وهج الإيمان
11-07-2019, 07:01 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
الدكتورة سعاد المانع المحاضره في جامعة الملك سعود تؤكد صحة إعتقاد ابن طيفور بصحة نسبة الخطبة الفدكيه للزهراء عليها السلام وخطبتها في نساء المهاجرين والأنصار وتتكلم عن البلاغه فيهما أنقل الشاهد من بحثها المهم والنفيس :
ضمن الشخصيات التاريخية نجد كلاما بليغا لفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وسلم) (ص21-30)،يظهر في أربعة نصوص لها تدور حول موضوع واحد ولكنها جاءت في مقامين مختلفين. فالنص الأول والثاني يمثلان مقالة جاءت في روايتين مختلفتين في الكتاب تخاطب فيها أبا بكر "وهو في حشد من المهاجرين والأنصار" تخاصمه حول حقها في فدك، (ص21-23،وص23-28). ويتضمن النص الثالث حوارا لها مع أبي بكر في الموقف نفسه(28-29). أما النص الرابع فمقالة تخاطب فيها مجموعة من النساء جئن يعدنها في مرضها الذي توفيت به (ص29-30 )
يتضمن أحد هذه النصوص خطبة تنسب لفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وسلم). يبدأ النص بوصف خروجها "خرجت في حشد من نسائها ولمة من قومها"؛ "حتى وقفت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار" ثم يعرض لقولها فتقول بعد أن أسبلت بينها وبينهم سجفا:
"الحمد لله على ما أنعم وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدم من عموم نعم ابتداها وسبوغ آلاء أسداها، وإحسان منن والاها، جمَّ عن الإحصاء عددها، وناء عن المجازاة أمدها، وتفاوت عن الإدراك آمالها....."(ألفي، 24)
وتقول لجماعة من النساء جئن يعدنها وهي في مرضها الذي توفيت به:
"أصبحتُ والله عائفة لدنياكم قالية لرجالكم لفظتهم بعد أن عجمتهم وشنئتهم بعد أن سبرتهم،فقبحا لفلول الحد وخور القنا وخطل الرأي (وبئسما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون)....."، "وما الذي نقموا من أبي الحسن؟ نقموا والله منه نكير سيفه وشدة وطأته ونكال وقعته وتنمره في ذات الله" (ألفي، ص29).
إن ما يثيره مثل هذا النص وما سيرد بعده من نصوص لعائشة وحفصة وأم سلمة (رضي الله عنها)، في الذهن هو التساؤل أتكون حقا جميع هذه الخطب والأقوال بصورتها اللفظية لهؤلاء النساء أم هي وضعت على ألسنتهن. ما يبعث على مثل هذا التساؤل هو كون الأسلوب الذي حملته النصوص السابقة لفاطمة بنت محمد (رضي الله عنها) عند من يألفون الأساليب العربية القديمة يبعث شيئا من الظن أنه لا يشبه الأسلوب الذي كان يشيع في أول الإسلام (حدود النصف الأول من القرن الأول الهجري). وحين ترد عند ابن طيفور إشارة تفيد أن هناك من نَسبَ ما جاء من كلام فاطمة بنت محمد (رضي الله عنها) إلى أنه من وضع أبي العيناء (ت283ه) يبدو في هذا ما قد يعزز جانب الشك في صحة نسبة هذه الخطب والأقوال إلى فاطمة رضي الله عنها (1). لكن ابن طيفور لم يورد هذه الإشارة إلا كي ينفي صحتها. فهو يقول إنه سأل عن هذا الأمر زيد بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فأكد له صحة نسبة القول إلى جدته فاطمة (رضي الله عنها ) :
"قال لي رأيت مشايخ آل أبي طالب يروونه عن آبائهم ويعلمونه أبناءهم وقد حدثَنِيه أبي عن جدي يبلغ به فاطمةَ على هذه الحكاية..."، وقد رواه بعض المشايخ "وتدارسوه بينهم قبل أن يولد جد أبي العيناء". (نسخة ألفي ص21، 28) .هنا يظهر ابن طيفور لا يشك في صحة نسبة هذه النصوص إلى فاطمة (رضي الله عنها). مع هذا فمن وجهة نظر علمية لا يغني شيئا تأكيد ابن طيفور لصحة نسبة هذه النصوص كي تثبت صحة نسبتها، لا بد من بحث علمي يثبت هذا أو ينفيه. لكن غاية البحث الحالي تتجلى حدودها في النظر في ثقافتنا العربية القديمة وكيف أن نظرتها للمرأة تتقبل نسبة البلاغة إليها.وليس يؤثر شيئا على غاية هذا البحث إثبات صحة نسبة هذه الخطب لمن نسبت إليهن أو نفيها. تمكن الملاحظة إن المنحى السياسي واضح في مضمون النصوص المذكورة لفاطمة (رضي الله عنها)، إذ تعتمد معظمها المدح لعلي رضي الله عنه، والإشارة إلى الظلم الذي حل بآل بيت النبي. هذه الناحية أيضا ليس المجال هنا مجال الخوض فيها، فمجال النقاش لها أو الجدل حولها هو البحث التاريخي. ما يعنينا من هذه الأقوال وغيرها كثير مما جاء في كتاب بلاغات النساء، هو أنها نصوص توصف بالبلاغة وتأتي منسوبة للمرأة، وهذه النصوص - بغض النظر عن أي شيءآخر- تظل تقدم لنا وجهة نظر الثقافة العربية القديمة نحو نسبة البلاغة إلى المرأة، فهي لا تنفي البلاغة عن المرأة.يسترعي الانتباه في كتاب ابن طيفور كونه يحمل تقديراً للنساء في مجال البلاغة ليس بالقليل. كما يلفت النظر في كتابه هيمنة نوع من الإطار المسرحي عليه في إيراد النصوص المنسوبة لشخصيات تاريخية من النساء، فهو يصور التفاصيل في المكان والزمان وما قد يتبع ذلك من تجمع الناس أو من حركات متصلة بمناسبة القول أو بإلقاء الخطبة.يظهر هذا مثلاً في وصف فاطمة رضي الله عنها وهي تخرج لتذهب إلى أبي بكر "لاثت خمارها على رأسها وأٍقبلت في لمة من حفدتها (ونسائها) تطأ ذيولها ما تخرم من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً" (الفي ص21)،" "حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار فنيطت دونها ملاءة، ثم أنَّت أنة أجهش القوم".
وقالت الدكتورة المانع أيضآ : سبقت الإشارة أن ابن طيفور أورد في بعض المواضيع أن بعض العلماء يرى أن النصوص المنسوبة لفاطمة مصنوعة لكنه نفى هذه الفكرة تماماً بعد أن ذكرت أنه ناقش ما قيل. في موضع آخر ذكر بعد إيراده حديثين عن عائشة أم المؤمنين أن بعض المعاصرين له يرى أن الحديثين صنعهما بعض الرواة، "زعم لي ابن سعد أنه صح عنده أن العتابي كلثوم بن عمر صنع هدين الحديثين وقد كتبتهما على ما فيهما" (الفي، ص16). ظاهر هنا أن ابن طيفور لا يميل إلى التسليم بما قاله ابن سعد لذا يستعمل كلمة "زعم" قبل قول ابن سعد. من الجميل أن ابن طيفور هنا يورد الخبر ويورد ما قيل حوله من شك ويذكر رأيه في هذا " اهـ (1)
دمتم برعاية الله
كتبته : وهج الإيمان
ــــــــــــــــــــــ
(1) المرأة وصلتها بالبلاغة في ثقافتنا العربية القديمة منشور في جريدة الرياض
اللهم صل على محمد وال محمد
الدكتورة سعاد المانع المحاضره في جامعة الملك سعود تؤكد صحة إعتقاد ابن طيفور بصحة نسبة الخطبة الفدكيه للزهراء عليها السلام وخطبتها في نساء المهاجرين والأنصار وتتكلم عن البلاغه فيهما أنقل الشاهد من بحثها المهم والنفيس :
ضمن الشخصيات التاريخية نجد كلاما بليغا لفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وسلم) (ص21-30)،يظهر في أربعة نصوص لها تدور حول موضوع واحد ولكنها جاءت في مقامين مختلفين. فالنص الأول والثاني يمثلان مقالة جاءت في روايتين مختلفتين في الكتاب تخاطب فيها أبا بكر "وهو في حشد من المهاجرين والأنصار" تخاصمه حول حقها في فدك، (ص21-23،وص23-28). ويتضمن النص الثالث حوارا لها مع أبي بكر في الموقف نفسه(28-29). أما النص الرابع فمقالة تخاطب فيها مجموعة من النساء جئن يعدنها في مرضها الذي توفيت به (ص29-30 )
يتضمن أحد هذه النصوص خطبة تنسب لفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وسلم). يبدأ النص بوصف خروجها "خرجت في حشد من نسائها ولمة من قومها"؛ "حتى وقفت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار" ثم يعرض لقولها فتقول بعد أن أسبلت بينها وبينهم سجفا:
"الحمد لله على ما أنعم وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدم من عموم نعم ابتداها وسبوغ آلاء أسداها، وإحسان منن والاها، جمَّ عن الإحصاء عددها، وناء عن المجازاة أمدها، وتفاوت عن الإدراك آمالها....."(ألفي، 24)
وتقول لجماعة من النساء جئن يعدنها وهي في مرضها الذي توفيت به:
"أصبحتُ والله عائفة لدنياكم قالية لرجالكم لفظتهم بعد أن عجمتهم وشنئتهم بعد أن سبرتهم،فقبحا لفلول الحد وخور القنا وخطل الرأي (وبئسما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون)....."، "وما الذي نقموا من أبي الحسن؟ نقموا والله منه نكير سيفه وشدة وطأته ونكال وقعته وتنمره في ذات الله" (ألفي، ص29).
إن ما يثيره مثل هذا النص وما سيرد بعده من نصوص لعائشة وحفصة وأم سلمة (رضي الله عنها)، في الذهن هو التساؤل أتكون حقا جميع هذه الخطب والأقوال بصورتها اللفظية لهؤلاء النساء أم هي وضعت على ألسنتهن. ما يبعث على مثل هذا التساؤل هو كون الأسلوب الذي حملته النصوص السابقة لفاطمة بنت محمد (رضي الله عنها) عند من يألفون الأساليب العربية القديمة يبعث شيئا من الظن أنه لا يشبه الأسلوب الذي كان يشيع في أول الإسلام (حدود النصف الأول من القرن الأول الهجري). وحين ترد عند ابن طيفور إشارة تفيد أن هناك من نَسبَ ما جاء من كلام فاطمة بنت محمد (رضي الله عنها) إلى أنه من وضع أبي العيناء (ت283ه) يبدو في هذا ما قد يعزز جانب الشك في صحة نسبة هذه الخطب والأقوال إلى فاطمة رضي الله عنها (1). لكن ابن طيفور لم يورد هذه الإشارة إلا كي ينفي صحتها. فهو يقول إنه سأل عن هذا الأمر زيد بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فأكد له صحة نسبة القول إلى جدته فاطمة (رضي الله عنها ) :
"قال لي رأيت مشايخ آل أبي طالب يروونه عن آبائهم ويعلمونه أبناءهم وقد حدثَنِيه أبي عن جدي يبلغ به فاطمةَ على هذه الحكاية..."، وقد رواه بعض المشايخ "وتدارسوه بينهم قبل أن يولد جد أبي العيناء". (نسخة ألفي ص21، 28) .هنا يظهر ابن طيفور لا يشك في صحة نسبة هذه النصوص إلى فاطمة (رضي الله عنها). مع هذا فمن وجهة نظر علمية لا يغني شيئا تأكيد ابن طيفور لصحة نسبة هذه النصوص كي تثبت صحة نسبتها، لا بد من بحث علمي يثبت هذا أو ينفيه. لكن غاية البحث الحالي تتجلى حدودها في النظر في ثقافتنا العربية القديمة وكيف أن نظرتها للمرأة تتقبل نسبة البلاغة إليها.وليس يؤثر شيئا على غاية هذا البحث إثبات صحة نسبة هذه الخطب لمن نسبت إليهن أو نفيها. تمكن الملاحظة إن المنحى السياسي واضح في مضمون النصوص المذكورة لفاطمة (رضي الله عنها)، إذ تعتمد معظمها المدح لعلي رضي الله عنه، والإشارة إلى الظلم الذي حل بآل بيت النبي. هذه الناحية أيضا ليس المجال هنا مجال الخوض فيها، فمجال النقاش لها أو الجدل حولها هو البحث التاريخي. ما يعنينا من هذه الأقوال وغيرها كثير مما جاء في كتاب بلاغات النساء، هو أنها نصوص توصف بالبلاغة وتأتي منسوبة للمرأة، وهذه النصوص - بغض النظر عن أي شيءآخر- تظل تقدم لنا وجهة نظر الثقافة العربية القديمة نحو نسبة البلاغة إلى المرأة، فهي لا تنفي البلاغة عن المرأة.يسترعي الانتباه في كتاب ابن طيفور كونه يحمل تقديراً للنساء في مجال البلاغة ليس بالقليل. كما يلفت النظر في كتابه هيمنة نوع من الإطار المسرحي عليه في إيراد النصوص المنسوبة لشخصيات تاريخية من النساء، فهو يصور التفاصيل في المكان والزمان وما قد يتبع ذلك من تجمع الناس أو من حركات متصلة بمناسبة القول أو بإلقاء الخطبة.يظهر هذا مثلاً في وصف فاطمة رضي الله عنها وهي تخرج لتذهب إلى أبي بكر "لاثت خمارها على رأسها وأٍقبلت في لمة من حفدتها (ونسائها) تطأ ذيولها ما تخرم من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً" (الفي ص21)،" "حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار فنيطت دونها ملاءة، ثم أنَّت أنة أجهش القوم".
وقالت الدكتورة المانع أيضآ : سبقت الإشارة أن ابن طيفور أورد في بعض المواضيع أن بعض العلماء يرى أن النصوص المنسوبة لفاطمة مصنوعة لكنه نفى هذه الفكرة تماماً بعد أن ذكرت أنه ناقش ما قيل. في موضع آخر ذكر بعد إيراده حديثين عن عائشة أم المؤمنين أن بعض المعاصرين له يرى أن الحديثين صنعهما بعض الرواة، "زعم لي ابن سعد أنه صح عنده أن العتابي كلثوم بن عمر صنع هدين الحديثين وقد كتبتهما على ما فيهما" (الفي، ص16). ظاهر هنا أن ابن طيفور لا يميل إلى التسليم بما قاله ابن سعد لذا يستعمل كلمة "زعم" قبل قول ابن سعد. من الجميل أن ابن طيفور هنا يورد الخبر ويورد ما قيل حوله من شك ويذكر رأيه في هذا " اهـ (1)
دمتم برعاية الله
كتبته : وهج الإيمان
ــــــــــــــــــــــ
(1) المرأة وصلتها بالبلاغة في ثقافتنا العربية القديمة منشور في جريدة الرياض