المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دراسة استراتيجية لنشر الفكر الحسيني في مواسم الزيارات...


صدى المهدي
08-06-2023, 10:14 AM
زيارة الإمام الحسين -عليه السلام- أنموذجاً
مقدّمة

إنّ النصوص الدينية ـ المرتبطة بزيارة المعصومين(عليهم السلام) ـ تطالعنا بمفردة من المفردات المهمّة، والتي تُعدّ شرطاً من الشروط الأساسية في حصول الزائر على الأجر والثواب في زيارة الأئمّة الأطهار(عليهم السلام)، وهذه المفردة هي المعرفة، أي: معرفة الإمام، أو ما عُبِّر عنه في بعض النصوص معرفة حقّ الإمام(عليه السلام)؛ إذ ورد في روايات زيارة أمير المؤمنين والإمام الحسين(عليهما السلام) التأكيد على التعبير التالي: «مَن أتاه عارفاً بحقّه...»[1] ، وكذلك عندما نقرأ في نصوص الزيارات ونخاطبهم(عليهم السلام) بقولنا: «أتيتك يا حبيب رسول الله وابن رسوله، وإنّي بك عارف، وبحقك مقرّ... عارف بالهدي الذي أنتم عليه...»[2]، أو قولنا في الزيارة الجامعة: «عارفاً بحقِّكم، مستبصراً بشأنكم...»[3]. بل هناك نصوص أُخرى كما في الحديث عن الإمام الصادق(عليه السلام): «مَن أتى الكعبة فعرف من حقِّنا وحرمتنا ما عرف من حقِّها وحرمتها لم يخرج من مكّة إلّا وقد غُفر له ذنوبه، وكفاه الله ما أهمّه من أمر دنياه وآخرته»[4]، فهذه النصوص وغيرها الكثير قد اشترطت المعرفة بهم وبحقِّهم.

والمراد من المعرفة ـ كما ذُكر في التفريق بينها وبين العلم ـ هو أنّ: «المعرفة: قد تُقال فيما تُدرك آثاره، وإن لم يُدرك ذاته، والعلم لا يكاد يُقال إلّا فيما أُدرك ذاته. ولذا يُقال: فلان يعرف الله، ولا يُقال: يعلم الله، لما كانت معرفته - سبحانه - ليست إلّا بمعرفة آثاره دون معرفة ذاته...»[5].

كما أنّ سرّ ارتقاء شهداء واقعة الطفّ إلى هذه المنزلة والمقام هو كونهم عارفين بإمامهم الحسين(عليه السلام) ومقامه، فمعرفتهم هي التي أوصلتهم إلى هذه المنزلة؛ كما ورد هذا المضمون في بعض الروايات التي تؤكِّد وقوفهم على الحقيقة التي لا تقبل الشك[6]؛ وكما يتجلّى ذلك في جوابهم للإمام الحسين(عليه السلام) حينما قال لهم: «وهذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً»، فكان جواب أصحابه أن قام: «مسلم بن عوسجة وقال: والله، لو علمت أنّي أُقتل ثمّ أُحيى ثمّ أُحرق ثمّ أُحيى ثمّ أُحرق ثمّ أُذرّى، يُفعل بي ذلك سبعين مرّة ما فارقتك حتّى ألقى حمامي من دونك!! وكيف لا أفعل ذلك؟! وإنّما هي قتلة واحدة ثمّ هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً. وقام زهير بن القين(رحمه الله)، فقال: والله، لوددت أنّي قُتلت ثمّ نُشرت ثمّ قُتلت، حتّى أُقتل هكذا ألف مرّة، وأنّ الله يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك لفعلت. وتكلّم بعض أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضاً في وجهٍ واحد، فجزّاهم الحسين(عليه السلام) خيراً»[7].

وفي بعض المصادر أنّهم قالوا: «... والله، لا نخليك حتّى يعلم الله أن قد حفظنا غيبة رسول الله(صلى الله عليه واله) فيك...»[8]، وقالوا أيضاً: «لا والله، يابن رسول الله، لا نخليك أبداً حتّى يعلم الله أنّا قد حفظنا فيك وصية رسوله محمد(صلى الله عليه واله)...»[9]. ما يعني أنّهم أقدموا على القتل واختاروا ذلك عن معرفة ويقين بمنزلة الإمام الحسين(عليه السلام) ومقامه الإلهي، عارفين بوصية رسول الله(صلى الله عليه واله) في حقّ أئمّتهم(عليهم السلام).فكانوا يمتازون جميعاً بوقوفهم على الحقيقة الملموسة والمعرفة العميقة؛ كما يدلّنا على ذلك وصف الأعداء لهم بـ: (أهل البصائر)، ذلك التعبير الذي ورد في قول عمرو بن الحجاج الزبيدي حينما خاطب أصحابه قائلاً: «ويلكم يا حمقى! مهلاً، أتدرون مَن تقاتلون؟! إنّما تقاتلون فرسان المصر، وأهل البصائر، وقوماً مستميتين...»[10]، ذلك الوصف الذي يحمل في طيّاته دلالات واضحة على المعرفة القلبية واليقين الراسخ الذي حملهم على هذا القرار المصيري[11]، مع تنوعهم قَبَليّاً وجغرافياً.

إذاً؛ فالمعرفة أمر مصيري في تحديد المسير والاتجاه الذي يسلكه الإنسان، والتي من أهمّها الممارسات الدينية والأُمور العبادية التي يقوم بها المؤمنون.

وفي ضوء هذه النقطة المهمة نفهم معنى الروايات التي أكّدت على أفضلية العالم على العابد، وأهمّية العقل في حياة الإنسان ونيله الجزاء الأُخروي، كما في الرواية الواردة عن الإمام الباقر(عليه السلام) بقوله: «عالم يُنتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد»[12]، ونظائر هذه الرواية كثير جدّاً تبلغ حدّ التواتر، يجدها القارئ الكريم في أُمهات المصادر الحديثيّة المعتبرة والمهمة لدى المسلمين[13].

ومن هنا؛ فإنّنا نرى أنّ من الضروري جدّاً العمل على رفع المستوى المعرفي لدى زائر الإمام الحسين(عليه السلام) لكي يترتّب الأثر المرجو من الزيارة، فضلاً عن ضرورة الإسهام في تحصينه أمام الشبهات والإشكالات التي تُثار حول نهضة الإمام الحسين(عليه السلام) وما يرتبط بها من جوانب معرفية وفكرية مهمة، بل كلّ ما يُثار حول الدين عموماً؛ ولأجل ذلك فقد سعينا لإيجاد آلية مقترحة ليتم اعتمادها في نشر الفكر الحسيني خلال موسم الزيارات التي تشهد تجمّعاً واسعاً من قِبل أتباع مدرسة أهل البيت(عليهم السلام)؛ فكانت هذه الورقة التي أضعها بين أيدي الأساتذة الفضلاء والإخوة الباحثين الكرام والقرّاء المحترمين.

الموضوع: بعد أن قمنا بعرض بعض المقدمات التوضيحية ندخل في صلب موضوعنا المتعلّق بورقة العمل المقترحة، وهي تتكون من عدّة نقاط:

النقطة الأُولى: منشأ الفكرة لإقامة المشروع وأهدافه

1ـ منشأ الفكرة لإقامة المشروع

بعد تفكير وتأمّل مستديم ومداولة واسعة مع الأساتذة الفضلاء، ومناقشة معمّقة حول الأسئلة التالية:

ما هو الدور الذي يتحتّم على الجهات المعنية بشأن التجمّعات المليونية، والتي لا يمكن أن تتكرر في أي مناسبة أو مكان آخر؟

ما هي الآليات التربوية والتعليمية التي تتناسب مع أجواء الزيارات والظروف التي يعيشها زائر الإمام الحسين(عليه السلام)؟

وهل هناك إمكانية لتطبيق الأفكار التي تُطرح من قِبَل العلماء والأساتذة وسائر المهتمين بالشأن الديني؟ أو أنّ الأجواء لا تسمح لنا بتطبيق أيّ محاولة إرشادية وتربوية.

ومن خلال المداولات المستمرّة والتأمّل في جوانب الموضوع، سعينا لكتابة دراسة استراتيجية لنشر الفكر الحسيني تتضمّن آلية نعتقد أنّها ستكون مفيدة ومثمرة في هذا المجال، وفي ضمن هذه الجولة التأمّلية أخذنا بالمقارنة والمقايسة بين بعض النشاطات والمشاريع التي أُعدّت من قِبل بعض الأقسام في العتبة الحسينية المقدّسة وغيرها من المراقد المشرّفة، وبين الفكرة التي عاشت في خلدنا لفترة طويلة من الزمن، وكنموذج للبرامج التي قمنا بمقايسة فكرتنا عليها نذكر البرنامج الذي يتضمّن قراءة القرآن والتوجيهات الدينية التي يتمّ بثّها قُبَيل أوقات الصلاة من العتبتين الحسينية والعباسية المقدّستين ـ والتي قد سارت على هذا النهج في الآونة الأخيرة العتبة العلويّة المقدّسة أيضاً ـ فلاحظنا أثناء سيرنا في مواسم الزيارات المليونيّة خلال السنين المتقدّمة وإلى هذه السنة أنّ كثيراً من المواكب والحسينيّات في طريق الزائرين يعتمدون بالدرجة الأساس على قراءة القرآن الكريم الذي يُبثّ من العتبة الحسينية المقدّسة، وكذلك الأذان الذي يُرفع من هذه البقعة الطاهرة، بل الملاحظ على مدار أيام السنة أنّ كثيراً من الناس في المساجد التي تُعنى ببثّ الأذان والأذكار اليومية تعتمد هذه البرامج التي يتمّ بثّها من العتبات المقدّسة، وكثيراً ما سمعنا من بعض المؤمنين: أنّ التوجيهات الدينية ساهمت في تعرّف الناس على المناسبات التي تمرّ عليهم، وكذلك الأعمال التي يستحب القيام بها في هذه المناسبات.

وخير شاهد على ما ذكرناه آنفاً هو: أنّ وسائل التواصل الاجتماعي تتداول بعض المقاطع الفيديويّة التي أُعدت في قناة كربلاء الفضائية، وتعتمدها في نشر الفكر الديني الهادف، كما في ليالي الجُمع حيث ينتشر المقطع المتضمن لفضل الصلاة على محمد وآل محمد. وغيرها من النماذج الأُخرى التي يطول المقام بذكرها.

فوجدت أنّ بالإمكان اغتنام هذه الفرصة والاستفادة من الأرضية الخصبة واستثمار هذه التجمّعات لتقديم برنامج ثقافي يتسلّح من خلاله الزائر فكريّاً ودينيّاً.

كما أنّ طرح هذه الورقة ضمن الملتقى الفصلي الخامس[14] يعود لعدّة أسباب أيضاً، وأهمّها:

إنّ تطبيق محتوى هذه الورقة بحاجة إلى فترة زمنية كافية، تُقدر من ستة إلى تسعة أشهر؛ ولكي نضمن سعة الوقت، فقد سعينا جاهدين إلى تقديم هذه الورقة في هذا الوقت المبكِّر نسبياً؛ تحسبّاً للظروف الطارئة في العمل.

إنّ محتوى هذه الورقة يحتاج إلى تكاتف جهود من قِبَل جهات متعددة، سواء العلمية أم الإعلامية أم الإدارية والتنفيذية، فكلّ جهة من الجهات التي من المقرر أن تشترك في هذا المشروع لها محورية أساسية في إنجاحه، ومن دون هذه الجهود الاستثنائية سوف يُحكم على المشروع بالفشل. كما أنّ إنجاحه ـ في بعض فرضياته ـ بأمس الحاجة إلى تنسيقات موسّعة بين الجهات المعنية وبين أصحاب المواكب والحسينيات في طريق (يا حسين)، فضلاً عن الاجتماعات المكثفة والكثيرة التي يتوقف عليها إبرام التوافقات المسبقة، ناهيك عن الورشات التحضيرية التي نحتاجها مسبقاً.

إنّني شخصياً أعتقد بضرورة الاستماع للآراء ووجهات النظر من قبل الإخوة الحاضرين لكي تكون الفكرة والمشروع أكثر نضجاً وقابلية للتطبيق؛ إذ مهما بلغت هذه الورقة فإنّها تبقى ورقة مقترحةً في بداية طريقها وقابلة للتطوير.

2 ـ أهداف المشروع

ليس خافياً على أحد منّا ما تقدِّمه الجهات الدينية في داخل العراق وخارجه ـ فضلاً عن الجهود الفردية التي يقدّمها الموالون لأهل البيت(عليهم السلام) ـ إذ بذل الجميع قصارى جهدهم في سبيل تأمين المستلزمات المهمّة لإنجاح مراسيم زيارة الأربعين المباركة، وهذا الأمر لا يحتاج إلى برهنة ومثبتات للقرّاء الكرام والأساتذة الأفاضل، بعد أن لمسوا ذلك وعاشوا تفاصيل الزيارة المباركة، فتجد المبادرات الجادة من قِبل الجهات المعنية والتنسيقات المسبقة مع الجهات الأمنية لأجل تأمين سلامة الزائرين والمحافظة على أرواحهم وأجسادهم، كما يتمّ العمل على تأمين وسائل النقل من محافظاتهم وإليها ـ ذهاباً وإياباً ـ فضلاً عن المأكل والمشرب والمسكن وغيرها من الأُمور.

وكذلك تمّ العمل على الجانب الفكري والثقافي لتغذية الزائر روحياً من قِبل المؤسسات الدينية، فأُنشئت مشاريع مهمّة بجهود مشكورة من قِبل الحوزة العلمية في النجف الأشرف، فضلاً عن العتبات المقدّسة والمزارات الدينية، بل حتّى مؤسسات المجتمع المدني وغيرها، مهمّتها الأساس الارتقاء بوعي الزائر ورفع مستواه الفكري والثقافي والأخلاقي، وقد اتّبع القائمون على هذه المشاريع آليات وسبل جيدة كتكليف بعض رجال الدين لإقامة صلاة الجماعة في طرق الزائرين، وكذلك التصدّي للإجابة عن الأسئلة الشرعية والشبهات التي تُثار حول المسائل الدينية.

إلّا أنّ هذا لا يمنع من أن تبادر العتبة الحسينية المقدّسة ـ وهي المعنية بالدرجة الأُولى بهذه الزيارة؛ خصوصاً إذا أخذنا بنظر الاعتبار المشاريع العلمية والفكرية والثقافية التابعة لها، بالإضافة إلى كونها مؤسّسة دينية تحت خيمة المرجعية العليا في النجف الأشرف ـ إلى تقديم برنامج ومشروع منتظم يرفع من وعي الزائر وثقافته؛ ولذا نقترح هذا المشروع الذي يهدف إلى الأُمور التالية:

اغتنام الفرصة للاستفادة من هذه الجموع الغفيرة لزائري سيد الشهداء(عليه السلام)؛ للنهوض بالواقع الاجتماعي، ومعالجة المشاكل التي يعاني منها مجتمعنا المسلم بصورة عامة، فإنّ الجمهور الموالي يكون أكثر تقبّلاً فيما لو كان الخطاب مستنداً إلى نهضة الإمام الحسين(عليه السلام)، وهذا الشيء ملموس بوضوح في المواسم التبليغية؛ حيث يجتمع الناس حول المنبر الحسيني بأعداد ليس لها نظير في سائر التجمّعات، وما ذلك إلّا ببركة سيد الشهداء(عليه السلام) وانتساب القضايا الفكريّة والدينية التي يتمّ طرحها في المنبر إلى الإمام الحسين(عليه السلام)، ما يعني إمكانية العمل على نسق ذلك في موسم زيارة الأربعين، ولكن يتوقّف ذلك على كيفيّة توظيف المعلومة وعرضها لهذا الغرض بما يتناسب مع الظروف التي يعيشها أفراد تلك التجمعات.

البرهنة على قابلية خطابات النهضة الحسينية وبياناتها وقدرتها على تغطية جميع جوانب الحياة البشرية، ورفدها بالنصوص التي تعالج المشاكل فيها، كما سوف يأتي في النماذج التي نذكرها للمشروع، على أنّ واحداً من مشاريع مؤسّسة وارث الأنبياء يصلح لأن يغطي جميع الجوانب العملية في هذه الورقة، فضلاً عن المشاريع الأُخرى في هذه المؤسّسة، فلو أخذنا مشروع الموسوعة العلمية من كلمات الإمام الحسين(عليه السلام) ـ والتي يصل عدد أجزائها إلى خمسين مجلداً ـ لوجدنا أنّه قد تناول العلوم المختلفة والمتنوعة التي تثري الساحة الفكرية بالمعلومات المستندة إلى الإمام الحسين(عليه السلام).

سدّ الطريق أمام المغرضين والمهرِّجين الذين يريدون إلغاء هذه المراسيم التي حفظت لنا الدين، وتمكنت في قلوب مجتمعاتنا خلال القرون الماضية؛ إذ نسمع من هنا وهناك بعض الأصوات الناشزة تضج وتهرِّج وتلقي باللوم على الجهات الدينية من جهة، ومن جهة أُخرى تسعى لإلغاء تلك الزيارات المليونيّة بذريعة أنّها تتسبب في أضرار اقتصادية وتعليمية وغير ذلك من المبررات؛ فإذا قدّمنا البرامج التعليمية والتثقيفية الكافية سوف لا يبقى مجال لأولئك الذين يريدون إلغاءها.

بغضِّ النظر عن الإشكالية التي يثيرها المغرضون، والتي تقدّم ذكرها في النقطة السابقة، فإنّ التجمّع الذي يتواجد في هذه الزيارات لا يمكن أن يوجد في أيّ مكان آخر وفي أيّ زمان من الأزمنة؛ فمن الضروري جدّاً أن نستثمر ذلك ونغتنم الفرصة عن طريق تقديم برنامج فكري وثقافي يتناسب مع حجم هذا التواجد، ومن المتّفق عليه أنّ الظروف التي يكون فيها الزائر ـ أثناء سيره ومشيه على الأقدام ـ لا يتناسب معها إلّا تقديم المعلومة المسموعة أو المرئية؛ حيث لا يتمكن الجميع من القراءة، فضلاً عن الذين لا يجيدون القراءة أساساً.

الاستفادة من الطرق العصرية الحديثة المسموعة والمرئية وكافة وسائل التواصل الاجتماعي التي ينجذب إليها الجيل المعاصر الذين يتواجدون في هذه المسيرة المباركة، والسعي جهد الإمكان لأن تكون مواكبة ومتناسبة مع عصرها في كلّ زمن من الأزمنة؛ إذ إنّ الوسائل الحديثة بجميع أنواعها وأشكالها أصبحت محلّ اهتمام الكثير على مدار السنة وفي أوقات كثيرة؛ فإنّ الإحصائيات رصدت أنّ أغلب الشباب ـ بل وكثيراً من غيرهم ـ يتفاعلون مع المسموع أو المرئي أكثر من المقروء والمطبوع بكثير، وهذا الشيء يحتِّم علينا أن نستثمر هذا التواجد في المجالات المتاحة لنا، وأن يكون لنا حضور في جميع الأندية الفكرية والميادين الثقافية؛ فضلاً عن ضرورة اعتماد الآلية الملائمة لظروف الزائرين السائرين على الأقدام؛ حيث لا يتيسر له قراءة المكتوب أو مشاهدة المقاطع المرئية أثناء المسير، ويكون حاله يشبه سائقي المركبات؛ إذ إنّ وضعهم لا يسمح لهم بالمطالعة أو مشاهدة المقاطع المرئية، فتجدهم يلتجئون إلى البرامج المسموعة التي لا تؤثر على تركيزهم في مواصلة السير.

صدى المهدي
08-06-2023, 10:14 AM
النقطة الثانية: عنوان المشروع والمادّة المعتمدة فيه

يمكننا تقديم هذا المشروع المقترح على مستوى التنظير في جهتين:

الجهة الأُولى: عنوان المشروع

أ ـ العناوين المقترحة

بما أنّ هذا المشروع يعتمد في طرحه بالدرجة الأساس على البيانات والخطابات المرتبطة في النهضة الحسينية، فيمكننا عنوَنة هذا البرنامج بأحد العناوين التالية:

في رحاب الإمام الحسين(عليه السلام)

الخطاب الحسيني

النداء الحسيني

صدى الحسين

الإصلاح الحسيني، وغير ذلك من العناوين التي نأمل أن يقدّمها الأساتذة الكرام.

ب ـ المادّة المعتمدة في المشروع

لا يختلف اثنان من أصحاب الشأن والإخوة المهتمّين بالقضية الحسينية في وفرة الثراء الفكري ـ في جميع المجالات المعرفية ـ الذي تتضمّنه البيانات والنصوص المرتبطة بالنهضة الحسينية، والتي صدرت عن الإمام الحسين(عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه، بل وجميع ما يمتّ إلى النهضة الحسينية المباركة بصلة. فمن الضروري جدّاً أن نرسِّخ هذه البيانات ومداليلها ونتائجها في أذهان الزائرين الوافدين إلى الإمام الحسين(عليه السلام)؛ لأنّ العمل على ذلك يُسهم في معالجة كثير من مشاكلنا الاجتماعية ويرفع من وعي الجمهور، ويمكننا العمل في هذا المشروع وفق الآلية التالية:

العمل على تهيئة النصوص والأحاديث وجميع المعلومات المروية عن الإمام الحسين(عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه الشهداء؛ لغرض توظيفها والاستفادة منها ضمن هذا المشروع، وقد قامت مؤسّسة وارث الأنبياء، وفي جميع مشاريعها بإحصاء كمٍّ هائل من النصوص ضمن المشاريع التالية: (الموسوعة العلميّة من كلمات الإمام الحسين(عليه السلام))، و(دائرة المعارف الحسينية)، و(موسوعة المقاتل الحسينية)، و(مجلّة الإصلاح الحسيني)، و(الرصد والإحصاء الحسيني)، فضلاً عن بقية المشاريع الأُخرى التي عملت على هذا الجانب بشكل واسع ضمن مؤلّفات وبحوث رصينة، الأمر الذي يختصر لنا كثيراً من الوقت في هذه النقطة.

اختيار النصوص الواردة في حقِّ الإمام الحسين(عليه السلام) ونهضته المباركة عن النبي(صلى الله عليه واله) والأئمّة(عليهم السلام)، بل وسائر العلماء ومشاهير الفكر والمعرفة من المسلمين وغيرهم، وهي كثيرة جدّاً، سواء أكانت شعراً أم نثراً، ويطول المقام بذكرها هنا.

اختيار عناوين عامّة للمواد التي يراد طرحها في هذا المشروع، لتكون أكثر تأثيراً؛ كأن نختار للمعلومة القرآنية عنواناً عامّاً (الحسين والقرآن).وللأدعية (المناجاة الحسينية) وهكذا، لكي يتعرّف الزائر على نوع المعلومة التي يتلقّاها في البرنامج، وهل هي من أُصول الدين أو فروعه أو من المسائل الأخلاقية؟

العمل على إجراء لقاءات مع شخصيات علميّة، يتمّ من خلالها تناول المسائل المهمّة والمؤثرة في الساحة الفكريّة؛ ليتمّ بثّ ذلك في أوقات متفرِّقة أيام مواسم الزيارات.

اعتماد آلية ذكر المعلومات الحسينية ضمن نشرة أخبار منتظمة.

اختيار الأناشيد والقصائد الحسينية الهادفة التي تُراعى فيها الموازين الشرعية والسلامة الفكرية، ليتمّ بثّها في الفواصل بين معلومة وأُخرى.

ج ـ نماذج المادّة العلمية للمشروع

إذا أردنا أن نعطي صورة تطبيقية لهذا المشروع فيمكننا أن نذكر بعض النماذج والأمثلة التي يمكن تقديمها ضمن البرنامج المقترح، وهذه النماذج هي:

1ـ الثقة بالله والتوكّل عليه

إذا أردنا الحديث عن التوحيد في الربوبية والذي يتجلّى في بعض جوانبه بمفردة: (الثقة بالله) أو: (التوكّل على الله)، فإنّنا نجد أمامنا نصوصاً كثيرة عن الإمام الحسين(عليه السلام) وبقية شهداء الطفّ، كما في قوله(عليه السلام) لعياله عند الوداع: «... واعلمو أنّ الله تعالى حاميكم وحافظكم، وسينجيكم من شرّ الأعداء، ويجعل عاقبة أمركم إلى خير، ويعذب عدوكم بأنواع العذاب، ويعوضكم عن هذه البلية بأنواع النعم والكرامة، فلا تشكوا، ولا تقولوا بألسنتكم ما يُنقص من قدركم»[15]، فمع كونه(عليه السلام) في أحلك الظروف ومع علمه بعدم مراعاة الأعداء للقيم الإنسانية، إلّا أنّ ذلك لم يزعزع ثقته بالله(عز وجل)؛ فمن خلال توظيف هذا النصّ وأمثاله يمكننا أن نجعله مادّة نافعة لترسيخ هذا المبدأ في نفوس الناس، وبطرق وآليات مختلفة.

2ـ مراقبة النفس والورع والتقوى

وهكذا فيما لو اخترنا الحديث عن مفردة أخلاقية مهمّة في حياة الفرد والمجتمع، وهي مفردة: (مراقبة النفس)، أو مفردة (وأما تقوى الله)، فيمثُل أمامنا قوله(عليه السلام): «إِيّاكَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَخافُ عَلىَ الْعِبادِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ، وَيَأْمَنُ الْعُقُوبَةَ مِنْ ذَنْبِهِ، فَإِنَّ اللهَ تَبارَكَ وَتَعالى لا يُخْدَعُ عَنْ جَنَّتِهِ وَلا يُنالُ ما عِنْدَهُ إِلّا بِطاعَتِهِ إِنْ شاءَ اللهُ»[16]. أو قوله(عليه السلام): «أُوصيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، إِنَّ اللهَ قَدْ ضَمِنَ لِمَنْ اتَّقاهُ أَنْ يُحَوِّلَهُ عَمّا يَكْرَهُ إِلى ما يُحِبّ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ»[17].

3ـ إقامة الصلاة والمحافظة عليها

ولو أردنا أن نتحدّث عن موضوع من الموضوعات المرتبطة بالفروع الدينية وأخذنا مفردة الصلاة وأهمّيتها في حياة الفرد المسلم ـ كنموذجٍ على ذلك ـ لوجدنا المساحة الكبيرة التي تشغلها هذه المفردة في حياة الإمام الحسين(عليه السلام)؛ إذ يَمْثُل أمامنا قوله(عليه السلام) لأخيه أبي الفضل العباس(عليه السلام): «ارجع إليهم، فإن استطعت أن تؤخرهم إلى الغدوة وتدفعهم عنّا العشية، لعلّنا نصلِّي لربِّنا الليلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أنّي قد أحبّ الصلاة له وتلاوة كتابه والدعاء والاستغفار»[18]. ليتمّ الحديث عنه كعيِّنة لمواظبته على الصلاة وحفظها، أو قول أبي ثمامة الصائدي: «يا أبا عبد الله، نفسي لك الفداء إنّي أرى هؤلاء قد اقتربوا منك، ولا والله، لا تُقتل حتّى أُقتل دونك إن شاء الله، وأحبّ أن ألقى ربِّي وقد صلّيت هذه الصلاة التي قد دنا وقتها. قال: فرفع الحسين رأسه، ثمّ قال: ذكرتَ الصلاة! جعلك الله من المصلِّين الذاكرين، نعم هذا أوّل وقتها. ثمّ قال: سلوهم أن يكفّوا عنّا حتّى نصلِّي»[19]. كما أنّ بالإمكان الاستعانة بنصوص الزيارات الواردة في حقِّه لبيان معنى إقامة الصلاة وحقيقتها، كما في قوله(عليه السلام): «أشهد أنّك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة...»[20]، والتي وردت في كثير من النصوص التي خاطبت الإمام الحسين(عليه السلام) أثناء الزيارة.

4ـ دور الزيارة في الإثراء المعرفي لدى الزائرين

ولكي نتمكّن من تشجيع الفرد المسلم على زيارة سيد الشهداء ومواصلته في إحياء هذه المراسيم المهمّة، كي يبقى المؤمن سائراً على هذا النهج، منتهلاً من النبع الصافي في رحاب أبي عبد الله(عليه السلام).. فلا يسعنا الاستغناء عن النصوص الحسينية التي تبيِّن الأثر الذي تتركه هذه الرحلة العبادية في روحية الزائر، كما في الروايات التي تتحدّث عن الأبعاد المعنوية والجوانب الغيبيّة في زيارته(عليه السلام)[21]، فضلاً عن الأبعاد المعرفية والحقائق الإلهية التي يتلو مضامينها ويرتِّل مفرداتها في نصوص الزيارات، كما في قول الزائر عند قبر الإمام الحسين(عليه السلام): «اللّهم إنّ هذا مقام أكرمتني به وشرفتني به، اللّهم فأعطني فيه رغبتي على حقيقة إيماني بك وبرسلك... سبحان الذي سبّح له الملك والملكوت، وقدّست بأسمائه جميع خلقه، وسبحان الملك القدوس ربّ الملائكة والروح، اللّهم اكتبني في وفدك إلى خير بقاعك...»[22].

5ـ نشر علوم أهل البيت(عليهم السلام)

كما أنّنا لو أردنا الحديث عن أهمّية العلم ونشره فأحد النصوص التي يمكننا توظيفها هي قوله(عليه السلام): «مَن كفل لنا يتيماً قطعتهُ عنّا محنتنا باستتارنا، فواساهُ من علومنا التي سقطتْ إليه حتّى أرشدهُ وهداهُ، قالَ اللهُ(عز وجل) له: يا أيّها العبد الكريم المواسي لأخيه، إنّي أوْلى بالكرم منك، اجعلوا له ـ يا ملائكتي في الجنان ـ بعدد كلّ حرف علّمه ألفَ ألفَ قصر، وضمّوا إليها ما يليق بها من سائر النعم»[23].

6ـ التكافل الاجتماعي وقضاء حوائج الناس

وفيما يخص قضاء حوائج الإخوان، فعلى سبيل المثال: يمكننا توظيف قوله(عليه السلام): «مَن نفّس كربة مؤمن فرَّج الله عنه كَرْبَ الدنيا والآخرة، ومَن أحسن أحسن الله إليهِ، والله يحبّ المحسنين»[24].

الجهة الثانية: تقسيم المعلومة وتحديد الأوقات اللازمة لها

يفترض أن يتمّ العمل المسبق من قِبَل الإخوة القائمين على المشروع لغرض اختيار المعلومات المهمّة والنافعة والمؤثرة كذلك في نفوس الزائرين، ويراعى في ذلك الأُمور التالية:

أن يكون البرنامج عبارة عن ستّ ساعات في كلّ يوم، الثلاثة الأُولى في الساعات الصباحية، والثلاثة الأُخرى في الساعات المسائية.

أن تكون المعلومات قصيرة جدّاً، بأن لا تتجاوز المعلومة الواحدة أكثر من دقيقة أو دقيقتين. مع إمكان أن يتمّ بعد كلّ معلومة ـ مباشرة ـ طرح بعض المعلومات الأُخرى، سواء أكانت تحت عنوانها أو عنوان آخر مختلف عن المعلومة السابقة عليها.

اعتماد الفواصل الزمنية التي تتخلل بين معلومة وأُخرى.

الاستفادة من هذه الفواصل لبثِّ القصائد الحسينية الهادفة والأشعار المؤثرة في تشجيع الزائرين على مواصلة هذه المسيرة؛ إذ لهذا الجانب دور كبير في حفظ الجذوة الإيمانية والارتباط الروحي بالإمام الحسين(عليه السلام) في نفوس المؤمنين.

أُمور مهمة

وفي نهاية هذه الجهة ننوه إلى أُمور مهمة:

يتمّ العمل على اختيار لجنة علمية مختصّة لجمع النصوص والبيانات التي يُراد طرحها في هذا المشروع، وتصنيفها إلى أصناف متنوعة تحت عناوين دينية وأخلاقيّة وفكريّة... لكي يتمّ اعتمادها في هذا البرنامج.

السعي إلى صياغة نصوص المادّة المطروحة بأُسلوب يتماشى مع المتطلبات الإعلامية الحديثة، وقد يتطّلب منّا هذا الأمر الاستعانة بكوادر متخصصة في هذا المجال أو إشراكهم في هذا المشروع.

الحرص على أن يكون الأداء والإلقاء بطريقة تتناسب مع المناسبة وأجوائها الحزينة لضمان تأثيرها في نفوس الزائرين.

في حال تمّ التنسيق مع أصحاب المواكب لبثّ هذا المشروع بشكل منتظم ـ كما سوف يأتي في الآليات المقترحة لتنفيذ المشروع ـ فلا بدّ من فسح المجال في بعض الأوقات المحددة لتكون باختيار أصحاب المواكب الحسينية؛ كي لا يشعروا بتقييد حرياتهم في المواد التي يُراد بثّها في أماكنهم الخاصّة.

إعداد ورقة استبيان تتضمّن أهمّ الجوانب الرئيسة في هذا المشروع للتعرّف على وجهات النظر المتعددة، فيطلب من خلالها إبداء الرأي بالمشروع وعنوانه والمعلومة التي يُراد نشرها من خلاله، وآليات العمل التي رُسمت من قِبَل القائمين عليه، ويتمّ توزيع هذه الورقة قبل البدء بالمشروع على النخب والمختصين، كما يتمّ توزيعها على الزائرين أيام المسيرة الحسينية.

النقطة الثالثة: الآليات المقترحة لتنفيذ المشروع

هناك عدّة طروحات ومقترحات لتنفيذ هذا المشروع خلال فترة الزيارات الدينية عموماً، وفي زيارة الأربعين على وجه التحديد ، وهي:

الطرح الأول: تبنِّي العتبة الحسينية المقدّسة لهذا المشروع بشكل مستقل

لعلّ الأضمن لنجاح هذا المشروع أن تقوم العتبة الحسينية بتولّي هذه المهمّة وتبنّي هذا المشروع على نحو الاستقلال، وهو ليس بالأمر الصعب؛ إذ لا يتطلّب صرفيات كثيرة من جهة، ومن جهة أُخرى فإنّ كوادرها العلميّة والفنّية والإعلامية المتواجدة في أقسام العتبة المقدّسة قادرة على إنجاحه، ومن دون الحاجة إلى الاستعانة بكوادر جديدة. فيستمرّ العمل بهذا المشروع بشكل مستقلّ إلى أن يأخذ أصداءه بشكل تلقائي وعفوي بين أصحاب المواكب والحسينيّات، ويتمّ اعتماده ولو بنسبة ما من قِبَلِهم، كما هو الحال في الأُمور التي تمّت الإشارة إليها فيما سبق ـ أي: قراءة القرآن الكريم والتوجيهات الدينية والأذان الذي يتمّ بثّه في العتبات المقدّسة ـ وهذا الطرح يتطلّب مراعاة الأُمور التالية:

اعتماد البثّ المباشر أو التسجيل المسبق من خلال إذاعة الروضة الحسينية، أو تخصيص غرفة عمليات، يتمّ من خلالها إدارة بثّ المشروع.

تخصيص مبلغ ليس بالكثير لشراء أجهزة المكبرات الصوتية ونصبها على الأعمدة الكائنة في طريق الزائرين. أو في مدينة كربلاء المقدّسة فضلاً عن الأماكن التابعة للعتبة الحسينية المقدّسة في خارج المدينة، على أن يتمّ توزيعها بشكل مدروس ومنتظم.

الاستعانة بكادر فني متخصص في مجال الهندسة الصوتية؛ لغرض دراسة الأُمور اللازمة لتنصيب الأجهزة الصوتية التي نحتاجها في المشروع.

الحرص على عدم تشويش الصوتيات المخصّصة للمشروع على الصوتيات المنصوبة في المواكب والحسينيات.

الطرح الثاني: العمل المشترك بين العتبة الحسينية المقدّسة والمواكب الحسينية

مضافاً إلى ما ذُكر في النقطة الأُولى والطرح السابق ـ أي: البثّ عن طريق إذاعة الروضة الحسينية، أو تخصيص غرفة عمليات لهذا الغرض ـ فيمكننا أن نعتمد التنسيق المسبق مع أصحاب المواكب والحسينيّات الكائنة في طريق الزائرين ليتمّ اعتماد البرنامج آنف الذكر في مكبراتهم الصوتية، مع الأخذ بنظر الاعتبار العمل على الأُمور التالية:

إقامة ملتقيات تثقيفيّة متعددة لأصحاب المواكب والحسينيّات، وعرض المشروع عليهم، وبيان أهدافه والنتائج المتوخاة منه؛ ليكون محلّ اهتمامهم، فيجعل من ذلك حافزاً لاعتماد المشروع وبثّه من خلال المكبرات الصوتية في حسينياتهم عن طريق (fm) .

العمل على كتابة وثيقة عمل بين الجهات المشرِفة على المواكب الحسينية وبين العتبة الحسينية المقدّسة لغرض الاستفادة من هذا المشروع وعدم التسبب فيما يكون عائقاً أمام تنفيذه في مواسم الزيارات.

تأمين الأُمور اللازمة لهذا المشروع، كالترويج المسبق له والإعلان عنه، وعقد اجتماعات متكررة بين الجهات المعنية بهذا الشأن، وغير ذلك من الأُمور.

النقطة الرابعة: الجهات التنفيذية للمشروع

من الواضح أنّ نجاح هذا المشروع في مرحلة التنفيذ ليس بالأمر السهل اليسير؛ إذ يحتاج في هذه المرحلة إلى تضافر جهود استثنائية وجدّية فائقة من قِبَل المتبنّين له، وأنا شخصياً أقترح أن تتبنّى تنفيذ محتوى هذه الورقة الجهات التالية:

الجهة الأُولى: مؤسّسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصيّة في النهضة الحسينية

إذ يمكننا الاعتماد على هذه المؤسّسة بشكل أساسي في تهيئة المعلومة وإعدادها؛ لكي يتمّ العمل على نشرها وترويجها في مواسم الزيارات.. ويُناط العمل بهذه المؤسّسة من حيث وفرة المعلومة الحسينية فيها، ووجود الكادر الكفوء لاختيار الشيء المناسب من بين الكم الهائل من المعلومات المتوفرة لديهم، والذي ينسجم مع الأجواء والمتلقي بشكل خاص.

الجهة الثانية: إذاعة الروضة الحسينية المقدّسة

فهذه الإذاعة المباركة هي المعنية بالدرجة الأُولى بتنفيذ هذا المشروع؛ لما لها من أصداء ومعروفية تساهم في الوثوق بالمشروع من قِبَل أكبر عدد ممكن من الزائرين، كما أنّ لديها الكادر الكفوء الذي تُناط بهم الأُمور الفنّية والبرمجية بشكل أساس.

الجهة الثالثة: قسم المواكب والهيئات الحسينية

فإنّ التنسيق مع أصحاب المواكب الحسينية وتعريفهم بالمشروع ـ بل وإشراكهم في نشره وتسويقه ـ من الأُمور المهمة جدّاً؛ سواء أكانت المواكب متواجدة في مدينة كربلاء المقدّسة أو في خارجها؛ ولا يقتصر هذا التنسيق على الفترة التي تكون قُبيل أو أثناء الزيارة فقط، بل تبدأ هذه المهمّة من فترة زمنية مبكرة، يتمّ من خلالها دعوة أصحاب المواكب والهيئات الحسينية لعقد ملتقيات مسبقة.

ملاحظات مهمة

وفي ختام هذه الورقة المتواضعة نذكر جملة من الملاحظات:

لا بدّ لنا من عرض هذه الورقة على سماحة المتولي الشرعي (دام عِزّه)، والأمين العام للعتبة الحسينية المقدّسة (دامت توفيقاته)، وسائر أعضاء مجلس الإدارة الموقرة للحصول على مباركتهم وتأييدهم لهذا المشروع الاستراتيجي.

قد يواجه هذا المشروع في بداياته أو في مواسمه الأُولى بعض الصعوبات، وقد لا يلقى رواجاً لأوّل وهلة، إلّا أنّ المتوقّع ومع مرور الزمن أن تصل أصداؤه لجميع أنحاء العالم، وسوف يُعتمد عليه في جميع مفاصل الزيارات الحسينية، وهذا رهين بحسن تدبير القائمين عليه وكيفيّة تسويقه إلى الزائرين.

أكرر للأساتذة القرّاء الكرام أنّ هذه الورقة قابلة للتطوير من خلال المقترحات البناءة التي يتمّ تقديمها، ولهذا الغرض تمّ طرحها في ملتقى (آفاق النهضة الحسينية)، ونشرها في مجلة الإصلاح الحسيني، والمرجو من الجميع أن يتفضلوا علينا بما تجود به قرائحهم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين.

{ الشيخ صباح عبّاس الساعدي - رئيس تحرير مجلّة الإصلاح الحسيني }




​

صدى المهدي
08-06-2023, 10:15 AM
المصادر والمراجع

الإرشاد، محمد بن محمد المفيد (ت413هـ)، دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1414هـ.
أنصار الحسين(عليه السلام)، محمد مهدي شمس الدين (ت2001م)، الدار الإسلامية، الطبعة الثانية، 1981م.
بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي (ت1111هـ)، مؤسّسة الوفاء، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1403هـ.
بصائر الدرجات، محمد بن الحسن الصفار (ت290هـ)، الأعلمي، طهران ـ إيران، 1404هـ.
تاريخ الطبري، محمد بن جرير الطبري (310هـ)، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1403هـ.
روضة الواعظين، محمد بن الفتّال النيسابوري (ت508هـ)، الشريف الرضي، إيران ـ قم المقدّسة.
سنن ابن ماجة، محمد بن يزيد القزويني المعروف بابن ماجة (ت273هـ)، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
سنن أبي داوود، سليمان بن الأشعث السجستاني (ت275هـ)، دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر، الطبعة الأُولى، 1990م.
سنن الدارمي، عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي (ت255هـ)، مطبعة الاعتدال، 1349هـ.
عوالي اللئالي، محمد بن علي المعروف بابن أبي جمهور الإحسائي، مطبعة سيد الشهداء، قم ـ إيران ، الطبعة الثالثة، 1983م.
الفروق اللغوية، أبو هلال الحسن بن عبد الله العسكري (ت395هـ)، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1412هـ.
الفصول المهمة في معرفة الأئمة، محمد بن الحسن الحرّ العاملي (ت1104هـ)، دار الحديث للطباعة والنشر، قم المقدّسة ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1422هـ.
الكافي، محمد بن يعقوب الكليني (ت329هـ)، دار الكتب الإسلامية، طهران ـ إيران، الطبعة الخامسة، 1363هـ ش.
كامل الزيارات، جعفر بن محمد ابن قولويه (ت367هـ)، مؤسّسة نشر الفقاهة، الطبعة الأُولى، 1417هـ.
كشف الغمة في معرفة الأئمة، علي الإربلي (ت693هـ)، دار الأضواء، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثالثة، 1985م.
اللهوف في قتلى الطفوف، علي بن موسى بن طاووس (ت664هـ)، أنوار الهدى، قم، الطبعة الأُولى، 1417هـ.
المحاسن، أحمد بن محمد بن خالد البرقي (ت274هـ)، دار الكتب الإسلامية، طهران ـ إيران، 1370هـ.
المزار، محمد بن جعفر المشهدي، نشر القيوم، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1419هـ.
المزار، محمد بن محمد المفيد (ت413هـ)، دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1993م. .
مصباح المتهجّد، محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، مؤسّسة فقه الشيعة، الطبعة الأُولى، 1991م.
مقتل الحسين، عبد الرزاق المقرم (ت1391هـ)، مؤسّسة النور للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1423هـ.

[1] الطوسي، محمد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص715، وص716، وص820.
[2] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج4، ص575.
[3] المفيد، محمد بن محمد، المزار: ص186. المشهدي، محمد بن جعفر، المزار: ص562.
[4] البرقي، أحمد بن محمد، المحاسن: ج1، ص69.
[5] أبو هلال العسكري، الحسن بن عبد الله، الفروق اللغوية: ص502.
[6] روي عن أبي بصير أنّه قال: «قلت لأبي عبد الله(عليه السلام) :من أين أصاب أصحاب عليّ ما أصابهم مع علمهم بمناياهم وبلاياهم؟ قال: فأجابني - شبه المغضب -: ممّن ذلك إلّا منهم؟! فقلت: ما يمنعك جعلت فداك؟ قال: ذلك باب أغلق إلّا أنّ الحسين بن علي (صلواتٌ عليهما) فتح منه شيئاً يسيراً. ثمّ قال: يا أبا محمد، إنّ أولئك كانت على أفواههم أوكية». الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص265.
[7] النيسابوري، الفتال، روضة الواعظين: ص183ـ 184.
[8] المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد: ج2، ص92.
[9] ابن طاووس، علي بن موسى، اللهوف في قتلى الطفوف: ص56.
[10] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص19.
[11] اُنظر: شمس الدين، محمد مهدي، أنصار الحسين(عليه السلام) :ص189.
[12] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص33.
[13] اُنظر: الصفار، محمد بن الحسن، بصائر الدرجات: ص27. الكليني محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص30. الإحسائي، محمد بن علي، عوالي اللئالي: ج1، ص358. الدارمي، عبد الله بن عبد الرحمن، سنن الدارمي: ج1، ص88. ابن ماجة، محمد بن يزيد، سنن ابن ماجة: ج1، ص81. السجستاني، سليمان بن الأشعث، سنن أبي داوود: ج2، ص175. وغيرها من المصادر التي أوردت الروايات الدالّة على فضل العالِم على العابد.
[14] كنا قد طرحنا هذه الورقة في الملتقى الفصلي الخامس ضمن سلسلة ملتقى (آفاق النهضة الحسينية)، والذي تقيمه مؤسّسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية، ولذا فقد تمت الإشارة إلى المبررات التي دعتنا للمشاركة فيه لعرض محتوى ورقة العمل المرتبطة بهذه الدراسة.
[15] المقرّم، عبد الرزاق، مقتل الحسين: ص290.
[16] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج75، ص121.
[17] المصدر السابق.
[18] المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد: ج2، ص91.
[19] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري: ج4، ص334.
[20] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص378.
[21] اُنظر: المصدر السابق: ص358.
[22] المصدر السابق.
[23] الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، الفصول المهمة في معرفة الأئمة: ج1، ص601.
[24] الإربلي، علي، كشف الغمة في معرفة الأئمّة: ج2، ص240.