المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علّة سكوت أمير المؤمنين (عليه السلام) على ظالميه


الشيخ عباس محمد
20-07-2019, 11:52 PM
السؤال: علّة سكوت أمير المؤمنين (عليه السلام) على ظالميهلماذا سمح الأمير (عليه السلام) للخلفاء الثلاثة بسلبه حقه وحق فاطمة عليها السلام ؟
الجواب:
بالنسبة لتعامل أمير المؤمنين (عليه السلام) مع غاصبي حقوقهم كان عين الحكمة والعقل لأن أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يكن معه من ينصره حقاً ليقاتل بهم مع المحافظة على كيان الاسلام وبيضته مع إقامة الحجة على الناس عند فعله ذلك فقد طلب الامير (عليه السلام) أربعين رجلاً ليقاتل بهم فلم يحضر سوى أربعة منهم.
وقد قال (عليه السلام) عن ذلك: (أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود ناصر وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز): (نهج البلاغة/ جزء من الخطبة الشقشقية).
وكذلك قول الله تعالى: (( لا إكراه في الدين )) جعل أمير المؤمنين (عليه السلام) ومن قبله رسول ربّ العالمين لا يحملون الناس على إمامة علي بالاكراه والجبر وإنما بينوا هذا الأمر أعظم بيان وأوضحوه غاية المستطاع ولكن بعض الناس من قريش أبت ذلك وحملت الناس على ما تهوى.
مع أن الإمام والزهراء (عليهما السلام) لم يقصرا في بيان مظلوميته ومظلوميتها بامتناعه (عليه السلام)من بيعة الأول ستة أشهر, وغضّب الزهراء (عليها السلام) على أبي بكر وهجره حتى ماتت, وعدم إخبار أبي بكر بوفاتها (عليها السلام) وصلاة أمير المؤمنين (عليه السلام) عليها ودفنها ليلاً دون علم الخليفة المزعوم, وقول عائشة في البخاري ومسلم: وكان لعلي وجه حياة فاطمة فلما توفيت استنكر عليٌّ وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته, ولم يكن يبايع تلك الأشهر فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا أحد معك كراهية لمحضر عمر فقال عمر والله لا تدخل عليهم وحدك ... (حتى قال علي) ولكنك استبددت علينا بالأمر وكنا نرى لقرابتنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) نصيباً حتى فاضت عينا أبي بكر).
ثم بين أمير المؤمنين اعتراضه على خلافة عمر حين دخل على أبي بكر هو وطلحة لما حضرت أبا بكر الوفاة واستخلف عمر فقالا: مَن استخلفت؟ قال: عمر! فقالا: فماذا أنت قائل لربك؟ قال: بالله تفرقاني؟! لاَنا أعلم بالله وبعمر منكما، أقول: استخلفت عليهم خير أهلك (خير أهل مكة). رواه ابن سعد في طبقاته الكبرى وصححه الالباني في (إرواء الغليل 6/8) .
ثم بين (عليه السلام) اعتراضه على خلافة عثمان حينما أصر على تولي الحكم بعد عمر, وبقي مرشحاً إلى آخر لحظة متمسكاً بحقه وترشيحه, ولكن القوم أدركوا ذلك ولعبوها جيداً حينما اشترطوا عليه شرطاً يعلمون جيداً بأنه لن يقبله أبداً, وهي أن يبايعهم بشرط أن يسير بسيرة أبي بكر وعمر فيهم, فرفض هذا الشرط كما هو متوقع فبايعوا عثمان عليه, فقال حينها (عليه السلام) لعبد الرحمن بن عوف حينما لعب هذه اللعبة وتآمر مرة أخرى لاخراج الخلافة عن أهلها وزحزحتها عن الامام الحق بعد مؤامرة السقيفة فقال (عليه السلام) لابن عوف: (حبوته حبو دهر ليس هذا أول يوم تظاهر فيه علينا (( فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون )) والله ما وليت عثمان إلا ليرد الأمر إليك والله (( كل يوم هو في شأن )) (تاريخ المدينة لابن شبة ج2/ 920، والطبري 3/297، والكامل 2/71، وأبو الفداء في المختصر في أخبار البشر 1/165) وغيرهم.

أما بالنسبة لحق فاطمة (عليه السلام) فلم يسكت الامام (عليه السلام) فقد داعى أمير المؤمنين(عليه السلام) (بعد الزهراء وخلافها الواضح مع أبي بكر) بإرثها في زمن عمر هو والعباس لمرتين ليثبت ويؤكد أحقية الزهراء (عليه السلام) وإصرار أهل البيت على مظلوميتهم وإرثهم المغصوب, وهذا الامر قد نقله البخاري وغيره فلا يمكن لأحد إنكاره حتى قال إبن حجر شارح البخاري في (فتح الباري 6/145): والذي يظهر والله أعلم حمل الامر في ذلك على ما تقدم في الحديث الذي قبله في حق فاطمة, وأن كلاً من علي وفاطمة والعباس اعتقد أن عموم قوله: لا نورث، مخصوص ببعض ما يخلفه دون بعض, ولذلك نسب عمر إلى علي وعباس أنهما كانا يعتقدان ظلم من خالفهما في ذلك... إ هـ. وكلامه هذا إشارة الى قول عمر لعلي والعباس عن أبي بكر (فرأيتماه في كاذباً آثماً غادراً خائناً) .
وقال لهما عن نفسه أيضاً (فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً) وهذا الكلام في مسلم (ج5/152) أما البخاري فقال كعادته (فرأيتماه كذا وكذا)!!.
تعليق على الجواب (1) ماهي نص وصية الرسول ص للامام علي ع التي اشير اليها بالمقال وما مصادرها
الجواب:
ذكر سليم بن قيس في كتابه ص 134 الذي وصل الينا بطريق معتبر :
ثم أقبل النبي صلى الله عليه وآله على علي عليه السلام فقال : يا علي، إنك ستلقي بعدي من قريش شدة، من تظاهرهم عليك وظلمهم لك . فإن وجدت أعوانا عليهم فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن وافقك، فإن لم تجد أعوانا فاصبر وكف يدك ولا تلق بيدك إلى التهلكة، فإنك مني بمنزلة هارون من موسى، ولك بهارون أسوة حسنة . إنه قال لأخيه موسى : (( إِنَّ القَومَ استَضعَفُونِي وَكَادُوا يَقتُلُونَنِي )) . تظاهر الأمة على علي عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله قال سليم : وحدثني علي بن أبي طالب عليه السلام قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وآله في بعض طرق المدينة . فأتينا على حديقة فقلت : يا رسول الله، ما أحسنها من حديقة قال : ما أحسنها ولك في الجنة أحسن منها . ثم أتينا على حديقة أخرى، فقلت : يا رسول الله، ما أحسنها من حديقة قال : ما أحسنها ولك في الجنة أحسن منها . حتى أتينا على سبع حدائق، أقول : يا رسول الله، ما أحسنها ويقول : لك في الجنة أحسن منها . علي عليه السلام الشهيد الوحيد الفريد فلما خلا له الطريق اعتنقني، ثم أجهش باكيا فقال : بأبي الوحيد الشهيد فقلت : يا رسول الله، ما يبكيك ؟ فقال : ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك إلا من بعدي، أحقاد بدر وترات أحد . قلت : في سلامة من ديني ؟ قال : في سلامة من دينك . برنامج النبي عليه السلام لعلي صلى الله عليه وآله فأبشر يا علي، فإن حياتك وموتك معي، وأنت أخي وأنت وصيي وأنت صفيي ووزيري ووارثي والمؤدي عني، وأنت تقضي ديني وتنجز عداتي عني، وأنت تبرء ذمتي وتؤدي أمانتي وتقاتل على سنتي الناكثين من أمتي والقاسطين والمارقين، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى، ولك بهارون أسوة حسنة إذ استضعفه قومه وكادوا يقتلونه . فاصبر لظلم قريش إياك وتظاهرهم عليك، فإنك بمنزلة هارون من موسى ومن تبعه وهم بمنزلة العجل ومن تبعه . وإن موسى أمر هارون حين استخلفه عليهم : إن ضلوا فوجد أعوانا أن يجاهدهم بهم، وإن لم يجد أعوانا أن يكف يده ويحقن دمه ولا يفرق بينهم .