صدى المهدي
26-06-2022, 08:45 AM
https://www.almaaref.org/uploaded/sumimages/20220622114102.jpg
ما هو معنى الصبر؟
الصبر هو الامتناع عن الشكوى على الجزع الكامن، والمراد من الامتناع عن الشكوى، هو الشكوى إلى المخلوق، أمّا الشكوى عند الحقّ المتعالي وإظهار الجزع والفزع أمام قدسيّته، فلا يتنافى مع الصبر، فهذا النبيّ أيوب يشكو إلى الله سبحانه قائلاً: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾[1]، على الرغم من أن الله تعالى أثنى عليه بقوله: ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾[2]، وقال النبيّ يعقوب عليه السلام ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ﴾[3]، مع أنّه كان من الصابرين.
درجات الصبر
إنّ المفهوم من الأحاديث الشريفة أنّ للصبر درجات، ويختلف الأجر والثواب بحسب الدرجة، كما في الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الصبر ثلاثة: صبر عند المصيبة، وصبر على الطاعة، وصبر عن المعصية. فمن صبر على المصيبة حتّى يردها بحُسْن عزائها، كتب الله له ثلاثمئة درجة، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء والأرض، ومن صبر على الطاعة كتب الله له ستّمئة درجة، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش، ومن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمئة درجة، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش"[4].
ويُفهم من هذا الحديث أنّ الصبر على المعصية أفضل من مراتب الصبر كلّها.
وفي رواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سيأتي على الناس زمان لا يُنال فيه المُلك إلّا بالقتل والتجبّر، ولا الغنى إلّا بالغضب والبخل، ولا المحبّة إلّا باستخراج الدين واتّباع الهوى،، فمن أدرك ذلك الزمان، فصبر على الفقر، وهو يقدر على الغنى، وصبر على البِغضة، وهو يقدر على المحبّة، وصبر على الذلّ، وهو يقدر على العزّ، أتاه الله ثواب خمسين صدِّيقاً ممَّن صدَّق بي"[5].
ما هي نتائج الصبر؟
إنّ للصبر نتائج كثيرة، فهو مفتاح أبواب السعادات، وباعثٌ للنجاة من المهالك، يهوّن المصائب ويخفّف الصعاب، ويقوّي العزم والإرادة، ويبعثُ على استقلاليّة مملكة الرّوح.
كما أنّه يروّض النفس ويربّيها، فإذا صبر الإنسان حيناً من الوقت على مصائب الدهر، وعلى مشاقّ العبادات والمناسك، وعلى مرارة ترك الملذّات النفسيّة امتثالاً لأوامر وليّ النعم، وتحمّل الصعاب، تروّضت النفس شيئاً فشيئاً، واعتادت وتخلّت عن طغيانها، وحصلت للنفس صفات راسخة نورانيّة، بها يتجاوز الإنسان مقام الصبر ليبلغ المقامات الأخرى الشامخة.
ولكلّ درجة من درجات الصبر فائدة خاصّة: فالصبر على المعصية يبعث على تقوى النفس، والصبر على الطاعة يسبّب الاستيناس بالحقّ عزّ وجلّ، والصبر على البلايا يوجب الرضا بالقضاء الإلهيّ.
وللصبر في الآخرة ثواب جزيل وأجر جميل، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾[6].
كما ورد في الحديث: "وطِّنوا أنفسكم على الصبر، تؤجروا"[7]. وهذا ما تشير إليه سيّدتنا الزهراء عليها السلام بقولها: "والصبر معونة على استيجاب الأجر"[8].
ويتجسّد الصبرُ في عالم البرزخ بصورة بهيّة شريفة، ففي الرواية عن الصادق عليه السلام: "إذا دخل المؤمن في قبره، كانت الصلاة عن يمينه، والزكاة عن يساره، والبرّ مطلّ عليه، ويتنحّى الصبر ناحية، فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته، قال الصبر للصلاة والزكاة والبرّ: دونَكم صاحبَكم، فإنْ عجزتم منه، فأنا دونَه"[9].
ذلك الدّين القيِّم، دار المعارف الإسلامية الثقافية
[1] سورة ص، الآية 41.
[2] سورة ص، الآية 44.
[3] سورة يوسف، الآية 86.
[4] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص91.
[5] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص91.
[6] سورة الزمر، الآية 10.
[7] الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة، مصدر سابق، ج3، ص257.
[8] العلّامة المجلسيّ، بحار الانوار، مصدر سابق، ج29، ص 223.
[9] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص90.
ما هو معنى الصبر؟
الصبر هو الامتناع عن الشكوى على الجزع الكامن، والمراد من الامتناع عن الشكوى، هو الشكوى إلى المخلوق، أمّا الشكوى عند الحقّ المتعالي وإظهار الجزع والفزع أمام قدسيّته، فلا يتنافى مع الصبر، فهذا النبيّ أيوب يشكو إلى الله سبحانه قائلاً: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾[1]، على الرغم من أن الله تعالى أثنى عليه بقوله: ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾[2]، وقال النبيّ يعقوب عليه السلام ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ﴾[3]، مع أنّه كان من الصابرين.
درجات الصبر
إنّ المفهوم من الأحاديث الشريفة أنّ للصبر درجات، ويختلف الأجر والثواب بحسب الدرجة، كما في الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الصبر ثلاثة: صبر عند المصيبة، وصبر على الطاعة، وصبر عن المعصية. فمن صبر على المصيبة حتّى يردها بحُسْن عزائها، كتب الله له ثلاثمئة درجة، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء والأرض، ومن صبر على الطاعة كتب الله له ستّمئة درجة، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش، ومن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمئة درجة، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش"[4].
ويُفهم من هذا الحديث أنّ الصبر على المعصية أفضل من مراتب الصبر كلّها.
وفي رواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سيأتي على الناس زمان لا يُنال فيه المُلك إلّا بالقتل والتجبّر، ولا الغنى إلّا بالغضب والبخل، ولا المحبّة إلّا باستخراج الدين واتّباع الهوى،، فمن أدرك ذلك الزمان، فصبر على الفقر، وهو يقدر على الغنى، وصبر على البِغضة، وهو يقدر على المحبّة، وصبر على الذلّ، وهو يقدر على العزّ، أتاه الله ثواب خمسين صدِّيقاً ممَّن صدَّق بي"[5].
ما هي نتائج الصبر؟
إنّ للصبر نتائج كثيرة، فهو مفتاح أبواب السعادات، وباعثٌ للنجاة من المهالك، يهوّن المصائب ويخفّف الصعاب، ويقوّي العزم والإرادة، ويبعثُ على استقلاليّة مملكة الرّوح.
كما أنّه يروّض النفس ويربّيها، فإذا صبر الإنسان حيناً من الوقت على مصائب الدهر، وعلى مشاقّ العبادات والمناسك، وعلى مرارة ترك الملذّات النفسيّة امتثالاً لأوامر وليّ النعم، وتحمّل الصعاب، تروّضت النفس شيئاً فشيئاً، واعتادت وتخلّت عن طغيانها، وحصلت للنفس صفات راسخة نورانيّة، بها يتجاوز الإنسان مقام الصبر ليبلغ المقامات الأخرى الشامخة.
ولكلّ درجة من درجات الصبر فائدة خاصّة: فالصبر على المعصية يبعث على تقوى النفس، والصبر على الطاعة يسبّب الاستيناس بالحقّ عزّ وجلّ، والصبر على البلايا يوجب الرضا بالقضاء الإلهيّ.
وللصبر في الآخرة ثواب جزيل وأجر جميل، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾[6].
كما ورد في الحديث: "وطِّنوا أنفسكم على الصبر، تؤجروا"[7]. وهذا ما تشير إليه سيّدتنا الزهراء عليها السلام بقولها: "والصبر معونة على استيجاب الأجر"[8].
ويتجسّد الصبرُ في عالم البرزخ بصورة بهيّة شريفة، ففي الرواية عن الصادق عليه السلام: "إذا دخل المؤمن في قبره، كانت الصلاة عن يمينه، والزكاة عن يساره، والبرّ مطلّ عليه، ويتنحّى الصبر ناحية، فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته، قال الصبر للصلاة والزكاة والبرّ: دونَكم صاحبَكم، فإنْ عجزتم منه، فأنا دونَه"[9].
ذلك الدّين القيِّم، دار المعارف الإسلامية الثقافية
[1] سورة ص، الآية 41.
[2] سورة ص، الآية 44.
[3] سورة يوسف، الآية 86.
[4] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص91.
[5] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص91.
[6] سورة الزمر، الآية 10.
[7] الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة، مصدر سابق، ج3، ص257.
[8] العلّامة المجلسيّ، بحار الانوار، مصدر سابق، ج29، ص 223.
[9] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص90.