المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رؤية الله عز وجل / اسئلة واجوبة


الشيخ عباس محمد
31-03-2019, 11:07 PM
رؤية الله عز وجل / اسئلة واجوبة

السؤال: رأي الشيعة في رؤية الله عز وجل
ما هو رأي الشيعة الإماميّة حول مسألة رؤية الله عزوجل؟
الجواب:

يعتقد أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام تبعا ً للرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) والأئمّة الأطهار بأنّ رؤية الله عزوجل سواءً في الدنيا أو الآخرة وبالعين المجرّدة تعدّ من الأمور المستحيلة, لأنّ الله عزوجل أجل وأكبر من أن يكون كالأجسام المادية مثل الشمس والقمر التي تدرك بالإنعكاسات الضوئية.
واليك بعض الأدلة العقلية والقرآنية والحديثية في هذه المسألة:
الأدلة العقلية:
1- تتحقّق رؤية الشيء بالعين وانعكاس الضوء إذا كان الشيء المرئي والمشاهد في جهة معينة وأن تكون بين الرائي والمرئي مسافة معينة تفصل بينهما بحيث لو زادت أو نقصت تلك المسافة لخرجت الرؤية عن حيّز الإمكان, والشرط الآخر أن يكون المرئي في مقابل الرائي ومحاذاته وبالالتفات إلى هذه الشروط والنقاط فرؤية الله تكون محالة, وذلك لأنه لا يتحقّق أيّ واحد من هذه الشروط بالنسبة إلى الله, لأنه تعالى لم يكن له جهة معيّنة, أو مكان معيّن ليستقرّ فيه, ولم يتصوّر أن تكون بينه تعالى وبين البشر أية محاذاة وفاصلة ومسافة, لأن هذه المسافة والفاصلة تستلزم أن يكون الله عزوجل جسما ً مادّيا ً ومتحيّزا ً ومتعلقا ً بالمكان, وهذان الأمران من المستحيلات بالنسبة إلى ذاته عزوجل.
2- رؤية الله عزوجل بواسطة العين الباصرة لا تخلوا من جهتين: إمّا أن تحيط الرؤية بجميع ذاته تعالى فإنّ هذه الإحاطة تستلزم تحديد وجود الله وحصره في مكان معيّن وخلوّ سائر النقاط منه, لأنّ عين الإنسان محدودة القدرة ولا تستطيع الإحاطة بجميع الجهات. وإمّا أن تكون رؤيتنا إيّاه تعالى تتعلّق بجزء من ذاته, وإنّها تدرك قسما ً من ذاته تعالى, فهذه تستلزم القول بالتجزئة والتركيب في ذاته, وكل ذلك محال بالنسبة إلى الله, لأنّه تعالى شأنه ليس محدودا ً بحدّ ولا متحيّزا ً في مكان, وليس له أجزاء ومركّبات حتى يكون في مكان دون مكان.
الأدلّة القرآنيّة
1- في سورة الأنعام: (( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير )) (الأنعام:102) قال الطبرسي: الإدراك متى قرن بالبصر لم يفهم منه إلّا الرؤية.
وعليه إذا قال أحد: أدركته ببصري وما رأيته متضادّ, لأنّ الإدراك لا يكون بالعين. (مجمع البيان, 4, 344).
2- في سورة البقرة: (( وإذا قال موسى لقومه يا قوم إنّكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنّه هو التوّاب الرحيم وإذا قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون )) (البقرة:54- 55).
هاتان الآيتان المتعاقبتان والمتتاليتان فيهما الدلالة التامة على استحالة رؤية الله عزوجل, لأنّ الآية الأولى صريحة في عذاب الذين عبدوا العجل فألزمهم الله بالتوبة وقيّدها بقتل النفس - الإنتحار- كفارة البلاء السماوي عليهم. وترشدنا الآيتان معا ً بكل وضوح وبيان إلى حقيقة وهي: أنّ طلب رؤية الله يعتبر من الذنوب الكبيرة ويوجب نزول العذاب السماوي كما أنّ عبادة العجل كفر وارتداد وموجبة للعذاب.
والجدير بالذكر أنّ في كل الآيات التي أشير فيها إلى سؤال بني إسرائيل رؤية الله وطلبهم المستحيلات جاء ذكر العذاب والعقاب عقيب السؤال بتعابير بلاغية وجمل مختلفة, وما ذالك إلّا لكون هذا السؤال ذنبا كبيرا ً وجريمة عظيمة.
قال تعالى: (( يسألك أهل الكتاب أن تنزّل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم )) (النساء:153).
وقال تعالى: (( وقال الذين لا يرجون لقائنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربّنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوّا ً كبيراً )) (الفرقان:21).
وعلى هذا الأساس فلو كانت رؤية الله ممكنة - كما يعتقد أهل السنة القائلون بإمكانها ويدعون بأن رؤية الله تعالى والنظر إليه في القيامة هي من أعظم ما ينعم الله على عباده في الجنة, وأكبر ما يعطونه من الفضل واللطف الإلهي في القيامة - لما كان السؤال بتحققها وإيقاعها استكبارا ً وعتوّا ً وتمرّداً عن أمر الله.
وفي القرآن آيات عديدة أخرى تنفي الرؤية نفيا ً قطيعا ً, ولكن اكتفينا بذكر هاتين الآيتين.
الأدلّة الحديثيّة:
1- من كلام له (عليه السلام) وقد سأله ذعلب اليماني فقال: هل رأيت ربّك يا أمير المؤمنين؟ فقال (عليه السلام): أفأعبد ما لا أرى؟ ! قال: وكيف تراه؟ قال (عليه السلام): لا تدركه العيون بمشاهدة العيان, ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان.... ( كتاب التوحيد باب (5) باب نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها ح 2).
2- سئل الصادق (عليه السلام): هل يرى الله في المعاد؟ قال (عليه السلام): سبحانه وتعالى عن ذلك علوّا ً كبيرا ًَ, إن الأبصار لا تدرك إلّا ما له لون وكيفيّة, والله خالق الألوان والكيفيّة. (بحار الأنوار, 4, 31 ح 5).
3- عن أبي عبد الله قال: جاء حبر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين, هل رأيت ربك حين عبدته؟ فقال (عليه السلام): ويلك ما كنت أعبد ربّا لم أره. قال وكيف رأيته؟ قال (عليه السلام) ويلك لا تدركه العيون في مشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان. ( بحار الأنوار, 4, 32, ح 8 وص 53 ح 30, أصول الكافي, 1, 98 كتاب التوحيد باب (9) باب إبطال الرؤية ح 6 ).
4- عن الأشعث بن حاتم قال: قال ذو الرئاستين: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): جعلت فداك, أخبرني عمّا اختلف فيه الناس من الرؤية. فقال (عليه السلام): يا أبا العباس من وصف الله بخلاف ما وصف به نفسه فقد أعظم الفرية على لله, قال الله تعالى: (( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير )) (الأنعام: 103) و( بحار الأنوار, 4, 53 ح 31).
وهناك العشرات من الأحاديث الواردة عن الأئمة عليهم السلام تنفي رؤية الله عزوجل, وقد ذكرنا طرفا ًَ منها كشواهد ونماذج.

تعليق على الجواب (1)

بخصوص الادلة العقلية التي وضعتموها هناك من الوهابية من علق عليها قائلآ :
الله سبحانه و تعالى لم يضع شروطا للرؤية، فالعين ترى بإذن الله و مشيئته و ليس لأن هناك ضوء أو مقابلة أو غير مقابلة أو هذه الخزعبلات التي وضعتها ... فيمكن أن نجد شخصا لديه عينين و هناك ضوء و هناك مقابلة و لكنه لا يرى ..مثل الكفار الذين أرادوا قتل النبي صلى الله عليه و آله و سلم قبل هجرته، كانوا يقفون خارج بيت النبي و خرج النبي من بيته و هو يقرأ آيات من القرآن و لم يروه، برغم أن لديهم عيون و هناك ضوء و الرسول أمامهم مقابل لهم، بمعنى أنهم حققوا جميع الشروط التي وضعتها لتحقق الرؤية و مع ذلك لم تتحقق الرؤية فلم يروا الرسول و نجى الرسول من محاولة قتله ..!! كما قال تعالى: (( وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون )) (يس:9)
لو كانت الرؤية مرهونة بتحقيق شروطك التي وضعتها للزم أن يرى كفار قريش الرسول عندما خرج من بيته، و لكنهم لم يروه و ذلك لأن الله لم يشأ أن يروه، بغض النظر هل لديهم عيون و هل هناك ضوء أو ليس هناك ضوء هل الرسول أمامهم أو ليس أمامهم كل هذه الأمور لا تعني شيئا مادام الله أمر العين أن لا ترى فلن ترى ..و في المقابل لو شاء الله للعين أن ترى فإنها سترى بغض النظر هل هناك ضوء أو ليس هناك ضوء هل المرئي أمامك أو ليس أمامك أو أي شيء من تلك الخزعبلات . لأن كيفية الرؤية مرهونة بمكيفها وهو الله سبحانه، فعندما جعل الله كيفية رؤية الإنسان في الدنيا بطريقة ما، هو جعل غير الإنسان يرى بكيفية أخرى و يوم القيامة يعيد الله الكيفيات فلا مجال لقياس كيفيات الدنيا بكفيفيات الآخرة، و أبسط مثال أن الإنسان يرى الملائكة في الآخرة بينما في الدنيا عينه لا تملك الكيفية التي تتيح له رؤيتها بينما في الآخرة يكيف الله عين الإنسان بحيث تستطيع أن ترى جبريل و ميكال و إسرافيل و غيرهم من ملائكة الله العظام عليهم السلام سنراهم رأي العين في المحشر ..!!
فما هو ردكم ؟؟
الجواب:

ان الله سبحانه وتعالى قد وضع شروطأ لتحقق الرؤية في عالم المادة أي أنه سبحانه وتعالى عندما خلق عالم المادة خلقه حسب شروط تتوافق مع كونه ماديا، فاذا كان هناك من يدعي حصول أي رؤية مادية كان لابد من تحقق الشروط المذكورة.
والملازمة بين الرؤية والشروط من طرف واحد لامن طرفينن أي كلما تحققت الرؤية لابد من تحقق الشروط وليس كلما تحققت الشروط لابد أن تتحقق الرؤية وهذا المستشكل قد خلط بين الامرين، فما ذكره من مثال معجزة النبي صلى الله عليه وآله ليلة الهجرة لا يصح نقضا لما ذكرنا لانه وان فرضنا تحقق شروط الرؤية تلك الليلة (حسب دعوة ولا نسلم بها وانما هي دعوى لا غير) ولكن لا يلزم من ذلك تحقق الرؤية لما بينا من عدم الملازمة.
ومع ذلك فان الكلام مع مثل هذا المنكر للحقائق في تحقق الرؤية لا طائل تحته، لانه كلام مع جاهل منكر للحقائق، بحيث وصل به الحال الى أن ينكر سنن الله في الخلق من وجود الاسباب والمسببات وادعى أن الرؤية لا تتحقق باسباب وضعها الله في عالم التكوين التي لا تخرج من اذن الله ومشيئة فالاعراض من مثل هذا الجاهل أولى.

تعليق على الجواب (2)
ماذا يقصد الإمام زين العابدين السجاد في مناجاة الخائفين حين قال : (( ولا تحجب مشتاقيك عن النظر إلى جميل رؤيتك )).
وفي مناجاة الراغبين : (( والزلفى لديك, والتمتع بالنظر إليك )).
وفي مناجاة المحبين : (( واجتبيته لمشاهدتك )).
أيضا (( يا من أنوار قدسه لأبصار محبيه رائقة, وسبحات وجهه لقلوب عارفيه شائقة )).
وفي مناجاة المتوسلين : (( وأقررت أعينهم بالنظر إليك يوم لقائك )).
وفي مناجاة المفتقرين : (( وشوقي لا يبله إلا النظر في وجهك )).
وفي مناجاة الذاكرين : (( ولا تسكن النفوس إلا عند رؤياك )).
وفي مناجاة الزاهدين : (( وأقرر أعيننا يوم لقائك برؤيتك )).
غير انه قال في مناجاة العارفين : (( وانحسرت الأبصار دون النظر إلى سبحات وجهك )).
فما تفسير هذه المقاطع الدُعائية للإمام المتعلقة برؤية الله عز وجل .
الجواب:

كل ما ورد في هذه العبارات ينصرف الى الرؤية الفؤادية لان رؤية الله عز وجل بالعين ممتنعة عقلا وممنوعة نقلا فالعين لا تدرك الا الاجسام او صور الاجسام والله تعالى ليس بجسم ولا صورة جسم وكذلك العين لا تدرك الخارج عن الحدود الذي ليس له نهاية ولا حد ولا شكل والله عز وجل غير محدود وحينئذ يجب تاويل كل ما ورد من عبارات او احاديث او اخبار فيما يتعلق برؤيته عز وجل الى الرؤية الفؤادية ونظر البصيرة .



السؤال: كيفية الرؤية القلبية
كيف يرى الله بالرؤية القلبية؟
ورد في الحديث (كيف اعبد ربا لم اراه)
الجواب:

ننقل لك نص الحديث، وهو: ومن كلام لأمير المؤمنين (عليه السلام) ، وقد سأله ذعلب اليماني فقال : هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين ؟ فقال (عليه السلام) : أفأعبد ما لا أرى ؟ فقال : وكيف تراه ؟ فقال : لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ، ولكن تدركه القلوب بحقائق الايمان …. (نهج البلاغة / من الخطبة 177).
ثم إن الرؤية على قسمين :
1- رؤية مادية حسية بصرية .
2- رؤية معنوية قلبية ( عقلية ) .
أما بالنسبة الى القسم الأول، فالله سبحانه وتعالى منزه عن الرؤية المادية الحسية البصرية لقوله تعالى : (( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الابصار … )) (الانعام:103) ، ولقوله تعالى لموسى (عليه السلام) : (( لن تراني … )) (الاعراف:143) ، ولقول أمير المؤمنين (علیه السلام) لذعلب اليماني : ( لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ) يعني أن رؤيته ليست بالعين وبمشاهدة القوة البصرية الجسمانية فان هذه غير جائزة على الله تعالى لما يستلزمه من الجسمية والمكانية والجهتية وغيرها والله سبحانه وتعالى منزه عن ذلك لقوله : (( ليس كمثله شيء )) (الشورى:11).
وأما بالنسبة الى القسم الثاني وهو الرؤية المعنوية القلبية ( العقلية )، وهي أن ينتقل بنا العقل من معلوم الى مجهول ومن شاهد محسوس الى شاهد غائب كما انتقل عقل ( نيوتن ) من مشاهدة التفاحة تسقط من الشجرة على الأرض انتقل من ذلك الى حقيقة قانون الجاذبية وامتلأ قلبه إيمانا بهذه الحقيقة وقلّده كلّ العلماء .
فلقد رأت العيون الخلق وحكم العقل وجزم بوجود الخالق واعتقد القلب وآمن، وهذا ما عناه الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله لذعلب : ( تدركه القلوب بحقائق الايمان ) أي آمن القلب حقاً وواقعاً لأنه رأى بعين الحس والعقل .
وبعبارة أخرى : تدركه القلوب - أي تدركه العقول الصافية عن ملابسة الابدان - بحقائق الايمان أي بالانوار العقلية الناشئة من الايمان القوي والعلم والاذعان الخالص بوجود الباري عز وجل . وأن الايمان اذا اشتد يصير مشاهدة قلبية ورؤية عقلية .
ولا يخفى ان إدراك القلوب فوق إدراك العيون لعدم وقوع اللبس والاشتباه في إدراكها بخلاف إدراك العيون فيقع اللبس والاشتباه فيها كثيراً ولبعضهم : لئن لم تَرَكَ العين فقد ابصركَ القلب.
والخلاصة : ان الانسان المؤمن اذا وصل الى أعلى مراتب الايمان بحيث حصل له القطع واليقين والعلم المتين بوجود الخالق العظيم من خلال الآثار والحقائق والآيات الدالة عليه سوف يرى الله تعالى - بقلبه ووجدانه وعقله المذعن ، الخالي عن الماديات ، الصافي من الشكوك والاوهام - رؤية نورانية معنوية .
وفقنا الله واياكم الى ذلك


السؤال: كيفية رؤيته تعالى في الآخرة
ما هو برهانكم بعدم رؤية الله في الأخرة
الجواب:

إن القول بجواز الرؤية على الله تعالى فيه التزامات مستحيلة عليه - تعالى عنها علواً كبيراً - منها القول بالتجسيم في حقّه، والجهة، وأنّه ذو أبعاد، والمحدودية، والتناهي، وأنه ذو أجزاء وأبعاض. فلذا امتنع القول برؤيته مطلقاً - في الدنيا والآخرة - ولابد من طرح جميع ما ظاهره جواز وإمكان الرؤية أو تأويله لمخالفته للعقل والنقل الصحيح.
واليك تفصيل الكلام :
1- إن الرؤية إنما تصح لمن كان مقابلاً - كالجسم - أو ما في حكم المقابل - كالصورة في المرآة - والمقابلة وما في حكمها إنما تتحققّ في الأشياء ذوات الجهة، والله منـزّه عنها فلا يكون مرئياً.
2- إن الرؤية لا تتحقق إلّا بانعكاس الأشعة من المرئي إلى أجهزة العين و هو يستلزم أن يكون سبحانه جسما ذا أبعاد.
3- إن الرؤية إمّا أن تقع على الذات كلّها أو على بعضها ، فعلى الأوّل يلزم أن يكون المرئي محدوداً متناهياً ، وعلى الثاني يلزم أن يكون مركباً ذا أجزاء وأبعاض ، والجميع مستحيل في حقّه تعالى .

تعليق على الجواب (1)
هناك تعليق عما قرأته عن رؤية الله سبحانه وتعالى المستحيلة عندكم:
أولاً في النقاط التي استدللتم بها عن عدم إمكانية رؤية الله في الدار الآخره.
(1) ما معنى قوله تعالى : (( وجوه يومئذ ناضره إلى ربها ناظره )) ما المراد بالنظر هنا؟
(2) قولكم إن الرؤية لا تتحقق إلا بانعكاس الاشعة من المرئي..... قوله تعالى : (( إني أرى في المنام أني أذبحك )) هل كانت الرؤيا هنا بانعكاس الاشعة؟
(3) قولكم : إنّ الرؤية إنما تقع على الذات كلها أو بعضها..... قال الرسول متحدثاً عن الجنة (( فبها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر )) فهل تقولون لما لا تستطيع عقولكم أن تتخيله هو مستحيل الوقوع؟
(4) وجزا الله خيراً من تعلم العلم واتبع أحسنه.
الجواب:

إن موضوع عدم امكانية رؤية الله لا يخالجه شك, فلا بأس الانتباه للنقاط التالية :
أولاً: ان الادلة العقلية القائمة في المقام لا ينبغي المناقشة فيها, إذ القاعدة العلمية في هذه الأدلة أن تناقش بوجوه علمية وعقلية لا بأمثلة قابلة للتأويل .
وبيانه : أن الرؤية المادية تستلزم لا محالة تحديد المرئي, وهذا يتطلب تمييز المورد المشاهد بالعيان, والتمييز يترادف مع إفراز المرئي والمشاهد في الخارج, وهذا هو الجسمية بعينها, وهو مردود عقلاً ونقلاً, إذ فيه التزام بافتقار الجسم إلى مكان وزمان (( سبحانه وتعالى عما يصفون )) (الانعام:100) .
فحذراً من هذه الملازمات الباطلة يجب علينا الاعتقاد بعدم امكانية رؤيته جل وعلا .
ثانياً: إن الآية التي ذكرتها لم تصرح بالرؤية المادية, بل هي قابلة للتأويل من حيث احتمال النظر إلى آلاء الله تبارك وتعالى أو ثوابه وما شابه ذلك, وبما أن الأدلة العقلية الدالة على استحالة طروّ المواصفات المادية على الباري عزوجل هي أدلة ثابتة ومسلمة, فيجب صرف ظهور معنى (( الرؤية )) في الآية إلى المعاني التي لا تنافي تلك الأدلة العقلية من رؤية أمر الله أو نعمه أو عظمته وأمثال ذلك .
وهذا التفسير والتأويل متفق عليه عند الشيعة, وعليه علماء المعتزلة من أهل السنة .
والغريب في المقام ما صدر عن البعض كالرازي والقرطبي عند تفسيرهم آية (( وجاء ربك والملك صفاً صفاً )) في سورة الفجر, إذ يأتون بأدلة متعددة على استحالة مجيء الرب عزوجل يوم القيامة بنفسه وهيكله, لامتناع الجسمية والتحول والتحرك وغيرها عليه, وفي نفس الوقت يؤيدون رؤيته تبارك وتعالى يوم القيامة بآية (( الى ربها ناظرة )) (القيامة:23) اعتماداً على روايات مردودة سنداً أو دلالةً, أليس هذا تهافتاً واضحاً في كلام هؤلاء ؟!
ثالثاً: أما بالنسبة لآية (( إني أرى في المنام أني أذبحك )) (الصافات:10) فانها لم تعبر عن الرؤية المادية المحسوسة في اليقظة - والكلام في هذا الفرض -, والشاهد على ما نقول هو (( فانظر ماذا ترى )), إذ ليس المقصود النظرة والرؤية بالعين, بل بمعنى ابداء الرأي في الموضوع .
وبعبارة واضحة : ان ابراهيم (عليه السلام) كان يريد أن يذكر ابنه اسماعيل (عليه السلام) بنزول الوحي في المنام بذبحه, والدليل الواضح جواب اسماعيل : (( قال يا أبت افعل ما تؤمر )), فانه يدل على ورود الوحي ولو في الرؤيا . وعلى كل فان الكلام في امتناع رؤية الله عزوجل بالرؤية البصرية, والآية لا تدل على إمكانية الرؤية المذكورة بدون انعكاس الضوء وتمييز المرئي .
رابعاً: ليس هناك أي تناقض بين لزوم وقوع الرؤية بالبصر على المرئي كله أو بعضه وتشخيصه وتمييزه عما سواه, وبين الرواية التي ذكرت فيها صفة الجنة بأن (( فيها ما لا عين رأت .. )), فان الحديث يذكر عظمة أنعم الله تبارك وتعالى في الجنة بأن فيها نعم ظاهرة وباطنة لم تراها أعين البشر في الدنيا, فأين هذا من جواز رؤية الله عزوجل في الآخرة ؟!!!
هذا, وإن كان مقصودك في هذه الفقرة من أننا نحكم باستحالة ما لا تستوعبه عقولنا, فهذا خطأ واضح وقد خلط عليك الأمر, بل إننا وبمعونة العقل والشرع نحكم باستحالة وامتناع الرؤية المادية والمشاهدة بالعيان بالنسبة لله عزوجل مطلقاً, لملازمتها التوالي الفاسدة والباطلة من الجسمية والتمييز و ...
أي أن لنا دليلاً على عدم إمكان الرؤية, لا أننا حكمنا في المقام لعدم الظفر بأدلة الرؤية حتى تأتينا - مثلاً - بأحاديث الرؤية .
فالموضوع دقيق وخطير ويحتاج الى تأمل منك حتى تتجلى لك الحقيقة بصورة واضحة, فان الأحكام العقلية البحتة غير قابلة للمناقشة, والا لبطلت كافة الأدلة العقلية والنقلية ! فمثلاً هل تناقش الذي حكم ( 1+1=2 ) بأنه يمكن أن يكون الجواب (3) حتى ولو لم يستوعبه عقلك ؟!!! اذ يردك بأن الدليل قائم على المسألة بما لا ريب فيه, فمن أين أتيت بحكم يخالف العقل ؟ أليس هذا أيضاً حكماً عقلياً ؟ (( فأين تذهبون )).
وبالجملة، فالقاعدة العامة أن نحكم بعدم إمكان رؤيته تبارك وتعالى في الدنيا والآخرة, لا لعدم وجود الدليل على الرؤية, بل لقيام الدليل على استحالتها وامتناعها .



السؤال: رؤية الملكوت رؤية القلب
اسئلكم عن كيفية رؤية الملكوت
الجواب:

إنّ رؤية الملكوت هي رؤية القلب الّتي هي من آثار اليقين كما تشير إليه الآية ؛ نظير رؤية ابراهيم (عليه السلام) في ملكوت السماوات والأرض (( وكذلك نري ابراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين )) (الانعام:75) فاليقين والايقان هو طريق لهذه الرؤية .
ولعلّ في هذه الآية بضميمة الآيات السابقة عليها في السورة اشارةٌ ظريفة الى امتناع الرؤية القلبيّة لدركات الجحيم بالنسبة للملتهين بالدنيا بسبب عدم حصول اليقين عندهم لاشتغالهم بالتكاثر المادّي غير المشروع .



السؤال: الرؤية يوم القيامة

سؤالي هو بخصوص رؤيتنا لله يوم القيامة, حيث يعتقد المسلمون من أهل السنة أن ستكون لنا امتيازات اخرى تسهل لنا رؤية الله, وان الله عبارة عن جسم ولكن مختلف عن اجسامنا, ولا يجوز ان نتطرق الى هذه النقطة, فماذا تردون على هذا الكلام؟
الجواب:
قد ثبت بالأدلة العقلية والنقلية استحالة رؤية الله, لأنه ليس بجسم, إذ الجسمية تستلزم المحدودية, وهي تستلزم النقص, وكل ذلك من ملازمات الممكن , والله واجب الوجود, فلا يمكن رؤيته في الدنيا والآخرة, كما قال تعالى: (( لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار )) (الانعام:103).
أما الرؤية القلبية, فهي ثابتة لمن توصل الى المقامات العالية في معرفة الله تعالى, كما قال علي عليه السلام: ( ولكن تراه القلوب بحقائق الايمان ), وعليه تحمل بعض الآيات والروايات التي فيها إشارة إلى رؤية الله تعالى.



السؤال: النبي موسى (عليه السلام) ورؤية الله تعالى (1)
لديّ تساؤل بسيط حول موضوع التجسيم الذي لا نعتقده ولكن هناك آية صريحة في القرآن حول مطالبة نبي الله موسى (عليه السلام) رؤية الله فهل كان اعتقاد موسى بالتجسيم ؟
وكيف تجلى الله عز وجل للجبل ؟
وفي الختام تحياتي للجميع ونسألكم الدعاء
الجواب:

ان نبي الله موسى (عليه السلام) يعتقد بعدم رؤية الله سبحانه وتعالى في الدنيا والاخرة، لانه يلزم منه التجسيم وسؤاله (عليه السلام) عن رؤية المولى عز وجل لم يكن بدافع من نفس موسى (عليه السلام) ، بل بضغط من قومه .
ونذكر لكم رواية واحدة عن الامام علي الرضا (عليه السلام) تؤيد ما نقوله :
قال عليّ بن محمّد بن الجهم : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليّ بن موسى (عليهما السلام) ، فقال له المأمون : يا بن رسول الله أليس من قولك انّ الأنبياء معصومون ؟ قال : بلى ، فسأله عن آيات من القرآن ، فكان فيما سأله أن قال له : فما معنى قول الله عزّ وجلّ (( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلّمه ربّه قال ربّ أرني أنظر إليك قال لن تراني )) كيف يجوز أن يكون كليم الله موسى بن عمران (عليه السلام) لا يعلم أنّ الله ـ تعالى ذكره ـ لا تجوز عليه الرؤية حتى يسأله هذا السؤال ؟
فقال الرضا (عليه السلام) : إنّ كليم الله موسى بن عمران (عليه السلام) علم أنّ الله تعالى عن أن يرى بالأبصار ، ولكنّه لما كلّمه الله عزّ وجلّ وقرّ به نجيّاً ، رجع إلى قومه فأخبرهم أنّ الله عزّ وجلّ كلّمه وقرّبه وناجاه ، فقالوا : لن نؤمن لك حتى نسمع كلامه كما سمعت ، وكان القوم سبعمائة ألف رجل ، فاختار منهم سبعين ألفاً ، ثمّ اختار منهم سبعة آلاف ثمّ اختار منهم سبعمائة ثمّ اختار منهم سبعين رجلاً لميقات ربّه ، فخرج بهم إلى طور سينا ، فأقامهم في سفح الجبل ، وصعد موسى (عليه السلام) إلى الطور وسأل الله تبارك وتعالى أن يكلّمه ويسمعهم كلامه ، فكلّمه الله تعالى ذكره وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء وأمام ، لأنّ الله عزّ وجلّ أحدَثه في الشجرة ، ثمّ جعله منبعثاً منها حتى سمعوه من جميع الوجوه ، فقالوا : لن نؤمن لك بأنّ هذا الذي سمعناه كلامَ الله حتى نرى الله جهرةً ، فلما قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا بعث الله عزّ وجلّ عليهم صاعقةً فأخذتهم بظلمهم فماتوا ، فقال موسى : يا ربّ ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم وقالوا : إنّك ذهبت بهم فقتلتهم لأنّك لم تكن صادقاً فيما ادّعيت من مناجاة الله إيّاك ، فأحياهم الله وبعثهم معه ، فقالوا : إنّك لو سألت الله أن يريك أن تنظر إليه لأجابك وكنت تخبرنا كيف هو فنعرفه حقّ معرفته ، فقال موسى (عليه السلام) : يا قوم إنّ الله لا يرى بالأبصار ولا كيفية له ، وإنّما يعرف بآياته ويعلم باعلامه، فقالوا : لن نؤمن لك حتى تسأله ، فقال موسى (عليه السلام) : ياربّ إنّك قد سمعت مقالة بني إسرائيل وأنت أعلم بصلاحهم ، فأوحى الله جلّ جلاله إليه : يا موسى إسألني ما سألوك فلن أؤاخذك بجهلهم ، فعند ذلك قال موسى (عليه السلام) : (( ربّ أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن أنظر إلى الجبل فإن استقرَّ مكانه فسوف تراني فلمّا تجلّى ربّه للجبل (بآية من آياته) جعله دكّاً وخرَّ موسى صعقاً فلمّا أفاق قال سبحانك تبت إليك )) , يقول : رجعت إلى معرفتي بك عن جهل قومي ـ وأنا أوّل المؤمنين) منهم بأنّك لا تفرى .
فقال المأمون : لله درّك يا أبا الحسن ( والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة ـ الصدوق ، التوحيد : 121 برقم 24 باب ما جاء في الرؤية ) .
وأما بالنسبة الى تجلي الله عز وجل للجبل، فان ظاهر الآية أنه سبحانه تجلّى للجبل وهو لم يتحمّل تجلّيه لا أنّه رآه وشاهده ، وعندئذ فمن المحتمل جداً ان يكون تجلّيه بآثاره وقدرته وأفعاله، فعند ذلك لا يدل أنّ تجلّيه للجبل كان بذاته .

تعليق على الجواب (1)

مامعنى ان الله عزّ وجلّ أحدَثه في الشجرة فكيف يكون ذلك؟
الجواب:

الصوت ما هو الا موجات تحصل من تحرك أي متحرك فالصوت الذي يصدر من الانسان يكون بفعل حركة الاوتار الصوتية بمساعدة اللسان بين الفكين وليس عسيراً على الله تعالى ان يخلق الصوت من حركة بعض أجزاء الشجرة وهذا ما حصل مع موسى (عليه السلام).



السؤال: النبي موسى (عليه السلام) ورؤية الله تعالى (2)
من أيّ قسم كانت الرؤية التي طلبها سيدنا موسى (عليه السلام)؟
إذا كان الجواب هو الرؤية القلبية، فهل سيدنا موسى (عليه السلام) الذي هو من أولي العزم من الانبياء على علو مرتبته وصفاء نفسه، لم يكن حاصلاً على هذه الرؤية قبل طلبها ؟
وإذا كان الجواب هو الرؤية القلبية، فلماذا كان جواب الله سبحانه وتعالى باستحالة الرؤية، مع انها متيسرة للمؤمنين الخلص فضلاً عن الانبياء؟.
الجواب:

الرؤية التي طلبها نبي الله موسى (صلى الله عليه وآله) من الله تعالى هي الرؤية الحسية البصرية, لا الرؤية المعنوية القلبية, ولهذا أجابه الله عزوجل باستحالة هذه الرؤية الحسية البصرية بقوله تعالى : (( لن تراني )) (الاعراف:143) .
والسبب الذي دعا موسى (عليه السلام) أن يطلب هذه الرؤية ـ مع علمه واعتقاده بعدم رؤية الله سبحانه وتعالى في الدنيا والآخرة, لأنه يلزم منه التجسيم في حق الله تعالى ومن ثم المحدودية والتناهي, وهذه كلها من ملازمات الممكن, والله واجب الوجود وليس بممكن ـ هو بضغط من قومه, ولم يكن بدافع من نفس موسى (عليه السلام), بدليل قوله تعالى عن لسان قوم موسى (عليه السلام) : (( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة )) (البقرة:55) .


السؤال: رؤيته في المنام

بخصوص رؤية الباري تعالى في المنام .. بعض المقربين فقد يرونه نورا أو رجلا مهيبا
فهل هذه رؤى ؟ أم هي من الأحلام ؟ وكيف يكون للشيطان مدخلا في هذا الأمر .. علما بأن رؤية الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله لا يتدخل فيها الشيطان .. فكيف بالخالق سبحانه؟
وهل هذه الرؤى من الرؤى القلبية ؟

الجواب:

لا معنى لرؤية الله سبحانه وتعالى في اليقظة أو في المنام , فان الدليل العقلي والنقلي قائم بعدم إمكان رؤيته من الأساس كما هو مقرر في محله.
وأما إخبار البعض بحصول هكذا احلام , فان صح الخبر ـ بحيث يعتمد عليه ويركن اليه ـ فهو من باب إنعكاس عالم التخيل عند الفرد , فلا حقيقة له بتاتاً. خصوصاً أن الاجواء التي يعيش فيها الانسان قد تؤثر في خلق الصور الخيالية الموهومة عنده.
وأغلب الظن أن بعض المبتلين بهذه التوهمات قد قرؤوا أو سمعوا مقالات باطلة من بعض مجسمة العصر ـ السلفية والوهابية ـ حول إمكان الرؤية , فحصلت لهم هذه التخيلات الفاسدة .
ثم لا ينكر دور الشيطان في المقام ؛ ولا يقاس بعدم إمكان تمثله بصورة الرسول (صلى الله عليه وآله) ؛ اذ أن النبي (صلى الله عليه وآله) انسان مخلوق , فقد يتوهم أحد أن الشيطان يتمكن أن يظهر في صورة وهيئة النبي (صلى الله عليه وآله) , فنفاه (صلى الله عليه وآله) بهذا الحديث ( على أن الرواية المشار اليها قابلة للنقاش السندي والدلالي , ولكن لا يسعنا التطرق اليه في هذا المختصر ) ؛ فبما أن الأمر كان ملتبساً , رفع الرسول (صلى الله عليه وآله) هذا الالتباس ودفع هذه الشبهة .
لكن المسألة بالنسبة لرؤية الباري عزوجل واضحة كل الوضوح , ولو لا تسويلات شياطين الجن والانس لما تردد أو توقف أحد في نفي الرؤية بعد معرفته الاجمالية لتوحيد الله تبارك وتعالى .
وبعبارة مختصرة، فان الأمر في المقام كان لا يحتاج كثيراً الى رفع الابهام والشبهة , فان العقل بوحده يكفي في ردها ؛ فاعتماداً على قدرة العقل لم ترد في المقام نصوص تنفي وتحذر من مكر الشيطان .
والا , فان المقام أيضاً هو مرتع الشيطان يلعب ويعبث بعقيدة المؤمن الساذج , كما تبنى هذا الدور بعضهم في عصرنا وقال بجواز الرؤية فضل وأضل , أعاذنا الله واياكم من الفتن .



السؤال: كيف نستفيد نفي التأبيد من (لن تراني)

قال تعالى (( لن تراني ))
هل الحرف (لن) يفيد النفي التأبيدي عند علماء اللغة، أرجو أن تكون الإجابة مفصلة مع ذكر المصادر أو المراجع -عندي بحث فيها-؟
إذ إن (لن) لو لم تكن نافية للتأبيد كيف نخرج قوله تعالى (( وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة )) ولكن حسب ما اطلعت عليه عند علماء اللغة والنحو أنها لا تفيد النفي التأبيدي

الجواب:

يمكنكم لغرض الأستفادة من بيانات علماء الكلام في المسألة ان تطالعوا ما ذكره الشيخ جعفر السبحاني في كتابه (رؤية الله في ضوء الكتاب والسنة والعقل ص65 ) حيث قال في خصوص قوله تعالى لموسى (عليه السلام): (( لن تراني )) والمتبادر من هذه الجملة أي قوله: (( لن تراني )) هو النفي الأبدي الدال على عدم تحققها أبدا . والدليل على ذلك هو تتبع موارد استعمال كلمة لن في الذكر الحكيم، فلا تراها متخلفة عن ذلك حتى في مورد واحد .
1- قال سبحانه : (( إنَّ الَّذينَ تَدعونَ من دون اللَّه لَن يَخلقوا ذبَابًا وَلَو اجتَمَعوا لَه )) (الحج:73).
2- (( إن تَستَغفر لَهم سَبعينَ مَرَّة فلَن يَغفرَ اللّه لَهم )) (التوبة:80).
3- (( إنَّ الَّذينَ كََفروا وَصَدّوا عَن سَبيل اللَّه ثمَّ مَاتوا وَهم كَّفارٌ فلَن يَغفرَ اللَّه لَهم )) (محمد:34).
4- (( سَوَاء عَلَيهم أَستَغَفرتَ لَهم أَم لَم تَستَغفر لَهم فلَن يَغفرَ اللَّه لَهم )) (المنافقون:6).
5- (( وَلَن تَرضَى عَنكَ اليَهود وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبعَ ملَّتَهم )) (البقرة:120).
6- (( فَإن رَّجَعَكَ اللّه إلَى طَآئَفة مّنهم فاستَأذَنوكَ للخروج فقل لَّن تَخرجوا مَعيَ أَبَدًا وَلَن تقَاتلوا مَعيَ عَدوًّا )) (التوبة:83).
إلى غير ذلك من الآيات الصريحة في أن لن تفيد التأبيد . وربما نوقش في دلالة ( لن ) على التأبيد مناقشة ناشئة عن عدم الوقوف الصحيح على مقصود النحاة من قولهم لن موضوعة للتأبيد، ولتوضيح مرامهم نذكر أمرين ثم نعرض المناقشة عليهما.
1- إن المراد من التأبيد ليس كون المنفي ممتنعا بالذات، بل كونه غير واقع، وكم فرق بين نفي الوقوع ونفي الإمكان، نعم ربما يكون عدم الوقوع مستندا إلى الاستحالة الذاتية .
2- إن المراد من التأبيد هو النفي القاطع، وهذا قد يكون غير محدد بشيء وربما يكون محددا بظرف خاص، فيكون معنى التأبيد بقاء النفي بحالة ما دام الظرف باقيا .
إذا عرفت الأمرين تقف على وهن ما نقله الرازي عن الواحدي من أنه قال : ما نقل عن أهل اللغة إن كلمة لن للتأبيد دعوى باطلة، والدليل على فساده قوله تعالى في حق اليهود (( وَلَن يَتَمَنَّوه أَبَدًا بمَا قَدَّمَت أَيديهم وَاللّه عَليمٌ بالظَّالمينَ )) (البقرة:95) قال : وذلك لأنهم يتمنون الموت يوم القيامة بعد دخولهم النار، قال سبحانه : (( وَنَادَوا يَا مَالك ليَقض عَلَينَا رَبّكَ قَالَ إنَّكم مَّاكثونَ )) (الزخرف:77) فإن المراد من ( ليقض علينا ) هو القضاء بالموت (مفاتيح الغيب - للرازي - 14 : 227).
ووجه الضعف ما عرفت من أن التأبيد على قسمين، غير محدد ومحدد بإطار خاص، ومن المعلوم أن قوله سبحانه (( وَلَن يَتَمَنَّوْه )) ناظر إلى التأبيد في الإطار الذي اتخذه المتكلم ظرفا لكلامه وهو الحياة الدنيا، فالمجرمون ما داموا في الحياة الدنيا لا يتمنون الموت أبدا، لعلمهم بأن الله سبحانه بعد موتهم يقدمهم للحساب والجزاء، ولأجل ذلك لا يتمنوه أبدا قط .
وأما تمنيهم الموت بعد ورودهم العذاب الأليم فلم يكن داخلا في مفهوم الآية الأولى حتى يعد التمني مناقضا للتأبيد . ومن ذلك يظهر وهن كلام آخر وهو : أنه ربما يقال : إن ( لن ) لا تدل على الدوام والاستمرار بشهادة قوله : (( إنّي نَذَرت للرَّحمَن صَومًا فلَن أكَلّمَ اليَومَ إنسيًّا )) إذ لو كانت ( لن ) تفيد تأبيد النفي لوقع التعارض بينها وبين كلمة (الْيَوْمَ) لأن اليوم محدد معين، وتأبيد النفي غير محدد ولا معين، ومثله قوله سبحانه على لسان ولد يعقوب: (( فَلَن أَبرَحَ الأَرضَ حَتَّىَ يَأذَنَ لي أَبي )) (يوسف:80) حيث حدد بقاءه في الأرض بصدور الإذن من أبيه . وجه الوهن : أن التأبيد في كلام النحاة ليس مساويا للمعدوم المطلق، بل المقصود هو النفي القاطع الذي لا يشق . والنفي القاطع الذي لا يكسر ولا يشق على قسمين :
تارة يكون الكلام غير محدد بظرف خاص ولا تدل عليه قرينة حالية ولا مقالية فعندئذ يساوق التأبيد المعدوم المطلق . وأخرى يكون الكلام محددا بزمان حسب القرائن اللفظية والمقالية، فيكون التأبيد محددا بهذا الظرف أيضا، ومعنى قول مريم : (( فَلَن أكَلّمَ اليَومَ إنسيًّا )) (مريم:26) هو النفي القاطع في هذا الإطار، ولا ينافي تكلمها بعد هذا اليوم . والحاصل : أن ما أثير من الإشكال في المقام ناشئ من عدم الإمعان فيما ذكرنا من الأمرين، فتارة حسبوا أن المراد من التأبيد هو الاستحالة فأوردوا بأنه ربما يكون المدخول أمرا ممكنا كما في قوله : (( قل لَّن تَخرجوا مَعيَ أَبَدًا )) (التوبة:83)، وأخرى حسبوا أن التأبيد يلازم النفي والمعدوم المطلق، فناقشوا بالآيات الماضية التي لم يكن النفي فيها نفيا مطلقا، ولو أنهم وقفوا على ما ذكرنا من الأمرين لسكتوا عن هذه الاعتراضات .
وبما أنه سبحانه لم يتخذ لنفي رؤيته ظرفا خاصا، فسيكون مدلوله عدم تحقق الرؤية أبدا لا في هذه الدنيا ولا في الآخرة . والحاصل : أن الآية صريحة في عدم احتمال الطبيعة البشرية لذلك الأمر الجلل، ولذلك أمره أن ينظر إلى الجبل عند تجليه، فلما اندك الجبل خر موسى مغشيا عليه من الذعر، ولو كان عدم الرؤية مختصا بالحياة الدنيا لما احتاج إلى هذا التفصيل، بل كان في وسعه سبحانه أن يقول : لا تراني في الدنيا ولكن تراني في الآخرة فاصبر حتى يأتيك وقته، والإنسان مهما بلغ كمالا في الآخرة فهو لا يخرج عن طبيعته التي خلق عليها، وقد بين سبحانه أنه خلق ضعيفا .



السؤال: تفسير رواية لقوله تعالى (لا تدركه الأبصار)
كيف نستطيع ان نجمع بين هذه الرواية القائلة بما يقول به اهل السنة بان النفي في اية (لا تدركه الابصار) نفي الاحاطة وبين ما يقول به علماؤنا كالطوسي والطبرسي والطباطبائي والسبحاني بان النفي مع الاضافة للحاسة يفيد نفي الرؤية هل المعنى متناقض محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي نجران. عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: لا تدركه الأبصار.
قال: إحاطة الوهم، ألا ترى إلى قوله: (( قد جاءكم بصائر من ربكم )) ليس يعني بصر العيون (( فمن أبصر فلنفسه )) ليس يعني من البصر بعينه (( ومن عمي فعليها )) ليس يعني عمى العيون إنما عنى إحاطة الوهم كما يقال: فلان بصير بالشعر وفلان بصير بالفقه وفلان بصير بالدراهم وفلان بصير بالثياب، الله أعظم من أن يرى بالعين. (الكافي)
وأيضا فان الادراك إذا اضيف إلى واحد من الحواس أفاد ما تلك الحاسة آلة. فيه ألا ترى انهم يقولون: ادركته بأذني يريدون سمعته، وادركته بانفي يريدون شممته وادركته بفمي يريدون ذقته. وكذلك إذا قالوا: ادركته ببصري يريدون رأيته. (التبيان - الشيخ الطوسي ج 4 ص 223)
الجواب:

لقد فسّر العلماء الأعلام الوارد ذكرهم في سؤالكم قوله تعالى (( لا تدركه الأَبصَار )) (الأنعام:103) بمعنى نفي الرؤية وذلك بحسب ما تقتضيه اللغة من معنى الدرك فيما لو اقترن بالمتعلق، ونفوا معنى الاحاطة بحسب المستفاد من هذه الألفاظ لغة وعرفا.
ومن هنا قال الشيخ السبحاني في ردّه على الرازي الذي فسّر الآية الكريمة بنفي الأحاطة أو الادراك الاحاطي وانه لا يلزم منه نفي الرؤية بل قد يثبت الرؤية عند بعض. قال السبحاني: (( ما الدليل على أنَّ الأدراك اذا اقترن بالبصر يكون بمعنى الأدراك الأحاطي، مع أننا نجد خلافه في الامثلة التالية، فنقول: أدركت طعمه أو ريحه أو صوته، فهل هذه بمعنى أحطنا إحاطة تامة به، أو أنّه بمعنى مجرد الدرك بالأدوات المذكورة من غير اختصاص بصورة الإحاطة؟ مثل قولهم: أدرك الرسول، فهل هو بمعنى الإحاطة بحياته، أو يراد منه إدراكه مرة أو مرتين؟ ولم يفسره أحد من أصحاب المعاجم بما ذكره الرازي)).
ثم قال السبحاني: ((وحاصل الكلام: ان اللفظة إذا اقترنت ببعض أدوات الإدراك كالبصر والسمع يحمل المعنى الكلي - أي اللحوق والوصول - على الرؤية والسماع، سواء كان الإدراك على وجه الاحاطة أولا، وأما اذا تجردت اللفظة عن القرينة تكون بمعنى نفس اللحوق، قال سبحانه: (( حَتَّى إذَا أَدرَكَه الغَرَق قَالَ آمَنت أَنَّه لا إلَهَ إلَّا الَّذي آمَنَت به بَنو إسرائيلَ وَأَنَا منَ المسلمينَ )) (يونس:90)، ومعنى الآية: حتى اذا لحقه الغرق ورأى نفسه غائصاً في الماء استسلم وقال: ((آمنت..)).
وقال سبحانه: (( فَاضرب لَهم طَريقاً في البَحر يَبَساً لا تَخَاف دَرَكاً وَلا تَخشَى )) (طـه:77)، أي لا تخاف لحوق فرعون وجيشه بك وبمن معك من بني اسرائيل. وقال سبحانه: (( فَلَمَّا تَرَاءَى الجَمعَان قَالَ أَصحَاب موسَى إنَّا لَمدرَكونَ )) (الشعراء:61) فأثبت الرؤية ونفى الدرك، وما ذلك إلا لأنَّ الإدراك إذا جرد عن المتعلق لا يكون بمعنى الرؤية بتاتاً بل بمعنى اللحوق)).
ثم قال السبحاني: (( نعم، إذا اقترن بالبصر يكون متمحضاً في الرؤية من غير فرق بين نوع ونوع، وتخصيصه بالنوع الإحاطي، لأجل دعم المذهب (كما فعل الرازي) افتراء على اللغة. (انتهى) (المصدر اضواء على عقائد الشيعة الإمامية: 640، 641).
فقول الشيخ السبحاني المتقدم: (( ان اللفظه إذا اقترنت ببعض أدوات الإدراك كالبصر والسمع يحمل المعنى الكلي من الإدراك وهو اللحوق والوصل على معنى الرؤية والسماع، سواء كان الإدراك على وجه الاحاطة أولا)).
فالذي يفهم منه أنه لا ينفي الإدراك الاحاطي مطلقاً وإنما المنفي - بحسب قول اهل اللغة - ان تحمل لفظة (الادراك) عند ذكر المتعلق على الاحاطة فقط، بينما حق هذه اللفظة اللغوي ان تحمل على نفي ادراك المتعلق، أي على نفي الرؤية كما في مقامناسواء استلزم ذلك الاحاطة أولا.. ومن هنا لا يختلف البيان المستفاد عند المفسرين الشيعة من قوله تعالى (لا تدركه الأبصار) بنفي الرؤية، والرواية الواردة عن الإمام الصادق(عليه السلام) بتفسيرها بنفي احاطة الوهم، إذ في كلام الإمام (عليه السلام) قرينة على أنَّ الآية الكريمة يمكن استفادة التعميم منها أي في نفي احاطة الوهم بالمولى سبحانه بعد التسليم بنفي الرؤية عنه بدليل قوله (عليه السلام) في الرواية نفسها: ((الله اعظم من أن يرى بالعين)).
أي ان تفسير الإمام (عليه السلام) بنفي احاطة الوهم كان بعد التسليم بنفي الرؤية وهو خلاف تفسير أهل السنة لهذه الآية التي قالوا بأنها يستفاد منها نفي الإحاطة وهو لا يستلزم نفي الرؤية بل قد يثبتها أي نراه ولا نحيط به الأمر الذي رد عليه الشيخ السبحاني...
بل حقّ كلامه (عليه السلام) ان يحمل على الاضراب أو التعميم أي ان يكون هكذا. إن الله سبحانه لا يحيط به الوهم فضلاً عن إمكان الرؤية. هذا إن حملنا بيانه (عليه السلام) بنحو التعميم.. أو يكون هكذا: أن الله لا يرى بالعين بل لا يحيط به الوهم.. هذا ان حملناه على نحو الإضراب وبهذا البيان فسّر بعض الشّراح قوله (عليه السلام) في هذه الرؤية (أنظر حاشية التحقيق (كتاب شرح أصول الكافي) للمازندراني 188 تعليقات الشعراني).



السؤال: عدم جواز الرؤية من الملائكة وسائر الخلق لله عز وجل

جبريل عليه السلام مرسل من عند الله للرسول لينزل عليه الاخبار والقران ، فهل جبريل عليه السلام رأى الله سبحانه وتعالى ام لم يراه لأنه هو الذي ياتي بالوحي من عند الله للرسول فهل يراه عندما يقول له نزل القران وهذه السورة ؟؟
الجواب:

لم ير جبريل (عليه السلام) الله تعالى ، ولم يره ولن يراه أحد على الإطلاق من سائر خلق الله لا جبريل ولا ميكائيل ولا آدم ولا نوح ولا إبراهيم ولا محمد (صلى الله عليه وآله)، لأن الله تعالى لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، ولأنه ليس بجسم ولا يحل بمكان فكيف تميزه الأبصار أو تقع عليه الحواس؟ إن ذلك محال، ولذلك حينما طلب موسى(عليه السلام) استجابة لرغبة بني إسرائيل أن يرى الله تعالى قال له عز وجل (( لن تراني ))، ولن تفيد التأبيد ، أي لا يمكن أن تراني أبداً ، فالله تعالى منزه عن صفات الأجسام والرؤية إنما تكون للمتحيز من الأجسام الذي يقع في قبال البصر.


السؤال: استحالة رؤيته عز وجل بدليل من كتب السنّة

سؤالي عن رؤية الله تبارك و تعالى:
نحن الإمامية نقول إتباعا لأهل البيت بنفي الرؤية البصرية لله تبارك و تعالى في الدنيا و الأخرة, طيب.
السؤال:هل هناك أدلة حديثية من مصادر اهل السنة في نفي الرؤية خاصة من مرويات أهل البيت؟
سؤال آخر:حول صفات الله أعنى بها صفات الجوارح, هل هناك أدلة من مصادر أهل السنة بنفي صفات الجوارح و خاصة من مرويات اهل البيت؟
و شكرا...
الجواب:

مما تجب الإشارة إليه هو:
أننا لا نستدل على عدم إمكان الرؤية فقط بما ورد في الأخبار, بل إن الأدلة التي نعتمدها في إثبات مدعانا باستحالة رؤية الله عز وجل على جهة التأبيد في الدنيا والآخرة هي أدلة عقلية ذكرها علماءنا في كتبهم العقائدية والكلامية, أما الروايات فيستشهد بها لدعم الأدلة العقلية, لأن طريق الرواية ظني لا ينفع في باب العقائد, إذ لابد من تحصيل اليقين, واليقين لا يأتي إلا من خلال الأدلة البرهانية المحكمة, نعم, قد تنفع الأخبار في مقام الاستدلال على العقائد إذا كانت بالغة حد التواتر..
نعم .. نقل القاضي عبد الجبار في كتابه الكبير (المغني) في المجلد الخاص بأبواب التوحيد والعدل عن علي (عليه السلام) في قوله تعالى: (( لاَّ تُدرِكُهُ الأَبصَارُ )) (الانعام:103) فقال: إن الله لا يدرك بالأبصار في الدنيا والآخرة.
وروي عنه في قوله (( وُجُوهٌ يَومَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ )) (القيامة:22-23) إلى ثواب ربها ناظرة (المغني / رؤية الباري: 229).




السؤال: معنى الهواء في رواية عن الإمام (عليه السلام)

عرض أحد المخالفين هذه الرواية و أخذ بالاستهزاء و التنقيص من الامام عليه السلام و قال أننا لا نحتاج للهواء لرؤية الأشياء بل نحتاج للضوء فقط
رؤية الله عندنا طبعا لا نعتقد به و لكن
نريد رد مفصل نرد به و لكم الشكر و أجركم على الامام عليه السلام
الرواية :
وعنه، عن أحمد بن إسحاق قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله عن الرؤية وما اختلف فيه الناس فكتب: لا تجوز الرؤية، ما لم يكن بين الرائي والمرئي هواء [لم](2) ينفذه البصر فإذا انقطع الهواء عن الرائي والمرئي لم تصح الرؤية، وكان في ذلك الاشتباه، لان الرائي متى ساوى المرئي في السبب الموجب بينهما في الرؤية وجب الاشتباه وكان ذلك التشبيه لان الاسباب لابد من اتصالها بالمسببات. (الكافي الجزء الأول باب في ابطال الرؤية رقم الصفحة 97)
الجواب:

في هامش شرح أصول الكافي ج 3 هامش ص 176 :
قوله، هواء ينفذه البصر الهواء في لغة العرب هو الخلاء العرفي قال الله تعالى (( وأفئدتهم هواء )) أي خالية من العقل والتدبر، وقال جرير «ومجاشع قصب هوت أجوافه» أي خلت أجوافه. وفي الصحاح: كل خال هواء.
وهذا هو المراد هنا لا الهواء المصطلح للطبيعين وهو جسم رقيم شفاف كما حمله عليه صدر المتألهين (قدس سره) وهذا الهواء الذي هو جسم رقيق عند العرف بمنزلة العدم والحاصل أن لا بد للرؤية من فاصلة بين الرائي والمرئي ويتحقق الفاصلة بعدم وجود جسم كثيف والأجسام الفلكية غير مانعة للرؤية لأنها أشف وأرق من هذا الهواء المكتنف للأرض فهي بمنزلة الهواء. فيكون الهواء في لغة العرب أقرب من البعد المفطور الذي يقول به بعض الفلاسفة.



السؤال: رؤية الله
في أحد اجوبة الامام علي (علية السلام) عن الله تعالى عندما سألوه ياعلي هل رأيت ربك فقال: وكيف اعُبد ربا لم أره
فما هو تفسير هذا؟!
الجواب:

قال المازندراني في شرح اصول الكافي 3/ 181:
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : جاء حبرٌ (أي عالم من علماء اليهود) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال : يا أمير المؤمنين هل رأيت ربّك حين عبدته قال : فقال : ويلك ما كنت أعبد ربّاً لم أره ) لمّا كان أره محتملاً لمعنيين أحدهما الرُّؤية بالبصيرة القلبيّة وثانيهما الرُّؤية بالمشاهدة العينيّة وكان الثاني أشهر وأعرف حمله السائل على المعنى الثاني والمرئي بهذا المعنى لا يخلو من كيفية ووضع وجهة فلذلك ( قال : وكيف رأيته ) أي على أيِّ وضع وكيف أبصرته وفي أيِّ حيّز وجهة رأيته .
وقال في ج3/ 179:
( لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ) قيل :الإبصار بالكسر على المصدر في مقابلة الإيمان لا بالفتح على الجميع في مقابلة القلوب، وفي كتاب التوحيد للصدوق ( رحمه الله ) « بمشاهدة العيان » مكان « بمشاهدة الأبصار » . ( ولكن رأته القلوب بحقايق الإيمان ) هذا تنزيله له تعالى عن الرُّؤية بحاسّة البصر وشرح لكيفيّة الرُّؤية الممكنة له تعالى ولمّا كان تعالى شأنه منزَّهاً عن الجسميّة ولواحقها من الجهات والكيفيات وتوجيه الحدقة إليه وإدراكه بها وإنّما يرى ويدرك بحسب ما يمكن لبصيرة العقل لا جرم نزّهه عن تلك وأثبت له هذه، وأراد بحقايق الأيمان أركانه وهي التصديق بوجوده وتوحَّده وأسمائه الحسنى وسائر صفاته الثبوتيّة والسلبيّة .