المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التجاوز على الأرصفة .


جعفر المندلاوي
21-05-2021, 01:03 PM
التجاوز على الأرصفة ! محرّمُ بالإجماع
=======================
بقلمي جعفر ملا عبد المندلاوي
9 شوال 1442هـ :: 21 -5 -2021 م


الأرصفة هي الممرات المخصصة بين جانبي الطرق في المدن وفي المناطق السكنية لمسير المشاة وتنقلهم وقضاء حوائجهم من مكان الى آخر، وتكون عادة بمحاذاة الشوارع المخصصة للسيارات والعجلات المختلفة ، وتعمل أرصفة المشاة على فصل حركة المشاة عن حركة المركبات ، وبذلك تحد من عملية التداخل بين حركتي المشاة والمركبات، وتوفر مساحة آمنة لحركة المشاة. فضلا عن إنها تستخدم لتوفير مواضع لأدوات التحكم المروري وأعمدة الإنارة وأماكن الانتظار لحافلات النقل العام وسيارات الأجرة ، وتوفير مساحات للتشجير أيضا . ومن جهة أخرى فإن جماليتها ونظافتها دليل رقي وثقافة الشعب والمجتمع . ولها أهمية بالغة كعنصر عمراني في المدن والقرى وتعد الأرصفة جزءاً مكملاً للطرق والشوارع ، حيث تنظم حركة المشاة وتوفر لهم الحماية اللازمة من أخطار المركبات وتشكل الرابط المهم بين الطريق والمباني والبيوت المطلة عليها .
ولكن الذي حصل ويحصل في أغلب المدن في العراق وبقية البلدان الاسلامية أيضا ، أن هذه المساحات قد أستلبت وتم التجاوز عليها من قبل البعض فتم إلحاقها بالبيوت والمنازل واستغلها البعض بدمجها بالأسواق أو المقاهي والمطاعم ومحلات الصيرفة وغيرها بدون اجازة أو رخصة قانونية أو شرعية . وذلك بسبب ضعف القانون وغياب العقاب فضلا عن انعدام الشعور بالآثار الأخروية والعقوبات الربانية لمثل هذه التجاوزات ، ولا يوجد أية إجازة شرعية ولا قانونية ولا إدارية تجيز ذلك لأحد ، وتتم هذه التجاوزات إما بوضع بناء أمام الدار أو المحلات أو سياج حديدي ليضمها الى داره او محله أو جعلها حديقة ظنّا منه أنه يحسن صنعا ، (وكأنها طابو وملك صرف باسمه) ، فان سكت عنه موظف البلدية او الأمانة فقطعا لن يسكت عنه الله يوم القيامة . فضلا عن ان هذه التجاوزات هي مخالفات قانونية أوجب القانون فيها العقوبات الرادعة ولكن بسبب ضعف تطبيق هذه القوانين وعدم محاسبة المتجاوزين جعل الأمر يستفحل أكثر خصوصا مع غياب الوازع الديني وعدم الالتفات الى ان التجاوز على الرصيف والشارع هو محرم شرعاً وان أية بيع او شراء أو عقود وما الى ذلك فيها فهو باطل .
وأما الآثار والمخاطر المترتبة على هذه التجاوزات فكثيرة نذكر منها :
1- اجبار الناس للنزول والسير في الشوارع بدلاً من الأرصفة مما يعرّضهم لخطر الدهس وحوادث السير وخصوصا للأطفال وكبار السن ، فلو أن شخصاً دهسته سيارة بسبب ذلك فسيتحمل صاحب المحل أو البيت دية هذا المقتول لأنه كان سببا في ذلك .
2- منع الاطفال من ممارسة بعض الألعاب على الرصيف واضطرارهم النزول الى الشوارع .
3- فقدان الشوارع لجماليتها ومنظرها الحضاري واشاعة الفوضى في الأرصفة .
4 - كثرة النفايات وتكديسها وتركها على الأرصفة والشوارع بشكل يؤثر على الصحة العامة والبيئة ناهيك عما تخلفه هذه النفايات من الروائح الكريهة والأوبئة والغازات السامة التي تنبعث من تلك الأكوام من النفايات وانتشار الجراثيم والحشرات وغيرها .
5- الغاء المساحات الخضراء في الاحياء السكنية استغلت من البعض ككراجات للشاحنات والسيارات الكبيرة ، وتقوم بزيادة التلوث ورمي الدهون والاطارات التالفة بدلا من حدائق للزهور تتوسطها وسائل العاب للأطفال يلعب فيها الاطفال .
6- تضييق الشارع على المركبات والسيارات .
فتاوى شرعية خاصة بتحريم استغلال الأرصفة :
قال تعالى : وَالذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً واِثْماً مُبِيناً (الأحزاب 58) ، ووجه الدلالة من الآية: إن قطع الطريق والأرصفة واغلاقه أمام الناس والسيارات يعد شكلا من أشكال الإيذاء الوارد ذِكرُهُ في الآية، ورتب الشارع المقدس على ذلك البهتان والإثم ،وكذلك اشارت الأحاديث النبوية الى مراعاة الطريق وعدم قطعه امام المارة ، بأي عذر لأن ذلك تعدي عل الآخرين وسلب لحقوقهم . وفي المصنفات الفقهية لكل المذاهب الاسلامية هناك أبواب خاصة بالطريق وآداب الطريق وعدم الإضرار بالآخرين في استخدامه ، بالاستناد الى الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة .
وفي وقتنا الحالي أفتى المراجع والعلماء ومنهم السيد السيستاني وغيره حفظهم الله بتحريم التجاوز على الأرصفة إذا كان يضرّ بالناس وبلا شك فان التجاوز فيه ضرر واضح على الجميع بل وحتى على الشارع :
سئل السيد السيستاني ؛ ما حكم استخدام الشوارع والأرصفة لبيع الأثاث والبضائع؟ فأجاب : لا يجوز اذا كان مزاحماً للمارة وسير المركبات. واستفتاه صاحب محل : إنّ أمام محلي مساحة كبيرة فارغة من الرصيف فهل يجوز لي استغلال تلك المساحة؟ فأجابه : لا يجوز اذا كان فيه مزاحمة للمارة بل يلزم الالتزام بالنظام المرعي في هذا المجال . وسئل أيضا عن شخص يملك محل مواد غذائية والمحل قانوني وقد قام بتسييج المساحة التي تقع امام المحل (الرصيف) ووضع اغراضه على الرصيف مما أدّى إلى غلق الرصيف بالكامل وسبب ضرراً للناس فهل يجوز الشراء من هذا المحل؟ فأجابه : يجوز اذا لم يمنعه القانون وان كان ما يفعله غير جائز شرعاً. وسئل أيضا : هل يجوز وضع ما يضرّ بالسالكين في الطرق العامة؟ فأجاب : لا يجوز للمكلف وضع ما يضرًّ بالسالكين لأي طريق عام ، من مشاة وغيرهم سواء كان البلد من البلدان الإسلامية، أو غير الإسلامية. (الموقع الالكتروني للسيد السيستاني/ الفتاوى - الحق العام).
ويقول السيد صباح شبّر : لا يجوز التضييق بالمارة باي حال من قبل الباعة؟ خاصة اذا تسبب الأذى للناس فلا يجوز ، وهذا العمل فيه اشكال .
ويقول السيد رشيد الحسيني : التجاوز على الأرصفة والطرق العامة غير مرخّص ولا يجوز، وكذلك الحاق المساحات الموجودة خارج حدود البيت بالبيت من خلال تسييجها او تحديدها سواء لغرض التشجير أو غيرها لا يجوز ويعد ذلك تجاوزا .
ويقول الشيخ شهيد العتابي نقلا عن فتوى السيد السيستاني بخصوص التجاوز على الرصيف : لا يجوز إذا كان مزاحماً للمارة وسير المركبات ، وقال في فتوى آخر : (ان تبديل الطريق الى المسجد غير جائز) فما بالك بتبديله الى محال ومقاهي وغيرها ؟.
ويقل الشيخ حازم البصري (من منبر العتبة العلوية المقدسة) في رده على سؤال : هل يجوز لصاحب المحل وضع أغراض في المساحة المقابلة اي الرصيف او وسع المحل على حساب الرصيف ؟ والجواب : هذا التصرف حرام ولا يجوز شرعاً .
ويقول السيد خضير المدني (من منبر العتبة العلوية المقدسة) : لا يجوز لأصحاب المحلات ولا لغيرهم التجاوز على الأرصفة ولا على الشوارع ، لا يجوز قطع الطرق من قبل الباعة اذا أضرّ بحركة المارة والسيارات .
ويقول السيد علي الطالقاني : لا يجوز اقتطاع اية مساحة امام البيت وتسييجه ؟ .
ويقول السيد أبو ذر الأمين : التعدي على الشوارع والملكية العامة دليل على عدم الايمان واذا حصل اي حادث دهس فانه سيتحمل ديته مَنْ تجاوز على الرصيف واضطر بها الناس للمشي في الشارع .
ويقول الشيخ السعيدي : اذا كان هناك حرج على المارة فاستخدام الارصفة والشوارع لا يجوز شرعا.
والآن وأمام هذه المحاذير الشرعية والقانونية ، ما يقول اصحاب المحلات والمقاهي والمطاعم الذين تجاوزوا على الرصيف وألحقوه بمحلاتهم وتسببوا في أذى الناس وربما في موت البعض بسبب هذه التجاوزات ؟ وما يقول ذاك الشخص الذي اغتصب الرصيف والحقه بمحله أو بيته ثم باع المحل لغيره وابقى على هذا التجاوز الذي سيبقى إثمه عليه لأنه لم يزيله قبل البيع؟ فمن يريد أن يأكل من الرزق الحلال عليه أن يزيل اي تجاوز على الرصيف والا فإنه ارتكب حراما والأموال المستحصلة من البيع في هذه المواضع فيها اشكال .
اللهم اشهد ..