الشيخ عباس محمد
01-08-2019, 11:20 PM
السؤال: تصريحه (عليه السلام) بظلمه وأخذهم حقه بإكراهه على البيعةسلام عليكم
نريد جواب عن هل رواية
المخالفين دائما يحتجون بهلرواية فهل رواية لا تصح عندما نرى الخطبة الشقيقية التي توضح احقية الامام علي في البيعة عندما احتج على الصحابة
*************************
ويقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يذكر بيعته لأبي بكر :
( فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته ونهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل وزهق وكانت ( كلمة الله هي العليا ولو كره الكافرون )
فتولى أبو بكر تلك الأمور فيسر وسدد وقارب واقتصد فصحبته مناصحاً وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهداً ))
الغارات للثقفي جـ2 ص (305,307).
*************************
الجواب:
لا يصح الاستدلال بهذا المقطع من كلام لأمير المؤمنين (عليه السلام) على شيء إلا على طريقة تقطيع النصوص حتى تظهر بمعنى على خلاف المراد منها والذي يقرأ كاملاً سيتضح له الأمر فيقول أمير المؤمنين (عليه السلام).كما في كتاب (الغارات - إبراهيم بن محمد الثقفي - ج 1 - ص 304 – 310 ):
فلما استكمل مدته من الدنيا توفاه الله إليه سعيدا حميدا, فيا لها مصيبة خصت الأقربين وعمت جميع المسلمين, ما أصيبوا بمثلها قبلها, ولن يعاينوا بعد أختها . فلما مضى لسبيله صلى الله عليه وآله تنازع المسلمون الأمر بعده, فوالله ما كان يلقي في روعي, ولا يخطر على بالي أن العرب تعدل هذا الأمر بعد محمد صلى الله عليه وآله عن أهل بيته ولا أنهم منحوه عني من بعده, فما راعني إلا انثيال الناس على أبي بكر وإجفالهم إليه ليبايعوه, فأمسكت يدي ورأيت أني أحق بمقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الناس ممن تولى الأمر من بعده فلبثت بذاك ما شاء الله حتى رأيت راجعة من الناس رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين الله وملة محمد صلى الله عليه وآله وإبراهيم عليه السلام فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما وهدما يكون مصيبته أعظم علي من فوات ولاية أموركم التي إنما هي متاع أيام قلائل ثم يزول ما كان منها كما يزول السراب وكما يتقشع السحاب, فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته ونهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل وزهق وكانت " كلمة الله هي العليا ولو كره الكافرون . فتولى أبو بكر تلك الأمور فيسر وشدد وقارب واقتصد, فصحبته منا صحا وأطعته فيها أطاع الله (فيه) جاهدا, وما طمعت أن لو حدث به حدث وأنا حي أن يرد إلى الأمر الذي نازعته فيه طمع مستيقن ولا يئست منه يأس من لا يرجوه, ولولا خاصمة ما كان بينه وبين عمر لظننت أنه لا يدفعها عني, فلما احتضر بعث إلى عمر فولاه فسمعنا وأطعنا وناصحنا وتولى عمر الأمر وكان مرضي السيرة ميمون النقيبة حتى إذا احتضر قلت في نفسي : لن يعدلها عني فجعلني سادس ستة فما كانوا لولاية أحد أشد كراهية منهم لولايتي عليهم, فكانوا يسمعوني عند وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) أحاج أبا بكر وأقول : يا معشر قريش إنا أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم ما كان فينا من يقرأ القرآن ويعرف السنة ويدين دين الحق فخشي القوم إن أنا وليت عليهم أن لا يكون لهم في الأمر نصيب ما بقوا, فأجمعوا إجماعا واحدا, فصرفوا الولاية إلى عثمان وأخرجوني منها رجاء أن ينالوها ويتداولوها إذ يئسوا أن ينالوا من قبلي ثم قالوا : هلم فبايع وإلا جاهدناك, فبايعت مستكرها وصبرت محتسبا, فقال قائلهم : يا ابن أبي طالب إنك على هذا الأمر لحريص فقلت : أنتم أحرص مني وأبعد, أأنا أحرص إذا طلبت تراثي وحقي الذي جعلني الله ورسوله أولى به ؟ أم أنتم إذ تضربون وجهي دونه ؟ وتحولون بيني وبينه؟! فبهتوا, والله لا يهدي القوم الظالمين . اللهم إني أستعديك على قريش فإنهم قطعوا رحمي, وأصغوا إنائي, وصغروا عظيم منزلتي, وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به منهم فسلبونيه, ثم قالوا : ألا إن في الحق أن تأخذه وفي الحق أن تمنعه, فاصبر كمدا متوخما أو مت متأسفا حنقا فنظرت فإذا ليس معي رافد ولا ذاب ولا مساعد إلا أهل بيتي فضننت بهم عن الهلاك فأغضيت على القذى, وتجرعت ريقي على الشجى, وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم, وآلم للقلب من حز الشفار . حتى إذا نقمتم على عثمان أتيتموه فقتلتموه.
وفي كتاب المسترشد لان جرير الطبري رويت هكذا:
(...فلما استكمل مدته من الدنيا توفاه الله حميدا سعيدا مرضيا علمه, مشكورا سعيه, فيالها من مصيبة, خصت الأقربين, وعمت جميع المسلمين . فلما مضى لسبيله, ترك كتاب الله وأهل بيته إمامين لا يختلفان, و أخوين لا يتخاذلان, ومجتمعين لا يفترقان, قد كنت أولى الناس به مني بقميصي, فسارع المسلمون بعده, فوالله ما كان يلقي في روعي, ولا يخطر على بالي!! أن العرب تعدل هذا الامر بعد محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عني, فلما أبطأوا بالولاية علي, وهموا بإزالتها عني, وثبت الأنصار وهم كتيبة الاسلام, فقالت : إذا لم تسلموها لعلي فصاحبنا سعد بن عبادة أحق بها من غيره ! . فوالله ما أدري إلى من أشكو ؟ إما أن تكون الأنصار ظلمت حقها, و إما أن يكونوا ظلموني بل حقي المأخوذ, وأنا المظلوم!! . وقال قائل من القوم : إن رسول الله استخلف أبا بكر في حياته, لأنه أمره أن يصلي بالناس والصلاة هي الإمامة . فعلم المشورة فيه إن كان رسول الله استخلفه؟! فاتى رهط من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) يعرضون علي النصرة منهم خالد, وأبان ابنا سعيد بن العاص, والمقداد بن الأسود الكندي, وأبو ذر الغفاري, وعمار بن ياسر, وسلمان الفارسي والزبير بن العوام, وأبو سفيان بن حرب, والبراء بن مالك الأنصاري, فقلت لهم : إن عندي من نبي الله العهد وله الوصية, وليس لي أن أخالفه, و لست أجاوز أمره, وما أخذه علي الله, لو خزموا أنفي لأقررت سمعا و طاعة لله عز وجل, فبينا أنا على ذلك, إذ قيل : قد إنثال الناس على أبي بكر وأجفلوا عليه ليبايعوه, وما ظننت أنه تخلف عن جيش أسامة, إذ كان النبي (صلى الله عليه وآله) قد أمره عليه وعلى صاحبه, وقد كان أمر أن يجهز جيش أسامة, فلما رأيته قد تخلف وطمع في الامارة, ورأيت انثيال الناس عليه أمسكت يدي, ورأيت أني أحق بمقام محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الناس ممن قد رفض نفسه, فلبثت ما شاء الله حتى رأيت راجعة من الناس رجعت عن الاسلام وأظهرت ذلك يدعون إلى محو دين الله, وتغيير ملة محمد (صلى الله عليه وآله) فخشيت أن لم أنصر الاسلام وقعدت, أن أرى فيه ثلما وهدما, تكون مصيبته علي أعظم من فؤت ولاية أموركم التي إنما هي متاع أيام قلائل, ثم يزول ما كان منها كما يزول السراب, وينقشع كما ينقشع السحاب . ورأيت الناس قد امتنعوا بقعودي عن الخروج إليهم, فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فتألفته, ولولا أني فعلت ذلك لباد الاسلام, ثم نهضت في تلك الاحداث حتى أناخ الباطل, وكانت كلمة الله هي العليا ولو كره المشركون . ثم إن سعد بن عبادة, لما رأى الناس يبايعون أبا بكر, نادى : والله ما أردتها حتى صرفت عن علي, ولا أبايعكم أبدا حتى يبايعكم علي ولعلي لا أفعل وإن بايع, وأحببت أن أقطع قول سعد فركب فرسه وأتى حوران, وأقام في غسان حتى هلك, وأبى أن يبايع . وقام فروة بن عمر الأنصاري, فقال : يا معشر قريش هل فيكم رجل تحل له الخلافة, أو يقبل في الشورى فيه ما في علي ؟ قالوا : لا, قال : فهل في علي ما ليس في أحد منكم ؟ قالوا : نعم ! . قال : فما صدكم عنه؟! قالوا : اجتماع الناس على أبي بكر؟! قال : أما والله لئن كنتم أصبتم أسنتكم لقد أخطأتم سننكم, فلو جعلتموها في علي لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم . فتولى أبو بكر فصحبته والله مناصحا, وأطعته فيما أطاع الله, جاهد وما طمعت أن لو حدث به حادث وأنا حي أن يرد الامر الذي نازعته فيه إلى طمع مستيقن, ولا يئست منه يأس من لا يرجوه, ولولا خاصة ما بينه وبين عمر, وأمر قد عقداه بينهما, لظننت أنه لا يدفعها عني هذا, وقد سمع قول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لبريدة الأسلمي, وذلك: أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعثني وخالد بن الوليد إلى اليمن فقال : إذا تفرقتما فكل واحد منكما أمير على حياله, وإذا اجتمعتما فأنت يا علي أمير على خالد, فأغرنا على أبيات, وسبينا فيهم خولة بنت جعفر جان الصفا, وإنما سميت جان لحسنها, فأخذت خولة واغتنمها خالد مني ! وبعث بريدة الأسلمي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله), فأخبره بما كان مني ومن أخذي خولة, فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) : حظه في الخمس أكثر مما أخذ, إنه وليكم بعدي, ويسمعها أبو بكر وعمر ! . وهذا بريدة لم يمت, فهل بعد هذا مقال لقائل؟!, فلما احتضر بعث إلى عمر فولاه, فسمعت وأطعت, وناصحت للدين, وتولى عمر تلك الأمور, وكان مرضي السيرة, ميمون النقيبة عندهم, حتى إذا احتضر, قلت في نفسي : لن يعدلها عني, فجعلني سادس ستة, وأمر صهيبا أن يصلي بالناس ! ودعا أبا طلحة زيد بن سهل الأنصاري, فقال : كن في خمسين رجلا من قومك فاقتل من أبى أن يرضى من هؤلاء الستة, ! كيف قال : قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو عن هؤلاء الستة راض, وقال : في حالة : أقتل من أبى منهم وهم عنده ممن قد رضي الله ورسوله عنهم, إن ذلك لمن العجب!! ثم اجتمعوا فما كانوا لولاية أحد أشد كراهية منهم لولايتي عليهم, فكانوا يسمعوني أحاج أبا بكر فأقول : يا معشر قريش إنا أهل البيت أحق بهذا الامر منكم ما كان فينا من يقرأ القرآن, ويعرف السنة ويدين بدين الحق, فخشي القوم إن أنا وليت عليهم أن لا يكون لهم في الامر نصيب ما بقوا, وأخذوا بأنفاسهم, واعترض في حلوقهم, فأجمعوا إجماعا واحدا, فصرفوا الولاية عني إلى عثمان وأخرجوني من الامرة عليهم ! رجاء أن ينالوها ويتداولوها, ثم قالوا هلم فبايع وإلا جاهدناك!! . فبايعت مستكرها, وصبرت محتسبا, فقال عبد الرحمان : يا بن أبي طالب إنك على هذا الامر لحريص, قلت : حرصي على أن يرجع حقي في عافية, ولا يجوز لي عنه السكوت لاثبات الحجة عليكم, و أنتم حرصتم على دنيا تبيد, فإني قد جعلني الله ورسوله أولى به منكم, وأنتم تصرفون وجهي دونه, وتحولون بيني وبينه, فبهتوا, والله لا يهدي القوم الظالمين . اللهم إني أستعديك على قريش, فإنهم قطعوا رحمي, أضاعوا سنتي, وصغروا عظيم منزلتي, وأجمعوا على منازعتي, أمرا كنت أولى الناس به منهم فسلبونيه, ثم قالوا : ألا إن في الحق أن تأخذوه, وفي الحق أن تمنعه فاصبر كمدا أو مت متأسفا حنقا, وأيم الله لو استطاعوا أن يدفعوا قرابتي كما قطعوا سنتي لفعلوا, ولكن لم يجدوا إلى ذلك سبيلا, وكان نبي الله (صلى الله عليه وآله) عهد إلي فقال : يا ابن أبي طالب لك ولاية أمتي من بعدي فإن ولوك في عافية واجتمعوا عليك بالرضا فقم بأمرهم, وإن اختلفوا عليك فدعهم وما هم فيه, فإن الله سيجعل لك مخرجا . فنظرت فإذا ليس معي رافد ولا ذاب, ولا مساعد الا أهل بيتي فضننت بهم على الموت والهلاك ولو كان بهم حمزة أو أخي جعفر, ما بايعت كرها, فأغضبت على القذى وتجرعت الشجى, وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم والم القلوب من حز الشفار. ثم تفاقمت الأمور فما زالت تجري على غير جهتها فصبرت عليكم حتى إذا نقمتم على عثمان أنبتموه فقتلتموه, خذله أهل بدر, وقتله أهل مصر, ما أمرت ولا نهيت عنه, ولو أمرت به لكنت قاتلا, ولو نهيت عنه لصرت ناصرا).
فالمستدل بطريقة تقطيع النص يريد القول إن الإمام علي بايع بأختياره من دون أن يكون هناك أي دافع آخر له على البيعة فيورد النص: (فبايعته ونهضت مع الخ) بينما الذي يقرأ النص كاملاً يجد بوضوح الدافع لهذه البيعة التي جاءت متأخرة بزمن لم يحدده الإمام والدافع هو ما قاله الإمام: (حتى رأيت راجعة من الناس رجعت عن الإسلام يدعون إلى محمودين محمد وملة إبراهيم (عليهما السلام) فخشيت أم لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى في الإسلام ثلماً وهو ما تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم).
مع أن النص عند الطبري صاحب المسترشد فيه ( فتألفته) وفيه من الدلالة ما فيه أقلها عدم الرضا به وبولايته وأما التصريح بأنهم ظلموه وأخذوا حقّه واستعدائه على قريش ووصف أصحاب الشورى بالظالمين وغير ذلك من العبارات فلا يحتاج إلى تعليق .
تعليق على الجواب (1) ما ورد في كتاب المسترشد لا يتناسب مع بلاغة الامام علي (عليه السلام) التي هي جلية في (نهج البلاغة) لا يعتريها الريب، ويكاد القارئ يجزم بأنه موضوع ومجيّر ليخدم فكرة وعقيدة يعتقد بها الواضع.
إلا أن يقال أنه منقول عن راويه بالمعنى المفهوم لا بدقة اللفظ.
وأيا كان فالاستدلال به ساقط.
الجواب:
الكلام المذكور الذي رواه ابن جرير الطبري في كتاب (المسترشد) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قد رواه بختلاف ابن أعثم كما ذكرنا، وهو وإن لم يكن بمستوى خطب (نهج البلاغة) حيث أن الرضي قد اختار ما في الذروة العليا منها، إلا إن ذلك لا ينفي نسبته الى أمير المؤمنين (عليه السلام) ولو بالمعنى.
نعم، يمكن المناقشة في سند الحديث، ولكن لا يحكم عليه بالوضع حسب الصناعة في علم الحديث، فلاحظ.
نريد جواب عن هل رواية
المخالفين دائما يحتجون بهلرواية فهل رواية لا تصح عندما نرى الخطبة الشقيقية التي توضح احقية الامام علي في البيعة عندما احتج على الصحابة
*************************
ويقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يذكر بيعته لأبي بكر :
( فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته ونهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل وزهق وكانت ( كلمة الله هي العليا ولو كره الكافرون )
فتولى أبو بكر تلك الأمور فيسر وسدد وقارب واقتصد فصحبته مناصحاً وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهداً ))
الغارات للثقفي جـ2 ص (305,307).
*************************
الجواب:
لا يصح الاستدلال بهذا المقطع من كلام لأمير المؤمنين (عليه السلام) على شيء إلا على طريقة تقطيع النصوص حتى تظهر بمعنى على خلاف المراد منها والذي يقرأ كاملاً سيتضح له الأمر فيقول أمير المؤمنين (عليه السلام).كما في كتاب (الغارات - إبراهيم بن محمد الثقفي - ج 1 - ص 304 – 310 ):
فلما استكمل مدته من الدنيا توفاه الله إليه سعيدا حميدا, فيا لها مصيبة خصت الأقربين وعمت جميع المسلمين, ما أصيبوا بمثلها قبلها, ولن يعاينوا بعد أختها . فلما مضى لسبيله صلى الله عليه وآله تنازع المسلمون الأمر بعده, فوالله ما كان يلقي في روعي, ولا يخطر على بالي أن العرب تعدل هذا الأمر بعد محمد صلى الله عليه وآله عن أهل بيته ولا أنهم منحوه عني من بعده, فما راعني إلا انثيال الناس على أبي بكر وإجفالهم إليه ليبايعوه, فأمسكت يدي ورأيت أني أحق بمقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الناس ممن تولى الأمر من بعده فلبثت بذاك ما شاء الله حتى رأيت راجعة من الناس رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين الله وملة محمد صلى الله عليه وآله وإبراهيم عليه السلام فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما وهدما يكون مصيبته أعظم علي من فوات ولاية أموركم التي إنما هي متاع أيام قلائل ثم يزول ما كان منها كما يزول السراب وكما يتقشع السحاب, فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته ونهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل وزهق وكانت " كلمة الله هي العليا ولو كره الكافرون . فتولى أبو بكر تلك الأمور فيسر وشدد وقارب واقتصد, فصحبته منا صحا وأطعته فيها أطاع الله (فيه) جاهدا, وما طمعت أن لو حدث به حدث وأنا حي أن يرد إلى الأمر الذي نازعته فيه طمع مستيقن ولا يئست منه يأس من لا يرجوه, ولولا خاصمة ما كان بينه وبين عمر لظننت أنه لا يدفعها عني, فلما احتضر بعث إلى عمر فولاه فسمعنا وأطعنا وناصحنا وتولى عمر الأمر وكان مرضي السيرة ميمون النقيبة حتى إذا احتضر قلت في نفسي : لن يعدلها عني فجعلني سادس ستة فما كانوا لولاية أحد أشد كراهية منهم لولايتي عليهم, فكانوا يسمعوني عند وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) أحاج أبا بكر وأقول : يا معشر قريش إنا أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم ما كان فينا من يقرأ القرآن ويعرف السنة ويدين دين الحق فخشي القوم إن أنا وليت عليهم أن لا يكون لهم في الأمر نصيب ما بقوا, فأجمعوا إجماعا واحدا, فصرفوا الولاية إلى عثمان وأخرجوني منها رجاء أن ينالوها ويتداولوها إذ يئسوا أن ينالوا من قبلي ثم قالوا : هلم فبايع وإلا جاهدناك, فبايعت مستكرها وصبرت محتسبا, فقال قائلهم : يا ابن أبي طالب إنك على هذا الأمر لحريص فقلت : أنتم أحرص مني وأبعد, أأنا أحرص إذا طلبت تراثي وحقي الذي جعلني الله ورسوله أولى به ؟ أم أنتم إذ تضربون وجهي دونه ؟ وتحولون بيني وبينه؟! فبهتوا, والله لا يهدي القوم الظالمين . اللهم إني أستعديك على قريش فإنهم قطعوا رحمي, وأصغوا إنائي, وصغروا عظيم منزلتي, وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به منهم فسلبونيه, ثم قالوا : ألا إن في الحق أن تأخذه وفي الحق أن تمنعه, فاصبر كمدا متوخما أو مت متأسفا حنقا فنظرت فإذا ليس معي رافد ولا ذاب ولا مساعد إلا أهل بيتي فضننت بهم عن الهلاك فأغضيت على القذى, وتجرعت ريقي على الشجى, وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم, وآلم للقلب من حز الشفار . حتى إذا نقمتم على عثمان أتيتموه فقتلتموه.
وفي كتاب المسترشد لان جرير الطبري رويت هكذا:
(...فلما استكمل مدته من الدنيا توفاه الله حميدا سعيدا مرضيا علمه, مشكورا سعيه, فيالها من مصيبة, خصت الأقربين, وعمت جميع المسلمين . فلما مضى لسبيله, ترك كتاب الله وأهل بيته إمامين لا يختلفان, و أخوين لا يتخاذلان, ومجتمعين لا يفترقان, قد كنت أولى الناس به مني بقميصي, فسارع المسلمون بعده, فوالله ما كان يلقي في روعي, ولا يخطر على بالي!! أن العرب تعدل هذا الامر بعد محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عني, فلما أبطأوا بالولاية علي, وهموا بإزالتها عني, وثبت الأنصار وهم كتيبة الاسلام, فقالت : إذا لم تسلموها لعلي فصاحبنا سعد بن عبادة أحق بها من غيره ! . فوالله ما أدري إلى من أشكو ؟ إما أن تكون الأنصار ظلمت حقها, و إما أن يكونوا ظلموني بل حقي المأخوذ, وأنا المظلوم!! . وقال قائل من القوم : إن رسول الله استخلف أبا بكر في حياته, لأنه أمره أن يصلي بالناس والصلاة هي الإمامة . فعلم المشورة فيه إن كان رسول الله استخلفه؟! فاتى رهط من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) يعرضون علي النصرة منهم خالد, وأبان ابنا سعيد بن العاص, والمقداد بن الأسود الكندي, وأبو ذر الغفاري, وعمار بن ياسر, وسلمان الفارسي والزبير بن العوام, وأبو سفيان بن حرب, والبراء بن مالك الأنصاري, فقلت لهم : إن عندي من نبي الله العهد وله الوصية, وليس لي أن أخالفه, و لست أجاوز أمره, وما أخذه علي الله, لو خزموا أنفي لأقررت سمعا و طاعة لله عز وجل, فبينا أنا على ذلك, إذ قيل : قد إنثال الناس على أبي بكر وأجفلوا عليه ليبايعوه, وما ظننت أنه تخلف عن جيش أسامة, إذ كان النبي (صلى الله عليه وآله) قد أمره عليه وعلى صاحبه, وقد كان أمر أن يجهز جيش أسامة, فلما رأيته قد تخلف وطمع في الامارة, ورأيت انثيال الناس عليه أمسكت يدي, ورأيت أني أحق بمقام محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الناس ممن قد رفض نفسه, فلبثت ما شاء الله حتى رأيت راجعة من الناس رجعت عن الاسلام وأظهرت ذلك يدعون إلى محو دين الله, وتغيير ملة محمد (صلى الله عليه وآله) فخشيت أن لم أنصر الاسلام وقعدت, أن أرى فيه ثلما وهدما, تكون مصيبته علي أعظم من فؤت ولاية أموركم التي إنما هي متاع أيام قلائل, ثم يزول ما كان منها كما يزول السراب, وينقشع كما ينقشع السحاب . ورأيت الناس قد امتنعوا بقعودي عن الخروج إليهم, فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فتألفته, ولولا أني فعلت ذلك لباد الاسلام, ثم نهضت في تلك الاحداث حتى أناخ الباطل, وكانت كلمة الله هي العليا ولو كره المشركون . ثم إن سعد بن عبادة, لما رأى الناس يبايعون أبا بكر, نادى : والله ما أردتها حتى صرفت عن علي, ولا أبايعكم أبدا حتى يبايعكم علي ولعلي لا أفعل وإن بايع, وأحببت أن أقطع قول سعد فركب فرسه وأتى حوران, وأقام في غسان حتى هلك, وأبى أن يبايع . وقام فروة بن عمر الأنصاري, فقال : يا معشر قريش هل فيكم رجل تحل له الخلافة, أو يقبل في الشورى فيه ما في علي ؟ قالوا : لا, قال : فهل في علي ما ليس في أحد منكم ؟ قالوا : نعم ! . قال : فما صدكم عنه؟! قالوا : اجتماع الناس على أبي بكر؟! قال : أما والله لئن كنتم أصبتم أسنتكم لقد أخطأتم سننكم, فلو جعلتموها في علي لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم . فتولى أبو بكر فصحبته والله مناصحا, وأطعته فيما أطاع الله, جاهد وما طمعت أن لو حدث به حادث وأنا حي أن يرد الامر الذي نازعته فيه إلى طمع مستيقن, ولا يئست منه يأس من لا يرجوه, ولولا خاصة ما بينه وبين عمر, وأمر قد عقداه بينهما, لظننت أنه لا يدفعها عني هذا, وقد سمع قول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لبريدة الأسلمي, وذلك: أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعثني وخالد بن الوليد إلى اليمن فقال : إذا تفرقتما فكل واحد منكما أمير على حياله, وإذا اجتمعتما فأنت يا علي أمير على خالد, فأغرنا على أبيات, وسبينا فيهم خولة بنت جعفر جان الصفا, وإنما سميت جان لحسنها, فأخذت خولة واغتنمها خالد مني ! وبعث بريدة الأسلمي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله), فأخبره بما كان مني ومن أخذي خولة, فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) : حظه في الخمس أكثر مما أخذ, إنه وليكم بعدي, ويسمعها أبو بكر وعمر ! . وهذا بريدة لم يمت, فهل بعد هذا مقال لقائل؟!, فلما احتضر بعث إلى عمر فولاه, فسمعت وأطعت, وناصحت للدين, وتولى عمر تلك الأمور, وكان مرضي السيرة, ميمون النقيبة عندهم, حتى إذا احتضر, قلت في نفسي : لن يعدلها عني, فجعلني سادس ستة, وأمر صهيبا أن يصلي بالناس ! ودعا أبا طلحة زيد بن سهل الأنصاري, فقال : كن في خمسين رجلا من قومك فاقتل من أبى أن يرضى من هؤلاء الستة, ! كيف قال : قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو عن هؤلاء الستة راض, وقال : في حالة : أقتل من أبى منهم وهم عنده ممن قد رضي الله ورسوله عنهم, إن ذلك لمن العجب!! ثم اجتمعوا فما كانوا لولاية أحد أشد كراهية منهم لولايتي عليهم, فكانوا يسمعوني أحاج أبا بكر فأقول : يا معشر قريش إنا أهل البيت أحق بهذا الامر منكم ما كان فينا من يقرأ القرآن, ويعرف السنة ويدين بدين الحق, فخشي القوم إن أنا وليت عليهم أن لا يكون لهم في الامر نصيب ما بقوا, وأخذوا بأنفاسهم, واعترض في حلوقهم, فأجمعوا إجماعا واحدا, فصرفوا الولاية عني إلى عثمان وأخرجوني من الامرة عليهم ! رجاء أن ينالوها ويتداولوها, ثم قالوا هلم فبايع وإلا جاهدناك!! . فبايعت مستكرها, وصبرت محتسبا, فقال عبد الرحمان : يا بن أبي طالب إنك على هذا الامر لحريص, قلت : حرصي على أن يرجع حقي في عافية, ولا يجوز لي عنه السكوت لاثبات الحجة عليكم, و أنتم حرصتم على دنيا تبيد, فإني قد جعلني الله ورسوله أولى به منكم, وأنتم تصرفون وجهي دونه, وتحولون بيني وبينه, فبهتوا, والله لا يهدي القوم الظالمين . اللهم إني أستعديك على قريش, فإنهم قطعوا رحمي, أضاعوا سنتي, وصغروا عظيم منزلتي, وأجمعوا على منازعتي, أمرا كنت أولى الناس به منهم فسلبونيه, ثم قالوا : ألا إن في الحق أن تأخذوه, وفي الحق أن تمنعه فاصبر كمدا أو مت متأسفا حنقا, وأيم الله لو استطاعوا أن يدفعوا قرابتي كما قطعوا سنتي لفعلوا, ولكن لم يجدوا إلى ذلك سبيلا, وكان نبي الله (صلى الله عليه وآله) عهد إلي فقال : يا ابن أبي طالب لك ولاية أمتي من بعدي فإن ولوك في عافية واجتمعوا عليك بالرضا فقم بأمرهم, وإن اختلفوا عليك فدعهم وما هم فيه, فإن الله سيجعل لك مخرجا . فنظرت فإذا ليس معي رافد ولا ذاب, ولا مساعد الا أهل بيتي فضننت بهم على الموت والهلاك ولو كان بهم حمزة أو أخي جعفر, ما بايعت كرها, فأغضبت على القذى وتجرعت الشجى, وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم والم القلوب من حز الشفار. ثم تفاقمت الأمور فما زالت تجري على غير جهتها فصبرت عليكم حتى إذا نقمتم على عثمان أنبتموه فقتلتموه, خذله أهل بدر, وقتله أهل مصر, ما أمرت ولا نهيت عنه, ولو أمرت به لكنت قاتلا, ولو نهيت عنه لصرت ناصرا).
فالمستدل بطريقة تقطيع النص يريد القول إن الإمام علي بايع بأختياره من دون أن يكون هناك أي دافع آخر له على البيعة فيورد النص: (فبايعته ونهضت مع الخ) بينما الذي يقرأ النص كاملاً يجد بوضوح الدافع لهذه البيعة التي جاءت متأخرة بزمن لم يحدده الإمام والدافع هو ما قاله الإمام: (حتى رأيت راجعة من الناس رجعت عن الإسلام يدعون إلى محمودين محمد وملة إبراهيم (عليهما السلام) فخشيت أم لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى في الإسلام ثلماً وهو ما تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم).
مع أن النص عند الطبري صاحب المسترشد فيه ( فتألفته) وفيه من الدلالة ما فيه أقلها عدم الرضا به وبولايته وأما التصريح بأنهم ظلموه وأخذوا حقّه واستعدائه على قريش ووصف أصحاب الشورى بالظالمين وغير ذلك من العبارات فلا يحتاج إلى تعليق .
تعليق على الجواب (1) ما ورد في كتاب المسترشد لا يتناسب مع بلاغة الامام علي (عليه السلام) التي هي جلية في (نهج البلاغة) لا يعتريها الريب، ويكاد القارئ يجزم بأنه موضوع ومجيّر ليخدم فكرة وعقيدة يعتقد بها الواضع.
إلا أن يقال أنه منقول عن راويه بالمعنى المفهوم لا بدقة اللفظ.
وأيا كان فالاستدلال به ساقط.
الجواب:
الكلام المذكور الذي رواه ابن جرير الطبري في كتاب (المسترشد) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قد رواه بختلاف ابن أعثم كما ذكرنا، وهو وإن لم يكن بمستوى خطب (نهج البلاغة) حيث أن الرضي قد اختار ما في الذروة العليا منها، إلا إن ذلك لا ينفي نسبته الى أمير المؤمنين (عليه السلام) ولو بالمعنى.
نعم، يمكن المناقشة في سند الحديث، ولكن لا يحكم عليه بالوضع حسب الصناعة في علم الحديث، فلاحظ.