صدى المهدي
14-08-2022, 09:06 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمدُ لله الذي تواضعَ كلُّ شيءٍ لعظمتِه. والحمدُ لله الذي ذلَّ كلُّ شيءٍ لعزَّتِه، والحمدُ لله الذي استسلمَ كلُّ شيءٍ لقدرتِه، والحمد لله الذي خضعَ كلُّ شيءٍ لملكِه، والحمدُ للهِ الذي يفعلُ ما يَشاءُ ولا يفعلُ ما يشاءُ غيرُه، واشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لَه، وأنَّ محمداً (ص) عبدُه ورسولُه.
أُوصيكم عبادَ الله ونفسي بتقوى اللهِ وكثرةِ ذكرِ الموتِ، وأحذِّرُكم ونفسي الدنيا التي لم يتمتعْ بها أحدٌ قبلكم، ولا تبقى لاحدٍ بعدَكم، فسبيلُ مَن فيها سبيلُ الماضينَ من أهلِها. ألا وإنَّها قد تصرَّمت وآذنتْ بانقضاء وتنكَّر معروفُها، فلا تغترُّوا بالمُنى وخُدعِ الشيطانِ وتسويفِه، فإنَّ الشيطانَ عدوُّكُم حريصٌ على إهلاكِكم.
ذلك الحسين .. عطاءٌ يتجدَّد:
عظَّم اللهُ أجورَنا وأجورَكم بمصابِنا بسيدِ الشهداء، الحسينِ بنِ عليٍّ، نجلِ رسول الله (ص)، الذي بذلَ وضحَّى ليبقى الإسلامُ حيَّاًّ، نابضاً، فاعلاً، وليَستنقذَ عبادَ الله من الضلالِ والعمى ويقودَهم إلى الهدى والرشادِ كما أفادَ ذلك أبو عبد اللهِ الصادقِ (ع) في الزيارةِ المأثورةِ عنه في كاملِ الزيارات بسندٍ معتبرٍ يقولُ (ع) يصفُ الحسينَ الشهيدَ (ع) " فأعذرَ في الدعاءِ، وبَذلَ مهجتَه فيك ليستنقذَ عبادَك من الضلالةِ والجهالةِ والعمى والشكِّ والارتيابِ إلى بابِ الهدى والرشاد"(1) فقد أوجزَ أبو عبدِ اللهِ الصادقُ (ع) في هذه الفقرةِ من الزيارةِ مجملَ الأهدافِ التي نهضَ الحسينُ (ع) من أجلِ تحقيقِها، وأوجزَ لنا الإمامُ زينُ العابدين (ع) في جوابِه لإبراهيمَ بنِ طلحةَ مجملَ النتائجِ التي تمخَّضتْ عنها نهضةُ الحسينِ (ع) فقد روى الشيخُ الطوسي (رحمه الله) في الأمالي بسندٍ قريبٍ عن أبي عبد الله الصادقِ (ع)، قال: لمَّا قدِمَ عليُّ بنُ الحسين (ع) وقد قُتل الحسينُ بنُ علي (ع) استقبله إبراهيمُ بنُ طلحةَ بنُ عبيد الله -فسأله كهيئةِ الشامت- وقال: يا عليَّ بن الحسين، مَن غلَب؟ فقال له عليُّ بنُ الحسين: " إذا أردتَ أنْ تعلمَ مَن غَلَب، ودخل وقتُ الصلاةِ، فأذِّن ثم أقم"(2)، نعم لقد أرادَ النظامُ الأُموي طمسَ معالمِ الإسلامِ وأبت عليه دماءُ الحسينِ الشهيدِ إلا أنْ يبقى الإسلامُ حيَّاًّ قائماً، فاعلاً قادراً على الاستمرار، وقادرا على التجدُّد والعطاءِ المستمر، وقد تحقَّق لأبي عبدِ الله الحسينِ (ع) ما كان قد رجاه من نهضتِه، فبقي الإسلامُ كما شاء، وكما أراد، فلا زال دمُ الحسينِ (ع) يغلي في قلوبِ المؤمنين، وحرارتُه لن تبرُدَ ووهجُه لن يخبو .. هذا الدم العزيز عندَ الله، ولدى أنبيائِه، ظلَّ يُروِّي شجرةَ الإسلام، فكانَ أنْ تجذَّرت هذه الشجرةُ في الأرضِ، حتى استحال اقتلاعُها، وامتدَّت فروعها حتى استطالت واستوعبتْ أرجاءَ الدنيا، فبسقتْ وترعرعتْ فظلَّلت بأفيائِها وظلالِها الوارفةِ ربوعَ هذه الأرضِ، فأصبحَ كلُّ إنسانٍ مديناً لهذه الشجرةِ المُورقةِ التي تُغذِّيها كلَّ يومٍ دماءُ الحسينِ الشهيدِ (ع).
السؤال:
وها قد خرجَنا من موسمِ عاشوراء لهذا العام، فبماذا خرجَنا من هذا الموسمِ العظيمِ على المستوى الشخصي؟ يتحتَّمُ على كلٍّ منا أنْ يطرحَ على نفسِه هذا السؤالَ، وأنْ يكونَ عَرْضُ هذا السؤالِ على النفسِ عرضاً جدِّياً، لا عرضاً عابراً: بماذا خرجنا من هذا الموسمِ الشريف؟
المقاييس الثلاثة للجواب:
ثمَّةَ مقاييسُ ثلاثة نذكرُها، يُمكنُ بواسطتِها أنْ نمتحنَ بها أنفسَنا؛ لنتعرَّفَ على أننَّا هل خرجَنا من هذا الموسمِ بغيرِ ما دَخلنَا، أو لا؟
المقياس الأول: هو هل ساهمَ موسمُ هذا العامِ في تعميقِ صلتِنا بالحسينِ (ع) أو انَّ مستوى صلتِنا بالحسينِ قبلَ الموسمِ هو ذاتُه المستوى الذي خَرجنا به مِن هذا الموسم؟
أولاً: ازدياد العلاقة بالحسين:
لا ريبَ انَّ علاقتَنا الروحيَّةَ بالحسينِ (ع) تتمَّيزُ بمستوىً متقدِّم إذا ما قِيست بمستوى علاقةِ الآخرينَ به إلا انَّ هذه العلاقةَ مهما توثَّقتْ فإنَّ الدين يُخاطبُنا بالمزيدِ من التوثيقِ والتعميقِ لهذه العلاقة، فلا ينبغي أنْ يقنعَ أحدُنا بما هو عليه من علاقةٍ بالحسين (ع) فهي إنْ كانت وثيقةً فإنَّ الله تعالى يخاطبنا ويستحثُّنا على السعي ما وسِعنا للمزيد من التوثيق والتجذيرِ والتعميقِ لهذه العلاقة.
يقول النبيُّ الكريمُ (ص): "أحبَّ اللهُ من أحبَّ حسينا"(3)، ومعنى ذلك أنَّ اللهَ تعالى قد أناط فيما أناطَ حبَّه بحبِّ الحسين، فبمقدارِ ما تحبُّ الحسين، يُحبُّك اللهُ تعالى، فانظرْ إلى أيِّ مستوىً تُحبُّ الحسين؟ وما هي مرتبةُ العلاقةِ التي تربطُك بالحسين؟ وأيُّ درجةٍ من العشقِ تحملُها نحو الحسين؟ فذلك هو الذي يُحدِّدُ مقدارَ علاقتِك بالله تعالى، وعلاقةِ الله تعالى بك.
وكذلك هو الشأنُ في طبيعةِ العلاقةِ بالرسولِ الكريمِ (ص) فقد روى الفريقانِ بأسنادٍ معتبرةٍ انَّ النبيَّ الكريمَ (ص) أشار إلى الحسنِ والحسينِ فقال: "من أحبَّني فليُحبَّ هذين"(4) فبمقدارِ حبِّك للحسينِ (ع) يتحددُ مقدارُ حبِّك للرسولِ (ص).
وهذا هو الذي ينبغي أنْ نسألَ عنه أنفسَنا: كُنَّا قبلَ عاشوراء نحبُّ الحسينَ بمستوىً ما، فهل خرجَنا من عاشوراءَ ونحنُ على ذاتِ المستوى؟ أو أنَّ حُبَّه قد تعمَّقَ وتجذَّر أكثر ممَّا كان عليه؟ هل بلغَ حُبَّنا للحسينِ (ع) مبلغَ الحبِّ الذي كان عليه القاسمُ بنُ الحسن -شبلُ كربلاء-؟
في ليلةِ العاشرِ وبعدَ أنَّ بشَّر الحسينُ أصحابَه بالموت الذي يتلوه رضوانُ اللهِ وجنتُه، وأخبرَهم بأنَّهم شهداءُ هذه الأمة، حينذاكَ توجَّسَ القاسمُ خيفةً؛ فلعلَّه لا يحظى بشرفِ الموتِ بين يدي الحسينِ (ع)، لذلك بادرَ -كما يُروى عن الإمامِ زينِ العابدينَ- فقال: وأنا يا سيِّدي؟ ألا أُقتل، ألستُ في الشهداء؟ فكأنَّ الحسينَ أشفقَ عليه لصغرِ سِنِّه، ولهذا سألَه: كيفالموتِ عندك يا قاسم؟ قال: "فيكَ يا عم؟ أحلى من العسل، فيك يا عم؟ أحلى من الشَهْد"(5). الموتُ مُرُّ المذاق، خصوصاً إذا كان بضرباتِ السيوف، فما مِن شيءٍ أشدُّ ايلاماً على الجسدِ من وقعِ الحديد، إلا أنَّه في حبِّ الحسين أحلى من العسل! هل بلغنا هذه المرتِبِة؟ هل لقَّنا أنفسنا ضرورةَ الوصولِ إلى مرتِبةِ القاسم في عشقِ الحسين؟
هل بلغنا مرتبةَ الشهيدِ محمدِ بنِ بشيرِ الحضرمي (رحمه الله) الذي علِم يومَ العاشرِ انَّ ابنَّه قد تمَّ أسرُه في ثغرِ الري، فما زاد على أنْ قال: عند الله أحتسبُه فأذِنَ له الحسين (ع) أن ينصرفَ ليسعى في فَكاك ولدِه من الأسرِ لكنَّه أبى أشدَّ الإباء وقال: "أكلتني السباعُ حيَّا إنْ فارقتك"(6) يابن رسول الله.
فالحسينُ في قلبِ هذا الشهيد أحبُّ إليه من ولدِه وفَلذةِ كبدِه بل هو أحبُّ وآثرُ عنده من روحهِ التي بين جنبيه فهو يدعو على نفسِه أن تأكلَه السباعُ حيَّاً لو حانت منه زلَّةٌ ففارقَ الحسينَ (ع).
يَجدرُ بنا ونحنُ شيعةُ الحسين أنْ نسألَ أنفسَنا عن مرتبةِ العِشقِ التي نحملُها نحو الحسين (ع) كما يجدرُ بنا أنْ لا نقنعَ بمرتبةِ الحبِّ التي نحنُ عليها تجاهَ الحسينِ (ع).
تلك هي وصيةُ القرآنِ في مثلِ آيةِ المودة، وتلك هي وصيةُ الرسولِ (ص) والتي جعلَها في عهدةِ هذه الأمة، وظلَّ يؤكدُ عليها في كلِّ مناسبة، ذلك لأنَّ حبَّ الحسين والولاءَ للحسين حبٌّ للإسلام، وحين نكونُ على استعدادٍ للتضحيةِ من أجل الحسين، فذلك معناهُ الاستعدادُ للتضحيةِ من أجلِ القرآن، ومن أجلِ الإسلام، ومن أجل قيمِ ومبادئِ رسولِ الإسلام. هذا هو الأمر الأول الذي ينبغي أن نخرجَ به من موسمِ عاشوراء، وهو: تعميقُ الولاءِ والعِشقِ للحسينِ الشهيدِ (ع).
ثانياً: امتثال القيم العاشورائية:
والسؤالُ الثاني الذي ينبغي أنْ نعرضَه على أنفسِنا بعد الخروجِ من هذا الموسم هو إنَّ: عاشوراءَ ونهضةَ الحسين زاخرةٌ بالمُثُلِ والقيم، فما هي القيمُ والمثلُ الحسينيَّةُ التي سعينَا من أجل أنْ نتمثَّلها، وأنْ نتحصَّل عليها؟ نحنُ نسمعُ بها كثيراً، ونُكبرُها ونُعجَبُ بها، وننجذبُ إليها ويستهوي أفئدتَنا جمالُها وجلالُها، ولكنْ هل سعيْنَا من أجلِ أنْ نتحلَّى بها وأنْ نكونَ واجدينَ لها أو لبعضِها؟
نهضةُ الحسينِ (ع) زاخرةٌ بالمُثُلِ والقيم، ففيها الإيثارُ قد تجلَّى في أكملِ صورِه، وفيها الصدقُ والوفاءُ، صدقُ الإيمانِ وصدقُ العزيمة، وفيها العزةُ والكرامةُ والشموخُ والإباء، وفيها النُبْلُ وسموُّ الذات، وفيها التفاني والتضحيةُ، التفاني في ذاتِ الله والتفاني من أجلِ إعلاءِ كلمةِ الله، وفيها الصبرُ والتجلُّدُ والثباتُ على المبادئ، وفيها الرِفْقُ والحلمُ، والرحمةُ والرأفةُ، وفيها الكثيرُ ممَّا يَطولُ تَعدادُه، فلا تكادُ تجدُ نهضةً في تاريخِ الأمم قد تجلَّت فيها كلُّ قيم الإنسانِ والأديانِ كما تَجدُه في نهضةِ الحسينِ الشهيد، ونحنُ أتباعُ الحسينِ، فأيَّ هذه القيمِ حرصْنَا على أنْ نكونَ واجدينَ لها أو لمرتِبةٍ منها؟
أ- الرفق والرحمة:
حريٌّ بنا أيُّها الإخوة أنْ يستوقفَنا كلُّ مشهدٍ من مشاهدِ هذه النهضة الإلهيَّة لنتعرَّف منه على قيمِ الدينِ الذى كان يُمثلُه سيدُ الشهداء (ع)
ولنذكر لذلك بعضَ النماذج:
الأول: يتَّصلُ بشأنِ الحرِّ بنِ يزيدَ الرياحي (رحمه الله) هذا الرجلُ كان قد أساء، وكان لإساءتِه أسوءُ الأثرِ على مُجرياتِ النهضة، وكان قد أدخلَ الأذى على قلبِ الحسينِ الشهيد، وروَّع بناتِ الرسول (ص). ثم إنَّ هذا الرجلَ ندِم وآبَ إلى رُشده، ورجعَ إلى ربِّه، وتحوَّل من معسكرِ الضلال إلى معسكرِ الحسين (ع) فترجَّلَ مطأطئاً رأسَه بين يدي الحسين(ع) يسألُه التوبة، فأيَّ شيءٍ كان جوابُ الحسينِ (ع) هل زجرَه؟ أو أعرضَ عنه؟ لم يفعلْ ذلك سيِّدُ الشهداء، كان جوابُه(ع) إنَّك إنْ تُبتَ فإنَّ اللهَ تعالى يتوبُ عليك. فلم يُقرِّعْه، ولم يوبِّخْه، بل ولم يعاتبْه أو يُشعره بأدنى تأنيب! أيُّ قلبٍ هذا الذي يحملُه صدرُ الحسين! وأيُّ رحمة تلك التي انطوى علها قلبُ الحسين! رجلٌ كان قد أساء بهذا الحجمِ من الإساءة، ثمَّ يصفحُ عنه دون توبيخٍ، ودون تقريعٍ، بل ودونَ عتاب!
هل نحنُ كذلك؟ عندما يُسيءُ إلينا أحد، ألا نشتمه ؟! ألا نعاديه؟! ألا نقاطعه ؟! يأتي ليعتذرَ فلا نقبلُ عذرَه!، وإذا قبِلناه فإنَّا نقبلُه على مضضٍ بعد توبيخٍ وتقريع، وتبقى في النفسِ نحوه غَضاضةٌ وأشجان قد نبوحُ بها في السرِّ ونكتُمها في العلن، وأما الحسينُ (ع) فلم تبقَ في نفسِه من غضاضةٍ نحو الحُرّ، بل وقفَ يُؤبِّنه ويدعو له، ويمسحُ الدمَ والترابَ عن وجهه بعد أن سقطَ شهيداً، ويقول: رحمَك اللهُ يا حُرّ، صدقتْ أُمُّك حين سمَّتك حُراًّ. وأنت الحرُّ في الدنيا والآخرة(7)، مدحٌ وثناءٌ على الحُرّ وبشرى يزفُّها له، رغمَ ما قد سبقَ من فعلِه.
ب-الغيرة والحميَّة:
ومشهدُ آخرُ من مشاهدِ كربلاء يُعلِّم الأجيالَ المتعاقبةَ معنى الغِيرةِ والحميَّة: يذكرُ المؤرِّخونَ من الفريقينِ أنّ الحسينَ (ع) -وبعد أنْ سقط كلُّ الشهداء- كان شديدَ الحُرصِ على حماية مخيَّماتِ النساء خشيةَ أنْ تُهتكَ من قِبَلِ أوباشِ المعسكر الأموي. إلا انَّه وبعد أنْ أُثخنَ بالجُراح وأعياهُ النزف، حينذاكَ دفع الشمِرُ بنُ ذي الجوشن بكتيبةٍ من الجيش نحوَ مخيَّماتِ النساء من بناتِ الرسول (ص) فابتدرَهم الحسينُ (ع) رغم الإعياءِ الذي ألمَّ به من شدةِ النزفِ قائلاً: "ويحكم يا شيعةَ آلِ أبي سفيان! إنْ لم يكنْ لكم دين، وكنتم لا تخافونَ المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم" أنا الذي أقاتلُكم، والنساءُ ليس عليهنَّ جناح "(8) معبِّرا بذلك عن شدَّةِ غيرتِه وحميتِه، فرغمَ أنَّه كان مشغولاً بنفسه، إلَّا أنَّ ذلك لم يذهله عن أهله، ونسائه. لقد كان غيوراً أبو الشهداء، أنحن كذلك؟ نقبلُ بأنْ تخرجَ بناتِنا -ونحن شيعةُ الحسين- دون سترٍ كافٍ، ونقبلُ لنسائنا ذلك؟ ثم إنَّ النساء كيف يقبلنَ ذلك لأنفسهنَّ وهنَّ شيعةُ الحسينِ الغيور؟!
عدم الجزع عند المصيبة:
ومشهدٌ أخير من مشاهد كربلاء نستمدُّ منه الثباتَ والصبرَ وعدمَ الجزعِ عند المصيبة، فنحنُ عندما تُلمُّ بنا مصيبةٌ فإنَّ الكثير منَّا ينهارُ أو يضعُف، وتخورُ قُواه، أمَّا الحسينُ فلم يكن كذلك، فرغمَ أنه ظلَّ وحيداً بعد أن قُتل مَن كان معه من أصحابِه، وأولادِه، وبني إخوتِه -ولم يبقَ معه من أحدٍ، والأشدُّ والأقسى من ذلك: هو أن يُذبحَ رضيعٌ له وهو في يده، ثم يُذبحُ صبيٌّ آخرُ من أبناءِ الحسن على صدره أو في حجره كان يلوذُ به، فهل انتابَ الحسينَ من جزع أو ألمَّ به ضعْف؟
أكثرُ الزياراتِ المأثورةِ تصفُ الحسينَ بالوترِ الموتور. ومعنى الموتورِ هو الذي قُتل أولادُه، وأحبَّتُه، وبنو عمومتِه، وليس من موتورٍ كالحسين .. في تجلُّدِه ورباطةِ جأشه، فهو موتورٌ إذ لم يبقَ معه من أحد، وهو في ذاتِ الوقت مكثور، والمكثورُ هو المفرودُ الذي تكاثرَ الناس حولَه يبتغونَ قتلَه أو ايذاءَه، ومثلُه لا يقوى على مقاومةٍ بل تنهارُ قُواه وتخورُ عزائمه، وأما الحسينُ الشهيدُ فلم يكن كذلك، فرغمَ تحلُّقِ المئاتِ حولًه وعلمِه بأنَّ وراءَهم جيشاً جراراً يمتدُّ بامتدادِ البصر لكنَّه لم يكترثْ وما نالَ ذلك من عزمِه، فلم يهِن ولم يضعُفْ بل كان يُبادرهم فيشدُّ فيهم بسيفِه فينهزمونَ بين يديِه كأنَّهم الجرادُ المنتشر، ثم يرجعُ إلى مركزِه وهو يقولُ: "لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العليِّ العظيم"
ليس لهذا المشهدِ الذي وثَّقه المؤرخونَ من نظير في تاريخِ الإنسان فأيُّ قلبٍ هذا الذي لا يعرفُ معنى الخوفِ أو الوهنِ أو الضعف!! فحريٌّ بنا ونحن شيعةُ الحسينِ أن نستمدَّ منه القوَّةَ والتجلُّدَ والصبرَ عند كلِّ نائبةٍ والثباتَ على الحق.
ثالثاً: استشعار محضر الله، والرضا بقضاءه وقدره:
والسؤالُ الثالث: الذي ينبغي أن نعرضَه على أنفسِنا هو إنَّ هذا الموسمَ هل أثَّر في تعميقِ صلتِنا باللهِ جلَّ وعلا، فصارَ ذكرُ الله تعالى أكثرَ حضوراً في قلوبِنا ومشاعرِنا أو انَّ ما خرجنا به من عاشوراءَ هو ما كنَّا عليه قبلَ موسمِ عاشوراء ؟
إنَّ أبرزَ ما يستوقفُ المتابعَ لأحداثِ نهضةِ الحسينِ (ع) هو ما تميَّزَ به رائدُها من حضورٍ دائمٍ لذكرِ الله جلَّ وعلا، فلقد ظلَّ قلبُ الحسينِ ولسانُه يلهجُ بذكرِ اللهِ تعالى في كلِّ مشهدٍ وموقفٍ حتى لم يكدْ يخلو منه خِطابٌ أو حوارٌ أو شِعار بل كان يلهجُ بذكر الله وهو يُبارزُ ويناجزُ القومَ، ويكثرُ من قول: لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله.
وحين حميَ الوطيسُ قبضَ (ع) على شيبتِه وقال: "اشتدَّ غضبُ اللهِ على اليهود إذ جعلوا له ولداً، واشتدَّ غضبُه على النصارى إذ جعلوه ثالثَ ثلاثة ..، واشتدَّ غضبُه على قومٍ اتَّفقتْ كلمتُهم على قتلِ ابن بنتِ نبيِّهم، أما والله لا أُجيبُهم إلى شيءٍ مما يُريدون حتى ألقى اللهَ تعالى، وأنا مخضبٌ بدمي"(9) ويذكرُ المؤرخونَ انَّه كان يُكثرُ من قول: "اللهم إنَّك ترى"(10) كلَّما أصابه سهمٌ أو رضخَه أحدُهم بحجر وكان يقول (ع): "هوَّن عليَّ ما نزلَ بي انَّه بعينِ الله"(11)، فهو حين كان يُردِّدُ على صعيدِ عرفات: "اللهم إنْ لم يكنْ بك غضبٌ عليَّ فلا أبالي"(12) لم يكن ذلك مجرَّدَ خطابٍ جرى على لسانِه بل صدَّقتْه مواقفُه يومَ كربلاء فكان رضا الله تعالى هو ما يشغلُ قلبَه وكان اللهَجُ بذكرِه هو ما يشغلُ لسانَه، فما أذهلَه خطبٌ عن ذكرِ الله تعالى رغم جلالةِ الخُطوب التي ألمَّتْ به.
فحينَ وقع السهمُ المشئومُ في صدرِه فانبعثَ الدمُ كالميزابِ لم يدفعْه شديدُ وقعِه للتأوه بل صدحَ بقوله: "بسم اللهِ، وبالله، وعلى ملةِ رسول الله، ورفعَ رأسه إلى السماء يناجي ربَّه قائلاً: إلهي إنَّك تعلمُ أنَّهم يقتلونَ رجلاً ليس على وجهِ الأرضِ ابنُ نبيٍّ غيرُه ثم رمى بما فاضتْ به كفُّه من دمِه الزاكي نحو السماءِ فما رجعتْ من قَطرة ثم صبغ بفيضِ دمِه ناصيتَه وشيبته"(13)، وكان يردِّد: "صبراُ على قضائك، ولا معبودَ سواك يا غياثَ المستغيثين"(14).
حضورٌ دائمٌ وقلبٌ ينبضُ بذكر الله تعالى في أحلْكِ الظروف، وقد أجاد الشاعرُ حين صوَّر واقعَ حالِ الحسين (ع) بقوله أيضاً:
إلهي تركتُ الخلقَ طراً في هواكَ ** وأيتمتُ العيالَ لكي أراكَ
فلو قطَّعتني بالحبِّ إرباً ** لما مالَ الفؤادُ إلى سـواكَ
هذا هو الحسين، وتلك هي علاقتُه بربِّه عزَّ اسمُه وتقدس، فهل نستمدُّ من هذه الروحِ المتألقةِ وهذا القلبِ الفيَّاضِ ما نستعينُ به على تقوى الله والإخلاصِ لدينِه؟
تأكدوا أيُّها الإخوة انَّ سرَّ الثباتِ والصمودِ الذي تجلَّى في مواقفِ الحسينِ يومَ عاشوراء إنَّما نشأ عن حضورِ اللهِ الدائمِ في قلبِه وعِشقِه اللامتناهي لربِّه.
﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ / إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ / وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا / فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾(15)
خطبة الجمعة - الشيخ محمد صنقور
16 محرّم 1437هـ - الموافق 30 أكتوبر 2015م
جامع الإمام الصّادق (عليه السّلام) - الدّراز
1- كامل الزيارات -جعفر بن محمد بن قولويه- ص 401.
2- الأمالي -الشيخ الطوسي- ص 677.
3- كامل الزيارات -جعفر بن محمد بن قولويه- ص 116.
4- لواعج الأشجان -السيد محسن الأمين- ص 11، فضائل الصحابة -النسائي- ص 20، السنن الكبرى -أحمد بن الحسين البيهقي- ج 2 ص 263.
5- مدينة المعاجز للسيد هاشم البحراني عن أبي الحمزة الثمالي عن زين العابدين ج4 ص 215،الهداية الكبرى للحسين بن حمدان (ت 334) ص 204.
6- العوالم، الإمام الحسين (ع) -الشيخ عبد الله البحراني- ص 244.
7- "والله ما أخطأت أمك إذ سمتك حرا، فأنت والله حر في الدنيا وسعيد في الآخرة" ينابيع المودة لذوي القربى -القندوزي- ج 3 ص 76.
8- العوالم، الإمام الحسين (ع) -الشيخ عبد الله البحراني- ص 293.
9- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 45 ص 12.
10- العوالم، الإمام الحسين (ع) -الشيخ عبد الله البحراني- ص 171.
11- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 45 ص 46.
12- "اللهم فلا تحلل بي غضبك، فإن لم تكن غضبت على فلا أبالي سواك" إقبال الأعمال -السيد ابن طاووس- ج 2 ص 79.
13- "بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله" ورفع رأسه إلى السماء وقال: إلهي إنك تعلم أنهم يقتلون رجلا ليس على وجه الأرض ابن نبي غيره، ثم أخذ السهم فأخرجه من قفاه فانبعث الدم كالميزاب، فوضع يده على الجرح فلما امتلأت رمى به إلى السماء، فما رجع من ذلك الدم قطرة، وما عرفت الحمرة في السماء حتى رمى الحسين عليه السلام بدمه إلى السماء، ثم وضع يده ثانيا فلما امتلأت لطخ بها رأسه ولحيته. بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 45 ص 53.
14- ينابيع المودة لذوي القربى -القندوزي- ج 3 ص 82.
15- سورة النصر.
والحمدُ لله الذي تواضعَ كلُّ شيءٍ لعظمتِه. والحمدُ لله الذي ذلَّ كلُّ شيءٍ لعزَّتِه، والحمدُ لله الذي استسلمَ كلُّ شيءٍ لقدرتِه، والحمد لله الذي خضعَ كلُّ شيءٍ لملكِه، والحمدُ للهِ الذي يفعلُ ما يَشاءُ ولا يفعلُ ما يشاءُ غيرُه، واشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لَه، وأنَّ محمداً (ص) عبدُه ورسولُه.
أُوصيكم عبادَ الله ونفسي بتقوى اللهِ وكثرةِ ذكرِ الموتِ، وأحذِّرُكم ونفسي الدنيا التي لم يتمتعْ بها أحدٌ قبلكم، ولا تبقى لاحدٍ بعدَكم، فسبيلُ مَن فيها سبيلُ الماضينَ من أهلِها. ألا وإنَّها قد تصرَّمت وآذنتْ بانقضاء وتنكَّر معروفُها، فلا تغترُّوا بالمُنى وخُدعِ الشيطانِ وتسويفِه، فإنَّ الشيطانَ عدوُّكُم حريصٌ على إهلاكِكم.
ذلك الحسين .. عطاءٌ يتجدَّد:
عظَّم اللهُ أجورَنا وأجورَكم بمصابِنا بسيدِ الشهداء، الحسينِ بنِ عليٍّ، نجلِ رسول الله (ص)، الذي بذلَ وضحَّى ليبقى الإسلامُ حيَّاًّ، نابضاً، فاعلاً، وليَستنقذَ عبادَ الله من الضلالِ والعمى ويقودَهم إلى الهدى والرشادِ كما أفادَ ذلك أبو عبد اللهِ الصادقِ (ع) في الزيارةِ المأثورةِ عنه في كاملِ الزيارات بسندٍ معتبرٍ يقولُ (ع) يصفُ الحسينَ الشهيدَ (ع) " فأعذرَ في الدعاءِ، وبَذلَ مهجتَه فيك ليستنقذَ عبادَك من الضلالةِ والجهالةِ والعمى والشكِّ والارتيابِ إلى بابِ الهدى والرشاد"(1) فقد أوجزَ أبو عبدِ اللهِ الصادقُ (ع) في هذه الفقرةِ من الزيارةِ مجملَ الأهدافِ التي نهضَ الحسينُ (ع) من أجلِ تحقيقِها، وأوجزَ لنا الإمامُ زينُ العابدين (ع) في جوابِه لإبراهيمَ بنِ طلحةَ مجملَ النتائجِ التي تمخَّضتْ عنها نهضةُ الحسينِ (ع) فقد روى الشيخُ الطوسي (رحمه الله) في الأمالي بسندٍ قريبٍ عن أبي عبد الله الصادقِ (ع)، قال: لمَّا قدِمَ عليُّ بنُ الحسين (ع) وقد قُتل الحسينُ بنُ علي (ع) استقبله إبراهيمُ بنُ طلحةَ بنُ عبيد الله -فسأله كهيئةِ الشامت- وقال: يا عليَّ بن الحسين، مَن غلَب؟ فقال له عليُّ بنُ الحسين: " إذا أردتَ أنْ تعلمَ مَن غَلَب، ودخل وقتُ الصلاةِ، فأذِّن ثم أقم"(2)، نعم لقد أرادَ النظامُ الأُموي طمسَ معالمِ الإسلامِ وأبت عليه دماءُ الحسينِ الشهيدِ إلا أنْ يبقى الإسلامُ حيَّاًّ قائماً، فاعلاً قادراً على الاستمرار، وقادرا على التجدُّد والعطاءِ المستمر، وقد تحقَّق لأبي عبدِ الله الحسينِ (ع) ما كان قد رجاه من نهضتِه، فبقي الإسلامُ كما شاء، وكما أراد، فلا زال دمُ الحسينِ (ع) يغلي في قلوبِ المؤمنين، وحرارتُه لن تبرُدَ ووهجُه لن يخبو .. هذا الدم العزيز عندَ الله، ولدى أنبيائِه، ظلَّ يُروِّي شجرةَ الإسلام، فكانَ أنْ تجذَّرت هذه الشجرةُ في الأرضِ، حتى استحال اقتلاعُها، وامتدَّت فروعها حتى استطالت واستوعبتْ أرجاءَ الدنيا، فبسقتْ وترعرعتْ فظلَّلت بأفيائِها وظلالِها الوارفةِ ربوعَ هذه الأرضِ، فأصبحَ كلُّ إنسانٍ مديناً لهذه الشجرةِ المُورقةِ التي تُغذِّيها كلَّ يومٍ دماءُ الحسينِ الشهيدِ (ع).
السؤال:
وها قد خرجَنا من موسمِ عاشوراء لهذا العام، فبماذا خرجَنا من هذا الموسمِ العظيمِ على المستوى الشخصي؟ يتحتَّمُ على كلٍّ منا أنْ يطرحَ على نفسِه هذا السؤالَ، وأنْ يكونَ عَرْضُ هذا السؤالِ على النفسِ عرضاً جدِّياً، لا عرضاً عابراً: بماذا خرجنا من هذا الموسمِ الشريف؟
المقاييس الثلاثة للجواب:
ثمَّةَ مقاييسُ ثلاثة نذكرُها، يُمكنُ بواسطتِها أنْ نمتحنَ بها أنفسَنا؛ لنتعرَّفَ على أننَّا هل خرجَنا من هذا الموسمِ بغيرِ ما دَخلنَا، أو لا؟
المقياس الأول: هو هل ساهمَ موسمُ هذا العامِ في تعميقِ صلتِنا بالحسينِ (ع) أو انَّ مستوى صلتِنا بالحسينِ قبلَ الموسمِ هو ذاتُه المستوى الذي خَرجنا به مِن هذا الموسم؟
أولاً: ازدياد العلاقة بالحسين:
لا ريبَ انَّ علاقتَنا الروحيَّةَ بالحسينِ (ع) تتمَّيزُ بمستوىً متقدِّم إذا ما قِيست بمستوى علاقةِ الآخرينَ به إلا انَّ هذه العلاقةَ مهما توثَّقتْ فإنَّ الدين يُخاطبُنا بالمزيدِ من التوثيقِ والتعميقِ لهذه العلاقة، فلا ينبغي أنْ يقنعَ أحدُنا بما هو عليه من علاقةٍ بالحسين (ع) فهي إنْ كانت وثيقةً فإنَّ الله تعالى يخاطبنا ويستحثُّنا على السعي ما وسِعنا للمزيد من التوثيق والتجذيرِ والتعميقِ لهذه العلاقة.
يقول النبيُّ الكريمُ (ص): "أحبَّ اللهُ من أحبَّ حسينا"(3)، ومعنى ذلك أنَّ اللهَ تعالى قد أناط فيما أناطَ حبَّه بحبِّ الحسين، فبمقدارِ ما تحبُّ الحسين، يُحبُّك اللهُ تعالى، فانظرْ إلى أيِّ مستوىً تُحبُّ الحسين؟ وما هي مرتبةُ العلاقةِ التي تربطُك بالحسين؟ وأيُّ درجةٍ من العشقِ تحملُها نحو الحسين؟ فذلك هو الذي يُحدِّدُ مقدارَ علاقتِك بالله تعالى، وعلاقةِ الله تعالى بك.
وكذلك هو الشأنُ في طبيعةِ العلاقةِ بالرسولِ الكريمِ (ص) فقد روى الفريقانِ بأسنادٍ معتبرةٍ انَّ النبيَّ الكريمَ (ص) أشار إلى الحسنِ والحسينِ فقال: "من أحبَّني فليُحبَّ هذين"(4) فبمقدارِ حبِّك للحسينِ (ع) يتحددُ مقدارُ حبِّك للرسولِ (ص).
وهذا هو الذي ينبغي أنْ نسألَ عنه أنفسَنا: كُنَّا قبلَ عاشوراء نحبُّ الحسينَ بمستوىً ما، فهل خرجَنا من عاشوراءَ ونحنُ على ذاتِ المستوى؟ أو أنَّ حُبَّه قد تعمَّقَ وتجذَّر أكثر ممَّا كان عليه؟ هل بلغَ حُبَّنا للحسينِ (ع) مبلغَ الحبِّ الذي كان عليه القاسمُ بنُ الحسن -شبلُ كربلاء-؟
في ليلةِ العاشرِ وبعدَ أنَّ بشَّر الحسينُ أصحابَه بالموت الذي يتلوه رضوانُ اللهِ وجنتُه، وأخبرَهم بأنَّهم شهداءُ هذه الأمة، حينذاكَ توجَّسَ القاسمُ خيفةً؛ فلعلَّه لا يحظى بشرفِ الموتِ بين يدي الحسينِ (ع)، لذلك بادرَ -كما يُروى عن الإمامِ زينِ العابدينَ- فقال: وأنا يا سيِّدي؟ ألا أُقتل، ألستُ في الشهداء؟ فكأنَّ الحسينَ أشفقَ عليه لصغرِ سِنِّه، ولهذا سألَه: كيفالموتِ عندك يا قاسم؟ قال: "فيكَ يا عم؟ أحلى من العسل، فيك يا عم؟ أحلى من الشَهْد"(5). الموتُ مُرُّ المذاق، خصوصاً إذا كان بضرباتِ السيوف، فما مِن شيءٍ أشدُّ ايلاماً على الجسدِ من وقعِ الحديد، إلا أنَّه في حبِّ الحسين أحلى من العسل! هل بلغنا هذه المرتِبِة؟ هل لقَّنا أنفسنا ضرورةَ الوصولِ إلى مرتِبةِ القاسم في عشقِ الحسين؟
هل بلغنا مرتبةَ الشهيدِ محمدِ بنِ بشيرِ الحضرمي (رحمه الله) الذي علِم يومَ العاشرِ انَّ ابنَّه قد تمَّ أسرُه في ثغرِ الري، فما زاد على أنْ قال: عند الله أحتسبُه فأذِنَ له الحسين (ع) أن ينصرفَ ليسعى في فَكاك ولدِه من الأسرِ لكنَّه أبى أشدَّ الإباء وقال: "أكلتني السباعُ حيَّا إنْ فارقتك"(6) يابن رسول الله.
فالحسينُ في قلبِ هذا الشهيد أحبُّ إليه من ولدِه وفَلذةِ كبدِه بل هو أحبُّ وآثرُ عنده من روحهِ التي بين جنبيه فهو يدعو على نفسِه أن تأكلَه السباعُ حيَّاً لو حانت منه زلَّةٌ ففارقَ الحسينَ (ع).
يَجدرُ بنا ونحنُ شيعةُ الحسين أنْ نسألَ أنفسَنا عن مرتبةِ العِشقِ التي نحملُها نحو الحسين (ع) كما يجدرُ بنا أنْ لا نقنعَ بمرتبةِ الحبِّ التي نحنُ عليها تجاهَ الحسينِ (ع).
تلك هي وصيةُ القرآنِ في مثلِ آيةِ المودة، وتلك هي وصيةُ الرسولِ (ص) والتي جعلَها في عهدةِ هذه الأمة، وظلَّ يؤكدُ عليها في كلِّ مناسبة، ذلك لأنَّ حبَّ الحسين والولاءَ للحسين حبٌّ للإسلام، وحين نكونُ على استعدادٍ للتضحيةِ من أجل الحسين، فذلك معناهُ الاستعدادُ للتضحيةِ من أجلِ القرآن، ومن أجلِ الإسلام، ومن أجل قيمِ ومبادئِ رسولِ الإسلام. هذا هو الأمر الأول الذي ينبغي أن نخرجَ به من موسمِ عاشوراء، وهو: تعميقُ الولاءِ والعِشقِ للحسينِ الشهيدِ (ع).
ثانياً: امتثال القيم العاشورائية:
والسؤالُ الثاني الذي ينبغي أنْ نعرضَه على أنفسِنا بعد الخروجِ من هذا الموسم هو إنَّ: عاشوراءَ ونهضةَ الحسين زاخرةٌ بالمُثُلِ والقيم، فما هي القيمُ والمثلُ الحسينيَّةُ التي سعينَا من أجل أنْ نتمثَّلها، وأنْ نتحصَّل عليها؟ نحنُ نسمعُ بها كثيراً، ونُكبرُها ونُعجَبُ بها، وننجذبُ إليها ويستهوي أفئدتَنا جمالُها وجلالُها، ولكنْ هل سعيْنَا من أجلِ أنْ نتحلَّى بها وأنْ نكونَ واجدينَ لها أو لبعضِها؟
نهضةُ الحسينِ (ع) زاخرةٌ بالمُثُلِ والقيم، ففيها الإيثارُ قد تجلَّى في أكملِ صورِه، وفيها الصدقُ والوفاءُ، صدقُ الإيمانِ وصدقُ العزيمة، وفيها العزةُ والكرامةُ والشموخُ والإباء، وفيها النُبْلُ وسموُّ الذات، وفيها التفاني والتضحيةُ، التفاني في ذاتِ الله والتفاني من أجلِ إعلاءِ كلمةِ الله، وفيها الصبرُ والتجلُّدُ والثباتُ على المبادئ، وفيها الرِفْقُ والحلمُ، والرحمةُ والرأفةُ، وفيها الكثيرُ ممَّا يَطولُ تَعدادُه، فلا تكادُ تجدُ نهضةً في تاريخِ الأمم قد تجلَّت فيها كلُّ قيم الإنسانِ والأديانِ كما تَجدُه في نهضةِ الحسينِ الشهيد، ونحنُ أتباعُ الحسينِ، فأيَّ هذه القيمِ حرصْنَا على أنْ نكونَ واجدينَ لها أو لمرتِبةٍ منها؟
أ- الرفق والرحمة:
حريٌّ بنا أيُّها الإخوة أنْ يستوقفَنا كلُّ مشهدٍ من مشاهدِ هذه النهضة الإلهيَّة لنتعرَّف منه على قيمِ الدينِ الذى كان يُمثلُه سيدُ الشهداء (ع)
ولنذكر لذلك بعضَ النماذج:
الأول: يتَّصلُ بشأنِ الحرِّ بنِ يزيدَ الرياحي (رحمه الله) هذا الرجلُ كان قد أساء، وكان لإساءتِه أسوءُ الأثرِ على مُجرياتِ النهضة، وكان قد أدخلَ الأذى على قلبِ الحسينِ الشهيد، وروَّع بناتِ الرسول (ص). ثم إنَّ هذا الرجلَ ندِم وآبَ إلى رُشده، ورجعَ إلى ربِّه، وتحوَّل من معسكرِ الضلال إلى معسكرِ الحسين (ع) فترجَّلَ مطأطئاً رأسَه بين يدي الحسين(ع) يسألُه التوبة، فأيَّ شيءٍ كان جوابُ الحسينِ (ع) هل زجرَه؟ أو أعرضَ عنه؟ لم يفعلْ ذلك سيِّدُ الشهداء، كان جوابُه(ع) إنَّك إنْ تُبتَ فإنَّ اللهَ تعالى يتوبُ عليك. فلم يُقرِّعْه، ولم يوبِّخْه، بل ولم يعاتبْه أو يُشعره بأدنى تأنيب! أيُّ قلبٍ هذا الذي يحملُه صدرُ الحسين! وأيُّ رحمة تلك التي انطوى علها قلبُ الحسين! رجلٌ كان قد أساء بهذا الحجمِ من الإساءة، ثمَّ يصفحُ عنه دون توبيخٍ، ودون تقريعٍ، بل ودونَ عتاب!
هل نحنُ كذلك؟ عندما يُسيءُ إلينا أحد، ألا نشتمه ؟! ألا نعاديه؟! ألا نقاطعه ؟! يأتي ليعتذرَ فلا نقبلُ عذرَه!، وإذا قبِلناه فإنَّا نقبلُه على مضضٍ بعد توبيخٍ وتقريع، وتبقى في النفسِ نحوه غَضاضةٌ وأشجان قد نبوحُ بها في السرِّ ونكتُمها في العلن، وأما الحسينُ (ع) فلم تبقَ في نفسِه من غضاضةٍ نحو الحُرّ، بل وقفَ يُؤبِّنه ويدعو له، ويمسحُ الدمَ والترابَ عن وجهه بعد أن سقطَ شهيداً، ويقول: رحمَك اللهُ يا حُرّ، صدقتْ أُمُّك حين سمَّتك حُراًّ. وأنت الحرُّ في الدنيا والآخرة(7)، مدحٌ وثناءٌ على الحُرّ وبشرى يزفُّها له، رغمَ ما قد سبقَ من فعلِه.
ب-الغيرة والحميَّة:
ومشهدُ آخرُ من مشاهدِ كربلاء يُعلِّم الأجيالَ المتعاقبةَ معنى الغِيرةِ والحميَّة: يذكرُ المؤرِّخونَ من الفريقينِ أنّ الحسينَ (ع) -وبعد أنْ سقط كلُّ الشهداء- كان شديدَ الحُرصِ على حماية مخيَّماتِ النساء خشيةَ أنْ تُهتكَ من قِبَلِ أوباشِ المعسكر الأموي. إلا انَّه وبعد أنْ أُثخنَ بالجُراح وأعياهُ النزف، حينذاكَ دفع الشمِرُ بنُ ذي الجوشن بكتيبةٍ من الجيش نحوَ مخيَّماتِ النساء من بناتِ الرسول (ص) فابتدرَهم الحسينُ (ع) رغم الإعياءِ الذي ألمَّ به من شدةِ النزفِ قائلاً: "ويحكم يا شيعةَ آلِ أبي سفيان! إنْ لم يكنْ لكم دين، وكنتم لا تخافونَ المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم" أنا الذي أقاتلُكم، والنساءُ ليس عليهنَّ جناح "(8) معبِّرا بذلك عن شدَّةِ غيرتِه وحميتِه، فرغمَ أنَّه كان مشغولاً بنفسه، إلَّا أنَّ ذلك لم يذهله عن أهله، ونسائه. لقد كان غيوراً أبو الشهداء، أنحن كذلك؟ نقبلُ بأنْ تخرجَ بناتِنا -ونحن شيعةُ الحسين- دون سترٍ كافٍ، ونقبلُ لنسائنا ذلك؟ ثم إنَّ النساء كيف يقبلنَ ذلك لأنفسهنَّ وهنَّ شيعةُ الحسينِ الغيور؟!
عدم الجزع عند المصيبة:
ومشهدٌ أخير من مشاهد كربلاء نستمدُّ منه الثباتَ والصبرَ وعدمَ الجزعِ عند المصيبة، فنحنُ عندما تُلمُّ بنا مصيبةٌ فإنَّ الكثير منَّا ينهارُ أو يضعُف، وتخورُ قُواه، أمَّا الحسينُ فلم يكن كذلك، فرغمَ أنه ظلَّ وحيداً بعد أن قُتل مَن كان معه من أصحابِه، وأولادِه، وبني إخوتِه -ولم يبقَ معه من أحدٍ، والأشدُّ والأقسى من ذلك: هو أن يُذبحَ رضيعٌ له وهو في يده، ثم يُذبحُ صبيٌّ آخرُ من أبناءِ الحسن على صدره أو في حجره كان يلوذُ به، فهل انتابَ الحسينَ من جزع أو ألمَّ به ضعْف؟
أكثرُ الزياراتِ المأثورةِ تصفُ الحسينَ بالوترِ الموتور. ومعنى الموتورِ هو الذي قُتل أولادُه، وأحبَّتُه، وبنو عمومتِه، وليس من موتورٍ كالحسين .. في تجلُّدِه ورباطةِ جأشه، فهو موتورٌ إذ لم يبقَ معه من أحد، وهو في ذاتِ الوقت مكثور، والمكثورُ هو المفرودُ الذي تكاثرَ الناس حولَه يبتغونَ قتلَه أو ايذاءَه، ومثلُه لا يقوى على مقاومةٍ بل تنهارُ قُواه وتخورُ عزائمه، وأما الحسينُ الشهيدُ فلم يكن كذلك، فرغمَ تحلُّقِ المئاتِ حولًه وعلمِه بأنَّ وراءَهم جيشاً جراراً يمتدُّ بامتدادِ البصر لكنَّه لم يكترثْ وما نالَ ذلك من عزمِه، فلم يهِن ولم يضعُفْ بل كان يُبادرهم فيشدُّ فيهم بسيفِه فينهزمونَ بين يديِه كأنَّهم الجرادُ المنتشر، ثم يرجعُ إلى مركزِه وهو يقولُ: "لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العليِّ العظيم"
ليس لهذا المشهدِ الذي وثَّقه المؤرخونَ من نظير في تاريخِ الإنسان فأيُّ قلبٍ هذا الذي لا يعرفُ معنى الخوفِ أو الوهنِ أو الضعف!! فحريٌّ بنا ونحن شيعةُ الحسينِ أن نستمدَّ منه القوَّةَ والتجلُّدَ والصبرَ عند كلِّ نائبةٍ والثباتَ على الحق.
ثالثاً: استشعار محضر الله، والرضا بقضاءه وقدره:
والسؤالُ الثالث: الذي ينبغي أن نعرضَه على أنفسِنا هو إنَّ هذا الموسمَ هل أثَّر في تعميقِ صلتِنا باللهِ جلَّ وعلا، فصارَ ذكرُ الله تعالى أكثرَ حضوراً في قلوبِنا ومشاعرِنا أو انَّ ما خرجنا به من عاشوراءَ هو ما كنَّا عليه قبلَ موسمِ عاشوراء ؟
إنَّ أبرزَ ما يستوقفُ المتابعَ لأحداثِ نهضةِ الحسينِ (ع) هو ما تميَّزَ به رائدُها من حضورٍ دائمٍ لذكرِ الله جلَّ وعلا، فلقد ظلَّ قلبُ الحسينِ ولسانُه يلهجُ بذكرِ اللهِ تعالى في كلِّ مشهدٍ وموقفٍ حتى لم يكدْ يخلو منه خِطابٌ أو حوارٌ أو شِعار بل كان يلهجُ بذكر الله وهو يُبارزُ ويناجزُ القومَ، ويكثرُ من قول: لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله.
وحين حميَ الوطيسُ قبضَ (ع) على شيبتِه وقال: "اشتدَّ غضبُ اللهِ على اليهود إذ جعلوا له ولداً، واشتدَّ غضبُه على النصارى إذ جعلوه ثالثَ ثلاثة ..، واشتدَّ غضبُه على قومٍ اتَّفقتْ كلمتُهم على قتلِ ابن بنتِ نبيِّهم، أما والله لا أُجيبُهم إلى شيءٍ مما يُريدون حتى ألقى اللهَ تعالى، وأنا مخضبٌ بدمي"(9) ويذكرُ المؤرخونَ انَّه كان يُكثرُ من قول: "اللهم إنَّك ترى"(10) كلَّما أصابه سهمٌ أو رضخَه أحدُهم بحجر وكان يقول (ع): "هوَّن عليَّ ما نزلَ بي انَّه بعينِ الله"(11)، فهو حين كان يُردِّدُ على صعيدِ عرفات: "اللهم إنْ لم يكنْ بك غضبٌ عليَّ فلا أبالي"(12) لم يكن ذلك مجرَّدَ خطابٍ جرى على لسانِه بل صدَّقتْه مواقفُه يومَ كربلاء فكان رضا الله تعالى هو ما يشغلُ قلبَه وكان اللهَجُ بذكرِه هو ما يشغلُ لسانَه، فما أذهلَه خطبٌ عن ذكرِ الله تعالى رغم جلالةِ الخُطوب التي ألمَّتْ به.
فحينَ وقع السهمُ المشئومُ في صدرِه فانبعثَ الدمُ كالميزابِ لم يدفعْه شديدُ وقعِه للتأوه بل صدحَ بقوله: "بسم اللهِ، وبالله، وعلى ملةِ رسول الله، ورفعَ رأسه إلى السماء يناجي ربَّه قائلاً: إلهي إنَّك تعلمُ أنَّهم يقتلونَ رجلاً ليس على وجهِ الأرضِ ابنُ نبيٍّ غيرُه ثم رمى بما فاضتْ به كفُّه من دمِه الزاكي نحو السماءِ فما رجعتْ من قَطرة ثم صبغ بفيضِ دمِه ناصيتَه وشيبته"(13)، وكان يردِّد: "صبراُ على قضائك، ولا معبودَ سواك يا غياثَ المستغيثين"(14).
حضورٌ دائمٌ وقلبٌ ينبضُ بذكر الله تعالى في أحلْكِ الظروف، وقد أجاد الشاعرُ حين صوَّر واقعَ حالِ الحسين (ع) بقوله أيضاً:
إلهي تركتُ الخلقَ طراً في هواكَ ** وأيتمتُ العيالَ لكي أراكَ
فلو قطَّعتني بالحبِّ إرباً ** لما مالَ الفؤادُ إلى سـواكَ
هذا هو الحسين، وتلك هي علاقتُه بربِّه عزَّ اسمُه وتقدس، فهل نستمدُّ من هذه الروحِ المتألقةِ وهذا القلبِ الفيَّاضِ ما نستعينُ به على تقوى الله والإخلاصِ لدينِه؟
تأكدوا أيُّها الإخوة انَّ سرَّ الثباتِ والصمودِ الذي تجلَّى في مواقفِ الحسينِ يومَ عاشوراء إنَّما نشأ عن حضورِ اللهِ الدائمِ في قلبِه وعِشقِه اللامتناهي لربِّه.
﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ / إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ / وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا / فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾(15)
خطبة الجمعة - الشيخ محمد صنقور
16 محرّم 1437هـ - الموافق 30 أكتوبر 2015م
جامع الإمام الصّادق (عليه السّلام) - الدّراز
1- كامل الزيارات -جعفر بن محمد بن قولويه- ص 401.
2- الأمالي -الشيخ الطوسي- ص 677.
3- كامل الزيارات -جعفر بن محمد بن قولويه- ص 116.
4- لواعج الأشجان -السيد محسن الأمين- ص 11، فضائل الصحابة -النسائي- ص 20، السنن الكبرى -أحمد بن الحسين البيهقي- ج 2 ص 263.
5- مدينة المعاجز للسيد هاشم البحراني عن أبي الحمزة الثمالي عن زين العابدين ج4 ص 215،الهداية الكبرى للحسين بن حمدان (ت 334) ص 204.
6- العوالم، الإمام الحسين (ع) -الشيخ عبد الله البحراني- ص 244.
7- "والله ما أخطأت أمك إذ سمتك حرا، فأنت والله حر في الدنيا وسعيد في الآخرة" ينابيع المودة لذوي القربى -القندوزي- ج 3 ص 76.
8- العوالم، الإمام الحسين (ع) -الشيخ عبد الله البحراني- ص 293.
9- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 45 ص 12.
10- العوالم، الإمام الحسين (ع) -الشيخ عبد الله البحراني- ص 171.
11- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 45 ص 46.
12- "اللهم فلا تحلل بي غضبك، فإن لم تكن غضبت على فلا أبالي سواك" إقبال الأعمال -السيد ابن طاووس- ج 2 ص 79.
13- "بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله" ورفع رأسه إلى السماء وقال: إلهي إنك تعلم أنهم يقتلون رجلا ليس على وجه الأرض ابن نبي غيره، ثم أخذ السهم فأخرجه من قفاه فانبعث الدم كالميزاب، فوضع يده على الجرح فلما امتلأت رمى به إلى السماء، فما رجع من ذلك الدم قطرة، وما عرفت الحمرة في السماء حتى رمى الحسين عليه السلام بدمه إلى السماء، ثم وضع يده ثانيا فلما امتلأت لطخ بها رأسه ولحيته. بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 45 ص 53.
14- ينابيع المودة لذوي القربى -القندوزي- ج 3 ص 82.
15- سورة النصر.