المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فضائل (أمير المؤمنين عليه السلام)


qaseem717
07-12-2007, 01:46 PM
[فضائل أمير المؤمنين عليه السلام]
فاما فضائله (عليه السلام) : فهي كما قال ابن ابي الحديد قد بلغت من العظم والجلال والانتشار والاشتهار، مبلغاً يسمج(2) معه التعرض لذكرها، والتصدي لتفصيلها، فصارت كما قال ابو العيناء لعبيد اللّه بن يحيى بن خاقان وزير المتوكل والمعتمد، وانني فيما اتعاطى من وصف فضلك كالمخبر عن ضوء النهار الباهر والقمر الزاهر الذي لا يخفى على الناظر. فايقنت اني حيث انتهى بي القول منسوب الى العجز، مقصر عن الغاية. فانصرفت عن النثاء عليك الى الدعاء لك، وكانت الاخبار عنك الى علم الناس بك، وما أقول في رجل اقر له اعداؤه وخصومه بالفضل، ولم يمكنهم جحد مناقبه ولا كتمان فضائله، فقد علمت انه استولى بنو امية على سلطان الإِسلام في شرق الأرض وغربها، واجتهدوا بكل حيلة في اطفاء نوره والتحريف عليه ووضع المعائب والمثالب له، ولعنوه على جميع المنابر، وتوعدوا مادحيه بل حبسوهم وقتلوهم، ومنعوا من رواية حديث يتضمن له
______________
(2) أي يقبح.
فضيلة، او يرفع له ذكراً حتى حظروا ان يسمى احد باسمه، فما زاده ذلك الا رفعة وسمّواً، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه(1)، وكلما كتم تضوع نشره، وكالشمس لا تستر بالراح(2)، وكضوء النهار ان حجبت عنه عيناً واحدة ادركته عيون كثيرة، وما اقول في رجل تُعْزى(3) اليه كل فضيلة، وتنتهي اليه كل فرقة، وتتجاذبه كل طائفة، فهو رئيس الفضائل وينبوعها، وابو عذرها(4) وسابق مضمارها(5)، ومجلّي(6) حلبتها، كل من بزغ(7) فيها بعده، فمنه اخذ، وله اقتفى، وعلى مثاله احتذى(8)، الى آخر ما قال في ذلك.
وقال صاحب مدينة المعاجز(9): واما ما جاء في فضل عليّ امير المؤمنين (عليه السلام)، فاحاديثه لا تحصى، وآثاره لا تستقصى، فمن طريق المخالفين ما ذكر صاحب ثاقب المناقب، عن محمد بن عمر الواقدي قال: كان هارون الرشيد يقعد للعلماء في يوم عرَّفه(10)، فقعد ذات يوم وحضره الشافعي وكان هاشمياً يقعد الى جنبه وحضر محمد بن(11) الحسين وابو يوسف(12) فقعدا بين يديه، وغص(13) المجلس بأهله، فيهم سبعون رجلاً من اهل العلم، كل منهم يصلح ان يكون امام صقع(14) من الاصقاع،
_________________________
(1) أي رائحته الطيبة.
(2) جمع راحة وهي باطن اليد.
(3) أي انتسب.
(4) أي اول من اقتضبها.
(5) المضمار: غاية الفرس في السباق، او الفتحة الواسعة لسباق الخيل.
(6) بالتشديد (كالمعلم) أي الفرس السابق. والجلة هي الخيل تجمع للسباق.
(7) أي طلع.
(8) أي اقتدى.
(9) هو المحدث البحراني صاحب تفسير البرهان.
(10) أي سماه لهم.
(11) هو محمد بن الحسن الشيباني راجع ترجمته من وفيات الاعيان.
(12) يعقوب بن ابراهيم الكوفي تلميذ ابي حنيفة راجع ترجمته ص 180 ج 1 من الكنى والالقاب.
(13) أي امتلأ وضاق.
(14) الصقع: الناحية.
59
قال الواقدي: فدخلت في آخر الناس، فقال الرشيد لم تأخرت، فقلت: ما كان لاضاعة حق، ولكني شغلت بشغل عاقني، قال: فقربني حتى اجلسني بين يديه، وقد خاض الناس في كل فن من العلم، فقال الرشيد للشافعي: يا ابن عمّي كم تروي في فضائل علي بن ابي طالب، فقال: اربعمئة حديث واكثر فقال له: قل ولا تخف، قال: تبلغ خمسمئة وتزيد ثم قال لمحمد بن الحسن: كم تروي يا كوفي من فضائله، قال: الف حديث او اكثر فاقبل على ابي يوسف، فقال: كم تروي انت يا كوفي من فضائله اخبرني ولا تخشَ، قال: يا امير المؤمنين لولا الخوف لكانت روايتنا في فضائله اكثر من ان تحصى، قال: مم تخاف؟ قال: منك ومن عمالك واصحابك، قال: انت آمن، فتكلم واخبرني كم فضيلة تروى فيه، قال: خمسة عشر الف خبر مسند وخمسة عشر الف حديث مرسل، قال الواقدي فاقبل عليَّ، فقال: ما تعرف في ذلك؟ فقلت مثل مقالة ابي يوسف. قال الرشيد: لكني اعرف له فضيلة رأيتها بعيني وسمعتها باذني، اجلّ من كل فضيلة تروونها انتم الى آخر ما ذكره من الفضيلة.
وروى الصدوق عن الطبري عن الحسن بن محمد عن الحسن بن يحيى الدهان قال: كنت ببغداد عند قاضي بغداد، واسمه سماعة، اذ دخل عليه رجل من كبار اهل بغداد، فقال له: اصلح اللّه القاضي، اني حججت في السنين الماضية فمررت بالكوفة فدخلت في مرجعي الى مسجدها، فبينا انا واقف في المسجد اريد الصلاة اذا امامي امرأة اعرابية بدوية مرخية الذوائب، عليها شملة وهي تنادي وتقول: يا مشهوراً في السماوات، يا مشهوراً في الأرضيين، يا مشهوراً في الآخرة، يا مشهوراً في الدنيا، جهدت الجبابرة والملوك على اطفاء نورك، واخماد ذكرك، فابى اللّه لذكرك الا علواً ولنورك الا ضياءً وتماماً ولو كره المشركون، قال: فقلت: يا امة اللّه ومن هذا الذي تصفينه بهذه الصفة قالت: ذاك امير المومنين، قال فقلت لها: أي امير المؤمنين هو، قالت عليّ بن أبي طالب الذي لا يجوز التوحيد الا به وبولايته. قال فالتفت اليها فلم أر أحداً.
60
وحكى عن الشافعي، انه قيل له ما تقول في عليّ (عليه السلام) قال: ما تقول في حقّ من أخفى اولياؤه فضائله خوفاً، وأخفى أعداؤه فضائله حسداً، وشاع من بين ذين ما ملأ الخافقين.
ولقد اجاد مادح اهل البيت الشيخ الازري (قدس سره) في قوله:
لا فتى في الجود الا علي*** ذاك شخص بمثله اللّه باها
لا ترم وصفه ففيه معانٍ*** لم يصفها الا الذي سوّاها
ما حوى الخافقان انس وجن*** قَصَبَات السبق الّتي قد حواها
انما المصطفى مَدينةُ علم*** وهو البابُ من اتاه أتاها
وهما مقلتا العوالم يسرا*** ها عليّ واحمد يمناها
هل أتى هل أتى بمدح سواه*** لا ومولى بذكره حلاها
فتأمل بعمَّ(1) تُنْبئك عنه*** نبأً كل فرقة أعياها
وبمعنى أحبّ(2) خلقك فانظر*** تجد الشمس قد أزاحت دجاها
وتفكر بانت منِّي(3) تجدها*** حكمة تورث الرقود(4) انتباها
او ما كان بعد موسى اخوه*** خير اصحابه واعظم جاهَا
ليس(5) تخلو إلا النبوة منه*** ولهذا خير الورى استثناها
وهي في آية(6) التباهل نفس*** المصطفى ليس غيره اياها
ثم سل انما وليكم اللّه*** ترى الاعتبار في معناها
آية خصّت الولاية للّه*** وللطهر حيدراً بعد طه
_________________________________
(1) أي بسورة عم وهي سوة النبأ.
(2) اشارة الى حديث الطير المشوي حيث قال (صلى اللّه عليه وآله وسلم) اللهم ائتني باحب خلقك اليك يأكل معي.
(3) اشارة الى حديث المنزلة حيث قال (صلى اللّه عليه وآله وسلم) انت مني بمنزلة هارون من موسى.
(4) الرقود جمع راقد.
(5) يعني انه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) استثنى من تنزيله في ذاك الحديث النبوة والاستثناء دليل تعميم المماثلة.
(6) اية المباهلة هي قوله تعالى قل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم الخ.
61
لك في مرتقى العلى والمعالي*** درجات لا يرتقى أدناها
يا اخا المصطفى لدي ذنوب*** هي عين القذى(1) وانت جلاها
كيف تخشى العصاة بلوى المعاصي*** وبك اللّه منقذ مبتلاها
وقال سبط بن الجوزي في التذكرة سمعت جدي ينشد في مجالس وعظه ببغداد (سنة 592هجري) بيتين ذكرهما في كتاب تبصرة المبتدي وهما:
اهوى علياً وإيماني محبتُه*** كم مشرك دمُه من سيفه وكفا
ان كنت ويحك لم تسمع فضائله*** فاسمع مناقبه من هل أتى وكفى(وقال غيره)
بآل محمد عُرِفَ الصَّوابُ*** وفي ابياتهم نزلَ الكتابُ
وهم حججُ الإِله على البرايا*** بهم وبجدّهم لا يسترابُ
ولا سيما ابو حسن عليّ*** له في الحرب مرتبة تهابُ
طعامُ سيوفه مهجُ(2) الاعادي*** وفيضُ دمِ الرقاب لهُ شرابُ
وضرْبَتُهُ كبيعتِهِ بخمّ*** معاقدهُا من القومِ الرِّقابُ
عليُّ الدرّ والذهب المصفَّى*** وباقي الناس كلهمُ ترابُ
هو البكّاء في المحراب ليلاً*** هو الضحاك اذا اشتد الضّراب
هو النبأ العظيم وفلك(3) نوح*** وباب اللّه وانقطع الخطاب
____________________________
(1) القذى ما سقط على العين.
(2) جمع مهجة وهي الدم.
(3) اشارة الى الحديث الوارد عن النبي (صلى اللّه عليه وآله وسلم) حيث قال فيه مثل اهل بيتي كمثل سفينة نوح

تحياتي qaseem717