المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هكذا تاب التائبون....كل يوم قصة....


الثابت
08-12-2007, 06:31 PM
احببت ان اضع هذه القصص بين ايدكم

وهي قصص التائبين الى الله

ونحن بحاجه الى هذه القصص التى تهز نا وتنبهنا من غفلتنا

ونخاف الله رب العالمين ونتوب اليه

ولا شك ان عرض النماذج المختلفه من التائبين مما سيوجد الهمة للانابة الى الله تعالى ..
ولا شك ان الله تعالى سيحتج بهؤلاء ، امام الذين يتذرعون يوم القيامة بغلبة الشهوات وجبر البيئة وما شابه ذلك من الاعذار التى لا تقبل من العبد ..
رزقنا الله تعالى واياكم ان نكون فى ركب التائبين اليه ، بحق محمد واله الطاهرين

وكل يوم قصة تائب الى الله

عسى ان يعجبكم الموضوع

نتوكل على الله

1 - التطاول على اعراض الناس

كان من المتعارف في زمن الرسول صلّى الله عليه وآله ، انهم حينما يريدون الخروج إلى الجهاد ، يعقدون بين كلّ رجلين عقد اخوّة ، لكي يهتم احدهما بعد ذهاب الاخر إلى الجهاد بشؤون عائلته وداره.
وفي غزوة تبوك عقد رسول الله صلّى الله عليه وآله عقد اخوّة بين سعيد بن عبد الرحمن وثعلبة الأنصاري ؛ وسار سعيد إلى الجهاد بصحبة الرسول ، وبقي ثعلبة في المدينة لقضاء حاجات عائلته ؛ فكان يأتي كلّ يوم ويجلب لهم الماء والحطب وما شابه ذلك .
وفي أحد الايام كلمته زوجة سعيد من وراء حجاب عن بعض متطلبات البيت ، فوسوست له نفسه بالنظر اليها ورؤيتها، فأزاح الحجاب ونظر اليها فرآها جميلة، وقد علت محياها أمارات الخجل والحياء ..فغلبه هواه وسولت له نفسه بالدنو منها ليضمّها اليه ، ولكنها صرخت به: ويحك يا ثعلبة !.. زوجي يجاهد مع رسول الله ، وانت هنا تتطاول على عرضه؟!..
فنزل هذا الكلام كالصاعقة على راس ثعلبة ، فهرب صوب الصحاري والجبال ، وصار يبكي وينوح ويولول هناك ليلاً ونهاراً ، ويقول: الهي !.. انت معروف بالمغفرة ،وانا موصوف بالذنب .
وبقي على هذا الحال مدة طويلة وهو يستغفر ربّه إلى ان عاد الرسول من الجهاد . ولما وصل سعيد إلى داره سأل أول ما سأل عن ثعلبة ، فقصت عليه زوجته القصة ، وقالت: انّه لازال في البراري يبكي وينوح .
خرج سعيد من داره ليبحث عن ثعلبة، إلى ان وجده اخيراً جالساً خلف صخرة ويده على رأسه وينادي : واندمتاه !.. واخجلتاه !.. وافضيحتاه يوم القيامة !.. فدنا منه سعيد وقال : انهض يا اخي!.. لنذهب إلى رسول الله ، لعله يجد لك من هذا الموقف مخرجاً.
فقال ثعلبة : ان كان لا بد من الذهاب إلى الرسول فاربط يديًّ ورقبتي وخذني اليه كالعبد الآبق .. فاضطر سعيد إلى ربط يديه ورقبته بالحبل وسار به إلى المدينة. وكانت لثعلبة بنت تدعى حمصانة لما سمعت بقدوم ابيها ركضت اليه ، ولما رأته على هذا الحال ترقرقت الدموع في عينيها وقالت : ما هذا الذي اراك فيه يا ابة ؟!.. قال لها: يا بنيّتي !.. هذا حال المذنبين في الدنيا ، فما بالك بهم في الآخرة .. ومرّوا على باب احد الصحابة فخرج من داره ، ولما علم بالخبر طرد ثعلبة وقال: اذهب فاني اخشى ان أحترق بنار معصيتك .
وكان كّل من يلقاه يطرده خشية ان يٌصاب بعذاب معصيته ، إلى ان جاء إلى امير المؤمنين عليه السلام ، فقال له : ويحك يا ثعلبة!.. الا تعلم ان رأفة الله بمن جاهد في سبيله اكثر من غيره ؟.. وهذا العمل ليس له الاّ رسول الله صلّى الله عليه وآله.
جاء ثعلبة على هذا الحال ووقف على باب دار الرسول صلّى الله عليه وآله وصاح: " المذنب المذنب"، فاذن الرسول بدخوله ، وسأله: ما هذا يا ثعلبة؟.. فقصَّ عليه ثعلبة القصة ، فقال له الرسول :لقد أتيت امراً عظيما ، فاذهب واستغفر ربك وادعوه لنرى بماذا يأمر.
خرج ثعلبة من دار الرسول واتجه الى الصحراء ، فجاءته ابنته وقالت : يا أبتي لقد رق لك قلبي ، وكنت ارغب في المسير معك اينما ذهبت ، ولكن بما ان الرسول قد طردك فاني لا ارغب في اللحاق بك .
هام ثعلبة في الصحراء يبكي ويتمرغ على الرمضاء وينادي : الهي !.. لقد طردني الجميع ، يا مؤنس من لا أنيس له !.. ان لم تأخذ بيدي ، فمن ذا الذي يأخذ بيدي ؟.. وان لم تقبل عذري ، فمن ذا الذي يقبل عذري ؟..
ومرت به أيام وهو على هذا الحال من البكاء والنياح ، وقضى الليالي وهو يتضرع إلى ربه .. وفي ختام المطاف نزل الوحي على رسول الله عند صلاة العصر وقرأ عليه الآية الشريفة :
{ والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الاّ الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون }. سورة آل عمران: 135
وقال الأمين جبرائيل لرسول الله صلّى الله عليه وآله : ان الله يأمرك ان تستغفر لثعلبة.
ارسل رسول الله علياً عليه السلام، وسلمان رضوان الله عليه للبحث عن ثعلبة .. وفي الطريق لقيا راعياً فسألاه عنه فقال: في الليل يأتي رجل ويبكي تحت هذه الشجرة. فانتظراه إلى الليل ، فجاء ثعلبة وبدأ بالدعاء والإستغفار قائلاَ : إلهي !.. لا ملاذ لي غيرك ، فان طردتني فبمن اعوذ ولمن التجئ ؟..
فبكى امير المؤمنين ودنا منه وقال : ابشر يا ثعلبة ان الله قد غفر لك ، وان رسول الله يدعوك ، وقرأ عليه الآية الشريفة التي نزلت في توبته ، فنهض ثعلبة وسار برفقته إلى رسول الله، ودخلوا عليه المسجد فوجدوه يصلي وصلّوا خلفه ، وقرأ الرسول في الصلاة بعد سورة الحمد سورة التكاثر.
وما إن قرأ الآية الاولى { الهاكم التكاثر } حتى صرخ ثعلبة ، ولما قرأ الآية الثانية { حتى زرتم المقابر} صرخ مرة اخرى . ولما قرا الآية الثالثة {كلا سوف تعلمون} صرخ وخر على الارض .. وبعد ان فرغوا من الصلاة ، امر الرسول فنضحوا الماء على وجهه ، لكنه لم يفق وظل مطروحاً على الارض كالخشبة اليابسة ، وادركوا ان ثعلبة قد اسلم روحه لله .
تألم الرسول والصحابة لهذه الحادثة وبكوا .. وسمعت حمصانة بنته بالخبر فجاءت إلى المسجد باكية مولولة وقالت : يا رسول الله!.. انك لما طردت ابي أعرضتُ عنه وجعلت لقاءه رهناً برضاك عنه .. واني الآن مسرورة لما غفر من ذنوبه، وانّه مات وانت عنه راضٍ .
عزّاها الرسول بوفاة والدها وشارك في تكفينه وتشييعه ودفنه .
قال الشاعر:
يا ذا الذي اتّخذ الزمان مطيةً وخطى الزمان كثيرة العثــرات
ماذا تقول وليس عندك حجة لو قد أتـــاك مــهدّم اللذات
او ما تقول إذا سئلت فلم تجب وإذا دعيت وأنت في الغمرات
ديوان أبي العتاهية: ص76

عاشق الزهراء
08-12-2007, 06:50 PM
الثابت شكرا على هذا الموضوع الجميل والرائع

الثابت
08-12-2007, 10:50 PM
مشكور اخي الكريم عاشق الزهراء على مروركم الكريم

الثابت
09-12-2007, 04:14 PM
2 - عشرون سنة من المعصية
كان في بني اسرائيل شاب عَبد الله عشرين سنة ، ثم عصاه عشرين سنة، ثم نظر في المرآة فرآى الشيب في لحيته فساءه ذلك فقال :
إلهي !.. اطعتك عشرين سنة ، ثم عصيتك عشرين سنة ، فان رجعت اليك اتقبلني ؟.. فسمع قائلاً يقول :
" أحببتنا فأحببناك ، وتركتنا فتركناك ، وعصيتنا فأمهلناك ، وان رجعت قبلناك ".
ثم انّه تاب وصار في جملة العباد . وهذه الرحمة الالهية تسع جميع العاصين .
قال الشاعر :
الاّ لله انت فتـىً وكهـلا ً تلوح على مفارقك الذنــوب
هو الموت الذي لابد منـه فلا يلعب بك الأمل الكذوب
وكيف تريد ان تدعى حكيما وأنت لكل ما تهوى ركــوب
وتصبح ضاحكاً ظهراً لبطنٍ وتذكر ما اجترحت فلا تذوب
ديوان أبي العتاهية: ص35

عيون السهارى
10-12-2007, 02:53 AM
مشكور اخوي الثابت على هذه القصص الرائعة ونتمنى منك المزيد

الثابت
10-12-2007, 05:04 PM
مشكور اخي الكريم عيون السهاري

على مروركم الكريم

وسوف نستمر باذن الله

الثابت
10-12-2007, 05:07 PM
3-توبة نصوح
كان" نصوح " رجلاً امراداً، لا ينبت الشعر في وجهه وله كالنساء ثديان .. وكان يعمل حينذاك في احد حمامات النساء ويغسل اجسامهن .. وكان على درجة من المهارة في عمله ، بحيث ان جميع النساء كن يرغبن في ان يتولى نصوح تنظيفهن في الحمام .. وشاع صيته في الافاق حتّى بلغ مسامع بنت الملك في ذلك الزمن ،فمالت نفسها إلى رؤيته ؛ فارسلت اليه واحضر بين يديها ،ولما رأته أعجبها وأبقته عندها تلك الليلة ، وفي الصباح أمرت بإخلاء الحمام ومنعت الناس من دخوله ، ثم اخذت نصوح معها وامرته بتنظيف بدنها .
شاءت الأقدار ان تفقد بنت الملك جوهرة ثمينة ، فغضبت وأمرت اثنين من حاشيتها بتفتيش جميع العاملين هناك للعثور على الجوهرة .
راح الموكّلون يفتشون العاملين الواحد تلو الاخر إلى ان وصل الدور إلى نصوح، فخاف إذا فتّشوه ان يفتضح حاله ؛ ولهذا ابى ان يخضع للتفتيش ، واخذ يهرب منهم هنا وهناك ويتظاهر بأنَّ الجوهرة عنده ، مما جعل الموكّلين يجدون اكثر في طلبه .
لم يجد نصوح أمامه من طريق للخلاص سوى الدخول في خزان الماء ، ولما رآهم دخلوا الخزان للقبض عليه وانّه شارف على الفضيحة اتّجه إلى ربه من اعماق قلبه وتاب من سيئاته بكل اخلاص ، ومدََّ يد الحاجة إلى ربّه داعياً اياه لانقاذه من هذه الفضيحة.
وما ان تاب نصوح واستغفر ربه على معاصيه ، حتى جاء صوت من خارج الحمام ينادي: كفّوا عن هذه المسكينة فقد وجدت الجوهرة . فكفوا عنه ، وشكر نصوح ربّه ، واستأذن من الاميرة وذهب إلى داره ، وقسم على الفقراء كلّ مال حصل عليه من الحرام .. ولما كان اهالي ذلك البلد يرغبون في عمله ولا يكفون عنه ، لم يكن قادراً على البقاء فيه.. وهو من جانب آخر لم يكن قادراً على البوح بسره لأحد ، فاضطر لمغادرة المدينة والعيش في جبل يبعد عنها عدّة فراسخ ، واستغرق هناك بالعبادة .
وفي احدى الليالي رأى في المنام شخصاً يقول له : يا نصوح !..كيف تبت وهذا لحم بدنك قد نبت من الحرام ؟!.. يجب ان تذيب هذا اللحم ..وما ان افاق حتى قرر حمل الصخور الثقيلة ليذيب لحم بدنه.. داوم نصوح على عمله ذاك حتى وقع بصره يوماً على نعجة كانت ترعى في ذلك الجبل ، ففكر في امرها من اين جاءت ، ومن عسى ان يكون صاحبها ؟.. واستقر رأيه في اخر المطاف على انها لا بد وان تكون قد هربت من راعيها ، ولا بد من الإحتفاظ بها إلى ان يإتي ويأخذها .. فامسكها واحتفظ بها عنده ، وكان يطعمها من النباتات التي يأكل هو منها .
مضت على هذا الحال عدّة ايام فانطق الله النعجة وقالت : يا نصوح !.. اشكر ربّك الذي خلقني لك ، فصار نصوح من ذلك الوقت يشرب من حليبها . وهو إلى جانب هذا يكثر من عبادة ربّه.. إلى ان صادف وان مرّت من هناك قافلة ضلّت طريقها ، والناس فيها قد شارفوا على الهلاك من شدّة العطش. فرأوا نصوح وطلبوا منه الماء ، فقال لهم :أعطوني اوانيكم لاعطيكم بدل الماء حليباً ،فجاؤوه بالاواني وقدم لهم حليباً فشربوا منها جميعا .. وهكذا انقذ نصوح القافلة من الهلاك ، ودلهم بعدها على الطريق إلى المدينة.
وقبل السير الى المدينة قدّم كلّ واحد من افراد القافلة مبلغا من المال لنصوح ازاء ما قدمه لهم من خدمة .. وبما ان الطريق الذي عليه كان اقرب إلى المدينة ، لذلك جعلوا طريقهم الدائمي من هناك ، ثم علمت سائر القوافل بذلك الطريق فتركت الطريق القديم واخذت تسلك هذا الطريق .. وكان مرور القوافل من هناك سبباً في حصول نصوح على مال وفير، صار يبني به الابنية ، ويحفر الآبار ، ويصلح الاراضي ويعدّها للزراعة، وسكن فيها قوم واستطاع ان يبسط بينهم العدالة، وتولى هو زمام امورهم .. وكان الجميع ينظرون اليه هناك نظرة اجلال واكبار .
اشتهر اسم نصوح تدريجياً وشاع بين الناس حسن تدبيره، حتى بلغ اسماع الملك وهو والد تلك الاميرة .. فصار الملك يتشوق الى رؤيته فأمر بدعوته إلى البلاط ، ولكن نصوح رفض تلبية دعوة الملك وقال : لا شأن لي بالدنيا واهل الدنيا ، واعتذر عن الذهاب إلى بلاط الملك .. ولما بلغ الملك مقالة نصوح تعجب وقال : ان كان قد اعتذر عن المجيء الينا فما أولانا بالمسير اليه ومشاهدة قلعته الجديدة عن قرب ، وسار مع خاصّته إلى الموضع الذي يعيش فيه نصوح .
وما ان وصلوا إلى هناك حتّى جاء أمر الله بقبض روح الملك .. ولما بلغ نصوح الخبر ، وعلم ان الملك كان قد خرج من مدينته للقائه وتوفي في الطريق ، حضر للمشاركة في تشييعه ودفنه.. وهذا الملك لم يكن له ابن يرث حكمه وهذا ما دفع اركان الدولة الى التفكير في انتخاب نصوح ملكاً ، وهذا ما حصل فعلا ، واصبح نصوح ملكاً بسط العدل في جميع ارجاء بلاده ، وتزوج بنت الملك وهي الاميرة التي سبق الحديث عنها .. وفي ليلة الزفاف دخل عليه رجل وقال : كنت قبل سنوات راعياً وفي احد الأيام فقدت نعجة ، ووجدتها الان عندك .. هيا رد اليَّ مالي .
قال نصوح : كما تحب سآمرهم الآن ان يعطوك نعجة.. فقال الرجل : بما انك حفظت لي النعجة ، فان ما شربته من حليبها حلال لك ، لكن القسم الذي جنيت من ورائه منافع يكون مناصفة بيني وبينك ..امر نصوح باعطائه نصف امواله وممتلكاته ، وامر الكتاب بتقسيم البلد بينهما مناصفة، فقال له الراعي : يا نصوح !..بقي شيء لم نقسمه .. فقال نصوح: وما هو ؟!..
قال : هذه الفتاة التي تريد الزواج بها، لأنها جاءتك من نفع نعجتي .. قال نصوح: ان تقسيم الفتاة يعني موتها ، فهب نصفها لي .. فرفض الراعي..قال له نصوح : اهب لك نصف ملكي ، وهب لي الفتاة .. فرفض الراعي أيضاً .. فقال له نصوح : أهب لك كلّ ملكي ، وانصرف عن هذا الرأي .. فلم يوافق الراعي .. فاضطر نصوح إلى استدعاء السياف، وامره بتقسيم الفتاة إلى نصفين ، فاستل السياف سيفه واراد ان يضربها على رأسها ، فجزعت وخرّت مغشياً عليها ..عندها امسك الراعي يد السياف وقال لنصوح : اعلم انني لست راع ، ولا تلك نعجة .. بل كلانا ملكين ارسلنا الله لاختبارك .. وبغتة غابا كلاهما عن الانظار .
شكر نصوح ربّه ، واستمر من بعد زواجه يعبد الله ويحكم البلد بالعدل .. وقال البعض : ان الآية الشريفة { وتوبوا الى الله توبة نصوحاً } . سورة التحريم: 8 انما تشير غلى مثل هذا الشخص .
نستنتج من هذه القصة ان من يتوب، يصلح الله امر دنياه وآخرته ، ويستجيب دعاءه ، ويكتب له العزّة والكرامة عند الناس وعند الملائكة ، ويجزيه افضل جزاء الدنيا والآخرة .
قال الشاعر:
تبارك ربي لا يزال ولم يزل عظيم العطايا رازقاً دائم السبب
لهجت بدار الموت مستحسناً لها وحسبي له دار المنية من عيب
لعمرك ما عين من الموت في عمىً وما عقل ذي عقل من البعث في ريب
ديوان أبي العتاهية: ص54

الثابت
11-12-2007, 03:45 PM
4- عهد مع الله
عاهد شاب ربّه ان لايتعلق قلبه بشئ من حطام الدنيا ، وان لاينظر إلى زخرفها لأنها تنسيه ذكر الله .. وفي احد الأيام مر في السوق على دكان لبيع المجوهرات ، فرأى فيه حزاماً مرصعاً بابهى الدرر واغلى الأحجار الكريمة ، فنسي عهده مع ربّه ، وظل يتأمله مليّاً وقلبه لايمل النظر اليه.. وما ان جاوز هذا الشاب دكان الجواهري حتى افتقد الجواهري الحزام ، فخرج من دكانه على الفور وتعلق بالفتى وقال : يا سارق انت سرقت الحزام ، واني غير تاركك الاّ ان تعيده اليًّ .. واقتاده إلى الحاكم ، قائلاً: ايها الحاكم !.. هذا الفتى سارق؛ سرق مني حزاماً مرصعاً بالجواهر.
تأمل الحاكم الشاب ملياً وقال : لا يبدو لي انّه سارق ، فسيماه غير دالة على انه من اصحاب هذه الفعال .. الاّ ان صاحب الحزام اصر على قوله وشرح له القصة .. فأمر الحاكم بتفتيشه ، ووجدوا الحزام تحت ثيابه .. تعجب الحكم، وقال غاضباً: يا فتى!.. أما تستحي تلبس لباس الأخيار وتعمل عمل الفجار؟.. ذعر الفتى وقال: اصبر علي يا مولاي حتّى اقص عليك حقيقة امري.. ثم رفع طرفه إلى السماء وقال : يا إلهي !.. لا اعود لمثلها، لقد نسيت ذكرك ووقعت في المعصية ، واني في غاية الندم فاقبل توبتي ولاتفضحني .
ظن القاضي ان الفتى انما اعترف بالسرقة ، فغضب وامر به ليجرده من ثيابه ويضربونه بالسوط .. وفجأة سمعوا صوتاً ولم يروا قائله: ( دعوه لاتضربوه انما اردنا تأديبه) .. تغير القاضي وندم على فعله ، واعتذر من الفتى، وطلب منه ان يقص عليه امره.. فاخبره الفتى بعهده مع ربّه ، وكيف انّه نقض العهد، فوقع على أثر ذلك في تلك الورطة.
ولما سمع صاحب الحزام بالقصّة ، ندم على فعله أيضاً، واقسم عليه ان يأخذ الحزام ويقيله خطأه .. فقال له الفتى : هذا لا يكون ابداً ،فاني قد اوقعت نفسي في هذه الورطة ونلت جزائي عليها .
قال الشاعر :
لا تنظرون إلىالفتى وفنونه وأنظر لحفظ عهوده ووفائه
فاذا رأيت المــرء قــام بعهده فِأحبسه فاق الكلّ في عليائه
رباعيات الخيام: ص12

الثابت
15-12-2007, 05:33 PM
5- بهلول النبّاش
دخل معاذ بن جبل على الرسول صلّى الله عليه وآله باكياً ، فسلّم فرد عليه السلام ثم قال: ما يبكيك يا معاذ؟!.. فقال : يا رسول الله، ان بالباب شاباً طري الجسد، نقي اللون ، حسن الصورة ، يبكي على شبابه بكاء الثكلى على ولدها يريد الدخول عليك.. فقال النبي صلّى الله عليه وآله: ادخل عليًّ الشاب يا معاذ ؟!.. فادخله عليه فسلم فرد عليه السلام ، ثم قال : ما يبكيك يا شاب ؟.. قال : وكيف لا ابكي ، وقد ركبت ذنوباً ان اخذني الله عز وجل ببعضها ادخلني نار جهنم ؟.. ولا أراني الاّ سيأخذني بها ولا يغفر لي ابداً.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : هل اشركت بالله شيئاً ؟..
قال : أعوذ بالله ان اشرك بربّي شيئاً.
قال : اقتلت النفس التي حرم الله ؟.. قال : لا.
فقال النبي (ص) : يغفر الله ذنوبك ، وان كانت مثل الجبال الرواسي .
فقال الشاب : فانها أعظم من الجبال الرواسي .
فقال النبي صلّى الله وعليه آله : يغفر الله لك ذنوبك ، وان كانت مثل الأرضين السبع وبحارها ورمالها واشجارها وما فيها من الخلق.
قال : فانها اعظم من الأرضين السبع وبحارها ورمالها واشجارها وما فيها من الخلق.
فقال النبي صلّى الله عليه وآله : يغفر الله ذنوبك ، وان كانت مثل السماوات ونجومها ، ومثل العرش والكرسي .
قال : فانّها اعظم من ذلك .
قال : فنظر اليه النبي صلّى الله عليه وآله كهيئة الغضبان ثم قال : ويحك يا شاب!.. ذنوبك اعظم أم ربك ؟..
فخر الشاب لوجهه وهو يقول : سبحان ربي !.. ما شيء اعظم من ربّي، ربي اعظم يا نبي الله من كلّ عظيم.
فقال النبي صلّى الله عليه وآله : فهل يغفر الذنب العظيم الاّ الرب العظيم ؟..
قال الشاب : لا والله يا رسول الله .
ثم سكت الشاب .. فقال له النبي : ويحك يا شاب!.. الاّ تخبرني بذنب واحد من ذنوبك؟..
قال : بلى اخبرك؛ اني كنت أنبش القبور سبع سنين ، اخرج الأموات ، انزع الأكفان ، فماتت جارية من بعض بنات الانصار، فلما حملت إلى قبرها ودفنت ، وانصرف عنه اهلها ، وجنًّ عليهم الليل، أتيت قبرها فنبشتها ثم استخرجتها ونزعت ما كان عليها من اكفانها ، وتركتها متجردة على شفير قبرها ، ومضيت منصرفاً ، فأتاني الشيطان فأقبل يُزينها لي ، ويقول : أما ترى بطنها وبياضها ، أما ترى وركيها؟.. فلم يزل يقول لي هذا حتى رجعت اليها، ولم املك نفسي حتى جامعتها وتركتها مكانها.. فاذا بصوت من ورائي يقول : يا شاب ويلك من ديان يوم الدين !.. يوم يقفني واياك كما تركتني عريانة في عسكر الموتى ، ونزعتني من حفرتي وسلبتني اكفاني ، وتركتني اقوم جنبة إلى حسابي ، فويل لشبابك من النار !.. فما أظن اني اشم ريح الجنّة ابداً فما ترى يا رسول الله ؟.. فقال النبي صلّى الله عليه وآله : تنح عني يا فاسق ، اني اخاف ان احترق بنارك ، فما اقربك من النار ! ..
ثم لم يزل عليه السلام يشير اليه ويقول حتّى امعن من بين يديه.. فذهب فأتى المدينة فتزود منها، ثم أتى بعض جبالها فتعبد فيها ،ولبس مسحاً ، وغلًّ يديه جميعاً إلى عنقه، ونادى :
يا رب !.. هذا عبدك بهلول بين يديك مغلول.
يا رب !.. أنت الذي تعرفني ، وزل مني ما تعلم يا سيدي !..
يا رب !.. اصبحت من النادمين .
ولم يزل على هذا الحال يدعو ورفع يديه إلى السماء وقال : اللهم ان كنت استجبت دعائي وغفرت خطيئتي ، فأوح إلى نبيّك ، وان لم تستجب دعائي ولم تغفر لي خطيئتي ، وازددت عقوبتي، فعجّل بنار تحرقني عقوبة في الدنيا تهلكني ، وخلصني من فضيحة يوم القيامة .. فانزل الله تبارك وتعالى على نبيّه: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الاّ الله .... }. سورة آل عمران: 135
خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وقال لاصحابه : من يدلني على ذلك الشاب؟.. فقال معاذ : بلغنا يا رسول الله انّه في موضع كذا وكذا .. فمضى رسول الله باصحابه حتى انتهوا اليه ، فاذا به يبكي وقد اسود وجهه وتساقطت اشفار عينيه .. فدنا رسول الله صلّى الله عليه وآله فاطلق يديه من عنقه ، وقال : يا بهلول!.. ابشر فانك عتيق الله من النار ، ثم قال لأصحابه : هكذا تداركوا الذنوب كما تداركها بهلول .
ينسب الى الامام علي عليه السلام انه قال :
قريح القلب من وجع الذنوب نحيل الجسم يشهق بالنحيب
أحز بجسمه سهر الليالي فصار الجسم منه كالقضيب
وغير لونه خوف شديد لما يلقاه من طول الكروب
ينادي بالتضرع يا الهي اقلني عثرتي واستر عيوبي
ديوان الإمام علي (ع): ص29

عاشقة الزهراء ع
15-12-2007, 09:57 PM
شكرا لك على القصص
المفيدة وجزاك الله خير الجزاء
نريد المزيد

الثابت
16-12-2007, 02:03 PM
شكرا لكي اختي الكريمة عاشقة الزهراء على مروركم الكريم

الثابت
16-12-2007, 02:05 PM
6- توبة الحداد
نقل الحسن البصري انّه قال : مررت في سوق الحدادين ببغداد ، فوقعبصري على حداد يمد يده في الكورة ،ويمسك الحديد الأحمر الذائب بدون ان يشعر بحرارته ،ويضعه على السندان ويطرقه بالمطرقة ، ويخرجه بأي شكل يشاء .. وعند مشاهدتي لهذا الأمر العجيب ، وجدت في نفسي رغبة لسؤاله ، فتقدمت اليه وسلمت عليه فرد عليًّ السلام ، فسألته :ايها السيّد !.. الاّ تؤذيك نار الكورة ،حر الحديد المذاب ؟ .. قال : لا . قلت : وكيف ؟..
قال: مرت علينا هنا ايام من القحط والجوع .. أما انا فكنت قد خزنت كلّ شيء .. وجائتني ذات يوم امراة وجيهة الطلعة حسنة الصورة وقالت : يا رجل!.. ان لي ايتاماً صغاراًَ يتضورون جوعاً، وهم بحاجة إلى قليل من الطعام ، واطلب منك ان تهبني شيئاً من الحنطة في سبيل الله ، ولانقاذ حياة هؤلاء الصبية .. وبما انني فتنت بجمالها من خلال نظرة واحدة ، قلت لها : إذا كنت تريدين الحنطة فيجب ان اقضي منك حاجتي ..غضبت المرأة لهذا الكلام واعرضت عني وذهبت .
وفي اليوم التالي عادت اليًّ باكية وكررت ما طلبته في اليوم الاول ، فأعدت عليها ما كنت قد طلبته منها .. فعادت ادراجها صفر اليدين .. وجاءتني في اليوم الثالث وهي غاية الأسى وقالت : ان أطفالي على وشك الموت، فارجوا ان تنقذهم من الجوع والموت .. فكررت عليها طلبي . ويبدو ان الجوع انهكها فلم تعد لها قدرة على المقاومة .
وعلى كلّ فانّها حين اقتربت مني كانت تقول : ارحمني ايها الرجل انا واطفالي!.. فنحن جياع وبحاجة إلى قليل من الطعام . فقلت لها : أيتها المرأة لا تضيّعي وقتي سدىً ، تعالي اقضي منك حاجتي واعطيك الحنطة .
وعندها اكثرت من البكاء وقالت : انني لم ارتكب قط هذا العمل الحرام، ولكني مضطرة الآن لتلبية طلبك لانني وأطفالي ما ذقنا الطعام منذ ثلاثة ايام ، ولكن لي عليك شرط . فقلت : ماهو شرطك ؟.. قالت : ان تأخذني إلى مكان لايرانا فيه احد .
يقول الحداد : فوافقت على طلبها واخليت لها الدار .. وما ان دنوت لاقضي حاجتي منها رأيتها تضطرب ، وقالت : لم كذبت عليًّ ولم تفي لي بالشرط؟.. قلت : واي شرط هذا ؟.. قالت : ألم تعاهدني على أن تأخذني إلى مكان لا يرانا فيه أحد ؟.. قلت : نعم ، أليس هذا المكان خالٍ ؟.. قالت : وكيف هو خالٍ وفيه خمسة يشهدوننا وهم : الله الذي يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور ، والملكان الموكّلان بك ، والملكان الموكّلان بي ، هؤلاء كلّهم حاضرون ويشاهدون عملنا ، ومع هذا أراك واهم ان لا يرانا هنا . خف ربّك يا رجل ، واصرف شهوتك عنّي ، يصرف عنك حرّ النّار .
تنّبهت من كلامها هذا ، وفكرت مع نفسي وقلت : ان هذه المراة مع ما بها من جوع وضيق تخاف ربّها إلى هذه الدرجة ، وانا لا اخشى مع كلّ هذه النعم التي منًّ بها عليًّ ؟..
تبت إلى ربي من ساعتي تلك ، وتركت المرأة واعطيتها ما ارادت واذنت لها بالانصراف .. ولما رأت هذا الموقف منّي رفعت طرفها إلى السماء وقالت : اللهم !.. كما صرف هذا الرجل شهوته عني ، اصرف عنه حر النار في الدنيا والآخرة ..ومنذ تلك اللحظة التي دعت لي المرأة فيها بهذا الدعاء صرت لا اشعر بحر النار .
قال الشاعر :
يا ايّها المرء المضــيع دينـــه احراز دينك خير شيء تصنع
والله ارحم بالفتى من نفســــه فاعمل فما كلفت ما لم تستطع
والحق أفضل ما قصدت سبيله والله أكـرم مـن تــزور
فامد لنفسك صالحاً تجزى به وانظر لنفسك أي أمر تتبع
ديوان أبي العتاهية: ص253

الثابت
18-12-2007, 02:47 AM
7- الشاب العاصي
نقل نجيب الدين ، وكان من اكابر علماء عصره ، يقول : كنت ذات ليلة في مقبرة ، فرايت اربعة اشخاص قادمين يحملون جنازة .. فتقدمت اليهم وانكرت عليهم جلب الجنازة في هذا الوقت من الليل ، وقلت : يبدو لي من فعلكم انكم قتلتم انساناً وتريدون دفنه في منتصف الليل ،لكي لايطلع أحد على اسراركم .
قالوا : لاتسئ الظن يا رجل ، لأن ام الفتى معنا . فتقدمت اليًّ عجوز كانت معهم ، سألتها: لماذا جئت بابنك إلى المقبرة في منتصف الليل ؟..
قالت : كان ابني فاعلاً للمعاصي ، وقبل ان يموت اوصى بعدّة وصايا ، منها : اذا مت ضعي في رقبتي حبلاً ، واسحبيني إلى الدار وقولي : هذا عبدك العاصي الهارب وقع في قبضة الموت ، وقد احكمت وثاقه وجئتك به ، فارحمه .. واوصى اذا مات ان ادفنه ليلاً ، لكي لايرى جنازته أحد ويتذكر معاصيه فيتعذّب .. وثالثاً ان تدفنيني بنفسك وتضعيني في لحدي ، لعل الله اذا رأى شيبك يرأف بي ويغفر لي .. صحيح اني تبت وندمت على افعالي ولكن عليك تنفيذ هذه الوصايا.
ولما مات وضعت حبلاً في رقبته وسحبته ، وبغتة سمعت هاتفاً يقول: {ألا ان أولياء الله هم الفائزون }. لا تفعلي هذا بعبدي العاصي ، فانا نعلم ما نصنع به .
فرحت لقبول توبته وجئت به إلى المقبرة . وطلبت منها ان تسمح لي بدفنه، فوافقت ، وما ان وضعته في قبره ولحدته حتى سمعت منادياً يقول :
{ ألا انّ اولياء الله هم الفائزون } . ففهمت ان توبة العاصي تقبل، وان الله لا يرضى اهانة العاصي التائب .
قال الشاعر :
افنيت عمرك باغترارك ومناك فيه وانتضارك
ونسيت ماا لا بد منـه وكان اولـى بأذكّارك
وان اعتبرت بما ترى فكفاك علماً باعتبارك
لك ساعة تأتيك من ساعات ليلك أو نهارك
بـادر بحدك قبل أن تقضى وتنزعج من قرارك
ديوان أبي العتاهية

الثابت
19-12-2007, 11:01 AM
8- توبة العابد
روي انه كان في جبل لبنان رجل من العبّاد منزوياً عن الناس في غار في ذلك الجبل، وكان يصوم النهار ، ويأتيه كل ليلة رغيف يفطر على نصفهويتسحّر بالنصف الآخر .. وكان على ذلك الحال مدّة طويلة لا ينزل من ذلك الجبل أصلاً ، فاتفق ان انقطع عنه الرغيف ليلة من الليالي ، فاشتد جوعه وقل هجوعه، فصلى العشائين وبات في تلك الليلة في انتظار شيء يدفع به الجوع فلم يتيسّر له شيء .
وكان في اسفل ذلك الجبل قرية سكّانها نصارى. فعندما اصبح العبد نزل اليهم واستطعم شيخاً منهم ، فاعطاه رغيفين من خبز الشعير ، فأخذهما وتوجّه إلى الجبل ، وكان في دار ذلك الشيخ كلب أجرب مهزول ، فلحق العابد ونبح عليه وتعلق باذياله ،فألقى عليه العابد رغيفاً من ذينك الرغيفين ليشغل به عنه .. فأكل الكلب ذلك الرغيف ولحق العابد مرّة اخرى ، واخذ في النباح والهرير ، فألقى اليه العابد الرغيف الآخر ، فاكله ولحقه تارة ثالثة ، واشتد هريره وتشبّث بذيل العابد ومزّقه، فقال العابد : سبحان الله !.. اني لم أر كلباً اقل حياءً منك ، ان صاحبك لم يعطيني إلاّ رغيفين وقد اخذتهما منّي .. ماذا تطلب بهريرك وتمزق ثيابي ؟..
فانطق الله تعالى الكلب فقال : لست انا قليل الحياء ، اعلم اني ربيت في دار ذلك النصراني، احرس غنمه ، واحفظ داره، واقنع بما يدفع اليًّ من خبز او عظام ، وربّما نسيني فأبقى أياماً لا آكل شيئاً ، بل ربما تمضي ايام لا يجد هو لنفسه شيئاً ولا لي ، ومع ذلك لم افارق داره منذ عرفت نفسي ولا توجهت إلى باب غيره.. بل كان دأبي انه ان حصل شيء شكرت وإلاّ صبرت .. وأما انت فبانقطاع الرغيف عنك ليلة واحدة ، لم يكن عندك صبر ولا كان لك تحمّل حتى توجهت من باب رازق العباد إلى باب نصراني ، وطويت كشحك عن الحبيب ،وصالحت عدوّه المريب . فقل: اينا اقل حياءً انا أم أنت ؟.. فلما سمع العابد ذلك ضرب بيديه على رأسه وخر مغشياً عليه .
يُنسب الى الامام علي عليه السلام انّه قال :
الهي لاتعذبني فإني مقر بالذي قد كان مني
فما لي حيلة الاّرجائي بعفوك ان عفوت وحسن ظني
فكم من زلة لي في الخطايا عضضت أناملي وقرعت سني
يظن الناس بي خيراً واني لشر الخلق ان لم تعف عني .
ديوان الإمام علي (ع): ص128

الثابت
20-12-2007, 03:35 PM
9- شعوانة
كانت بالبصرة امرأة تسمّى شعوانة مشهورة بالتهتك والرقص والبغاء ، وما كان مجلس فساد يقام إلاّ وفيه شعوانة .. كانت ذات يوم تسير هي وجواريها في أحد الأزقّة وصادف ان مرّت عند باب أحد الزهاد في ذلك العصر ، وتناهى إلى سمعها هناك صوت بكاء وعويل من داخل الدار .
ارسلت احدى جواريها لتأتيها بخبر ما يجري ، وأمرتها ان تعود اليها سريعاً.. وقالت مع نفسها : ان في البصرة عزاءً ونحن لاندري.. ودخلت الجارية الدار ولم تعد، فأرسلت وراءها بجارية أخرى ، ولكن الثانية لم تعد هي الأخرى .. وارسلت من بعدهما سائر الجواري، ولم تعد اليها أية واحدة منهن. غضبت وقالت : ما الخبر ؟.. ارسلت جميع الجواري ، ولم تعد واحدة منهن .. لا بد وان هنالك سر في هذه الدار ، وما هذا العزاء بعزاء اموات ، بل عزاء الاحياء ، هذا عزاء المذنبين ، العاصين ، المجرمين ، واصحاب الصحائف السود .. ثم قررت ان تدخل الدار بنفسها لتطلع على حقيقة الامر .
دخلت الدار فوجدت رجلاً صالحاً على المنبر وناساً كثيرين حول المنبر يبكون ، كان الواعظ يفسّر لهم الآية الكريمة: { واذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيّظاً وزفيراً }. سورة الفرقان: 12.. وانهم اذا ألقوا فيها تربط اعناقهم بسلاسل من حديد :
{ واذا ألقوا منها مكاناً ضيّقاً مقرّنين دعوا هنالك ثبوراً} .سورة الفرقان: 13.. فيناديهم مالك : ويحكم !.. سرعان ما تعالت اصواتكم ، لازلتم في البداية ، وهل رأيتم حرّها ؟.. ان وراءكم عذاباً وآلاماً اكثر ، فكيف ستفعلون ؟..
ما ان سمعت شعوانة تفسير هذه الآية ، حتّى استشعرتها في اعماق قلبها واخذت تبكي ونادت : وهل اذا تاب العبد تُقبل توبته، مع كل هذه الذنوب ، ويجعل له مكاناً عنده في الجنّة ؟.. قال لها الشيخ : الله ارحم الراحمين ، توبي يتوب الله عنك ، وان كانت ذنوبك كذنوب شعوانة.
قالت : يا شيخ ، انا شعوانة، تبت إلى الله ، ولن اعاود ارتكاب الذنوب. قال لها : ما دمت قد تبت ، تاب الله عليك ، وغفر لك ذنوبك .
كانت توبة شعوانة صادقة ، فانفقت كل ثروة حصلت عليها من هذا العمل، واعتقت كل غلمانها وجواريها ، واتخذت لنفسها صومعة في الصحراء وانهمكت بالعبادة والرياضة إلى ان ذاب لحمها .
جاءت ذات يوم إلىالحمام لتغتسل ونظرت إلى بدنها ، فوجدت نفسها قد صارت ضعيفة وقد لصق جلدها بالعظم فتحسرت وقالت :آه يا شعوانة هكذا صار حالك في الدنيا !.. ولا اعلم ماذا سيكون شأنك غداً في الآخرة ؟!..
فجأة سمعت صوتاً ينادي: يا شعوانة !.. لا تبعدي عنا والزمي بابنا لنرى ما سيكون عليه شأنك غداً في الآخرة .. فكبر شأنها شيئاً فشيئاً حتّى غدت من الاولياء ، وصاروا يعقدون مجلساً تتحدث هي فيه وتهطل دموعها.
أجل ، كل من يتصالح مع ربّه ويهجر الذنوب يبلغ هذه المنزلة .
قال الشاعر :
ومن يتّبع شهوة بعد شهوةٍ ملحاً تقسم عقله الشهوات
ومن يأمن الدنيا وليس بحلوها ولامرها فيما رأيت ثبات
اجابت نفوس داعي الله فاقضت وأخرى لداعي الموت منتظرات
ديوان أبي العتاهية: ص87

الثابت
22-12-2007, 08:56 PM
10- التوبة عن الشراب
قرأت في كتاب الذنوب الكبيرة ، المجلد الثاني ، للمرحوم الشهيد آية الله دستغيب رضوان الله تعالى عليه ، انه لما نزلت آية تحريم الخمر، نادى منادي الرسول : انه لايجوز لأحد شرب الخمر ، ويورد في ذلك قصّة لطيفة وهي: ان رسول الله صلّى الله عليه وآله، كان ماراً في أحد شوارع المدينة، فرأى أحد المسلمين وفي يده قارورة فيها خمر، لما رأى رسول الله قادماًَ خاف وقال : سيفتضح امري - لأنه كان شديد المحبّة للرسول - وقال في نفسه: اللهم!.. اني عصيتك ، واني تائب من ذنبي هذا ، ولن اعاود شرب الخمر، فلا تفضحني عند رسولك .
ولما دنا من الرسول سأله : ما في هذه القارورة ؟.. فقال من شدّة وجله: فيها خل.. فقال له: ان كان فيها خل ، ضع شيئاً منه في يدي!.. ومد يده المباركة ، سكب مقداراً منها في يده ، ورأى ان ما سكب في يد الرسول خل حقّاً .
بكى الرجل وقال : كان في هذه القارورة خمراً، ولكن بما اني تبت إلى الله ،وطلبت منه ان لايفضحني، قبل توبتي واستجاب دعائي .
فقال رسول الله: { فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات }. سورة الفرقان: 70
قال الشاعر :
لا عذر لي قد أتى المشيب فليت شعري متى أتوب
ابليس قد غرني ونفسي ومسني منـها اللغوب
ولست أدري اذا أتاني رسول ربي بما أجيب
هل أنا عند الجواب مني أخطأ في القول أم اصيب
ام انا يوم الحساب ناج أم لي في ناره نصيب
ديوان أبي العتاهية: ص38

الثابت
23-12-2007, 03:53 AM
11- توبة فُضَيل
روي ان الفضيل بن عياض كان في بداية امره من قطاع الطريق ،الذين لا يتورعون عن ارتكاب اية كبيرة ، وكان اسمه يثير الرعب في النفوس، حتى ان خليفة ذلك العصر هارون الرشيد كان يخشاه .
وفي أحد الأيام وقف على ضفة نهر ليسقي فرسه ، اذ وقع بصره على فتاة في غاية الجمال ، تحمل على كتفها قربة ومتجهة صوب الماء ، تريد ملء القربة.. فوقع حبّها في قلبه ، وما ان رفع عنها بصره حتى ملأت قربتها وذهبت .
امر اتباعه باقتفاء اثرها حتى اذا بلغت دارها طرقوا الباب ،وابلغوا اهلها بوجوب اعداد هذه الفتاة الجميلة ، واخلاء الدار تلك الليلة ، لأن فضيل راغب بوصالها. ( ولهذا السبب نادى الاسلام بوجوب الحجاب ، حتى لاتقع عين الأجنبي على المرأة ، وما يتمخض عن ذلك من الآم وكوارث ) .
ما ان بلغ الخبر ابويها حتّى استولى عليهما الذعر .. واضطر إلى استدعاء بعض وجوه البلد للبحث عن مخرج من هذا الموقف.. فقيل لهم : لا بد من التضحية بالفتاة في سبيل المدينة، لأن فضيل اذا لم ينل بغيته سيحرق كل شيء في تلك المدينة .. فاضطر ابواها إلى اعدادها واخلاء الدار .
دخل فضيل المدينة ليلاً وتسلق الجدار ، وعبر سطوح بعض الدور ليصل إلى دار الفتاة ، وهناك تناهى إلى سمعه صوت قراءة قرآن ، فانصت اليه واذا هو رجل يتلوا الآية الشريفة : { ألم يأن للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله }.
فأثرت هذه الآية في نفسه وعاد ونزل من الجدار وتغيّر حاله ، وقال بنية خالصة وقلب نقي : يا الهي !.. لقد آن وقت الخشوع .
تاب فضيل الى ربّه توبة خالصة ، وسار تلك الليلة على وجهه إلى ان وصل الى خربة، فرأى فيها بعض التجار والمسافرين الذين لجأوا إلى هذه الخربة خوفاً من فضيل وعصابته ، وحطّوا رحالهم هنا ، وهم على وشك المسير ويقول بعضهم لبعض: كيف لنا ان نتخلص من شّر فضيل ؛ فمن المؤكد انه سيهجم علينا هذه الليلة ويسلبنا متاعنا .
تأثر فضيل اكثر عند سماع هذا الكلام ، لأنه كان سبباً في ترويع الناس وايجاد الذعر في القلوب ، فتقدم اليهم وعرفهم بنفسه وقال لهم : طيبوا نفساً بعد اليوم ، فضيل تاب وسلك طريق الله .
انتهج فضيل طريق الزهد حتّى غدا واحداً من عرفاء وزهاد عصره.. يروي ان هارون الرشيد رأى عند ذهابه إلى مكة حلقة من الناس حول رجل يعظهم وهم يبكون ، فسأل عنه ، قيل له : هذا فضيل الفاسق قد تاب الان .. كان هارون الرشيد من قبل يخشى غاراته وقطعه للطريق ، وهو اليوم يخشى زهده وتقواه .
كان فضيل يسجل في دفتر لديه اسماء وعناوين الأشخاص في كل قافلة يسلبها ، ولما تاب قصد اصحاب الأموال التي سرقها منهم ،ووجد اغلبهم واسترضاهم ، أما الذين لم يجدهم فقد دفع عنهم الصدقات رداً للمظالم ، إلاّ رجلاً واحداً يهودياً من نواحي الشام، كان فضيل قد سلبه مالاً كثيراً فأبى ان يصفح عنه ، وقال انني اقسمت ان لا اخذ بدل مالي المسلوب إلاّ ذهباً، ولكنّك ما دمت جاداً في طلبك ولا مال لديك، فلا بأس ان تذهب وتأخذ من اموالي وذهبي الموجود تحت فراشي ، وتقدمه لي بقصد أداء ما عليك من دين حتّى أكون قد بررت بقسمي ، وتكون أنت أيضاً قد بلغت حاجتك.
مد فضيل يده تحت الفراش واخرج مقداراً من الذهب واعطاه لليهودي ، فقال من فوره انطقني بالشهادتين ، لقد آمنت باله محمد ، ولا معنى بعد هذا للبقاء على الديانة اليهودية ؛ لاني قرأت في التوراة ،ان احدى صفات أتباع رسول آخر الزمان ، هي ان احدهم اذا اخلص لله التوبة من ذنوبه ، يبدل الله التراب في يده ذهباً ، اعلم انه لم يكن تحت فراشي إلاّ التراب.. وانني انما اردت امتحانك ، ولما ابدل الله التراب بيدك ذهباً تكشفت لي حقيقتان ؛الاولى : هي انك تائب حقّاً ومن صميم قلبك.. والثانية :هي ان الدين الذي انبأ عنه موسى في التوراة ، والذي اعتبره ناسخاً لدينه وللدين الذي يأتي بعده ( اي المسيحية) هو الدين الذي انت عليه.
وبهذا اسلم ذلك اليهودي على يد فضيل .
قال الشاعر :
إلى كم طول صـبتونا بـدار رأيت لها اغتصاباً واستلابا
الا ما للكهول وللتصــابي اذ ما اغترّ مكتهل تصـابى
فزعت إلى خضاب الشيب مني وان نصوله فضح الخضابا
ديوان أبي العتاهية: ص33

hassan.khalifa
24-12-2007, 05:09 PM
جزاك الله الف الف الف خير على المجهود الرائع والجميل....

عاشقه الحسن والحسين
24-12-2007, 10:21 PM
يسلموووووووووووو........

الثابت
29-12-2007, 02:36 AM
مشكورين اخواني على مروركم الكريم

الثابت
29-12-2007, 02:39 AM
12- توبة جار فاسق
جاء في المجلد الحادي عشر من كتاب بحار الانوار ، ان ابا بصير قال : كان لي جار يتبع السلطان ، فاصاب مالاً فاتّخذ قياناً وغلماناً .. وكان يجمع الجموع، ويشرب المسكر، ويؤذيني؛ فشكوته إلى نفسه غير مرة فلم ينته .. فلما الححت عليه قال : يا هذا !.. انا رجل مبتلى، وانت رجل معافي ، فلو عرفتني لصاحبك (يعني الإمام الصادق عليه السلام) رجوت ان يستنقذني الله بك.. فوقع ذلك في قلبي ، فلما صرت إلى ابي عبد الله عليه السلام ذكرت له حاله ، فقال لي : اذا رجعت إلى الكوفة فانّه سيأتيك فقل له : قال لك جعفر بن محمد : دع ما انت عليه وأضمن لك الجنة .
فلما رجعت إلى الكوفة أتاني فيمن أتى ، فاحتسبته حتى خلا منزلي فقلت : يا هذا !.. اني ذكرتك لابي عبدالله عليه السلام ، فقال : أقرئه السلام وقل له: يترك ما هو عليه واضمن له الجنة، فبكى ثم قال : بالله قال جعفر عليه السلام هذا !.. فحلفت انه قال لي ما قلت لك ، فقال لي : حسبك ومضى !..
فلما كان بعد ايام بعث اليًّ ودعاني ، فاذا هو خلف داره عريان فقال : يا ابا بصير !.. ما بقي في منزلي شيء إلاّ وخرجت منه وأنا كما ترى .. فمشيت الى اخواني، فجمعت له ما كسوته به .. ثم لم يأت عليه إلاّ ايام يسيرة حتى بعث الي اني عليل فأتني .. فجعلت اختلف اليه واعالجه حتى نزل به الموت ، فكنت عنده جالساً وهو يجود بنفسه ثم اغشي ثم افاق ، فقال : يا ابو بصير !.. قد وفي صاحبك لنا ، ثم مات.
فحججت فأتيت ابا عبدالله عليه السلام فاستأذنت عليه ، فلما دخلت قال لي مبتدئاً - من داخل البيت واحدى رجلي في الصحن والاخرى في دهليز داره-: يا ابا بصير !.. قد وفينا لصاحبك .
قال الشاعر :
حتى متى يا نفس تغتر ين بالأمل الكـذوب
يا نفس توبـــي قبل ان لاتستطيعي أن تتوبي
واستغفري لذنبك الر حمان غفّار الذنوب
________________________________________

hassan.khalifa
29-12-2007, 07:32 AM
ان الله توابا رحيم..

سلمت يداك اخ ثابت وننتظر المزيد...

ابن الاخوه
30-12-2007, 01:12 AM
انا لله السعيد من اتعض بغيرة واستفاده من تجارب الاخرين لنفسه

شكرا الك الثابت عيوني

الثابت
30-12-2007, 02:54 AM
مشكورين كل الشكراخوتي الكرام

الاخ المشرف حسان
والاخ ابن الاخوة
على مروركم الكريم

الثابت
30-12-2007, 02:57 AM
13- التوبة أفضل من الحد
جاء في المجلد السابع من كتاب الكافي ، رفعه إلى أمير المؤمنين (ع) قال: أتاه رجل بالكوفة فقال: يا أمير المؤمنين !.. إني زنيت فطهّرني قال: ممن أنت ؟.. قال : من مزينة ، قال: أتقرأ من القرآن شيئاً ؟.. قال : بلى ، قال : فاقرأ !.. فقرأ فأجاد ، فقال : أبك جنّة ؟.. قال: لا ، قال: فاذهب حتى نسأل عنك .. فذهب الرجل ، ثم رجع إليه بعد فقال: يا أمير المؤمنين !.. إني زنيت فطهّرني ، فقال: ألك زوجة ؟.. قال : بلى ، قال : فمقيمة معك في البلد؟.. قال : نعم ، قال : فأمره أمير المؤمنين (ع) فذهب ، وقال : حتى نسأل عنك ، فبعث إلى قومه فسأل عن خبره فقالوا : يا أمير المؤمنين (ع) صحيح العقل ، فرجع إليه الثالثة فقال له مثل مقالته ، فقال له : اذهب حتى نسأل عنك ، فرجع إليه الرابعة ، فلما أقرّ قال أمير المؤمنين (ع) لقنبر: احتفظ به ، ثم غضب ثم قال: ما أقبح بالرجل منكم أن يأتي بعض هذه الفواحش ، فيفضح نفسه على رؤوس الملأ !.. أفلا تاب في بيته فو الله لتوبته فيما بينه وبين الله أفضل من إقامتي عليه الحدّ ، ولا يعرفن أحدكم صاحبه .
فأخرجه إلى الجبّان فقال : يا أمير المؤمنين!.. أنظرني أصلي ركعتين ، ثم وضعه في حفرته واستقبل الناس بوجهه ، فقال: يا معاشر المسلمين !.. إن هذا حق من حقوق الله عز وجل ، فمن كان لله في عنقه حق فلينصرف ولا يقيم حدود الله من في عنقه لله حد ، فانصرف الناس وبقي هو والحسن والحسين (ع) ، فأخذ حجراً فكبّر ثلاث تكبيرات ، ثم رماه بثلاثة أحجار في كل حجر ثلاث تكبيرات ، ثم رماه الحسن (ع) مثل ما رماه أمير المؤمين (ع) ثم رماه الحسين (ع) ، فمات الرجل ، فأخرجه أمير المؤمنين (ع) فأمر فحفر له وصلى عليه ودفنه ، فقيل : يا أمير المؤمنين ألا تغسله ؟.. فقال : قد اغتسل بما هو طاهر إلى يوم القيامة ، لقد صبر على أمر عظيم . فروع الكافي: ج7 ص188 ح3
قال الشاعر
فرض على الناس أن يتوبوا لكن ترك الذنوب أوجب
والدهر في صرفه عجيب وغفلة الناس فيه أعجب
والصبر في النائبات صعب لكن فوت الثواب أصعب
وكل ما يرتجى قريب والموت من كل ذاك أقرب
ديوان أبي العتاهية: ص15

hassan.khalifa
30-12-2007, 02:38 PM
مشكورين كل الشكراخوتي الكرام

الاخ المشرف حسان
والاخ ابن الاخوة
على مروركم الكريم


شكرا بس انا اسمي حسن مو حسان hassan
وشكرا

الثابت
31-12-2007, 02:47 AM
معذره اخي المشرف حسن


14- سارق الاكفان
جاء في كتاب الخوف والرجاء من كتاب الأنوار للمرحوم العلامة المجلسي رضوان الله عليه، انه كان في بني اسرائيل رجل ينبش القبور، فاعتل جار له فخاف الموت .. فبعث إلى النبّاش فقال : كيف كان جواري لك ؟.. قال : احسن جوار .. قال : فانًّ لي اليك حاجة .. قال : قضيت حاجتك .. قال: فاخرج له كفنين ، فقال : احب أن تأخذ احبّهما اليك ،واذا دفنت فلا تنبشني .. فامتنع النباش من ذلك وابى ان يأخذه ، فقال له الرجل: احب ان تأخذه ، فلم يزل به حتى اخذ احبهما ، ومات الرجل .
فلما دفن قال النبّاش : هذا قد دفن، فما علمه بأني تركت كفنه أو اخذته.. لآخذنّه، فأتى قبره فنبشه ، فسمع صائحاً يقول ويصيح به : لاتفعل .. ففزع النباش من ذلك ، فتركه وترك ما كان عليه.. وقال لولده : اي اب كنت لكم ؟.. قالوا : نعم الأب كنت لنا .. قال : فانًّ لي اليكم حاجة .. قالوا : قل ما شئت ، فانّا سنصير اليه ان شاء الله .. قال : فأحب ان انا متُّ ان تأخذوني فتحرقوني بالنار ، فاذا صرت رماداً فدقّوني ، ثم تعمّدوا بي ريحاً عاصفاً فذروا نصفي في البر ونصفي في البحر . قالوا : نفعل .
فلما مات فعل بعض ولده ما اوصاهم به .. فلما ذروه قال الله عز وجل للبر : اجمع ما فيك ، وقال للبحر : اجمع ما فيك .. فاذا الرجل قائم بين يدي الله جل جلاله ، فقال له : ما حملك على ما أوصيت ولدك ان يفعلوه بك؟.. قال : حملني على ذلك وعزّتك خوفك.
فقال الله جل جلاله : فاني سأرضي خصومك ، وقد آمنت خوفك وغفرت لك .
قال الشاعر :
ايها ذا الناس ما حلًّ بكم .. عجباً من سهوكم كل العجب
وسقام ثم موت نازلُ ثم قبر ونزول وجــلب
وحساب وكتاب حافظ وموازين ونـار تلـتهب
وصراط من يقع عن حده فالى خزي طويل ونصب .
ديوان أبي العتاهية: ص73

الثابت
01-01-2008, 02:34 AM
15- توبة قاتل
قال اسحاق بن ابراهيم الطاهري : رأيت رسول الله صلّى الله عليه وآله في النوم وهو يقول : اطلق القاتل !.. فارتعت لذلك ، ودعوت بالشموع ونظرت في اوراق السجن، واذا ورقة فيها ان رجلاً ادعي عليه بالقتل واقر به.. فأمرت باحضاره .
فلما رأيته وقد ارتاع قلت له : ان صدقتني اطلقتك . فحدثني انه كان هو وجماعة من اصحابه يرتكبون كل عظيمة ، وان عجوزاً جاءت لهم بامراة ، فلما صارت عندهم صاحت : الله!.. الله !.. وغشي عليها .. فلما افاقت قالت : انشدك الله في امري !.. فانًّ العجوزة غرتني وقالت: ان في هذاه الدار نساء صالحات ، وانا شريفة جدي رسول الله صلّى الله عليه وآله، وامي فاطمة ، وأبي الحسين بن علي فاحفظوهم فيًّ .
فقمت دونها وناضلت عنها ، فاشتد علي واحد من الجماعة وقال : لا بد منها .. وقاتلني فقتلته ، وخلّصت الجارية من يده . فقالت : سترك الله كما سترتني ..وسمع الجيران الصيحة ، فدخوا علينا فوجدوا الرجل مقتولاً والسكين بيدي ، فامسكوني وأتوا بي اليك وهذا امري .. فقال اسحق : قد وهبتك لله ولرسوله .. فقال : وحق الذين وهبتني لهما لا اعود إلى معصيته ابداً .
نلاحظ في هذه القصة ان الرجل قد نجا من القتل ، وشمله لطف الله ورسوله ، لانه ترك الحرام ،واعان مظلوماً في سبيل الله ، ولأجل حرمة رسوله.
قال الشاعر :
إياك والبغي والبهتان والغيبة والشك والكفر والطغيان والريبة
ما زادك السن من مثقال خردلةٍ الاّ تقرب الموت مـنك تقريبه
فـما بقـاؤك والأيام مسـرعة تصعيدة منك أحـياناً وتصويبه .
ديوان أبي العتاهية: ص64

hassan.khalifa
01-01-2008, 04:23 PM
الف الف الف الف الف الف الف شكر لك حبيببي على التفاعل الكبير منك ...

الثابت
02-01-2008, 03:17 AM
اشكر مروركم اخ حسن


16- توبة قطّة
ذكر المرحوم الحاج النوري رضوان الله عليه في كتاب دار السلام :
نقل أحد علماء النجف قائلاً : كانت لنا في الدار حمامة نحبّها كثيراً ، وكانت ثمة قطة تأتي دارنا بين الحين والاخر .. وفي أحد الايام هجمت القطة على الحمامة وأكلتها .. واقتفى الاولاد اثرها ، ولكن لم يلحقوا بها .. واحضرت انا عصا إلى جانبي ، لكي اعاقبها على سوء فعلها اذا جاءت .. ولكن مرّت عدّة ايام ولم تأتي، لأنها تفهم وتعي ان الموضع الذي يسرق منه ليسمن السهل العودة اليه .
ولاحظت ذات يوم انها قادمة بهدوء ، وتتصرف بمزيد من الحذر والسكينة .. فمكنت لها موضع لكي لاتراني وتهرب ، فدخلت احدى الغرف ، فاضطررت إلى الإختفاء وراء الستائر، إلى ان دخلت إلى المكتبة فدخلت وراءها واغلقت الباب ، فانتبهت إلى ان الباب اُغلق ، وهجمت عليها بعصاي. فرأت ان لا مجال للهرب ولا محيص لها من الخروج ، فقفزت فجأة فوق الكتب ووضعت رأسها ويديها على مصحف شريف كان بين الكتب ، وكأنها استجارت به .
ولما رأيتها استجارت بالقرآن ، رميت العصا من يدي وفتحت لها الباب لكي تخرج ، فوثبت بهدوء وخرجت ، ويبدو انها تابت توبة صادقة، فلم تتطاول من بعد ذلك على شيء في دارنا ، لا على الحمام ، ولاعلى السمك ، ولا على اللحم ، ولا أي شيء آخر .
هذا حال الحيوانات !.. فانتبه يا بن ادم، اذا تبت فحذار ان تعاود المعصية مرّة اخرى.
قال الشاعر :
مـــا لنا لانتفكر اين كسرى اين قيصر
اين مـن جمع الما ل مع المال فــأكثر
اين من كان يسامي بغنى الدنيا ويــفخر .
ديوان أبي العتاهية: ص188

hassan.khalifa
02-01-2008, 02:15 PM
اللهم صلي على محمد وآل محمد...


لك مني جزيل الشكر..

الثابت
03-01-2008, 12:35 AM
اخي العزيز حسن
لاشكر على واجب حبيبي
اشكرك على المتابعة
مروركم اسعدنا والله


17- العابد العاصي
جاء في كتاب" الاثني عشرية " ، وكذلك في" الكلمة الطيّبة " للمرحوم الحاج النوري رضوان الله عليه ، ان الشيخ الشوشتري نقل في " مواعظه ":
ان عابداً عبد الله سبعين سنة ، وذات يوم طرقت بابه جميلة ، وطلبت منه ان يأذن لها بالمبيت في داره تلك الليلة .. في بداية الأمر رفض العابد ان يأذن لها ، ولكنها تشبثت به ، ولما تأمّل محاسنها اغراه جمالها ، استحوذ حسن صورتها على تلابيب قلبه ، واضطر في نهاية الأمر لتلبية طلب تلك الزانية ، وانتقل هوإلى دارها ، وقدّم له كل ممتلكاته .
ما كاد يمضي اسبوع حتّى ترك العابد خلال هذه المدّة كل عبادته التي اتضح انها كانت طوال هذه السبعين عاماً خالية من الجوهر .. وبعد ما مرّ عليه اسبوع افاق من غفلته وعاد إلى رشده ، اين كان وإلامَ انتهى؟.. كيف كان يحلق ، وكيف سقط هذا السقوط الفظيع؟.. وما هو مصيره لو انه مات على هذا الحال ؟.. ومع من يُحشر ؟..
وأسعفته الرحمة الالهية ، ومع ان تلك العبادة لمدة سبعين سنة كانت بعيدة عن الروح، إلاّ أنّ الله لم يكله إلى نفسه .. فأخذته الرجفة بغتة وبكى وندم وخرج تائباً يلطم على راسه .. فسالته المرأة : ما لَكَ ، والى اين انت ذاهب ؟.. قال : تذكرت عبادتي سبعين سنة، كنت خلالها بين يدي ربّي ووجدت اني قد ابتعدت عنه الآن، ولما همّ يالمسير ، قالت له : اسالك بحق الرب الذي تعبده ، اذا انت تبت ان تدعو لي بتوفيق التوبة .. خرج من عندها ولاملجا أمامه الاّ المسجد ليمضي فيه تلك الليلة .
كان يقيم في ذلك المسجد عشرة عميان ، يأتيهم أحد جيران المسجد بعشرة ارغفة كل ليلة .. ولما جاءهم بالارغفة العشرة تلك الليلة ووضعوها أمام العميان ، مدًّ العابد يده وأخذ رغيف أحدهم ،لانه كان جائعاً أيضاً .. ولما مدًّ الاعمى يده ولم يجد رغيفه نادى باكياً : من أخذ رغيفي ؟.. وكيف لي ان اتحمل الجوع هذه الليلة ؟..
وهنا قال العابد لنفسه : انت ايها الآبق !.. اولى بأن تموت ولايبقى هذا الأعمى جائعاً هذه الليلة.. واعاد الرغيف أمام الأعمى .. كانت تلك آخر ليلة من حياة ذلك العابد .. وبقي الملائكة حيارى عند قبض روحه، ومن منهم يقبض روحه ؟.. ملائكة العذاب أم ملائكة الرحمة ؟ ..
جاءهم النداء : زنوا اعماله !.. فوزنوا سبعين سنة عبادة في مقابل اسبوع من المعصية ، فرجحت كفّة المعصية .. وهنا اسعفته رحمة ربّه ، يا من سبقت رحمته غضبه!.. وجاء النداء ثانية : زنوا سرقة رغيف الخبزمع الخجل الذي اعقبها . وهنا رجحت كفّة الفضيلة .
اجل ، لقد كانت تلك اللحظة من الخجل والندم ، واعادة رغيف الخبز، سبباً في ان ياخذ ربّه بيده ،وقبضت روحه على حسن عاقبة .
قال الشاعر :
لهونا لعمر الله حـتى تتابعت ذنوب على آثارهن ذنوب
فيا ليت أن الله يـغفر ما مضى وياذن في توبتنا فنتوب
اذا ما مضى القرن الذي كنت فيهم وخلفت في قرنٍ فأنت غريب
ديوان أبي العتاهية: ص34

hassan.khalifa
03-01-2008, 12:44 AM
الله يخليك اخوي..

الثابت
03-01-2008, 03:23 PM
18- مساعدة كلب
جاء في كتاب لئالي الاخبار: ان امراة كانت تمارس البغاء ، وتحضر مجالس اللهو واللعب ، مرت ذات يوم اثناء سفرها بالصحراء على بئر ، ولكنها لم تعثر على دلو تغترف به الماء، فنزلت الى قعره وشربت الماء وخرجت منه.
لا حظت عند خروجها ان ثمة كلب عطشان يبحث عن الماء ، فرق له قلبها، فجعلت حذائها دلواً وظفيرتها حبلا واغترفت له الماء وسقته .. ثم قالت: اللهم اغفر لكلبة بكلب!..
وبما انها رجمت كلبا وسقته ، فقد التفت اليها ربها بالرحمة، وجعل ذلك الكلب سببا لغفران خطاياها..ثم ان المراة اكثرت من البكاء ، وتابت من اعمالها .
لقد كان هذا العمل الطيب سببا لتوبتها واوبتها الى الله ، ورحيلها عن هذه الدنيا ، وهي في غاية السعاده .
قال الشاعر :
اذكر معادك افضل الذكر لا تنس يوم صبيحة الحشر
يوم الكرامه للاولى صبروا فالخير عند عواقب الصبر
في كل ما تلتذ انفسهم انهارهم من تحتهم تجري

عاشقة المرتضى
03-01-2008, 11:22 PM
موضوع راااائع يسلمووووووو

الثابت
05-01-2008, 04:01 AM
مشكور اخي عاشق المرتضى على مروركم الكريم



19- اللصّ الشاب
روي ان رجلاً ركب البحر بأهله فكسر بهم ، فلم ينج ممن كان في السفينة إلاّ امرأة الرجل ، فانها نجت على لوحٍ من الواح السفينة ، حتى الجأت إلى الجزيرة من جزائر البحر، وكان في تلك الجزيرة رجل يقطع الطريق، ولم يدع لله حرمة إلا انتهكها ،فلم يعلم إلا والمرأة قائمة على راسه ، فرفع رأسه اليها فقال : انسية ام جنية ؟.. فقالت : انسية . فلم يكلمها حتّى جلس منها مجلس الرجل من اهله . فلما اهم بها اضطربت .
فقال لها : مالكِ تضطربين ؟.. فقالت : أفرق من هذا ، وأومات بيدها إلى السماء . قال : فصنعت من هذا شيئاً ؟.. قالت : لا، وعزته .. قال : فانت تفرقين منه هذا الفرق ولم تصنعي من هذا شيئاً ، وانما استكرهتك استكراهاً ؟.. فانا والله اولى بهذا الفرق والخوف واحق منك .
فقام ولم يحدث شيئاً ورجع إلى اهله ، وليست له همة الا التوبة والمراجعة .. فبينما هو يمشي اذ صادفه راهب يمشي في الطريق ، فحميت عليهما الشمس فقال الراهب للشاب: ادع الله يظلنا بغمامة ، فقد حميت علينا الشمس .
فقال الشاب : ما اعلم ان لي عند ربي حسنة ، فأتجاسر على ان أسأله شيئاً .
قال : فادعو انا وتؤمّن انت .. قال : نعم.
فاقبل الراهب يدعو والشاب يؤمن فما كان باسرع من ان اظلتهما غمامة ، فمشيا تحتها ملياً من النهار .. ثم تفرقت الجادة جادتين ؛ فأخذ الشاب في واحدة وأخذ الراهب في واحدة .. فاذا السحابة مع الشاب، فقال الراهب: انت خير مني ، لك استجيب ولم يستجيب لي ، فاخبرني ما قصتك؟.. فاخبره بخبر المرأة . فقال : غفر الله لك ما مضى حيث دخلك الخوف ، فانظر كيف تكون في ما تستقبل .
قال الشاعر :
يا من يسر بنفسه وشبابه إني سررت وأنت في خلس الردى
يا من اقام وقد مضى اخوانه ما انت الاّ واحد ممن مضى
انسيت أن تدعى وأنت محشرج ما ان تفيق ولا تجاب من دعا
أما خطاك إلى العمى فسريعة وإلى الهدى فأراك منقبض الخطى
ديوان أبي العتاهية: ص29

الثابت
05-01-2008, 04:04 AM
20- الشاب السكير
ورد في كتاب" منهج الصادقين " ان ذا النون المصري ، ذلك الرجل الشريف الذي يعد من جملة عرفاء عصره ، كان ماراً ذات يوم إلى جانب نهر النيل في مصر، اذ وقع بصره بغتة على عقرب رآها تحث السير نحو نهر النيل .. فقال في نفسه : لا شك ان لدى هذه العقرب مهمّة عاجلة ، فاقتفى اثرها إلى ان وصلت إلى حافة الماء ، فجاءت سلحفاة والتصقت إلى جانب العقرب ،فركبت هذه فوق ظهرها وسارت بها السلحفاة صوب الجانب الآخر من النهر .
اخذ ذا النون زورقاً على وجه السرعة وسار نحو الجانب الاخر ايضاً .. ولما وصلت السلحفاة إلى الجانب الآخر التصقت بساحل النهر ونزلت العقرب، وسارت في طريقها .. وبقي ذا النون يسير وراها إلى ان وصلت إلى شجرة كان إلى جانبها شاب قد وقع من شّدة السكر ، وبقربه افعى رافعاً راسه عند صدر ذلك الشاب الذي كان فاتحاً فاه، والأفعى على وشك ادخال رأسها في فمه .. فجاءت العقرب وصعدت فوق الأفعى ولدغتها في رأسها ، فسقطت وعادت العقرب ادراجها .
ظل ذا النون حائراً في معرفة السبب الذي من اجله حفظ الله هذا الفتى .. فايقظه حتى استعاد وعيه ، وقال له : انهض اريد ان اعرف حقيقة امرك ، وأنى لك ان تكون خصماً لله ؟.. نظر الشاب فرأى إلى جانبه افعى ، وقص عليه ذا النون الحكاية فاخذ بالبكاء .. وقيلأنه تاب وندم على ما سلف منه ، وبقي ملازماً لذي النون لا يفارقه ، وطلب منه أن يرشده إلى طريق الهداية ، وإلى ما فيه العفو والمغفرة.. فاستجاب له واصطحبه إلى مدينة مصر، ودأب هناك على العبادة والتبتل إلى الله ، حتى صار من جملة الأخيار والصالحين .
قال الشاعر :
وأي المحارم لم تنتهك واي الفضائح لم تأتــها
كأني بنفسك قد عوجلت على ذاك في بعض غراتها
وقامت نوادبها حسراً تداعي برنة اصواتــها
الم تر أن دبيب الليالي يسارق نفســـك ساعتها
ديوان أبي العتاهية: ص99

الثابت
06-01-2008, 04:04 AM
21- توبة جماعة من الأوباش
أقبل جماعة من الاوباش ذات يوم على الحاج مؤمني ، وكان من أصحاب المرحوم الشيخ محمد تقي المجلسي رضوان الله عليه ، وقالوا له: سنأتي هذه الليلة إلى دارك .. تحيّر الرجل في امره ؛ لأنهم ان جاءوا إلى داره يأتون معهم بالات الطرب واللهو ، ويمارسون الفسق والفجور ، واذا هو منعهم فسوف ينصبون له العداء ، ويجلبون له المتاعب على الدوام .. فاضطر للاستجابة لطلبهم ، وتوجه إلى المرحوم الشيخ المجلسي محتاراً ، وذكر له المأزق الذي هو فيه .
فكر المرحوم المجلسي وقال : لاضرر في مجيئهم فلياتوا ، وسوف أأتي انا أيضاً .. أعدَّ الرجل المجلس وجاء الشيخ المجلسي قبل الاوباش .. ولما دخلوا وجدوا الشيخ المجلسي قد حضر ، ولن يتسنى لهم بوجوده ان يمارسوا الطرب واللهو كما يحلوا لهم .
توهّم أحدهم انه يجب ان يقول شيئاً يغيظ به المجلسي حتى يغضب ويغادر المجلس ، وتكون لهم الحرية في اللعب واللهو ؛ فبادر بالقول : ايها السيد!.. ماالعيب الذي يراه الناس في سلوكنا ويؤاخذونا عليه ؟.. قال الشيخ المجلسي : وما السلوك الحسن الذي يستحق المدح فيكم ؟.. قال : حتى وان كان فينا الف عيب ، فنحن معروفون بالوفاء ؛ اذا اكلنا الملح والخبز والطعام عند أحد لا ننسى ذلك طوال حياتنا .
قال الشيخ المجلسي : هذه خصلة حميدة ، ولكنّي لااراها فيكم ..قال الشخص : اسال عنا من شئت ، وانظر هل اكلنا الملح والطعام عند أحد، ثم أسأنا اليه ؟..
قال المرحوم المجلسي : اشهد انكم وان كنتم تراعون لأحد حرمة ،فانكم لاتراعون لله أية حرمة، تأكلون من نعمته وتعصونه .
أثّرت كلمات الشيخ هذه في نفوسهم جميعاً ، فأخذهم الخجل، ولم يتحدثوا بكلمة واحدة ، ثم انهم غادروا بعد برهة.. وفي الصباح الباكر طرق الأوباش باب الشيخ المجلسي وقالوا : لقد نبّهتنا البارحة من غفلتنا ، وجعلتنا نندم على اعمالنا ، فاتتم فضلك علينا ، وارشدنا الى ما فيه صلاحنا .
ودأب الشيخ على ارشادهم الى طريق التوبة وعمل الخير .
قال الشاعر :
يا أخـوتي آجـالنا تـقرب ونحن مع الاهلين نلهو ونلعب
اعدد ايامي واحصي حسابها وما غفلتي عما اعد وأحسب
غداً أنا من ذا اليوم ادنى الى الفنا وبعد غدٍ أدنى اليه وأقـرب .
ديوان أبي العتاهية: ص38

hassan.khalifa
06-01-2008, 07:46 AM
متابعين معك اخ ثابت..

موفقين

الثابت
06-01-2008, 02:29 PM
مشكور اخي العزيز حسن
على المتابعة

22- توبة لصّ
ذكر الاصمعي وكان من علماء وعرفاء عصره ، وقال : كنت ذات يوم ماراً قرب قرية ، فما شعرت الاّ ورجل اسود وثب من وراء الشجر مجرداً سيفه وشهره بوجهي وقال : اخلع ثيابك وناولني كل ما لديك ، والاّ قتلتك وثكلت بك اهلك وعيالك.. قلت : يا رجل ، وهل تعرف من أنا حتى تكلمني بهذه اللهجة ؟!..
قال : نحن معشر اللصوص ، لا معنى عندنا للمعرفة ، لانًّ قلوبنا خالية من الرأفة والشفقة .
قلت : انا ابن سبيل ، ولا شيء عندي ، الاّ هذه الثياب التي تستر بدني .
قال : لا افهم معنىً لكلامك هذا .. انا بحاجة إلى نفقة ومال ورزق .
قلت : يا أخ العرب ، ان النفقة والمال والرزق الذي تطلبه ليس عندي ، ولكني ادلك على كنز فيه أثمن وافضل من ثيابي هذه .
وقال : وما هذا الكنز ، واين هو؟..
قلت : ألم تقرأ في القرآن قوله تعالى : { وفي السماء رزقكم وما توعدون }.سورة الذاريات: 22
لاحظت فجاة ان الاعرابي الامي الاسود الكالح الصعلوك ، قد ارتعدت فرائصه عند سماعه لهذه الاية ، فسقط سيفه ورمحه من يده ونظر إلى السماء وقال : الهي!.. انت جعلت رزقي في السماء ،وتركتني حائراً على الارض ، اجوب الصحاري، واقطع الطرق ، واسرق مال الناس.. اللهم !.. اعطني رزقي .
وما ان نطق بهذا الكلام عن اخلاص وصفاء نية ، حتى رأيت طبقاً فيه طعام ورغيفين من الخبز ظهرا أمامه في الهواء .. فاخذهما الأعرابي وجلس على الأرض يأكل ، ولما شبع قال : الحمد لك يا ربي .
ثم تحدثنا بعض الوقت ، وارشدته ونصحته، فبكى وابدى ندومه وتوبته.. افترقنا فذهبت انا في طريقي وهو الى شأنه ..وبعد سنتين رأيته اثناء الطواف حول الكعبة فسالته : أنت فلان ؟.. قال نعم ، ولكني والحمد لله تبت منذ تلك الساعة وندمت على ما سلف مني .. جزاك الله خيراً لقاء ارشادي الى الطريق القويم .
سألته : كيف اصبحت الآن ؟ ..
قال : الحمد لله ، مذ تبت وذلك الرزق يأتي من السماء بعد صلاة العشاء، فآكل الطعام واخفي الأواني في شق جبل .
قلت : لماذا لا تتصرف بها ؟ ..
قال : ليس من المروءة ان تاكل من مائدة الكرام وتأخذ أوانيهم .
قلت : لماذا لا تعطيها للفقراء ؟..
قال : لا أتصرف فيها بلا أذنه .
قال الاصمعي : استحسنت حاله وعلو مقامه ، فاردت تقبيل يديه ورجليه .
لكنه قال : لاتفعل هذا يا شيخ ، ولكن اذا اردت التقرب الى ربّك ، فاقرأ لي شيئاً من ما قرأته علىَّ يومذاك .
قلت : { فورب السماء والأرض انه لحق مثل ما انكم تنطقون } . سورة الذاريات: 23
قال : واي جاهل هذا الذي ينكر كلام الله حتى يحتاج الى القسم . إقرأ!.. اقرا نفسي لهذه الاية الفدى ما اجملها من آية !..
قرأت له تلك الآية فرأيته تأوه وأسلم نفسه الى بارئها ..فحملوه وغسلوه وكفنوه ، ثم صلوا على جنازته ودفنوه .
وبعد اسبوع من وفاته مرَّ علي َّ طيفه في عالم الرؤيا ، وهو مبتهج وعليه ثياب جميلة ، فقلت له : كيف بلغت هذا المقام يا صديقي ؟..
قال : لأني صدقت كلام الله ، وسمعته بصفاء ، وتلقيته باخلاص ويقين .
قال الشاعر :
اتق الله بحمدك قاصداً او بعض جهدك
ايها العبد إلى كم تشتري الغي برشدك
كم وكم عاهدت مولاك فلم توفي بعهدك
اعِط مولاك لما تطا لب من طاعة ربك .
ديوان أبي العتاهية: 148

الثابت
09-01-2008, 02:57 AM
23- توبة مالك
كان عالماً زاهداً من اكابر عصره ، وكان في مبدأ أمره يشرب الخمور ، ويرتكب في سكره انواع الفجور ، ثم نقل من كلام نفسه انه قال: كنت منهمكاً في شرب الخمر ، ثم ولدت لي بنتٌ فشغفتت بها ؛ ولمكا دبت على الارض ازداد في قلبي حبّها وألفتني والفتها ، وكنت اذا وضعت مسكراً بين يدي جاءت اليَّ وجاذبتني فاهرقته على ثوبي .. فلما تمت لها سنتان ماتت فحزنت عليها.
فلما كان ليلة النصف من شعبان وكانت ليلة الجمعة بت ثملاً من الخمر ،ولم اُصلِّ فيها العشاء الآخرة ، فرأيت في ما يراى النائم كأن القيامة قامت ، ونفخ في الصور، وبعثرت القبور ، وحشرت الخلائق وانا معهم، فسمعت حنيناً من ورائي فالتفت فاذا انا بتنين كبير اعظم ما يكون، أسود ارزق قد فتح فاه مسرعاً نحوي ؛ فمررت في طريقي بشيخ نقي الثوب طيب الرائحة فسلمت عليه ، فردَّ السلام فقلت : ايها الشيخ !.. اجرني من هذا التنين اجارك الله .. فبكى الشيخ وقال لي : انا ضعيف وهذا اقوى منّي ، وما اقدر عليه ، ولكن مُر واسرع لعلَّ الله يفتح لك ما يُنجيك منه .
فوليت هارباً على وجهي ؛ فصعدت على شرف من شرف القيامة ، فأشرفت على اطباق النيران ؛ فنظرت إلى هولها ، وكدت اهوى فيها من فزع التنين .. فصاح بي صائح : ارجع فلست من اهلها .. فاطمأننت إلى قوله ورجعت ، فرجع التنين في طلبي.. فأتيت الشيخ ، فقلت : يا شيخ !.. سألتك أن تجيرني من هذا التنين فما فعلت .. فبكى الشيخ وقال: انا ضعيف ، ولكن سِر إلى هذا الجبل فان فيه ودائع المسلمين ؛ فان كان لك وديعة فستنصرك. قال : فنظرت إلى جبل مستدير من فضة وفيها كوى وستور معلقة عليها من ذهب شهلاء بالياقوت مكوكبة بالدر ، على كل مصراع ستر من الحرير .
فلما نظرت إلى الجبل وليت هارباً والتنين من ورائي ، حتى اذا قربت منه صاح بعض الملائكة : فارفعوا الستور ، وافتحوا المصاريع ، ففتحت فاشرف عليَّ اطفال بوجوه كالاقمار ، وقرب التنين مني فتحيرت في امري، فصاح بعض الأطفال : ويحكم اسرعوا كلكم فقد قرب منه عدوه ؛ فاسرعوا فوجاً بعد فوج .. واذا بابنتي التي ماتت قد اشرفت عليَّ معهم ، فلما رأتني بكت وقالت : ابي والله !.. ثم وثبت في كفّة من نور حتى مثلت بين يدي ، ومدت يدها اليسرى إلى يدي اليمنى فتعلقت بها ، ومدت يدها اليمنى الى التنين ؛ فولى هارباً ، ثم اجلستني وقعدت في حجري وقالت يا ابة :
{ ألم يأن للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله } .
فبكيت وقلت : يا ابنتي !.. وانتم تعرفون القرآن ؟.. فقالت : نعم ، نحن اعرف به منكم.. قلت : فاخبريني عن التنين الذي اراد ان يهلكني . قالت : ذلك عملك السوء .. قلت : وما تصنعون في هذا الجبل ؟.. قالت : نحن اطفال المسلمين قد اسكّنا فيه إلى ان تقوم الساعة ، ننتظركم تقدمون علينا نتشفع لكم .
قال مالك : فانتبهت من النوم فزعاً واصبحت ففارقت المسكر وتبت إلى الله تعالى .



يُنسب الى الامام علي عليه السلام انه قال :
ذنوبي ثقالٌ فما حيلتي اذا كنت في البعث حمّالها
ترى الناس سكارى بلا خمرة ولكن ترى العين ما هالها
نسيت المعاد فيا ويلها وأعطيت للنفس آمالها
ديوان الإمام علي (ع): ص108

الثابت
18-02-2008, 10:14 PM
24- الفتاة المخدوعة
كانت تعيش في احدى مدن غرب ايران اختان ؛ احداهما اغواها الشيطان فانتهجت سبيل البغاء ، وقضت معظم شبابها في هذا الطريق ، أما اختها فقد تزوجت وصار لها اطفال وحياة زوجية هانئة ؛ فكانت تنظر الى اختها المخدوعة بغرور وتكبر وازدراء .
وبعدما انقضت أيام الشباب وعجزت الاُخت المخدوعة ، واغلقت بوجهها اسباب المعيشة ، اضطرت في احدى ليالي الشتاء الباردة ، وبعد ما ارهقها الجوع والاملاق إلى ان تطرق باب اختها وتطلب منها العون .. ولما فتحت الاُخت الباب ورأتها اغلقت الباب بوجهها بانزجار وقالت لها :
اذهبي يا عاهرة .
عادت الاُخت المخدوعة ادراجها بقلب كئيب ، وتوجهت إلى دارها وهي مريضة ولاتملك من النقود ما تشتري به الطعام ، او مستلزمات التدفئة ، وتكرر مع نفسها عبارة : اذهبي يا عاهرة ، واستشعرت الندم ، واخذت تبكي وتلوم ذاتها ..وفي نهاية المطاف قضى عليها البرد والجوع والمرض.
وبعد موتها شوهدت في المنام ، فسُئلت عن حالها ، فقالت : حسن ، فانا في تلك الليلة حين يئست من كل شيء ، وحتى ان اختي طردتني بكل قسوة ، توجهت إلى ربي نادمة وتائبة عن كل ذنوبي ، واستغفرته حق الاستغفار وبقيت ابتهل اليه ، وبعد لحظات جاءوا بي الى هذه الحديقة .
لاينبغي اليأس من رحمة الله .
ينسب إلى الامام علي عليه السلام انه قال:
أيا من ليس لي منه مجير بعفوك من عقابك استجير
أنا العبد المقر بكل ذنب وأنت السيد الصمد الغفور
فان عذبتني فالذنب مني وان تغفر فانت به جدير
ديوان الإمام علي (ع): ص69

أرجوان
19-02-2008, 01:18 AM
قصص جدا رائعه
فيعا مواعظ كثير بارك الله بك..

لوحة فنان
19-02-2008, 08:31 AM
سلمت يداك على هذه القصص الرائعة

الثابت
20-02-2008, 03:22 AM
مشكورين
كل الشكر والتقدير
على مروركم الكريم

الثابت
20-02-2008, 03:24 AM
25- فضل الله
جاء في المجلد الأول من كتاب " المستطرف " : ان ملاحاً بنهر النيل المبارك في مصر قال : كنت اجتاز من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي ، ومن الجانب الشرقي إلى الجانب الغربي احمل الناس، فبينما أنا ذات يوم في الزورق اذا بشيخ مشرق الوجه عليه مهابة ، فقال : السلام عليكم . فرددت عليه السلام ، فقال : اتحملني إلى الجانب الغربي لله تعالى .. فقلت : نعم .. فطلع إلى الزورق وعديت به إلى الجانب الغربي .. وكان على ذلك الفقير مرقّعة ، وبيده ركوة وعصا .. فلما اراد الخروج من الزورق قال : اني اريد ان احملك أمانة .. قلت : وماهي ؟.. قال : اذا كان غداً وقت الظهر تجدني عند تلك الشجرة ميتّاً ، وستنسى ؛ فاذا اُلهمت فأتني وغسلني وكّفني في الكفن الذي تجده عند رأسي ، وصل عليَّ وادفني تحت الشجرة ، وهذه المرقعة والعصا والركوة يأتيك من يطلبها منك ، فادفعها اليه ولا تحتقره .
قال الملاح : ثم ذهب وتركني فتعجبت من قوله وبتُّ تلك الليلة، فلما اصبحت انتظرت الوقت الذي قال لي.. فلما جاء الوقت نسيت ، فما تذكرت الاّ قريب العصر ، فسرت بسرعة فوجدته تحت الشجرة ميتاً ، ووجدت كفناً جديداً عند رأسه تفوح منه رائحة المسك ، فغسلته وكفنته .. فلما فرغت من غسله حضر عندي جماعة عظيمة ، لم اعرف منهم أحداً ، فصلينا عليه ودفنته تحت الشجرة كما عهد اليَّ ، ثم عدت إلى الجانب الشرقي ، وقد دخل الليل ، فنمت فلما طلع الفجر وبانت الوجوه ، اذ انا بشاب قد اقبل عليَّ فححقت النظر في وجهه ، فاذا هو من صبيان الملاهي كان يخدمهم، فاقبل وعليه ثياب رقاق ، وهو مخضوب الكفين وطارة تحت ابطه .. فسلم عليَّ فرددت عليه السلام فقال : يا ملاّح !.. انت فلان بن فلان ؟.. قلت : نعم .. قال : هات الوديعة التي عندك .. قلت : ومن اين لك هذا ؟.. قال: لا تسأل .. فقلت : لابد ان تخبرني . فقال : لا ادري ، الاّ اني البارحة كنت في عرس فلان التاجر ، فسهرنا نرقص ونغني إلى ان ذكر الله الذاكرون على المآذن .. فنمت لأستريح، واذا برجل قد ايقظني وقال : ان الله تعالى قد قبض فلاناً الولي ، واقامك مقامه ، فسر إلى فلان بن فلان، صاحب الزورق ، فان الشيخ اودع لك عنده كذا وكذا .
قال : فدفعتها له فخلع اثوابه الرقاق ورمى بها في الزورق وقال : تصدّق بها على من شئت ، واخذ الركوة والعصا ، ولبس المرقعة وسار وتركني اتحرق لما حرمت من ذلك .. واقمت يومي ذلك ابكي إلى الليل .
ثم نمت فتناهى إلى سمعي صوت يقول : يا عبدي !.. اثقل عليك ان مننت على عبد عاص بالرجوع اليَّ ، انما ذلك فضلي أوتيه منأشاء من عبادي ، وانا ذو الفضل العظيم .
قال الشاعر :
رأيت الناس صاحبهم قليل وهم والله محمود ضروب
ولست مسمياً بشراً وهوبا ولكن الاله هو الوهوب
تحاشا ربنا عن كل نقص وحاشا سائليه بأن يخيبوا
ديوان أبي العتاهية: ص36

a.r.h
21-02-2008, 05:38 PM
مشكوووووووووووووووووووووور

الثابت
22-02-2008, 10:08 PM
26- طريق الحقّ
ذكر الاُستاذ آية الله سيد حسن الأبطحي في كتاب " سير إلى الله " بأن أحد الأشخاص ذكر له : إني كنت ليلة الحادي عشر من ذي القعدة عام 1404 وهي ليلة ولادة الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام في مدينة مشهد المقدسة .. وكنت في تلك الأيام في غفلة عن الله ، وعن الدين، وعن جميع الجوانب الروحية .. وكان بعض الاصدقاء يذكّرني بين الحين والآخر بيوم القيامة ، وبالمثل والكمالات الروحية ، والآفاق الانسانية .. الا انني كنت كسائر الناس همّي الدنيا، والعيش والطعام ، والحياة الحيوانية .
مررت تلك الليلة على ضريح الإمام الرضا عليه السلام، حيث اقيم حفل بهيج بتلك المناسبة .. ومع ان الساعة كانت حوالي العاشرة ليلاً الاّ اني رأيت الناس مزدحمين في الصحن الشريف ، ويتناقلون بينهم اخباراً بلهفة وشغف وهي: ان 21 شخصاً من ذوي الأمراض المستعصية ممن دخلوا الصحن الشريف وما جاوره قد شفوا من امراضهم .. وكل شخص من الحاضرين يدعى انه رأى بعضهم ، وشهد شفاءهم .. وفي تلك اللحظة رأيت شخصاً يمر إلى جانبنا والناس يشيرون اليه ويقولون هذا واحد منهم .
تقدمت اليه لأطلع على حقيقة امره ، وبدا لي اني اعرفه ، ولهذا بادرته اولاً بالقول : أين رأيتك من قبل؟ .. قال: البارحة في المطعم الفلاني ، كنا نتعشى سوية ، وقد اسفت لحالي وكنت تنظرإليَّ بالم ، وبقيت جالساً امامك حوالي نصف ساعة.. ولما سمعت هذا الكلام تذكرت انني ذهبت البارحة لتناول العشاء في المطعم .. كان في مقابلي شخص مشلول الرجلين، يجلس على عربته ويتعشى ، ويبدو انه يواجه صعوبة شديدة ، فتألمت لحاله حتّى انني اردت دفع ثمن طعامه .
كنت البارحة قد رايت رجليه ولم يكونا سوى قطعتين من العظم يكسوهما جلد .. فقلت له : دعني انظر رجليك لأرى كيف استعدت سلامتك .. رفع بنطاله فوراً فرأيت رجلين طبيعيتين يكسوهما اللحم والعضلات ولااثر للشلل فيهما !.. فصحت في الحال :
الهي!.. عميت عين لا تراك .. اللهم !.. اغفر لي غفلتي واسرافي على نفسي طول عمري .
واعترف انني كنت اتجاهل وجودك ، لكي ابرر لنفسي معصيتك، حتّى انني كنت لا اقر بكل ما يذكر من لطفك وفضلك ورحمتك .
الهي !.. ظلمت نفسي ، ومع لطفك بي كنت اعصيك.
اللهم !.. اسألك رأفتك ورحمتك .. فان لم تغفر لي فبمن الوذ ؟!..
وعندها احتشد الناس حولي يسألونني عمّا جرى ، الاّ انني ما كانت لي قدرة على اجابة احد منهم .. وبقيت اسكب الدموع هناك حتىالصباح ، وتاسفت على ما اسلفته من عمري بالبطالة والغفلة .. وعزمت على التوبة لاارتقي مدارج الكمالات الروحية باسرع ما يمكن ، ولا ادع زخارف الدنيا تلفّني ثانية وتطويني في متاهات الغفلة .
ينسب إلى الامام علي عليه السلام انه قال :
يا طالب الصفو في الدنيا بلا كدر طلبت معدومة فاياس من الظفر
واعلم بانك ما عمّرت ممتحن بالخير والشر والميسور والعسر
انى تنال بها نفع بلا ضرر وانها خلقت للنفع والضرر .
ديوان الإمام علي (ع): ص68