصَارِ، وَلَكِنْ رَأَتْهُ القُلُوبُ بِحَقَائِقِ الايمَانِ.
وَيْلَكَ يَا ذِعْلِبُ! إنَّ رَبِّي لَطِيفُ اللَطَافَةِ فَلاَ يُوصَفُ بِاللُطْفِ، عَظِيمُ العَظَمَةِ لاَ يُوصَفُ بِالعِظَمِ، كَبِيرُ الكِبْرِيَاءِ لاَ يُوصَفُ بِالكِبَرِ، جَلِيلُ الجَلاَلَةِ لاَ يُوصَفُ بِالغِلَظِ.
قَبْلَ كُلِّ شَيءٍ فَلاَ يُقَالُ: شَيءٌ قَبْلَهُ ؛ وَبَعْدَ كُلِّ شَيءٍ فَلاَ يُقَالُ: شَيءٌ بَعْدَهُ. شَائِي الاَشْيَاءِ لاَ بِهِمَّةٍ، دَرَّاكٌ لاَ بِخَدِيعَةٍ. هُوَ فِي الاَشْيَاءِ كُلِّهَا غَيْرُ مُتَمَازِجٍ بِهَا وَلاَ بَائِنٍ عَنْهَا. ظَاهِرٌ لاَ بِتَأْوِيلِ المُبَاشَرَةِ، مُتَجَلٍّ لاَ بِاسْتِهْلاَلِ رُؤْيَةٍ، بَائِنٌ لاَ بِمَسَافَةٍ، قَرِيبٌ لاَ بِمُدَانَاةٍ، لَطِيفٌ لاَ بِتَجَسُّمٍ، مَوْجُودٌ لاَ بَعْدَ عَدَمٍ، فَاعِلٌ لاَ بِاضْطِرَارٍ، مُقَدِّرٌ لاَ بِحَرَكَةٍ، مُرِيدٌ لاَ بِهَمَامَةٍ، سَمِيعٌ لاَ بِآلَةٍ، بَصِيرٌ لاَ بِأَدَاةٍ.
لاَ تَحْوِيهِ الاَمَاكِنُ، وَلاَ تَصْـحَبُهُ الاَوْقَاتُ، وَلاَ تَحُـدُّهُ الصِّـفَاتُ، وَلاَ تَأْخُذُهُ السِّنَاتُ. سَبَقَ الاَوْقَاتَ كَوْنُهُ، وَالعَدَمَ وُجُودُهُ، وَالاِبْتِدَاءَ أَزَلُهُ.
بِتَشْعِيرِهِ المَشَاعِرَ عُرِفَ أَنْ لاَ مَشْعَرَ لَهُ، وَبِتَجْهِيرِهِ الجَوَاهِرَ عُرِفَ أَنْ لاَ جَوْهَرَ لَهُ، وَبِمُضَادَّتِهِ بَيْنَ الاَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لاَ ضِدَّ لَهُ، وَبِمُقَارَنَتِهِ بَيْنَ الاَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لاَ قَرِينَ لَهُ.
ضَادَّ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ، وَالجَسْوَ بِالبَلَلِ، وَالصَّرْدَ بِالحَرُورِ.
مُؤَلِّفٌ بَيْنَ مُتَعَادِيَاتِهَا، مُفَرِّقٌ بَيْنَ مُتَدَانِيَاتِهَا، دَالَّةً بِتَفْرِيقِهَا عَلَی مُفَرِّقِهَا، وَبِتَأْلِيفِهَا عَلَی مُؤَلِّفِهَا ؛ وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: «وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ». [7]
فَفَرَّقَ بِهَا بَيْنَ قَبْلٍ وَبَعْدٍ ؛ لِيُعْلَمَ أَنْ لاَ قَبْلَ لَهُ وَلاَ بَعْدَ، شَاهِدَةً بِغَرَائِزِهَا عَلَی أَنْ لاَ غَرِيزَةَ لِمُغَرِّزِهَا، مُخْبِرَةً بِتَوْقِيتِهَا أَنْ لاَ وَقْتَ لِمُوَقِّتِهَا.
حَجَبَ بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ ؛ لِيُعْلَمَ أَنْ لاَ حِجَابَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ غَيْرُ خَلْقِهِ.
كَانَ رَبَّاً إذْ لاَ مَرْبُوبٌ، وَإلَهاً إذْ لاَ مَأْلُوهٌ، وَعَالِماً إذْ لاَ مَعْلُومٌ، وَسَمِيعاً إذْ لاَ مَسْمُوعٌ.
ثُّمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
وَلَمْ يَـزَلْ سَـيِّدِي بِالحَـمْـدِ مَـعْـرُوفَا وَلَمْ يَـزَلْ سَـيِّدِي بِالجُـودِ مَـوْصُـوفَا
وَكُنْتَ إذْ لَـيْـسَ نُـورٌ يُـسْـتَضَـاءُ بِهِ وَلاَظَـلاَمٌعَـلَـي الآفَــاقِ مَـعْـكُـوفَا
وَرَبُّـنَـا بِـخِــلاَفِ الـخَـلْـقِ كُـلِّـهِـمِ وَكُلِّ مَا كَـانَ فِـي الاَوْهَـامِ مَـوْصُـوفَا
فَـمَـنْ يُـرِدْهُ عَلَی التَّـشْـبِيـهِ مُمْتَـثِـلاً يَرْجِـعْ أَخَـا حَصَـرٍ بِالعَـجْـزِ مَكْتُـوفَا
وَفِي المَـعَـارِجِ يَلْقَـي مَـوْجُ قُـدْرَتِـهِ مَوْجاً يُعَارِضُ طَـرْفَ الرُّوحِ مَكْفُـوفَا
فَاتْـرُكْ أَخَا جَـدَلٍ فِي الدِّيـنِ مُنْعَمِقـاً قَدْ بَاشَـرَ الشَّـكُّ فِـيـهِ الرَّأْيَ مَـأْوُوفَا
وَاصْـحَـبْ أَخَـا ثِقَـةٍ حُـبَّـاً لِـسَـيِّـدِهِ وَبِالـكَـرَامَـاتِ مِـنْ مَـوْلاَهُ مَـحْـفُـوفَا
أَمْسَي دَلِيلَ الهُدَيَ فِي الاَرْضِ مُنْتَشِراً وَفِي السَّـمَـاءِ جَمِيلَ الحَـالِ مَعْـرُوفَا
قَالَ: فَخَرَّ ذِعْلَبٌ مَغْشِيَّاً عَلَیْهِ ثُمَّ أَفَاقَ، وَقَالَ: مَا سَمِعْتُ بِهَذَا الكَلاَمِ، وَلاَ أَعُودُ إلی شَيءٍ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الكِتَابِ: فِي هَذَا الخَبَرِ أَلفَاظٌ قَدْ ذَكَرَها الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلاَمُ فِي خُطْبَتِهِ، وَهَذَا تَصْدِيقُ قَوْلِنَا فِي الاَئِمَّةِ عَلَیْهِمُ السَّلاَمُ: إنَّ عِلْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَأْخُوذٌ عَنْ أَبِيهِ حَتَّي يَتَّصِلَ ذَلِكَ بِالنَّبِيِّ صَلَّي اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
نعم، فمضافاً إلي أنّ هذه الحديث المبارك يدلّ علی أنّ رؤية الله بعين القلب أمر ممكن بل ولازم، فإنّه كذلك
بسم الله الرحمن الرحيم
روي الشيخ الصدوق بسند متّصل عن عبد الله بن يونس، عن الامام جعفر الصادق علیه السلام أ نّه قال:
بَيْنَا أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ يَخْطُبُ عَلَی مِنْبَرِ الكُوفَةِ، إذْ قَامَ إلیهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: ذِعْلَبٌ، ذَرِبُ اللِسَانِ بَلِيغٌ فِي الخِطَابِ شُجَاعُ القَلْبِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ ؟!
فَقَالَ: وَيْلَكَ يَا ذِعْلَبُ! مَا كُنْتُ أَعْبُدُ رَبَّاً لَمْ أَرَهُ!
قَالَ: يَا أَميِرَ المُؤْمِنِينَ! كَيْفَ رَأَيْتَهُ ؟!
قَالَ: وَيْلَكَ يَا ذِعْلَبُ! لَمْ تَرَهُ العُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ الاَبْصَارِ، وَلَكِنْ رَأَتْهُ القُلُوبُ بِحَقَائِقِ الايمَانِ.
وَيْلَكَ يَا ذِعْلِبُ! إنَّ رَبِّي لَطِيفُ اللَطَافَةِ فَلاَ يُوصَفُ بِاللُطْفِ، عَظِيمُ العَظَمَةِ لاَ يُوصَفُ بِالعِظَمِ، كَبِيرُ الكِبْرِيَاءِ لاَ يُوصَفُ بِالكِبَرِ، جَلِيلُ الجَلاَلَةِ لاَ يُوصَفُ بِالغِلَظِ.
قَبْلَ كُلِّ شَيءٍ فَلاَ يُقَالُ: شَيءٌ قَبْلَهُ ؛ وَبَعْدَ كُلِّ شَيءٍ فَلاَ يُقَالُ: شَيءٌ بَعْدَهُ. شَائِي الاَشْيَاءِ لاَ بِهِمَّةٍ، دَرَّاكٌ لاَ بِخَدِيعَةٍ. هُوَ فِي الاَشْيَاءِ كُلِّهَا غَيْرُ مُتَمَازِجٍ بِهَا وَلاَ بَائِنٍ عَنْهَا. ظَاهِرٌ لاَ بِتَأْوِيلِ المُبَاشَرَةِ، مُتَجَلٍّ لاَ بِاسْتِهْلاَلِ رُؤْيَةٍ، بَائِنٌ لاَ بِمَسَافَةٍ، قَرِيبٌ لاَ بِمُدَانَاةٍ، لَطِيفٌ لاَ بِتَجَسُّمٍ، مَوْجُودٌ لاَ بَعْدَ عَدَمٍ، فَاعِلٌ لاَ بِاضْطِرَارٍ، مُقَدِّرٌ لاَ بِحَرَكَةٍ، مُرِيدٌ لاَ بِهَمَامَةٍ، سَمِيعٌ لاَ بِآلَةٍ، بَصِيرٌ لاَ بِأَدَاةٍ.
لاَ تَحْوِيهِ الاَمَاكِنُ، وَلاَ تَصْـحَبُهُ الاَوْقَاتُ، وَلاَ تَحُـدُّهُ الصِّـفَاتُ، وَلاَ تَأْخُذُهُ السِّنَاتُ. سَبَقَ الاَوْقَاتَ كَوْنُهُ، وَالعَدَمَ وُجُودُهُ، وَالاِبْتِدَاءَ أَزَلُهُ.
بِتَشْعِيرِهِ المَشَاعِرَ عُرِفَ أَنْ لاَ مَشْعَرَ لَهُ، وَبِتَجْهِيرِهِ الجَوَاهِرَ عُرِفَ أَنْ لاَ جَوْهَرَ لَهُ، وَبِمُضَادَّتِهِ بَيْنَ الاَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لاَ ضِدَّ لَهُ، وَبِمُقَارَنَتِهِ بَيْنَ الاَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لاَ قَرِينَ لَهُ.
ضَادَّ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ، وَالجَسْوَ بِالبَلَلِ، وَالصَّرْدَ بِالحَرُورِ.
مُؤَلِّفٌ بَيْنَ مُتَعَادِيَاتِهَا، مُفَرِّقٌ بَيْنَ مُتَدَانِيَاتِهَا، دَالَّةً بِتَفْرِيقِهَا عَلَی مُفَرِّقِهَا، وَبِتَأْلِيفِهَا عَلَی مُؤَلِّفِهَا ؛ وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: «وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ». [7]
فَفَرَّقَ بِهَا بَيْنَ قَبْلٍ وَبَعْدٍ ؛ لِيُعْلَمَ أَنْ لاَ قَبْلَ لَهُ وَلاَ بَعْدَ، شَاهِدَةً بِغَرَائِزِهَا عَلَی أَنْ لاَ غَرِيزَةَ لِمُغَرِّزِهَا، مُخْبِرَةً بِتَوْقِيتِهَا أَنْ لاَ وَقْتَ لِمُوَقِّتِهَا.
حَجَبَ بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ ؛ لِيُعْلَمَ أَنْ لاَ حِجَابَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ غَيْرُ خَلْقِهِ.
كَانَ رَبَّاً إذْ لاَ مَرْبُوبٌ، وَإلَهاً إذْ لاَ مَأْلُوهٌ، وَعَالِماً إذْ لاَ مَعْلُومٌ، وَسَمِيعاً إذْ لاَ مَسْمُوعٌ.
ثُّمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
وَلَمْ يَـزَلْ سَـيِّدِي بِالحَـمْـدِ مَـعْـرُوفَا وَلَمْ يَـزَلْ سَـيِّدِي بِالجُـودِ مَـوْصُـوفَا
وَكُنْتَ إذْ لَـيْـسَ نُـورٌ يُـسْـتَضَـاءُ بِهِ وَلاَظَـلاَمٌعَـلَـي الآفَــاقِ مَـعْـكُـوفَا
وَرَبُّـنَـا بِـخِــلاَفِ الـخَـلْـقِ كُـلِّـهِـمِ وَكُلِّ مَا كَـانَ فِـي الاَوْهَـامِ مَـوْصُـوفَا
فَـمَـنْ يُـرِدْهُ عَلَی التَّـشْـبِيـهِ مُمْتَـثِـلاً يَرْجِـعْ أَخَـا حَصَـرٍ بِالعَـجْـزِ مَكْتُـوفَا
وَفِي المَـعَـارِجِ يَلْقَـي مَـوْجُ قُـدْرَتِـهِ مَوْجاً يُعَارِضُ طَـرْفَ الرُّوحِ مَكْفُـوفَا
فَاتْـرُكْ أَخَا جَـدَلٍ فِي الدِّيـنِ مُنْعَمِقـاً قَدْ بَاشَـرَ الشَّـكُّ فِـيـهِ الرَّأْيَ مَـأْوُوفَا
وَاصْـحَـبْ أَخَـا ثِقَـةٍ حُـبَّـاً لِـسَـيِّـدِهِ وَبِالـكَـرَامَـاتِ مِـنْ مَـوْلاَهُ مَـحْـفُـوفَا
أَمْسَي دَلِيلَ الهُدَيَ فِي الاَرْضِ مُنْتَشِراً وَفِي السَّـمَـاءِ جَمِيلَ الحَـالِ مَعْـرُوفَا
قَالَ: فَخَرَّ ذِعْلَبٌ مَغْشِيَّاً عَلَیْهِ ثُمَّ أَفَاقَ، وَقَالَ: مَا سَمِعْتُ بِهَذَا الكَلاَمِ، وَلاَ أَعُودُ إلی شَيءٍ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الكِتَابِ: فِي هَذَا الخَبَرِ أَلفَاظٌ قَدْ ذَكَرَها الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلاَمُ فِي خُطْبَتِهِ، وَهَذَا تَصْدِيقُ قَوْلِنَا فِي الاَئِمَّةِ عَلَیْهِمُ السَّلاَمُ: إنَّ عِلْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَأْخُوذٌ عَنْ أَبِيهِ حَتَّي يَتَّصِلَ ذَلِكَ بِالنَّبِيِّ صَلَّي اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
نعم، فمضافاً إلي أنّ هذه الحديث المبارك يدلّ علی أنّ رؤية الله بعين القلب أمر ممكن بل ولازم، فإنّه كذلك