صدى المهدي
05-06-2023, 08:23 AM
https://annabaa.org/aarticles/fileM/23/6464639b620bf.jpghttps://shiaali.net/vb/data:image/gif;base64,R0lGODlhAQABAPABAP///wAAACH5BAEKAAAALAAAAAABAAEAAAICRAEAOw==
رغم ركوب غمار التحدي، يظل عالم المحيطات مجلدا ضخما مدججا بالألغاز والإعجاز، لطالما كانت ولاتزال المحيطات من أعظم التحديات المعرفية التي يقف أمامها العلماء في حيرة وتوجس وغموض مستمر، أسئلة عالقة وعوالم مجهولة مطمورة في التخمينات مدججة بالألغاز، فمعارف البشرية بخصوص المحيطات شحيحة جدا، وفي كل مرة يطفو فيها تحد علمي ما على سطح الاهتمامات وتستبد الاستفهامات بالقائمين على حل لغز ما في أعماق المحيط، أو يحدث طارئ كفقدان دائرة في المحيط أو غيرها، يتضح للعالم كم هو مجهول وغامض عالم البحار بالنسبة لنا، وكم نحتاج من سنة ضوئية لنجيب عن جل تساؤلاتنا في هذا العالم المحكوم بثنائية الغموض والحيرة.
فالمحيطات هي الجزء الأكبر من الغلاف المائي الذي يطوق الكرة الأرضية، ويبلغ عدد المحيطات التي تطوق كوكب الأرض خمسة محيطات.
ويغطي ماؤها ما يقرب من 71٪ من سطح الأرض. وتحتوي المحيطات على 97% من مياه الأرض، وقد صرح علماء المحيطات أنه لم يتم استكشاف سوى 5% فقط من المحيطات ككل على الأرض.
فالقسم الأعظم من أعماق المحيطات ظلت غير مكشوفة ولم يصلها الإنسان البتة بعد فإن التقديرات تشير إلى أنه توجد أكثر من مليوني نوع من أنواع المخلوقات البحرية، ويعتقد أن المحيطات قد شكلت فترة مناخ حقبة الهاديان وربما كانت هي الدافع لنشوء الحياة.
ويعتبر المحيط الهادئ، هو أكبر المحيطات إذ تبلغ مساحته نصف مساحة الغلاف المائي وأكثر من ثلث مساحة سطح الكرة الأرضية، وتبلغ مساحته حوالي 165.246 مليون كيلو مترا مربعا، ويحتوي هذا المحيط على أعمق نقطة بحرية في العالم وهي المعروفة باسم خندق ماريانا 11521م بالقرب من جزر الفلبين.
أما المحيط الأطلنطي أو المحيط الأطلسي فتبلغ مساحته 82441 مليون كيلو متر مربع وأعمق وحدة فيه هي وحدة بورتوريكو 9219م، وبالنسبة للمحيط الهندي فمساحته حوالي 73443 مليون كيلو متر مربع، وقد تصل إلى 74917 مليون كيلو متر مربع، وأعمق وحدة فيه هي وحدة جاوة البالغ عمقها 7455م.
وأما المحيط المتجمد الشمالي يشكل القطب الشمالي للكرة الأرضية ويحيط به على مساحة تبلغ حوالي 14 مليون كيلو متر مربع تقريبا. ويغطيه الجليد بصورة دائمة وهو جليد دائم لا يرتكز على أية أرض يابسة، فيه بعض الجزر التابعة لقارة أوروبا وأميركا الشمالية وآسيا وفيه درجة الحرارة الأكثر انخفاضاً في العالم التي قد تصل الحرارة إلى 70 درجة تحت الصفر وأعمق وحدة فيه بحدود 1526 م.
والمحيط المتجمد يتكون من الأجزاء الجنوبية للمحيط الأطلسي والمحيط الهادئ والمحيط الهندي التي تحيط بقارة القطب الجنوبي وتقع مناطقه بعد خط عرض 45 جنوبا من كل محيط حيث تخف أو تنعدم كل التأثيرات المدارية وتتجمد مياهه معظم أيام السنة وأعمق وحدة فيه تصل إلى 6972 م، وتبلغ مساحته حوالي 20 مليون كيلو متر مربع.
وهذه المحيطات هي موطن لأكثر من 230 ألف من الكائنات الحية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن العلماء يعتقدون أن المحيطات تضم أكثر من مليوني نوع من أنواع المخلوقات البحرية لم يتم اكتشافها ومن أسرارها إلا النذر القليل جدا.
فعلى الرغم من الاستكشافات العظيمة التي أنجزت في الفضاء إلا أن البشرية لم تستكشف إلا أقل من 5% من المحيطات، فعلى سبيل المثال أهم سلسلة جبال في المحيطات والمعروفة باسم أعراف منتصف المحيط والتي تقع في منتصف المحيط الأطلسي، لم تستكشف إلا في سنة 1973 بعد أربع سنوات من هبوط الأنسان على القمر.
ففي الخمسينيات، أجري أول استطلاع سريع ودقيق لمسح أعماق المحيط بأجهزة "السونار"، وكانت النتائج مفاجئة بالنسبة لعلماء المحيطات، فأرضية المحيط التي تخيلوها أراضا مسطحة، بلا معالم أو سمات، اكتشفوا أن بها تضاريس أكثر وعورة من الموجودة فوق سطح الأرض.
فهي تحتوي على جبال أكثر ارتفاعا وامتدادا من جبال الأرض، كما يوجد تحت سطح البحر سلسلة من البراكين التي تحيط بالأرض، وأدرك الجيولوجيون الاختلافات في طبوغرافيا سلسلة جبال وسط المحيط منذ بداية السبعينيات، ولكنهم لم يكونوا قادرين على إيجاد تفسير مناسب لها، وقد ظلت طبيعة هذا الانتقال غامضة إلى حد بعيد وذلك لأن أغلب سلسلة الجبال وسط المحيط، التي امتدت بمعدلات متوسطة، استقرت بعيداً في جنوب المحيط حول القارة الجنوبية، فظلت غير مكتشفة بشكل فعلي.
وفي يوليو 1996 سجل قمر صناعي تابع للبحرية الأميركية لأول مرة بصورة واضحة، معالم أحواض المحيط، ما مكن العلماء من عمل خرائط عديدة لبعض المناطق البحرية التي كانت مجهولة من قبل، كما أنها ساعدتهم في الوصول إلى فهم أفضل لأرضية البحار والمحيطات، لكن هذه الخرائط والمعدات التي يستخدمها البشر اليوم في مقاربات المحيطات مازالت وفي لجج تطورها، تكشف أننا مازلنا بعدين جدا عن الخوض في غمار المحيطات وفك ألغازها وانتزاع معلومات شافية وكافية من أغوارها، وأن ألغاز المحيط لا تنضب وتحدياته ممتدة وعميقة وجل أسراره مازالت قيد المجهول المطلق.
انهيار دورة حياة المحيطات!
تنبأ تحليل جديد أجراه باحثون أستراليون وأمريكيون بأن توقف دورة حياة المحيطات وتجدد المياه سيحدث على الأرجح في فترة زمنية أقل بكثير مما كان متوقعاً وأن مكانه سيختلف عما ذكرته الأبحاث السابقة.
لطالما خشي العلماء من أن احترار الأرض يمكن أن يتسبب في انهيار دورة حياة المحيطات، خاصة في شمال المحيط الأطلسي. لكن بحثًا جديدًا كشف أن الخطر الأكبر يكمن في محيط القارة القطبية الجنوبية.
وتعتبر الدراسة - التي نشرت في مجلة نيتشر وتم استقبالها بحفاوة كبيرة في الاوساط العلمية - تغييرًا كبيراً في الفهم العلمي لنظام دوران المحيطات العالمي وكيف سيستجيب لارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، بحسب ما نشر موقع ييل للدراسات البيئية.
يبدو أن سيناريو يوم القيامة الذي ينطوي على انهيار دورة حياة المحيطات قد اقترب. فالمشهد المخيف الذي تم تصويره سابقًا بدءًا من كل الأبحاث التي تمت مراجعتها من قبل الأقران وصولاً إلى أفلام الخيال العلمي مثل The Day After Tomorrow، تشير إلى أن هذا السيناريو يقترب بالفعل من التحقق.
لكن بدلاً من أن يحدث ذلك في أقصى شمال المحيط الأطلسي - والذي كان يفترض سابقاً أن يكون هو نقطة انطلاق الكارثة - يبدو الأمر الآن أكثر احتمالًا للوقوع في الطرف الآخر من الكوكب.
يتنبأ تحليل جديد أجراه باحثون أستراليون وأمريكيون، باستخدام "نمذجة" جديدة للبيانات التي كانت أكثر تفصيلاً لحالة المحيطات، بأن الانقطاع الذي طال انتظاره لدورة حياة المحيطات وتجدد المياه، سيحدث على الأرجح في المحيط الجنوبي، حيث تذوب مليارات الأطنان من الجليد على يابسة القارة القطبية الجنوبية.
ويخشى العلماء وفقاً للدراسة أن هذا السيناريو يمكن أن يحدث في غضون العقود الثلاثة القادمة فقط، بدلاً من أن يحدث بعد أكثر من قرن، كما تنبأت النماذج البيانية لمنطقة شمال الأطلسي.
وأشاد باحثو المحيطات والمناخ الرائدون - ممن لم يشاركوا في الدراسة والذين تم الاتصال بهم للتعليق - بالنتائج التي تم التوصل إليها. يقول ستيفان رامستورف، عالم المحيطات ورئيس تحليل نظم الأرض في معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ في ألمانيا: "هذه ورقة مهمة حقًا".. "أعتقد أن الطريقة والنموذج مقنعان للغاية."
يقول الباحث البريطاني أندرو شيبرد من جامعة نورثمبريا بنيوكاسل: "إنه من أكثر الأبحاث أصالة التي رأيتها منذ فترة طويلة"، مضيفاً: "لقد فوجئت حقًا بهذا العمل، لكنهم أقنعوني. لقد وضعت النتائج خطاً واضحاً لسير الأحداث. وبعد أن كان الاهتمام منصباً على شمال الأطلسي، أتوقع أن يكون هناك تحول الآن في الاهتمام بالمحيط الجنوبي ".
في هذه الأثناء، يبدو أن القلق الذي طال أمده بشأن توقف دوران المحيطات وانتهاء عملية "تجديد دمائها" في شمال الأطلسي في وقت ما من القرن الحادي والعشرين بدأ ينحسر.
ويتبع نظام "دوران المحيط"، الذي يُطلق عليه غالبًا اسم الناقل العالمي Global Conveyor، مسارًا منتظمًا عبر محيطات الأرض ويقلب مياهها من أعلى إلى أسفل بشكل كامل تماماً.
كيف تجدد المحيطات حياتها؟ يبدأ الأمر باختفاء كميات من الماء من سطح الأرض وتسربها شيئاً فشيئاً إلى الأعماق، ومنه يسافر حول العالم ولا يطفو على السطح لعدة قرون. ومن خلال التقاط الحرارة وثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي ودفنهما في أعماق المحيط، تساهم هذه الدورة الفريدة في التخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري بشدة.
يتم تشغيل عملية "الناقل العالمي" من خلال نزول المياه الباردة والمالحة إلى قاع المحيط في مكانين فقط: في أقصى شمال المحيط الأطلسي بالقرب من غرينلاند وفي المحيط الجنوبي حول القارة القطبية الجنوبية.
وفي كلا المنطقتين، فإن الآلية هي نفسها، ففي الظروف القطبية الباردة، تتجمد كميات كبيرة من الماء. ولا يتم دمج الملح الموجود في الماء في الجليد وإنما يبقى في الماء السائل المتبقي الذي يزداد ملوحة. وعندما يصبح الماء أكثر ملوحة، يصبح أكثر كثافة. لذا فإن بقايا هذا المياه تكون أثقل من المياه المحيطة لتغرق في النهاية في قاع المحيط.
و"يغرق" حوالي 250 تريليون طن من المياه المالحة بهذه الطريقة حول القارة القطبية الجنوبية كل عام، ثم تنتشر شمالًا على طول قاع المحيط ومنها إلى المحيط الهندي والأطلسي والمحيط الهادئ. وانتشرت في السابق أحجام مماثلة من "المياه الثقيلة الغارقة" جنوباً من غرينلاند. تُعرف العملية بـ "تكوين المياه العميقة" أو "انقلاب المحيطات"، وقد استمرت دون تغيير إلى حد كبير لآلاف السنين.
يذكر أن دراسة سويسرية حديثة نُشرت هذا الشهر، وجدت أنه على عكس الاعتقاد السابق، فإن دورة تجدد الحياة لم تفشل منذ نهاية العصر الجليدي الأخير، مما يشير - كما يقول الباحثون - إلى أن العملية كانت أكثر استقرارًا مما كان يُفترض سابقًا، وأنها كانت قديماً أقل عرضة للانهيار.
تجلب الدراستان معًا منظورًا جديدًا بشكل كبير للتأثير المحتمل لارتفاع حرارة الأرض على دوران وتجدد المحيطات، وهو أحد أكبر قوى الاستقرار في النظام المناخي للكوكب.
ارتفاعات قياسية ومثيرة للقلق في حرارة المحيطات
أثار الارتفاع المتسارع في درجات حرارة المحيطات حول العالم مؤخراً قلق العلماء، خوفاً من أن يزيد ذلك من آثار الاحتباس الحراري.
وسجل المؤشر العالمي لقياس درجة حرارة سطح البحر أرقاماً قياسية جديدة هذا الشهر، حيث لم تصل حرارة مياه البحر إلى هذا السخونة من قبل بهذا التسارع، دون أن يملك العلماء تفسيرات وافية حول أسباب ما يحدث.
ويشعر العلماء بالقلق من أن تصل درجة حرارة العالم إلى مستويات جديدة بحلول نهاية العام المقبل، نتيجة هذا التسارع في ارتفاع درجات الحرارة بالإضافة إلى إمكانية حدوث ظواهر جوية أخرى، ويعتقد الخبراء أنه من المتوقع أن يشهد العالم خلال الأشهر المقبلة آثار ظاهرة النينو المناخية، التي تؤدي لتسخين مياه المحيط.
ويمكن أن تؤدي زيادة حرارة المحيطات إلى قتل الحياة البحرية فيها، وأن يصبح الطقس فيها أكثر قسوة، وترتفع مستويات سطح البحر، فيما تصبح مياهها أقل كفاءة في امتصاص الغازات المسببة للاحتباس الحرارة.
وفي الأسبوع الماضي، نشرت دراسة جديدة مهمة، تسلط الضوء على التطورات المقلقة المتعلقة بهذا الشأن.
فعلى مدار الخمسة عشر عاما الماضية، زادت الحرارة المتراكمة على الأرض بنسبة 50٪، مع توجه معظم هذه الحرارة نحو المحيطات، وهو ما يؤدي إلى عواقب واسعة عالمياً، لا تقتصر فقط على الأرقام القياسية الجديدة المسجلة في إبريل/نيسان هذا العام لدرجات حرارة المحيطات، بل شهدت مناطق أخرى في العالم تباينات واختلافات في الحرارة بشكل قياسي.
ففي مارس/آذار، كانت درجات حرارة سطح البحر قبالة الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية وصلت إلى 13.8 درجة مئوية مرتفعة بذلك عن المتوسط الذي تم تسجيله في الفترة بين أعوام 1981-2011.
وقالت كارينا فون شكمان، المعدة الرئيسية للدراسة الجديدة، وعالمة المحيطات في مجموعة الأبحاث ميركاتور أوشن إنترناشونال إنه حتى الآن لم يتم إثبات سبب حدوث هذا التغيير السريع والهائل في درجات الحرارة.
وتضيف: "لقد تضاعفت الحرارة في النظام المناخي خلال الخمسة عشر عاماً الماضية، لا أود أن أقول إن هذا تغير مناخي، أو إنه تقلب طبيعي أو مزيج من الاثنين معاً، نحن لا نعرف حتى الآن. لكن بإمكاننا أن نرى آثار هذا التحول".
ويعتبر إنخفاض مستويات التلوث الناجمة عن حركة الشحن، واحدا من العوامل التي يمكن أن تؤثر على مستوى الحرارة القادمة إلى المحيطات، وهو الأمر المثير للاهتمام.
ففي عام 2020، وضعت المنظمة البحرية الدولية لائحة لتقليل محتوى الكبريت في الوقود الذي تحرقه السفن، وكان لهذا أثر سريع، حيث قلّت جزئيات الهباء الجوي المنبعثة في الغلاف الجوي.
لكن الهباء الجوي الذي يؤدي إلى تلوث الهواء، يساعد من جهة أخرى في عكس الحرارة إلى الفضاء، وقد يسبب تقليل جزئيات الهباء الجوي في دخول المزيد من الحرارة إلى المياه.
ما هو أثر ارتفاع درجة حرارة المحيطات؟ ارتفاع متوسط درجة حرارة سطح البحار في العالم بحوالي 0.9 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل المرحلة الصناعية، فيما ارتفع المتوسط 0.6 درجة مئوية في الأربعين سنة الماضية وحدها.
وتعتبر هذه الارقام أقل من الارتفاعات التي طرأت على درجات حرارة الهواء فوق الأرض، إذ ازدادت الحرارة بأكثر من 1.5 درجة مئوية عن مرحلة ما قبل المرحلة الصناعية، ويعود هذا إلى أن تسخين المياه يحتاج إلى طاقة أكبر بكثير من الأرض، ولأن المحيطات تمتص الحرارة بعيداً عن سطحها.
وحتى هذه الزيادة المتوسطة التي تبدو صغيرة لها عواقب كبيرة في العالم.
فقدان الكائنات الحية: تؤدي موجات الحر الأكثر تكراراً وشدة في البحار، إلى نفوق جماعي للحياة البحرية، وهذا يضر بشكل خاص بالشعاب المرجانية.
طقس أكثر قسوة: زيادة الحرارة في الجزء العلوي من سطح المحيط تعني أن الأعاصير المدارية والعواصف يمكن أن تكون أكثر قوة، ما يعني أنها تصبح أكثر كثافة وتدوم لفترة أطول.
ارتفاع مستوى سطح البحر: تشغل المياه الأكثر دفئاً مساحة أكبر- ما يُعرف باسم التمدد الحراري - ويمكن أن تسرّع بشكل كبير ذوبان الأنهار الجليدية في منطقة الغرينلاند والقارة القطبية الجنوبية وثم تتدفق إلى المحيطات، وهو ما يرفع مستويات البحار العالمية، ويزيد من مخاطر الفيضانات الساحلية.
قدرة أقل على امتصاص ثاني أكسيد الكربون: تستهلك المحيطات حالياً حوالي ربع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وتتمتع المياه الأكثر دفئاً بقدرة أقل على امتصاص ثاني أكسيد الكربون. وفي حال استهلكت المحيطات كمية أقل من ثاني أكسيد الكربون في المستقبل، فإن ذلك سوف يؤدي إلى مراكمة المزيد من هذا الغاز في الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى زيادة سخونة الهواء والمحيطات.
أكبر مشروع لإنعاش المحيطات في العالم
في مدينة دبي المعروفة بإنجازاتها، ليس من المستغرب أن يخطط شخص ما لبناء مشروع قياسي آخر، ولكن على عكس أطول ناطحة سحاب، أو أعمق حوض غطس، لا يُعد أحدث مشروع مُقترح مجرّد إنجاز معماري، بل مكسب في مجال إنعاش المحيطات أيضًا.
وفي حال بنائه، سيحتضن المشروع 77 ميلاً مربعًا من الشعاب المرجانية الاصطناعية التي ستخلق ملجئًا لأكثر من مليار من الشعاب المرجانية، ومئة مليون من أشجار المانغروف.
مخصصة لدبي.. الكشف عن تصميم "أكبر مشروع لإنعاش المحيطات في العالم"
يُدعى المشروع "Dubai Reefs".
وأعلنت شركة "URB" المختصة بتطوير المدن المستدامة، ومقرها دبي، عن خططها للمشروع هذا الأسبوع.
وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني، قال الرئيس التنفيذي لشركة "URB"، باهراش باغريان، لـCNN: "ترتبط صحة مدننا ارتباطًا جوهريًا بصحة محيطاتنا"، ومن ثم أضاف: "نحن بحاجة إلى روح رياديّة فيما يتعلّق بتخطيط المدن الساحلية".
وإلى جانب الشعاب المرجانية الاصطناعية، صممت "URB" مرافق عائمة مخصصة للسكن، والضيافة، والبيع بالتجزئة، والعديد من النزل البيئية التي ستحول الموقع إلى وجهة سياحية، بحسب الشركة.
ويتوسط المشروع معهد بحري مخصص للأبحاث المتعلقة بالمحيطات، وحماية البيئة الساحلية في دبي، وادّعت الشركة تشغيل الموقع بالطاقة المتجددة بنسبة 100%، والتي سيتم توليدها من الطاقة الشمسية، والمائية، في حين تُنتج مزارع الأعشاب البحرية والمحار الغذاء، وفي حال تشييده، من المتوقّع إكمال المشروع بحلول عام 204، ولكن يجدر بالذكر أنّه سيواجه تحديات عندما يأتي الأمر لضمان تمويل المبادرة بشكلٍ خاص بالكامل، وإمكانيّة وصول الأشخاص من جميع مستويات الدخل إليه.
وقال باغريان: "تهدف شعاب دبي إلى أن تصبح نموذجًا للحفاظ على البيئة البحرية، والسياحة البيئية، والعيش في المحيطات"، مضيفًا أنّها "ستصبح في النهاية وجهة فريدة ومرنة توفّر الأمن الغذائي، والطاقة من المحيط".
ضعف قدرة المحيطات على اختزان الكربون
قام فريق دولي من العلماء بجمع بيانات أكثر من 50 عاما من بعثات الحفر العلمية البحرية لإجراء أول دراسة من نوعها للكربون العضوي الذي يسقط في قاع المحيط، وينجذب إلى أعماق الكوكب.
وفحص الفريق -الذي يضم باحثين من جامعات أميركية وبريطانية- بيانات رواسب قاع البحر الموحلة التي تم جمعها خلال 81 رحلة من البرنامج الدولي لاكتشاف المحيطات (IODP) وأكثر من 1500 رحلة استكشافية على ظهر السفن.
وتتمثل إحدى طرق مكافحة تغير المناخ العالمي في امتصاص وتخزين ثاني أكسيد الكربون، وهو غاز الدفيئة الرئيسي. ويعتقد الباحثون في جدوى نقل ثاني أكسيد الكربون السائل عن طريق السفن أو خطوط الأنابيب، وضخه في قاع البحر باستخدام تقنية مشابهة لتلك المستخدمة في قطاع النفط لحفر آبار أعماق البحار.
وبمجرد وصوله إلى قاع البحر، يتحد ثاني أكسيد الكربون مع السوائل المحيطة، مكونا بلورات جليد هيدراتية تغطي مسام الصخور، وتعمل كغطاء ثانوي لثاني أكسيد الكربون. وعلى مدى مئات السنين، يذوب ثاني أكسيد الكربون في المياه المحيطة.
وتشير الدراسة -التي نشرت يوم 4 يناير/كانون الثاني الجاري بدورية "نيتشر" (Nature)- إلى أن ارتفاع درجة حرارة المناخ يمكن أن يقلل من دفن الكربون العضوي ويزيد من كمية الكربون التي تعود إلى الغلاف الجوي، لأن درجات حرارة المحيط الأكثر دفئا يمكن أن تزيد من معدلات التمثيل الغذائي للبكتيريا.
وتقدم الدراسة الحساب الأكثر تفصيلا لدفن الكربون العضوي خلال 30 مليون سنة الماضية، مما يعني أن العلماء لم يكتشفوا بعد إلا القليل من المعلومات حول ديناميكيات دورة الكربون طويلة المدى للأرض.
ويعد الكربون أحد المكونات الرئيسية للحياة على الأرض، إذ ينتقل باستمرار بين الغلاف الجوي والغلاف الحيوي لكوكبنا بينما تنمو النباتات والحيوانات وتتحلل.
ويمكن أيضا أن تستغرق دورة بقاء الكربون بالأرض ملايين السنين، إذ يبدأ في مناطق الاندساس التكتوني، حيث يتم سحب الصفائح التكتونية الرقيقة نسبيا فوق المحيطات إلى أسفل الصفائح السميكة الموجودة فوق القارات، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع "يوريك ألرت" (EurekAlert).
وترتفع درجة حرارة القشرة المحيطية عند الغوص إلى أسفل مع غرقها، ويعود معظم الكربون إلى الغلاف الجوي على شكل ثاني أكسيد الكربون "سي أو 2" (CO2) من البراكين.
وفي تصريح للجزيرة نت، أوضح المؤلف المشارك بالدراسة "يي زانغ"، أستاذ علوم المناخ القديم والمحيطات المشارك بجامعة تكساس، أن النتائج أظهرت أن عملية دفن الكربون العضوي نشطة للغاية، كما أنها لا تسير بوتيرة واحدة وتستجيب للنظام المناخي للأرض أكثر بكثير مما كان يعتقد العلماء سابقا.
وأشار "زانغ" إلى أنه في حالة صحة الاستنتاجات الجديدة، فإنها ستعدل الكثير من معرفتنا بدورة الكربون العضوي. فمع ارتفاع درجة حرارة الماء، سيجد الكربون العضوي صعوبة أكبر في إيجاد طريقه إلى نظام الرواسب البحرية.
لعقود من الزمان، استخدم العلماء النسب النظيرية لتحديد الكميات المتناسبة من الكربون العضوي وغير العضوي المدفون في مراحل مختلفة من تاريخ الأرض. ووفق "زانغ" افترض الخبراء أن كمية الكربون المدفون قد تغيرت قليلا نسبيا خلال 30 مليون سنة الماضية بناءً على تلك الأبحاث والتقديرات.
يقول المؤلف المشارك في الدراسة "كان لدينا هذا المفهوم المتمثل في أخذ بيانات حقيقية وحساب معدلات دفن الكربون العضوي الخاص بالدراسات السابقة للتوصل إلى دفن الكربون العالمي، وأردنا التحقق مما إذا كانت هذه الطريقة التصاعدية تتزامن مع الطريقة القياسية للنظائر المشعة. ووجدنا صحة هذا الافتراض بشكل خاص خلال حقبة منتصف الميوسين، منذ حوالي 15 مليون عام".
وقد درس العلماء منذ فترة طويلة كمية الكربون التي يتم دفنها في رواسب المحيطات، وتحتوي المواد المأخوذة من قاع المحيط على طبقات من الرواسب المتراكمة على مدى عشرات الملايين من السنين.
وباستخدام التأريخ الإشعاعي وطرق أخرى، أمكن للباحثين تحديد متى تم وضع رواسب معينة. كما تمكنوا أيضا من تعلم الكثير عن الظروف الماضية على الأرض من خلال دراسة المعادن والهياكل العظمية المجهرية للكائنات المحاصرة في الرواسب.
رقعة القمامة الكبرى في المحيط الهادي.. موطن جديد لازدهار الكائنات البحرية الساحلية
منذ بداية تصنيع البلاستيك في أوائل القرن العشرين وهيمنته على كثير من الصناعات في نصفه الثاني، أصبح يستخدم على نطاق واسع. ولقدرته الفائقة على التشكل والتكيف، إلى جانب مجموعة واسعة من الخصائص الأخرى، مثل كونه خفيف الوزن ومتينا ومرنا وغير مكلف في الإنتاج، فقد نجح في استخدامات شتى، مما تسبب في حدوث مشكلات بيئية واسعة النطاق بسبب معدل تحلله البطيء في النظم البيئية الطبيعية.
التركيب الكيميائي لمعظم أنواع البلاستيك مستقر جدا، مما يجعله مقاوما للكثير من عمليات التحلل الطبيعي، ويعتمد التحلل على الهيكل الكيميائي لمركب البلاستيك، وأهم عمليات التحلل هي الأكسدة الضوئية، بينما يستغرق التحلل البحري وقتًا أطول نتيجة للبيئة المالحة وتأثير التبريد في البحر.
وهذا يساهم في استمرار وجود الحطام البلاستيكي في البيئات البحرية، وقد قدّمت منظمة حماية المحيطات تقديرات لمعدلات تحلل بعض المنتجات البلاستيكية تتراوح بين 50 و600 عام.
عندما تدفع التيارات السطحية التلوث البلاستيكي من السواحل إلى المناطق التي تحبس فيها التيارات الدوارة الأجسام العائمة -والتي تتراكم بمرور الوقت- تتشكل دوامات من بلاستيك المحيطات، ويوجد في العالم ما لا يقل عن 5 دوامات موبوءة بالبلاستيك، أو "بقع القمامة".
وتحتوي منطقة شمال المحيط الهادي شبه الاستوائية -الواقعة بين كاليفورنيا وهاواي- على أكثر البلاستيك العائم، حيث يقدر بحوالي 79 ألف طن متري من البلاستيك في منطقة تزيد مساحتها على 980 ألف كيلومتر مربع.
وقد اكتشف الباحثون سابقا أن النباتات والحيوانات الساحلية قد وجدت طريقة جديدة للبقاء على قيد الحياة في المحيطات المفتوحة، من خلال استعمار مناطق التلوث البلاستيكي، بحسب ما أفاد مقال نشر يوم 2 ديسمبر/كانون الأول 2021 في دورية "نيتشر كوميونيكيشنز" (Nature Communications)، والذي أفاد بأن الأنواع الساحلية تنمو على القمامة التي تمتد لمئات الأميال في البحر في شمال المحيط الهادي شبه الاستوائي، والمعروفة أكثر باسم "رقعة القمامة الكبرى في المحيط الهادي".
تذكر لينسي هارام، المؤلف الرئيسي للمقال وزميل ما بعد الدكتوراه السابق في مركز سميثسونيان للبحوث البيئية (SERC)، في بيان نشر على موقع المركز، أن "أضرار البلاستيك تتجاوز مجرد الابتلاع والتشابك. إنها تخلق فرصا للجغرافيا الحيوية للأنواع الساحلية لتتوسع بشكل كبير بما يتجاوز ما اعتقدنا سابقا أنه ممكن"، ويطلق المؤلفون على هذه المجتمعات "نيوبلاجيك" (neopelagic)، حيث كلمة "نيو" تعني جديد، وكلمة "بلاجيك" تشير إلى المحيط المفتوح.
وقد بدأ العلماء في الشك أول مرة في أن الأنواع الساحلية يمكن أن تستخدم البلاستيك للبقاء على قيد الحياة في المحيط المفتوح لفترات طويلة بعد التسونامي الياباني عام 2011، عندما اكتشفوا أن ما يقرب من 300 نوع قد طافت على طول الطريق عبر المحيط الهادي على حطام التسونامي على مدى عدة سنوات، ولكن حتى الآن، كانت المشاهدات المؤكدة للأنواع الساحلية على البلاستيك مباشرة في المحيط المفتوح نادرة.
إلا أن المدى الذي وصلت إليه الأنواع الساحلية التي كان يفترض في يوم من الأيام أنها غير قادرة على البقاء على قيد الحياة لفترات طويلة في أعالي البحار -والتي قفزت على متن أكوام طافية من النفايات البلاستيكية- ظل غير معروف إلى حد كبير، فما الأنواع التي وجدت ملجأ في النفايات؟ وما المجتمعات الجديدة التي تتشكل في أعالي البحار خارج حدودها المعتادة؟
يشرح المقال الذي نشرته "ساينس ألرت" (Science Alert) في 18 أبريل/نيسان الجاري، أن هارام قد أخذت عينات من الحطام من رقعة النفايات الكبرى في المحيط الهادي والكتلة الدوامة من العوامات البلاستيكية، والدلاء والزجاجات والحبال وشبكات الصيد التي لا تزال تتراكم في شمال المحيط الهادي على بعد آلاف الكيلومترات من أي خط ساحلي، والتي يعتقد -كما تظهر الدراسات الحديثة- أن معظمها قد جاء من 5 دول صناعية تعمل في مجال الصيد.
وبناء عليه، تشير أحدث دراسة لهارام نشرت في 17 أبريل/نيسان الجاري في دورية "نيتشر إيكولوجي آند ايفولوشن" (Nature Ecology & Evolution) إلى أن مجتمعات الأنواع الساحلية التي جرفت على النفايات البلاستيكية كانت أكثر شيوعا وتنوعا مما كان يشتبه فيه العلماء سابقا.
فقد تم العثور على أنواع من اللافقاريات الساحلية مثل القشريات وشقائق النعمان البحرية والطحالب على حوالي 70% من المواد البلاستيكية البالغ عددها 105 التي شملتها الدراسة، كما أن عدد الأنواع الساحلية وثراءها التصنيفي في تلك العناصر يفوق بكثير تنوع الأنواع البحرية التي توجد عادة في المحيط المفتوح.
كما كتب الباحثون في ورقتهم الجديدة "يبدو أن الأنواع الساحلية لا تزال موجودة الآن في المحيط المفتوح كمكون أساسي لمجتمع البحيرات الجديدة الذي يعيشه البحر الشاسع والمتسع من الحطام البلاستيكي".
ومن اللافت كذلك أن اللافقاريات الساحلية لم تكن على قيد الحياة فحسب، بل كانت على ما يبدو تزدهر في موطنها العائم المكتشف حديثا، فقد تم العثور على هيدرات تشبه السرخس (مرتبطة بقنديل البحر والشعاب المرجانية) تحمل هياكل تكاثرية بين القمامة جنبا إلى جنب مع أمفيبود (نوع من القشريات) حاملة للبيض، وشقائق النعمان البحرية بأحجام مختلفة.
ويبقى التساؤل قائما: كيف تعيش اللافقاريات الساحلية في بيئة تختلف عن بيئتها، فهي بطريقة ما تجد الطعام في جزء من المحيط قد أطلق عليه علماء البحار البعيدة اسم صحراء الطعام.
وقد حذرت هارام وزملاؤها من أن البلاستيك يقوم بالفعل بتحويل النظم البيئية البحرية بطرق مقلقة، وإذا غامرت اللافقاريات الساحلية بالخروج إلى البحر على متن أطواف من الحطام العائم، فقد تبدأ في "تغيير جذري" للمجتمعات المحيطية.
لذا يعتقد الفريق أن المزيد من البحث لفحص المجتمعات التي تتجول على النفايات البلاستيكية العائمة من شأنه أن يساعدنا على الأقل في فهم التغييرات الجارية، وتتوقع هارام وزملاؤها اكتشاف المزيد من الأنواع الساحلية التي تقوم برحلتها الأولى إلى أعالي البحار من خلال دراسات مستقبلية، ويأملون في فهم ما إذا كانت هناك اختلافات بين أنظمة دوران التيارات المحيطية في نصف الكرة الشمالي والجنوبي.
كيف تتحمض المحيطات؟
يقول البيان الصحفي الصادر من أكاديمية كاليفورنيا للعلوم إن تحمُض المحيطات عملية تحدث عندما ينخفض الرقم الهيدروجيني لمياه البحر، بسبب امتصاصها من الغلاف الجوي ثاني أكسيد الكربون (CO2)، الذي تطلقه الأنشطة البشرية مثل حرق الوقود الأحفوري، وإزالة الغابات، والعمليات الصناعية الأخرى، حيث يذوب جزء كبير من ثاني أكسيد الكربون الزائد في المحيطات.
وعندما يذوب ثاني أكسيد الكربون في مياه البحر، فإنه يشكل حمض الكربونيك، الذي يتفكك بعد ذلك، إلى أيونات البيكربونات وأيونات الهيدروجين، ومن تم تؤدي هذه الزيادة في أيونات الهيدروجين إلى انخفاض الرقم الهيدروجيني في مياه البحر، مما يجعل مياه المحيط أكثر حمضية.
كما تقلل هذه العملية أيضا من توافر أيونات الكربون، التي تعد لبنات بناء أساسية لعديد من الكائنات البحرية، مثل الشعاب المرجانية والمحار وبعض أنواع العوالق، التي تشكل أصدافها وهياكلها العظمية.
ووفقا للبيان الصحفي، فإن ظاهرة تحمُض المحيطات لها عواقب وخيمة على النظم البيئية البحرية، فهي تؤثر سلبا على نمو وتكاثر وبقاء عديد من الأنواع البحرية، وتؤدي إلى تعطيل الشبكات الغذائية للكائنات البحرية، والتأثير على التنوع البيولوجي لموائل المحيطات.
وعلاوة على ذلك، فإن تحمُض المحيطات له آثار اجتماعية واقتصادية، لأنه يهدد سبل عيش المجتمعات التي تعتمد على الموارد البحرية للغذاء والسياحة والأنشطة الاقتصادية الأخرى.
وفي هذا الصدد، تقول رئيسة الفريق البحثي الدكتورة ريبيكا أولبرايت إن "تحمُض المحيطات هو أحد العوامل القاتلة الصامتة للنظم البحرية، والناتجة عن تغير المناخ، فعلى الرغم من أن تحمُض المحيطات ليس بارزًا مثل تبيّض المرجان الذي يعتبر واحد من أبرز التهديدات التي تواجه البيئة البحرية العالمية، فإنه سيؤدي إلى تدمير واسع النطاق للبيئات البحرية بحلول نهاية هذا العقد إذا لم نتخذ إجراءات عاجلة لمعالجة المشاكل الناجمة عنه".
ولمواجهة أخطار تحمُض المحيطات، ووضع الاستعدادات لمواجهتها، سعى الفريق العلمي إلى تحديد الإجراءات التي يجب أن تتخذها الحكومات لتطوير خطط شاملة لحماية البيئة والمجتمع.
وبحسب بيان أكاديمية كاليفورنيا للعلوم، حدد الباحثون 6 جوانب لسياسة فعالة لوضع الاستعدادات لمواجهة تحمُض المحيطات، لكل منها مؤشرات محددة يمكن لهيئات صنع السياسات في الحكومات، استخدامها لتقييم سياساتها وتوجيهها.
تشمل تلك الجوانب الستة للسياسة الفعالة، التي حددها الباحثون في دراستهم ما يلي:
تدابير حماية المناخ (Climate protection measures): التي تتطلب وضع سياسات مناسبة للحد من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى تحمض المحيطات.
محو الأمية بشأن تحمض المحيطات (Ocean acidification literacy): وتعني نشر وعي عام وفهم عام للتهديدات التي يشكلها تحمض المحيطات.
الإدارة على أساس المنطقة (Area-based management): وتتضمن وضع خطط لحماية المناطق البحرية المحمية وخطط إدارة إستراتيجيات واضحة لقياس وزيادة المرونة في مواجهة تحمض المحيطات.
البحث والتطوير (Research and development): وهي البحوث المخصصة لفهم ومعالجة تحمض المحيطات واستثمار الأموال.
القدرة على التكيف للقطاعات التابعة (Adaptive capacity of dependent sectors): ويقصد بها فهم الآثار على القطاعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك المجتمعات المعرضة للخطر، فضلا عن إستراتيجيات التخفيف.
اتساق السياسات (Policy coherence) مع الجهود القائمة على الأدلة والمدعومة بالعلم للتصدي لتغير المناخ والمحيطات.
من المتوقع أن تتسبب ظاهرة تحمض المحيطات في تدمير واسع النطاق للبيئات البحرية بحلول نهاية هذا العقد (غيتي)
من ناحية أخرى، قام الباحثون بتطبيق هذه الجوانب الستة على وضع البيئة البحرية في أستراليا، وتقييم استعداداتها لمواجهة تحمض المحيطات. ويأتي اختيار تطبيق تلك السياسات على البيئة البحرية في أستراليا، لأنها تضم أكبر نظام للشعاب المرجانية في العالم، وهي أنظمة بيئية نابضة بالحياة تدعم سبل عيش أكثر من مليار شخص في جميع أنحاء العالم، ولكنها معرضة بشكل فريد لتحمض المحيطات.
وفي هذا السياق، وجد الباحثون أنه على الرغم من أن أستراليا تمتلك فهما عميقا للقدرة التكيفية للقطاعات الاجتماعية والاقتصادية الضعيفة وإستراتيجيات الإدارة التي تتناول تحمض المحيطات، فإنها تفتقر إلى اتساق السياسات وتدابير حماية المناخ الأوسع نطاقا، مما قد يعوق قدرتها على الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، المساهم الرئيسي لتحمض المحيطات.
هل صحيح أن المحيطين الهادي والأطلسي لا تختلط مياههما؟
يعد المحيطان الهادي والأطلسي أكبر المسطحات المائية الموجودة على كوكب الأرض، العصر الحالي، وبالرغم من أن المياه بشكل عام لا يمكن وضع حد فاصل بينها. إلا أن الكثير يتساءلون: أين تلتقي مياه المحيط الأطلسي والهادي تحديدا؟ ولماذا يظن البعض أن مياههما لا تختلطان؟ وهل يمكن للمياه من مصدرين مختلفين ألا تختلط بالفعل؟
يقع المحيط الهادي بين الأميركتين في الشرق وأوقيانوسيا وآسيا في الغرب. كما يقع الأطلسي بين أوروبا وأفريقيا في الشرق والأميركتين في الغرب. ويعد الهادي أكبر وأعمق محيط في العالم، ويغطي ما يقرب من 165 مليون كيلومتر مربع. ويبلغ متوسط عمقه 4280 مترا. ويأتي الأطلسي في المرتبة الثانية حيث تبلغ مساحته حوالي 107 ملايين كيلومتر مربع ومتوسط عمقه 3646 مترا.
ووفقا لموقع نظام بيانات الفيزياء الفلكية (ADS) فإن درجات الحرارة والملوحة والكثافة تختلف بين المحيطين الأطلسي والهادي في الكيلومتر العلوي. كما يرتفع سطح الهادي حوالي 40 سنتيمترا أعلى من الأطلسي.
وإضافة إلى الاختلافات الواضحة بين كل من مياه الأطلسي والهادي، فإن لكل محيط وبحر على كوكب الأرض خصائصه التي يتفرد بها. فملوحة سطح الأطلسي أعلى من المحيطين الهادي والهندي، في حين أن المياه المغلقة للبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط هي الأكثر ملوحة. وذلك لأن المياه ذات الملوحة المنخفضة من أعماق البحار لا يمكن أن تتدفق بسهولة إلى الأعلى، كما أن الماء يتبخر بشكل أسرع من السطح قبل أن تحل محله مياه الأمطار.
يلتقي المحيطان الأطلسي والهادي في منطقة أقصى جنوب أميركا الجنوبية، معروفة باسم "كيب هورن".
وتشير مدونة باتاغونيا (blogpatagonia) -الأسترالية- إلى أن خبراء الطبوغرافيا يؤكدون أن الخط الذي يمثل الحدود بين الأطلسي والهادي يمتد مباشرة بين كيب هورن والقارة القطبية الجنوبية.
ويسمى هذا الجسم الضيق من المياه بمضيق دريك، على اسم المستكشف السير فرانسيس دريك. ومع ذلك فإنه لا يمكن تمييز هذا الخط الفاصل بالعين المجردة بين جسدي مياه المحيطين. حيث تعد حدود المحيطات عشوائية للغاية، تماما مثل الحدود بين الأحياء في المدينة.
ويبلغ عرض ممر دريك 850 كيلومترا. ويطلق عليه "عنق الزجاجة" في المحيط الذي يفصل بين أميركا الجنوبية والقارة القطبية الجنوبية. وفي هذه المنطقة، ينقل تيار قوي المياه من الغرب إلى الشرق أي من الهادي إلى الأطلسي.
ويعد السفر حول كيب هورن رحلة مضطربة وخطيرة كان يخشاها البحارة منذ اكتشافها لأول مرة في القرن الـ 16، فقد أودت بحياة العديد من الأشخاص بسبب التيارات القاسية والرياح القوية والطقس الذي لا يمكن التنبؤ به. وقبل بناء قناة بنما، كانت هي الطريق الوحيد عن طريق البحر بين الهادي والأطلسي.
انتشرت العديد من مقاطع الفيديو، خلال السنوات الأخيرة، التي يظهر فيها المحيط وعلى أحد جانبيه الماء أزرق داكن وواضح، وعلى الجانب الآخر بلون أخضر.
وتشير العديد من مقاطع الفيديو المتداولة هذه إلى أن هذا هو الخط الفاصل بين الأطلسي والهادي، مع زعم أن الماء فيه يتحدى جميع القوانين ويرفض الاختلاط.
غير أنه وفقا للعلماء فإن مياه الأطلسي والهادي تمتزج بالتأكيد، ربما أكثر من المياه الموجودة بمعظم الأماكن في محيطات العالم. إلا أن ما يحدث بهذا النوع من الفيديوهات أمر آخر لا علاقة له بالتقاء مياه المحيطين الأكبر على كوكب الأرض.
وإذا كانت مياه الأطلسي والهادي تختلطان بالفعل، إلا أنهما لا يندمجان معا بهدوء وبشكل متساو نظرا لاختلاف درجة الملوحة والكثافة والتيارات بالمحيطين. فحينما تصطدم التيارات المحيطية من كليهما في كيب هورن فإن الكثافات والتيارات ودرجات الحرارة المختلفة تخلف بحرا هائجا جعل من كيب هورن منطقة مشهورة دائما.
تقول سالي وارنر، الأستاذة وعالمة المحيطات الفيزيائية بجامعة برانديز (Brandeis University) -لموقع "هاو ستف وركس" (howstuffworks)- إن هناك أماكن في جميع أنحاء العالم تلتقي فيها حدود المياه معا مما يخلف خطوطا مرئية في المياه السطحية تسهل رؤيتها بالمحيط المفتوح. ويحدث ذلك حينما تلتقي المياه العذبة مع مياه المحيط المالحة. وكذلك حينما تختلط تيارات المياه ذات درجات الحرارة المختلفة.
على سبيل المثال فإن المياه حول القارة القطبية الجنوبية أبرد من الماء في الشمال. وما يعتقده الناس أنه يحدد مياه الأطلسي من مياه الهادي هو على الأرجح مكان يحدد المياه الباردة من القارة القطبية الجنوبية عن المياه الأكثر دفئا في الشمال.
من ناحية أخرى، يعد المكان الذي تلتقي فيه مياه الأنهار العذبة بمياه المحيط المالحة أسهل مكان لرؤية الحدود بين المياه، والتي تبهر الكثير من البشر عند رؤيتها.
ويرجع السبب في ذلك إلى أنه غالبا ما تكون مياه النهر طينية جدا بحلول الوقت الذي تصل فيه إلى المحيط، مما يمنحها مظهرا يشبه حليب الشوكولاتة، والذي يتناقض بشكل حاد مع مياه المحيط الداكنة أو المظلمة.
ويضاف إلى ذلك فإن مياه الأنهار العذبة ومياه المحيط المالحة لها كثافات مختلفة، لذا يبدو الأمر كما لو أن مياه النهر تظل منفصلة عن مياه المحيط، إلا أنهم سيختلطون معا في النهاية بالتأكيد، وقد يستغرق الأمر يوما أو اثنين لتختلط مياههما تماما.
وبالتالي، فإنه إذا كان هناك خط مرئي بالماء في أي مكان، فعلى الأغلب ستكون له علاقة بمياه ذات كثافة مختلفة أو درجتي حرارة مختلفتين معا.
171 تريليون جزيء.. أين وصل البلاستيك في محيطات الأرض؟
كشفت دراسة جديدة ن محيطات العالم أصبحت ملوثة بـ"الضباب الدخاني البلاستيكي"، محذرة من أن التصاعد في كمية جزيئات البلاستيك، قد يؤدي إلى تسمم المياه وتشكيل خطر على الحياة البحرية، فضلا عما تمثله من مشكلة مناخية.
وقام فريق من العلماء الدوليين بتحليل البيانات العالمية التي تم جمعها بين عامي 1979 و2019 من حوالي 12 ألف مصدر حصل على عينات في المحيطات الأطلسي والهادئ والهندي والبحر الأبيض المتوسط.
ووجد العلماء "زيادة سريعة وغير مسبوقة" في تلوث المحيطات بالمخلفات البلاستيكية منذ عام 2005، وفقا للدراسة التي نُشرت، الأربعاء، في مجلة "بلوس وان".
وأشارت الدراسة إلى أن محيطات العالم ملوثة بـ "الضباب الدخاني البلاستيكي"، المكون من 171 تريليون جزيء بلاستيكي، والتي إذا تم جمعها ستزن حوالي 2.3 مليون طن، "وهي كمية أعلى بكثير من التقديرات السابقة"، بحسب ما أفادت مؤلفة التقرير ومديرة البحث والابتكار في معهد "5 غايرس" أو "الدوامات الخمس"، ليزا إيردل، لشبكة "سي أن أن".
وارتفع إنتاج البلاستيك في العقود القليلة الماضية، وخاصة المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، في حين لم تواكب أنظمة إدارة النفايات وتيرتها، حيث يتم إعادة تدوير حوالي تسعة في المئة فقط من المواد البلاستيكية العالمية كل عام، بحسب "سي أن أن".
وينتهي المطاف بكميات ضخمة من هذه النفايات البلاستيكية في المحيطات. وبمجرد دخول البلاستيك إلى المحيط، فإنه لا يتحلل ولكنه يميل بدلا من ذلك إلى التفتت إلى قطع صغيرة.
ويحذر المعهد، من أن الأسماك قد تعتقد خطأ أن هذه الجزيئات البلاستيكية طعاما، ما يهدد الحياة البحرية، كما يمكن للبلاستيك أيضا أن يرشح مواد كيميائية سامة في الماء.
كما يشير التقرير إلى أن البلاستيك في المحيطات ليس مجرد كارثة بيئية فقط، وإنما هو أيضا مشكلة مناخية ضخمة.
وأوضح أن "الوقود الأحفوري هو المكون الخام لمعظم المواد البلاستيكية، وينتج تلوثا يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب طوال دورة حياته، بدءا من الإنتاج وحتى التخلص منه".
وحذرت الدراسة أنه بدون اتخاذ إجراءات عاجلة بشأن السياسات الخاصة باستخدام المواد البلاستيكية، يمكن أن يزيد معدل دخولها إلى المحيطات بنحو 2.6 مرة من الآن وحتى عام 2040.
الأمم المتحدة تحذر من ارتفاع منسوب مياه المحيطات
حذّرت الأمم المتحدة من استمرار ارتفاع منسوب مياه المحيطات، بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض. وتوقّع خبراء المناخ في المنظمة الدولية ارتفاع مستوى سطح البحر 43 سنتمترا أخرى بحلول عام 2100.
ويثير ارتفاع منسوب مياه البحار، مخاوف بشأن تأثيره على المناطق الساحلية، وانعكاس ذلك على دول بأكملها.
في الأسباب، ينتج ارتفاع منسوب مياه البحار عن زيادة درجات حرارة الأرض، وتراكم انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي أدت بدورها، خلال القرن الماضي، إلى زيادة حرارة المحيطات.
تمتص البحار نحو 90 في المائة من حرارة الغازات، مما أدى إلى تسجيل مستويات قياسية للحرارة في المياه.
منذ نهاية القرن التاسع عشر، ارتفع متوسط منسوب البحار بنحو 23 سنتيمترا.
من المتوقع أن يصل، عام 2050، إلى 30 سنتيمرا.
تشير الدراسات، إلى أن ارتفاع منسوب المحيطات سيستمر، حتى لو نجحت جهود خفض انبعاثات غازات الدفيئة، وذلك بسبب ظواهر أخرى مثل ذوبان الجليد، وتمدد المياه بسبب الحرارة.
بحلول عام 2100، قد يتسبب التمدد الحراري وذوبان الأنهار الجليدية في ارتفاع مستوى سطح البحر إلى 98 سنتمترا.
مع الوقت سيؤدي ارتفاع منسوب مياه البحار إلى مخاطر على الحياة، في المناطق الساحلية، في مختلف دول العالم.
في إفريقيا مثلا، مدن ساحلية عدة مهددة بالاختفاء الكلي، أو الجزئي، نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر، خلال العقود الأربعة الماضية.
تحذّر الدراسات من أن نحو ربع مليار شخص في أنحاء العالم قد يواجهون مخاطر بسبب ارتفاع سطح البحر، بحلول عام 2100.
من شبكة النبا المعلوماتية
https://annabaa.org/aarticles/fileM/23/6464639b620bf.jpghttps://shiaali.net/vb/data:image/gif;base64,R0lGODlhAQABAPABAP///wAAACH5BAEKAAAALAAAAAABAAEAAAICRAEAOw==
رغم ركوب غمار التحدي، يظل عالم المحيطات مجلدا ضخما مدججا بالألغاز والإعجاز، لطالما كانت ولاتزال المحيطات من أعظم التحديات المعرفية التي يقف أمامها العلماء في حيرة وتوجس وغموض مستمر، أسئلة عالقة وعوالم مجهولة مطمورة في التخمينات مدججة بالألغاز، فمعارف البشرية بخصوص المحيطات شحيحة جدا، وفي كل مرة يطفو فيها تحد علمي ما على سطح الاهتمامات وتستبد الاستفهامات بالقائمين على حل لغز ما في أعماق المحيط، أو يحدث طارئ كفقدان دائرة في المحيط أو غيرها، يتضح للعالم كم هو مجهول وغامض عالم البحار بالنسبة لنا، وكم نحتاج من سنة ضوئية لنجيب عن جل تساؤلاتنا في هذا العالم المحكوم بثنائية الغموض والحيرة.
فالمحيطات هي الجزء الأكبر من الغلاف المائي الذي يطوق الكرة الأرضية، ويبلغ عدد المحيطات التي تطوق كوكب الأرض خمسة محيطات.
ويغطي ماؤها ما يقرب من 71٪ من سطح الأرض. وتحتوي المحيطات على 97% من مياه الأرض، وقد صرح علماء المحيطات أنه لم يتم استكشاف سوى 5% فقط من المحيطات ككل على الأرض.
فالقسم الأعظم من أعماق المحيطات ظلت غير مكشوفة ولم يصلها الإنسان البتة بعد فإن التقديرات تشير إلى أنه توجد أكثر من مليوني نوع من أنواع المخلوقات البحرية، ويعتقد أن المحيطات قد شكلت فترة مناخ حقبة الهاديان وربما كانت هي الدافع لنشوء الحياة.
ويعتبر المحيط الهادئ، هو أكبر المحيطات إذ تبلغ مساحته نصف مساحة الغلاف المائي وأكثر من ثلث مساحة سطح الكرة الأرضية، وتبلغ مساحته حوالي 165.246 مليون كيلو مترا مربعا، ويحتوي هذا المحيط على أعمق نقطة بحرية في العالم وهي المعروفة باسم خندق ماريانا 11521م بالقرب من جزر الفلبين.
أما المحيط الأطلنطي أو المحيط الأطلسي فتبلغ مساحته 82441 مليون كيلو متر مربع وأعمق وحدة فيه هي وحدة بورتوريكو 9219م، وبالنسبة للمحيط الهندي فمساحته حوالي 73443 مليون كيلو متر مربع، وقد تصل إلى 74917 مليون كيلو متر مربع، وأعمق وحدة فيه هي وحدة جاوة البالغ عمقها 7455م.
وأما المحيط المتجمد الشمالي يشكل القطب الشمالي للكرة الأرضية ويحيط به على مساحة تبلغ حوالي 14 مليون كيلو متر مربع تقريبا. ويغطيه الجليد بصورة دائمة وهو جليد دائم لا يرتكز على أية أرض يابسة، فيه بعض الجزر التابعة لقارة أوروبا وأميركا الشمالية وآسيا وفيه درجة الحرارة الأكثر انخفاضاً في العالم التي قد تصل الحرارة إلى 70 درجة تحت الصفر وأعمق وحدة فيه بحدود 1526 م.
والمحيط المتجمد يتكون من الأجزاء الجنوبية للمحيط الأطلسي والمحيط الهادئ والمحيط الهندي التي تحيط بقارة القطب الجنوبي وتقع مناطقه بعد خط عرض 45 جنوبا من كل محيط حيث تخف أو تنعدم كل التأثيرات المدارية وتتجمد مياهه معظم أيام السنة وأعمق وحدة فيه تصل إلى 6972 م، وتبلغ مساحته حوالي 20 مليون كيلو متر مربع.
وهذه المحيطات هي موطن لأكثر من 230 ألف من الكائنات الحية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن العلماء يعتقدون أن المحيطات تضم أكثر من مليوني نوع من أنواع المخلوقات البحرية لم يتم اكتشافها ومن أسرارها إلا النذر القليل جدا.
فعلى الرغم من الاستكشافات العظيمة التي أنجزت في الفضاء إلا أن البشرية لم تستكشف إلا أقل من 5% من المحيطات، فعلى سبيل المثال أهم سلسلة جبال في المحيطات والمعروفة باسم أعراف منتصف المحيط والتي تقع في منتصف المحيط الأطلسي، لم تستكشف إلا في سنة 1973 بعد أربع سنوات من هبوط الأنسان على القمر.
ففي الخمسينيات، أجري أول استطلاع سريع ودقيق لمسح أعماق المحيط بأجهزة "السونار"، وكانت النتائج مفاجئة بالنسبة لعلماء المحيطات، فأرضية المحيط التي تخيلوها أراضا مسطحة، بلا معالم أو سمات، اكتشفوا أن بها تضاريس أكثر وعورة من الموجودة فوق سطح الأرض.
فهي تحتوي على جبال أكثر ارتفاعا وامتدادا من جبال الأرض، كما يوجد تحت سطح البحر سلسلة من البراكين التي تحيط بالأرض، وأدرك الجيولوجيون الاختلافات في طبوغرافيا سلسلة جبال وسط المحيط منذ بداية السبعينيات، ولكنهم لم يكونوا قادرين على إيجاد تفسير مناسب لها، وقد ظلت طبيعة هذا الانتقال غامضة إلى حد بعيد وذلك لأن أغلب سلسلة الجبال وسط المحيط، التي امتدت بمعدلات متوسطة، استقرت بعيداً في جنوب المحيط حول القارة الجنوبية، فظلت غير مكتشفة بشكل فعلي.
وفي يوليو 1996 سجل قمر صناعي تابع للبحرية الأميركية لأول مرة بصورة واضحة، معالم أحواض المحيط، ما مكن العلماء من عمل خرائط عديدة لبعض المناطق البحرية التي كانت مجهولة من قبل، كما أنها ساعدتهم في الوصول إلى فهم أفضل لأرضية البحار والمحيطات، لكن هذه الخرائط والمعدات التي يستخدمها البشر اليوم في مقاربات المحيطات مازالت وفي لجج تطورها، تكشف أننا مازلنا بعدين جدا عن الخوض في غمار المحيطات وفك ألغازها وانتزاع معلومات شافية وكافية من أغوارها، وأن ألغاز المحيط لا تنضب وتحدياته ممتدة وعميقة وجل أسراره مازالت قيد المجهول المطلق.
انهيار دورة حياة المحيطات!
تنبأ تحليل جديد أجراه باحثون أستراليون وأمريكيون بأن توقف دورة حياة المحيطات وتجدد المياه سيحدث على الأرجح في فترة زمنية أقل بكثير مما كان متوقعاً وأن مكانه سيختلف عما ذكرته الأبحاث السابقة.
لطالما خشي العلماء من أن احترار الأرض يمكن أن يتسبب في انهيار دورة حياة المحيطات، خاصة في شمال المحيط الأطلسي. لكن بحثًا جديدًا كشف أن الخطر الأكبر يكمن في محيط القارة القطبية الجنوبية.
وتعتبر الدراسة - التي نشرت في مجلة نيتشر وتم استقبالها بحفاوة كبيرة في الاوساط العلمية - تغييرًا كبيراً في الفهم العلمي لنظام دوران المحيطات العالمي وكيف سيستجيب لارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، بحسب ما نشر موقع ييل للدراسات البيئية.
يبدو أن سيناريو يوم القيامة الذي ينطوي على انهيار دورة حياة المحيطات قد اقترب. فالمشهد المخيف الذي تم تصويره سابقًا بدءًا من كل الأبحاث التي تمت مراجعتها من قبل الأقران وصولاً إلى أفلام الخيال العلمي مثل The Day After Tomorrow، تشير إلى أن هذا السيناريو يقترب بالفعل من التحقق.
لكن بدلاً من أن يحدث ذلك في أقصى شمال المحيط الأطلسي - والذي كان يفترض سابقاً أن يكون هو نقطة انطلاق الكارثة - يبدو الأمر الآن أكثر احتمالًا للوقوع في الطرف الآخر من الكوكب.
يتنبأ تحليل جديد أجراه باحثون أستراليون وأمريكيون، باستخدام "نمذجة" جديدة للبيانات التي كانت أكثر تفصيلاً لحالة المحيطات، بأن الانقطاع الذي طال انتظاره لدورة حياة المحيطات وتجدد المياه، سيحدث على الأرجح في المحيط الجنوبي، حيث تذوب مليارات الأطنان من الجليد على يابسة القارة القطبية الجنوبية.
ويخشى العلماء وفقاً للدراسة أن هذا السيناريو يمكن أن يحدث في غضون العقود الثلاثة القادمة فقط، بدلاً من أن يحدث بعد أكثر من قرن، كما تنبأت النماذج البيانية لمنطقة شمال الأطلسي.
وأشاد باحثو المحيطات والمناخ الرائدون - ممن لم يشاركوا في الدراسة والذين تم الاتصال بهم للتعليق - بالنتائج التي تم التوصل إليها. يقول ستيفان رامستورف، عالم المحيطات ورئيس تحليل نظم الأرض في معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ في ألمانيا: "هذه ورقة مهمة حقًا".. "أعتقد أن الطريقة والنموذج مقنعان للغاية."
يقول الباحث البريطاني أندرو شيبرد من جامعة نورثمبريا بنيوكاسل: "إنه من أكثر الأبحاث أصالة التي رأيتها منذ فترة طويلة"، مضيفاً: "لقد فوجئت حقًا بهذا العمل، لكنهم أقنعوني. لقد وضعت النتائج خطاً واضحاً لسير الأحداث. وبعد أن كان الاهتمام منصباً على شمال الأطلسي، أتوقع أن يكون هناك تحول الآن في الاهتمام بالمحيط الجنوبي ".
في هذه الأثناء، يبدو أن القلق الذي طال أمده بشأن توقف دوران المحيطات وانتهاء عملية "تجديد دمائها" في شمال الأطلسي في وقت ما من القرن الحادي والعشرين بدأ ينحسر.
ويتبع نظام "دوران المحيط"، الذي يُطلق عليه غالبًا اسم الناقل العالمي Global Conveyor، مسارًا منتظمًا عبر محيطات الأرض ويقلب مياهها من أعلى إلى أسفل بشكل كامل تماماً.
كيف تجدد المحيطات حياتها؟ يبدأ الأمر باختفاء كميات من الماء من سطح الأرض وتسربها شيئاً فشيئاً إلى الأعماق، ومنه يسافر حول العالم ولا يطفو على السطح لعدة قرون. ومن خلال التقاط الحرارة وثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي ودفنهما في أعماق المحيط، تساهم هذه الدورة الفريدة في التخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري بشدة.
يتم تشغيل عملية "الناقل العالمي" من خلال نزول المياه الباردة والمالحة إلى قاع المحيط في مكانين فقط: في أقصى شمال المحيط الأطلسي بالقرب من غرينلاند وفي المحيط الجنوبي حول القارة القطبية الجنوبية.
وفي كلا المنطقتين، فإن الآلية هي نفسها، ففي الظروف القطبية الباردة، تتجمد كميات كبيرة من الماء. ولا يتم دمج الملح الموجود في الماء في الجليد وإنما يبقى في الماء السائل المتبقي الذي يزداد ملوحة. وعندما يصبح الماء أكثر ملوحة، يصبح أكثر كثافة. لذا فإن بقايا هذا المياه تكون أثقل من المياه المحيطة لتغرق في النهاية في قاع المحيط.
و"يغرق" حوالي 250 تريليون طن من المياه المالحة بهذه الطريقة حول القارة القطبية الجنوبية كل عام، ثم تنتشر شمالًا على طول قاع المحيط ومنها إلى المحيط الهندي والأطلسي والمحيط الهادئ. وانتشرت في السابق أحجام مماثلة من "المياه الثقيلة الغارقة" جنوباً من غرينلاند. تُعرف العملية بـ "تكوين المياه العميقة" أو "انقلاب المحيطات"، وقد استمرت دون تغيير إلى حد كبير لآلاف السنين.
يذكر أن دراسة سويسرية حديثة نُشرت هذا الشهر، وجدت أنه على عكس الاعتقاد السابق، فإن دورة تجدد الحياة لم تفشل منذ نهاية العصر الجليدي الأخير، مما يشير - كما يقول الباحثون - إلى أن العملية كانت أكثر استقرارًا مما كان يُفترض سابقًا، وأنها كانت قديماً أقل عرضة للانهيار.
تجلب الدراستان معًا منظورًا جديدًا بشكل كبير للتأثير المحتمل لارتفاع حرارة الأرض على دوران وتجدد المحيطات، وهو أحد أكبر قوى الاستقرار في النظام المناخي للكوكب.
ارتفاعات قياسية ومثيرة للقلق في حرارة المحيطات
أثار الارتفاع المتسارع في درجات حرارة المحيطات حول العالم مؤخراً قلق العلماء، خوفاً من أن يزيد ذلك من آثار الاحتباس الحراري.
وسجل المؤشر العالمي لقياس درجة حرارة سطح البحر أرقاماً قياسية جديدة هذا الشهر، حيث لم تصل حرارة مياه البحر إلى هذا السخونة من قبل بهذا التسارع، دون أن يملك العلماء تفسيرات وافية حول أسباب ما يحدث.
ويشعر العلماء بالقلق من أن تصل درجة حرارة العالم إلى مستويات جديدة بحلول نهاية العام المقبل، نتيجة هذا التسارع في ارتفاع درجات الحرارة بالإضافة إلى إمكانية حدوث ظواهر جوية أخرى، ويعتقد الخبراء أنه من المتوقع أن يشهد العالم خلال الأشهر المقبلة آثار ظاهرة النينو المناخية، التي تؤدي لتسخين مياه المحيط.
ويمكن أن تؤدي زيادة حرارة المحيطات إلى قتل الحياة البحرية فيها، وأن يصبح الطقس فيها أكثر قسوة، وترتفع مستويات سطح البحر، فيما تصبح مياهها أقل كفاءة في امتصاص الغازات المسببة للاحتباس الحرارة.
وفي الأسبوع الماضي، نشرت دراسة جديدة مهمة، تسلط الضوء على التطورات المقلقة المتعلقة بهذا الشأن.
فعلى مدار الخمسة عشر عاما الماضية، زادت الحرارة المتراكمة على الأرض بنسبة 50٪، مع توجه معظم هذه الحرارة نحو المحيطات، وهو ما يؤدي إلى عواقب واسعة عالمياً، لا تقتصر فقط على الأرقام القياسية الجديدة المسجلة في إبريل/نيسان هذا العام لدرجات حرارة المحيطات، بل شهدت مناطق أخرى في العالم تباينات واختلافات في الحرارة بشكل قياسي.
ففي مارس/آذار، كانت درجات حرارة سطح البحر قبالة الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية وصلت إلى 13.8 درجة مئوية مرتفعة بذلك عن المتوسط الذي تم تسجيله في الفترة بين أعوام 1981-2011.
وقالت كارينا فون شكمان، المعدة الرئيسية للدراسة الجديدة، وعالمة المحيطات في مجموعة الأبحاث ميركاتور أوشن إنترناشونال إنه حتى الآن لم يتم إثبات سبب حدوث هذا التغيير السريع والهائل في درجات الحرارة.
وتضيف: "لقد تضاعفت الحرارة في النظام المناخي خلال الخمسة عشر عاماً الماضية، لا أود أن أقول إن هذا تغير مناخي، أو إنه تقلب طبيعي أو مزيج من الاثنين معاً، نحن لا نعرف حتى الآن. لكن بإمكاننا أن نرى آثار هذا التحول".
ويعتبر إنخفاض مستويات التلوث الناجمة عن حركة الشحن، واحدا من العوامل التي يمكن أن تؤثر على مستوى الحرارة القادمة إلى المحيطات، وهو الأمر المثير للاهتمام.
ففي عام 2020، وضعت المنظمة البحرية الدولية لائحة لتقليل محتوى الكبريت في الوقود الذي تحرقه السفن، وكان لهذا أثر سريع، حيث قلّت جزئيات الهباء الجوي المنبعثة في الغلاف الجوي.
لكن الهباء الجوي الذي يؤدي إلى تلوث الهواء، يساعد من جهة أخرى في عكس الحرارة إلى الفضاء، وقد يسبب تقليل جزئيات الهباء الجوي في دخول المزيد من الحرارة إلى المياه.
ما هو أثر ارتفاع درجة حرارة المحيطات؟ ارتفاع متوسط درجة حرارة سطح البحار في العالم بحوالي 0.9 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل المرحلة الصناعية، فيما ارتفع المتوسط 0.6 درجة مئوية في الأربعين سنة الماضية وحدها.
وتعتبر هذه الارقام أقل من الارتفاعات التي طرأت على درجات حرارة الهواء فوق الأرض، إذ ازدادت الحرارة بأكثر من 1.5 درجة مئوية عن مرحلة ما قبل المرحلة الصناعية، ويعود هذا إلى أن تسخين المياه يحتاج إلى طاقة أكبر بكثير من الأرض، ولأن المحيطات تمتص الحرارة بعيداً عن سطحها.
وحتى هذه الزيادة المتوسطة التي تبدو صغيرة لها عواقب كبيرة في العالم.
فقدان الكائنات الحية: تؤدي موجات الحر الأكثر تكراراً وشدة في البحار، إلى نفوق جماعي للحياة البحرية، وهذا يضر بشكل خاص بالشعاب المرجانية.
طقس أكثر قسوة: زيادة الحرارة في الجزء العلوي من سطح المحيط تعني أن الأعاصير المدارية والعواصف يمكن أن تكون أكثر قوة، ما يعني أنها تصبح أكثر كثافة وتدوم لفترة أطول.
ارتفاع مستوى سطح البحر: تشغل المياه الأكثر دفئاً مساحة أكبر- ما يُعرف باسم التمدد الحراري - ويمكن أن تسرّع بشكل كبير ذوبان الأنهار الجليدية في منطقة الغرينلاند والقارة القطبية الجنوبية وثم تتدفق إلى المحيطات، وهو ما يرفع مستويات البحار العالمية، ويزيد من مخاطر الفيضانات الساحلية.
قدرة أقل على امتصاص ثاني أكسيد الكربون: تستهلك المحيطات حالياً حوالي ربع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وتتمتع المياه الأكثر دفئاً بقدرة أقل على امتصاص ثاني أكسيد الكربون. وفي حال استهلكت المحيطات كمية أقل من ثاني أكسيد الكربون في المستقبل، فإن ذلك سوف يؤدي إلى مراكمة المزيد من هذا الغاز في الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى زيادة سخونة الهواء والمحيطات.
أكبر مشروع لإنعاش المحيطات في العالم
في مدينة دبي المعروفة بإنجازاتها، ليس من المستغرب أن يخطط شخص ما لبناء مشروع قياسي آخر، ولكن على عكس أطول ناطحة سحاب، أو أعمق حوض غطس، لا يُعد أحدث مشروع مُقترح مجرّد إنجاز معماري، بل مكسب في مجال إنعاش المحيطات أيضًا.
وفي حال بنائه، سيحتضن المشروع 77 ميلاً مربعًا من الشعاب المرجانية الاصطناعية التي ستخلق ملجئًا لأكثر من مليار من الشعاب المرجانية، ومئة مليون من أشجار المانغروف.
مخصصة لدبي.. الكشف عن تصميم "أكبر مشروع لإنعاش المحيطات في العالم"
يُدعى المشروع "Dubai Reefs".
وأعلنت شركة "URB" المختصة بتطوير المدن المستدامة، ومقرها دبي، عن خططها للمشروع هذا الأسبوع.
وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني، قال الرئيس التنفيذي لشركة "URB"، باهراش باغريان، لـCNN: "ترتبط صحة مدننا ارتباطًا جوهريًا بصحة محيطاتنا"، ومن ثم أضاف: "نحن بحاجة إلى روح رياديّة فيما يتعلّق بتخطيط المدن الساحلية".
وإلى جانب الشعاب المرجانية الاصطناعية، صممت "URB" مرافق عائمة مخصصة للسكن، والضيافة، والبيع بالتجزئة، والعديد من النزل البيئية التي ستحول الموقع إلى وجهة سياحية، بحسب الشركة.
ويتوسط المشروع معهد بحري مخصص للأبحاث المتعلقة بالمحيطات، وحماية البيئة الساحلية في دبي، وادّعت الشركة تشغيل الموقع بالطاقة المتجددة بنسبة 100%، والتي سيتم توليدها من الطاقة الشمسية، والمائية، في حين تُنتج مزارع الأعشاب البحرية والمحار الغذاء، وفي حال تشييده، من المتوقّع إكمال المشروع بحلول عام 204، ولكن يجدر بالذكر أنّه سيواجه تحديات عندما يأتي الأمر لضمان تمويل المبادرة بشكلٍ خاص بالكامل، وإمكانيّة وصول الأشخاص من جميع مستويات الدخل إليه.
وقال باغريان: "تهدف شعاب دبي إلى أن تصبح نموذجًا للحفاظ على البيئة البحرية، والسياحة البيئية، والعيش في المحيطات"، مضيفًا أنّها "ستصبح في النهاية وجهة فريدة ومرنة توفّر الأمن الغذائي، والطاقة من المحيط".
ضعف قدرة المحيطات على اختزان الكربون
قام فريق دولي من العلماء بجمع بيانات أكثر من 50 عاما من بعثات الحفر العلمية البحرية لإجراء أول دراسة من نوعها للكربون العضوي الذي يسقط في قاع المحيط، وينجذب إلى أعماق الكوكب.
وفحص الفريق -الذي يضم باحثين من جامعات أميركية وبريطانية- بيانات رواسب قاع البحر الموحلة التي تم جمعها خلال 81 رحلة من البرنامج الدولي لاكتشاف المحيطات (IODP) وأكثر من 1500 رحلة استكشافية على ظهر السفن.
وتتمثل إحدى طرق مكافحة تغير المناخ العالمي في امتصاص وتخزين ثاني أكسيد الكربون، وهو غاز الدفيئة الرئيسي. ويعتقد الباحثون في جدوى نقل ثاني أكسيد الكربون السائل عن طريق السفن أو خطوط الأنابيب، وضخه في قاع البحر باستخدام تقنية مشابهة لتلك المستخدمة في قطاع النفط لحفر آبار أعماق البحار.
وبمجرد وصوله إلى قاع البحر، يتحد ثاني أكسيد الكربون مع السوائل المحيطة، مكونا بلورات جليد هيدراتية تغطي مسام الصخور، وتعمل كغطاء ثانوي لثاني أكسيد الكربون. وعلى مدى مئات السنين، يذوب ثاني أكسيد الكربون في المياه المحيطة.
وتشير الدراسة -التي نشرت يوم 4 يناير/كانون الثاني الجاري بدورية "نيتشر" (Nature)- إلى أن ارتفاع درجة حرارة المناخ يمكن أن يقلل من دفن الكربون العضوي ويزيد من كمية الكربون التي تعود إلى الغلاف الجوي، لأن درجات حرارة المحيط الأكثر دفئا يمكن أن تزيد من معدلات التمثيل الغذائي للبكتيريا.
وتقدم الدراسة الحساب الأكثر تفصيلا لدفن الكربون العضوي خلال 30 مليون سنة الماضية، مما يعني أن العلماء لم يكتشفوا بعد إلا القليل من المعلومات حول ديناميكيات دورة الكربون طويلة المدى للأرض.
ويعد الكربون أحد المكونات الرئيسية للحياة على الأرض، إذ ينتقل باستمرار بين الغلاف الجوي والغلاف الحيوي لكوكبنا بينما تنمو النباتات والحيوانات وتتحلل.
ويمكن أيضا أن تستغرق دورة بقاء الكربون بالأرض ملايين السنين، إذ يبدأ في مناطق الاندساس التكتوني، حيث يتم سحب الصفائح التكتونية الرقيقة نسبيا فوق المحيطات إلى أسفل الصفائح السميكة الموجودة فوق القارات، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع "يوريك ألرت" (EurekAlert).
وترتفع درجة حرارة القشرة المحيطية عند الغوص إلى أسفل مع غرقها، ويعود معظم الكربون إلى الغلاف الجوي على شكل ثاني أكسيد الكربون "سي أو 2" (CO2) من البراكين.
وفي تصريح للجزيرة نت، أوضح المؤلف المشارك بالدراسة "يي زانغ"، أستاذ علوم المناخ القديم والمحيطات المشارك بجامعة تكساس، أن النتائج أظهرت أن عملية دفن الكربون العضوي نشطة للغاية، كما أنها لا تسير بوتيرة واحدة وتستجيب للنظام المناخي للأرض أكثر بكثير مما كان يعتقد العلماء سابقا.
وأشار "زانغ" إلى أنه في حالة صحة الاستنتاجات الجديدة، فإنها ستعدل الكثير من معرفتنا بدورة الكربون العضوي. فمع ارتفاع درجة حرارة الماء، سيجد الكربون العضوي صعوبة أكبر في إيجاد طريقه إلى نظام الرواسب البحرية.
لعقود من الزمان، استخدم العلماء النسب النظيرية لتحديد الكميات المتناسبة من الكربون العضوي وغير العضوي المدفون في مراحل مختلفة من تاريخ الأرض. ووفق "زانغ" افترض الخبراء أن كمية الكربون المدفون قد تغيرت قليلا نسبيا خلال 30 مليون سنة الماضية بناءً على تلك الأبحاث والتقديرات.
يقول المؤلف المشارك في الدراسة "كان لدينا هذا المفهوم المتمثل في أخذ بيانات حقيقية وحساب معدلات دفن الكربون العضوي الخاص بالدراسات السابقة للتوصل إلى دفن الكربون العالمي، وأردنا التحقق مما إذا كانت هذه الطريقة التصاعدية تتزامن مع الطريقة القياسية للنظائر المشعة. ووجدنا صحة هذا الافتراض بشكل خاص خلال حقبة منتصف الميوسين، منذ حوالي 15 مليون عام".
وقد درس العلماء منذ فترة طويلة كمية الكربون التي يتم دفنها في رواسب المحيطات، وتحتوي المواد المأخوذة من قاع المحيط على طبقات من الرواسب المتراكمة على مدى عشرات الملايين من السنين.
وباستخدام التأريخ الإشعاعي وطرق أخرى، أمكن للباحثين تحديد متى تم وضع رواسب معينة. كما تمكنوا أيضا من تعلم الكثير عن الظروف الماضية على الأرض من خلال دراسة المعادن والهياكل العظمية المجهرية للكائنات المحاصرة في الرواسب.
رقعة القمامة الكبرى في المحيط الهادي.. موطن جديد لازدهار الكائنات البحرية الساحلية
منذ بداية تصنيع البلاستيك في أوائل القرن العشرين وهيمنته على كثير من الصناعات في نصفه الثاني، أصبح يستخدم على نطاق واسع. ولقدرته الفائقة على التشكل والتكيف، إلى جانب مجموعة واسعة من الخصائص الأخرى، مثل كونه خفيف الوزن ومتينا ومرنا وغير مكلف في الإنتاج، فقد نجح في استخدامات شتى، مما تسبب في حدوث مشكلات بيئية واسعة النطاق بسبب معدل تحلله البطيء في النظم البيئية الطبيعية.
التركيب الكيميائي لمعظم أنواع البلاستيك مستقر جدا، مما يجعله مقاوما للكثير من عمليات التحلل الطبيعي، ويعتمد التحلل على الهيكل الكيميائي لمركب البلاستيك، وأهم عمليات التحلل هي الأكسدة الضوئية، بينما يستغرق التحلل البحري وقتًا أطول نتيجة للبيئة المالحة وتأثير التبريد في البحر.
وهذا يساهم في استمرار وجود الحطام البلاستيكي في البيئات البحرية، وقد قدّمت منظمة حماية المحيطات تقديرات لمعدلات تحلل بعض المنتجات البلاستيكية تتراوح بين 50 و600 عام.
عندما تدفع التيارات السطحية التلوث البلاستيكي من السواحل إلى المناطق التي تحبس فيها التيارات الدوارة الأجسام العائمة -والتي تتراكم بمرور الوقت- تتشكل دوامات من بلاستيك المحيطات، ويوجد في العالم ما لا يقل عن 5 دوامات موبوءة بالبلاستيك، أو "بقع القمامة".
وتحتوي منطقة شمال المحيط الهادي شبه الاستوائية -الواقعة بين كاليفورنيا وهاواي- على أكثر البلاستيك العائم، حيث يقدر بحوالي 79 ألف طن متري من البلاستيك في منطقة تزيد مساحتها على 980 ألف كيلومتر مربع.
وقد اكتشف الباحثون سابقا أن النباتات والحيوانات الساحلية قد وجدت طريقة جديدة للبقاء على قيد الحياة في المحيطات المفتوحة، من خلال استعمار مناطق التلوث البلاستيكي، بحسب ما أفاد مقال نشر يوم 2 ديسمبر/كانون الأول 2021 في دورية "نيتشر كوميونيكيشنز" (Nature Communications)، والذي أفاد بأن الأنواع الساحلية تنمو على القمامة التي تمتد لمئات الأميال في البحر في شمال المحيط الهادي شبه الاستوائي، والمعروفة أكثر باسم "رقعة القمامة الكبرى في المحيط الهادي".
تذكر لينسي هارام، المؤلف الرئيسي للمقال وزميل ما بعد الدكتوراه السابق في مركز سميثسونيان للبحوث البيئية (SERC)، في بيان نشر على موقع المركز، أن "أضرار البلاستيك تتجاوز مجرد الابتلاع والتشابك. إنها تخلق فرصا للجغرافيا الحيوية للأنواع الساحلية لتتوسع بشكل كبير بما يتجاوز ما اعتقدنا سابقا أنه ممكن"، ويطلق المؤلفون على هذه المجتمعات "نيوبلاجيك" (neopelagic)، حيث كلمة "نيو" تعني جديد، وكلمة "بلاجيك" تشير إلى المحيط المفتوح.
وقد بدأ العلماء في الشك أول مرة في أن الأنواع الساحلية يمكن أن تستخدم البلاستيك للبقاء على قيد الحياة في المحيط المفتوح لفترات طويلة بعد التسونامي الياباني عام 2011، عندما اكتشفوا أن ما يقرب من 300 نوع قد طافت على طول الطريق عبر المحيط الهادي على حطام التسونامي على مدى عدة سنوات، ولكن حتى الآن، كانت المشاهدات المؤكدة للأنواع الساحلية على البلاستيك مباشرة في المحيط المفتوح نادرة.
إلا أن المدى الذي وصلت إليه الأنواع الساحلية التي كان يفترض في يوم من الأيام أنها غير قادرة على البقاء على قيد الحياة لفترات طويلة في أعالي البحار -والتي قفزت على متن أكوام طافية من النفايات البلاستيكية- ظل غير معروف إلى حد كبير، فما الأنواع التي وجدت ملجأ في النفايات؟ وما المجتمعات الجديدة التي تتشكل في أعالي البحار خارج حدودها المعتادة؟
يشرح المقال الذي نشرته "ساينس ألرت" (Science Alert) في 18 أبريل/نيسان الجاري، أن هارام قد أخذت عينات من الحطام من رقعة النفايات الكبرى في المحيط الهادي والكتلة الدوامة من العوامات البلاستيكية، والدلاء والزجاجات والحبال وشبكات الصيد التي لا تزال تتراكم في شمال المحيط الهادي على بعد آلاف الكيلومترات من أي خط ساحلي، والتي يعتقد -كما تظهر الدراسات الحديثة- أن معظمها قد جاء من 5 دول صناعية تعمل في مجال الصيد.
وبناء عليه، تشير أحدث دراسة لهارام نشرت في 17 أبريل/نيسان الجاري في دورية "نيتشر إيكولوجي آند ايفولوشن" (Nature Ecology & Evolution) إلى أن مجتمعات الأنواع الساحلية التي جرفت على النفايات البلاستيكية كانت أكثر شيوعا وتنوعا مما كان يشتبه فيه العلماء سابقا.
فقد تم العثور على أنواع من اللافقاريات الساحلية مثل القشريات وشقائق النعمان البحرية والطحالب على حوالي 70% من المواد البلاستيكية البالغ عددها 105 التي شملتها الدراسة، كما أن عدد الأنواع الساحلية وثراءها التصنيفي في تلك العناصر يفوق بكثير تنوع الأنواع البحرية التي توجد عادة في المحيط المفتوح.
كما كتب الباحثون في ورقتهم الجديدة "يبدو أن الأنواع الساحلية لا تزال موجودة الآن في المحيط المفتوح كمكون أساسي لمجتمع البحيرات الجديدة الذي يعيشه البحر الشاسع والمتسع من الحطام البلاستيكي".
ومن اللافت كذلك أن اللافقاريات الساحلية لم تكن على قيد الحياة فحسب، بل كانت على ما يبدو تزدهر في موطنها العائم المكتشف حديثا، فقد تم العثور على هيدرات تشبه السرخس (مرتبطة بقنديل البحر والشعاب المرجانية) تحمل هياكل تكاثرية بين القمامة جنبا إلى جنب مع أمفيبود (نوع من القشريات) حاملة للبيض، وشقائق النعمان البحرية بأحجام مختلفة.
ويبقى التساؤل قائما: كيف تعيش اللافقاريات الساحلية في بيئة تختلف عن بيئتها، فهي بطريقة ما تجد الطعام في جزء من المحيط قد أطلق عليه علماء البحار البعيدة اسم صحراء الطعام.
وقد حذرت هارام وزملاؤها من أن البلاستيك يقوم بالفعل بتحويل النظم البيئية البحرية بطرق مقلقة، وإذا غامرت اللافقاريات الساحلية بالخروج إلى البحر على متن أطواف من الحطام العائم، فقد تبدأ في "تغيير جذري" للمجتمعات المحيطية.
لذا يعتقد الفريق أن المزيد من البحث لفحص المجتمعات التي تتجول على النفايات البلاستيكية العائمة من شأنه أن يساعدنا على الأقل في فهم التغييرات الجارية، وتتوقع هارام وزملاؤها اكتشاف المزيد من الأنواع الساحلية التي تقوم برحلتها الأولى إلى أعالي البحار من خلال دراسات مستقبلية، ويأملون في فهم ما إذا كانت هناك اختلافات بين أنظمة دوران التيارات المحيطية في نصف الكرة الشمالي والجنوبي.
كيف تتحمض المحيطات؟
يقول البيان الصحفي الصادر من أكاديمية كاليفورنيا للعلوم إن تحمُض المحيطات عملية تحدث عندما ينخفض الرقم الهيدروجيني لمياه البحر، بسبب امتصاصها من الغلاف الجوي ثاني أكسيد الكربون (CO2)، الذي تطلقه الأنشطة البشرية مثل حرق الوقود الأحفوري، وإزالة الغابات، والعمليات الصناعية الأخرى، حيث يذوب جزء كبير من ثاني أكسيد الكربون الزائد في المحيطات.
وعندما يذوب ثاني أكسيد الكربون في مياه البحر، فإنه يشكل حمض الكربونيك، الذي يتفكك بعد ذلك، إلى أيونات البيكربونات وأيونات الهيدروجين، ومن تم تؤدي هذه الزيادة في أيونات الهيدروجين إلى انخفاض الرقم الهيدروجيني في مياه البحر، مما يجعل مياه المحيط أكثر حمضية.
كما تقلل هذه العملية أيضا من توافر أيونات الكربون، التي تعد لبنات بناء أساسية لعديد من الكائنات البحرية، مثل الشعاب المرجانية والمحار وبعض أنواع العوالق، التي تشكل أصدافها وهياكلها العظمية.
ووفقا للبيان الصحفي، فإن ظاهرة تحمُض المحيطات لها عواقب وخيمة على النظم البيئية البحرية، فهي تؤثر سلبا على نمو وتكاثر وبقاء عديد من الأنواع البحرية، وتؤدي إلى تعطيل الشبكات الغذائية للكائنات البحرية، والتأثير على التنوع البيولوجي لموائل المحيطات.
وعلاوة على ذلك، فإن تحمُض المحيطات له آثار اجتماعية واقتصادية، لأنه يهدد سبل عيش المجتمعات التي تعتمد على الموارد البحرية للغذاء والسياحة والأنشطة الاقتصادية الأخرى.
وفي هذا الصدد، تقول رئيسة الفريق البحثي الدكتورة ريبيكا أولبرايت إن "تحمُض المحيطات هو أحد العوامل القاتلة الصامتة للنظم البحرية، والناتجة عن تغير المناخ، فعلى الرغم من أن تحمُض المحيطات ليس بارزًا مثل تبيّض المرجان الذي يعتبر واحد من أبرز التهديدات التي تواجه البيئة البحرية العالمية، فإنه سيؤدي إلى تدمير واسع النطاق للبيئات البحرية بحلول نهاية هذا العقد إذا لم نتخذ إجراءات عاجلة لمعالجة المشاكل الناجمة عنه".
ولمواجهة أخطار تحمُض المحيطات، ووضع الاستعدادات لمواجهتها، سعى الفريق العلمي إلى تحديد الإجراءات التي يجب أن تتخذها الحكومات لتطوير خطط شاملة لحماية البيئة والمجتمع.
وبحسب بيان أكاديمية كاليفورنيا للعلوم، حدد الباحثون 6 جوانب لسياسة فعالة لوضع الاستعدادات لمواجهة تحمُض المحيطات، لكل منها مؤشرات محددة يمكن لهيئات صنع السياسات في الحكومات، استخدامها لتقييم سياساتها وتوجيهها.
تشمل تلك الجوانب الستة للسياسة الفعالة، التي حددها الباحثون في دراستهم ما يلي:
تدابير حماية المناخ (Climate protection measures): التي تتطلب وضع سياسات مناسبة للحد من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى تحمض المحيطات.
محو الأمية بشأن تحمض المحيطات (Ocean acidification literacy): وتعني نشر وعي عام وفهم عام للتهديدات التي يشكلها تحمض المحيطات.
الإدارة على أساس المنطقة (Area-based management): وتتضمن وضع خطط لحماية المناطق البحرية المحمية وخطط إدارة إستراتيجيات واضحة لقياس وزيادة المرونة في مواجهة تحمض المحيطات.
البحث والتطوير (Research and development): وهي البحوث المخصصة لفهم ومعالجة تحمض المحيطات واستثمار الأموال.
القدرة على التكيف للقطاعات التابعة (Adaptive capacity of dependent sectors): ويقصد بها فهم الآثار على القطاعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك المجتمعات المعرضة للخطر، فضلا عن إستراتيجيات التخفيف.
اتساق السياسات (Policy coherence) مع الجهود القائمة على الأدلة والمدعومة بالعلم للتصدي لتغير المناخ والمحيطات.
من المتوقع أن تتسبب ظاهرة تحمض المحيطات في تدمير واسع النطاق للبيئات البحرية بحلول نهاية هذا العقد (غيتي)
من ناحية أخرى، قام الباحثون بتطبيق هذه الجوانب الستة على وضع البيئة البحرية في أستراليا، وتقييم استعداداتها لمواجهة تحمض المحيطات. ويأتي اختيار تطبيق تلك السياسات على البيئة البحرية في أستراليا، لأنها تضم أكبر نظام للشعاب المرجانية في العالم، وهي أنظمة بيئية نابضة بالحياة تدعم سبل عيش أكثر من مليار شخص في جميع أنحاء العالم، ولكنها معرضة بشكل فريد لتحمض المحيطات.
وفي هذا السياق، وجد الباحثون أنه على الرغم من أن أستراليا تمتلك فهما عميقا للقدرة التكيفية للقطاعات الاجتماعية والاقتصادية الضعيفة وإستراتيجيات الإدارة التي تتناول تحمض المحيطات، فإنها تفتقر إلى اتساق السياسات وتدابير حماية المناخ الأوسع نطاقا، مما قد يعوق قدرتها على الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، المساهم الرئيسي لتحمض المحيطات.
هل صحيح أن المحيطين الهادي والأطلسي لا تختلط مياههما؟
يعد المحيطان الهادي والأطلسي أكبر المسطحات المائية الموجودة على كوكب الأرض، العصر الحالي، وبالرغم من أن المياه بشكل عام لا يمكن وضع حد فاصل بينها. إلا أن الكثير يتساءلون: أين تلتقي مياه المحيط الأطلسي والهادي تحديدا؟ ولماذا يظن البعض أن مياههما لا تختلطان؟ وهل يمكن للمياه من مصدرين مختلفين ألا تختلط بالفعل؟
يقع المحيط الهادي بين الأميركتين في الشرق وأوقيانوسيا وآسيا في الغرب. كما يقع الأطلسي بين أوروبا وأفريقيا في الشرق والأميركتين في الغرب. ويعد الهادي أكبر وأعمق محيط في العالم، ويغطي ما يقرب من 165 مليون كيلومتر مربع. ويبلغ متوسط عمقه 4280 مترا. ويأتي الأطلسي في المرتبة الثانية حيث تبلغ مساحته حوالي 107 ملايين كيلومتر مربع ومتوسط عمقه 3646 مترا.
ووفقا لموقع نظام بيانات الفيزياء الفلكية (ADS) فإن درجات الحرارة والملوحة والكثافة تختلف بين المحيطين الأطلسي والهادي في الكيلومتر العلوي. كما يرتفع سطح الهادي حوالي 40 سنتيمترا أعلى من الأطلسي.
وإضافة إلى الاختلافات الواضحة بين كل من مياه الأطلسي والهادي، فإن لكل محيط وبحر على كوكب الأرض خصائصه التي يتفرد بها. فملوحة سطح الأطلسي أعلى من المحيطين الهادي والهندي، في حين أن المياه المغلقة للبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط هي الأكثر ملوحة. وذلك لأن المياه ذات الملوحة المنخفضة من أعماق البحار لا يمكن أن تتدفق بسهولة إلى الأعلى، كما أن الماء يتبخر بشكل أسرع من السطح قبل أن تحل محله مياه الأمطار.
يلتقي المحيطان الأطلسي والهادي في منطقة أقصى جنوب أميركا الجنوبية، معروفة باسم "كيب هورن".
وتشير مدونة باتاغونيا (blogpatagonia) -الأسترالية- إلى أن خبراء الطبوغرافيا يؤكدون أن الخط الذي يمثل الحدود بين الأطلسي والهادي يمتد مباشرة بين كيب هورن والقارة القطبية الجنوبية.
ويسمى هذا الجسم الضيق من المياه بمضيق دريك، على اسم المستكشف السير فرانسيس دريك. ومع ذلك فإنه لا يمكن تمييز هذا الخط الفاصل بالعين المجردة بين جسدي مياه المحيطين. حيث تعد حدود المحيطات عشوائية للغاية، تماما مثل الحدود بين الأحياء في المدينة.
ويبلغ عرض ممر دريك 850 كيلومترا. ويطلق عليه "عنق الزجاجة" في المحيط الذي يفصل بين أميركا الجنوبية والقارة القطبية الجنوبية. وفي هذه المنطقة، ينقل تيار قوي المياه من الغرب إلى الشرق أي من الهادي إلى الأطلسي.
ويعد السفر حول كيب هورن رحلة مضطربة وخطيرة كان يخشاها البحارة منذ اكتشافها لأول مرة في القرن الـ 16، فقد أودت بحياة العديد من الأشخاص بسبب التيارات القاسية والرياح القوية والطقس الذي لا يمكن التنبؤ به. وقبل بناء قناة بنما، كانت هي الطريق الوحيد عن طريق البحر بين الهادي والأطلسي.
انتشرت العديد من مقاطع الفيديو، خلال السنوات الأخيرة، التي يظهر فيها المحيط وعلى أحد جانبيه الماء أزرق داكن وواضح، وعلى الجانب الآخر بلون أخضر.
وتشير العديد من مقاطع الفيديو المتداولة هذه إلى أن هذا هو الخط الفاصل بين الأطلسي والهادي، مع زعم أن الماء فيه يتحدى جميع القوانين ويرفض الاختلاط.
غير أنه وفقا للعلماء فإن مياه الأطلسي والهادي تمتزج بالتأكيد، ربما أكثر من المياه الموجودة بمعظم الأماكن في محيطات العالم. إلا أن ما يحدث بهذا النوع من الفيديوهات أمر آخر لا علاقة له بالتقاء مياه المحيطين الأكبر على كوكب الأرض.
وإذا كانت مياه الأطلسي والهادي تختلطان بالفعل، إلا أنهما لا يندمجان معا بهدوء وبشكل متساو نظرا لاختلاف درجة الملوحة والكثافة والتيارات بالمحيطين. فحينما تصطدم التيارات المحيطية من كليهما في كيب هورن فإن الكثافات والتيارات ودرجات الحرارة المختلفة تخلف بحرا هائجا جعل من كيب هورن منطقة مشهورة دائما.
تقول سالي وارنر، الأستاذة وعالمة المحيطات الفيزيائية بجامعة برانديز (Brandeis University) -لموقع "هاو ستف وركس" (howstuffworks)- إن هناك أماكن في جميع أنحاء العالم تلتقي فيها حدود المياه معا مما يخلف خطوطا مرئية في المياه السطحية تسهل رؤيتها بالمحيط المفتوح. ويحدث ذلك حينما تلتقي المياه العذبة مع مياه المحيط المالحة. وكذلك حينما تختلط تيارات المياه ذات درجات الحرارة المختلفة.
على سبيل المثال فإن المياه حول القارة القطبية الجنوبية أبرد من الماء في الشمال. وما يعتقده الناس أنه يحدد مياه الأطلسي من مياه الهادي هو على الأرجح مكان يحدد المياه الباردة من القارة القطبية الجنوبية عن المياه الأكثر دفئا في الشمال.
من ناحية أخرى، يعد المكان الذي تلتقي فيه مياه الأنهار العذبة بمياه المحيط المالحة أسهل مكان لرؤية الحدود بين المياه، والتي تبهر الكثير من البشر عند رؤيتها.
ويرجع السبب في ذلك إلى أنه غالبا ما تكون مياه النهر طينية جدا بحلول الوقت الذي تصل فيه إلى المحيط، مما يمنحها مظهرا يشبه حليب الشوكولاتة، والذي يتناقض بشكل حاد مع مياه المحيط الداكنة أو المظلمة.
ويضاف إلى ذلك فإن مياه الأنهار العذبة ومياه المحيط المالحة لها كثافات مختلفة، لذا يبدو الأمر كما لو أن مياه النهر تظل منفصلة عن مياه المحيط، إلا أنهم سيختلطون معا في النهاية بالتأكيد، وقد يستغرق الأمر يوما أو اثنين لتختلط مياههما تماما.
وبالتالي، فإنه إذا كان هناك خط مرئي بالماء في أي مكان، فعلى الأغلب ستكون له علاقة بمياه ذات كثافة مختلفة أو درجتي حرارة مختلفتين معا.
171 تريليون جزيء.. أين وصل البلاستيك في محيطات الأرض؟
كشفت دراسة جديدة ن محيطات العالم أصبحت ملوثة بـ"الضباب الدخاني البلاستيكي"، محذرة من أن التصاعد في كمية جزيئات البلاستيك، قد يؤدي إلى تسمم المياه وتشكيل خطر على الحياة البحرية، فضلا عما تمثله من مشكلة مناخية.
وقام فريق من العلماء الدوليين بتحليل البيانات العالمية التي تم جمعها بين عامي 1979 و2019 من حوالي 12 ألف مصدر حصل على عينات في المحيطات الأطلسي والهادئ والهندي والبحر الأبيض المتوسط.
ووجد العلماء "زيادة سريعة وغير مسبوقة" في تلوث المحيطات بالمخلفات البلاستيكية منذ عام 2005، وفقا للدراسة التي نُشرت، الأربعاء، في مجلة "بلوس وان".
وأشارت الدراسة إلى أن محيطات العالم ملوثة بـ "الضباب الدخاني البلاستيكي"، المكون من 171 تريليون جزيء بلاستيكي، والتي إذا تم جمعها ستزن حوالي 2.3 مليون طن، "وهي كمية أعلى بكثير من التقديرات السابقة"، بحسب ما أفادت مؤلفة التقرير ومديرة البحث والابتكار في معهد "5 غايرس" أو "الدوامات الخمس"، ليزا إيردل، لشبكة "سي أن أن".
وارتفع إنتاج البلاستيك في العقود القليلة الماضية، وخاصة المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، في حين لم تواكب أنظمة إدارة النفايات وتيرتها، حيث يتم إعادة تدوير حوالي تسعة في المئة فقط من المواد البلاستيكية العالمية كل عام، بحسب "سي أن أن".
وينتهي المطاف بكميات ضخمة من هذه النفايات البلاستيكية في المحيطات. وبمجرد دخول البلاستيك إلى المحيط، فإنه لا يتحلل ولكنه يميل بدلا من ذلك إلى التفتت إلى قطع صغيرة.
ويحذر المعهد، من أن الأسماك قد تعتقد خطأ أن هذه الجزيئات البلاستيكية طعاما، ما يهدد الحياة البحرية، كما يمكن للبلاستيك أيضا أن يرشح مواد كيميائية سامة في الماء.
كما يشير التقرير إلى أن البلاستيك في المحيطات ليس مجرد كارثة بيئية فقط، وإنما هو أيضا مشكلة مناخية ضخمة.
وأوضح أن "الوقود الأحفوري هو المكون الخام لمعظم المواد البلاستيكية، وينتج تلوثا يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب طوال دورة حياته، بدءا من الإنتاج وحتى التخلص منه".
وحذرت الدراسة أنه بدون اتخاذ إجراءات عاجلة بشأن السياسات الخاصة باستخدام المواد البلاستيكية، يمكن أن يزيد معدل دخولها إلى المحيطات بنحو 2.6 مرة من الآن وحتى عام 2040.
الأمم المتحدة تحذر من ارتفاع منسوب مياه المحيطات
حذّرت الأمم المتحدة من استمرار ارتفاع منسوب مياه المحيطات، بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض. وتوقّع خبراء المناخ في المنظمة الدولية ارتفاع مستوى سطح البحر 43 سنتمترا أخرى بحلول عام 2100.
ويثير ارتفاع منسوب مياه البحار، مخاوف بشأن تأثيره على المناطق الساحلية، وانعكاس ذلك على دول بأكملها.
في الأسباب، ينتج ارتفاع منسوب مياه البحار عن زيادة درجات حرارة الأرض، وتراكم انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي أدت بدورها، خلال القرن الماضي، إلى زيادة حرارة المحيطات.
تمتص البحار نحو 90 في المائة من حرارة الغازات، مما أدى إلى تسجيل مستويات قياسية للحرارة في المياه.
منذ نهاية القرن التاسع عشر، ارتفع متوسط منسوب البحار بنحو 23 سنتيمترا.
من المتوقع أن يصل، عام 2050، إلى 30 سنتيمرا.
تشير الدراسات، إلى أن ارتفاع منسوب المحيطات سيستمر، حتى لو نجحت جهود خفض انبعاثات غازات الدفيئة، وذلك بسبب ظواهر أخرى مثل ذوبان الجليد، وتمدد المياه بسبب الحرارة.
بحلول عام 2100، قد يتسبب التمدد الحراري وذوبان الأنهار الجليدية في ارتفاع مستوى سطح البحر إلى 98 سنتمترا.
مع الوقت سيؤدي ارتفاع منسوب مياه البحار إلى مخاطر على الحياة، في المناطق الساحلية، في مختلف دول العالم.
في إفريقيا مثلا، مدن ساحلية عدة مهددة بالاختفاء الكلي، أو الجزئي، نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر، خلال العقود الأربعة الماضية.
تحذّر الدراسات من أن نحو ربع مليار شخص في أنحاء العالم قد يواجهون مخاطر بسبب ارتفاع سطح البحر، بحلول عام 2100.
من شبكة النبا المعلوماتية